بهاء النجار
إن من أبرز الصعوبات التي تواجه الأعور الدجال هو الإنصاف ، لأنه ينظر بعين المصلحة الشخصية والفئوية فقط ولا ينظر الى مصالح الآخرين ، وبالتالي فكل من لم يربِّ نفسه على الإنصاف يكون مصداقاً للأعور الدجال ، بقي أن نعرف ما المقصود من الإنصاف ؟
الإنصاف هو إنصاف الناس من نفسك او من عشيرتك او من حزبك او جماعتك او طائفتك او …. ، بمعنى أن لا ترضى على نفسك صدور سلوك ترفض صدوره من غيرك ، وأن تقبل من غيرك سلوكاً يمكن أن يصدر منك ، بعبارة أخرى ، إذا أردت أن تكون منصفاً مع غيرك فضع نفسك مكانه إن كان من الممكن أن يصدر منك ما صدر منه فاقبله ولا تعترض عليه ، وإذا كان تصرفك تجاه الآخرين ترفضه إذا صدر منهم فلا تفعله .
وللإنصاف تطبيقات على أرض عديدة لا يمكن حصرها بمقال واحد :
فمثلاً ، يرغب المسلمون في احترام معتقداتهم وشعائرهم ومناسكهم في البلاد والمجتمعات الأخرى غير الإسلامية ما دامت لا تضر بالمصلحة العامة أو تخلّ بالقانون او العرف او الآخلاق والآداب في تلك البلاد ، وبالتالي عليهم أن يحترموا معتقدات وشعائر ومناسك باقي الديانات بنفس الشروط أعلاه في المجتمع المسلم ، وبما أننا لا نرضى بالسلوكيات الخاصة بغير المسلمين التي قد تخدش المجتمعات الإسلامية فينبغي أن لا تكون السلوكيات الخاصة بالمسلمين خادشة للمجتعات الأخرى .
هذا الكلام ينطبق على المستوى المذهبي ، فالشيعة عندما تريد أن تمارس شعائرها في المجتمعات السنية بلا قيود فعليها أن تسمح لأبناء السنة بذلك في المجتمعات الشيعية بلا قيود أيضاً ، والعكس بالعكس ، وإذا كان أهل السنة يرفضون فتح مدارس شيعية او بيع كتب شيعية في المجتمعات السنية فعليها أن لا تعترض على الشيعة إن فعلت ذلك في مجتمعاتها .
وعلى مستوى الفرد ، إذا كنت تستغرب من الآخر عدم تقبل وجهة نظرك فلا تستغرب او تستنكر من استغراب الآخر من عدم تقبلك لوجهة نظره ، وإذا رفضت أن يغتابك أي أحد فعليك أن ترفض اغتياب أي أحد ، وإذا رغبت بأن يكون البائع مرناً في تعامله معك وتخفيض سعر سلعه فكن مرناً في تعاملك معه ولا تخفض سعر سلعه !!
سياسياً ، إذا كان الطرف السياسي (أ) في الحكومة وينتقد أسلوب معارضة الطرف (ب) التسقيطية المعرقلة فعلى الطرف السياسي (أ) أن لا يستخدم نفس أسلوب المعارضة عندما يكون الطرف السياسي (ب) في الحكومة .
وإذا كنا نرفض تدخل الدول الأخرى في شؤوننا فعلينا أن لا نتدخل نحن في شؤونهم إلا في حالة الدفاع ، وإذا كنا نرفض أن تصطف الدول وتتكالب لنزع استقرارنا والسيطرة على ثرواتنا فعلينا أن لا نصطف مع الدول التي تحاول نزع استقرار باقي الدول أو السيطرة على ثرواتها .
هذا غيض من فيض من الإنصاف المطلوب كي نمهّد لإمام زماننا عجل الله فرجه ، وإلا سنكون من مصاديق الأعور الدجال ، ومن يُوفَّق للعيش في الدولة المهدوية ولا يحمل الإنصاف قد يتفاجأ من السياسة المهدوية المنصفة وقد يعارضها .
للأطلاع على مقال : مصاديق الأعور الدجال_المصداق الأول_ الدخول الى:
رابط المصدر:
