بهاء النجار
تناولنا في القسم الأول مجموعة من المعايير المعروفة والمتداولة عند الكثيرين *، وسنتناول في هذا القسم مجموعة أخرى من المعايير التي قد تكون غائبة عن الكثيرين رغم فائدتها في إيضاح الصورة عن التأثيرات الوبائية لفايروس كورنا في دول العالم ، وهذه المعايير هي :
1) معيار عدد الإصابات الصافية : فكما نعلم أن ما يُعلَن هو عدد الإصابات الكلي ، فإذا طرحنا منه عدد الوفيات وعدد المتعافين سنتعرف على ناتج جديد وهو عدد الإصابات الصافية او عدد الإصابات الموجودة حالياً ، ويمكن أن نسفيد من هذا المعيار في معرفة الدولة الأكثر وباءً من غيرها في الوقت الحالي ، وهذا المعيار يأخذ بعين الاعتبار الركائز الثلاثة التي ذكرناها في القسم الأول (الإصابات والوفيات والمتعافين) جميعها ، فالدولة التي فيها عدد الإصابات 1000 إصابة وعدد المتعافين 500 وعدد الوفيات 100 ، فأن عدد الإصابات الصافية يساوي 400 إصابة ، وهذا يجعلها أكثر وباء حالياً من الدولة التي فيها عدد الإصابات 2000 إصابة وعدد المتعافين 1000 وعدد الوفيات 800 لأن عدد الإصابات الصافية يساوي 200 إصابة .
وإذا أخذنا عدد السكان بنظر الاعتبار بقسمة عدد الإصابات الصافية على عدد السكان فسيكون المعيار أدق .
2) معيار فرق نسبة السكان من نسبة الإصابات : ويعني أن نأخذ نسبة سكان كل دولة من سكان العالم ونطرح منها نسبة الإصابات فيها من عدد الإصابات الكلي في العالم ، فهذا المعيار إن كان موجباً فيعتبر إيجابي لأنه يدل على أن حصة هذه الدولة من الإصابات العالمية أقل من ثقلها السكاني ، وإذا كان سالباً فهو سلبي لأن ثقلها السكاني لا يناسب حصتها من الإصابات العالمية .
ويمكن أن نقيم معياراً آخراً مشابهاً ولكن يكون الفرق بين نسبة السكان ونسبة الوفيات ، فإن كان الفرق إيجابياً فهو إيجابي وإن كان سلبياً فهو سلبي .
وقد يقول قائل أن هذين المعيارين يشبهان معياري نسبة الإصابات الى عدد السكان ونسبة الوفيات الى عدد السكان ، من حيث الظاهر نعم يشبهه ولكنه عملياً يختلف عنه ، فعندما نطبق المعيارين على الإحصائيات لدول العالم نجد هناك تفاوت في تسلسل الدول .
3) معيار عدد الاختبارات : وهو معيار يكشف دور الحكومات في سعيها لكشف أكبر عدد من الإصابات وبالتالي مدى إمكانية وعلاجها وتطويقها ومنعها من الانتشار وبالتالي السيطرة على الفايروس ، وكي يكون المعيار دقيقاً علينا أخذ التعداد السكاني لكل دولة ومن ثم مقارنة معدل عدد الاختبارات بالنسبة لعدد السكان بين الدول ، لأن عدد الاختبارات قد يكون أكبر في الدول الأكثر سكاناً .
4) معيار نسبة الإصابات من عدد الإصابات العالمية : وهو حاصل قسمة عدد الإصابات في دولة معينة على عدد الإصابات العالمية ، وهذا وإن كان يعطي نفس نتائج تسلسل الدول من حيث عدد الإصابات ، ولكنه يعطينا تصوراً عن حصة كل دولة من عدد الإصابات العالمية ، فمجرد عدد الإصابات لا يوضح المشهد بالكامل .
وعلى غراره يمكن حساب نسبة عدد الوفيات الى عدد الوفيات العالمية لتحقيق نفس الغاية فيما يخص الوفيات .
5) معيار تضرر الدول من الفايروس : في الحقيقة لا يوجد معيار واضح لذلك ، والأمر خاضع للاجتهادات ، فلا يمكننا اعتبار الدول الأكثر إصابات هي أكثرها تضرراً ولا التي أكثر وفيات ، فللإصابات أثر وللوفيات أثر ، فمثلاً عدد الإصابات في ألمانيا أكثر من 122 ألف إصابة يوم 11/4/2020 و وأكثر من 2700 وفاة ، وعدد الإصابات في بلجيكا أكثر من 26 ألف إصابة وأكثر من 3 آلاف وفاة في اليوم نفسه ، فمن يمكن اعتبارها أكثر تضرراً ؟
لذا يمكن إيجاد معيار يقرّب الواقع لمعرفة ذلك ، وهو ضرب عدد الإصابات بعدد الوفيات ، فوفق ذلك المعيار تكون ألمانيا أكثر تضرراً لأن ناتج ضرب عدد الإصابات بعدد الوفيات هو 334 مليون تقريباً ، وبلجيكا 81 مليون ، وعندما نطبق هذا المعيار على جميع الدول نجد ترتيب الدول وفق هذا المعيار يعكس الى حد كبير التضرر من الفايروس ، وكما قلنا هو معيار اجتهادي يمكن الأخذ به او رفضه ، ولكنه أهم من ترتيب الدول وفق عدد الإصابات .
وهناك معيار شامل يقوم بجمع المعايير التي تناولناها جميعاً ، إذ تُعطى لكل دولة درجة مقابل كل معيار من المعايير أعلاه وتُجمع فمن يكون أعلى ناتجاً يكون أكثر تضرراً والأدنى يكون أقل تضرراً .
أجارنا الله وإياكم من شر هذا الوباء
رابط المصدر:
https://www.facebook.com/BahaaaAlnajjar