مفهوم مزدوج للأمن القومي بين جزر سليمان وأوكرانيا

اعداد : الــــسفـيـر بــلال المـــصـري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة

 

في الوقت الذي تولي فيه الولايات المتحدة جل اهتمامها وتنمهك اجهزة الأمن الأمريكية في رصد ومُراقبة الأنشطة الروسية وجمع المعلومات بشأن الحرب الروسية / الأوكرانية التي بدات فعلياً في 24 فبراير 2024ومازالت مُستعرة وتظهر خطورة تداعيتها علي الأمن الأوروبي والإقتصاد الدولي , في هذا الوقت حدث تطور آخر يتسم بدرجة ما من الخطورة فقد نشرت الـThe Washington Post  بقلم الصحفيان Michael E. Miller وFrances Vinall بتاريخ 29 مارس 2022 وقبل يوم من توقيع الإتفاق الأمني بين جزر سليمان والصين الشعبية : ” أن زعيم جزر سليمان يوم 26 مارس في خطاب تحدٍ أمام البرلمان 2022 قال إنه على استعداد لتوقيع اتفاقية أمنية مقترحة مع الصين أثارت غضب قادة المعارضة المحليين وأثارت قلق الدول المجاورة في المحيطين الهندي والهادئ , ودفعت الدولة الصغيرة الواقعة في المحيط الهادئ إلى مركز نقاش أوسع حول مستقبل البلاد , ووصف رئيس الوزراء Manasseh Sogavare رد الفعل العنيف على الصفقة بأنه “مهين للغاية” حتى عندما نفى أن تؤدي الاتفاقية إلى قيام الصين ببناء قاعدة عسكرية في جزر سليمان ، على بعد 1000 ميل من الشواطئ الأسترالية , و قارن Sogavare أمته بـ “فأر عاجز” تحيط به “قطط شريرة” من شأنها “فعل أي شيء للبقاء على قيد الحياة” , وقال إنه لم يتخلَّ عن الاتفاقيات الأمنية الحالية مع أستراليا ونيوزيلندا – اللتين اعترضتا إلى جانب الولايات المتحدة على الصفقة – بل كان يحاول “التنويع” , لكن Matthew Wale  زعيم المعارضة قال إنه حذر المسؤولين الأستراليين من الصفقة المقترحة مع الصين في أغسطس ، لكنه وجد أنه من “المحبط” أن كانبيرا فشلت في منع تنفيذ الخطة  وقال رئيس الوزراء الأسترالي  Scott Morrison إن الاتفاقية “تثير قلقًا كبيرًا” لكنه نفى أن إدارته لم تتصرف بالسرعة الكافية  , وقالت مصادر متنوعة أن Scott Morrison   ضغط على زعماء Fiji    و  Papua New Guinea للمساعدة في إقناع جزر سليمان بالتخلي عن الصفقة مع الصين وفي26 مارس ناقش Scott Morrison  القضية مع نظيرته النيوزيلندية  Jacinda Ardern التي وصفت الاتفاقية بأنها “عسكرة محتملة للمنطقة”.

وقد جاءت تصريحات رئيس وزراء حكومة جزر سليمان تلك بعد أيام من تسريب مسودة للاتفاق السري (مرفق1) قال رئيس الوزراء Sogavare بشأنها أن حكومته “ليس لديها نية خادعة ولا خطة سرية”, ومع ذلك فقد قدم القليل من التفاصيل حول الاتفاقية يوم 26 مارس حتى عندما أكد إنها “جاهزة للتوقيع” , سعى Sogavare في خطابه لطمأنة أستراليا ونيوزيلندا بأنه لم يتخل عن الاتفاقات المبرمة معهم لكنه بدا أيضًا أنه يشير إلى أنه كان بإمكانهما فعل المزيد لبلاده وقال إنه من المهين “وصفك بأنه غير لائق لإدارة شؤوننا السيادية”, وهكذا أصبحت جزر سليمان طرفاً في لعبة شد الحبل الجيو/ستراتيجية بين الولايات المحدة والصين وروسيا وقوي إقليمية متنوعة تجري في عالمنا مُجدداً , وقبل هذا الخطاب سحبت حكومة جزر سليمان إعترافها بتايوان لتعترف بجمهورية الصين الشعبية كما فعلت غيرها من حكومات العالم الثالث منا مثلاً جمهورية ساتومي وبرنسيب التي كانت 90% من ميزانية دولتها تسددها تايوان ولم يشفع لها ذلك ففي , ففي 20 ديسمبر 2016 اصدرت حكومة ساوتومي بياناً تضمن قرارها بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية الصين الوطنية (تايوان) التي تأسست منذ 19 عاماً (عام 1997) علي أنقاض علاقة دبلوماسية سابقة كانت قوية مع الصين الشعبية , وأشار البيان الذي وقعه وزيرا خارجية الصين وساوتومي إلي الإعتراف بمبدأ وجود صين واحدة , وقد بررت ساوتومي قرارها بأنه يأتي دفاعاً عن مصالحها الوطنية وإتساقاً مع الظرف الدولي في وقت تبحث فيه البلاد عن تنويع شركاؤها لمواجهة الموقف الصعب الذي أحد مظاهره الأزمة المالية , وأشار البيان إلي أن مجلس وزراء ساوتومي وجه وزير الخارجية لإتخاذ الإجراءات المناسبة دون إبطاء , فيما أشاد وزير خارجية ساوتومي للصحافة بالصين عقب التوقيع علي إتفاق إستعادة العلاقات وإجراؤه مباحثات مع نظيره الصيني في 26 ديسمبر 2016 بأن بلاده ستعوض ” الأخطاء السابقة ” الناجمة عن قطع الصين الشعبية لعلاقاتها الدبلوماسية مع ساوتومي في مايو من عام 1997 بسبب تأسيس ساوتومي لعلاقات دبلوماسية سابقاً مع تايوان , وقال أن هذا القرار سيفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية , ومن المتوقع وفقاً لإذاعة فرنسا الدولية في 28 ديسمبر 2016 أن يغادر الفنيون التايوانيين جميعهم أراضي ساوتومي علي مدي آخر يناير 2017 , وفي تصريح أدلي به Evaristo Carvalho رئيس ساوتومي في 31 ديسمبر 2016 مُعلقاً علي إستعادة العلاقات مع الصين الشعبية قال    “إنه أحد أهم القرارات السياسية لساوتومي ” مُضيفاً ومبرراً ذلك بأنه ” لا يرجع فقط للدور الحاسم والمُتنامي للصين في السياسة الدولية , بل كذلك للتسهيلات التي تقدمها الصين للبلاد النامية ” , وكانت ذلك بالطبع لطمة مزدوجة لتايوان وللولايات المتحدة معاً .

, وقد أثار التحول الدبلوماسي للصين الشعبية والاتهامات بالرشاوى المرتبطة بهذا التحول (فله تكلفة) غضب الكثيرين في أرخبيل جزر سليمان التي ننشابه مع ساوتومي في كثير من الأوجه والتي تبحث الصين – حتي الآن – بصفة منفردة عن التمركز في قاعدة عسكرية بها خاصة وأن موقعها الجغرافي ممتاز فهي في قلب خليج غينيا وفي نواجهة الساحل الشرقي للولايات المتحدة ، عموما فقد أدى الوضع الإقتصادي الصعب ووجود جالية صينية نهمة مع المظالم المحلية الطويلة الأمد إلى أعمال شغب واسعة النطاق في نوفمبر2021 خلفت أربعة قتلى وحرق جزء كبير من عاصمة جزر سليمان التي لم يبق فيها شيءإلا وأُحرق مع وصول القوات الأسترالية وبقي جنود حفظ السلام من أستراليا ونيوزيلندا في العاصمة مما ساعد على حراسة البرلمان الذي حُق جزء منه , وفي خلفية هذه الأحداث المُدمرة قد تطلب جزر سليمان – وفقًا لاحتياجاتها الخاصة من الصين – إرسال الشرطة المسلحة والعسكريين الصينيين وغيرهم من أجهزة إنفاذ القانون إلى جزر سليمان للمساعدة في الحفاظ على النظام الاجتماعي وحماية أرواح الناس وممتلكاتهم حسبما جاء في مسودة الوثيقة المسربة التي مازالت تُختم بخاتم السرية    .

وبالفعل وقعت حكومة جزر سليمان في 31 مارس 2022 مع الصين الشعبية علي إتفاق أمني شامل ووقع الاتفاق وزير الخارجية الصيني  Wang Yi ونظيره من جزر سليمان Jeremiah Manele ولم يُكشف النقاب عنه ولا عن مكان التوقيع علناً , ومن الصعب قياس رد الفعل العام على الاتفاقية وما إذا كانت ستؤثر على السيد Manasseh Sogavare (67 عاماً من جزيرة (Choiseul  محليًا بدرجة أو بأخري لا سيما مع وجود حوالي 80 % من السكان يعيشون خارج العاصمة , لكن الخبراء يقولون إن ردود فعل سكان جزر سليمان تجاه الاتفاقية الأمنية مع الصين كانت متباينة وتقول وسائل الإعلام المحلية إن رئيس الوزراء قد عزز في الآونة الأخيرة الإجراءات الأمنية حول البرلمان وأمنه الشخصي ونادرا ما يعقد مؤتمرات إعلامية – هذا إن حدث في أي وقت مضى , عموماً كان لرئيس وزراء جزر سليمان  Sogavare تصريح له  يوم 20 أبريل 2022 أشار فيه إلى أن الاتفاقية تم توقيعها “بعيون مفتوحة” وأضاف قوله :” أدعواجيران أمتي وأصدقائها وشركائها إلى احترام المصالح السيادية لجزر سليمان” وقال :”أنه “لشرف وامتياز” إعلان توقيع الاتفاق من قبل المسؤولين في Honiara وبكين “قبل أيام قليلة” ، في حين رفض الإشارة لرئيس المعارضة في البلاد , لكنه رفض تحديد موعد نشر المحتوى , وإن تردد أنه سيتيح للصين إرسال عناصر من الشرطة والقوات المسلحة الصينية إلى جزر سليمان ” للمساعدة في الحفاظ على النظام الاجتماعي” والسفن الحربية الصينية للتوقف هناك , ووفقًا لوكالةAssociated Press فقد أخبر رئيس الوزراء (رابع دورة كرئيس وزراء)Mannesseh Sogavare برلمانه في Honiara عاصمة جزر سليمان بعد يوم واحد من التوقيع أنه سيسمح للصين بإرسال أفراد من الشرطة والجيش إلى جزر سليمان ” للمساعدة في الحفاظ على النظام الاجتماعي” , كما يمكن أن تتوقف السفن الحربية الصينية في الميناء هناك من أجل “التجديد اللوجستي” , لكن رئيس وزراء جزر سليمان أصرعلى أن الاتفاقية لن تسمح للصين ببناء قاعدة عسكرية – وهو قلق نشأ بعد تسريب نسخة مسودة على الإنترنت في أواخر مارس – وأكد بقوة حق بلاده في سياسة خارجية مستقلة  .

جدد رئيس وزراء أستراليا Scott Morrison هجومه علي الصين عندما قال علناً في 30 أبريل 2022: ” إن الصين لديها سجل في التدخل في السياسة الخارجية ونحن ندرك تمامًا التأثير الذي تسعى الحكومة الصينية إلى تحقيقه في هذا البلد” .

كانت وكالة  Reutersقد كشفت في مارس عن محتويات خطاب النوايا الموقع من قبل وزير شرطة جزر سليمان Anthony Veke ونظيره الصيني  Wang Xiaohong نائب وزير الأمن العام , ويشير الخطاب إلى أن جزر سليمان التي تحتل موقعًا مركزيًا على خط المواجهة بين الولايات المتحدة والصين في منطقة المحيط  الهادئ قد تطلب وفقًاً لاحتياجاتها من الصين “إرسال الشرطة والجيش وقوات مسلحة أخرى للحفاظ على العلاقات الاجتماعية والنظام أو حماية الأرواح والممتلكات أو تقديم المساعدة الإنسانية أو أي شكل آخر من أشكال المساعدة ” من جانبها “سيكون في إمكان الصين وفقًا لاحتياجاتها الخاصة القيام بزيارات بقواربها لتوفير إعادة الإمداد اللوجستي وإجراء التوقفات والعبور , كما يمكن استخدام القوات الصينية المناسبة لحماية سلامة العمال والمشاريع الصينية الكبرى في جزر سليمان , وقد أعلنت الصين في 19 أبريل2020 ونشرت وكالة الأنباء الصينية شينخوا عن توقيعها الصين لهذا الإتفاق الأمني مع حكومة جزر سليمان ويأتي توقيع هذه الإتفاقية بعد عام ونصف من تخلي حكومة Sogavare عن علاقتها مع تايوان والتوجه إلى بكين (كانت جزر سليمان وكيريباتي آخر من حوَّل علاقاتهما من تايبيه إلى بكين في عام 2019) , وقد سبق وأعلن رئيس وزراء جزر سليمان عام 2019 وبعد شهور من التكهنات أن البلاد ستغير ولاءاتها السياسية من تايوان إلى الصين , إذن الأمر ليس مفاجئاً (مازالت 13 دولة والفاتيكان تعترف بتايوان دولة ذات سيادة ) التي عادت فأكدت ذلك في مؤتمر صحفي لمسؤل صيني عُقد في23 أبريل 2022 , وقد أثار هذا الإتفاق ردود فعل مختلفة في نيوزيلاند والدول الجزرية المجاورة لجزر سليمان وهي : Tavalu وVanuatu وTonga وSamoa وPapua New Guinea وMarshall وFedraed States of MicoronesiaوPalau وFiji وkiribati و Nauru ومعظم هذه الدول الجزرية داخلة في نطاق النظام السياسي الخارجي للولايات المتحدة مثل Fiji التي طلبت مؤخراً طلبت السلطات الفيجية في 19 مايو 2022 منع يخت ضخم يُعتقد أنه مملوك لملياردير روسي من مغادرة المياه الإقليمية لـ  Fijiبناء على طلب الولايات المتحدة في إطار العقوبات المفروضة على روسيا عقب غزو روسيا لأوكرانيا , وأقامت مواقع متخصصة علاقة بين هذا اليخت والأوليجارشي الروسي سليمان كريموف الخاضع لعقوبات من الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي , فقد قدم المدعي العام في  Fijiطلبًا للمحكمة العليا بأن يخت Amadea الذي رسي في Lautoka (المدينة الثانية في Fiji) على الساحل االأسبوع الثاني من أبريل 2022 رسي دون إعطاء الضوء الأخضر لموظفي الجمارك , ووفقًا لهذا الطلب يجب أن “لا يكون هذا اليخت قادرًا على مغادرة المياه الفيجية” انتظارًا لأوامر الاستيلاء من السلطات المحلية والأمريكية , وتقوم السلطات في Fiji  بالتحقق فيما إذا كان قد تم انتهاك لوائح الجمارك والهجرة أو ما إذا كان اليخت Amadea قد تم استخدامه في أي قضايا مخدرات أو أسلحة أو غسيل أموال , في إطار معركة العقوبات التي تشنها الولايات المتحدة علي دائرة الأشخاص القريبين من الرئيس الروسي بوتن , وتقدر قيمة السفينة Amadea بنحو 325 مليون دولار بحسب موقع superyachtfan.com المتخصص الذي يعرض قوائم بالسفن الفاخرة , وتشير العديد من مواقع تتبع اليخوت إلى أن سليمان كريموف هو مالك اليخت لكن لا يمكن تأكيد هذه المعلومات بشكل مستقل .لقد كان هناك حالة قريبة الشبه بحالة جزر سليمان والصين فيما يتعلق بموضوع القواعد العسكرية .

هناك حالة تكاد ان تكون مُشابهة لحالة جزر سليمان والصين فيما يتعلق بإحتمال أن يؤدي الإتفاق الأمني المُوقع بين الصين وجزر سليمان إلي إنشاء الصين قاعدة عسكرية أو تواجد عسكري في جزر سليمان , وهذه الحالة هي حالة غينيا الإستوائية والصين الشعبية , فبعد أسبوع من قمة منتدي الصين / أفريقيا FOCAC الذي عُقد بداكار عاصمة السنغال في الفترة من 29-30 نوفمبر2021 تداولت المواقع الإخبارية بدءاً من 6 ديسمبر 2021 موضوع محاولة الصين الشعبية إقامة قاعدة بحرية لها في ميناءBata الواقع علي المحيط الأطلنطي , ويبعد بنحو 200 كم جنوب شرق العاصمة Malabo يينما تقع العاصمة Malabo في جزيرة Bioko وجاءت الإشارة لهذا الموضوع في تقرير نُشر بصحيفة Wall Street Journal الأمريكية لكن John Kirby الناطق باسم Pentágon رفض في مؤتمر صحفي عُقد في 6 ديسمبر 2021تأكيد محتوى هذا المقال الذي أحالت الصحيفة مضمونه علي تقارير استخباراتية أمريكية سرية (بدأت وكالات المخابرات الأمريكية في التقاط مؤشرات على النوايا العسكرية الصينية في غينيا الاستوائية عام 2019وفي هذا الحين حاولت إدارة الرئيس Trump ثني الرئيس Obiang عن الإستجابة للرغبة الصينية) , كما أشار  Kirbyإلى أن الصين تسعى لإقامة قاعدة عسكرية في غينيا الاستوائية لكنه من جهة أخري أوضح أن :”هناك مخاوف تتعلق بالأمن القومي (الأمريكي) لقد رأينا الصين تحاول إقامة مواقع ولا أقول إن إرسال عسكريون لأجزاء أخرى من العالم , لمحاولة كسب النفوذ , كما أن الصين لديها سلوك قسري مع العديد من الدول الأفريقية وهي تحاول الترهيب والتأثير ببأعمال وتصرفات اقتصادية سعيا لتحقيق أهدافها الأمنية الوطنية” , لكن تصريح الناطق باسم Pentagon لا يعني عدم علم الإدارة الأمريكية بنوايا الصين تجاه غينيا الإستوائية , فقد ورد في التقرير السنوي لوزارة الدفاع الأمريكية لعام 2020 إلى الكونجرس توقع Pentagon بأن الصين ستضيف منشآت عسكرية على طول الساحل المحيط الهندي لأفريقيا في دول مثل كينيا وسيشيل وتنزانيا وساحل الأطلسي لأنجولا علي مدي السنوات الـ  15 نظرًا للكمية الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي المسال المصدرة من غرب ووسط إفريقيا مما يجعل المنطقة ذات أولوية قصوى بالنسبة للصين , كذلك حذر مسؤولو دفاع أمريكيون منذ منتصف عام 2021 من أن الصين تدرس إقامة قاعدة بحرية في غينيا الاستوائية , وتوضيحاً لماهية هذه القاعدة المُحتملة قال Paul Nantulya وهو باحث مشارك في  Africa Center for Strategic Studiesالمُمول من قبل الـ  Pentagon: ” إن الصين لا تبني فقط قاعدتها العسكرية علي المنوال الأمريكي , فالنموذج الصيني مختلف جدًا جدًا فهي تجمع بين عناصر مدنية وأمنية” , كذلك أشار مقال Wall Street Journal ومسئوليين أمريكيين معنيين إلي أن الرئيس الصيني Xi Jinping يأمل في إقناع Teodoro Obiang Nguema Mbasogo رئيس غينيا الإستوائية (تولي الحكم بإنقلاب عسكري عام 1979علي عمه Francisco Macias) بالسماح بإقامة توسعات في هذا الميناء تمكن الصين من إقامة قاعدة عسكرية به , ويري مسئولون أمريكيون في هذه القاعدة خطراً مباشراً علي الأمن القومي الأمريكي (  للولات المتحدة حوالي 138000 جندي يتمركزون في الخارج) , إذ إنه لو إستطاعت العسكرية الصينية التموضع في نقطة إرتكاز ثابتة دائمة علي المحيط الأطلنطي ولتكن مثلاً ميناء Bata الواقع علي الساحل الأفريقي المُقابل للساحل الشرقي للولايات والذي تتوفر به طرق سريعة تربطه بالجابون ووسط أفريقيا , فسيُمكن والحالة هذه للسفن الحربية الصينية الوصول بأقل تكلفة ومسافة وإستهداف المدن الأمريكية الكبرى مثل واشنطن العاصمة ونيويورك وبوسطن وغيرهم , وتنبغي الإشارة إلي أن الأمريكيين يتابعون عن كثب هذا التحرك الصيني العسكري في أفريقيا(قدمت الصين100 مليون دولار مساعدة عسكرية للاتحاد الأفريقي لدعم إنشاء قوة أفريقية جاهزة والقدرة الأفريقية الاستجابة الفورية للأزمات) , وإزاء هذا التحرك الصيني قام النائب الرئيسي لمستشار الأمن القومي الأمريكي Jon Finerبزيارة غينيا الاستوائية في أكتوبر 2021 لمحاولة لإقناع رئيس غينيا الاستوائية Teodoro Obiang Nguema Mbasog (79 عاماً) وابنه وولي عهده نائب الرئيس  Teodorin” Nguema Obiang  Mangueبإبعاد البلاد عن الصين في هذا الشأن ” , كذلك قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس Joe Biden : “كجزء من دبلوماسيتنا لمعالجة قضايا الأمن البحري أوضحنا لغينيا الاستوائية أن بعض الخطوات المحتملة التي تنطوي على نشاط (صيني) هناك ثمة مخاوف تتعلق بالأمن القومي “, وبدوره صرح قائدالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM الجنرالStephen Townsend  في أبريل 2021قائلاً :”إن التهديد الأكثر أهمية من الصين سيكون إقامة منشأة بحرية مفيدة عسكريًا على ساحل المحيط الأطلسي لإفريقيا … إني أتحدث عن ميناء حيث يمكنهم إعادة تسليحهم بالذخائر وإصلاح السفن البحرية ” , وأكد ذلك بتصريح آخر في مايو 2021 قال فيه :”إن الصين تتطلع إلى دول على طول الساحل الغربي الأفريقي بأكمله تقريبًا حتى شمال موريتانيا وجنوباً مثل ناميبيا في محاولة للعثور على قاعدة في المحيط الأطلسي” , والجدير بالذكر أن غينيا الإستوائية داخلة في نطاق عمل AFRICOM , ففي هذا الإطار قام حرس السواحل الأمريكي عام 2013 بزيارات للرأس الأخضر وغينيا الإستوائية التي يقوم عناصر البحرية الأمريكية بحماية منشآت بترول تابعة للشركات الأمريكية ( Chevron و Exxon) بها من خلال حرس خاص غير مُسلح والتعاون علي منع وإخضاع كافة أشكال الجريمة البحرية والأنشطة غير المشروعة , كذلك شاركت غينيا الإستوائية في تدريبات بحرية جرت في الفترة من 19 إلي 27 مارس 2015 تحت مُسمي OBANGAME EXPRESSأمتد مسرحها ليشمل 12 دولة أفريقية هي أنجولا والكاميرون وساحل العاج والكونجو الديموقراطية وغينيا الإستوائية والجابون وغانا ونيجيريا وجمهورية الكونجو وبنين وساوتومي وبرنسيب وتوجو , بالإضافة إلي مشاركة بلجيكا والبرازيل والنرويج وألمانيا والبرتغال والدنمرك وتركيا وفرنسا وأسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وذلك في مسرح قتالي يقع ما بين شواطئ ساحل العاج حتي شواطئ أنجولا علي المحيط الأطلسي , وتأتي هذه التدريبات إنطلاقاً من توقيع 22 دولة بغرب ووسط أفريقيا علي Yaoundé Code of Conduct وهي وثيقة تلتزم بموجبها الدول المُوقعة عليها بالعمل والتعاون علي منع وإخضاع كافة أشكال الجريمة البحرية والأنشطة غير المشروعة للمحاكمة , وتحاول الولايات المتحدة إبعاد غينيا الإستوائية – التي تعتمد إلي حد كبير على شركات النفط الأمريكية – عن الصين , لذلك عملت الولايات المتحدة على تعزيز العلاقات مع غينيا الاستوائية في العام الماضي 2021 فعرضت مثلاً في مارس 2021 مساعدتها بعد انفجار مخزن ذخيرة في إحدى القواعد العسكرية بها أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص , وفي أغسطس 2021 رست سفينة حربية أمريكية قبالة ميناء Bata ودعت المسؤولين المحليين وأفراد البحرية لمراقبة التدريب على مكافحة الحرائق على متن السفينة , كما رفعت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا ترتيب غينيا الاستوائية في تقييمها السنوي لكيفية مكافحة البلدان للاتجار بالبشر وقد يؤدي هذا التحسين لمركز غينيا الإستوائية التصنيف الإيجابي إلي تلقيها المساعدة الأمنية من البحرية الأمريكية مما يُعززالعلاقات الثنائية , ولو أني لا أعتقد أن هذه الأعمال الأمريكية ستفي وحدها بغرض إقناع الديكتاتور Teodoro Obiang في الإبتعاد عن الصين  التي تساعد في تدريب وتسليح شرطة غينيا الاستوائية بينما تعتمد غينيا الاستوائية على التكنولوجيا الأمريكية لإستغلال احتياطياتها النفطية الكبيرة .

تظل الصين الشريك التنموي الأساسي لغينيا الإستوائية , ففي عام 2006 وقع بنك China Exim وحكومة غينيا الاستوائية اتفاقية تسهيل ائتمان للمشتري المدعوم بالنفط بقيمة 2 مليار دولار لتطوير ميناء Bata حتي يكون مرفق حديث وميناء عميق , كما أكملت شركة تشييد الاتصالات الصينية أعمال البناء لتوسيع هذا الميناء في ديسمبر 2014 , وفي العام التالي وقع البنك الصناعي والتجاري الصيني صفقة تمويل مماثلة بمبلغ 2 مليار دولار لدعم تطوير البنية التحتية والأنشطة المحلية للشركات الصينية والحكومة نفسها كما قدم بنك التصدير والاستيراد الصيني للحكومة خط ائتمان قدره نصف مليار دولار , وفي نهاية المطاف تم افتتاح ميناء Bata عام 2019 وبه حالياً رصيفين تجاريين طويلين (530 مترًا و 550 مترًا) ، مما يُوفر التعامل مع أي سفن قتالية تابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي (PLAN) , بالإضافة لتوفر محطة بحوار الميناء للتزود بالوقود , كما أن هذا الميناء به منطقة تخزين واسعة وساحة متعددة الوسائط  مفيدة لعمليات إعادة التوريد .

قام النائب الرئيسي لمستشار الأمن القومي للولايات المتحدة بزيارة غينيا الاستوائية لمناقشة الأمن البحري إلا أنه يبدو أن نظام الرئيس Obiang قد توصل إلي تسوية مرضية مع الأمريكيين وصرف  نظره عن إعطاء تسهيلات شبه دائمة أو دائمة عسكرية وبحرية في ميناء Bata .

الإختلاف بين حالتي غينيا الإستوائية وجزر سليمان أن الأمريكيين في حالة غينيا الإستوائية تحركوا قبل توقيعها لأي إتفاق مكتوب وكانت وكالة المخابرات الأمريكية أنشط ومتيقظة وتم إستخدام الإعلام الأمريكي بشكل ذكي , أما في حالة جزر سليمان فالإتفاق وقع والصينيون أعلنوه في 19 أبريل 2022 حتي يحرجوا حكومة جزر سليمان ويجعلوا مجال مناورتها ضيق جداً . وهناك وجه آر للإختلاف وهو أن Teodoro Obiang يعتمد إقتصاده علي إنتاج البترول وتكنولوجيا إنتاج البترول أمريكية والشركة المنتجة له أمريكية وعتيدة هي شركة Chevron أم جزر سليمان فيعتمدون علي ثمارجوز الهند وزراعة بعض المحاصيل  فلا يمكن تهديد فقير ,والإختلاف الثالث أن Teodoro Obiang ديكتاتور و Manasseh Sogavareمُنتخب 4 دورات أي أن هناك قدر من الديموقراطية في جزر سليمان وتهديدها أمرتغشاه بعض الصعوبة إعلاميا مالم تُستخدم وسائل مخابراتية بحتة .

الأكثر أهمية ردود فعل الدول الكبري التي تدور في فلكها الدول الجزرية في المحيط الهادئ , وعلي رأسها الولايات المتحدة الداخلة في علاقات تتراوح مابين المواجهة والتنافسية مع الصين إضافة إلي اليابان الواقعة في المحيط الهاديء التي صرح Fumio Kishida رئيس وزراءها بعد إجتماعه على هامش قمة آسيا والمحيط الهادئ للمياه بمحافظة Kumamoto اليابانية مع نظيره Kausea Natano رئيس وزراء Tuvalu في 23 أبريل 2022 في مدينة Tuvalu بأن اليابان تراقب عن كثب تحركات الصين في منطقة جزر المحيط الهادئ حيث هناك نزاع بين الصين واليابان علي جزيرة Senkaku شرقي بحر الصين والتي تديرها اليابان حالياً , فيما تري الصين أن الإتفاق أحد أوجه التعاون “الطبيعي” بين دولتين مستقلتين وذات سيادة فالاتفاقية ستساعد في دعم “الاستقرار طويل الأمد” لجزر سليمان , إلا أن هناك خشية من أن الاتفاقية قد تمكن القوات الصينية من الانتشار علي أراضي جزر سليمان , ولذلك صرح وزيري الخارجية وشؤون المحيط الهادئ الأستراليين أنهما يشعران بخيبة أمل شديدة من توقيع الاتفاق ويساورهما القلق بسبب إفتقار هذه الإتفاقية إلي الشفافية وإمكانية  تعريض عموم المنطقة لعدم الإستقرار مع أن أستراليا نفسها مارست نفس السلوك عندما أبقت مفاوضاتها مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن اتفاقية AUKUS سرية للغاية فقد شعر قادة الدول الجزرية بالمحيط الهادي بالإهانة – وهذه سقطة سياسية – عندما اخفو الأمر عن هذه الدول الصغيرة وهي أعضاء في عائلة المحيط الهادئ وكان ينبغي استشارة جزر سليمان وأعضاء المحيط الهادئ لضمان شفافية معاهدة AUKUS هذه لأنها ستؤثر على عائلة المحيط الهادئ من خلال السماح للغواصات النووية في مياه المحيط الهادئ , علي أي حال فقد إنزعجت أستراليا التي ترتبط  بالفعل مع جزر سليمان باتفاقية تعاون أمني مع لكنها تخشي من بدية عسكرة المنطقة  بإقامة الصين قاعدة عسكرية علي بعد أقل من 2000 كيلومتر قبالة ساحل أستراليا في Queensland   ، على الرغم من تأكيدات رئيس وزراء جزر سليمان بأن هذا لن يحدث , رغم أن أستراليا أحد الأطراف الفاعلة في المنطقة سبق أن نشرت قوات حفظ السلام في جزر سليمان بناءً على طلب حكومتها ( نُشر أكثر من 200 جندي ودرك من أستراليا وفيجي وبابوا غينيا الجديدة في الأرخبيل لاستعادة النظا منهم 100 ضابط شرطة أسترالي ) للمساعدة في السيطرة على أعمال الشغب في نوفمبر 2021 ولم يُر ذلك في حينه علي أنه عمل إستفزازي , وفقاً للمنطق الصيني وهو صحيح تماماً .

تري سلطات جزر سليمان أن هذا الإتفاق جري التوقيع عليه بعيون مفتوحة وتم الإسترشاد قبل توقيعه بالمصالح الوطنية و ترفض حكومة جزر سليمان إقامة قاعدة بحرية علي أراضيها , ودعا رئيس وزراء جزر سليمان “جيران أمته وأصدقائها وشركائها إلى احترام المصالح السيادية لجزر سليمان”, كان التنافس التاريخي بين سكان الجزيرة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد Malaita ، وسكان Guadalcanal ، حيث تقع العاصمة الإدارية للبلاد قائماً وفيهما حدثت في نوفمبر2021 استمرت لثلاث أيام أعمال شغب أججها استياء جزء من السكان تجاه النفوذ المتزايد للصين في المنطقة فقد أضرم المشاغبون النار في الحي الصيني في العاصمة ، مما دفع أستراليا إلى نشر قوة حفظ سلام مرة أخرى وتعرضت خلالها الشركات التي يديرها الصينيون للتخريب والحرق في العاصمة Honiara وأضرموا النار في مبني البرلمان , وسارعت الصين وقتذاك بإلإتفاق مع سلطات جزر سليمان بإرسال مدربي شرطة ومعدات مكافحة الشغب لمواجهة الموقف , ومنذ ذلك الحين سعت بكين إلى تعزيز نظام الحماية الخاص في الجزيرة  .

تحتل جزر سليمان موقعًا استراتيجيًا في المحيط الهادئ وكانت مسرحًا لبعض أكثر المعارك دموية في مسرح الحرب العالمية الثانية وجزر سليمان سلسلة جزر بركانية تقع جنوب المحيط الهادئ مساحتها29,785كم مربع وعاصمتها Honiara بجزيرةGuadalcanal  وعدد سكانها 700000 نسمة وتبعد بحوالي 1000 ميل بحري شمال شرق أو نحو1500 كم شمال شرق أستراليا  و800 ميل بحري شرقي Port-Moresby عاصمة بابوا نيو غينيا وتبعد جزر سليمان بحوالي 6000 كم عن الساحل  الصيني وعن الساحل الأمريكي بنحو10000كم , وهي مكونة من 7 جزر كبيرة وأكثر من 700 جزيرة صغيرة  من أهمها جزيرة  Bougainvilleو GuadalcanalوNew Georgia وSanta Cruz وMalaita و Buka و San Cristobal و Shortlalndو Santa Isabel و Choiseul وليس لهذه الدولة الجزرية جيش دائم , وهي كانت تابعة أو خاضعة للتاج البريطاني وبها حاكم عام حتي عام 1987 ويراس حكومتها رئيس للوزراء من أهل الجزر , والنشاط الرئيسي للسكان هو الزراعة , ومن أهم منتجات جزر سليمان لب جوز الهند والعاج والمكسرات , وقد أُكتشفت هذه الجزر بواسطة المُكتشف الإسباني Alvaro de Mendana de Neira  عام 1567 , وفي عام 1893وُضعت جزر سليمان الجنوبية تحت الحماية البريطانية طبقاً لمعاهدة أُبرمت بين الألمان والبريطانيين , وضُمت للجزر الشرقية لمجموعة جزر سليمان عام 1898 أما جزر الشمال Santa Isabel و Choiseulو Ontong Jav فقد آلت للبريطانيين طبقاً لمعاهدة مع الألمان عام 1900 وحكمت بواسطة المفوض السامي لغرب المحيط الهادئ في Suva بجزيرةFiji وكانت جزيرتي Buka وBougainville تحكمهما سابقاً أستراليا كجزء من المناطق المُدارة تحت إنتدابها New Guinea  , وفي الحرب العالمية الثانية إستطاع الجيش الأمريكى إحتلال جزر  Santa Isabel و Guadalcanal و New Goergia وانتزاعها من الجيش الياباني , خلال المعارك الضارية بينهما عام 1943 والذي شهد ضربة يابانية في Pearl Harbor وخسارة في معركة جزيرة Savo البحرية , وبعد ذلك إستطاع الجيش الأمريكي الإحاطة باليابانيين وأستكمال الإستيلاء علي جزر سليمان ومن ثم أمكن لهم حصار وتحييد قاعدة Rabual  اليابانية في New Britain  في غينيا الجديدة , ومن المعروف أن معارك المحيط الهادئ ككل كانت تحت قيادة الجنرال  NacArthjur أما جبهة جنوب المحيط الهادئ فكانت تحت قيادة الجنرال  William Halsey Jr والذي كان هدفه الرئيسي  Bougainville ولكن ليصل إليها كان لابد له أولا الإستيلاء علي New Geogia الواقعة بوسط جزر سليمان وكانت تتسم بصعوبة إذ وسطها كان به شعاب مرجانية وكان لليابانني بهذد الجزر نحو 10,000 مقاتل وكانت معركة حامية الوطيس فيMunda Point في  New Geogia تحديدا بجزر سليمان وكانت في الفترة من22يوليو حتي 5 أغسطس 1943 بين الجيشين الأمريكي والياباني هناك وكان يقوداليابانيين Noboru Saaaki , وقد شاركت نيوزيلاند ببعض من جيشها إذ قامت قوة نيوزلاندية (كان هناك تحالف قوي للولات المتحدة مع كل من أستراليا ونيوزيلاند في الحرب العالمية الثانية) في 27 أكتوبر1943 بالمشاركة في معركة Bougainville عندما إحتلت جزيرة Treasury جنوب Bougainville ودارت معارك أخري شرسة بين الجيش الإمبراطوري الياباني والجيش الأمريكي في جزر أخري مثل  جزيرة Guadalcanal وقتل في معارك جزر سليمان الآف من العسكريين اليابانيين والأمريكيين ولم تُشر أي وثيقة عن مُشاركة أهل هذه الجزيرة الأصليين في أي من هذه المعارك   .

نالت جزر سليمان الإستقلال الكامل عن بريطانيا عام 1978, واختارت النظام البرلماني وهي عضو في الكومنويلث وهي موزعة علي 5 مقاطعات , وأهم شركاؤها التجاريين : اليابان واستراليا وبريطانيا ووسنغافورة وهولندة    .

كانت الولايات المتحدة يليها استراليا فاليابان أكثر هذه القوي الدولية قلقاً وكان رد فعلها سريعاً ومُباشرا فقد إستفز هذا الإتفاق المؤسسات المعنية بها وهي البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع إضافة للهيئات الأمنية ذات الصلة , فالولايات المتحدة تخشى من تنامي طموحات بكين العسكرية في المحيط الهادئ وأن تمثل هذه الإتفاقية سابقة تكون قابلة للتكرار بين الدول الجزرية بالمحيط الهادئ , ولذلك فهي داخلة فعلاً وعلي مدي جغرافي واسع مع الصين في علاقات تتراوح مابين المواجهة والتنافسية مع الصين علي نحو ما أشير إليه تالياً ويدخل في هذه العلاقة مع الولايات المتحدة حليفيها أستراليا واليابان الواقعتين في المحيط الهاديء , وفيما تري الصين أن الإتفاق أحد أوجه التعاون “الطبيعي” بين دولتين مستقلتين وذات سيادة فالاتفاقية ستساعد في دعم “الاستقرار طويل الأمد” لجزر سليمان , إلا أن هناك خشية من القوي الغربية وأمريكية علي نحو خاص من أن هذه الاتفاقية – غير المعروف بالضبط كنهها – ستعطي العسكرية الصينية بالمنطقة ميزة نسبية استراتيجية كأن تمكن القوات الصينية من الانتشار علي أراضي جزر سليمان ومحيطها والأكثر خطورة في القارة القطبية الجنوبية Antarctica , و فيما يلي بيان للمواقف التي إتخذها التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة من الإتفاق الأمني الصيني مع جزر سليمان لإنه يكشف بوضوح أنها مواقف منسقة بالإضافة إلي أنها مُعبرة عن الإرادة الأمريكية الدائمة في الهيمنة علي المحيط الهادئ ودوله الجزرية ومثالها حالة جزر سليمان  :

الـــمــوقــف الأمريكي :

لم يكن الموقف الأمركي بشأن الإتفاق الأمني بين الصين الشعبية جزر سليمان مُتدرجاً بل كان مفزعاً للأمريكيين وقد نددت في 20 أبريل 2022الولايات المتحدة بالاتفاق الذي يفتقر في نظرها إلى “الشفافية”, ولهذا سارعت الإدارة الأمريكية الديموقراطية بالتنديد شأنها شأن الجمهوريين – إن كانوا علي سدة الحكم إذ لا فرق بينهما لأنها مسألة أمن قومي – رغم أن جزر سليمان تبعد حوالي 10000 كم عن اليابسة الأمريكية , ولأهمية وخطورة المسألة فقد أعلنت الإدارة الأمريكية في فبراير 2022 إعادة فتح سفارتها في جزر سليمان بعد إغلاقها عام  1993 , وعدم وجود تمثيل دبلوماسي أمريكي مُقيم بجزر سليمان , كما حث كبير مستشاري جو بايدن Kurt Campbell جزر سليمان على عدم السماح بوجود قاعدة عسكرية صينية في البلاد ، محذرًا من أن الولايات المتحدة “سترد وفقًا لذلك” على أي تحرك في هذا الاتجاه  , كما وعد البيت الأبيض بالمضي قدمًا في إعادة إنشاء سفارة أمريكية في  Honiara – كما أسلفت – وتزويد البلاد بمزيد من المساعدات الطبية وأرسال وفد وفد قام بجولة في الدول الجزرية بالمحيط الهادئ من بينها زيارة فيجي وبابوا نيو غينيا حيث ناقش الإتفاقية الأمنية بين جزر سليمان والصين الشعبية مع المسؤلين بهما وذلك قبل زيارته Honiara عاصمة جزر سليمان التي زارها الوفد الأمريكي وقضي بها أسبوع بدءاً من 22 ابريل 2022 تخللها إجتماع لمدة 90 دقيقة مع Sogavari رئيس الحكومة و 24 من أعضاء حكومته , وتسليمه شخصياً رسالة تضمنت محتوي تحذيري من الإتفاقية الألأمنية مع الصين , أثيرت فيه المخاوف الأمريكية بشأن “التداعيات الأمنية الإقليمية المحتملة” للاتفاق الأمني مع الصين , وبعد الإجتماع إنتقد أحد أعضاءه وهو دبلوماسي أمريكي كبير سابق قرار إغلاق السفارة قبل نحو 30 عام تقريباً في عهد الرئيس كلينتون , علي كي حال وبشكل منفصل عن المناقشة  مع Sogavare التقى Kurt Campbell وفريق وزارة الخارجية الأمريكية مع  Matthew Wale زعيم المعارضة في جزر سليمان ولطالما سعى Wale إلى كسب ود واشنطن وكانبيرا وتعهد في هذا اللقاء بأنه إذا أصبح رئيسًا للوزراء (جزر سليمان تستعد لإجراء انتخابات سياسية كبرى في عام 2023) فلن يلغي الاتفاقية العسكرية مع الصين فحسب بل وأيضًا التحول الدبلوماسي لعام 2019 من تايوان إلى الصين (أربع دول فقط من جزر المحيط الهادئ لها علاقات دبلوماسية مع تايوان: جزر مارشال وناورو وبالاو وتوفالو)  , ولم تكف واشنطن بلقاء زعيم العارضة في جزر سليمان في هذه الزيارةوالتي قُصد منها أن تكون بمثابة “تهديد” بل وكذلك واصلت الولايات المتحدة دعمها المالي والسياسي الاستفزازي للغاية للقوات الانفصالية العنيفة في مقاطعة Malaita التي يصر زعيم الإقليم Daniel Suidani على أنه لن يعترف ببكين ومنع الموظفين الصينيين من دخول Malaitaبل إن أنصار  Daniel Suidan في مجموعة Malaita من أجل الديمقراطية المحظورة تهديدات بمذابح ضد الصينيين العرقيين في الجزيرة وقادوا محاولة الإنقلاب الفاشلة في نوفمبر2021 التي دامت 3 أيام من النهب والحرق العمد في Honiara , ولوحظ أن وسائل الإعلام الأمريكية والأسترالية تعتم على دعم واشنطن لهذه القوات الأمر الذي يهدد بإعادة إشعال الانقسامات الطائفية التي عصفت بالدولة الفقيرة بين عامي 1998 و 2003 .

سبق زيارة الوفد الأمريكي رفيع المستوي إلي جزر سليمان عقد مؤتمر : ” محيطــــنـــا ”  تحت الرعاية والتمويل الأمريكي في جزيرة/ دولة : Palau في الفترة  في 13 و14 أيريل 2022 , وهذه أول مرة يُعقد المؤتمر بمنطقة الباسيفيك , وقد حضره وزير الخارجية الأمريكي السابق John Kerry والمبعوث الرئاس الخاص بالمناخ , وقد بلغت قيمة التزامات مؤتمر “محيطـنـا” 16 مليار دولار أمريكي  , وفي ختام مؤتمر “محيطنا” في Palau  أعلن المضيفون المشاركون أن 410 تعهد تم التعهد بها من قبل مختلف البلدان والمجتمع المدني والصناعة بقيمة 16.35 مليار دولار  .

واختتمكل من :  Surangel Whipps Jr رئيس  Palau والمبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ  المؤتمر, وأشاد كل منهم بالحضور لالتزامهم بحماية المحيطات , وقال  John Kerry : “كان هدفنا هذا الأسبوع هو تسليط الضوء على ما يحدث لمحيطنا وتقديم التزامات حقيقية بشأن أفعال حقيقية وليس مجرد أقوال”.

قال رئيس  Palau إن المؤتمر كان بحق حدثًا عالميًا ، حيث حضره أكثر من 500 مندوب من أكثر من 80 دولة  .

قالت مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون المحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية في وزارة الخارجية ، مونيكا بي ميدينا : “إنه منذ انطلاق مؤتمر محيطنا في عام 2014 نشأ أكثر من 1400 التزام تقدر قيمتها بأكثر من 90 مليار دولار أمريكي ، وهذا لا يشمل الإلتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمر 2022 “وقالت : “على مر السنين قام القادة في جميع أنحاء العالم بحماية أكثر من 5 ملايين ميل مربع من المحيطات وهي مساحة أكبر من الولايات المتحدة و Palau مجتمعين”.

أعلن وزير شعوب المحيط الهادئ ووزير الخارجية المعاون  أوبيتو ويليام سيو والمدير العام لوكالة FFA  د . مانوماتافاي توبو روزن في المؤتمر : “أن حكومة نيوزيلندا ستلتزم بشراكة بقيمة 3.4 مليون دولار أمريكي مع وكالة مصايد (FFA) , فيما قال أوبيتو إن الصيد هو أحد الأصول الكبيرة الرئيسية في المنطقة ، على سبيل المثال في توكيلاو ، 81 في المائة من أموالها غير المساعدة تأتي من الصيد , وقال إن التزام نيوزيلندا المالي باتفاقية FFA هو لمدة 4 سنوات  .

تركز الشراكة على زيادة الوظائف والفوائد الاقتصادية من مصايد الأسماك البحرية في المحيط الهادئ  .

* مــرفـــق (1)

في 20 أبريل 2022 ألقي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بياناً قال فيه : “في  18 أبريل2022 عقد منسق مجلس الأمن القومي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ  Kurt Campbell ومساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانيال كريتنبرينك اجتماعا في هونولولو مع الأدميرال البحري الأمريكي جون سي أكويلينو قائد القيادة الأمريكية الهندية والمحيط الهادئ وكبير المسؤولين ومسؤولون من أستراليا واليابان ونيوزيلندا إجتماع بشأن التطورات في جزر المحيط الهادئ في هونولولو وفي الإجتماع أكد المسؤولون من جديد الالتزام الدائم والمشترك للدول الأربع تجاه جزر المحيط الهادئ وأشاروا إلي أن الولايات المتحدة عقدت العزم على تكثيف مشاركتها في المنطقة لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ومن أهمها الأمن البحري والتنمية الاقتصادية إلى أزمة المناخ و COVID-19 وهي سنفعل ذلك في شراكة أوثق مع دول جزر المحيط الهادئ ثنائياً ومن خلال منتدى جزر المحيط الهادئ المتحدة ومع البلدان ذات التفكير المماثل ، داخل المنطقة وخارجها ، بما في ذلك في أوروبا , كما أعرب مسؤولون من الدول الأربع الممثلة أيضًا عن مخاوفهم بشأن إطار أمني مقترح بين جزر سليمان وجمهورية الصين الشعبية (PRC) ومخاطره الجسيمة على منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة , وهذا الاجتماع يعد جزءًا من المشاورات الأمريكية المنتظمة والمكثفة مع الحلفاء والشركاء في المحيطين الهندي والهادئ ، وهو كذلك جزء من رحلة قامت بها الإدارة العليا المعلنة هذا الأسبوع إلى هاواي وفيجي وبابوا غينيا الجديدة وجزر سليمان في 29 ابريل 2022, وأشار البيان إن البلدين اتفقا أيضًا على إجراء حوار استراتيجي رفيع المستوى لمواصلة مناقشة “القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك” , وتابع “وستتابع التطورات عن كثب بالتشاور مع الشركاء الإقليميين وأن الوفد الأمريكي حدد خطوات محددة ستتخذها واشنطن لتعزيز رفاهية سكان جزر سليمان بما في ذلك عن طريق التعجيل بفتح سفارة هناك ، وتعزيز التعاون بشأن الذخائر غير المنفجرة ، وإرسال سفينة مستشفى Mercy لمعالجة القضايا الصحية وأن واشنطن ستقدم المزيد من اللقاحات وستعزز مبادرات المناخ والصحة “, ولم يعط البيت الأبيض أي مؤشر عما سيكون رد الولايات المتحدة علي الاحتمال الذي يخشاه الأمركيون وهو إقامة الصينيين قاعدة عسكرية في جزر سليمان تكون البداية لإنتشارهم العسكري في المحيط الهادئ”  .

لكن في يوم 22 أبريل 2022 إنضم رئيس الوزراء Manasseh Sogavari (علاقته معقدة مع أستراليا وسبق له توجيه إنتقادات حادة للاتفاقية الأمنية التي أبرمتها بلاده مع أستراليا) إلى سفير الصين  لي مينج عند تسليم ملعب لألعاب القوى تبرعت به الصين وهو أحد المنشآت الرياضية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 120 مليون دولار دفعت الصين ثمنها لمساعدة جزر سليمان في استضافة دورة ألعاب المحيط الهادئ لعام 2023 , ومن المعروف أن جزر سليمان تحولت في موقفها تجاه الصين الشعبية فأقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الشعبية بدلاً من تايوان وذلك عام 2019 ، وقد قال Sogavari  في كلمة ألقاها في حفل إفتتاح الإشتاد الذي شادته الصين الشعبية إن “قرار (إقامة العلاقات مع الصين الشعبية ) وضع البلاد في الجانب الصحيح من التاريخ ” , ودافع لي عن الاتفاقية الأمنية مع الصين فقال في كلمته ” إن التنمية والأمن وجهان لعملة واحدة. بدون السلامة والأمن ، لا يمكن للدول أن تتمتع بالتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي , وقد تجلى ذلك في أعمال الشغب العام الماضي” التي قال  رئيس وزراء جزر سليمان Manasseh Sogavareمُبرراً وتوقيعه الإتفاق الأمني مع الصين : ” لقد أثبتت قوات حفظ السلام التي أرسلتها أستراليا ودول المحيط الهادئ الأخرى أنها غير قادرة على حماية السفارة الصينية وجالية سليمان الصينية خلال أعمال الشغب في نوفمبر2021 أججها استياء جزء من السكان تجاه النفوذ المتزايد للصين في المنطقة , ثم تعرضت الشركات التي يديرها الصينيون للتخريب والحرق في العاصمة Honiara ” ورفضت البعثة الأسترالية حماية البنية التحتية الصينية وقتذاك , ورفضت أستراليا هذه المزاعم , ولكن هناك في بعض الدوائر في جزر سليمان من يفسر جنوح رئيس الوزراء لتوقيع إتفاق أمني مع الصين فقد قال  Celsus Irokwato Talifiluالمستشار الرئيسي لرئيس الوزراء   Daniel Suidaniلجزيرة Malaita “إنه بينما كان من “العدل” أن تركز أستراليا والولايات المتحدة والشركاء الإقليميون الآخرون جل إهتمامهما على احتمال وجود قاعدة عسكرية في الجزر ، كان الخوف الرئيسي للكثيرين في جزر سليمان هو تآكل الديمقراطية , فخوفي الرئيسي هو علي (أفراد الجيش أو الشرطة الصينية) من وضع Manasseh Sogavare في السلطة لفترة طويلة”, فالناس يقولون إننا دولة ديمقراطية ، بالطبع هي كذلك , ولكن عندما تكون لديك قوة أكبر من أي شخص آخر في جزر سليمان ، فسيكون من السهل عليه استخدام هذه القوة لدعمه ودعم وزرائه أو أولئك الموجودين في الحكومة لضمان عودتهم في الانتخابات المقبلة “, ولا يعرف أحد ما الذي سوف يقرره المستقبل ؟ علي الأقل فقد تعهد حزب جزر سليمان المعارض بتمزيق الاتفاقية الأمنية مع الصين إذا كانت ستصل إلى السلطة , وعلي أي الأحوال  فإني أري أن جزر سليمان بها مشكلتان هما:تآكل الديموقراطية وإحتمال إنشاء قاعدة عسكرية للصين

قال  James Carusoالقائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في استراليا في أعقاب الإعلاتن عن الإتفاقية في 19 أبريل2022 : “ليس لدينا سفارة في جزر سليمان لفترة طويلة الولايات وأعتقد أن ذلك يعني الكثير في حد ذاته فلا يمكنك التعامل مع بلد بإهمال أو الاستعانة بمصادر خارجية لعلاقاتك  , فبالتأكيد ليس إذا كنت تريد أن يكون لديك تأثير في المنطقة دون أن يكون لك وجود على الأرض , وقد كان ذلك خطأ من قبل الولايات المتحدة على مدى فترة طويلة  , إن تخوف الغرب هو أن الصين ستنشئ قاعدة عسكرية في جزر سليمان لعزل أستراليا عن الولايات المتحدة , إن الأمر متروك الآن للولايات المتحدة وأستراليا لضمان عدم “إساءة استخدام” الاتفاق من قبل الصين وأعتقد – بالنسبة لأستراليا والولايات المتحدة واليابان والديمقراطيات الغربية الأخرى ودول جزر المحيط الهادئ الأخرى أنه يجب عليهم محاولة العمل مع جزرسليمان للتأكد من أن الإجراء الثاني سلمي ويحمي سيادة جزر سليمان ويحمي سيادة وحرية اتخاذ القرار للدول الجزرية الأخرى في المنطقة “.

إجتمع وزراء خارجية التحالف الرباعي Quad الذي يضم الولايات المتحدة واستراليا والهند  واليابان وهو تحالف معني بمواجهة إندفاع الصين في منطقتي آسيا والمحيط الهاديء في 11 فبراير 2022 في ملبورن .

قال السيناتور Lindsey Graham الجمهوري الأمريكي خلال لقاء Tsai Ing-wen رئيس تايوان به والوفد المُرافق له والمُكون من 6 نواب من الحزبين في 15 أبريل 2022 في زارة تايوان إستغرقت يومين “إن الحرب في أوكرانيا والسلوك الاستفزازي للصين وحد الرأي الأمريكي بطريقة لم نشهدها من قبل” (لا توجد علاقات رسمية للولايات المتحدة مع تايوان) قال سيناتور Menendez لئيسة تايوان : ” إن إنتاج تايوان 90٪ م لأشباه الموصلات عالية الجودة في العالم ، لذلك فهي دولة ذات أهمية وتأثير وتأثير عالمي وبالتالي يجب أن نفهم أن أمن تايوان له تأثير عالمي”.

تنبغي الإشارة إلي أن الغزو الروسي لأوكرانيا وضع تايوان في حالة تأهب لأي تحركات محتملة من جانب بكين لاستخدام الأزمة الأوكرانية لاتخاذ خطوة في الجزيرة  على الرغم من أن الحكومة لم تذكر أي مؤشر على أن الصين على وشك الغزو , وقد شتكت تايوان على مدار العامين الماضيين أو نحو ذلك من تكثيف النشاط العسكري الصيني بما في ذلك رحلات القوات الجوية اليومية تقريبًا إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية ولكن ليس بالقرب من الجزيرة نفسها .

أكدت حكومة الولايات المتحدة تهديدها بغزو دولة جزر سليمان الصغيرة الواقعة في جنوب المحيط الهادئ في حال أنشأت الصين قاعدة عسكرية هناك , وقد وُجه الإنذار في 22 أبريل 2022إلي شخص رئيس وزراء جزر سليمان من قبل الوفد الأمريكي المُشار إليه والذي قاده منسق مجلس الأمن القومي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ , وقد أصدر البيت الأبيض بيانًا تهديدًا أشار فيه إلي أنه : “إذا تم اتخاذ خطوات لإنشاء وجود عسكري دائم بحكم الواقع ، أو قدرات لإظهار القوة ، أو منشأة عسكرية فإن الولايات المتحدة سيكون لديها المخاوف والاستجابة وفقًا لذلك “, ومنذ ذلك الحين لم تترك وزارة الخارجية أي شك بشأن المقصود بعبارة “الرد وفقًا لذلك”, وفي 26 أبريل 2022 تحدث مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانييل كريتنبرينك ،    إلى وسائل الإعلام التي سُئلته مباشرة عما إذا كانت الولايات المتحدة “ستتخذ إجراءً عسكريًا ضد جزر سليمان إذا أقامت الصين قاعدة هناك ؟ وقد رفض استبعاد مثل هذا التدخل يعني أن هذا هو بالضبط ما هو قيد المناقشة في واشنطن وقد أوضح قوله : “لقد أوضحنا المخاوف المحددة التي لدينا فيما يتعلق بإمكانية وجود عسكري دائم أو قدرات عرض القوة أو منشأة عسكرية ، وأشرنا إلى أنه في حالة حدوث هذه الأحداث فإن الولايات المتحدة ستستجيب وفقًا لذلك , وأضاف قوله : “وأعتقد أنه من الأفضل أن أترك الأمر عند هذا الحد ولا أتوقع ما قد يعنيه ذلك أو لا يعنيه” , وأن الاتفاقية الأمنية الموقعة مؤخرًا بين جزر سليمان والصين لها تداعيات على “المصالح الأمنية للولايات المتحدة وعلي  شركائنا ، وأنه في الاجتماع مع رئيس وزراء جزر سليمان أردنا أن نكون واضحين تماماً , وكانت نبرة الصوت الفظة للمسؤل الأمريكي في المؤتمره الصحفي تُشير إلى مستوى القلق الأمريكي الذي أدى    إلى زيارة الدولة الجزرية النائية في الأسبوع الأخير من أبريل 2022, ولم يتم الكشف عن التفاصيل الكاملة لهذه الإتفاقية لكنها ستسمح – بموجب أحد موادها التي سربت للإعلام – للشرطة الصينية بحماية مشاريع البنية التحتية التي تمولها الصين بعد أن هزت البلاد أعمال شغب العام الماضي قتل فيها أربعة أشخاص وكان اليان الأمريكي قد أشار إلي أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلتقي في 20 أبريل 2022بالرئيس ديفيد بانويلو رئيس ولايات ميكرونيزيا الموحدة لتأكيد التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن وازدهار الدول المرتبطة بحرية ، وكذلك لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك في منطقة جزر المحيط الهادئ “وفي إشارة إلى تعيين المبعوث الرئاسي الخاص السفير جوزيف يون لقيادة المفاوضات للولايات المتحدة بشأن تجديد اتفاق الارتباط الحر ، أكد سوليفان هدف الولايات المتحدة المتمثل “في إنهاء العملية بحلول نهاية العام ناقش الاثنان التهديد الوجودي الذي يشكله تغير المناخ على دول جزر المحيط الهادئ ، وأعربا عن قلقهما المشترك بشأن توقيع جمهورية الصين الشعبية وجزر سليمان على اتفاقية أمنية ثنائية” اتفق الرئيس بانويلو والسيد سوليفان على تحديد فرص إضافية لمواصلة تعميق المشاركة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية  .

أصرت حكومة جزر سليمان على عدم وجود خطط لإيواء قاعدة عسكرية صينية , ومع ذلك ظل رد الفعل الأمريكي والأسترالي كما هو أي ينظر للإتفاقية الأمنية علي أنها ستتي للصين الشعبية موطئ قدم عسكري ثابت في الجزيرة التي شهدت معارك شرسة في الحرب العالمية الثانية  .

ألقى رئيس الوزراء Manasseh Sogavari خطابا متحديا أمام البرلمان , أثار فيه موضوع أعمال الشغب في عام 2006 التي وقعت خلال بعثة المساعدة الإقليمية بقيادة أستراليا إلى جزر سليمان (RAMSI) ، وأيام التدمير الثلاثة التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة في نوفمبر 2021من قبل القوات المدعومة من الولايات المتحدة من مقاطعة مالايتا , وأضاف قوله : “من الواضح أن الاتفاقية الأمنية مع أستراليا غير كافية للتعامل مع تهديداتنا الداخلية الصعبة  , ومن أجل رفاهية “شعبنا واقتصاد بلدنا ، بحثنا في مكان آخر” وأصر رئيس الوزراء على أن ” كانبيرا أبلغت حكومته عام 2021 أن الشرطة والجيش الأسترالي لن يحموا الأصول والبنية التحتية الصينية أثناء انتشارهم في جزر سليمان ” كما أشار رئيس الوزراء Manasseh Sogavari في خطابه  امام برلمان بلاده إلي ما يمكن وصفه بالنفاق الأمريكي  بشأن عدم الشفافية فيما يعلق بالإتفاقية الأمنية الصينية تلك , ذلك أن  الولايا المتحدة الأمريكية وأستراليا لم يستشيرا الدول الإقليمية قبل توقيع الاتفاقية العسكرية AUKUS معا والتي ضمتهما مع  المملكة المتحدة والتي نُظر اليها علي أنها موجهة ضد الصين  .

خلال زيارة الوفد الأمركي لجزر سليمان تعهد البلدان بإطلاق “حوار استراتيجي رفيع المستوى” سيركز بشكل خاص على قضية الأمن الحساسة , وذلك يعني أن الأمريكيين لم يخالجهم الشعور باليأس فالحوارسيمتد ليصل ألي الحكومة الحالة وللمعارضة  .

تتابع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن كثب مشاركة الصين مع الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ والمقربة من أستراليا حليف الولايات المتحدة الوثيق وفي ندوة عُقدت في ديسمبر 2021 أعلن كبار السياسيين أن الولايات المتحدة ستتخذ نهجًا حكوميًا بالكامل لتعزيز المشاركة طويلة الأجل مع المحيط الهادئ في مجالات مثل الدفاع والبنية التحتية والصحة والتعليم وتغير المناخ والاستعداد للكوارث والأمن البحري  .

تقديرللموقف الأمريكي :

1- يقول الخبراء ومنهم  Dean Cheng الخبير في Heritage Foundation المحافظة بواشنطن : “إن الولايات المتحدة سيكون لديها القليل من الخيارات الجذابة للرد على أي خطوات صينية نحو إقامة وجود عسكري دائم في جزر سليمان , يمكنك خفض المساعدات لكن هذا الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى زيادة اندماج جزر سليمان في الحضن الصيني ” , فيما قال Derek Grossman محلل الدفاع البارز الذي يركز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ  في مؤسسة RAND Corporation  : ” إن الولايات المتحدة يمكنها أيضًا تسريع فرص إنشاء القواعد في شمال شرق أستراليا لمراقبة القوات الصينية ، أو إجراء المزيد من الدوريات البحرية في المنطقة ”  والواقع أن هناك سابقة أمكن للولايات المتحدة أن تُوقف الزحف الصيني واقمة قواعد هنا وهناك ففي حالة غينيا الإستوائية  .

2- يتم الدفاع عن تحركات أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو  NATO باعتباره “حقًا” مطلقًا ، ورفضت الاعتراضات الروسية على إنشاء قواعد أمريكية إضافية على حدودها البرية الغربية تمامًا. بالنسبة لجزر سليمان ، من ناحية أخرى ، على الرغم من فصلها عن اليابسة الأمريكية بمقدار 10000 كيلومتر من المحيط ، فإن قرار الحكومة بالدخول في اتفاقية أمنية مع المنافس الرئيسي لواشنطن يجلب معه تهديدات بغزو انتقامي. يوضح هذا الواقع الكامن وراء حديث الولايات المتحدة عن “نظام قائم على القواعد” والحقوق السيادية للدول الصغيرة بموجب القانون الدولي  .

3- قالت Anne-Marie Brady الخبيرة في الشؤون الصينية  بجامعة  Canterbury بنيوزيلندا “إن الصفقة “تغير قواعد اللعبة وأن لولايات المتحدة هي الهدف الرئيسي لهذه الخطوة لأنها تهدف إلى مواجهة استراتيجية الاحتواء الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لكن الإتفاق يُهددأيضًا وبشكل مباشر أمن واستقلال الدول الجزرية في المحيط الهادئ وكذلك أستراليا ونيوزيلندا”,

4-في تقديري أن الولايات المتحدة ستحاول تفريغ الإتفاق الأمني بين جزر سليمان والصين الشعبية من مضمونه أو من محتواه في نهاية صراع مكتوم مع الصين الشعبية مهما كانت التكلفة , والمحاولة الأمريكية قد تكون في الإتيان بالمعارضة إلي سدة الحكم وهو ما يعلمه رئيس الوزراء الحالي Manasseh Sogavari  جيداً ولهذا فقد يسارع فيساوم الأمريكيين وتكون أستراليا أو قوات حفظ النظام الأسترالية معبراً او وسيطاً أميناً وقد ينتهي الأمر بإتفاقية أمنية مع أستراليا أعلي إنضباطاً مُترافقة مع حزمة مساعدات ~أسترالية / نيوزلاندية فلا تظهر الولايات المتحدة في المشهد حالياً

الموقف الأسترالي :

جزرسليمان مهمة لأستراليا جداً جزر سليمان ومهمة للولايات المتحدة لأنها تقع جنوب ميكرونيزيا ، وقريبة من أستراليا الحليف الرئيسي للولايات المتحدة  ,من الأهمية بمكان رغم المزاعم المقلقة بشأن الإتفقية الأمنية بين الصين وجزر سليمان التأكيد علي أن هذه الصفقة الأمنية الحالية بين الدولتين لا تتحدث عن منح الصين خيار بناء قاعدة عسكرية دائمة , لكن أستراليا غاضبة من هذا التطور لأنها لا تريد أن يكون للجيش الصيني وصول عسكري بري طويل الأمد بالقرب منها , لذا تأتي معارضة أستراليا لهذه الخطوة من قبل جزر سليمان في وقت تبيع فيه أستراليا خام الحديد والمأكولات البحرية والفحم ومواد أخرى إلى الصمين   .

تبدو اتفاقية جزر سليمان والصين وكأنها القضية الأبرز في الحملة الانتخابية الفيدرالية في استراليا ، حيث يسعى حزب العمال المعارض إلى وضع نفسه على أنه المدافع الأكثر موثوقية وقسوة عن المصالح الأسترالية والأمريكية , فبالنسبة لأستراليا يثير الاتفاق الأمني بين جزر سليمان والصين القلق ذلك أن هناك إحتمال لوجود عسكري صيني على بعد أقل من 2000 كيلومتر (1200 ميل) من شواطئها , كذلك فقد أفادت وكالة أنباء Kyodo أن نيوزيلندا وتونجا  – الجارين الأكثر إرتباطاً بأستراليا – قالتا إنهما ستثيران القضية في الاجتماع القادم لقادة منتدى جزر المحيط الهادئ ، بينما تخطط اليابان لإرسال نائب وزير الخارجية إلى جزر سليمان هذا الشهر .

في مارس 2022 تباهي رئيس وزراء أستراليا وزراء الأسترالي  Scott Morrison  كيف أن مساعدات بلاده للقاح COVID-19 لجزر المحيط الهادئ حالت دون “توغل” صيني في المنطقة وبعد حوالي أسبوعين بدت جزر سليمان وكأنها تدحض هذا الادعاء عندما أكدت أنها تقيم شراكة أمنية مع بكين  .

أشار رئيس الوزراء Scott Morrison إلي أنه لن يسمح بإنشاء قاعدة صينية على ما يسمى بـ “عتبة الباب” في أستراليا ، مضيفًا أن هذا سيمثل “خطًا أحمر” ، أي إطلاق عمل عسكري في جزر سليمان  , فرئيس الوزراء الأسترالي Scott Morrison يقاتل ما يعتقد أنه سيكون حملة انتخابية “كاكي” مفيدة  تحدث عن “خط أحمر في المحيط الهادئ” يتم رسمه في المحيط الهادئ ,   وقد صعد وزير الدفاع الأسترالي من نبرة الخطاب الأسترالي فيما يتعلق بإتفاقية الصين الشعبية مع جزر سليمان بإخبار الناخبين الأستراليين أنه يجب عليهم “الاستعداد للحرب” , فخطاب الحكومة الأسترالية أصبح ساخناً بوضوح كما أن هناك ثمة تكتيك انتخابي خطير قوبل بردود نارية من الصين ورئيس وزراء جزر سليمان Manasseh Sogavari إنه يرسم سيناريو خطيرًا للناخبين الأستراليين يتعمق القلق بشأنه لانه يثير مجدداً نقاط الضعف في البلاد والتي تعود إلى القرن الـ 19 عندما كانت أستراليا مجموعة من المستعمرات البريطانية ذات الوحدة الوطنية التي تم تحقيقها في عام 1901 .

قال رئيس الوزراء Morrison في أبريل 2022 إن Sogavare أكد له شخصيا أنه لن تكون هناك قاعدة عسكرية في جزر سليمان فهذا مصدر قلق مشترك وليس لأستراليا فقط أو للحكومات الإقليمية , وجدير بالإشارة أن التحالف الوطني الليبرالي الأسترالي الحاكم يعمل على احتواء التداعيات السياسية للإعلان في 19 أبريل 2022  عن توقيع جزر سليمان اتفاقية أمنية مع الصين ولم يتم الإعلان عن تفاصيلها , لكن مسودة الاتفاقية ( مُرفق المسودة المنشورة بموقع Robert Lansing Institute) التي تم تسريبها في أواخر مارس و يُشير بند بالمسودة إلي : أنه يمكن للصين “القيام بزيارات للسفن ، وتنفيذ الاستبدال اللوجستي ، والتوقف والانتقال في جزر سليمان” ، بالإضافة إلى إرسال القوات الصينية إلى البلاد “لحماية سلامة الأفراد والرائد الصينيين والمشاريع الصينية ” , وقد أثارت تلك المسودة التي أنكرها الجانبان الموقعان مخاوف في الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة من أن الصين قد ترسل قوات إلى جزر سليمان وإقامة قاعدة عسكرية دائمة هناك على بعد أقل من ألفي كيلومتر من أستراليا , و من المرجح أن يقوم وزير الخارجية وعضو مجلس الدولة الصيني Wang Yi بزيارة جزر سليمان في الأسابيع المقبلة في أواخر مايو أو بداية يونيو ، في إشارة أخرى أن بكين عازمة على تعزيز العلاقات الأمنية والتجارية مع الدولة الواقعة على جزيرة في المحيط الهادئ بينما كانبيرا مُنهمكة بالانتخابات الفيدرالية , وقد تثير الزيارة أيضًا احتجاجات في جزر سليمان وتلك التي تنتمي إلى مقاطعة Malaita الموالية لتايوان , وقد نقلت شبكة ABC News في أبريل الماضي قوله “بالعمل مع شركائنا في نيوزيلندا وبالطبع الولايات المتحدة ، أشارك نفس الخط الأحمر الذي تتبعه الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بهذه القضايا , فلن يكون لدينا قواعد بحرية عسكرية صينية في منطقتنا على أعتابنا ”  , ويُشار إلي أنه نُشر في 22 أبريل 2022 أجابة علي سؤال عن حول نفوذ الصين في المحيط الهادئ قال Scott Morrison رئيس وزراء أستراليا علي الصحفيين  : ” إن بكين تمارس “ضغوطا هائلة” على زعماء دول جزر المحيط الهادئ”  .

لكن كان وزير الدفاع Peter Dutton أوضح قليلاً في بيان الموقف المُرتبك للحكومة الأسترالية التي كان مُنخرطة في الحملة الإنتخابية أكثر وأعمق مما هي مُنخرطة في مسألة الأمن القومي لأستراليا فقد صرح في 24 أبريل 2022وقال في مقابلة تلفزيونية مع شبكة سكاي نيوز:”إن نجاح الصين مرجعه عدم تكافؤ الفرص التي تنطوي على تكتيكات لا يمكن لأي حكومة أسترالية أن تنافسها وإن الاتفاقية تتبع نمط مشاركة الصين في جميع أنحاء العالم وإذا نظرت إلى ما حدث في إفريقيا فهناك مدفوعات فاسدة -لا يمكننا أبدًا التنافس مع هذا النوع من قواعد اللعبة , عدوانية الصين بشكل لا يصدق , أفعال التدخل الأجنبي ، والاستعداد لدفع الرشاوي للحصول على نتائج والتغلب على الدول الأخرى في الصفقات – هذه هي حقيقة الصين الحديثة ” ,

سلطت الإتفاقية الأمنية بين الصين الشعبية وجزر سليمان الضوء على مفهوم مجال النفوذ الإقليمي لأستراليا  , وتعيد هذه الإتفاقية  السؤال الجيو/سياسي عن  لماذا تشعر أستراليا بالقلق من أن دولة مجاورة مستقلة هي دولة جزر سليمان قد وقعت اتفاقية أمنية مع الصين الشعبية ؟ هل لأنها دولة شديدة الضعف تتعامل مع قوة عظمي تتعامل معها كلقمة سائغة طرية ؟.

قالت وزيرة الشؤون الداخلية الأسترالية Karen Andrews في 27 أبريل 2022 من أنه “من المحتمل جدًا” أن تحاول الصين إرسال قوات إلى جزر سليمان ، بينما  أشارت أيضاً إلي أن بكين تدخلت سياسيًا في انتخابات أستراليا دون تقديم أي دليلاً علي ذلك , كذلك أشار المسئول الأعلي للمخابرات الأسترالية Andrew Shearer  أنه ستكون هناك مخاوف بشأن “وحدة القيادة” على الأرض إذا اضطرت القوات الأسترالية والصينية إلى العمل جنبًا إلى جنب , فأستراليا تشعر بالقلق أيضًا من أنه في مثل هذا البلد الهش والمتقلب ، فإن أساليب وتكتيكات الشرطة الصينية التي رأيناها منتشرة بلا رحمة في هونج كونج على سبيل المثال ، لا تتسق تمامًا مع طريقة المحيط الهادئ لحل المشكلات ويمكن أن تحرض على مزيد من عدم الاستقرار والعنف في جزر سليمان لهذا أقول إن وحدة القيادة مرغوبة دائمًا في أي عملية أمنية والارتباك حول وحدة القيادة يمثل مشكلة , وأوضح فقال “إن الصفقة الأمنية لم تكن إخفاقا استخباراتياً ، هذه الإستراتيجية تتكشف لعدد من السنوات”, وحذر Shearerمن أن الصين تريد منطقة أيتحافظ فيها على وجود عسكري حتى تزيد من صعوبة عمل الجيشين الأمريكي والأسترالي في أي أزمة قد تطرأ ” , وأشار إلي أن  كانبيرا تشعر بالقلق من أن الشرطة الصينية المنتشرة في جزر سليمان بموجب اتفاقية أمنية جديدة قد تستخدم تقنيات “قاسية” أُستخدمت سابقًا لقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في هونج كونج   .

قال  Jonathan Prykeمدير برنامج جزر المحيط الهادئ التابع لمعهد Lowy إن احتمال مطالبة القوات الأسترالية والصينية بالدفاع عن نفس المناطق والأصول هو وضع  متُغير حقيقة ,ففي الحقيقة أن الشرطة الأسترالية يُنظر إليها على أنها طرف ثالث موثوق به في جزر سليمان ، حيث أظهرت الدراسات الاستقصائية السابقة أن أكثر من 70%  من السكان يدعمون وجودهم في إطار بعثة المساعدة الإقليمية لعملية جزر سليمان بين عامي 2003 و 2017 , لوأستطرد فقال :”قد كنا الدعامة الأمنية في ذلك البلد منذ عام 2003 ويجب أن نحافظ على هذا الالتزام , ولكن يجب أن نوضح أيضًا أننا سنكون قلقين للغاية بشأن كيفية إدارتها عمليًا إذا طُلب من الصين أن تفعل الشيء نفسه”.

حذر Rory Medcalf رئيس كلية الأمن القومي في الجامعة الوطنية الأسترالية  من أن الوجود العسكري في الجزر سيسمح للصين بتعطيل أو إغلاق الممرات البحرية بين أستراليا والولايات المتحدة , وفي حالة حدوث مواجهة عسكرية في المنطقة فإن ذلك سيزيد من قدرة الصين على إبعاد أستراليا بشكل أساسي عن الصراع وفرض حصار علي أستراليا , لذلك على المدى الطويل فإن التداعيات الأمنية حقيقية للغاية  , وقال خبيرآخر إن الاتفاقية المقترحة تشكل خطرين أولاً ، يمكن أن يزيد من احتمال وقوع حادث في الجزر تشارك فيه قوات من الصين ودولة أخرى مثل أستراليا أو نيوزيلندا ، والتي أعلنت يوم 26 مارس 2022 أنها تمدد أيضًا مهمة حفظ السلام ثانيًا ، من خلال تشجيع  Sogavare فقد يؤدي ذلك إلى زيادة تأجيج الوضع المحلي المتوتر بالفعل في جزر سليمان حيث أودى العنف العرقي بحياة حوالي 200 شخص من عام 1998 إلى عام 2003 , وأضاف أن أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة لا يمكن أستثنائهم اللوم لأن نهجهم تجاه جزر سليمان ودول جزر المحيط الهادئ الأخرى بدا في كثير من الأحيان وكأنه لمواجهة النفوذ الصيني أكثر من كونه لبناء علاقات طويلة الأمد  مع هذه الدول , ويُذكر في هذا المجال أنه في عام 2020  دارت الولايات المتحدة حول Sogavare  للتعهد بتقديم 25 مليون دولار كمساعدات لجزيرة Malaita الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الأرخبيل  والتي لا تزال تعترف بتايوان وفي فبراير 2022 عندما أعلن وزير الخارجية Antony Blinken أن الولايات المتحدة ستعيد فتح سفارتها في Honiara بعد ما يقرب من 30 عامًا من إغلاقها جاء القرار خلال توقف لمدة ست ساعات في  Fijiمما أعطى قادة المحيط الهادئ بضع دقائق فقط تحدث  .

إن الموقف الإسترالي يترجمه مبدا  Monroeالذي تأسس في إعلان الولايات المتحدة عام 1823 من قبل الرئيس جيمس مونرو الذي اعتبر أن أي دولة أوروبية تؤكد القوة الإمبريالية في الأمريكتين سيكون بمثابة عمل عدائي تجاه الولايات المتحدة , بالضبط كان ذلك المبأ نبراساً لمعظم الساسة الأستراليون عندما نشروا مصطلح “عقيدة مونرو” الأسترالية في سبعينيات القرن التاسع عشر , فبالنسبة للسياسيين الأستراليية كان هذا المبدأ مفهوماً ثابتاً لديهم فألزمهم بإبقاء أستراليا والجزر المجاورة لها بعيدًا عن “قبضة القوى المتنافسة” , وعبارة “القوى المتنافسة” كانت في أواخر القرن التاسع عشر على وجه التحديد تعني فرنسا وألمانيا ولطالما سيطر الهولنديون أيضاً على إندونيسيا الحالية لكنهم لم يعتبروا تهديدًا مشابهًا لأمن أستراليا مفرنسا والمانيا ,  ذلك أن فرنسا بدأت غزوة جريئة في غرب المحيط الهادئ عام 1853 عندما ضمت كاليدونيا الجديدة ثم بدأت في إنشاء مجتمع استيطاني هناك مثلما فعل البريطانيون في أستراليا منذ عام 1788 منذ سبعينيات القرن التاسع عشر واشتدت المخاوف في أستراليا عندما بدأت ألمانيا الموحدة حديثًا في الدخول بسرعة اللعبة الإمبراطورية , وكانت جزر المحيط الهادئ – في البداية في غينيا الجديدة وساموا – تجعل ألمانيا قريبة جدًا من أستراليا مما جعلها تشعر بالراحة للعديد من السياسيين , فاستُخدمت المخاوف من موطئ قدم قوى عظمى في المنطقة القريبة من أستراليا مرارًا وتكرارًا لدفع مزاعم الإمبراطورية البريطانية لتهدئة المستعمرين القلقين ودفعت هذه المخاوف بريطانيا إلى ضم جزر سليمان في عام 1893 ، لكنها تركت فرنسا وألمانيا للاستيلاء على جزر أخرى في الأرخبيل الذي يقسم شمال شرق القارة ، مع إدارة فانواتو الحالية بشكل مشترك من قبل كل من بريطانيا وفرنسا , أدت هذه التطورات (في مقال واحد في إحدى الصحف الأسترالية في عام 1897) إلى التنبؤ بعمق بأنه في المستقبل “سيتعين إنفاق الملايين بسبب قرب قواعد العمليات العدائية المحتملة ” , وها نحن في عام 2022 أي بعد 125 عامًا ومازالت عقيدة مونرو الأسترالية قائمة وتسيطرعلي الحملة الانتخابية الأسترالية التي يتردد صدى الاتفاقية الأمنية بين الصين وجزر سليمان في السياسات المحلية  بها  فما زالت المخاوف القديمة بشأن نقاط الضعف في أستراليا دون تغيير نسبيًا ، ومع تشدد حزب رئيس الوزراء حيال الإتفاق الأمني الصيني مع جزر سليمان نجد حزب العمال المعارض يتهمه بإفساد الدبلوماسية في المحيط الهادئ وجعل أستراليا “أقل أمنًا ” , وردد حزب العمال القول ” بإخفاقات الحكومة الليبرالية في الأمن القومي ، وإهمالها لدبلوماسية المحيط الهادئ ، وبيع ميناء Darwin الشمالي لشركة صينية بعقد إيجار لمدة 99 عامًا , ولم تشهد أي إنتخابات أسترالية تهديداً كالتهديد الحالي كالذي يبدو الآن من جزر سليمان منذ الحرب الباردة لدرجة أن أحد المعارضين بحزب العمال شبه الموقف بأزمة الصوارخ الكوبية , وكشف حزب العمال في 26 أبريل 2022 عن خطة لتعزيز الدبلوماسية والقوة الناعمة وتغير المناخ والمساعدات المالية في المحيط الهادئ , ويُدافع رئيس الوزراء عن موقفه بقوله أنه لم يُهمل البتة في النظر بأهمية لموجبات الأمن القومي لأستراليا فقد وقع من أجل صيانة هذا الأمن علي شراكات أمنية بين AUKUS و Quad من أجل “توفير التوازن” أمام الصين بصفة خاصة في المنطقة , ويتردد في بعض الأوساط الإنتخابية بأستراليا ان الصين ربما إختارت منتصف شهر أبريل 2022 ليكون توقيتاً مناسباً لها للإعلان عن إتفاقها الأمني مع جزر سليمان وبالتالي فانه كان توقيتاً متعمدًا للإضرار بفرص التحالف في الانتخابات الأسترالية , ووصف حزب العمال المعارض الاتفاقية بأنها “أسوأ “فشل للسياسة الخارجية الأسترالية في المحيط الهادئ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية  , ولقد قال وزير دفاع الظل في حزب العمال Brendan O’Connor إنه سيطلب إحاطة من الحكومة بشأن ما ستفعله إذا تجاوزت الصين “الخط الأحمر” , ويُشار إلي أن تقوم حكومة  Morrison تقوم حاليًا بحملة لفترة رابعة في السلطة في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 21 مايو وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأسترالي القوي والبطالة المنخفضة القياسية فإن حكومة  Morrison من يمين الوسط تُواجه معارضة شرسة  .

هنك ‘سترتيجية أسترالية مُعلنة للمحيط الهادئ التي تُعتبر منطقة ممارسة النفوذ الأسترالي , والهدف منها كسب الأصدقاء والتأثير في الناس , لكن وراءها هدف أساسي هو التأكد من أن جزر المحيط الهادئ لا تحتضن الصين وهو ما فعله رئيس وزراء جزر سليمان Manasseh Sogavare عمداً , وهذه الإستراتيجية بها نقيصة هي أنها لم تبن علي أساس إعطاء سكان جزر المحيط الهادئ ما يريدون وليس ما قد يعتبره الأستراليون أنهم بحاجة إليه , والمشكل الذي يواجه النخبة الحكومية في جزر سليمان كانت أن لديها طموحات تعزز الأهداف الاستراتيجية للصين وليس أهداف أستراليا وهو أمرلابد وأنه في ذهن الساسة الأستراليين , وفي هذا السياق نجد أن التركيز في الإستراتيجية الأسترالية كان على النخبة الحكومية للدول الجزرية مع اهتمام أقل بالأحرى في أماكن أخرى علي النخب المجتمعية , ولم يكن ذلك أمر سيئ بصفة مُطلقة لولا أن الصين ركزت علي النخب في الحكم  فتم توجيه الاهتمام إلى رؤساء الدول الجزرية ورؤساء الوزراء والوزراء وكبار المسؤولين في الواقع وكذلك علي المجتمع كله , وللأسف دعمت  الإستراتيجية الأسترالية عن غير قصد تلك النخبة الحكومية في جزر سليمان التي تبنت احتضانًا صينيًا , وقد ساعد الاهتمام السياسي الأسترالي والمساعدات الخارجية في الحفاظ على هذه النخبة الحكومية في جزر سليمان ,  وكمثال  هو مساعدة أستراليا في قمع الاضطرابات في نوفمبر2021 والتي كان من الممكن أن تطيح بحكومة Sogavare الذي جلب الصين للمحيط الهادئ , لذلك فهذه الإستراتيجية لا ينبغي تركها كما هي , كما أنه في جميع أنحاء جزر المحيط الهاد تحاول إدارة برامج المساعدات الأسترالية الحالية دعم الحكم الرشيد حتى لو كان ذلك فقط في محاولة لتحقيق أقصى استفادة من المال  .

لكن ومع كل ذلك هناك حقيقة ثابتة علي الكل حكومة ومعارضة في استراليا التعامل معها هي أن الإتفاق الأمني بين الصين وجزر سليمان بات حقيقة في وقت إستثنائي , ففي تزامن مزدوج ومُثير لمعضلة الأمن القومي في المحيط الهادئ وهو منطقة نفوذ أسترالي وأمريكيفي آن واحد وبلونين مُختلفين ومشكلة أمن قومي أخري تواجهها روسا في أوكرانيا دعتها إلي شن عملية عسكرية علي الأخيرة في 24 فبراير 2022 وكلا المفهومين للأمن القومي يواجهان جدلاً حامي الوطيس , علي اي حال تُظهر إستطلاعات رأي الناخبين الأسراليين هذا العام تقدم أهمية القضايا التالية وهي :الاقتصاد وتغير المناخ والقدرة على تحمل تكاليف الإسكان والصحة من القضايا الأكبر بالنسبة للناخبين وليس الأمن القومي ولهذا مغزاه الخطير  عند الشعوب ., والنظام الجيوسياسي الذي تُرسم عليه هذه المخاوف الآن يختلف اختلافًا جوهريًا فقد أصبحت الجزر الواقعة في قوس أستراليا الآن دولًا ذات سيادة باستثناء كاليدونيا الجديدة التي رفضت مؤخرًا الاستقلال عن فرنسا إضافة إلى مزيد من التعقيد الإقليمي ، فإن منطقة Bougainville المتمتعة بالحكم الذاتي (بشمال جزر سليمان)في طريقها لتصبح مستقلة عن بابوا غينيا الجديدة في المستقبل القريب علاوة على ذلك فإن الصين الآن هي القوة العظمى الصاعدة المعنية فحجمها وموقعها الإقليمي ونهجها من الجزر والعلاقات التاريخية مع المنطقة تضعها في وضع مختلف تمامًا في اللعبة الاستراتيجية الحالية التي تجري في جزر المحيط الهادئ  وإزاء كل ما تقدم فالمشهد الديموجرافي في أستراليا هو أيضًا عامل حاسم من المفارقات مع كل حديث عن “عائلة أستراليا والمحيط الهادئ” ، هناك عدد قليل جدًا من الأشخاص من أقرب جيران أستراليا ممثلين في مجتمع المهاجرين الأسترالي (0.88 % في عام 2016) كان هذا نتيجة لسياسات متسقة من العنصرية ، وبعد عام 1975 عندما تخلت أستراليا عن سياسة  “أستراليا البيضاء” ، كانت هناك حواجز اقتصادية أبقت سكان المحيط الهادئ في مأزق (جاءت مجتمعات المحيط الهادئ المقيمة في أستراليا عبر “مسار نيوزيلندا” بشكل رئيسي من ساموا وتونجا) في جميع خطابات المسؤلين عبارة : “نحن وهم” عندما يكون الحديث عن أستراليا والصين التي يجب تذكر أن نتذكر أن 5  % من سكان أستراليا من أصل صيني وأن عدد الأستراليين مولودين في الصين ارتفع عددهم بنسبة 59 % تقريبًا بين تعداد 2011 و 2016 والسؤال الآن وبعد هذه الإتفاقية هو : كيف ستؤثر هذه التركيبة السكانية على الانتخابات القادمة في أستراليا  ؟ , إن عقيدة مونرو الأسترالية مفارقة تاريخية أعادتها الاتفاقية الأمنية بين الصين وجزر سليمان إلى الحياة ولكن في مشهد جيوسياسي ومحلي مختلف تمامًا , ودافع رئيس الوزراء أستراليا Scott Morrison  في رد حكومته على الإتفاقية الأمنية الصينية مع جزر سليمان ادعي أنهم لا يريدون تكرار “التاريخ الطويل” لإخبار دول المحيط الهادئ بما يجب عليهم فعله وأضاف Scott Morrison : “لن أتصرف مثل الإدارات السابقة التي تعاملت مع المحيط الهادئ على أنه امتداد لأستراليا” قد يكون هذا هو الحال ، لكنه أدى إلى بعض الخيارات المربكة التي اتخذتها الحكومة وعلى الرغم من هذه التصريحات التي أطلقها Scott Morrison ، فإن الماضي الاستعماري لأستراليا في المنطقة باقٍ لأنه لم يكن هناك تأطير كافٍ لسياسات أستراليا تجاه المحيط الهادئ حول ما يريده ويحتاجه المحيط الهادئ كذلك فالعمل المتعلق بتغير المناخ كان أكبر عجز في نهج أستراليا الحالي في منطقة المحيط الهادئ وسيكون للارتباك في مسار الحملة الانتخابية حول سياسات الحكومة وحزب العمال الأسترالي (ALP) الانبعاثات وسياسات الفحم (لأن ALP يريد الفوز بمقاعد في منطقة الفحم) مما سيكون له تأثير ملحوظ على العلاقات الأسترالية في المحيط الهادئ في المستقبل , وفي أبريل 2022 أعلن حزب العمال الأسترالي عن سياسته في المحيط الهادئ ، وزعم أنها كانت خروجًا حادًا عن الوضع الراهن ومصممة لإصلاح العلاقات ووقف نفوذ الصين وأن العمل المناخي جزء منه ، على الرغم من عدم وضوح كيفية عمل ذلك مع البيانات اللاحقة حول الفحم , وتدور القضايا الأخري لسياسة ALP في المحيط الهادئ – والتي وصفها Scott Morrison بأنها “هزلية” – حول تعزيز التدريب والتعاون الدفاعي وإعادة هيئة الإذاعة الأسترالية في المنطقة وإصلاح مخطط العمل في المحيط الهادئ والذي يتم تأطيره حاليًا حول نقص العمالة الأسترالية  , ويعد إعلان ALP الأخير عن خطته لإصدار 3000 “بطاقة خضراء” تمنح الإقامة الدائمة لعائلات المحيط الهادئ كخطوة إيجابية إلى الأمام في بناء العلاقات بين الناس التي تشتد الحاجة إليها وفتح أستراليا أمام جيرانها في المحيط الهادئ للعيش والعمل بشروط مفيدة , سيبدأ هذا في بناء جسور جديدة مع المنطقة , بالإضافة إلى تعزيز اقتصادات المحيط الهادئ التي تحتاج بشدة إلى ضخ الأموال والفرص ما يجب أن يتوافق معه هذا البرنامج بعد ذلك هو الفرص التعليمية والمسارات إلى المواطن ,  ويعتبر ذلك أنواع من السياسات التي ستنفي الموروثات الاستعمارية لعقلية عقيدة مونرو الأسترالية وتأمين أستراليا والدول الجزرية المحيطة من خلال المنفعة المتبادلة والقيم الديمقراطية المشتركة والتكامل المحلي لأستراليا مع منطقتها    .

تخشى أستراليا من الإتفاق الأمني بين الصين وجزر سليمان لأنه – كما تدعي – ينص في مسودته التي تم تسريبها عبر الإنترنت ، علي إمكانية رسو السفن الحربية الصينية  في جزر سليمان من أجل التجديد اللوجستي ويمكن للصين كذلك أن ترسل الشرطة والقوات المسلحة هناك “للمساعدة في الحفاظ على النظام الاجتماعي” وقال وزير الداخلية الأسترالي يوم 27 أبريل202: أن الصين “من المرجح جدًا” أن تنشر قواتها في جزر سليمان بموجب الإتفاق الأمني المُوقع بين الدولتين الذي اُعلن عنه في 19 أبريل 2022من قبل بكين بعد أسابيع فقط من تسريب نسخة مسودة – كما أشرت – على وسائل التواصل الاجتماعي أثارت مخاوف من أنها قد تفتح الباب أمام وجود عسكري صيني في جنوب المحيط الهادئ , من جهة أخري أبدي زعيم المعارضة Anthony Albanese الذي قد يكون رئيس الوزراء القادم لجزر سليمان إذا هزم حزب العمل من يسار الوسط التحالف المحافظ الحاكم في انتخابات 21 مايو معارضته للإتفاق ووعد بمشاركة أوثق مع أستراليا وجيرانها في جزر المحيط الهادئ إذا فاز حزبه في الإنتخابات القادمة  , ولم تصدر جزر سليمان والصين النسخة النهائية للاتفاقية بعد  .

نظراً للعلاقات التي كانت قوية بين استراليا وجزرسليمان فقد إلتزمت أستراليا بالحفاظ علي قنوات الإتصال معها حتي في هذه الأزمة (قالت مصادر حكومية أسترالية إن أستراليا ستظل تتطلع إلى دعم جزر سولومون في المستقبل ، لكنها ستضمن ألا تعمل قواتها جنبًا إلى جنب مع الأفراد الصينيين)ولذلك جرت محادثات بين الجانبين استؤنفت في 7 ماية بعد انقطاع قصير , إذ التقت وزيرة الخارجية الأسترالية Marise Payne نظيرها في جزر سليمان ليلة ال6 مايو 2022 في Brisbane  ، بعد ثلاثة أيام من انتقاد زعيم الأرخبيل بشدة لمنتقدي اتفاقه مع الصين وقالت Marise بعد اجتماعها مع وزير خارجية جزر سليمان Jeremiah Manele: “لقد أكدنا مجددا قلقنا العميق بشأن الاتفاقية الأمنية مع الصين وافتقارها للشفافية” وأضافت “لكننا نتفق على أن أستراليا تظل الشريك الأمني ​​المفضل لجزر سليمان” , وقد حاول المسؤلين الأستراليين ضبط تصريحاتهم وجعلها اقل هجومية وخاصة رئيس الوزراء Scott Morrison الذي صرح في 5 مايو 2022 فقا ل : ” يجب أن نتحلى بالهدوء وضبط النفس عند التعامل مع هذه القضايا ” , ومع ذلك قال رئيس الوزراءالأسترالي Scott Morrison : ” إن القاعدة البحرية الصينية في الدولة الجزرية الفقيرة الواقعة في جنوب المحيط الهادئ ستكون “خطًا أحمر” لكل من أستراليا والولايات المتحدة” , وفسر الخط الأحمر بقوله : ” “هذا يعني أن هذا شيء تعتقد في أستراليا أنه سيكون ضد مصلحتنا الوطنية تمامًا ونعتقد أيضًا أن ذلك سيكون ضد المصلحة الوطنية لجزر سليمان ونشارك هذا الرأي بلغة مماثلة مع الولايات المتحدة , وأعتقد أنه سيكون من غير الحكمة للغاية أن تتكهن أي حكومة حول هذه القضايا , ما هو ضروري في مثل هذه البيئات الدولية هو أن نكون واضحين للغاية بشأن مواقف الشركاء المختلفين هذا هو موقف الولايات المتحدة وبالتأكيد موقفنا وأعتقد أنه موقف أوسع لأسرة جزر المحيط الهادئ أيضًا” ,  ويُشار هنا إلي أن توقيع هذه الاتفاقية مع بكين كان مُبرره من قبل حكومة جزر سليمان أنه خلال أعمال الشغب في الأرخبيل في نوفمبر 2021 (لدى الصين حاليًا مستشارون أمنيون على الأرض في سولومون) ، أثبتت قوات حفظ السلام التي أرسلتها أستراليا ودول المحيط الهادئ الأخرى أنها غير قادرة على حماية السفارة الصينية وجالية سليمان الصينية .

موقف نيوزيلاند :

لديها عدد كبير من سكان جزر المحيط الهادئ ولديها روابط عائلية وتجارية ورياضية وثقافية قوية مع أقاليم المنطقة , وتعتبر نيوزيلندا نفسها دولة من دول المحيط الهادئ .

إستغلت رئيسة الوزراء النيوزيلندية Jacinda Ardern ونظيرها الياباني Fumio Kishida اجتماعهما الأول في 21 أبريل 2022على أعلى مستوى لمواصلة الضغط على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا , كما سيناقش الزعيمان مخاوفهما المشتركة بشأن التوقيع الأخير على معاهدة أمنية بين جزر سليمان والصين , في بيان مشترك أشار إلي أن الزعيمين سيواصلان جعل مهندسي العدوان الروسي غير القانوني وغير المبرر ضد أوكرانيا يدفعون الثمن” ، ودعيا إلى انسحاب موسكو الفوري من أراضي جارتها  وكذا وفرض البلدان عقوبات على ما تسميه روسيا “عمليتها العسكرية الخاصة” في أوكرانيا , وقالت اليابان في وقت سابق إنها ستضاعف قرضها لأوكرانيا ثلاث مرات وستوفر طائرات بدون طيار وبدلات واقية كجزء من تعزيز العلاقات الأمنية ، كما ستبدأ نيوزيلندا واليابان مفاوضات حول اتفاقية تبادل المعلومات , هذا وصرح كبير أمناء مجلس الوزراء Hirokazu Matsuno  للصحفيين بأن الاتفاقية الأمنية يمكن أن تؤثر على الأمن في جميع أنحاء منطقة المحيط الهادئ واليابان تتابع هذا التطور بقلق وأضاف : “نأمل أن نناقش هذا الأمر بقوة مع نيوزيلندا في سياق تحقيق حرية وانفتاح المحيطين الهندي والهادئ  .

كانت نبرة صوت نيوزيلاند تُعد مُعتدلة إن قيست بأستراليا  , أما الآن فقد اشتدت نبرة نيوزيلندا فيما يتعلق بالأمن والوجود المتزايد لبكين في جنوب المحيط الهادئ ، وهو تحول يقول المحللون إنه يعكس مخاوف من أن يمنح الاتفاق لبكين أساسًا استراتيجيًا وربما وجودًا عسكريًا في المحيط الهادئ قد يزعزع استقرار النفوذ الغربي , ووصفت Jacinda Ardern رئيسة الوزراء نيوزيلاندا الأمر وقالت : ” إن الاتفاقية “مقلقة للغاية” ودعت جزر سليمان لمناقشتها في منتدى جزر المحيط الهادئ , وقالت Jacinda Ardern لاحقًا في قمة أعمال بين الولايات المتحدة ونيوزيلندا: “ما يتغير حقًا من حولنا هو مستوى الحزم والعدوانية الذي نراه في المنطقة”, وقال Robert Ayson أستاذ الدراسات الإستراتيجية في جامعةVictoria    في Wellington ” إنه تحدٍ حقيقي لإحساس نيوزيلندا بالاتجاه الهادئ”  , كانت نيوزيلندا تتجنب في كثير من الأحيان مثل هذه الانتقادات والتي يعزوها المحللون إلى الاعتماد التجاري الكبير للبلاد والعلاقة الاقتصادية الوثيقة مع الصين , وتقول   Anna Powlesبمركز دراسات الأمن والدفاع بجامعة Massey ” تصريحات السيدة Ardern ووزيرة الخارجية Nanaia Mahuta كانت إشارة واضحة إلى أنهما يشاطران مخاوف الولايات المتحدة وأستراليا بشأن مشاركة الصين الأمنية في المحيط الهادئ , فلقد أشارت أيضًا إلى المحيط الهادئ و نيوزيلندا تدعم مبادرات الأمن الجماعي الإقليمي وللأطراف الثالثة بما في ذلك الصين  . أن الأزمات الإقليمية في المحيط الهادئ ستدار من قبل المنطقة ” , وأخيراً قال David Vaeafe مسئول البرامج في منظمة Pacific Cooperation Foundation وهي منظمة غير حكوية : “إن السياسة الخارجية لنيوزيلندا تجاه المحيط الهادئ تتحرك ببطء من” لا ينبغي عليك القيام بذلك “إلى التشاور والمشاركة في هذه العملية” .

الــمــوقـف الـــصــيـنـي  :

تعد الاتفاقية انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا للحكومة الصينية  بكل المقاييس .

في عام 2021 أجرى الرئيس الصيني  Xi Jinpingمحادثات هاتفية في يونيو 2021 مع رئيس وزراء Fiji  السيد Frank Bainimarama ، ومعTupouI السادس ملك Tonga ، ومع رئيس وزراء جزر سليمان Manasseh Sogavare في سبتمبر 2021، ومع James Marapeرئيس وزراء Papua New Guinea في أكتوبر2021 وكلهم طالبوا بمواصلة مساعدات الصين لبلادهم .

في أول اجتماع لوزراء خارجية الصين والمحيط الهادئ في أكتوبر2021 ، أعلنت الحكومة الصينية إنشاء مركز الصين والمحيط الهادئ للتعاون في مجال تغير المناخ ومركز للحد من الفقر والتعاون الإنمائي واحتياطي من إمدادات الطوارئ , وفي هذه الاجتماعات سلطت الصين الضوء على مفهوم Xi لبناء مجتمع المصير المشترك وطلبت الدعم من دول جزر المحيط الهادئ بشأن قضايا تايوان وهونج كونج والتبت وXinjiang , وتمثل مساعدة الصين لـ Tongaعقب الانفجار البركاني بها في يناير 2021 وأمواج تسونامي نموذجًا لمدخلاتها المتزايدة في المنطقة فقد قدمت الصين خمس دفعات من المساعدات لـ Tonga والتي تضمنت 44000 دولار أمريكي عينية من السفارة الصينية في  Tonga، و 100000 دولار أمريكي من الصليب الأحمر الصيني و 158000 دولار أمريكي عينية من السفارة الصينية في Fiji و 3.16 مليون دولار أمريكي من الإمدادات , كما قد زادت مشاركة الصين مع جزر سليمان بشكل كبير , ففي أعقاب أعمال الشغب في نوفمبر 2021 أرسلت الصين فريقًا من تسعة من ستشاري شرطة إلى شرطة جزر سليمان وهذه هي ثاني عملية إرسال من هذا النوع بعد إعارة الصين ضباط شرطة في عام 2013 وضباط اتصال بالشرطة في سبتمبر 2021 إلى Fiji , ومواجهة نفوذ الصين أعلنت الحكومة الأمريكية إعادة فتح سفارتها في Honiara عاصمة جزر سليمان والتي أغلقت في يوليو 1993 .

في فبراير 2022 ، انتقد المتحدث باسم الشؤون الخارجية الصينية Wang Wenbing إستراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ ووصفها بأنها “تعيد إحياء عقلية الحرب الباردة وسياسات الكتلة” , ولم تُنشر بعد تحليلات العلماء الصينيين لاستراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ ، ولكن من المحتمل أن يركزوا على الجزء “الهندي” بدلاً من المحيط الهادئ , كما تشير الأبحاث في 129 مقالة صحفية صينية حول دراسات المحيط الهادئ ويميل العلماء الصينيون إلى التعامل مع شؤون المحيط الهادئ من زاوية سياسات القوى العظمى , وستكون البنية التحتية مجالا جديدا للخلاف بين البلدين في تناقض صارخ مع الصين ، ومن المتوقع أيضًا أن تدعم الولايات المتحدة “المجالات الناعمة” في المنطقة مثل تمكين المرأة ، ومكافحة الفساد وتعزيز حرية الإعلام ومشاركة المجتمع المدني والتنمية , ويتضح هذا في مشاريع قوانين الكونجرس الأمريكي مثل قانون الولايات المتحدة للابتكار والمنافسة لعام 2021 وقانون تكريم  المحيط الهادئ وقانون تعزيز المشاركة الأمريكية طويلة الأجل في المحيط الهادئ وقانون المنافسة الاستراتيجية لعام  2021 , وبالنظر إلى المستقبل فمن المرجح أن تكون المنافسة حادة بين الصين والولايات المتحدة خاصة بعد الإتفاق الأمني بين الصين وجزر سليمان والرابح في النهاية سكان جزر سليمان والسياسيين الذين سيتخمون من تلقي الرشاوي السياسية  .

قال المتحدث باسم السفارة الصينية في جزر سليمان في 24  أبريل 2022 إن التهديد السافر للتعاون الأمني بين الصين وجزر سليمان كشف مرة أخرى عقلية الهيمنة وسلوك البلطجة لشخص ما في الولايات المتحدة , وأن أي محاولة لإثارة الاضطرابات والتوتر والمعارضة في دول جزر المحيط الهادئ لا تتوافق مع المصالح المشتركة لدول المنطقة ولن تنجح  , واضاف المتحدث “منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية حققت الصين وجزر سليمان تعاونا مثمرا في العديد من القطاعات التي لقيت ترحيبا حارا من قبل شعبيهما” .

بمناسبة افتتاح عند مركز تعاون العمل المناخي بين الصين ودول جزر المحيط الهادئ عام 2022 بحضور ممثلين عن جزر Kiribati و Niue و Samoa و Tongaو the Federated States of Micronesia و جزر سليمان وFiji و Vanuatuوجزر Cook(لم تُشارك New Caledonia فقد رفضت الإنفصال عن السيادة الفرنسية) وقال نائب وزير خارجية الصين Xie Feng إتهم أستراليا بإنتهاك سيادة جزر سليمان(؟) وقال”إن الاتفاقية الأمنية مفتوحة وشفافة ولا تستهدف أي طرف ثالث”وأضاف”بأي حق يمكن لهذه الدول أن تخبر الصين وجزر سليمان بما يجب أن تفعله؟ وبأي حق يمكن لأستراليا أن ترسم خطا أحمر لجزر سليمان والصين اللتين تبعدان آلاف الأميال عنها؟ وأسطرد فقال ” أن المحيط الهادئ هو موطن لجميع دول المنطقة وليس فناءً خلفيًا أو أرضًا لأي شخص ويجب أن يكون مسرحًا للتعاون الدولي وليس ساحة للألعاب الجيوسياسية ”  .

إن الصين لن  تأبه وأمامها تجربة بوتن / اوكرانيا بالدول الغربية ولذلك فهي بالتزامن مع توقيعها إتفاق أمني مع جزر سليمان تتجه نحو باقي الدول الجزرية بالمحيط الهادئ مثل  Kiribatiوهي دولة ميكرونيزية التي فتحت أكبر محمياتها البحرية للصيد التجاري الذي قد يخدم غرضًا مزدوجًا مثل قاعدة بحرية للصينيين أيضًا , وقد قرر رئيس الدولة الباسيفيكية  Taneti Maamau فتح المحميات البحرية للصيد التجاري للصين والتي يمكن استغلالها لأغراض مزدوجة  وتدر مالا يقل عن 200مليون دولار لخزانتها , وتظل الصين أكبر شريك تجاري للدول الجزرية بالمحيط الهادئ , وتستمر الصين في محاولاتها لتوسيع مكانتها الدبلوماسية والعسكرية في جزر المحيط الهادئ    .

هناك ايضاً جزيرة Vanuatu التي تقع على بعد 2000 كيلومتر من أستراليا (تمول مجموعة ميلانيزيا سبيرهيد  “MSG ”  ومقرها  Sova في Figi ، وتنفي هي الأخري أنها تطور قاعدة عسكرية للصين علي أرضها , ومن الواضح أن الدول الجزرية بالحيط الهادئ تدرك خطورة مسالة السماح للصين بالتمركز علي أراضيها لذا فهي تستخدم المسألة للمساومة أحياناً , فمثلاً تم تقليص احتمالات تحويل رصيف كبير بتمويل صيني في جزيرة  Santo في جزيرة Vanuatu إلى مرفق “مزدوج الاستخدام” بضغط نشط من كل من أستراليا والولايات المتحدة ,

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية  Wang Wenbin  في 25 أبريل 2022 أن التكهنات بأن البلاد سوف تمضي خطوة إلى الأمام وأن إقامة قاعدة عسكرية في جزر سليمان هي “معلومات مضللة محضة” , وأن التعاون الأمني بين الصين وجزر سليمان يقوم على المساواة والمنفعة المتبادلة وقال إنه ضمن سيادة بلدينا ويتوافق مع القانون الدولي والممارسات العرفية الدولية”, وأن التعاون مفتوح وشفاف ومشروع وقانوني ولا رجعة فيه , ومضى  Wang  في مهاجمة اتفاقية الدفاع والأمن الثلاثية AUKUS بين أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، والتي تم إطلاقها في سبتمبر الماضي , وأنتقد رد فعل واشنطن على اتفاق الصين وجزر سليمان بالإشارة إلى عدد القواعد العسكرية للولايات المتحدة حول العالم  . وقال Wang : ” لقد لاحظت أن الولايات المتحدة وأستراليا تتهمان اتفاقية الإطار بشأن التعاون الأمني بين الصين وجزر سليمان بعدم الشفافية ,  “ومع ذلك ، فإن شراكة AUKUS الأمنية ليست مفتوحة ولا شفافة. متى ستدعو الولايات المتحدة وأستراليا دول جزر جنوب المحيط الهادئ ودول إقليمية أخرى لمراجعة تعاون AUKUS؟ ”  وأستطرد Wang  فقال :”تدعي الولايات المتحدة أن الوجود العسكري الصيني سوف يسبب مخاوف كبيرة. إذا اتبعنا هذا المنطق ، فإن القواعد العسكرية التي يبلغ عددها حوالي 800 قاعدة في 80 دولة ومنطقة في جميع أنحاء العالم والتي تديرها الولايات المتحدة كانت منذ فترة طويلة مصدر قلق كبير للعالم. متى ستفعل الولايات المتحدة اغلاق تلك القواعد؟  , ثم أوضح فقال : ” “الدول الجزرية في جنوب المحيط الهادئ هي دول مستقلة وذات سيادة ، وليست ساحة خلفية للولايات المتحدة أو أستراليا محاولتهم لإحياء مبدأ مونرو في منطقة جنوب المحيط الهادئ لن تحصل على أي دعم ولن تؤدي إلى أي شيء” .

بعيداً عن خشية الولايات المتحدة وأستراليا (5% من سكانها من أصل صيني) وحلفاءهما من إقامة الصين قاعدة عسكرية في جزر سليمان بناؤ علي الإتفق الأمني مع جزر سليمان تتردد تقارير عن أن الصين وقعت مذكرة تفاهم (MoU) مع شركة صينية لتحويل جزر سليمان إلى ما تسميه “مركز طيران إقليمي” حيث تأمل جزر سليمان أن تكون جزءًا من مفهوم الخطوط الجوية الإقليمية وستستقبل  Honiara وفقاً لهذا رحلات مباشرة من الصين وتصبح مركزًا إقليميًا وجزءاً من خطة طموحة لتحويل الدولة الواقعة على جزر بالمحيط الهادئ إلى “مركز طيران” وقد ذكرت مذكرة التفاهم أنه “من أجل هذه الرؤية ، تحتاج جزر سليمان إلى شراء طائرات جديدة ، مثل طائرات MA600 / MA700 و Y-12 ، وتجديد المطارات” , ووفقاً لقناة ABC الإخبارية الأسترالية تخطط إحدى شركات الدفاع والفضاء الرئيسية في الصين لتحديث ما يقرب من ثلاثين مهابط للطائرات في جزر سليمان , في المقابل وعدت حكومة جزر سليمان بشراء ست طائرات من شركة AVIC للطائرات التجارية  وهي جزء من مجموعة الدفاع الصينية المملوكة للدولة والتي طورت طائرات صغيرة ومتوسطة الحجم للدول الفقيرة وتم إبرام الصفقة مع الشركة الصينية في نوفمبر 2019 في Yanliang بالقرب من Xi’an في وسط الصين من قبل وزير الاتصالات والطيران في جزر سليمان Peter Shanel Agovaka .

تمتلك خطوط جزر سليمان للطيران حاليًا طائرة دولية واحدة فقط وهي طائرة إيرباص A320 ، ولم تخطط لشراء أي طائرات أخرى من الشركة الصينية, ومحلياً فإنها تشغل ثلاث طائرات صغيرة من طراز Twin Otter وطائرة واحدة من طراز Dash 8. قال بريت جيبرز ، الرئيس التنفيذي لشركة Solomon Airlines يقول أنه لم يكن على علم بالصفقة وقال “لقد ناقشت مذكرة التفاهم هذه مع مجلس الإدارة ، وبما أنها لم تقدم بعد إلى مجلس الإدارة فإنه سيتواصل مع MCA [وزارة الاتصالات والطيران] لمعرفة المزيد عنها”, وأوضح قوله “لقد دعيت بفتور لمرافقة مجموعة من النواب إلى الصين في هذا الوقت تقريبًا من عام 2019لكن لم يحدث شيء على الإطلاق ”  .

مــوقــــف الــيــابان :

قال رئيس وزراء اليابان في 23 أبريل 2022 بعد إجتماعه مع نظيره في Tuvalu ( وهي جزيرة / دولة في المحيطك الهادئ عضو في الكومنولث البريطاني) “إن اليابان تراقب عن كثب سلوك الصين فيما يتعلق بدول جزر المحيط الهادئ” , و اَضاف ” “إننا نتابع عن كثب ما تفعله الصين في منطقة جزر المحيط الهادئ باهتمام” , وفي لقاءه في Tuvalu برئيس وزراء حكومتها Kausea Natano قال رئيس الوزراء الياباني اتفقا على استهداف منطقة المحيطين الهندي والهادئ “الحرة والمفتوحة” حيث تعمل الصين الحازمة على توسيع نفوذها , وقد عززت اليابان دبلوماسيتها لتعزيز التنسيق مع الدول الأخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، قائلة مرارًا إن ما يحدث في أوكرانيا لا يجب التسامح معه هناك أو في أي مكان آخر , فالصين تواصل إرسال السفن إلى المياه حول جزر Senkakuفي بحر الصين الشرقي وتدار هذه الجزر الصغيرة من قبل اليابان لكن الصين تطالب بها باسم Diaoyu وتقع في بحر الصين الجنوبي وهناك نزاعات إقليمية مع بعض أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا مع الصين , بالإضافة إلي وجود بحري عسكري كثيف لألأمريكان لحماية تايوان وإستفزاز البحرية الصينية فمثلاً نجد  طراد الصواريخ الموجهة يو إس إس شيلوه (CG 67) من فئة تيكونديروجا ، وحاملة الطائرات من فئة نيميتز يو إس إس كارل فينسون (CVN 70) وطراد الصواريخ الموجهة يو إس إس ليك شامبلين (CG 57) من فئة تيكونديروجا  كلها تمر عبر بحر الصين الجنوبي يوم 4 نوفمبر 2021 ,  أعلنت الصين في 15 أبريل ردا علي ذلك إنها أجرت تدريبات عسكرية في جميع أنحاء تايوان  اليوم 15 أبريل 2022 بينما زار وفد من الكونجرس الأمريكي الجزيرة في عرض لدعمه لديمقراطية زميلة ، حيث ألقت بكين باللوم على المشرعين في إثارة التوترات “الاستفزازية”. “رحلة قصيرة , وقالت وزارة الدفاع الصينية في بيان منفصل  ” إن الزيارة الأمريكية كانت “استفزازية متعمدة” و “أدت إلى مزيد من تصعيد التوتر في مضيق تايوان”  .

قالت قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني في بيان صدر في الوقت الذي كان فيه المشرعون يعقدون مؤتمرا صحفيا في تايبيه ، إن الجيش الصيني أرسل فرقاطات وقاذفات قنابل وطائرات مقاتلة إلى بحر الصين الشرقي والمنطقة المحيطة بتايوان.

أحدث الإتفاق الأمني الصيني مع جزر سليمان هزة في سياسة اليابان والول الغربية خاصة الولايات المتحدة وأستراليا واجبرها علي إتخاذ أسلوب جديد بل ثوري مع الدول الجزرية بالمحيط الهادي بل والهندي , فهاهو وزير خارجية اليابانHayashi Yoshimasa يقوم بزيارة جزر Palau ليلتقي برئيسها  Surangel Whipps Jrفي 8 مايو2022 وأدانYoshimasa   من هناك وبشدة الغزو الروسي لأوكرانيا ، وأشار إلى أن الوحدة بين الدول التي تشترك في القيم الأساسية مهمة في وقت تتزعزع فيه أسس النظام الدولي  , وأعرب Yoshimasa أيضاً عن قلقه بشأن اتفاقية التعاون الأمني ​​بين الصين وجزر سليمان في جنوب المحيط الهادئ وقال  : “إنه يمكن أن يكون لها تأثير كبير على البيئة الأمنية في المنطقة” وأعرب رئيس جزر Palau  عن نفس الرأي ، واتفق الاثنان على تعزيز التعاون لتحقيق منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة  , وقام Mark Esper  جزر Palau في أغسطس 2020 :اول وزير دفاع أمريكي يزورها , وأكد هو ورئيس Palau من جديد دعمهما للنظام الدولي القائم على القواعد في إشارة مستترة إلى أنشطة الصين في بحر الصين الجنوبي في مايو 2021 .

أرسلت اليابان Kentaro Uesugi نائب وزير الخارجية إلى جزر سليمان في 8 مايو 2022 وتستسمر 3 أيام وسط مخاوف من الاتفاقية الأمنية الأخيرة التي أبرمتها سلطات جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادئ مع الصين والتي يمكن أن تزيد من نفوذ بكين العسكري في المنطقة , وتأتي في أعقاب زيارة أخري قام بها وفد أمريكي رفيع المستوى حذر من أن واشنطن ستتخذ إجراءً غير محدد ضد حكومة جزر سليمان إذا شكل الاتفاق الأمني ​​مع الصين تهديدًا للولايات المتحدة أو مصالح الحلفاء ,  فقدأثار الاتفاق الأمني ​​الذي أكدته الصين وحكومة جزر سليمان قلق الدول المجاورة والحلفاء الغربيين بما في ذلك اليابان  وهم جميعاً  يخشون بدرجات متفاوتة التعزيزات العسكرية في المنطقة , فقد قال وزير الخارجية الياباني في 22 أبريل 2022 ” إننا نعتقد أن الإتفاق الأمني الصيني يمكن أن تؤثر على أمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكملها ونحن نراقب التطورات بقلق” , ولذلك من المتوقع أن ينقل Kentaro Uesugi خلال زيارته لجزر سليمان قلق اليابان بشأن الاتفاقية الأمنية ومناقشة القضايا الثنائية والإقليمية  ,  إذ أن اليابان تري أن النشاط العسكري الصيني المتزايد التأكيد في بحار الصين الشرقية والجنوبية يمثل تهديدًا في بعض الممرات البحرية الأكثر ازدحامًا في العالم , وتشعر اليابان بالقلق بشكل خاص بشأن نشاط الجيش الصيني وخفر السواحل في بحر الصين الشرقي بالقرب من جزر Senkaku الخاضعة للسيطرة اليابانية والتي تدعي الصين أيضًا أنها تُدعي Diaoyu وقد عززت طوكيو في السنوات الأخيرة تعاونها الأمني ​​بشكل كبير ووسعت التدريبات المشتركة مع الولايات المتحدة وشركاء غربيين آخرين ، بما في ذلك أستراليا والهند وفرنسا وبريطانيا وألمانيا الذين يشاركونها مخاوفها بشأن نفوذ الصين المتزايد  .

كذلك قام Yoshimasa Hayashi وزير خارجية اليابان بزيارة Suva عاصمة جزيرة / دولة Fiji لثلاث ايان إنتهت في 7 مايو2022 وألتقي هناك رئيس الوزراء الفيجي Voreqe Bainimarama وهو في نفس الوقت وزير للخارجية ، وإتفقا معاً على هدف تحقيق “منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة” وسط النفوذ العسكري والاقتصادي المتزايد للصين في المنطقة , وقد اكدا معاً علي أن اليابان وفيجي ستواصلان تعاونهما الوثيق من أجل السلام والاستقرار في منطقة المحيط الهادئ حيث تشاركا مخاوفهما بشأن الاتفاق الأمني ​​الأخير بين الصين وجزر سليمان , كما إلتقي وقت في 7 مايو ، التقى وزير الخارجية الياباني  Henry Puna الأمين العام لمنتدى جزر المحيط الهادئ ورئيس وزراء جزر Cook السابق , ويُذكر أن Fiji الرئيس الحالي للهيئة الإقليمية المكونة من 18 عضوا  .

في إطار ما تقدم أرسلت اليابان في 25 أبريل2022Kentaro Uesugi  نائب وزير الخارجية الياباني كمبعوث لجزر سليمان في زيارة إستغرقت 3 أيام , ويُتوقع أن ينقل Uesugi خلال زيارته قلق اليابان بشأن الاتفاقية الأمنية ومناقشة القضايا الثنائية والإقليمية , وسط مخاوف من الاتفاقية الأمنية الأخيرة التي أبرمتها الدولة الواقعة في جنوب المحيط الهادئ مع الصين والتي يمكن أن تزيد من نفوذ بكين العسكري في المنطقة , مجاءت زيارته في أعقاب زيارة قام بها وفد أمريكي رفيع المستوى حذر سلطات جزر سليمان من أن واشنطن ستتخذ إجراءً غير محدد ضدها , وذلك إذا شكل الاتفاق الأمني مع الصين تهديدًا للولايات المتحدة أو مصالح الحلفاء التي أوضحها وزير خارجية اليابان Yoshimasa Hayashi في تصريح له في 22 أبريل قال فيه : “نعتقد أن الإتفاقية الأمنية يمكن أن تؤثر على أمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكملها ونحن نراقب التطور بقلق” , فاليابان تري أن النشاط العسكري الصيني المتزايد في بحر الصين الشرقي والبحر الجنوبي (الذي تطالب بالسيادة عليه بالكامل) يمثل تهديدًا في بعض الممرات البحرية الأكثر ازدحامًا في العالم , وتشعر اليابان بالقلق بشكل خاص بشأن نشاط الجيش الصيني وخفر السواحل في بحر الصين الشرقي بالقرب من جزر Senkaku التي تسيطر عليها اليابان ،والتي تطالب بها الصين وتطلق عليها اسم Diaoyu  , ولهدا السبب عززت طوكيو في السنوات الأخيرة تعاونها الأمني بشكل كبير ووسعت التدريبات المشتركة مع الولايات المتحدة وشركاء غربيين آخرين بما في ذلك أستراليا والهند وفرنسا وبريطانيا وألمانيا الذين يشاركون اليابان مخاوفها بشأن النفوذ المتزايد للصين  .

قال وزير الخارجية الياباني  Yoshimasa Hayashi إن رئيس وزراء جزر سليمان Mannaseh Sogavare أبلغ وفدًا يابانيًا زائرًا في 26 أبريل 2022 أنه لا ينوي السماح للصين ببناء قواعد عسكرية في بلاده , فيما قالت الصين إنها وقعت اتفاقا أمنيا مع جزر سليمان في 19أبريل 2022 مما أثار مخاوف واشنطن وحلفائها من أن الاتفاقية ستوسع بشكل كبير نفوذ الصين العسكري في منطقة المحيط الهادئ  .

المــوقف الــفرنسي :

اعتبرت فرنسا في 23 أبريل 2022أن هذه الاتفاقية ” والطموحات الصينية في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ مُثيرة للقلق ، فلفرنسا مصالح دائمة في جزيرة كاليدونيا الجديدة وهي إقليم فرنسي تحت السيادة الفرنسية يقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الساحل الأقرب إلى جزر سليمان”  .

شارك Christian Lechervy السفير الفرنسي الحالي في بورما بصفة شخصية كخبير في إجتماعات مجتمع المحيط الهادئ (SPC) في 19 أبريل 2022 ونشرت جريدة  Le Monde قوله : “هناك فكرة أن جزر المحيط الهادئ هي المكان الذي يمكن أن تنشأ منه مفاجأة استراتيجية” , ويقدر هذا الدبلوماسي أن “فرنسا يجب أن تدعم إعادة الانخراط الأمريكية من خلال كونها “قوة دافعة” في السنوات الخمس القادمة في تحديد الإجراءات الملموسة لصالح الدول الجزرية في المحيط الهادئ”.

مــواقف الدول الجزرية بالمحيط الهادئ :

قالت Fiame Naomi Mata’afa رئيس وزراء Samoa فيامي إن الموقف الجماعي للدول الجزرية الصغيرة مهم لضمان سماع صوتها على المنصات العالمية وقد قالت ما تقدم قي محاضرة حول السياسة العامة للمحيط الهادئ في جامعة Georgetown في واشنط كجزء من سلسلة Blue Pacific Future , وقالت Fiame في كلمتها إن “العمل على استعادة وحدة أسرة المحيط الهادئ” جار بعد أن بدأت مجموعة دول Micronesia خطوات لترك منتدى جزر المحيط الهادئ  وأضافت قولها : “لقد كان وضعا مؤسفا ,ولكن بعد ذلك لا تعرف حقًا حتى يحدث ذلك وربما لم يفكر القادة في نتائج اتخاذ قرارات معينة ,عندما أصبح من الواضح أن الجانب الشمالي من المحيط الهادئ للعائلة يشعر بالاستبعاد , وأعتقد أن هذه كانت الرسالة التي تلقاها بقية القادة , ففي منطقة المحيط الهادئ نحن لا نتحدث عن إقصاء الناس ، فنحن مجتمع شامل لذا يمكنني القول إن العمل في طريقه بالفعل لإيجاد الآلية التي يمكن لعائلتنا في الشمال أن تعود إلى الحظيرة , وأضافت : “أن قادة المنتدى كانوا يجتمعون في يونيو وبحلول ذلك الوقت نأمل أن يتم حل القضايا المحيطة بالأعضاء الشماليين للمنتدى ”

توترت العلاقات بين ولايات ميكرونيزيا وأعضاء منتدى جزر المحيط الهادئ الآخرين بعد انتخاب Henry Puna رئيس وزراء جزر  Cook السابق أمينًا عامًا جديدًا للمنتدى عندما تم التغاضي عن مرشح Micronesia  العام الماضي  .

الــنتائج الــمحتــملـة :

1- تحتل جزر سليمان موقعًا مركزيًا على خط المواجهة بين الولايات المتحدة والصين في منطقة المحيط الهادئ , وتوقيع هذا الإتفاق مع جزر سليمان من شأنه أن تعزز القوة العسكرية لبكين في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية  ,  وتنظرالصين لمنطقة جزر المحيط الهادئ على أنها عنصر مهم في مبادرة الحزام والطريق (BRI) على وجه التحديد حيث تعتبر المنطقة مركزًا مهمًا للشحن الجوي في ما يسمى بطريق الحرير الجوي الذي يربط آسيا بأمريكا الوسطى والجنوبية ولكلا القوتين إستراتيجية مًُعلنة للمحيطين الهادئ والهندي , وأصدرت الحكومة الأمريكية استراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في فبراير 2022 ، وتوضح فيها أولويات سياستها في المنطقة وتستند هذه الوثيقة إلى مفهوم “الحرية المفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ” وهو المبدأ الذي أعلنه الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2017, وتشير هذه الاستراتيجية إلى مخاوف الولايات المتحدة تجاه الصين ، وتؤكد علي أن “التركيز الأمريكي المكثف يرجع جزئيًا إلى حقيقة أن الهند تُواجه  في المحيط الهادئ تحديات متزايدة لا سيما من جمهورية الصين الشعبية والهند واقعة في نطاق ولاية القيادة العسكرية الأمريكية للمحيطين الهادئ والهندي , هذا وقد طرحت الخارجية الأمريكية مبادرة الردع في منطقة المحيط الهادئ وفيها اولت الصين أولوية باعتبارها التحدي والعاجل   .

2- التأثير سلباً علي قوة التحالف الثلاثي بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة   AUKUSالمُعلن في 15 سبتمبر2021 والذي مداه العملي منطقة المُحيط الهادئ , إذ أن اقامة الصين لقاعدة عسكرية محتملة في جزر سليمان باللتأكيد سيعزل أستراليا عن الولايات المتحدة ويجعل من حركة القطع البحرية للدول الثلاث غيرحرة في المحيطين الهادئ والهندي كما كانت من قبل   . (للولايات المتحدة حوالي 800 قاعدة ومنشأة عسكرية في أكثر من 40 دولة علي الأقل بالعالم)

3- أعتقد – بالنسبة لأستراليا والولايات المتحدة واليابان والديمقراطيات الغربية الأخرى والدول الجزرية الأخرى في المحيط الهادئ – أنه يجب عليهم محاولة العمل مع جزر سليمان للتأكد من أن الإجراء الثاني سلمي ويحمي سيادة جزر سليمان  وسيادة وحرية اتخاذ القرار للدول الجزرية الأخرى في المنطقة “.

4- من المؤكد أن التصريحات غير العادية بعد توقيع الإتفاق الأمني بين الصين وجزرسليمان تسلط الضوء على كيف بدأت العلاقة بين  رئيس وزراء جزر سليمان Sogavare وكبار السياسيين والمسؤولين في كانبيرا في التفكك بالرغم من التصريحات العلنية من كلا البلدين بأن العلاقات الثنائية لم تتضرر بشكل دائم بسبب الاتفاقية الأمنية وذلك لأسباب مختلفة ليس أقلها أن أستراليا ضغطت على Sogavare دون جدوى للتخلي عن الاتفاقية مع الصين وانتقدت منذ ذلك الحين الافتقار إلى الشفافية حول المفاوضات  .

5- فيما يتشدق معظم الساسة الأسترايين والأمريكيين بروح مفهوم مبدأ  Monroe Doctrine فإنهم يدركون في نفس الوقت أنه في مقابل إعتقادهم هذا يدركون أن الصين الآن هي القوة العظمى الصاعدة المعنية فحجمها وموقعها الإقليمي ونهجها المختلف عن عقيدة Monroe Doctrine  التي تطبقها أستراليا بوسائل مختلفة علي جزر المحيط الهادئ المنثورة حولها , لابد أن يجري تخفيف الإعتقاد الأسترالي بها أو إستبدالها بمبدأ صالح لليوم فعقيدة Monroe Doctrine  الأسترالية هي مفارقة تاريخية أعادها الاتفاق الأمني ​​بين الصين وجزر سليمان إلى الحياة ولكن في مشهد جيوسياسي ومحلي مختلف تمامًا , فلم تكن الصين بهذه المكانة وقت نشوء مبدأ Monroe Doctrine , فسياسة أستراليا مازالت فيها أدران السياسة الإستعمارية ومازالت تعاني من الإنحراف الزمني خذ مثلاً  قضية المناخ فهو أكبر عجز في نهج أستراليا الحالي في المحيط الهادئ ودوله الجزرية  , وإتصالاً بذلك لأننا لابد أن  نقرأ ما قاله Trevor Sofield المفوض السابق (السفير) لأستراليا لدي جزر سليمان (1982-1985) أمام قمة أمنية عُقدت في أستراليا / كانبرا يوم 9 مايو2022 : إن الحكومة الأسترالية تفقد ثقة دول جزر جنوب المحيط الهادئ وهذا يمثل بداية نفوذ صيني أكبر فمن غير المعقول أن حكومة جزر سليمان لا تثق بأستراليا بما يكفي للتشاور عند النظر في اتفاقية أمنية ثنائية مع بكين لأول مرة , وهذا ما كان ليحدث قبل بضع سنوات , فأستراليا “ضلت طريقها” في المحيط الهادئ حيث عززت الصين نفوذها في المنطقة , كانت لدينا رؤية”. لقد كنت مدعومًا بحقيقة أنه إذا تمكنا من مساعدة هذه الحكومات في الوصول إلى الأمن الاقتصادي من خلال التجارة والمساعدات ، فبالتأكيد ستكون قادرة على إدارة شؤونها الخاصة , لكننا فقدنا تلك الرؤية وفقدنا تلك الثقة التي طورناها بمرور الوقت” , وأدان حزب العمال اليساري بزعامة Albanese اتفاقية بين الصين وجزر سليمان باعتبارها أسوأ فشل في السياسة الخارجية لأستراليا في المحيط الهادئ منذ الحرب العالمية الثانية  .

6- من الطبيعي أن تسعي الصين في ضوء علاقاتها التجارية المتسعة مع الدول الجزرية بالمحيط الهادئ بلا استثناء ومع نيوزيلاندا وأستراليا نفسها لإيجاد نقاط ثابتة أو قواعد لصيانة وحماية هذه العلاقات جنباً إلي جنب الشركات الإقتصادية المضطردة الإتساع هي الأخري ,  كما أن وفقاً للنهج العسكري البحت داخلة كطرف في النزاعات البحرية مع معظم الدول التي تشترك في البحار ، كما أنها تتطلع لتحقيق إسترتجيتها لفرض السيادة البحرية في وعلي بحرالصين والممرات والمضايق  وهي في سبيل تحقيق ذلكلن يقل شغفها البحري بالبحث عن نقاط أو قواعد عسكرية وبحرية ثابتة في المحيط الهندي أيضاً .

7- قد تنظر الولايات المتحدة إلي الإتفاق الأمني بين الصين وجزر سليمان إلي أنه تفريغ لمحتوي قياداتها العسكرية والسياسية العالمية وإجهاضاً لقياداتها العسكرية الجغرافية الست والثلاث الوظيفية علي مستوي العالم لأن هذا الإتفاق وببساطة ماهو إلا رسالة ضمنية للمنطقة وهي أن أمريكا لم يعد من الممكن الارتباط بها لممارسة القيادة , إذ من المستحيل للصين إيجاد مجال للنفوذ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بدون قواعد أجنبية لأنه بخلاف ذلك يكون مكلفًا للغاية ويصعب إبراز القوة العسكرية على مسافات بعيدة عن المنطقة   .

8- إذا كان لدى الصين في نهاية المطاف ترتيب قاعدة دائم مع حكومة جزر سليمان ، فسيكون الجيش الصيني قادرًا على الاختراق والمراقبة على مسافات أقرب بكثير تدفقات الموارد التجارية والعسكرية الأمريكية الرئيسية حركة المرور والتوجيه في مسافات في المحيط الهادئ ومنه إلي بحر الصين الجنوبي , وفي هذا الصدد لابد بداءة وكمثال أن نضع في الذهن أن الولايات المتحدة لديها حاليًا حوالي 300 غواصة وسفينة , فيما تمتلك الصين حوالي 350 غواصة وسفينة بالإضافة إلى عدد ضخم من سفن خفر السواحل والسفن المساعدة العاملة , وفي غضون السنوات الثماني المقبلة تمتلك الصين قاعدة الموارد الوطنية لبناء وتسليم السفن العسكرية في مدي يتجاوز بكثير قدرة القاعدة الصناعية الأمريكية لبناء وتسليم الغواصات والسفن السطحية , ومع استمرار سباق التسلح والمنافسة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين في غرب وجنوب المحيط الهادئ ، فإن ما نشهده هو إنشاء دوائر إضافية متحدة المركز ذات صلة بالجيش من مصالح القوى العظمى ، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الــ  Deep Blue Pacific Ocean  .

9- تتحك الصين في منطقة نفوذ بحري وعسكري أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية , وهي الآن تواجه منافسة قد ترقي إلي مستوي المنافسة الشرسة من الصين الشعبية في المحيط الهادئ بل وصلت منافسة الصين الشعبية لمنطقة نفوذ عسكري وساسي أمريكي في البحر الكاريبي ولهذا تعتبر العسكرية الأمريكية الصين هي الخصم أو العدو رقم واحد فالصين الشعبية تسعي إلى إنشاء موانئ في المياه العميقة لجامايكا ولجمهورية الدومينيكان وللسلفادور وللأرجنتين وأماكن أخرى(قطعت نيكاراجوا في ديسمبر 2021علاقاتها الدبلوماسية بتايوان لصالح الصين الشعبية وهو قرار عكسي لقرار الرئيس النيكاراجوي السابق  Ortegaعام 1985 نقضته بعد 5 سنوات رئيسة نيكاراجوا التالية Violeta Chamorro , وقد أثارت موافقة ليتوانيا الدولة المطلة على بحرالبلطيق – من بين أمور أخرى – علي فتح مكتب تجاري لتايوان غضب الصين كما قامت دول أخرى في أوروبا الشرقية التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي بتعميق روابطها الاقتصادية والثقافية مع تايوان) , والمؤكد أن هناك حضوراً متزايداً للشركات الصينية بالقرب من قناة بنما ومنطقة التجارة الحرة في Colon , وقد صُممت هذه الموانئ للمساعدة في إشباع رغبة الصين من الغذاء والموارد ، مما يلحق ضررًا حقيقيًا ببيئة المنطقة ويساهم في إزالة الغابات في منطقة الأمازون , كما أن التعدين غير القانوني وقطع الأشجار مع الإشراف البيئي المتراخي والصيد الجائر له تأثير مدمر أيضاً , إضافة إلي أن مئات سفن الصيد الصينية تنتشر فيه قبالة سواحل الإكوادور لتشمل محمية Galapagos البحرية وفي بيرو وتشيلي والأرجنتين حيث تقوم سفن صيد صينية بإلقاء شباكها واستنزاف الأسماك من السكان المحليين , وفي الواقع فمعظم الإدارات الأمريكية المُتعاقبة لم تعتن بالفناء الخلفي للولايات المتحدة والذي يبدأ من المكسيك حتي شيلي بأمريكا الجنوبية بصفة مُتكاملة ,     وفي هذه الظروف تسعي الصين لتحقيق زيادة كبيرة في التجارة والاستثمار مع دول هذه القارة , ولهذا دعا المشرعون والخبراء الإقليميون الرئيس Joe Biden لإنتهاج سياسة تقوي الإستثمار والتواجد العسكري الأمريكي هناك , وقال الأدميرال Craig S. Faller قائد القيادة الجنوبية للولايات المتحدة في تصريحات نشرها موقع POLITICO في 8 ديسمبر 2021: ” لدي إحساس قوي بالمخاطر والفرص الأمنية التي يشكلها نفوذ الصين المتزايد ونشاطها في نصف الكرة الغربي وهذا يشمل البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات إلى الأصول الفضائية والمراكز الثقافية ومساعدات Covid-19 , كما أن الصين قدمت فرصًا تعليمية عسكرية واسعة النطاق ومنحًا دراسية للهندسة الإلكترونية وحزم تعاون أمني سنوية بدون قيود تتجاوز في كثير من الحالات قيمة البرامج المماثلة التي يقدمها الشركاء الغربيون بما في ذلك الولايات المتحدة , كما أن بكين أكثر ارتياحًا في التعامل مع الأنظمة الاستبدادية مثل أنظمتها , وسلوك جمهورية الصين الشعبية في فنزويلا مثال على ذلك فليس من قبيل المصادفة أن تقدم الشركات الصينية الهدايا والعمولات لدفع عجلة القيادة أثناء التعامل مع نظام Maduroالذي ينتهك حقوق الإنسان” – حسب زعم الأمريكيين – , وأشار الأدميرال  Fallerإلي نقطة أخري في غاية الأهمية تتعلق بسعي الصين لتعويض نقص الموارد المائية لديها بالسعي للإستحواز علي أراض زراعية بمنطقة دول الكاريبي وأمريكية الجنوبية وشرح ذلك بقوله : ” إن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بهما30 % من المياه العذبة في العالم فيما لدي الصين أكثر من 18 % من سكان العالم بينما مواردها المائية تمثل 8 % فقط من المياه العذبة بالعالم وهذا يُفسراهتمام الصين المتزايد بأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي فكلاهما يوفران المياه والأراضي الصالحة للزراعة التي تشتد الحاجة إليها والتي يمكن أن تساعد الصين في إطعام سكانها لو إستغلته .

10- الموقف الحالي في المحيط الهادئ والإتفاق الأمني بين الصين الشعبية وجزر سليمان لاشك من الوجهة التكاليفية والوجهتين الساسية والعسكرية يؤثر علي ال‘باء العسكرية والسياسية الأمريكية في أوكرانيا والشرق الأوسط وربما ملفات أخري فللولايات المتحدة طاقة ومدي Span محدد أو له حدود ومن ثم ففي تقديري أن العقوبات المفروضة علي روسا عقاباً علي حربها علي أوكرانيا هي بالقطع آخر المدي للولايات المتحدة وحلفاءها وأتوقع بناء علي هذا ميل الكيان الصهيوني للتهدئة أو علي الأكثر تقصير فترة المواجهة المُسلحة – إن حدثت لاقدر الله تعالي – كما أن وكالة المخابرات الأمريكية ستُراقب بدقة وربما بعمق التحرك الصيني في الشرق الأوسط والعسكري البحري تحديداً , خاصة وأن هناك دول أو اشباه دول عربية آيلة للسقوط قريباً .

الـــخــلاصــــة :

هناك مفهومين للأمن القومي يتزامنان في توقيت واحد مدهش ومثير مفهوم للأمن القومي تمارسه روسيا الإتحادية في أوكرانية من خلال عملية عسكرية منزوعة الأخلاق تمارس فيها الضم والإلحاق لأقليم دونباس وربما الإنفصال عن جمهورية أوكرانيا في دونباس وأقاليم أخري مُستقبلاً , وقصف العاصمة كييف المهم أن روسيا تحت حماية أمنها القومي تمنع أوكرانيا من الإنضمام لحلف NATO والتصرف كدجولة مُستقلة , مع أنها تجاورالصين ولا تستطيع إملاء أمر عليها  رغم بعض الخلافات الحدودية بينهما والصين تجاور الهند ولا تستطيع منعها من أتيا تصرفات سياسية وإستراتيجية معينة فهي القوة إذن, أما الولايات المتحدة وأستراليا بدرجة أقل فيعتبران الدول الجزرية في المحيط الهندي أوقافاً تابعة لهما أو حكراً عليهما بصفة حصري لا ينبغي لأحد الإقتراب من هذه الجزر فهي مسألة أمن قومي أمريكي وأسترالي ممنوع علي الصين مساسه .

هنك مفهومين للأمن القومي تمارسهما الولايات المتحدة وروسيا بحرية تامة وكلا المفهومين لو مارست أحدهما فالمفهوم الآخر يتعري وينكشف وكلاهما خطأ بصفة منفردة لكنه عالم الأقوياء وهو ملئ بالتصرفات الشاذة التي لا تتفق مع القانون الدولي ولا القانون الإنساني .

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=81979

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M