مواقف القوى السياسية في العراق من تجدد القتال الفلسطيني الإسرائيلي

د. أسعد كاظم شبيب

 

تجدد القتال منذ التاسع من تشرين الأول 2023 بين الفصائل الفلسطينية في مدينة غزة من جهة وبين الكيان الإسرائيلي من جهة اخرى، إثر عمليات نوعية اقامت بها مجموعات تصنف على المقاومة الفلسطينية عرفت بعملية (طوفان الأقصى)، خسر جراؤها الكيان الإسرائيلي مئات القتلى وعشرات الجرحى والمصابين، في قبال ذلك رد الجيش والمجموعات الأمنية الإسرائيلية بعنف ووحشية بقتل مئات الأبرياء العزل من بينهم الأطفال والنساء، وكذلك الاجهاز على الاسرى بطرق وحشية لم يشهد لها العالم من مثيل في الوقت الحاضر وربما ترتقي الى الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم داعش.

من جانب ثاني لا تزال حالة العدوان الإسرائيلي مستمرة وتتباين معها شدة المواقف العالمية والعربية والعراقية كذلك، فقد ادانت كل القوى الرسمية وغير الرسمية في العراق العدوان الذي يشنه الكيان الإسرائيلي بحق العزل من الناس في قطاع غزة، فقد ذكر المتحدث بأسم الحكومة العراقية السيد باسم العوادي: “ان العراق يؤكد موقفه الثابت، شعباً وحكومة، تجاه القضية الفلسطينية، ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق تطلّعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة، وأنّ الظلم واغتصاب هذه الحقوق لا يمكن أن يُنتج سلاماً مستداماً”. وأضاف “إنَّ العمليات التي يقوم بها الشعب الفلسطيني اليوم، هي نتيجة طبيعية للقمع الممنهج الذي يتعرض له منذ عهود مضت على يد سلطة الاحتلال الصهيوني، التي لم تلتزم يوماً بالقرارات الدولية والأممية”، مشيراً الى “ندعو المجتمع الدوليّ أنْ يتحرك لوضع حدّ للانتهاكات الخطيرة وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي مازال يعاني الاحتلال وسياسات التمييز العنصريّ والحصار والتجاوز على المقدسات وانتهاك القيم والمبادئ الإنسانية”. وحذر العوادي بحسب البيان “من استمرار التصعيد داخل الأراضي الفلسطينية؛ لأنه سينعكس على استقرار المنطقة، فيما دعا جامعة الدول العربية إلى الانعقاد بصورة عاجلة لبحث تطورات الأوضاع الخطيرة في الأراضي الفلسطينية”.

من جانبه وبعد مرور سبعة أيام على الاشتباك الفلسطيني الاسرائيلي قرر مجلس النواب العراقي اعلى سلطة تشريعية في البلاد مناقشة الوضع في قطاع غزة. حيث رفض رؤساء الكتل النيابية الجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي من مجازر إبادة بحق الشعب الفلسطيني، وادانوا الممارسات الوحشية والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ودعا مجلس النواب جامعة الدول العربية لعقد جلسة طارئة لإدانة العدوان على غزة وفتح ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية إلى قطاع غزة، وسوف يقوم مجلس النواب في ذات الوقت بالتصويت على التوصيات الخاصة بمناقشة القصف الوحشي على قطاع غزة.

وقبل الانتقال الى مواقف القوى السياسية لابد من الوقوف على مواقف الحكومة العراقية، ومجلس النواب آنفت الذكر فيبدو ان موقف الحكومة وان ادان الوحشية الإسرائيلية من قصف وقتل واعتقال واعدامات الا انه يبدو موقفاً خجولاً واكثر رسمية، وقد يبدو قريباً حتى الى مواقف الحكومات العربية التي غالباً من انها لا تريد ان تحرج نفسها امام القوى الداعمة للكيان الإسرائيلي مثل الولايات المتحدة الامريكية، وهذا الموقف يكاد يكون انعكاس لموقف مجلس النواب لاسيما وان القوى الرئيسة وان كانت قريبة من ما يسمى بمحور المقاومة الذي تكون فيه ايران بمثابة قطب الرحى، وهي داعمة ومحرك أساس للصراع الدائر في فلسطين لأسباب عديدة ابزرها حالة الصراع المستمرة مع الولايات المتحدة وصعود قوى عالمية أصبحت تنافس الولايات المتحدة الامريكية مثل روسيا والصين والهند او ما يعرف بعالم متعدد الاقطاب.

من جانبها تعاطفت القوى السياسية من أحزاب وكتل وتحالفات سياسية مع المقاومة الفلسطينية ومن ذلك ما جاء في بيانات قوى الإطار التنسيقي، وعدد من القوى الكردية، والقوى السنية كما ادانت القوى الليبرالية واليسارية العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، وهذا ما جاء من خلال البيانات التي أصدرها الحزب الشيوعي وحركة الوفاق. وكان اقوى مواقف القوى السياسية والاجتماعية الإسلامية موقف التيار الصدري الذي نظم تظاهرة مليونيه في ساحة التحرير وسط بغداد في يوم الجمعة 13 تشرين الأول 2023، ودعا من خلالها زعيم التيار الصدري الى عدد من النقاط أهمها:

– التأكيد على مسارعة الدول العربية برفض وتجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وقطع العلاقات الدبلوماسية معه.

– رفض أي توجه امريكي جديد بخصوص الشرق الأوسط.

– تجديد الصدر بدعوته الى العراقيين بتحضير ما اسماه بـ”قافلة الطوفان” من الماء والطعام، وايصالها الى قطاع غزة بعد التنسيق مع سوريا أو مصر، عادا أي تقاعس من هاتين الدولتين هو بمثابة خيانة للقضية الفلسطينية ودماء الشهداء.

ويبدو ان دعوة الصدر وتعبئته الشعبية هي الأكبر في العراق والأكثر وضوحاً بالقياس الى المواقف الأخرى، وتبدو أيضا ان هناك اهداف أخرى أراد من خلالها الصدر إيصال رسائله الى الداخل والخارج، ومن تلك الرسائل من ان تياره هو الأكثر نفوذاً وشعبية، وانه صاحب الأرض والميدان وقادر على تغيير موازين القوى متى ما أراد رغم انسحابه من العملية السياسية ومن مجلس النواب في تشرين الأول من العام الماضي.

 

.

رابط المصدر:

https://www.mcsr.net/news851

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M