التوترات الدولية وتأثيرها على العلاقات الروسية الهندية: تحليل للمخاوف الغربية والفرص الاقتصادية

كانت السلطات الروسية على دراية تامة في حال شن الحرب على أوكرانيا بأنها سوف تواجه ضغوطات غربية حادة وجدية، وفي مقدمتها العقوبات الاقتصادية لتأطير طموحاتها في المنطقة، وعلى الرغم من أن هذه العقوبات قد بدأت بفرضها بعد أن سيطرت روسيا على جزيرة قرم عام 2014، إلا أنها اشتدت بالتدخل العسكري في أوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022، وما تلتها من إطلاق سلسلة متعاقبة من حزمات العقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، والتي وصلت في مطلع سبتمبر/أيلول 2023 إلى 12 حزمة، مما دفع الحكومة الروسية إلى توطيد علاقتها مع دول آسيا عموماً وآسيا والوسطى، وعلى وجه التحديد دول الاقتصادات الصاعدة والسريعة النمو، كالصين والهند، التي كان يسود علاقاتها مع هذه الدول نوع من التوتر والفتور على كافة الأصعدة، وهذا ما أشار إليه أغلب المختصين والمتابعين في هذا الشأن حول عدم تطابق الرؤى والتوجهات بين موسكو ونيودلهي في العديد من القضايا الأوروبية والآسيوية والعالمية المهمة، من أوكرانيا إلى أفغانستان، ومن مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى القمة الرباعية  وإلى مفهوم المحيطين الهندي والهادئ، مما أدى إلى تقليل الثقة المتبادلة التي كانت دائماً أساساً متيناً للعلاقات الثنائية، مرت العلاقات الثنائية بفترة من التوتر الشديد. إذ انخفضت، على مدى السنوات الخمس الماضية، حصة روسيا من واردات الدفاع الهندية من 60% إلى 45% ، فالهند دولة كبيرة وذات كثافة سكانية عالية ولديها الإمكانيات الصناعية الممتازة، وهي تهتم في توثيق طبيعة العلاقات الاستراتيجية ما بينها وبين موسكو، فهي تستغل رخص أسعار توريد مصادر الطاقة الروسية التي ستشكل عصب نجاحها مستقبلاً، فالعالم ما زال يعتمد على الوقود الأحفوري، ولا يمكن التحول إلى الطاقة المتجددة في الوقت الحالي بسهولة.
أوكرانيا سبب في الاندفاع الاقتصادي بين روسيا والهند!
أظهرت المؤشرات الاقتصادية تحسناً ملحوظاً في العلاقات الاقتصادية والتجارية في أعقاب العمليات العسكرية الروسية تجاه أوكرانيا في عام 2022، إذ أشار نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، إلى أن 40% من صادرات روسيا من النفط ومشتقاته في عام 2023 توجهت إلى الهند، بعد أن بذلت روسيا وشركاتها النفطية جهوداً كبيرة لإعادة توجيه إمدادات موارد الطاقة نحو آسيا، بسبب العقوبات الغربية المفروضة على قطاع الطاقة الروسية.
ومن الملاحظ أن مشتريات الهند من روسيا وصلت إلى 50 مليار دولار في عام 2022، وارتفعت إلى 54.7 مليار دولار خلال 10 أشهر من عام 2023، كما أعلنت الهند عن اتفاقيات مع روسيا لبناء وحدات في مشروع «كودانكولام» للطاقة النووية في ولاية تاميل نادو بجنوب البلاد. وتم أيضاً التباحث مع الجانب الروسي في مجال التكنولوجيا العسكرية، بما في ذلك إنتاج الأسلحة الحديثة، في هذا السياق، أكد سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إن التعاون الاستراتيجي مع الهند يخدم مصلحة البلدين، ويسهم في ضمان الأمن في القارة الأوراسية.
المصدر : https://www.bayancenter.org/2024/02/10786/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M