السنن الإلهية آيات التدبير والإعتناء كناظم للحياة الإنسانية الطيبة

حسن أحمد الهادي

 

تشغل السنن الإلهيّة حيّزًا واسعًا في البحوث والدراسات القرآنيّة، حيث يشكِّل فهمها دعامة أساسيّة من دعائم الفهم الشامل للإسلام. ويؤيّد هذا الكلام الآيات الكريمة الكثيرة التي تغطّي الحديث عن السنن والقوانين الإلهية في تدبير الحياة الطيبة للاجتماع الإنساني. ولعلّ اعتناء الكلام الإلهي بهذا الموضوع كأساس في عقيدة التوحيد، سوف يحفِّز على ضرورة أنْ يعتني به المسلمون، وأن يولوه من الأهمّيّة ما يستحقّ؛ مثله مثل بقية مواضيع القرآن العظيم.

المحرر


القرآن الكريم هو الحجّة القاطعة بيننا وبين الله تعالى، التي لا شكّ ولا ريب فيها، فهو كلام الله الذي أنزله على عبده ورسوله محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان يعرضه على أمين الوحي في كلّ شهر من شهور رمضان للتأكّد من سلامته مبنى ومعنى[1]، وقد بلَّغ نبيُ الإسلام القرآن الكريم تبليغًا كاملًا باتّفاق المسلمين، وأمر بحفظه وكتابته وجمعه حال حياته، وأنّ ما بين الدفتين والمتداول بين المسلمين منذ عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لم يزد فيه ولم ينقص منه، وهذا ما يؤكِّده علماء المسلمين بعبارة جامعة: «واعلم أنّ الحقّ المحقّق المبرهن بالبراهين القطعيّة من العقليّة والنقليّة أنّ ما في أيدي الناس من القرآن الكريم هو جميع ما أنزل الله -تعالى- على رسوله خاتم النبيّين محمّد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وما تطرّق إليه زيادة ونقصان أصلًا[2].

مكانة القرآن العقدية

من المتفّق عليه أنّ القرآن لم ينزل على الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، دفعةً واحدةً؛ كما نزلت الكتب السماويّة الأخرى السابقة، وإنّما نزل متدرِّجًا ومفرَّقًا؛ حسب الحوادث والوقائع ومقتضيات التشريع بعد نزوله على قلب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، مرّة واحدة، ولهذا الأمر فلسفة خاصّة ليس هنا محلُّ بحثها.

وإنّ ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه كلاهما منزَّل من عند الله تعالى، ووظيفة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، إنّما هي تلقّيه عن الله -تعالى-، وتبليغه إلى الناس، وبيان ما يحتاج منه إلى بيان، فإنّ الرأي الصحيح الذي عليه عامّة أهل التحقيق هو أنّ القرآن الكريم نزل من عند اللّه بألفاظه نفسها التي قرأها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)،على الناس، وهذا يجعل لتلك الألفاظ قدسيّة، يتعبّد بتلاوتها، ولا يجوز تبديلها بغيرها، ولا التصرّف فيها، حتّى بالمرادفات…، ولأجل ذلك اتّصف اللفظ القرآني بالإعجاز البلاغيّ، ولو كان من صياغة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لما اختلف عن الحديث القدسي صياغةً، ومن وجهة نظر بلاغيّة على الأقلّ، ولما اختلف عن مطلق الحديث الذي تحدّث به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)،، مع أن كلًّا منهما له من الخصائص والأسلوب ما يميّزه عن الآخر.

ويشهد على كون القرآن نازلًا بلفظه من عند اللّه تعالى، توجيه الخطاب في كثير من آياته إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بعبارة (قل)؛ حيث تكرّرت في أكثر من ثلاثمائة مورد؛ ما يدلّ على عدم تدخّل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، في صياغة الوحي، فهو مُخَاطَب به لا متكلّم، حاكٍ لما يسمعه لا مُعبّر. قال تعالى: (… إِنَّ عَلَينَا جَمعَهُ وَقُرءَانَهُ فَإِذَا قَرَأنَٰهُ فَاتَّبع قُرءَانَه)[3].

ويقول الله -سبحانه وتعالى- في محكم كتابه: (إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا ٱلذِّكرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ)[4] فهذه الآية الشريفة تدلّ دلالة تامّة على سلامة القرآن الكريم وصيانته وحفظه من التغيير والتحريف اللفظيّ، قال العلّامة الطباطبائي في تفسيره الآية المتقدّمة: «… فهو ذِكْر حيّ خالد مصون من أنْ يموت ويُنسَى من أصله، مصون من الزيادة عليه؛ بما يبطل به كونه ذِكْرًا، مصون من النقص كذلك، مصون من التغيير في صورته وسياقه؛ بحيث يتغيّر به صفة كونه ذِكْرًا للّه، مبيّنًا لحقائق معارفه، فالآية تدلّ على كون كتاب اللّه محفوظًا من التحريف، بجميع أقسامه؛ بجهة كونه ذِكْرًا للّه سبحانه، فهو ذِكْر حيّ خالد»[5] ويقول آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي في الآية نفسها: «فإنّ في هذه الآية دلالة على حفظ القرآن من التحريف، وأنّ الأيدي الجائرة لن تتمكّن من التلاعب فيه»[6].وقريب من هذا الكلام صدر عن الفخر الرازي، والفيض الكاشاني، والشيخ الطبرسي، وغيرهم.

وإنّ القرآن الكريم نقل إلينا بطريق التواتر؛ كتابةً في المصاحف، وحفظًا في الصدور، فقد نقله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، جموع غفيرة يستحيل تواطؤهم على الكذب أو الوهم أو الخطأ؛ أبرزهم: الإمام علي، ومجموعة من الصحابة الأخيار، بالإضافة إلى مجموعة من العلماء والفقهاء؛ وصولًا إلى عصرنا، حيث وصل إلينا مكتوبًا في المصاحف.

ولا شكّ في كون القرآن الكريم المصدر الأوّل للشريعة المقدّسة، بل هو أدلّ المصادر التشريعيّة وأهمّها على الإطلاق، وأنّه اشتمل على آيات تضمّنت القواعد العامّة في التشريع وبعض الأحكام الشرعيّة. قال الله -تعالى-: (وَنَزَّلنَا عَلَيكَ ٱلكِتَٰبَ تِبيَٰنا لِّكُلِّ شَيء)[7] وقال ـ تعالى-﴿مَّا فَرَّطنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيء[8]، وهذا لا يعني أنّه يحيط بكلّ جزئيّات الوقائع والحوادث ونصّ على تفاصيل أحكامها، بل هو تبيان لكلّ شيء؛ من حيث إحاطته بجميع الأصول والقواعد والكلّيّات، التي لا بدّ منها في كلّ قانون أو نظام؛ كوجوب العدل والمساواة، ورعاية الحقوق، وأداء الأمانات والوفاء بالعقود والعهود…، وما إلى ذلك من المبادئ العامّة التي لا يستطيع أن يشذّ عنها نظام يُراد به صلاح الأمم وسعادتها، وقد ورد عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق قوله: «إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء حتّى ـ والله ـ ما ترك الله شيئًا يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا أُنزل في القرآن، إلاّ وقد أنزل الله فيه»[9].

وفي رواية عنه -أيضًا- قال: «إنّ القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع سنن وأحكام، وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم»[10]ومن الواضح كون الحلال والحرام من الأحكام الفقهيّة، فطبقًا لهذه الرواية تكون آيات الأحكام نصف القرآن تقريبًا، وإنْ زدنا عليه السنن والأحكام الواردة في الربع الثالث وبعض ما ورد في الربع الأخير- وهو فصل ما بينكم- فتصير آيات الأحكام أكثر من ثلاثة أرباع القرآن.

ولكنْ يمكن فهم هذه الروايات وغيرها في الجملة على أساس أنّها ليست ناظرة إلى التقسيم من جهة الكمّ ولا من جهة عدد الآيات، بل ناظرة إلى التنويع، أو على أساس أنّ المراد بالحكم هنا الأعمّ من الفقهيّ، بل يمكن إضافة وجه ثالث، وهو كون هذه الروايات ناظرة إلى الآيات التي يستفاد منها حكم شرعيّ في نفسها، وإنْ خفي علينا ذلك أحيانًا؛ لقصور علمنا، لكنّه مبيَّن بالنسبة إلى المعصومين.

ما هي السنن القرآنيّة؟

وردت كلمة سنّة في اللغة العربيّة، وكان العرب يستعملونها في محاوراتهم وأحاديثهم، ثمّ أتى الإسلام ونزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،، وأخذت هذه الكلمة معنًى جديدًا، فهي كانت تدلّ في لغة العرب على الصبّ والجريان؛ وهو المعنى الأصليّ لهذه الكلمة: «سننت الماء على وجهي أسُنّه سنًّا: إذا أرسلته إرسالًا، ثمّ اشتقّ منه رجلٌ مسنون الوجه؛ كأنّ اللحم قدّ سُنّ على وجهه. والحمأ المسنون من ذلك، كأنّه قد صُبّ صبًّا»[11]. ثمّ تطوّر هذا المعنى وصار يُستعمل في القوانين التي يجري عليها الفعل الإلهيّ في المجتمعات الإنسانيّة؛ سواء كان ذلك في عالم التشريع أو في عالم التكوين. ويشير العلامة المصطفوي إلى هذا التحوّل في معنى السنّة من جريان الماء إلى جريان القوانين والأوامر والأحكام الإلهيّة بقوله: «جريان أمر منضبط؛ سواء كان هذا الأمر وجريانه في ظهور صفة أو عمل أو قول، وتختلف باختلاف الموارد… وسُنّة الله تعالى: جريان من ظهور صفاته على ضوابط مخصوصة، وهذه الضوابط تختلف باختلاف كلّ صفة وبمقتضى خصوصيّاتها»[12].

ويرى الشهيد الصدر أنّ القرآن كشف عن اهتمامه بما يسمّيه بالسنن التاريخيّة بأكثر من طريقة، فمرّة يخبرنا القرآن الكريم عن خضوع التاريخ البشريّ لمجموعة من القوانين والسنن على نحوٍ عامٍّ، وثانية يخبرنا عن سننٍ بعينها من خلال ذِكْر المصاديق والأمثلة لهذه السنن، وثالثة يمزج القرآن بين النظريّة والتطبيق بحيث يبيّن المفهوم الكلّيّ في إطار المصداق، ورابعة يدعونا إلى النظر في التاريخ والتأمّل في مصائر الأمم الغابرة؛ كي نكتشف القانون ونَعِي السنّة[13]. ومن أمثلة القسم الأوّل قوله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَل فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُم لَا يَستَأخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَستَقدِمُونَ)[14]. ومن أمثلة القسم الثاني قوله -تعالى-: (وَلَقَد كُذِّبَت رُسُل مِّن قَبلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَىٰهُم نَصرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّـه)[15]. ومن أمثلة الحثّ على النظر في مصائر الشعوب السابقة قوله -تعالى-: (أَفَلَم يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرضِ فَيَنظُرُواْ كَيفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبلِهِم)[16].

أهمّيّة السنن الإلهيّة في القرآن الكريم:

إنّ معرفةُ السننِ الإلهيّةِ وإمعانُ النظرِ فيها واستحضارها؛ من أعظم أسباب حياة القلبِ وإيمانِه وإجلالهِ للخالقِ المدبّرِ-سبحانه-ففيه تلوحُ الحكمةُ ظاهرةٌ في أمرِ تدبيرِ الكونِ ونظامِه، وأنَّه جارٍ على تلك السننِ المحْكمةِ التي لا تتغِّيرُ ولا تتبَّدلُ، فأحداثُ التاريخ ِتعيدُ نفسَها وإنْ تغيرَّ شيءٌ من صورها وملامحها، فقراءتها واستقراؤها ممّا يسقي نَبْتَ المعرفةِ ويحُيي نورَ البصيرةِ، ويقوِّي روحَ اليقينِ في وعد اللهِ ووعيدِه وقدرتِه وانتقامِه، فلا بدَّ منْ ربطِ كلِّ ما يستجدُّ منْ حدثٍ له تعلقٌ بتلك السُّننِ بسابقِه، وإلحاقِ بعضِها ببعضٍ؛ لتكون سلسلةً متّصلةً مترابطةً، تَرسُم ُمنهاجًا واضحًا-حال التعامل مع المستجدات-وتعطي تفاؤلًا وأملًا في استشراف المستقبل وما عسى أن يبذل من خلاله!.

وتظهر أهمّيّة البحث في السنن الإلهيّة، ومعرفة شروطها وخصائصها، وانتظامها وتناسقها، في أنّ معرفتها تشكِّل منارةً لنا وهاديًا لتسخير الكون بكلّ ما فيه؛ من أجل فهم أشمل وأكمل للحياة، وبالتالي لامتلاك الأدوات المساعدة على استشراف المستقبل من خلالها، بما تتميّز بهمن الثبات والديمومة، إلا بما يقدّره الله؛ من أجل الابتلاء والامتحان للإنسان في هذه الأرض.

ومن الفوائد المهمّة -أيضًا- في دراسة السنن الإلهيّة أنّها تبعث الطمأنينة والوضوح في نفوس أتباع هذا الدين الإلهيّ، خاصّة وأنّنا نتحدّث عن هذه السنن من منظار القرآن الكريم، والذي يثبت لنا تاريخ البشريّة وما مرّ بها من أحداث ومجريات تجعل الإنسان قادرًا على أنْ يأخذ من هذه الأحداث تجارب صالحة تفيده في رسم مستقبله واستشرافه، وتحميه من الوقوع فيما وقع فيه غيره من البشر في سالف الأيام. وممّا لا شك فيه أنّ الطمأنينة الفردية والاجتماعية تؤسِّس لمجتمع محصَّن وقويٍّ على المستوى الفكري لجهة الثبات على المبادئ الدينية في الموقف والدفاع والمواجهة، وعلى مستوى الحياة الاجتماعيّة وفق منظومة الحياة الطيّبة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون)[17]، فالإحياء هنا بمعنى إلقاء الحياة في الشيء وإفاضتها عليه، وفيها دلالة على أنّ الله سبحانه يكرِّم المؤمن الذي يعمل صالحًا بحياة جديدة غير ما يشاركه سائر الناس من الحياة العامّة، وما في الآية من طِيب الحياة يلازم طِيب أثرها؛ وهو القدرة والشعور اللتان تتفرّع عليهما الأعمال الصالحة، وهما المعبَّر عنهما في القرآن الكريم بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به)[18] (وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ)؛ فإنّ المراد من هذا النور العلم الذي يهتدي به الإنسان إلى الحقّ في الاعتقاد والعمل قطعاً. وهذه حياة خاصّة كريمة لها آثار خاصّة ملازمة لسعادة الإنسان الأبديّة[19].

إذاً “الحياة الطيبة”  في هذه الدنيا هي النتاج الطبيعيّ للعمل الصالح النابع من الإِيمان، أيْ أنّ المجتمع البشريّ سيعيش حينها حياةً هادئةً مطمئنةً ملؤها الرفاه والسلم والمحبّة والتعاون، وفي أمان من الآلام الناتجة عن الاستكبار والظلم والطغيان وعبادة الأهواء والأنانيّة التي تملأ الدنيا ظلامًا وظلامات[20] هذا إضافة إلى الجزاء الأحسن في عالم الآخرة.

وإنّ الحديث عن الآثار الناتجة عن نمط الحياة الإسلاميّ الموصوف في القرآن الكريم بالحياة الطيّبة، يتركّز في بعدين أساسيّين في حياة الإنسان:

الأوّل: البعد التربويّ: ويرتكز هذا البعد على ما تتربّى عليه شخصيّة الإنسان في الجوانب العقديّة والإيمانيّة والروحيّة، لذلك “يتعلّق قلبه بربّه الحقّ الذي هو يحقّ كلّ حقّ بكلماته، فلا يريد إلا وجهه، ولا يحبّ إلا قربه، ولا يخاف إلا سخطه وبُعده، يرى لنفسه حياة طاهرة دائمة مخلّدة لا يدبّر أمرها إلا ربّه الغفور الودود، ولا يواجهها في طول مسيرها إلا الحسن الجميل، فقد أحسن كلّ شيء خلقه، ولا قبيح إلا ما قبّحه الله من معصيته. فهذا الإنسان يجد في نفسه من البهاء والكمال والقوّة والعزة واللذة والسرور ما لا يقدَّر بقَدَر، وكيف لا؟ وهو مستغرِق في حياة دائمة لا زوال لها، ونعمة باقية لا نفاد لها ولا ألم فيها ولا كدورة تكدرها، وخير وسعادة لا شقاء معها[21].

الثاني: البعد السلوكي الفرديّ الاجتماعيّ: ويرتبط بالنتائج والثمار التي تنعكس على مناحي الحياة كافّة وتتحوّل إلى ثقافة يعيشها الإنسان في سلوكه الفرديّ والاجتماعيّ، وعلى هذا الأساس يتحمّل الفرد المسؤوليّة المجتمعيّة، ويعمل على إصلاح مجتمعه والمشاركة الفاعلة فيه، وتبرز المظاهر والنماذج الإسلاميّة في أنماط الحياة الاجتماعيّة في السلوك الفرديّ والاجتماعيّ والمؤسّساتيّ، وينسجم نمط العيش والسلوك الاجتماعيّ مع القيم المعياريّة للإسلام، وتصبح آثار النمط الإسلاميّ ونتائجه في الحياة الطيّبة جليّة ومتجسّدة في سلوك الفرد والمجتمع معًا.

وكذلك فإنّ العلم بسنن الله -تعالى- الكونيّة العامّة يعتبر طريقًا إلى العلم بسنن الله الخاصّة في المجتمع البشريّ، ومعرفة تقلّبات الحياة فيه، ومعرفة تطوّره، ومعرفة عوامل هذا التطوّر، ومعرفة مدى سلطان السنن الإلهيّة على هذا المجتمع؛ لأنّ العلم بهذه السنن؛ عامّها وخاصّها، هو القيّم على توجيه الحياة وتصريفها؛ بما وضع الله في خصائصها من طاقات لتصوير الظواهر الكونيّة ودوافعها القريبة أو البعيدة، وهذا العلم بالسنن الإلهيّة هو الذي وضع المجتمع الإسلاميّ في مكان الصدارة من الحياة يوم كان العلم بأوسع معانيه هو القائد لهذا المجتمع، فطاف آفاق السماوات والأرض؛ نظّارًا باحثًا يستشف الحقائق الكونيّة من وراء السجف، فيكشفها له القرآن ويهديه إلى أصولها[22].

و”إنّ إرشاد الله إيّانا إلى أنّ له في خلقه سننًا، يوجب علينا أنْ نجعل هذه السنن علمًا من العلوم، لنستلهم ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه، فيجب على الأمّة في مجموعها أن يكون فيها قوم يبيّنون لها سنن الله في خلقه، كما فعلوا في غير هذا العلم من العلوم والفنون التي أرشد إليها القرآن بالإجمال، وقد بيّنها العلماء بالتفصيل؛ عملًا بإرشاده؛ كالتوحيد، والأصول، والفقه، والعلم بسنن الله تعالى من أهمّ العلوم وأنفعها، والقرآن يحيل عليه في مواضع كثيرة، وقد دلّنا على مأخذه من أحوال الأمم، إذ أمرنا أن نسير في الأرض؛ لأجل اجتلائها، ومعرفة حقيقتها”[23].

لهذا كلّه تشغل السنن الإلهيّة حيّزًا واسعًا في البحوث والدراسات القرآنيّة، بل إنّ فهم السنن الإلهيّة يشكِّل دعامة أساسيّة من دعائم الفهم الشامل للإسلام، وتؤيّد هذا الكلام الآيات الكريمة الكثيرة التي تغطّي الحديث عن السنن الإلهيّة، وفي هذا ما فيه من أهمّيّة لهذا الموضوع، وتلك العناية والرعاية بهذا الموضوع من القرآن الكريم، إشارة واضحة على ضرورة أنْ يعتني به المسلمون، وأن يولوه من الأهمّيّة ما يستحقّ؛ مثله مثل بقية مواضيع القرآن العظيم.

مداليل السنن القرآنيّة:

وردت كلمة سنّة في القرآن الكريم مرّات عدّة في سياقات مختلفة؛ منها، وربّما أكثرها، بمعنى المنهج والسيرة التي يجريها الله على بعض المجتمعات الإنسانيّة. ومن أمثلة ذلك الآيات الآتية:

1 – قال الله -تعالى-: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغفَر لَهُم مَّا قَد سَلَفَ وَإِن يَعُودُواْ فَقَد مَضَت سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينَ)[24].يقول السيّد الطباطبائي في تفسير هذه الآية والسنّة هي الطريقة والسيرة. أمر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، أن يبلّغهم ذلك، وفي معناه تطميع وتخويف، وحقيقته دعوة إلى ترك القتال والفتنة ليغفر الله بذلك… فإنْ لم ينتهوا عمّا نهوا عنه فقد مضت سنّة الله في الأولين منهم؛ بالإهلاك، والإبادة، وخسران السعي”[25].

2 – قال الله -تعالى-: (وَإِن كَادُواْ لَيَستَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرضِ لِيُخرِجُوكَ مِنهَا وَإِذا لَّا يَلبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلا سُنَّةَ مَن قَد أَرسَلنَا قَبلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحوِيلًا)[26]. وفي هذه الآية يبيّن الله -عزّ وجلّ- أيضًا طريقته ومنهجه في التعامل مع الذين يحاولون الصدّ عن سبيله؛ بإخراج رسله  من ساحة دعوتهم وتبليغهم. وتقضي هذه الطريقة بأنّ المخرِجين سوف يستأصلهم الله من الأرض التي أخرجوا منها رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)،ويفكّك وحدتهم الاجتماعيّة التي كانت تربط بينهم وتدفعهم إلى ما أقدموا عليه من عدوان.

3 – قال الله -تعالى-: (وَأَقسَمُواْ باللَّـه جَهدَ أَيمَٰنِهِم لَئِن جَاءَهُم نَذِير لَّيَكُونُنَّ أَهدَىٰ مِن إِحدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُم نَذِير مَّا زَادَهُم إِلَّا نُفُورًا ٱستِكبَارا فِي ٱلأَرضِ وَمَكرَ ٱلسَّيِّء وَلَا يَحِيقُ ٱلمَكرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهلِه فَهَل يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَبدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّه تَحوِيلًا)[27].وتشبه هاتان الآيتان سابقتهما من حيث المضمون؛ وذلك أنّ الله في هاتين الآيتين يهدّد المستكبرين الذين يقسمون على الاهتداء، ولكنّهم بعد ذلك يستكبرون ويمكرون بالمنذرين الذين يأتون إليهم من قبل الله تعالى، يهدّدهم بما تقتضيه الطريقة والسنّة الإلهيّة في التعامل مع الأمم التي سبقتهم، ويلفت نظرهم في الآيتين اللاحقتين إلى هاتين الآيتين ويدعوهم إلى السير في الأرض والاعتبار بما جرى على الأوّلين وبالقوانين التي طبّقها الله -عزّ وجلّ- على من سبقهم من الأمم.

وتفيدنا الآيات المتقدّمة أمورًا عدّة نستعرضها في الآتي:

– العلاقة بين الفعل وردّ الفعل: السنّة تشبه القانون الذي يحكم العلاقة بين الفعل وردّ الفعل. ففي الآية الأولى يحدّثنا الله عن ملازمة المخاطبين بالآية سيرة الأمم الماضية (الفعل) وعن انطباق سنّة الله على الأمم الماضية عليهم (ردّ الفعل). وفي الآية الثانية يخبرنا -عزّ وجلّ- عن أنّ إخراج الرسول من ميدان دعوته سوف يؤدّي (الفعل) إلى تفكّك المتمرّدين وفقدانهم وحدتهم الاجتماعيّة (ردّ الفعل). والأمر نفسه يُقال فيما يرتبط بالآية الثالثة.

– المعرفة المسبقة: يذكر العلماء أنّ ميزة القوانين التي يقدر العلم على اكتشافها أنّها تسمح للإنسان بالتنبّؤ بالأحداث الآتية في الطبيعة. فيؤدّي فهم الإنسان لقانون الجاذبيّة إلى قدرة المهندسين مثلًا على تنظيم الأبنية وفق قوانين محدّدة تسمح بتماسك البناء وتحوُل دون انهياره. وكذلك فهم القانون الذي يؤدّي إلى الكسوف أو الخسوف يؤدّي إلى إمكان التنبّؤ بحدوث هاتين الظاهرتين قبل حصولهما وعلى هذين الأمرين يُقاس ما سواهما. وفيما نحن فيه معرفة سنّة الله في الأمم الماضية تهدي الإنسان إلى توقّع النتائج والآثار التي تترتّب على أفعاله. ولا تغفل الآيات المتقدّمة هذه الخصوصيّة في السنّة، بل تلفت النظر إليها بطريقة واضحة عندما تدعو إلى الاعتبار الذي هو النظر في مصائر السابقين والآثار التي ترتّبت على أفعالهم لمعرفة الآثار والنتائج التي سوف تترتّب في حال تكرّر الفعل نفسه أو ما يشبهه من الأمّة المدعوّة إلى الاعتبار بمن سبقها من الأمم.

– الدوام والاستمرار: الدوام والاستمرار أو الاطّراد هو من الخصائص التي تجعل المبدأ قانونًا وسنّة؛ سواء كان ذلك في مجال العلم الطبيعيّ، أو في مجال الإنسان والمجتمع. فلا يكون القانون قانونًا إلا إذا انطبق على الجميع بطريقة واحدة. وحتّى الاستثناءات التي يظهر لأوّل وهلة أنّها تخرق القاعدة يجب أن تكون خاضعة لاستثناء قانونيّ ينسجم مع القانون الأصليّ. ومن هنا لا تكون المعجزات خرقًا للقوانين التي تحكم علاقة العلّة بالمعلول، ولا يكون رفع التكليف -مثلًا- عن بعض الناس خرقًا للقانون التشريعيّ، بل هو قانون يؤدّي إلى الاستثناء بشكلٍ قانونيّ. والآيات المتقدّمة تشير إلى دوام هذا المعنى بوضوح يغنينا عن الشرح والتفصيل.

– حفظ الاختيار: الخصوصيّة الرابعة من خصوصيّات القوانين الاجتماعيّة أنّها تحفظ للإنسان اختياره ولا تلغي إرادته. بل حتّى في القوانين الطبيعيّة عندما يكتشف الإنسان سرّ القانون ويفهمه حقّ فهمه؛ فإنّه، وإنْ لم يكنْ قادرًا على تبديله وتغييره: (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَبدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَحوِيلًا)[28]، لكنّه قادرٌ على التكيّف معه والاستفادة منه. فالإنسان لا يقدر على إبطال قانون الجاذبيّة، ولكنّه قادرٌ على تكييف حياته معه والاستفادة منه وتوجيهه في خدمة أغراضه؛ ولو في حدود مرسومة لا يمكن تجاوزها. فبدل أنْ يجري علينا قانون الجاذبيّة ويسقطنا من أعلى إلى أسفل يمكننا الاستفادة منه في الاستقرار على وجه الأرض. والقوانين الاجتماعيّة -أيضًا- يمكن التعامل معها بهذه الطريقة، فيمكن للإنسان أن يقدم على تحقيق الفعل ليتحقّق ردّ الفعل، أو العكس يمتنع عن الفعل ويستفيد من تجربة الأمم الماضية، فلا يجري عليه ما جرى عليهم.

ختامًا، لا بدّ من الالتفات إلى أنّ السنّة الإلهيّة يتكرّر حدوثها في المجتمعات البشريّة المعاصرة؛ سواء التفت الناس إليها أم لم يلتفتوا إلى أسباب حدوثها وظروفها، وما سقوط الظالمين من أنظمة وحكّام، ونصرة المظلومين والمستضعفين وعزّتهم؛ إلا خير دليل وبرهان على ذلك.

وليكن من المعلوم -أيضًا- أنّ سنّة إملاءُ اللهِ للظَّالمين وإرجاءُ عقوبَتِهم، وإمهالهُم إلى أجلٍ مسمَّى، مع إمدادهم بالنَّعم وإمتاعهم بزهرةِ الدُّنيا وزينتِها، ليس إلا من باب المكر بهم والكيد لهم؛ ليزدادوا إثمًا وبغيًا وطغيانًا وكفرًا. وهم لا يعلمون أنَّ الله يستدرجُهم من حيثُ لا يعلمون، ثُّم يأخذُهم-بغتةً-وهمْ لا يشعرون، ويحقّ عليهم العذاب بما أفسدوا من فطرة الله، وكفروا بأنعم الله، واغترُّوا بحلمه تعالى. قال تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن قَريَةٍ أَملَيتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَة ثُمَّ أَخَذتُهَا وَإِلَيَّ ٱلمَصِيرُ)[29]، وأَمْلَيْتُ لَهَا؛ أي أخّرت في أجلها وأمهلتها.

وقال -تعالى-: (وَلَقَدِ ٱستُهزِئَ بِرُسُل مِّن قَبلِكَ فَأَملَيتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذتُهُم فَكَيفَ كَانَ عِقَابِ)[30]؛ ومعنى أمليت: أطلت وأمهلت، من الإملاء: أي الإمهال والتأخير.

وقال -تعالى-: (وَكَذَٰلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيم شَدِيدٌ)[31]؛ وفيها تتنزَّلُ العقوبةُ من الله ـ تعالى ـ على الظَّالم وتكون العقوبةُ شديدةٌ-جدًّا- بحيث تكون عبرة وعِظَة للعالمين. وهي قد تكون في الدنيا؛ ليرتدع بها الناس، وينزجر بها من تُسَوِّلُ له نفسُه سلوكَ الطريقِ نفسِه، وقد يؤخّرها الله-عزّ وجلّ-ليوم القيامة، حيثُ العقوبةُ أَشَدُّ، والفضيحةُ أخزى، قال -تعالى-:  (وَلَا تَحسَبَنَّ اللّه غَٰفِلًا عَمَّا يَعمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُم لِيَوم تَشخَصُ فِيهِ ٱلأَبصَٰرُ مُهطِعِينَ مُقنِعِي رُءُوسِهِم لَا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَف‍دَتُهُم هَوَاء)[32].

فالإملاء الوارد في الآيات القرآنيّة هو الإمداد والإمهال الذي يواجه اللهُ سبحانه به بعض عباده المتمادين في المعصية، فيُستدرَجون إلى ارتكاب المزيد من الذنوب، يستحقّون بذلك العقاب الأليم، قال -تعالى-: (وَأُملِي لَهُم إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ)[33]؛ أي أُمهِلهم.

ويشار -هنا- إلى أنّ ما ينسبه القرآن الكريم إلى الله -تعالى- من المكر، والكيد، والخدعة، وأمثال ذلك، راجع إلى الجزاء الإلهيّ للعبد العاصي.

والحمد لله ربّ العالمين

[1]*ـ باحث في الفكر الديني ـ لبنان.

– انظر: البخاري، محمد بن إسماعيل: صحيح البخاري، ج6، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،.

[2]– آملي، حسن زاده: رسالة في فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب ربّ الأرباب، من مجموعة رسائل عربيّة، ص1.

[3]– سورة القيامة، الآيات 16 -18.

[4]–  سورة الحجر، الآية 9.

[5]– الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص103-104.

[6]– الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، ص 226.

[7]– سورة النحل، الآية 89.

[8]– سورة الأنعام، الآية 38.

[9]– الكليني، محمد بن يعقوب: أصول الكافي، ج1، ص 59.

[10]– م.ن، ج 2، ص 627.

[11]– ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، مادة: سنّ.

[12]– المصطفوي، محمد: التحقيق في كلمات القرآن، ج 5، ص 288.

[13]– انظر: الصدر، محمد باقر: المدرسة القرآني، ط 1، قم، مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر، 1421 هـ.ق، ص 54-56.

[14]– سورة الأعراف، الآية 34.

[15]– سورة الأنعام، الآية 34.

[16]– سورة يوسف، الآية 109.

[17]– سورة النحل، الآية 97.

[18]– سورة الحديد، الآية 28.

[19]– انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج19، ص 197.

[20]– الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 8، ص 314.

[21]– انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 12، ص 342.

[22]– أنظر: خصاونة، عماد عبد الكريم؛ قزق، خضر إبراهيم: السنن الإلهية في القرآن الكريم ودورها في استشراف المستقبل، ص 4.

[23]– رضا، محمد رشيد: تفسير المنار، ج 4، ص 114.

[24]– سورة الأنفال، الآية 38.

[25]– الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 9، ص 75.

[26]– سورة الإسراء، الآيتان 76-77.

[27]– سورة فاطر، الآيتان 42-43.

[28]– سورة الإسراء، الآيتان 76-77.

[29]– سورة الحج، الآية 48.

[30]– سورة الرعد، الآية 32.

[31]– سورة هود، الآية 102.

[32]– سورة إبراهيم، الآية 42.

[33]– سورة الأعراف، الآية 183.

.

رابط المصدر:

https://www.iicss.iq/?id=40&sid=424

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M