السياسة النقدية في الجزائر

المقدمة

يقصد بالسياسة الإقتصادية،الإستراتيجية التي تقررها الحكومة لتحقيق أهدافها الإقتصادية والمتمثلة في : تحقيق النمو الإقتصادي، تخفيض معدلات البطالة،السيطرة على نسب التضخم
تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات.
وفي سعيها لتحقيق هذه الأهداف الذهبية للسياسة الإقتصادية تستخدم السلطات أدوات هذه السياسة الإقتصادية متمثلة في كل من السياسة النقدية والسياسة المالية.
وتعتبر السياسة النقدية بمثابة حجر الزاوية في بناء السياسة الإقتصادية الكلية شأنها في ذلك شأن السياسة المالية،فهي أحد العناصر الأساسية المكونة لها إذ أن لها تأثير على حالة الإقتصاد الوطني على المستوى الكلي.ولقد إختلفت نظرة الفكر الإقتصادي إلى السياسة النقدية عبر مراحل تطوره المختلفة،حيث نجد أن السياسة النقدية مرت بأربعة مراحل من حيث درجة تأثيرها على النشاط الإقتصادي وفعالية هذا التأثير.حيث نجدها ماقبل كينز في القرن التاسع عشر تنظر إلى أن النقود هي عنصر محايد،وبالتالي لا يؤثر على حركة النشاط الإقتصادي،وإذا زادت كمية النقود المتداولة مع ثبات الإنتاج فإن ذلك يئدي إلى إرتفاع المستوى العام للأسعار.ثم جاءت المرحلة الثانية بظهور الفكر الكينزي إثر أزمة 1929 ومع ظهور الأفكار الكينزية بدأ الإهتمام أكبر بالسياسة المالية ليؤكد أن السياسة المالية هي الأكثر فعالية من خلال التمويل بعجز الميزانية وفي المرحلة الثالثة خلال مطلع الخمسينيات ( 1951 ) أخذت السياسة النقدية مكانها في الطليعة بين السياسات الإقتصادية الكلية على يد ” ميلتون فريدمان ” الإقتصادي الأمريكي زعيم المدرسة النقدية الحديثة أي صعد من الخلاف بين أنصار السياسة النقدية وأنصار السياسة المالية،هذا الخلاف أدى إلى ظهور مذهب ثالث بزعامة الإقتصادي الأمريكي ” والتر هيللر ” الذي نادى بعدم التعصب لسياسة معينة، بل طالب بضرورة عمل مزج لكل من أدوات السياسة النقدية وأدوات السياسة المالية حتى يتسنى التأثير على النشاط الإقتصادي.إلا أن سياسات التثبيت الهيكلي تجعل من السياسة النقدية أكثر إيقاعا في خدمة السياسات التي يضمها برنامج الإصلاح الإقتصادي الذي يطرحه صندوق النقد الدولي وخاصة تلك السياسات الهادفة إلى علاج التضخم وتحقيق الإستقرار الإقتصادي.والجزائر بدورها مرت فيها السياسة النقدية بعدة مراحل إنطلاقا من سياسة نقدية في ظل إقتصاد مخطط إلى إقتصاد السوق.
أهمية البحث:

تكمن أهمية هذا البحث في كون أن السياسة النقدية من الأدوات الضرورية في رسم السياسات الإقتصادية الكلية.
هدف البحث:
نهدف من خلال هذا البحث إلى:
– تعميق المفاهيم المتعلقة بالسياسة النقدية
– إبراز دور السياسة النقدية في التأثير على الكتلة النقدية في المجتمع
– التعريف بمراحل السياسة النقدية في الجزائر
وفي هذا الإيطار يمكن طرح الإشكالية التالية:
الإشكالية :
كيف تؤثر السياسة النقدية في الإقتصاد الوطني ككل؟..
وللإجابة عن هذا السؤال إرتأينا إلى طرح الأسئلة الفرعية التالية:
الأسئلة الفرعية:
– ما مفهوم السياسة النقدية وما أهدافها وفيما تتمثل أدواتها ؟..
– ما هي مختلف مراحل السياسة النقدية في الجزائر ؟..
وللإجابة عن هذه الأسئلة تم طرح الفرضيات التالية:
الفرضيات:
– السياسة النقدية تعبر عن تلك الإجراءات الهادفة إلى ضبط الكتلة النقدية بواسطة عدة أدوات.
– مرت السياسة النقدية في الجزائر بعدة مراحل إبتداءا من إقتصاد مخطط إلى إقتصاد السوق
حدود الدراسة:
تقتصر دراستنا هذه على مفهوم السياسة النقدية ومختلف أدواتها وكذا أهميتها،مع الإشارة إلى مراحل السياسة النقدية في الجزائر.

منهج الدراسة:
إعتمدنا في هذا البحث المنهج الإستنباطي وأداته التحليل وهذا لتحليل مختلف الجوانب المتعلقة بالسياسة النقدية.
أقسام البحث:
تم تقسيم هذا البحث إلى فصلين،إذ تم التطرق في الفصل الأول إلى مفاهيم عامة عن السياسة النقدية،أما في الفصل الثاني فتم التعرض إلى مراحل السياسة النقدية في الجزائر وكانت أقسام البحث بالتفصيل على النحو التالي:
الفصل الأول : مفاهيم عامة عن السياسة النقدية
المبحث الأول : السياسة النقدية وأهدافها وأنواعها
المبحث الثاني : أدوات السياسة النقدية
المبحث الثالث : فعالية السياسة النقدية
الفصل الثاني : مراحل السياسة النقدية في الجزائر
المبحث الأول : السياسة النقدية خلال المرحلة [ 1962- 1970]
المبحث الثاني : السياسة النقدية في ظل إصلاحات [ 1970-1982]
المبحث الثالث : السياسة النقدية خلال المرحلة [1986-1988]
المبحث الرابع : السياسة النقدية خلال المرحلة [ 1990- 2003 ]

تمهيد:
إن السياسة النقدية هي تلك الإجراءات التي تستهدف التأثير على حجم الكتلة النقدية من أجل تحقيق أهداف السياسة الإقتصادية وذلك بإستخدام أدوات السياسة النقدية سواء كانت كمية أو كيفية،لكن ما نلاحظه أن السياسة النقدية نجدها أكثر فعالية في الدول المتقدمة منها في الدول النامية وهذا لعدة إعتبارات منها غياب قنوات إبلاغ السياسة النقدية،ومن هنا كان على تلك الدول العمل على تفعيل السياسة النقدية في إقتصادياتها.
المبحث الأول : السياسة النقدية وأهدافها وأنواعها
المطلب الأول : تعريف السياسة النقدية
تعددت التعاريف للسياسة النقدية فقد عرفها الإقتصادي G.LBach على أنها ” ما تقوم به الحكومة من عمل يؤثر بصورة فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التي يحتفظ بها القطاع غير المصرفي سواء كانت عملة أو ودائع أو سندات حكومية”
أما الإقتصادي George Priente فيعرفها على أنها ” مجموع التدابير المتخذة من قبل السلطات النقدية قصد إحداث أثر على الإقتصاد ، ومن أجل ضمان إستقرار أسعار الصرف”
وحسب فوزي القيسي هي ” التدخل المباشر المعتمد من طرف السلطة النقدية بهدف التأثير على الفعالية الإقتصادية ،عن طريق تغيير عرض النقود وتوجيه الإئتمان بإستخدام وسائل الرقابة على النشاط الإئتماني للبنوك” (1).
إذا تعبر السياسة النقدية عن الإجراءات اللازمة التي تمكن السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أو التوسع النقدي ليتماشى وحاجة المتعاملين الإقتصاديين وهي هدف البنك المركزي في ممارسته للرقابة على النقود
المطلب الثاني : أنواع السياسة النقدية
في هذا الصدد يمكن التمييز بين نوعين من السياسات النقدية هما :
أ. السياسة النقدية التوسعية
ب. السياسة النقدية الانكماشية

أ.السياسة النقدية الإنكماشية
يهدف أساسا هذا النوع من السياسات النقدية إلى علاج الحالة التضخمية التي يعاني منها إقتصاد بلد ما وبالتالي فإن هدف السياسة النقدية إتجاه التضخم هو الحد من خلق أدوات نقدية أي الحد من خلق النقود وتخفيض المعروض النقدي وبالتالي يتم الحد من إنفاق الأفراد والمؤسسات على شراء السع والخدمات .
ويرى البعض أن أي سياسة نقدية ناجحة هي التي لا تندفع نحو إحداث التضخم في مرحلة ثم علاجه ، بل السياسة النقدية المتوازنة هي التي تعمل على الحفاظ على معدل تزايد ثابت لنمو المعروض النقدي لأن ذلك هو الذي يحقق إستقرار مستوى الأسعار ، بإعتبار أن المعروض النقدي هو المحدد الرئيسي لكل من المستوى العام للأسعار ومستوى الناتج القومي وكذا التوظيف أو العمالة(1).
ب.السياسة النقدية التوسعية
تهدف في مجملها إلى علاج حالة الركود أو الإنكماش التي يمر بها الإقتصاد أي أن التدفق الحقيقي أكبر من التدفق التقدي وهنا تسعى السلطة النقدية ممثلة في البنك المركزي إلى زيادة المعروض النقدي وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات ، ذلك لأن زيادة كمية النقود من شأنه زيادة دخول الأفراد والمؤسسات وبالتالي تحفيز الطلب على السلع الإستهلاكية والسلع الإستثمارية على حد سواء.

المطلب الثالث : أهداف السياسة النقدية
تتمثل أهم أهداف السياسة النقدية في :
1.تحقيق الإستقرار في الأسعار
وتعتبر من أهم أهداف السياسة النقدية حيث تسعى كل دولة إلى تفادي التضخم ومكافحته وفي نفس الوقت علاج حالة الكساد والركود الإقتصادي
2.تحقيق الإستقرار النقدي والإقتصادي
إذ من الضروري أنى تسعى السياسة النقدية إلى تكييف عرض النقود مع مستوى النشاط الإقتصادي ؟،أي التحكم في كمية النقود بما يتلاءم مع مستوى النشاط الإقتصادي وبالتالي تفادي حدوث الأزمات النقدية والإقتصادية مما يؤدي إلى الإستقرار الإقتصادي حيث أن تحقيق الإستقرار النقدي من شأنه أن يحقق الإستقرار الإقتصادي
3.المساهمة في تحقيق توازن في ميزان المدفوعات وتحسين قيمة العملة
يمكن أن تساهم السياسة النقدية في إصلاح وتخفيض العجز في ميزان المدفوعات عن طريق قيام البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم فيؤدي بدوره إلى قيام البنوك التجارية برفع أسعار الفائدة على القروض مما يؤدي إلى تقليل الإئتمان والطلب المحلي على السلع والخدمات مما يخفض من حدة إرتفاع الأسعار المحلية وبالتالي تشجيع الصادرات وتخفيض الواردات .
ومن ناحية أخرى يؤدي إرتفاع أسعار الفائدة داخليا إلى إقبال المتعاملين الأجانب على إيداع أموالهم بالبنوك الوطنية وبالتالي دخول المزيد من رؤوس الأموال إلى الدولة مما يساعد على تقليل العجز في ميزان المدفوعات .
وهكذا نجد أن تقليل حجم النقود الإئتمانية داخل الإقتصاد الوطني من خلال رفع أسعار الفائدة يلعب دورا كبيرا في خفض العجز في ميزان المدفوعات .
4.المساهمة في تحقيق هدف التوظيف الكامل
وتشترك في ذلك مع السياسة المالية وتقوم على زيادة عرض النقود في حالة البطالة والكساد لتزيد من الطلب الفعال فيزداد الإستثمار والتشغيل في الإقتصاد القومي.
5.مكافحة التقلبات الدورية
من بين الأهداف الرئيسية هدف علاج التقلبات الدورية التي يتعرض لها الإقتصاد القومي من تضخم و انكماش والتخفيف من حدتها حتى لا يتأثر الإقتصاد الوطني لهزات عنيفة تنعكس سلبا على مستوى التوازن الاقتصادي العام ( الإنتاج والتوظيف والدخل ) وبعبارة أخرى الحفاظ على الإستقرار النقدي وذلك من خلال التعادل بين الإدخار و الإستثمار.
المبحث الثاني : أدوات السياسة النقدية
تتدخل الدولة في النشاط الإقتصادي بطريقة غير مباشرة من خلال السياسة النقدية التي تتبعها ، ويعتبر التأثير على حجم وسائل الدفع في المجتمع من أهم جوانب السياسة النقدية وذلك بإمتصاص الفائض من الكتلة النقدية وتوفير أرصدة نقدية جديدة وذلك من خلال إستعمال أدوات السياسة النقدية والتي تتمثل أساسا في:
المطلب الأول : الأدوات الكمية
ويشمل هذا النوع من الأدوات ما يلي :
1.سياسة سعر الخصم
1.1 تعريف سعر الخصم
سعر الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي تقديم القروض وخصم الأوراق التجارية إذ أن البنوك التجارية غير على إعطاء القروض بصورة مستقلة دون توافر السيولة اللازمة ، ولذا فهي مضطرة إلى اللجوء إلى البنك المركزي لإعادة خصم ما لديها من أوراق تجارية وكمبيالات ، بمعنى أن يحل محلها البنك المركزي في الدائنية مقابل ما يقدمه من السيولة اللازمة لتأدية نشاطها. ومن الطبيعي أن يتقاضى منها ثمن هذا الإقتراض في صورة سعر فائدة. وتعتبر هذه الأداة من أقدم الأدوات التي لجأ إليها البنك المركزي في التأثير على السيولة والإئتمان ، حيث إستعملت في سنة 1839 (1)
2.1.أثر سياسة سعر إعادة الخصم
في حالة التضخم يرفع البنك المركزي معدل إعادة الخصم ليحد من قدرة البنوك على التوسع في الإئتمان بغية مجابهة الأوضاع التضخمية ، ومن ثم يلجأ البنك المركزي إلى سياسة الحد من الإئتمان لدى البنوك التجارية فيقوم برفع تكلفة الإئتمان المتمثلة في معدل الفائدة فترتفع تكلفة التمويل مما يدفع المستثمرين بالإمتناع عن الإقتراض، فيتقلص حجم الكتلة النقدية وينكمش.
أما في حالة إتباع البنك المركزي لسياسة توسعية، فإنه يقوم بخفض معدل إعادة الخصم حتى تسنى للبنوك خصم ما لديها من أوراق تجارية أو الإقتراض منه للتوسع في عملية منح الإئتمان وبالتالي سيقبل المستثمرون على البنوك التجارية للحصول على المزيد من الإئتمان بتكلفة منخفضة.مما يؤدي إلى زيادة حجم الكتلة النقدية المتداولة في المجتمع.
والملاحظ أن العلاقة بين معدل إعادة الخصم وأسعار الفائدة هي علاقة طردية بمعنى أنهما في إتجاه واحد ، إذ أن زيادة معدلات إعادة الخصم تؤدي إلى زيادة معدلات الفائدة في لأسواق المالية والعكس صحيح.
3.1.فعالية سعر إعادة الخصم
تتوقف فعالية هذه السياسة على تحقيق عدة شروط أهمها:
أولا: أن تقوم البنوك التجارية بتغيير أسعار فائدتها مع تغير سعر الخصم وفي نفس الإتجاه
وهذا الشرط لا يتحقق في كل الأحوال والواقع أن فعالية هذه السياسة تستدعي ألا تكون هناك مصادر أخرى للسيولة أو الإئتمان سواء في السوق النقدية ذاتها أو في الأسواق الجانبية بخلاف البنك المركزي من شأنها أنم تقلل من أهمية قروض الأخير وتكلفة هذا الأخير. فإذا فرض وكان لدى المشروعات المختلفة الإحتياطات النقدية السائلة المخصصة للتمويل الذاتي ، أو وردت للإقتصاد القومي رؤوس أموال أجنبية بغرض التوظيف، فغن رفع سعر الخصم لا يؤثر في مقدرة السوق النقدية على تقديم الأصول النقدية السائلة وعلى زيادة حجم الإئتمان. وحتى بالنسبة للبنوك التجارية كوحدات مستقلة فالإتجاه إلى البنك المركزي إعادة خصم ما لديها من أوراق تجارية وسندات يفترض الحاجة إلى التمويل من جانب هذه البنوك ونقص السيولة اللازمة لها. وهو ما لا يكون متوافرا بالضرورة فقد تتمتع البنوك التجارية بسيولة مرتفعة، وتستطيع مواردها الذاتية أن تغطي القروض الممنوحة.ومن مظاهر التناقض في هذا المجال ، أن رفع سعر الفائدة يزيد من إيداعات الأفراد والمؤسسات للحصول على عائد مرتفع ،مما يزيد من سيولة البنوك التجارية ويرفع من قدرتها على إعطاء القروض دون الإعتماد على البنك المركزي.
ثانيا : أن يكون الطلب على القروض حساس للتغير في سعر الفائدة
بمعنى أنه يزيد إذا إنخفض وينقص إذا إرتفع لكن هذه الحساسية ليست كبيرة في جميع الأوقات. فمجرد رفع سعر الخصم من طرف البنك المركزي ليس كافيا لأن يجعل البنوك التجارية تحجم عن تقديم الإئتمان والتوسع في القروض بحجة نفقات القروض .حتى ولو كانت هذه البنوك تنقصها السيولة، فهي تلجأ بالرغم من ذلك إلى البنك المركزي لخصم ما لديها من أوراق تجارية وسندات حتى ولو تحملت نفقة أكبر مادام يمكنها أن تمتص الزيادة في سعر الخصم من النفقة الكلية للدين، بحيث تظل أرباحها ثابتة ويتحمل الزيادة في الواقع العميل الراغب في الحصول على القرض. ويؤكد ذلك أن الطلب على القروض من طرف المتعاملين الإقتصاديين لا يتأثر بزيادة نفقة الدين بإعتبار أن هذه النفقة لا تمثل سوى جزءا ضئيلا من نفقة الإنتاج ككل، ما دام يستطيع تعويض هذه الزيادة عن طريق رفع الإنتاجية ، أو رفع أسعار السلع التي ينتجها.
ومع لذلك فإن لسياسة سعر إعادة الخصم تأثيرا نفسيا،إذ ترى البنوك في تغييره إيعازا لها من البنك المركزي بإتخاذ سياسة معينة، وتهديدا بإتخاذ إجراءات فعالة أخرى إذا لم تفلح هذه السياسة.
الوحدة %
الدول الولايات المتحدة كندا اليابان ألمانيا فرنسا إسبانيا بلجيكا
1994 4.75 7.00 1.75 4.50 1.50 7.38 4.50
1995 5.25 8.00 1.00 4.00 9.50 8.50 4.00
المصدر :FMI.IFS.Juin.1995
جدول يوضح معدلات إعادة الخصم في بعض الدول الصناعية لـ 1994/1995.

2.سياسة السوق المفتوحة ( open market )
1.2. تعريف سياسة السوق المفتوحة
تعني عمليات السوق المفتوحة إمكانية لجوء البنك المركزي إلى السوق النقدية بائعا أو مشتريا للأوراق المالية من جميع للأنواع وعلى الأخص السندات الحكومية وقد ظهرت هذه الأداة بعد 1930 بعد إكتشاف محدودية أداة معدل إعادة الخصم (1).
وتتميز سياسة السوق المفتوحة عن سياسة سعر إعادة الخصم من ناحية مجال التطبيق وطبيعة العلاقة بين البنوك التجارية والبنك المركزي. ففي سياسة سعر إعادة الخصم يحاول البنك المركزي التأثير في سيولة البنوك التجارية وبالتالي التأثير في سيولة السوق النقدية، لمحاولة تقييد أو توسيع الإئتمان بحسب الأهداف الإقتصادية. أما في حالة سياسية السوق المفتوحة فيحاول البنك المركزي التأثير في سيولة السوق النقدية في هيكل هذه السوق،بهدف التأثير في سيولة وقدرة البنوك التجارية على خلق الإئتمان. وعلى خلاف سياسة سعر الخصم التي يتم إجراءها داخل البنك المركزي فإن في سياسة السوق المفتوحة يتم التعامل خارج البنك المركزي أي في السوق ومن هنا أطلق على هذا التعامل سياسة السوق المفتوحة(2).

2.2. أثر سياسة السوق المفتوحة
تؤثر سياسة السوق المفتوحة على حجم الإئتمان عن طريق التغيير في كمية وسائل الدفع ( السيولة) وفي سعر الفائدة،فإذا ما قام البنك المركزي بشراء الأوراق المالية من السوق النقدية فإنه سيزيد من سيولة القطاع المصرفي وغير المصرفي،أما القطاع المصرفي فعندما تزيد سيولته فإنه يرفع من قدرته على الإقراض.وهذا ما يظهر جليا في حالة مرور الإقتصاد الوطني بحالة ركود أو إنكماش إقتصادي
أما في حالة التضخم يتدخل البنك المركزي بصفته بائعا للأوراق المالية التي بحوزته الأمر الذي من شأنه أن يمتص الفائض من الكتلة النقدية نتيجة قيام البنوك بشراء تلك الأوراق المالية كبدائل للنقود فيتقلص حجم السيولة وتنخفض قدرة البنوك التجارية على التوسع في منح الإئتمان.
أما فيما يتعلق بسعر الفائدة فلا شك أن قيام البنك المركزي بشراء الأوراق المالية من السوق النقدية سيزيد من الطلب عليها مما يؤدي إلى إرتفاع قيمتها السوقية وبما أن العلاقة بين سعر الأوراق المالية وأسعار الفوائد علاقة عكسية فهذا من شأنه أن يؤدي إلى إنخفاض معدلات الفائدة،ومن ثم تحفيز المستثمرين على المزيد من طلب الإئتمان.
3.2.فعالية سياسة السوق المفتوحة
تتحدد فعالية سياسة السوق المفتوحة بقدر نجاحها في تحقيق سيولة أو عدم سيولة السوق النقدية ككل. فيجب توافر كميات كافية من الصكوك تتمثل في أذونات الخزينة والأوراق المالية والتجارية التي يمكن تداولها في السوق. ففعالية هذه السياسة تتحقق بتلاقي إرادتين : البنك المركزي من جانب،والبنوك التجارية والمشروعات الأخرى من جانب آخر.كما أن فعالية هذه الوسيلة تتوقف على وجود أسواق مالية متقدمة،فإذا لم توجد هذه السوق أصلا أو كانت سوقا بدائية وغير مندمجة تماما في الإقتصاد القومي بحيث لا تؤثر في سلوك الأفراد،فمن الواضح أن عمليات السوق المفتوحة ستكون عديمة الأثر أو على الأقل محدودة جدا وهذا هو الغالب في كثير من البلدان خاصة النامية منها.ما يمكن أن نقوله هو أن سياسة السوق المفتوحة تستطيع تحقيق هدفها في حالة توفر الشرطين التاليين:

أ.توفر الأوراق المالية لدى البنك المركزي لطرحها في السوق
لا من توافر عدد معتبر من الأوراق المالية لدى البنك المركزي للبيع إذا ما أراد الحد من الإئتمان،أو توفر هذه الأوراق المالية في السوق النقدية ليشتريها البنك المركزي في حالة رغبته في زيادة قدرة البنوك التجارية على خلق الإئتمان أي الرفع من الطلب على النقود.
ب.عدم عرقلة البنوك التجارية لهدف البنك المركزي من هذه السياسة
عند قيام البنك المركزي ببيع أصوله المالية في السوق النقدية فإنه بذلك يريد أن يقلل من حجم الإئتمان،فلا ينبغي للبنوك التجارية أن تعرقل هدف البنك المركزي،وذلك بإقدامها على خصم أوراقها التجارية لدى البنك المركزي.
3.سياسة الإحتياطي القانوني
1.3.تعريف سياسة الإحتياطي القانوني
إن نسبة الإحتياطي القانوني عي تلك النسبة التي من النقود التي يجب على البنوك التجارية أن تحتفظ بها لدى البنك المركزي من حجم الودائع تصب في تلك البنوك،إذ يلتزم كل بنك تجاري بالإحتفاظ بجزء أو نسبة من أصوله النقدية وودائعه في شكل رصيد دائم لدى البنك المركزي.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة في العالم تطبق هذه الأداة منذ 1933،لينتشر بعد ذلك إستعمالها في باقي دول العالم،ففي فرنسا لم تعتمد هذه الأداة إلا في سنة 1967،وفي الجزائر لم يكن ذلك ممكنا إلا بعد ظهور القانون 90/10 المتعلق بالنقد والقرض الصادر بتاريخ 14 أفريل 1990 إذ نص على ما يلي : »يحق للبنك المركزي أن يفرض على البنوك أن تودعه لديه حساب مجمد ينتج فوائد أو لا ينتجها إحتياطا يحسب على مجموع ودائعاها أو على بعض أنواع الودائع أو على بعض التوظيفات،و ذلك بالعملة الوطنية أو بالعملات الأجنبية. يدعى هذا الإحتياط بـ الإحتياطي القانوني.لا يمكن أن يتعدى الإحتياطي الإلزامي ثمانية وعشرين بالمائة 28% من المبالغ المعتمدة كأساس لإحتسابه.إلا أنه يجوز للبنك المركزي أن يحدد نسبة أعلى في حالة الضرورة المثبتة قانونا.كل نقص في الإحتياطي الإلزامي يخضع البنوك والمؤسسات المالية حكما لغرامة تساوي1% من المبلغ المنقوص ويستوفي البنك المركزي هذه الغرامة «.
وتقدر هذه النسبة بـ 6.5% وذلك حسب التعليمة رقم 01-04 بتاريخ 13 ماي 2004 المتعلقة بنسبة الإحتياطي الإجباري.(1)
2.3.أثر سياسة الإحتياطي القانوني
في البداية كان الهدف من هذه السياسة هو حماية المودعين أخطاء تصرفات البنوك التجارية،ثم أصبحت وسيلة فنية من شأنها التأثير في قدرة البنوك التجارية على خلق الإئتمان.ففي أوقات التضخم،وعن طريق رفع نسبة الإحتياطي القانوني من طرف البنك المركزي تقل سيولة البنوك التجاري،فتنخفض قدرتها على الإقراض بحيث أنه إذا لم يستطع البنك التجاري مواجهة الزيادة في الإحتياطي الإجباري فإنه يضطر إلى تقييد عملية الإقراض (2).
والعكس من ذلك في حالة الركود الإقتصادي يقوم البنك المركزي بتخفيض هذه النسبة أي الإفراج عن جزء كبير من سيولة البنك التجاري وبالتالي تزيد قدرة هذا الأخير على خلق الإئتمان،أي زيادة الطلب على النقود من أجل الإستهلاك أو الإستثمار.
3.3.فعالية سياسة الإحتياطي القانوني
تتوقف فعالية هذه السياسة إذا كان
وعاء الإحتياطي الإجباري شاملا لجميع أنواع الودائع
عدم وجود تسرب نقدي
عدم وجود طرق أخرى أمام البنوك التجارية للحصول على موارد نقدية خارج إطار البنك المركزي
المطلب الثاني : الأدوات الكيفية
تستخدم هذه الأدوات في التحكم في أنواع معينة من القروض وتنظيم الإنفاق في مجالات معينة كتشجيع القروض القروض الإستثمارية دون القروض الإستهلاكية …إلخ.ويرجع اللجوء إلى هذه الأدوات لتلافي العيوب التي تتولد من الإعتماد على الأدوات الكمية وحدها للتأثير على عرض النقود.والهدف من إستخدام هذه الأدوات هو إحداث تغيرات هيكلية في الإئتمان وبالتالي المعروض النقدي ويمكن إبراز أهم هذه الأدوات من خلال النقاط التالية:
1.تأطير الإئتمان
وهو إجراء تنظيمي تقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد سقوف القروض الممنوحة من قبل البنوك التجارية بكيفية إدارية مباشرة وفق نسب محددة خلال العام،كأن لا يتجاوز إرتفاع مجموع القروض الموزعة نسبة معينة.وفي حال الإخلال بهذه الإجراءات تتعرض البنوك إلى عقوبات،تتباين من دولة إلى أخرى.

2.تخصيص التمويل
يعني إتجاه السلطات النقدية إلى التأثير على توزيع القروض في إتجاه القطاعات الأكثر حيوية بالنسبة العملية التنمية،أو التي تتطلب موارد مالية كبيرة.كتمويل القطاعات الصغيرة الزراعية أو التجارية أو الصناعية.
فبالنسبة للجزائر تنص المادة 71 من قانون النقد والقرض على أنه » يجب أن تهدف القروض المتوسطة الأجل إلى إحداث الغايات التالية :
تطوير وسائل الإنتاج
تمويل الصادرات
إنجاز السكن
يجب أن تتوفر في هذه القروض الشروط التي يفرضها المجلس لتقبل لدى البنك المركزي «.
3.قيام البنك المركزي ببعض العمليات المصرفية
تستعمل البنوك المركزي هذا الأسلوب في البلدان التي تكون فيها أدوات السياسة النقدية محدودة الأثر.حيث تقوم البنوك المركزية بمنافسة البنوك التجارية بأدائها لبعض الأعمال المصرفية بصورة دائمة أو إستثنائية كتقديمها القروض لبعض القطاعات الأساسية لما تمتنع أو تعجز البنوك التجارية عن ذلك.
4.الإقناع الأدبي
هو عبارة عن مجرد قبول البنوك التجارية بتعليمات البنك المركزي أدبيا بخصوص تقديم القروض وتوجيهها حسب الإستعمالات المختلفة.حيث يستطيع البنك المركزي التأثير على البنوك التجارية بالإقناع الأدبي لكي تتصرف حسب السياسة النقدية المراد تطبيقها،فإذا كان هدف البنك المركزي هو أن تتوسع البنوك التجارية في منح الإئتمان فإنه يمكنه أن يطلب ذلك منها بإستعمال الإقناع الأدبي وبطرق ودية.ويعتمد نجاح هذه السياسة على طبيعة العلاقة القائمة بين البنوك التجارية والبنك المركزي.
فتلتزم البنوك التجارية بهذا الأسلوب نظرا للعلاقة الوطيدة التي تربطها بالبنك المركزي،فهو بنك البنوك والملجأ الأخير الذي تلجأ إليه البنوك التجارية للإقراض.
المبحث الثالث : فعالية السياسة النقدية
المطلب الأول : ماهية فعالية السياسة النقدية
في هذا الصدد يمكن دراسة فعالية السياسة النقدية في كل من الإقتصاديات الرأسمالية المتقدمة والإقتصاديات النامية.
1.فعالية السياسة النقدية في الإقتصاديات الرأسمالية المتقدمة
تتبلور السياسة النقدية في الإقتصاديات الرأسمالية في إستخدام الأدوات الكمية والكيفية للتأثير على عرض النقود،وبالتالي على الإئتمان،ويعتمد نجاحها على التعاون التام والثقة المتبادلة بين البنوك التجارية والبنوك المركزية من ناحية،ومن ناحية أخرى يعتمد على موجود أسواق نقدية ومالية منتظمة ومتقدمة.وبالتالي يؤدي التجاوب بين البنوك التجارية والبنوك المركزية إلى تحقيق الأهداف المرسومة للسياسة النقدية.مما يؤدي إلى زيادة فعالية السياسة النقدية في التأثير على النشاط الإقتصادي.حيث يؤدي وجود سوق نقدية كاملة ومنتظمة تتعامل في قبول وخصم الأوراق التجارية إلى زيادة فعالية سعر إعادة الخصم في التأثير على الإئتمان عن طريق ما يحدثه من أثر على تكلفة خصم الوراق التجارية.كذلك يؤدي وجود سوق مالية كبيرة مرنة تتعامل بالأوراق المالية إلى زيادة فعالية عمليات السوق المفتوحة في التأثير على الإئتمان وفق الطريقة التي سبق ذكرها.
وهذا ما نلاحظه في الإقتصاديات الرأسمالية التي بها أسواق مالية ونقدية متطورة وكبيرة التي تزيد من فعالية الأدوات الكمية للسياسة النقدية،التي إذا ما دعمت بالأدوات الكيفية يتبين لنا الدور الفعال الذي يمكن أن تقوم به السياسة النقدية في التأثير على عرض النقود ومن ثم التأثير على النشاط الإقتصادي في الإقتصاديات الرأسمالية.
2 .فعالية السياسة النقدية في الإقتصاديات النامية
يمكن إعتبار السياسة النقدية في الإقتصاديات النامية عموما أقل فعالية منها في الإقتصاديات الرأسمالية بسبب الإختلالات الهيكلية التي يعاني منها الإقتصاد القومي.لذلك نجد أن بعض الأدوات الكمية للسياسة النقدية،مثل سعر الخصم وعمليات السوق المفتوحة لا يكون لها تأثير كبير بل يكاد يكون ضعيفا بل لا يذكر في بعض الحالات.وأن الإعتماد كله ينصب كله على نسبة الإحتياطي القانوني من جهة وعلى الأدوات الكيفية من جهة أخرى وهناك العديد من العوامل التي تحد من سلطة البنك المركزي في القيام بدوره المطلوب.

المطلب الثاني : عوامل ضعف السياسة النقدية في الدول النامية
يمكن تلخيص أسباب ضعف السياسة النقدية في الدول النامية في النقاط التالية:
-عدم وجود أسواق نقدية ومالية منظمة،وفي حالة وجودها فهي تتميز بضيق نطاقها وهذا ما يؤدي إلى ضعف فعالية سياسة معدل إعادة الخصم وإستحالة تطبيق سياسة السوق المفتوحة
-ضعف الدور الذي يقوم به البنك المركزي في التأثير على البنوك التجارية من شأنه أن يحول دون قيام البنوك التجارية بأي دور فعال في التأثير على النشاط الإقتصادي
-تتجه البنوك التجارية في الدول النامية إلى تقديم القروض لتمويل قطاع التجارة ( تمويل قصير الأجل )،مقارنة بالتمويل المقدم لتمويل القطاع الإنتاجي ( تمويل طويل لأجل ) الذي يعتبر أحد دعامات التنمية الإقتصادية
-ضعف الوعي النقدي والمصرفي،حيث يتجه لأفراد في الدول النامية إلى الإحتفاظ بأموالهم في شكل سيولة وليست ودائع أو أوراق مالية،الأمر الذي يقلل من دور البنوك التجارية لهذه الدول مقارنة بالدول المتقدمة
-ضآلة مرونة الإستثمارات لتغير أسعار الفائدة بسبب إرتفاع درجة المخاطر وإنخفاض الكفاية الحدية لرأس المال،ولذلك فإن أي محاولة لزيادة الإستثمار يستلزم تخفيض كبير لسعر الفائدة وهو ما تحول دونه عدة إعتبارات (1)
-عدم وجود إستقرار في المناخ السياسي،وتقلب في موازين مدفوعات تلك الدول،وتخلف الأنظمة الضريبية مم لا يشجع على الإستثمار الأجنبي وبالتالي عدم تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية
-يتم التداول النقدي في الدول النامية على أساس النقود المادية خاصة الورقي،أما النقود المصرفية فما زال دورها محدودا كأداة لتسوية المدفوعات بإستثناء تلك المعاملات التي تتم بين المؤسسات
-تنامي دور الإقتصاد غير الرسمي الذي من شأنه أن يستقطب أموال معتبرة لا يتم التصريح بها و بالتالي حدوث تسرب نقدي كبير وفي هذا الصدد نشير إلى أن حجم هذه السوق يمثل مابين
20 % إلى 30 % من الناتج المحلي الخام في الجزائر أي ما يمثل 14 مليار دولار(2)
-إنخفاض مستوى الدخل وإنتشار عادة الإكتناز،وعدم إنتشار البنوك والمؤسسات المالية في مختلف أرجاء الوطن.

المطلب الثالث : شروط نجاح السياسة النقدية
إن نجاح السياسة النقدية في أي دولة يتوقف على مجموعة من العوامل والشروط أهمها:
– تحديد أهداف السياسة النقدية بدقة وهذا نظرا لتعارض الكثير من الأهداف المسطرة
– لابد من ضرورة تنمية الوعي الإدخاري لدى مختلف الأعوان الإقتصاديين
– لابد من توافر أسواق مالية ونقدية منظمة ومتطورة
– العمل على محاربة ظاهرة الإقتصاد الغير الرسمي
– العمل على إستقلالية البنك المركزي عن الحكومة
– لابد من إعادة تأهيل البنوك التجارية من خلال التفتح على الشراكة بمختلف أساليبها
– تكثيف البيئة المصرفية، بمضاعفة عدد المصارف الخاصة والعمومية المحلية والأجنبية لتشجيع اقتصاد السوق القائم على المنافسة والتنافسية
– يجب إعادة الاعتبار لدور البنوك، بإعادة النظر في العلاقة التي تربط هذه المؤسسات بالدولة، وذلك في حدود ما للدولة من حقوق وما عليها من واجبات كباقي المساهمين (احترام الدولة لقواعد السوق كأساس لهذه العلاقة)
– تحسين وتنويع الخدمات المقدمة للمدخرين وإتباع سياسة أكثر ديناميكية فيما يتعلق بجمع الموارد، مع تكوير وسائل الدفع وتعميم استعمالها

الفصل الثاني:السياسة النقدية بالجزائر
تمهيد
ورثت الجزائر نظاما مصرفيا قائما على أساس ليبرالي(1) كون فرنسا المستعمرة من دعاة الرأسمالية،ولكن بعد الإستقلال إنتهجت السلطات الحاكمة أنذاك سياسة التخطيط المركزي،فلم تكن السياسة النقدية منفردة عن بقية البرامج التنموية الوطنية.فقد كان إصدار النقود خاضع لإحتياجات مختلف القطاعات دون دراسة دقيقة للنتائج المترتبة عن ذلك.كان أهمها حدوث إختلال هيكلي على مستوى الجهاز المصرفي وعلى هذا الأساس كان على السلطات الجزائرية وضع سياسة إقتصادية تتماشى ومتطلبات العصر،وتجديد سياسة نقدية قوية ومستقلة ومكملة للسياسة المالية.
المبحث الأول : السياسة النقدية خلال المرحلة [1962-1970]
المطلب الأول : بناء المنظومة المصرفية
تم في هذا الصدد إنشاء البنوك التالية:
1.البنك المركزي الجزائري bca :
يعتبر إنشاء بنك الجزائر حدثا تاريخيا ومكسبا عظيما للجزائر بعد إستقلالها،وبالنسبة للمهام التي أسندت له فهي لا تختلف عن المهام التقليدية للبنوك المركزية (1).وهو مؤسسة عمومية تقع في قمة الجهاز المصرفي.
2.الصندوق الجزائري للتنمية cad :
إن الفراغ الذي أحدثه تحفظ ورفض البنوك الأجنبية تمويل الإقتصاد الوطني،أدى إلى التعجيل بإنشاء ” الصندوق الجزائري للتنمية ” بغرض تمويل المؤسسات الوطنية.وقد أوكلت له مهام منها على وجه الخصوص إنجاز وتنفيذ برامج الإستثمارات المخططة من فبل إدارة التخطيط،تسيير ميزانية التجهيز المخصصة من قبل الخزينة العامة،منح القروض القصيرة والطويلة وكذا متوسطة الأجل.

3.البنك الوطني الجزائري bna (2) :
هو مؤسسة مصرفية تجارية تضمن الخدمة المالية لمجموعة من الشركات،ويساهم في مراقبة تسييرها،فهو وسيلة أداء للخطة المالية ومكلف كمصرف تجاري بتنفيذ سياسة الحكومة في ميدان القروض القصيرة الأجل بالتنسيق مع المؤسسات العمومية الأخرى للقرض فيما يتعلق بالقروض المتوسطة والطويلة لأجل.ويمكن إعتبار الهدف من إنشاء هذا البنك هو خدمة الإقتصاد الإشتراكي بصفة عامة وتمويل القطاع الفلاحي بصفة خاصة،فهو يعتبر البنك الأساسي للدولة وله مهام وصلاحيات واسعة.
4.القرض الشعبي الجزائري cpa(1):
لقد تعزز إنشاء الجهاز المصرفي بإنشاء مؤسسة القرض الشعبي الجزائري الذي أوكلت له مهمة تطوير نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للصناعات التقليدية،التجارية والسياحية بالإضافة إلى تمويل العمليات المتعلقة بالتجهيزات وتقديم القروض الشخصية بالتقسيط.
5.البنك الخارجي الجزائري bea(2):
إن التعامل مع العالم الخارجي جعل السلطات الجزائرية تنشئ البنك الخارجي الجزائري بموجب المرسوم رقم 67/204 الصادر بتاريخ 01/10/1967،وورث خمسة بنوك أجنبية هي :قرض ليون،الشركة العامة،البنك الصناعي للجزائر،بنك البحر الأبيض.وهذا لدعم وترقية المبادلات التجارية والمالية التي تربط الجزائر بالعالم الخارجي.إذ تخصص منذ إنشائه في ضمان الإتفاقيات المتعلقة بالإستيراد والتصدير وكذا المساهمة في تمويل و تشجيع العمليات التجارية مع الخارج.
6.الصندوق الوطني للتوفير والإحتياط cnep(3) :
جاء هذا الصندوق ليحل محل صندوق التضامن للبلديات والولايات الجزائرية،وكلف بمهام صناديق الإدخار الفرنسي،إذ يعتبر هذا الصندوق مؤسسة إدخارية وليس مؤسسة نقدية.
إن هذا الصندوق يدير ثلاثة أنوع من الموارد هي : أموال الإدخار،أموال الهيئات المحلية،وأموال المستشفيات،فهو يتحصل على هذه الموارد من مختلف القطاعات منها العام والخاص
المطلب الثاني : دور الخزينة وعلاقتها بالبنك المركزي
بقيت الخزينة العمومية تتبع الخزينة الفرنسية إلى حدود 29/08/1962(4) أين تم الفصل بينهما، وقد لعبت دورا كبيرا في إقراض المؤسسات العمومية،كما أنه يمكن القول بأنها حلت في كثير من الأحيان محل البنك المركزي في لعب دور الضابط للسياسة النقدية.
ووفقا لقانون المالية لسنة 1965،فغن البنك المركزي قد وضع كليا لخدمة الخزينة العمومية،يمنحها من التسبيقات والإئتمان غير المنتهية وبدون شروط وعلى ذلك كان البنك المركزي لا يخرج عن كونه محاسبا بسيطا للخزينة العمومية،الشيء الذي قلل من دوره في الإقتصاد الجزائري،ونجم عن ذلك الكثير من اللامبالات في الإصدار النقدي وبدون مقابل من السلع والخدمات مما أدى إلى ظهور الإختلالات النقدية.

تقييم السياسة النقدية خلال هذه المرحلة
النتيجة أن هذه المرحلة كانت من أصعب مراحل إنشاء الجهاز المصرفي الكفيل بالنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتخلفة التي ورثتها الجزائر عن الاستعمار، فما كان على الحكومة آن ذاك إلا أن تقيم جهاز مصرفي قوي وبسرعة –خاصة- أمام التقاعس والرفض المتعمد للبنوك الأجنبية في تمويل النشاطات الاقتصادية. أضف إلى ذلك عدم وجود تنسيق بين هذه المؤسسات المصرفية الأجنبية، والأهداف التي رسمتها الحكومة الجزائرية خلال المرحلة الانتقالية للاقتصاد الوطني، أي عدم وجود تجاوب بين متطلبات الاقتصاد الاشتراكي، ونظام تسيير وأهداف هذه المصارف، مما اضطر بالحكومة إلى وضع هياكل وطنية لضمان الاستقلال المالي والنقدي ووقف النزيف المالي الذي أصاب البلاد، عن طريق إقامة مؤسسات مالية جديدة أو تأميم المؤسسات المالية والمصرفية الأجنبية التي تعمل داخل التراب الجزائري.

المبحث الثاني : السياسة النقدية في ظل إصلاحات [ 1970-1982]
المطلب الأول :مرحلة الإصلاح المالي والمصرفي لسنة 1971
عرفت هذه المرحلة ابتداء من سنة1971 إدخال بعض التعديلات والإصلاحات على السياسة النقدية والمصرفية، تماشيا والسياسة العامة للـدولة والظـروف التي اقتضتها مصلحـة الاقتصاد الوطني – خاصة-المصارف الوطنية التي كان عليها تمويل الاستثمارات المخططة ،بالإضافة إلى إنشاء الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة للنقد والقرض وإعادة هيكلة بعض المصارف الوطنية.فقد جاءت هذه الإصلاحات في إطار المخطط الرباعي الأول[1970-1973] بهدف إزالة الاختلال وتخفيف الضغط على الخزينة في تمويلها للاستثمارات، كما أجبر قانون المالية المؤسسات العمومية العامة على مركزة حساباتها الجارية وكل عملياتها الاستغلالية على مستوى بنك واحد تحدده الدولة حسب اختصاص البنك في القطاع.
فالإجراء يوطد فكرة تخصص البنوك، حيث يستطيع البنك مراقبة كل الحركات والتدفقات المالية لنشاط المؤسسة بفتح كل مؤسسة حساب لدى بنك واحد فقط، فيقوم هذا الأخير بتسيير حساباتها ومراقبة حركة نشاطها، وتمويلها في حالة احتياجها لقروض بغرض تمويل رأس المال العامل.هذا الوضع طرح إشكالا جديدا مفاده، هل للمصرف الأدوات اللازمة للقيام بعملية المراقبة؟ وهل لهذه المؤسسات القدرة على تسديد القروض التي تحصلت عليها؟.
إن الإصلاح الذي أدخلته الدولة على النظام المصرفي سواء تعلق الأمر بتمويل الاستثمارات المخططة أو إنشاء الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة النقد والقرض أو إلغاء الصندوق الجزائري للتنمية وتعويضه بالبنك الجزائري للتنمية، كل هذه الإجراءات كانت تهدف إلى ضرورة ضمان المساهمة الفعلية لكل موارد الدولة لتمويل الاستثمارات المبرمجة سواء في المخطط الرباعي الأول[70-1973] أو المخطط الرباعي الثاني[74-1977].
المطلب الثاني : إعادة هيكلة المؤسسات المصرفية لسنة 1982
انطلقت الإصلاحات الهيكليـة للقطاع الاقتصادي مع بداية الثمانينات،وتزامنت مع المخطط الخماسي الأول [80-1984] ،حيث تم في سنة1983 إعادة هيكلة 102مؤسسة عموميـة، ليصبح عددها 400 مؤسسة، مع تغييـر نظام اتخاذ القرار الذي كان مركزيا إلى نظام لا مركزي.ولم يقتصر الإصلاح على القطاع الحقيقي فحسب، كما عرفت هذه المرحلة إعادة هيكلة كل من البنك الوطني الجزائري والقرض الشعبي الجزائري حيث انبثق عنهما مصرفان هما :البنك الفلاحي للتنمية الريفية badr،وبنك التنمية المحليbdl، فأصبح النظام المصرفي يضم خمسة بنوك تجارية، ولكن هذا لم يحدث أي تغيير فيما يتعلق بالدور الحقيقي لوظائف المصارف.
تقييم التجربة
المرحلة الثانية[71- 1979]: أدخلت خلال هذه المرحلة بعض الإصلاحات والتعديلات على النظام المصرفي وظهور الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة للقرض والنقد، والبنك الجزائري للتنمية لتعويض الصندوق الجزائري للتنمية، فأسندت له مهمة تمويل الاستثمارات الإنتاجية المبرمجة في المخططات الوطنية –خاصة – المخطط الرباعي الأول والمخطط الرباعي الثاني.
المرحلة الثالثة[82-1985]: عرفت هذه المرحلة إعادة هيكلة العديد من المؤسسات الوطنية الإنتاجية والمالية ،منها البنك الوطني الجزائري الذي انبثق عنه البنك الفلاحي للتنمية الريفية اختص في تمويل القطاع الزراعي العام و القطاع الخاص ، وإعادة هيكلة القرض الشعبي الجزائري بإنشاء بنك التنمية المحلي المختص بالدرجة الأولى في تمويل المشاريع العمومية للجماعات المحلية الولائية والبلدية.كما عرف الاقتصاد الوطني في نهاية هذه المرحلة1985 صعوبات مالية نتيجة انخفاض إيرادات الدولة من العملة الصعبة بسبب تدهور أسعار المحروقات وانخفاض قيمة الدولار، الأمر الذي أدى إلى توقف معظم المخططات التنموية، والدخول في مرحلة التفكير في إعادة النظر في مبادئ تسيير الاقتصاد . في النهاية يمكن القـول أن الجهاز المصرفي الجزائري،خلال هذه المرحلة كان بمثابة جهاز محاسب ومسير إداري بحت أكثر مـن أنـه جهاز مصـرفي حقيقي، أو بتعبير آخر الجهاز المصرفي الجزائري كان جهاز وسيط –حيادي- بين السلطات النقدية (البنك المركزي والخـزينة العامة) وبين الـمؤسسات الاقتصادية، دون أن يكون له رأي أو قرار،رغم اجتهاد المشـرع الجزائري في إدخال بعـض التعـديلات والإصلاحات –خاصة- في المرحلة الثانية والثالثة.فالنظام المصرفي و المالي الجزائري المتكون نظريا من قناتين، الخزينة العامة والبنوك الأولية ، إلا أنه من الناحية العملية فلا يعرف إلا قناة واحدة هي الخزينة العامة، فالفيض النقدي راجع أساسا إلى نشاط الخزينة. بالإضافة إلى هذا هناك قناة غير رسمية تمثل جهازا حقيقيا ومؤثرا على الاقتصاد الوطني، هو الجهاز المصرفي الغير الرسمي(السوق السوداء)
المبحث الثالث: السياسة النقدية خلال المرحلة [1986-1988]
المطلب الأول : قانون القرض والبنك لسنة 1986
تحت ضغط أزمة النفط الخانقة ،فإن أول إجراء قامت به الحكومة الجزائرية ضمن سلسلة من الإجراءات التي كانت تهدف الى التحول بالنظام الاقتصادي مبادئه و مؤسساته نحو اقتصاد يقوم على أسس وقواعد السوق ، هو إصدارها لقانون بنكي جديد، هدفه الأساسي إصلاح جذري للمنظومة المصرفية ، محـددا بوضـوح مهام ودور البنك المركزي والبنوك التجارية كما تقتضيه قواعد و مبادئ النظام المصرفي ذو المستويين ،مع إعادة الاعتبار لدور و أهمية السياسة النقدية في تنظيمها لحجم الكتلة النقدية المتداولة ،ومراقبتها تماشيا و تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الكلية.
وهكذا أصبحت سياسة الائتمان المصرفي تخضع لمتطلبات و حاجات الاقتصاد الكلي وليس لاحتياجات المؤسسات ، الأمر الذي نتج عنه نوع من الاستقلالية و المرونة في تعديل هيكل أسعار الفائدة الأسمى المطبقة من طرف المصارف، مع ضبط و تعديل إجراءات التعامل مع المؤسسات فيما تعلق بشروط منح الائتمان.
وبموجب قانون86/12 المتعلق بنظام البنك والقرض، تم إدخال تعديلات جذرية على الوظيفة المصرفية، حيث تقوم فلسفة هذا القانون في اتجاه إرساء المبادئ العامة والقواعد التقليدية للنشاط المصرفي. أما من الناحية التطبيقية فينص التشريع صراحة على توحيد الإطار القانوني الذي يسّير النشاط الخاص بكل المؤسسات المصرفية والمالية مهما كانت طبيعتها القانونية .
ودون الخوض في تفاصيل بنود ومواد هذا القانون، يمكن إيجاز أهم المبادئ و القواعد الأساسية التي تضمنها القانون في النقاط التالية :
– تقليص دور الخزينة المتعاظم في تمويل الاستثمارات واشراك الجهاز المصرفي في توفير الموارد المالية الضرورية للتنمية الاقتصادية ، إلا أن القانون لم يضع آليات تنفيذ ذلك .
– أعاد القانون للبنك المركزي وظائفه التقليدية و دوره كبنك البنوك، وإن كانت هذه المهام تعوزها الآليات و الأدوات التنفيذية ،ومن ثم تبدو في أحيان كثيرة مقيدة .
– بموجب هذا القانون تم الفصل بين البنك المركزي كمقرض أخير وبين نشاطات البنوك التجارية ، الأمر الذي سمح بإقامة نظام مصرفي على مستويين.
– أعاد القانون للمصارف ومؤسسات التمويل دورها في تعبئة الادخار وتوزيع القروض في إطار المخطط الوطني للقرض، كما سمح للبنوك إمكانية تسلم الودائع مهما كان شكلها ومدتها، وأصبح أيضا بإمكانها القيام بإحداث الائتمان دون تحديد لمدته أو للأشكال التي يأخذها، كما استعادت المصارف حق متابعة استخدام القرض وكيفية استرجاعه ، و الحد من مخاطره ،خاصة عدم السداد
-تنص مراسيم القانون على إنشاء هيئات رقابة وهيئات استشارية على النظام المصرفي .
و في النهاية فالخروج من مرحلة كان فيها الاقتصاد الوطني تحت احتكار مبادئ نظام يتميز بالتخطيط المركزي الشديد ،جاء قانون المصارف والقرض بتأسيس المخطط الوطني للقرض، باعتبار هذا الأخير يحدد الأهداف الواجب بلوغها فيما يخص تعبئة الموارد والأولويات التي يجب مراعاتها في توزيع القروض،و تحديد مستوى تدخل البنك في تمويل الاستثمارات.
المطلب الثاني : قانون إستقلالية البنوك لسنة 1988
لم يخل قانون 1986 من النقائص و العيوب،فلم يستطيع التكيف مع الإصلاحات التي قامت بها السلطات العمومية،خاصة بعد صدور القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية سنـة1988.
وعليه، فإن بعض الأحكام التي جاء بها لم تعد تتماش وهذه القوانين، كما أنه لم يأخذ بالاعتبار المستجدات التي طرأت على مستوى التنظيم الجديد للاقتصاد. وكان من اللازم أن يكيف القانون النقدي مع هذه القوانين بالشكل الذي يسمح بانسجام البنوك كمؤسسات مع القانون ،وفي هذا الإطار بالذات جاء القانون 88/06 المعدل والمتمم للقانون 86/12.و على هذا الأساس يمكن تحديد المبادئ و القواعد التي قام عليها قانون 1988في النقاط التالية :
– إعطاء الاستقلالية للبنوك في إطار التنظيم الجديد للاقتصاد والمؤسسات.
– دعم دور البنك المركزي في ضبط و تسيير السياسة النقدية لإحداث التوازن في الاقتصادي الكلي.
– يعتبر البنك شخصية معنوية تجارية تخضع لمبدأ الاستقلالية المالية والتوازن المحاسبي. وهذا يعني أن نشاط البنك يخضع ابتداء من هذا التاريخ إلى قواعد التجارة ويجب أن يأخذ أثناء نشاطه بمبدأ الربحية والمردودية، ولكي يحقق ذلك، يجب أن يكيف نشاطاته في هذا الاتجاه.
– يمكن للمؤسسات المالية غير المصرفية أن تقوم بتوظيف نسبة من أصولها المالية في اقتناء أسهم أو سندات صادرة عن مؤسسات تعمل داخل التراب الوطني أو خارجه.
– يمكن لمؤسسات القرض أن تلجأ إلى الجمهور من أجل الاقتراض على المدى الطويل، كما يمكنها أن تلجأ إلى طلب ديون خارجية.
والنتيجة أن الإصلاحات الاقتصادية و المالية عرفت مرحلة نوعية هامة سنة1988 ،فبعد إصدار النصوص القانونية المتعلقة باستقلالية المؤسسات العمومية، بما فيها البنوك، التي أصبحت تسير وفقا للمبادئ التجارية والمردودية، على أساس أن هذا قانون يعتبر مؤسسات القرض هي مؤسسات عمومية اقتصادية ، وهذا ما يدرج البنوك ضمن دائرة المتاجرة لتحفيزها قصد النظر في علاقتها مع المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تحددها القواعد التقليدية ،كما يسمح هذا القانون لمؤسسات القرض والمؤسسات المالية باللجوء إلى القروض متوسطة الأجل في السوق الداخلية و السوق الخارجية، وفي ذات الوقت ألغي التوطين الإجباري الوحيد، كما تخلت الخزينة العامة عن تمويل استثمارات المؤسسات العمومية الاقتصادية،ليوكل ذلك للنظام المصرفي، فكان هذا انطلاقا لظهور قواعد جديدة في التسيير الاقتصادي تفصل بين دور الأعوان الاقتصادية ودور الدولة في تعبئة وتمويل وتراكم راس المال.و من هنا يمكن القول أن استقلالية البنوك بصفتها مؤسسات اقتصادية عمومية قد تمت فعلا في سنة 1988.
المبحث الرابع : السياسة النقدية خلال المرحلة [ 1990- 2003 ]

المطلب الأول: قانون القرض والنقد 10/90
وضع قانون 90/10المتعلق بالقرض والنقد النظام المصرفي الجزائري على مسار تطور جديد، تميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية وإبراز دور النقد والسياسة النقدية، ونتج عنه تأسيس نظام مصرفي ذو مستويين،و أُعيد للبنك المركزي كل صلاحياته في تسيير النقد والائتمان في ظل استقلالية واسعة،وللبنوك التجارية وظائفها التقليدية بوصفها أعوانا اقتصادية مستقلة. كما تم فصل دائرة ميزانية الدولة عن الدائرة النقدية من خلال وضع سقف لتسليف البنك المركزي لتمويل عجز الميزانية، مع تحـديد مدتها، واسترجاعها إجباريا في كل سنة، وكذا إرجاع ديون الخزينة العمومية تجاه البنك المركزي المتراكمة لغاية 14/ 04/ 1990 وفق جدول يمتد على 15سنة. وإلغاء الاكتتاب الإجباري من طرف البنوك التجارية لسندات الخزينة العامة، ومنع كل شخص معنوي أو طبيعي غير البنوك والمؤسسات المالية من أداء هذه العمليات .

-مبادئ قانون القـرض و النقد :
سمح قانون 90/10 بتحول السلطة النقدية إلى مجلس القرض والنقد،الذي يعتبر بمثابة مجلس إدارة بنك الجزائر، يتمتع بصلاحيات واسعة في مجال القرض والنقد، ويرأسه محافظ البنك الجزائري،قام بإصدار عدد من القوانين المتعلقة بالنقد وشروط إنشاء البنوك والمؤسسات المالية، وذلك تدعيما للنظام النقدي والمالي لمسايرة اقتصاد السوق.
ويعتبر القانون 90/10 المتعلق بالنقـد والقرض، نصا تشريعيا يعكس حق الاعتـراف بأهمية المكانة التي يجب أن يكـون عليها النظام البنكي، فيعتبر مـن القـوانين التشريعية الأساسية للإصـلاحات، بالإضافـة إلى أنـه أخذ بأهـم الأحكام التي جاء بها قانـون الإصلاح النقدي لسنة1986 والقانون المعدل و المتمم لسنة 1988.
حمل هذا القانون في طياتـه أفكارا جـديدة فيما يتعلق بتنظيم النظام المصرفي وأدائه، كما أن المبادئ التي يقـوم عليها وآليات العمل التي يعتمـدها، تعكس إلى حد كبـير الصـورة التي سيكون عليها هـذا النظام في المستقبل .
و من أهم مبادئ قانون القرض و النقد هو الفصل بين دائـرة الميزانية ودائـرة الائتمان فقد كانت الخزينة في النظام الموجه تلعب الـدور الأساسي في تمـويل استثمارات المـؤسسات العمومية،حيث هُمّش النظام المصرفي وكان دوره يقتصـر على تسجيل عبـور الأموال من دائرة الخزينة إلى المؤسسات،وخلق مثل هـذا الأمر غموضا كبيرا على مستوى نظام التمويل، فجاء قانـون النقـد والقـرض ليضع حدا لذلك ،فأبعـدت الخزينة عن منح القـروض للاقتصاد، ليبقى دورها يقتصر على تمـويل الاستثمارات العمومية المخططة من طـرف الدولة.
و عليه أصبح النظام المصرفي هو المسؤول عن منح القروض في إطار مهامه التقليدية، ويسمح الفصل بين هاتين الدائرتين ببلوغ الأهـداف التالية:
– استعـادة البنـوك والمؤسسات المالية، لوظائفها التقليـدية و المتمثلة في منـح القروض.
– تراجع التزامات الخزينة في تمويل الاقتصاد.
– أصبح تـوزيع القـروض لا يخضع إلى قـواعد إدارية، وإنما يـرتكز أساسا على مفهوم الجدوى الاقتصادية للمشروع.
كما وضع قانون 90/10 النظام المصرفي على مستـويين ، فميز بين نشاط البنـك المركزي كسلطة نقـدية ، ونشاط البنـوك التجارية كمـوزع للقـرض ، و بموجب هذا الفصل اصبـح البنك المركزي يمثل فعـلا بنك البنـوك يـراقب نشاطاتها و يتابع عملياتها ، كما أصبح بإمكانه أن يـوظف مركزه كملجأ أخير للإقراض في التأثير على السياسـة الائتمانية للبنـوك وفقـا لما يقتضيـه الـوضع النقـدي. فبإمكانه أن يحدد القواعد العامة للنشاط المصرفي و تحديد معايير تقييم هذا النشاط في اتجاه خـدمة أهدافه النقدية وتحكمه في السياسة النقدية.و في الأخير فقد نص القانون صراحة بمنح رخص إنشاء البنوك و المؤسسات المالية الجزائرية و الأجنبية ، أو الاكتتاب في رأسمال البنوك الوطنية القائمة ، بغية إحداث منافسة حقيقية بين البنوك لتحسين خدمات القطاع المصرفي.
و منه يمكن القول أن قانون القرض و النقد وضع و بشكل تام المنظومة المصرفية والنظام النقـدي في مسار الانتقال من اقتصاد مسير مركزيا إلى اقتصاد موجه بآليات السوق .
المطلب الثاني الأمرية 11/03 الصادرة بتاريخ 26 أوت 2003
5- واقع استقلالية بنك الجزائر حسب الأمر 03-11:
جاء هذا القانون بعد أن لاحظت السلطات الضعف الذي لا زال يتخبط فيه أداء الجهاز البنكي، وخاصة بعد الفضائح المتعلقة ببنك الخليفة وبنك الصناعة والتجارة الجزائري، والذي كشف على ضعف آليات الرقابة والتحكم من طرف البنك المركزي باعتباره المسئول كسلطة نقدية وربما تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي كان واضحا في ذلك حينما حدد طبيعة الإصلاح بإتباع الخطوات التالية :
– وضع نصوص تشريعية و تنظيمية لتأطير هذه الوظيفة:
وهذا من خلال تطهير محافظ البنوك العمومية؛
– إعادة تنظيم الجهاز البنكي بعد تطهيره مباشرة:
وهذا حتى يتكيف مع كل النشاطات والوظائف التي نجدها في البنوك عالميا، من خلال إستراتيجية طموحة تعتمد على تكوين الموارد البشرية وإدخال وسائل المعلوماتية وسياسة تسويق مصرفي اتجاه العملاء تسمح بتعبئة ادخار العائلات وتوفير القروض اللازمة لتمويل الاستثمارات المنتجة.كما يتحتم على الجهاز البنكي التوجه إلى التخصص وإضفاء التنافسية، من خلال مختلف المنتجات المالية التي يطرحها في السوق لتلبية كل الاحتياجات التمويلية للاقتصاد، وهذا ما يعني فتح المجال للمشاركة الخاصة سواء الوطنية أو الأجنبية.
– إعادة تنظيم النظام البنكي بالاستناد على نواة صلبة من البنوك العمومية المطهرة ماليا والعصرية :
ذلك أنها ستتحمل عبء إعادة الهيكلة الاقتصادية والصناعية للمشاركة في إعادة انطلاق الاقتصاد الوطني .
– أهمية إيجاد بورصة للقيم باعتبارها مرحلة مالية مهمة في مواكبة إعادة البناء الاقتصادي: إذ أن البلد الذي هو في حاجة كبيرة إلى أموال للتنمية الاقتصادية يصبح لوجود مؤسسات فيه، مثل البورصة والسوق المالية أهمية بالغة في استيعاب الأموال المدخرة الضرورية للاستثمارات والهياكل القاعدية الحيوية.
– العمل على وضع منتجات مالية جذابة: وهذا يسمح باحتواء الأموال المكتنزة، خاصة عند القطاع الخاص وتكثيف المجهودات اتجاه أسواق البورصات الأجنبية.
أهداف الأمر رقم 03/11 :
1. السماح للبنك المركزي باستخدام أفضل لصلاحياته:
و يتم ذلك من خلال:
– الفصل بين الإدارة ومجلس النقد والقرض داخل بنك الجزائر؛
– توسيع صلاحيات مجلس النقد والقرض؛
– تقوية استقلالية اللجنة البنكية وهذا بإضافة أمانة عامة.
2 .تكثيف التشاور بين بنك الجزائر و الحكومة في المسائل المالية:
و هذا بعد أن طرح القانون الجديد:
– إثراء محتوى وشروط المناقصات للعلاقات الاقتصادية والمالية وتسيير بنك الجزائر؛
– إنشاء لجنة مختلطة بين البنك ووزارة المالية لتسيير الإيرادات الخارجية والمديونية؛
– تمويل إعادة الاعمار المرتبطة بالأحداث المأساوية داخل البلد؛
– سيولة المعلومات المالية وتأمين مالي أحسن للبلد.
3. السماح بحماية أحسن للبنوك فيما يخص توظيف وادخار الجمهور:
وهذا من خلال النقاط التالية:
– تقوية شروط ومعايير اعتماد البنوك ومسيري البنوك والجزاءات اللازمة للمخالفين؛
— مضاعفة الجزاءات بالنسبة للانحرافات المتعلقة بالنشاطات البنكية؛
– منع تمويل نشاطات المؤسسات العائدة لمؤسسي ومسيري البنك؛
– تقوية صلاحيات جمعية البنوك والمؤسسات الماليةabef واعتماد قوانينها الأساسية من طرف بنك الجزائر؛
– تقوية وتوضيح شروط عمل إدارة الخطر.
كما حدد القانون الجديد الشروط اللازمة لنجاح ما جاء به وهي:
– الاعتماد على التكوين والسماح للقدرات والكفاءات التي يحوزها بنك الجزائر على البروز؛
– ضرورة توافر نظام معلومات فعال يستند إلى عملية تحويل كفؤة سريعة ومؤمنة للمعلومات؛
– العمل على تمويل الاقتصاد بواسطة موارد السوق والتي تتطلب نظاما بنكيا قويا وبعيدا عن كل الضغوط.

تقييم السياسة النقدية خلال هذه المرحلة
النتيجة أن هذه المرحلة كانت من أصعب مراحل إنشاء الجهاز المصرفي الكفيل بالنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتخلفة التي ورثتها الجزائر عن الاستعمار، فما كان على الحكومة آن ذاك إلا أن تقيم جهاز مصرفي قوي وبسرعة –خاصة- أمام التقاعس والرفض المتعمد للبنوك الأجنبية في تمويل النشاطات الاقتصادية. أضف إلى ذلك عدم وجود تنسيق بين هذه المؤسسات المصرفية الأجنبية، والأهداف التي رسمتها الحكومة الجزائرية خلال المرحلة الانتقالية للاقتصاد الوطني، أي عدم وجود تجاوب بين متطلبات الاقتصاد الاشتراكي، ونظام تسيير وأهداف هذه المصارف، مما اضطر بالحكومة إلى وضع هياكل وطنية لضمان الاستقلال المالي والنقدي ووقف النزيف المالي الذي أصاب البلاد، عن طريق إقامة مؤسسات مالية جديدة أو تأميم المؤسسات المالية والمصرفية الأجنبية التي تعمل داخل التراب الجزائري.

المبحث الثاني : السياسة النقدية في ظل إصلاحات [ 1970-1982]
المطلب الأول :مرحلة الإصلاح المالي والمصرفي لسنة 1971
عرفت هذه المرحلة ابتداء من سنة1971 إدخال بعض التعديلات والإصلاحات على السياسة النقدية والمصرفية، تماشيا والسياسة العامة للـدولة والظـروف التي اقتضتها مصلحـة الاقتصاد الوطني – خاصة-المصارف الوطنية التي كان عليها تمويل الاستثمارات المخططة ،بالإضافة إلى إنشاء الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة للنقد والقرض وإعادة هيكلة بعض المصارف الوطنية.فقد جاءت هذه الإصلاحات في إطار المخطط الرباعي الأول[1970-1973] بهدف إزالة الاختلال وتخفيف الضغط على الخزينة في تمويلها للاستثمارات، كما أجبر قانون المالية المؤسسات العمومية العامة على مركزة حساباتها الجارية وكل عملياتها الاستغلالية على مستوى بنك واحد تحدده الدولة حسب اختصاص البنك في القطاع.
فالإجراء يوطد فكرة تخصص البنوك، حيث يستطيع البنك مراقبة كل الحركات والتدفقات المالية لنشاط المؤسسة بفتح كل مؤسسة حساب لدى بنك واحد فقط، فيقوم هذا الأخير بتسيير حساباتها ومراقبة حركة نشاطها، وتمويلها في حالة احتياجها لقروض بغرض تمويل رأس المال العامل.هذا الوضع طرح إشكالا جديدا مفاده، هل للمصرف الأدوات اللازمة للقيام بعملية المراقبة؟ وهل لهذه المؤسسات القدرة على تسديد القروض التي تحصلت عليها؟.
إن الإصلاح الذي أدخلته الدولة على النظام المصرفي سواء تعلق الأمر بتمويل الاستثمارات المخططة أو إنشاء الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة النقد والقرض أو إلغاء الصندوق الجزائري للتنمية وتعويضه بالبنك الجزائري للتنمية، كل هذه الإجراءات كانت تهدف إلى ضرورة ضمان المساهمة الفعلية لكل موارد الدولة لتمويل الاستثمارات المبرمجة سواء في المخطط الرباعي الأول[70-1973] أو المخطط الرباعي الثاني[74-1977].
المطلب الثاني : إعادة هيكلة المؤسسات المصرفية لسنة 1982
انطلقت الإصلاحات الهيكليـة للقطاع الاقتصادي مع بداية الثمانينات،وتزامنت مع المخطط الخماسي الأول [80-1984] ،حيث تم في سنة1983 إعادة هيكلة 102مؤسسة عموميـة، ليصبح عددها 400 مؤسسة، مع تغييـر نظام اتخاذ القرار الذي كان مركزيا إلى نظام لا مركزي.ولم يقتصر الإصلاح على القطاع الحقيقي فحسب، كما عرفت هذه المرحلة إعادة هيكلة كل من البنك الوطني الجزائري والقرض الشعبي الجزائري حيث انبثق عنهما مصرفان هما :البنك الفلاحي للتنمية الريفية badr،وبنك التنمية المحليbdl، فأصبح النظام المصرفي يضم خمسة بنوك تجارية، ولكن هذا لم يحدث أي تغيير فيما يتعلق بالدور الحقيقي لوظائف المصارف.
تقييم التجربة
المرحلة الثانية[71- 1979]: أدخلت خلال هذه المرحلة بعض الإصلاحات والتعديلات على النظام المصرفي وظهور الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة للقرض والنقد، والبنك الجزائري للتنمية لتعويض الصندوق الجزائري للتنمية، فأسندت له مهمة تمويل الاستثمارات الإنتاجية المبرمجة في المخططات الوطنية –خاصة – المخطط الرباعي الأول والمخطط الرباعي الثاني.
المرحلة الثالثة[82-1985]: عرفت هذه المرحلة إعادة هيكلة العديد من المؤسسات الوطنية الإنتاجية والمالية ،منها البنك الوطني الجزائري الذي انبثق عنه البنك الفلاحي للتنمية الريفية اختص في تمويل القطاع الزراعي العام و القطاع الخاص ، وإعادة هيكلة القرض الشعبي الجزائري بإنشاء بنك التنمية المحلي المختص بالدرجة الأولى في تمويل المشاريع العمومية للجماعات المحلية الولائية والبلدية.كما عرف الاقتصاد الوطني في نهاية هذه المرحلة1985 صعوبات مالية نتيجة انخفاض إيرادات الدولة من العملة الصعبة بسبب تدهور أسعار المحروقات وانخفاض قيمة الدولار، الأمر الذي أدى إلى توقف معظم المخططات التنموية، والدخول في مرحلة التفكير في إعادة النظر في مبادئ تسيير الاقتصاد . في النهاية يمكن القـول أن الجهاز المصرفي الجزائري،خلال هذه المرحلة كان بمثابة جهاز محاسب ومسير إداري بحت أكثر مـن أنـه جهاز مصـرفي حقيقي، أو بتعبير آخر الجهاز المصرفي الجزائري كان جهاز وسيط –حيادي- بين السلطات النقدية (البنك المركزي والخـزينة العامة) وبين الـمؤسسات الاقتصادية، دون أن يكون له رأي أو قرار،رغم اجتهاد المشـرع الجزائري في إدخال بعـض التعـديلات والإصلاحات –خاصة- في المرحلة الثانية والثالثة.فالنظام المصرفي و المالي الجزائري المتكون نظريا من قناتين، الخزينة العامة والبنوك الأولية ، إلا أنه من الناحية العملية فلا يعرف إلا قناة واحدة هي الخزينة العامة، فالفيض النقدي راجع أساسا إلى نشاط الخزينة. بالإضافة إلى هذا هناك قناة غير رسمية تمثل جهازا حقيقيا ومؤثرا على الاقتصاد الوطني، هو الجهاز المصرفي الغير الرسمي(السوق السوداء).

المبحث الثالث: السياسة النقدية خلال المرحلة [1986-1988] المطلب الأول : قانون القرض والبنك لسنة 1986
تحت ضغط أزمة النفط الخانقة ،فإن أول إجراء قامت به الحكومة الجزائرية ضمن سلسلة من الإجراءات التي كانت تهدف الى التحول بالنظام الاقتصادي مبادئه و مؤسساته نحو اقتصاد يقوم على أسس وقواعد السوق ، هو إصدارها لقانون بنكي جديد، هدفه الأساسي إصلاح جذري للمنظومة المصرفية ، محـددا بوضـوح مهام ودور البنك المركزي والبنوك التجارية كما تقتضيه قواعد و مبادئ النظام المصرفي ذو المستويين ،مع إعادة الاعتبار لدور و أهمية السياسة النقدية في تنظيمها لحجم الكتلة النقدية المتداولة ،ومراقبتها تماشيا و تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الكلية.
وهكذا أصبحت سياسة الائتمان المصرفي تخضع لمتطلبات و حاجات الاقتصاد الكلي وليس لاحتياجات المؤسسات ، الأمر الذي نتج عنه نوع من الاستقلالية و المرونة في تعديل هيكل أسعار الفائدة الأسمى المطبقة من طرف المصارف، مع ضبط و تعديل إجراءات التعامل مع المؤسسات فيما تعلق بشروط منح الائتمان.
وبموجب قانون86/12 المتعلق بنظام البنك والقرض، تم إدخال تعديلات جذرية على الوظيفة المصرفية، حيث تقوم فلسفة هذا القانون في اتجاه إرساء المبادئ العامة والقواعد التقليدية للنشاط المصرفي. أما من الناحية التطبيقية فينص التشريع صراحة على توحيد الإطار القانوني الذي يسّير النشاط الخاص بكل المؤسسات المصرفية والمالية مهما كانت طبيعتها القانونية .
ودون الخوض في تفاصيل بنود ومواد هذا القانون، يمكن إيجاز أهم المبادئ و القواعد الأساسية التي تضمنها القانون في النقاط التالية :
– تقليص دور الخزينة المتعاظم في تمويل الاستثمارات واشراك الجهاز المصرفي في توفير الموارد المالية الضرورية للتنمية الاقتصادية ، إلا أن القانون لم يضع آليات تنفيذ ذلك .
– أعاد القانون للبنك المركزي وظائفه التقليدية و دوره كبنك البنوك، وإن كانت هذه المهام تعوزها الآليات و الأدوات التنفيذية ،ومن ثم تبدو في أحيان كثيرة مقيدة .
– بموجب هذا القانون تم الفصل بين البنك المركزي كمقرض أخير وبين نشاطات البنوك التجارية ، الأمر الذي سمح بإقامة نظام مصرفي على مستويين.
– أعاد القانون للمصارف ومؤسسات التمويل دورها في تعبئة الادخار وتوزيع القروض في إطار المخطط الوطني للقرض، كما سمح للبنوك إمكانية تسلم الودائع مهما كان شكلها ومدتها، وأصبح أيضا بإمكانها القيام بإحداث الائتمان دون تحديد لمدته أو للأشكال التي يأخذها، كما استعادت المصارف حق متابعة استخدام القرض وكيفية استرجاعه ، و الحد من مخاطره ،خاصة عدم السداد
– تنص مراسيم القانون على إنشاء هيئات رقابة وهيئات استشارية على النظام المصرفي .
و في النهاية فالخروج من مرحلة كان فيها الاقتصاد الوطني تحت احتكار مبادئ نظام يتميز بالتخطيط المركزي الشديد ،جاء قانون المصارف والقرض بتأسيس المخطط الوطني للقرض، باعتبار هذا الأخير يحدد الأهداف الواجب بلوغها فيما يخص تعبئة الموارد والأولويات التي يجب مراعاتها في توزيع القروض،و تحديد مستوى تدخل البنك في تمويل الاستثمارات.
المطلب الثاني : قانون إستقلالية البنوك لسنة 1988
لم يخل قانون 1986 من النقائص و العيوب،فلم يستطيع التكيف مع الإصلاحات التي قامت بها السلطات العمومية،خاصة بعد صدور القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية سنـة1988.
وعليه، فإن بعض الأحكام التي جاء بها لم تعد تتماش وهذه القوانين، كما أنه لم يأخذ بالاعتبار المستجدات التي طرأت على مستوى التنظيم الجديد للاقتصاد. وكان من اللازم أن يكيف القانون النقدي مع هذه القوانين بالشكل الذي يسمح بانسجام البنوك كمؤسسات مع القانون ،وفي هذا الإطار بالذات جاء القانون 88/06 المعدل والمتمم للقانون 86/12.و على هذا الأساس يمكن تحديد المبادئ و القواعد التي قام عليها قانون 1988في النقاط التالية :
-إعطاء الاستقلالية للبنوك في إطار التنظيم الجديد للاقتصاد والمؤسسات.
– دعم دور البنك المركزي في ضبط و تسيير السياسة النقدية لإحداث التوازن في الاقتصادي الكلي.
– يعتبر البنك شخصية معنوية تجارية تخضع لمبدأ الاستقلالية المالية والتوازن المحاسبي. وهذا يعني أن نشاط البنك يخضع ابتداء من هذا التاريخ إلى قواعد التجارة ويجب أن يأخذ أثناء نشاطه بمبدأ الربحية والمردودية، ولكي يحقق ذلك، يجب أن يكيف نشاطاته في هذا الاتجاه.
-يمكن للمؤسسات المالية غير المصرفية أن تقوم بتوظيف نسبة من أصولها المالية في اقتناء أسهم أو سندات صادرة عن مؤسسات تعمل داخل التراب الوطني أو خارجه.
-يمكن لمؤسسات القرض أن تلجأ إلى الجمهور من أجل الاقتراض على المدى الطويل، كما يمكنها أن تلجأ إلى طلب ديون خارجية.
والنتيجة أن الإصلاحات الاقتصادية و المالية عرفت مرحلة نوعية هامة سنة1988 ،فبعد إصدار النصوص القانونية المتعلقة باستقلالية المؤسسات العمومية، بما فيها البنوك، التي أصبحت تسير وفقا للمبادئ التجارية والمردودية، على أساس أن هذا قانون يعتبر مؤسسات القرض هي مؤسسات عمومية اقتصادية ، وهذا ما يدرج البنوك ضمن دائرة المتاجرة لتحفيزها قصد النظر في علاقتها مع المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تحددها القواعد التقليدية ،كما يسمح هذا القانون لمؤسسات القرض والمؤسسات المالية باللجوء إلى القروض متوسطة الأجل في السوق الداخلية و السوق الخارجية، وفي ذات الوقت ألغي التوطين الإجباري الوحيد، كما تخلت الخزينة العامة عن تمويل استثمارات المؤسسات العمومية الاقتصادية،ليوكل ذلك للنظام المصرفي، فكان هذا انطلاقا لظهور قواعد جديدة في التسيير الاقتصادي تفصل بين دور الأعوان الاقتصادية ودور الدولة في تعبئة وتمويل وتراكم راس المال.و من هنا يمكن القول أن استقلالية البنوك بصفتها مؤسسات اقتصادية عمومية قد تمت فعلا في سنة 1988.

المبحث الرابع : السياسة النقدية خلال المرحلة [ 1990- 2003 ] المطلب الأول: قانون القرض والنقد 10/90
وضع قانون 90/10المتعلق بالقرض والنقد النظام المصرفي الجزائري على مسار تطور جديد، تميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية وإبراز دور النقد والسياسة النقدية، ونتج عنه تأسيس نظام مصرفي ذو مستويين،و أُعيد للبنك المركزي كل صلاحياته في تسيير النقد والائتمان في ظل استقلالية واسعة،وللبنوك التجارية وظائفها التقليدية بوصفها أعوانا اقتصادية مستقلة. كما تم فصل دائرة ميزانية الدولة عن الدائرة النقدية من خلال وضع سقف لتسليف البنك المركزي لتمويل عجز الميزانية، مع تحـديد مدتها، واسترجاعها إجباريا في كل سنة، وكذا إرجاع ديون الخزينة العمومية تجاه البنك المركزي المتراكمة لغاية 14/ 04/ 1990 وفق جدول يمتد على 15سنة. وإلغاء الاكتتاب الإجباري من طرف البنوك التجارية لسندات الخزينة العامة، ومنع كل شخص معنوي أو طبيعي غير البنوك والمؤسسات المالية من أداء هذه العمليات .

-مبادئ قانون القـرض و النقد :
سمح قانون 90/10 بتحول السلطة النقدية إلى مجلس القرض والنقد،الذي يعتبر بمثابة مجلس إدارة بنك الجزائر، يتمتع بصلاحيات واسعة في مجال القرض والنقد، ويرأسه محافظ البنك الجزائري،قام بإصدار عدد من القوانين المتعلقة بالنقد وشروط إنشاء البنوك والمؤسسات المالية، وذلك تدعيما للنظام النقدي والمالي لمسايرة اقتصاد السوق.
ويعتبر القانون 90/10 المتعلق بالنقـد والقرض، نصا تشريعيا يعكس حق الاعتـراف بأهمية المكانة التي يجب أن يكـون عليها النظام البنكي، فيعتبر مـن القـوانين التشريعية الأساسية للإصـلاحات، بالإضافـة إلى أنـه أخذ بأهـم الأحكام التي جاء بها قانـون الإصلاح النقدي لسنة1986 والقانون المعدل و المتمم لسنة 1988.
حمل هذا القانون في طياتـه أفكارا جـديدة فيما يتعلق بتنظيم النظام المصرفي وأدائه، كما أن المبادئ التي يقـوم عليها وآليات العمل التي يعتمـدها، تعكس إلى حد كبـير الصـورة التي سيكون عليها هـذا النظام في المستقبل .
و من أهم مبادئ قانون القرض و النقد هو الفصل بين دائـرة الميزانية ودائـرة الائتمان فقد كانت الخزينة في النظام الموجه تلعب الـدور الأساسي في تمـويل استثمارات المـؤسسات العمومية،حيث هُمّش النظام المصرفي وكان دوره يقتصـر على تسجيل عبـور الأموال من دائرة الخزينة إلى المؤسسات،وخلق مثل هـذا الأمر غموضا كبيرا على مستوى نظام التمويل، فجاء قانـون النقـد والقـرض ليضع حدا لذلك ،فأبعـدت الخزينة عن منح القـروض للاقتصاد، ليبقى دورها يقتصر على تمـويل الاستثمارات العمومية المخططة من طـرف الدولة.
و عليه أصبح النظام المصرفي هو المسؤول عن منح القروض في إطار مهامه التقليدية، ويسمح الفصل بين هاتين الدائرتين ببلوغ الأهـداف التالية:
– استعـادة البنـوك والمؤسسات المالية، لوظائفها التقليـدية و المتمثلة في منـح القروض.
– تراجع التزامات الخزينة في تمويل الاقتصاد.
– أصبح تـوزيع القـروض لا يخضع إلى قـواعد إدارية، وإنما يـرتكز أساسا على مفهوم الجدوى الاقتصادية للمشروع.
كما وضع قانون 90/10 النظام المصرفي على مستـويين ، فميز بين نشاط البنـك المركزي كسلطة نقـدية ، ونشاط البنـوك التجارية كمـوزع للقـرض ، و بموجب هذا الفصل اصبـح البنك المركزي يمثل فعـلا بنك البنـوك يـراقب نشاطاتها و يتابع عملياتها ، كما أصبح بإمكانه أن يـوظف مركزه كملجأ أخير للإقراض في التأثير على السياسـة الائتمانية للبنـوك وفقـا لما يقتضيـه الـوضع النقـدي. فبإمكانه أن يحدد القواعد العامة للنشاط المصرفي و تحديد معايير تقييم هذا النشاط في اتجاه خـدمة أهدافه النقدية وتحكمه في السياسة النقدية.و في الأخير فقد نص القانون صراحة بمنح رخص إنشاء البنوك و المؤسسات المالية الجزائرية و الأجنبية ، أو الاكتتاب في رأسمال البنوك الوطنية القائمة ، بغية إحداث منافسة حقيقية بين البنوك لتحسين خدمات القطاع المصرفي.
و منه يمكن القول أن قانون القرض و النقد وضع و بشكل تام المنظومة المصرفية والنظام النقـدي في مسار الانتقال من اقتصاد مسير مركزيا إلى اقتصاد موجه بآليات السوق .
المطلب الثاني الأمرية 11/03 الصادرة بتاريخ 26 أوت 2003
5- واقع استقلالية بنك الجزائر حسب الأمر 03-11:
جاء هذا القانون بعد أن لاحظت السلطات الضعف الذي لا زال يتخبط فيه أداء الجهاز البنكي، وخاصة بعد الفضائح المتعلقة ببنك الخليفة وبنك الصناعة والتجارة الجزائري، والذي كشف على ضعف آليات الرقابة والتحكم من طرف البنك المركزي باعتباره المسئول كسلطة نقدية وربما تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي كان واضحا في ذلك حينما حدد طبيعة الإصلاح بإتباع الخطوات التالية :
– وضع نصوص تشريعية و تنظيمية لتأطير هذه الوظيفة:
وهذا من خلال تطهير محافظ البنوك العمومية؛
– إعادة تنظيم الجهاز البنكي بعد تطهيره مباشرة:
وهذا حتى يتكيف مع كل النشاطات والوظائف التي نجدها في البنوك عالميا، من خلال إستراتيجية طموحة تعتمد على تكوين الموارد البشرية وإدخال وسائل المعلوماتية وسياسة تسويق مصرفي اتجاه العملاء تسمح بتعبئة ادخار العائلات وتوفير القروض اللازمة لتمويل الاستثمارات المنتجة.كما يتحتم على الجهاز البنكي التوجه إلى التخصص وإضفاء التنافسية، من خلال مختلف المنتجات المالية التي يطرحها في السوق لتلبية كل الاحتياجات التمويلية للاقتصاد، وهذا ما يعني فتح المجال للمشاركة الخاصة سواء الوطنية أو الأجنبية.
– إعادة تنظيم النظام البنكي بالاستناد على نواة صلبة من البنوك العمومية المطهرة ماليا والعصرية :
ذلك أنها ستتحمل عبء إعادة الهيكلة الاقتصادية والصناعية للمشاركة في إعادة انطلاق الاقتصاد الوطني .
– أهمية إيجاد بورصة للقيم باعتبارها مرحلة مالية مهمة في مواكبة إعادة البناء الاقتصادي: إذ أن البلد الذي هو في حاجة كبيرة إلى أموال للتنمية الاقتصادية يصبح لوجود مؤسسات فيه، مثل البورصة والسوق المالية أهمية بالغة في استيعاب الأموال المدخرة الضرورية للاستثمارات والهياكل القاعدية الحيوية.
– العمل على وضع منتجات مالية جذابة: وهذا يسمح باحتواء الأموال المكتنزة، خاصة عند القطاع الخاص وتكثيف المجهودات اتجاه أسواق البورصات الأجنبية.
أهداف الأمر رقم 03/11 :
1. السماح للبنك المركزي باستخدام أفضل لصلاحياته:
و يتم ذلك من خلال:
– الفصل بين الإدارة ومجلس النقد والقرض داخل بنك الجزائر؛
– توسيع صلاحيات مجلس النقد والقرض؛
– تقوية استقلالية اللجنة البنكية وهذا بإضافة أمانة عامة.
2 .تكثيف التشاور بين بنك الجزائر و الحكومة في المسائل المالية:
و هذا بعد أن طرح القانون الجديد:
– إثراء محتوى وشروط المناقصات للعلاقات الاقتصادية والمالية وتسيير بنك الجزائر؛
– إنشاء لجنة مختلطة بين البنك ووزارة المالية لتسيير الإيرادات الخارجية والمديونية؛
– تمويل إعادة الاعمار المرتبطة بالأحداث المأساوية داخل البلد؛
– سيولة المعلومات المالية وتأمين مالي أحسن للبلد.
3. السماح بحماية أحسن للبنوك فيما يخص توظيف وادخار الجمهور:
وهذا من خلال النقاط التالية:
– تقوية شروط ومعايير اعتماد البنوك ومسيري البنوك والجزاءات اللازمة للمخالفين؛
– مضاعفة الجزاءات بالنسبة للانحرافات المتعلقة بالنشاطات البنكية؛
– منع تمويل نشاطات المؤسسات العائدة لمؤسسي ومسيري البنك؛
– تقوية صلاحيات جمعية البنوك والمؤسسات الماليةabef واعتماد قوانينها الأساسية من طرف بنك الجزائر؛
– تقوية وتوضيح شروط عمل إدارة الخطر.
كما حدد القانون الجديد الشروط اللازمة لنجاح ما جاء به وهي:
– الاعتماد على التكوين والسماح للقدرات والكفاءات التي يحوزها بنك الجزائر على البروز؛
-ضرورة توافر نظام معلومات فعال يستند إلى عملية تحويل كفؤة سريعة ومؤمنة للمعلومات؛
– العمل على تمويل الاقتصاد بواسطة موارد السوق والتي تتطلب نظاما بنكيا قويا وبعيدا عن كل الضغوط.

الأمرية 03-11 الصادرة بتاريخ 26 أوت 2003
ما جاءت به هذه الامرية بخصوص البنك المركزي نذكر :
* السماح للبنك المركزي بممارسة افضل لمهامه و ذلك :
– الفصل على مستوى البنك الجزائر ما بين مجلس الإدارة و مجلس النقد و القرض
– توسيع مهام مجلس النقد و القرض .
– تدعيم استقلالية لجنة البنوك
* تدعيم التشاور و التنسيق ما بين البنك الجزائري و الحكومة ببما يتعلق بالجانب المالي و ذلك :
– إثراء مضمون و شروط التقارير الاقتصادية ، المالية ، و تسيير بنك الجزائر ,
– إنشاء لجنة مشتركة بين بنك الجزائر / ووزارة المالية لتسيير الحقوق و الدين الخارجي .
– تمويل إعادة البناء الناجمة عن الكوارث التي تقع للبلد .
– انسياب أحسن للمعلومات المالية و ضمان مالي أفضل للبلد .
السلطة النقدية في الجزائر التي تدير النظام البنكي بموجب هذه التشريعات و بالاخص قانون النقد و القرض و الامرية الصادرة في 2003 تحصر هذه السلطة في هيئتين هما :
– وزارة المالية
– بنك الجزائر ) البنك المركزي (
مهام وزارة المالية تتمثل في وضع سياسة نقدية على مستوى الحكومة و بالتحديد الوزارة المكلفة بالمالية الوصية على النظام البنكي و المالي. و على مستوى وزارة توجد مديرية الخزينة التي تعد الادرة المكلفة بشؤون البنوك و الشؤون المالية .
-بنك الجزائر ) البنك المركزي ( يعمل تحت وصاية وزارة المالية ، محافظ البنك ، و ثلاث مساعديه يعينون من طرف رئيس الجمهورية . يتلقى من طرف الدولة الإشراف على العملة و القرض و على هذا الاساس فهو مسئول على السير الحسن للعملة القرض . و يشارك في هذا الأساس في تحضير ووضع سياسة تخص المالية و النقد المقررة من الحكومة .بوظيفته هذه فان البنك الجزائر يمثل :
* هيئة الإصدار و هو بهذا الأساس الهيئة الوحيدة المكلفة باصدار النقود التي تعتمد كنقود قانونية ، وهو يراقب و ينظم الكتلة النقدية و يدير احتياطي الصرف للبلاد و يسوي العلاقات ما بين الدينار والعملات الأجنبية .
* هو بعد ذلك بنك الدولة فهو يقوم بنفس الدور الذي تقوم به البنوك اتجاه زبائنها .
– فهو يعطيها القروض و يمسك الحساب الجاري للخزينة و يقوم لحسابها بكل عمليات الصندوق .
* وهو أخيرا بنك البنوك لأنه يمول البنوك في حدود السياسة النقدية و القرض و عمليات المقاصة و الصكوك الغير مسددة

1. د.عبد المجيد قدي ” المدخل إلى السياسات الإقتصادية الكلية ” ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2003
2. د.عبد المطلب عبد المجيد ” السياسات الإقتصادية تحليل جزئي وكلي ” مكتبة زهراء الشرق
3. د.بلعزوز بن علي ” محاضرات في النظريات والسياسات النقدية ” ديوان المطبوعات الجامعية 2004
4. د.زينب عوض الله،د.أسامة محمد الفولي ” أساسيات الإقتصاد النقدي والمصرفي” منشورات الحلبي بيروت 2002
5. د. يعدل بخراز فريدة ” تقنيات وسياسات التسيير المصرفي ” ديوان المطبوعات الجامعية 2000
(2) جريدة الخبر الصادرة بتاريخ 13/05/2002.
1.Banque d’Algérie (2001) « Instruction n004/2001 modifiant n0 01/2001 relative au régime de réserve obligatoire » Revue Media Bank n053

 

رابط المصدر:

https://www.politics-dz.com/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%82%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a7%d8%a6%d8%b1/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M