الصنمية … مرض القاعدة أم مرض القيادة ؟

بهاء النجار

طرِح مصطلح (الصنمية) في منتصف تسعينات القرن الماضي عندما قام السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره بنهضته الإصلاحية ، حيث كان ينتقد تعامل الأمة مع قيادتها تعامل المشركين مع الأصنام ، بحيث يقدسون الأصنام التي لا تنفع ولا تضر ولا تقدم ولا تؤخر الى درجة التأليه ، وهذه الحالة أينما وجدت فهي منبوذة ، سواء صدرت من المشركين أم من غيرهم ، ولكن للأسف فهم العامة أن هذا الانتقاد موجه الى القيادة دون القاعدة ، فأبعدوا الشبهة عنهم ورموها في ساحة القيادات وبالخصوص القيادات الدينية .
مع إنهم نسوا أو غفلوا أو جهلوا أن (الصنمية) ابتلاء يصيب القاعدة أكثر من القيادة ، بدليل أن هناك قيادات لم تتصف بالصنمية وكانت متحركة ونازلة للشارع ومحركة له وتعيش آلامه وتسعى لتحقيق آماله ، ومع هذا تجد القاعدة الجماهيرية لتلك القيادات تصنّمها ، فلا تعرف ماذا يريد قائدها ، وكل ما تعرفه ترديد ما يقوله من دون فهم أو معرفة أو وعي ، بحيث أن قائدهم يشكو منهم ومن أساليبهم بسبب جهلهم لما يريده .
فكل شخص منا عليه أن يعي أنه اتبع قائداً وفق ضوابط شرعية وعقلية لا وفق مبدأ المشركين ( هذا ما ألفينا عليه آباءنا ) ، فإن تحققت الضوابط في شخص معين سلمناه القيادة وعندها له حرية الحركة في المجالات التي نجهلها ، أما ما يمكن أن نعرفه ولا يعرفه فهذا أمر طبيعي وعندها علينا إعلامه بها لا أن نخالفه ونعرقل عمله ونعمل ضده ، وبما أن تحقق الضوابط جاء بقرار شخصي من قبل كل فرد من الأتباع فيمكن أن يكون القرار شخصياً عند عدم توفر تلك الضوابط أو نقصانها أو انحراف القائد عنها .
إن الصنمية مرض تقع به الجماهير نتيجة لجهلهم وعدم معرفتهم بمسؤولياتهم تجاه قيادتهم وعدم معرفة مسؤوليات قيادتهم تجاههم ، وحتى يخدعوا أنفسهم بأنهم أدوا ما عليهم وافرغوا ذمتهم ألقوا ما بذمتهم في ذمة قيادتهم ( ذبها براس عالم وطلع منها سالم ) ، وقد نرى في بعض الأحيان تعظيم شخصيات تاريخية كان لها أثر كبير في تغيير واقعها الديني والسياسي والاجتماعي ، وهذا التعظيم ليس لأن هذه الشخصية تستحق التعظيم وإنما لنخدع أنفسنا ونطمئنها بأننا على حق ، وأي اتجاه مخالف فهو باطل بلا نقاش ، وبذلك أرحنا أنفسنا (الأمارة بالسوء) ولو على حساب عقائدنا ، هذا التعظيم المزيف هو وجه ثانٍ للصنمية ونتيجة أخرى لنفس السبب وهو إبعاد المسؤولية عن أنفسنا وطمأنتها بأنها خالية الذمة لأنها تتبع قيادة عظيمة صنّمتها من حيث لا تشعر .
مع إن إثبات وجود الخالق يحتاج الى برهنة وأدلة فكيف إثبات غيره ؟!

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M