اوبك وحرب الحصص: الخاسر الاكبر والرابح الاكبر

دلال العكيلي

حرب الأسعار وتنازع الحصص السوقية تهبط بـالنفط بأكثر من 25% وموجة هلع وسقوط حر في الأسواق بفعل فشل اتفاق أوبك وفيروس كورونا، في هذه الاوضاع كدس العملاقان النفطيان روسيا والسعودية احتياطيات مالية هائلة ستساعدهما على خوض حرب أسعار طويلة لكن في لعبة عض الأصابع هذه، من سيصرخ أولا؟ انهارت أسعار النفط العالمية بمقدار الثلث بعد أن خفضت الرياض أسعار خاماتها وأشارت إلى أنها ستزيد الإنتاج، لتهوي أسهم شركتي النفط الوطنيتين أرامكو السعودية وروسنفت، والبلدان هما أكبر مصدرين النفط في العالم ولدي كل منهما حوالي 500 مليار دولار في خزائنه ستقيه الصدمات الاقتصادية بينما يباهي كلا الخصمين بقدرته على الصمود.

فقد قالت موسكو إن بوسعها تحمل أسعار نفط بين 25 و30 دولارا للبرميل لفترة تصل من ست سنوات إلى عشر في غضون ذلك، تستطيع الرياض تحمل النفط عند 30 دولارا للبرميل، لكن سيكون عليها بيع مزيد من الخام لتخفيف الأثر على إيراداتها، بحسب مصادر مطلعة، غير أن حرب استنزاف ستكون مدمرة على أي حال وستجبر كلا البلدين على تغييرات اقتصادية صعبة كلما طالت، وقال حسنين مالك، مدير استراتيجية الأسهم في تليمر، “كما في أي حرب، يتلخص الأمر في حجم الألم الذي يستطيع كل جانب امتصاصه”

في السعودية، أعطى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الضوء الأخضر للمملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، للضخ بأقصى سعة بعد أن رفضت روسيا مقترح أوبك لتعميق التخفيضات من أجل التأقلم مع تفشي فيروس كورونا، وفقا لمصدرين مطلعين، تقع نقطة التعادل المالي السعودية – أي سعر النفط الذي يحقق ميزانية بلا عجز – عند حوالي 80 دولارا للبرميل، بما يعادل مثلي نقطة التعادل لروسيا، حسبما ذكر مالك من تليمر، تتمتع السعودية باحتياطيات أجنبية تبلغ 500 مليار دولار ونسبة منخفضة للدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 25 بالمئة مما يتيح مجالا واسعا للاقتراض.

وجمعت المملكة أكثر من 100 مليار دولار ديونا بالعملة الصعبة منذ 2016 لتعويض أثر انخفاض أسعار النفط، وهوت السندات الدولية الصادرة عن الحكومة وعملاقها النفطي أرامكو في المعاملات المبكرة، وانخفض الريال السعودي انخفاضا حادا أمام الدولار الأمريكي في السوق الآجلة، ورغم هذا، فإن تدني أسعار الفائدة العالمية والخفض الحديث لفائدة مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي يعنيان أن بوسع المقترضين طرق أبواب مستثمري أدوات الدين بأسعار رخيصة نسبيا بصرف النظر عن تقلبات السوق.

لكن المشكلة بالنسبة للرياض تتمثل في أن بقاء أسعار النفط منخفضة على نحو مستدام قد يكبح الإنفاق الحكومي على مشاريع ضمن مساعي ولي العهد لتنويع موارد الاقتصاد، وقالت مونيكا مالك، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، إنه في ظل تراجع أسعار النفط إلى أوائل نطاق الثلاثين دولارا للبرميل، فإن السعودية ستسجل عجزا في خانة العشرات كنسبة من الناتج الإجمالي هذا العام – ارتفاعا من 6.4 بالمئة متوقعة في الميزانية.

“صندوق الكنز”

تحت رئاسة فلاديمير بوتين، كدست روسيا احتياطيات بنحو 570 مليار دولار وحررت سعر صرف الروبل، مما يسمح له بالتجاوب السريع مع أوضاع السوق والانخفاض، ويقول المحللون إن روسيا في وضع أفضل بكثير لتحمل صدمة اقتصادية عنها في 2014 عندما فرض الغرب عقوبات بسبب ضمها لمنطقة القرم من أوكرانيا، أو منها في العام 2008 عندما عصفت بها الأزمة المالية العالمية.

وقال وزير المالية أنطون سيلوانوف متحدثا عن الاحتياطيات كثيرون انتقدونا، قالوا هذا مثل صندوق كنز، إن وزارة المالية تكنز الذهب، لكن الوضع قد يتغير الآن وسنمول جميع النفقات التي تحملناها ونحن ملتزمون باستخدام صندوق الكنز هذا، تشمل الاحتياطيات البالغة 570 مليار دولار صندوق الثروة الوطني، البالغ حجمه 150.1 مليار دولار بما يعادل 9.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا وقالت وزارة المالية إنه يمكن استخدام الصندوق لتخفيف أثر تراجع إيرادات النفط عند الضرورة، في غضون ذلك، قال البنك المركزي إنه سيعلق مشتريات النقد الأجنبي لثلاثين يوما في محاولة لتخفيف الضغوط عن الروبل وإنه سيأخذ أوضاع السوق في الحسبان عند البت في المضي قدما في عطاءات السندات الحكومية المقومة بالروبل الروسي في المستقبل.

لكن الروبل تهاوى إلى أضعف مستوياته منذ أوائل 2016 في سوق بين البنوك وتراجعت أسهم الشركات الروسية بشدة في لندن مع انخفاض عملاقي النفط روسنفت ولوك أويل 20.4 بالمئة و18.5 بالمئة على الترتيب، وقال أوليج فيوجين، مدير مجلس بورصة موسكو، إن روسيا ستواجه تضخما وأسعار فائدة أعلى بسبب حرب الأسعار، وقال كريس ويفر، مدير ماكرو-أدفيزوري الاستشارية، إنه ما زال من الممكن أن تقرر موسكو استئناف التعاون مع أوبك بحلول الخريف إذا ظلت الأسعار بالغة التدني، وأضاف “سيتردد بوتين في استنزاف الاحتياطيات المالية أكثر من اللازم لتمويل عجز آخذ بالاتساع”.

السعودية تتحرك لاقتناص حصة روسيا بسوق النفط

قالت سبعة مصادر نفطية إن السعودية تكثف جهودها لإخراج خام الأورال الروسي من أسواقه الرئيسية عن طريق طرح إمداداتها بأسعار رخيصة بعد انهيار اتفاق دعم أسعار النفط العالمية الذي ظل قائما بين البلدين لفترة طويلة، وأبلغت مصادر بالسوق رويترز أن أرامكو السعودية تحاول إحلال خام الأورال في لقيم شركات التكرير بأنحاء العالم، من أوروبا إلى الهند، وأبلغ مصدر في شركة نفط غربية كبرى رويترز “إنهم (السعوديون) يطرقون جميع الأبواب عارضين الكثير وبأسعار رخيصة” وقالت المصادر إن أرامكو التي تسيطر عليها الدولة تجري محادثات مع شركات تكرير أوروبية كبيرة من بينها مشترون كبار لنفط الأورال مثل نستي أويل الفنلندية وبريم السويدية وتوتال الفرنسية وسوكار الأذربيجانية وإيني الإيطالية.

وأضافوا أن هذا الأسلوب بدأ يؤتي ثماره، حيث طلبت شركات تكرير كميات إضافية من الخام السعودي للتحميل في أبريل نيسان بأسعار “مغرية للغاية” ولم ترد أرامكو السعودية ولا نستي أويل أو توتال وبي.بي وبريم وإيني وسوكار على على طلبات للتعقيب حتى الآن، انهار التعاون بين موسكو والرياض بشكل درامي بعد رفض روسيا دعم تعميق تخفيضات إنتاج النفط التي عرضتها السعودية لمواجهة تراجع الطلب على الخام نتيجة تمدد تفشي فيروس كورونا، وتعتقد روسيا أن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لتقييم جميع المخاطر.

نتيجة لذلك، ستطلق السعودية من أول أبريل نيسان العنان لاثني عشر مليون برميل من النفط يوميا في السوق والطاقة الإنتاجية القصوى لروسيا 11.80 مليون برميل يوميا، وتحتل آسيا وأوروبا صدارة أسواق صادراتها، وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن خطط السعودية لزيادة الإنتاج “ليست الخيار الأفضل” ويلتقي نوفاك مع شركات نفط روسية في موسكو، وقال مصدر من شركة أوروبية تتعامل في خام الأورال “الرياض غاضبة بالفعل من موسكو بسبب موقفهم في اجتماع أوبك، لذا يستهدفون أسواق خام الأورال أولا”، وقالت مصادر بالسوق إن أرامكو السعودية تحاول أن تحل محل الأورال في لقيم شركات التكرير في محاولة لمعاقبة موسكو وأيضا إعادة الروس لطاولة التفاوض، وقال المصدر الثالث، الذي يجري حسابات لدار تجارة عالمية، إن أرامكو السعودية قد ترسل 1.5 مليون برميل يوميا إضافية إلى أوروبا في أبريل نيسان فقط.

“أسعار رائعة”

حروب النفط بين روسيا والسعودية ليست بالجديدة: فقد خاضا مواجهة قبل اتفاق أوبك+ قبل ثلاثة أعوام لكن السعودية مستعدة للذهاب بعيدا هذه المرة، حتى إذا وصل بها الأمر إلى تزويد روسيا البيضاء، فقد أخفقت روسيا وجارتها السوفيتية السابقة في التوصل إلى اتفاق جديد بشأن إمدادات النفط في يناير كانون الثاني، لتبدأ مينسك البحث عن بديل لخام الأورال، وقال مصدر من شركة في روسيا البيضاء تتعامل في النفط “نعمل مع السعودية منذ العام الماضي، وكان هناك اجتماع في لندن… الأسعار رائعة بحق”.

وقالت روسيا البيضاء إنها ستظل تستورد نفطا خاما بديلا حتى في حالة استعادة الإمدادات من موسكو بالكامل، وقال متعاملون إن السعودية تسعى أيضا لأن تحل محل خام الأورال في أسواق غير معتادة للخام الروسي مثل الهند والولايات المتحدة، وقال مصدر بالسوق في الولايات المتحدة “كانت هناك مكالمات هاتفية خلال من أرامكو للرؤساء التنفيذيين بالشركات الكبرى وكبريات الشركات المستقلة بشأن تلقي المزيد من النفط السعودي على، يتعلق الأمر بتحميلات نفط في أبريل نيسان – لتصل الولايات المتحدة في مايو أيار ويونيو حزيران”، وطلبت شركات تكرير هندية، كانت تزيد مشتريات النفط الروسي في الأشهر الأخيرة، نفطا سعوديا إضافيا هي الأخرى، وقال مصدران إن شركة الطاقة الوطنية الأذربيجانية طلبت ثلاثة ملايين برميل من السعودية للتحميل في أبريل نيسان من أجل مصفاة ستار التابعة لها في تركيا، والتي تعالج حتى الآن خام الأورال بشكل رئيسي.

وتجري توتال الفرنسية، أحد أكبر مشتري خام الأورال، محادثات مع أرامكو السعودية لزيادة ما تحصل عليه من الخام السعودي بما بين 600 و700 ألف برميل يوميا الشهر المقبل، وذلك بحسب مصدر آخر على دراية بخطط الشركةن وقال متعاملون إنه ربما تتلقى نستي أويل وإيني وبريم نفطا إضافيا من الرياض، بدءا من شحنة واحدة وحتى ثلاث شحنات أو أربع، هبطت فروق أسعار خام الأورال الروسي مع برنت المؤرخ بعد التحرك السعودي، لكنها لم تبلغ بعد منخفضات تاريخية.

أسعار النفط “المجنونة” من السعودية

يتأهب متعاملو النفط الآسيويون لجولة أخرى من تراجعات الأسعار الكبيرة لخامي برنت ودبي الرئيسيين بعد أن خفضت السعودية، أكبر مُصدر في العالم، الأسعار، لتعيد إشعال معركة حصص السوق بين كبار المنتجينن كانت حرب الحصص السوقية السابقة بين أكبر منتجي العالم، مثل السعودية وروسيا ومنتجي الشرق الآوسط، اندلعت بين 2014 و2016 حين حاولوا تضييق الخناق على إنتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة عن طريق خفض الأسعار وتوفير المزيد من الإمدادات إلى آسيا.

انتهت تلك المعركة عندما أبرمت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا اتفاقا لتقليص الإنتاج، وانهارت تلك الهدنة عندما فشلت أوبك بقيادة السعودية في التوصل إلى اتفاق مع روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، لتعميق خفض الإنتاج بهدف رفع الأسعار، وانخفض سعر خام القياس العالمي برنت أكثر من تسعة بالمئة إلى 45.27 دولار للبرميل، وهي أكبر خسارة في يوم واحد خلال 11 عاما.

ودارت التخفيضات لآسيا، التي تعد سوق نمو رئيسية، بين أربعة وستة دولارات للبرميل، وهو على الأرجح أكبر انخفاض في الأسعار على الإطلاق وثلاثة أمثال التوقعات التي كانت لخفض بمقدار دولارين للبرميل للخام العربي الخفيف، وقال تيلاك دوشي، من معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية، “يبدو الأمر بمنزلة صدمة سعودية شاملة واستراتيجية ترهيب بهدف زيادة الكميات السعودية والتنافس مع النفط الروسي في فنائهما الخلفي بأوروبا وآسيا” وأضاف دوشي، الذي عمل سابقا لدى أرامكو السعودية، “قد يكون هذا أسوأ من النصف الثاني من 2014، وقد تختبر الأسعار 30 دولارا أو حتى 20 دولارا في ضوء صدمة الطلب المتزامنة مع تأثير فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي”.

وقال متعامل لدى شركة تكرير بشمال آسيا إن تخفيضات الأسعار “المجنونة” يمكن أن تقود برنت إلى مستوى 40 دولارا للبرميل قريبا، وقال متعاملون ومحللون في آسيا إن التراجع في تكاليف الخام سيدعم على الأرجح هوامش شركات التكرير الآسيوية التي تضررت جراء انخفاض الطلب من تفشي فيروس كورونا، وقال أحد المصادر “إنها أخبار سارة لشركات التكرير والمستهلكين”.

وصار بمقدور المشترين الآسيويين المفاضلة بين الخيارات بعد أن فُتحت أمامهم نوافذ المراجحة للنفط من أوروبا وإفريقيا والأمريكتين عقب تقلص العلاوة السعرية لخام برنت فوق دبي بحدة وانخفاض أسعار استئجار الناقلات عن مستويات الذروة المسجلة لها في يناير كانون الثاني، وقال دوشي “من غير الواضح كيف سيرد منتجو النفط الصخري الأمريكيون نظرا للحجم الكبير الذي محل خيارات بيع ولأن كبار المنتجين مثل إكسون موبيل وشل جيوبهم عميقة وبالتالي ليسوا مضطرين إلى الرد بشكل فوري عن طريق خفض الإنتاج”.

وقال المتعاملون إن من المتوقع أيضا أن تنخفض الأسعار الفورية بدرجة أكبر من الأسعار الآجلة، مما سيشجع على تخزين النفط، كانت المرة السابقة التي يحدث فيها هذا الوضع – تراجع السعر الفوري عن الآجل – في 2014 و2015 وجرى حينئذ تخزين ملايين البراميل من النفط على متن السفن والناقلات في أنحاء آسيا وأوروبا وإفريقيا.

اختناقات التصدير تحد من قدرة روسيا على زيادة إلانتاج

أفادت مصادر في السوق وحسابات لرويترز يوم الثلاثاء أن قدرة روسيا على زيادة إنتاج النفط سريعا عقب انهيار اتفاق عالمي لخفضه مقيدة باختناقات في قدرات التصدير، وأخفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ودول أخرى كبيرة مصدرة للنفط بقيادة روسيا في التوصل لاتفاق بشأن مزيد من التحركات المشتركة للحد من الإنتاج عقب انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي في نهاية مارس آذار، وكانت شركات النفط الروسية، خاصة أكبر منتج روسنفت، تشكو منذ فترة طويلة من أن القيود تتسبب في خسارة روسيا حصة سوقية لصالح الولايات المتحدة بالأساس التي لا تشارك في اتفاق الخفض.

وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن كل قيود الإنتاج المرتبطة بالاتفاق مع أوبك ستُرفع اعتبارا من الأول من أبريل نيسان، مما وضع روسيا في مواجهة مع السعودية في حرب على الحصص في السوق، وأعلنت السعودية في وقت سابق عن خطط لرفع إمدادات الخام إلى 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان.

وكرر نوفاك القول إن روسيا قادرة على رفع إنتاج النفط بما يتراوح بين 200 و300 ألف برميل يوميا وربما بما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من نحو 11.3 مليون برميل يوميا تنتجها حاليا، لكن شحن تلك الكميات من النفط إلى خارج روسيا قد يكون أمرا معقدا بسبب اختناقات في البنية التحتية للتصدير ويصل موسم الصيانة في المصافي الروسية لذروته في أبريل نيسان ومايو أيار مما يعني أن المزيد من الخام سيُصدر بدلا من تكريره محليا.

كما لم تبرم روسيا بعد اتفاق تسليم هذا العام مع روسيا البيضاء التي تشتري في العادة 1.5 مليون طن من النفط الروسي شهريا وستشحن روسيا نحو ثلث تلك الكمية إلى روسيا البيضاء في مارس، لكن هناك حاجة لتوجيه البقية إلى مكان آخر، وقال مصدر في شركة نفط روسية كبيرة “ليس هناك الكثير من المتسع في خطوط الأنابيب لرفع الإنتاج بسبب صيانة المصافي وروسيا البيضاء… كما أن زيادة الإنتاج ليست منطقية في ظل انخفاض أسعار النفط خاصة بالنسبة للمشروعات البحرية (مرتفعة التكلفة)”.

وأحجمت شركات إنتاج النفط الكبرى في روسيا ووزارة الطاقة عن التعليق على الاختناقات المحتملة، وقال مصدر في شركة تجارة تعمل في روسيا “الربيع هو أسوأ توقيت لروسيا لزيادة الإنتاج الصيانة الموسمية في المصافي المحلية تؤدي لارتفاع التصدير على أي حال، وبالتالي إذا أضفنا زيادة في الإنتاج فليس هناك طاقة تصدير كافية” وقال نوفاك أيضا إن روسيا لا تستبعد اتخاذ إجراءات مشتركة أخرى مع أوبك لتحقيق الاستقرار في سوق النفط وهو موقف كرره الكرملين فيما بعد.

دعوة للتعاون بين الدول المنتجة للنفط للتغلب على تداعيات فيروس كورونا

حثت لوك أويل، ثاني أكبر شركة للنفط في روسيا، الدول المنتجة للخام على مواصلة التعاون للتغلب على آثار فيروس كورونا على سوق الطاقة، وأبلغ وحيد الكبيروف رئيس لوك أويل مستثمرين في مؤتمر عبر الهاتف أيضا أنه يتوقع اجتماعا هذا الشهر للجنة خبراء من أوبك ودول غير أعضاء بالمنظمة لوضع مقترح لاستقرار سوق النفط التي هوت مع انهيار اتفاق بين أوبك وروسيا ومنتجين آخرين لكبح الإمدادات.

وانهار الاتفاق بعد أن رفضت روسيا دعوة من منظمة البلدان المصدرة للبترول إلى تعميق التخفيضات الانتاجية ونتيجة لذلك ألغت أوبك كل قيودها على الانتاج، واعدة بإغراق السوق بإمدادات إضافية، وستجتمع اللجنة الفنية المشتركة للتحالف غير الرسمي المعروف باسم أوبك+، الذي يضم أوبك وروسيا ومنتجين آخرين، في فيينا في منتصف مارس آذار، وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن روسيا سترسل ممثلا لها إلى الاجتماع، وقال الكبيروف “آمل أنه بعد اجتماع اللجنة الفنية لأوبك+ في مارس، فإن الدول سيكون بمقدورها التوصل إلى قرار يحقق المنفعة المشتركة، وهو ما سيسمح باستقرار الأسعار والسوق”.

وأبلغ مدير بالشركة المؤتمر أن خطط لوك أويل لزيادة انتاج النفط والغاز بما يصل إلى 1 في المئة هذا العام لم تتأثر بهبوط أسعار الخام وأنها ستلتزم بخطة لإنفاق 550 مليار روبل (7.7 مليار ولار) في 2020 وقال الكبيروف إن لوك أويل أفضل استعدادا للنفط الرخيص مما كانت قبل خمسة أعوام عندما اجتاحت اضطرابات الأسواق بسبب تخمة في المعروض هوت بأسعار الخام، وأضاف أنه سينضم إلى اجتماع بين وزير الطاقة الروسي وممثلي شركات النفط الروسية الأخرى.

بنك أوف أمريكا يتوقع نزول برنت مؤقتا لنطاق 20 دولارا

انضم بنك أوف أمريكا جلوبال ريسيرش إلى بنوك أخرى في خفض توقعات أسعار الخام، متكهنا بهبوط برنت إلى نطاق العشرين دولارا خلال الأسابيع المقبلة بعد أن بدأت السعودية حرب أسعار على خلفية إخفاق أوبك في التوصل إلى اتفاق لتخفيض الإنتاج، فقدت أسعار النفط ما يصل إلى ثلث قيمتها في أكبر هبوط يومي لها منذ حرب الخليج في 1991، وذلك بعد أن خفضت السعودية سعر البيع الرسمي لنفطها وأعلنت خططا لزيادة إنتاج الخام بشكل كبير، وكتب محللو بنك أوف أمريكا في مذكرة يوم “تقليل الخصم السعري مقارنة مع خامات النفط المحلية مثل غرب تكساس الوسيط وبرنت والأورال يهدف إلى دعم الطلب على الخام السعودي في الوقت الذي يصيب فيه فيروس كورونا أجزاء كبيرة من آسيا وأوروبا بالشلل”، وخفض البنك توقعاته للأسعار في 2020 إلى 45 دولارا للبرميل من خام برنت بدلا من 54 دولارا وإلى 41 دولارا لخام غرب تكساس الوسيط من 49 دولارا في وقت سابق وهذه هي المرة الثانية هذا الشهر التي يقلص فيها البنك توقعاته لأسعار النفط.

دول أوبك تفقد 500 مليون دولار يومياً

تفيد حسابات أجرتها رويترز أنه في ظل فقد النفط أكثر من ثلث قيمته بين عشية وضحاها بعد انهيار تحالف أوبك+، تنزف الدول الأعضاء في أوبك أكثر من نصف مليار دولار يوميا بسبب فاقد الإيرادات، ففي معظم الحالات، يتصدر النفط قائمة مصادر الدخل بالنسبة لأعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول وسيفرض مثل هذا النزول الحاد في الأسعار ضغطا على اقتصاداتها، وبعضها بالفعل، مثل إيران وفنزويلا، على حافة الهاوية.

تكبدت العقود الآجلة لخام برنت خسارة كبيرة بنحو 31 بالمئة لتسجل 31.02 دولار، وهو أدنى مستوى منذ منتصف فبراير شباط 2016 وعند هذا المستوى المتدني، تكون الأسعار متراجعة حوالي 20 دولارا للبرميل عن ذروة ما قبل اجتماع أوبك وحلفائها في السادس من مارس آذار، ووفقا لبعض لحسابات، يعني هذا أنه في المجمل، وبناء على متوسط إنتاجهم في فبراير شباط، فقد أعضاء أوبك إيرادات بأكثر من 500 مليون دولار.

تتجلى الخسائر بشكل أكبر بكثير عند مقارنتها مع المستوى المرتفع الذي بلغه برنت في يناير كانون الثاني عند 71.75 دولار للبرميل، كانت أوبك تدفع في اتجاه زيادة التخفيضات الحالية مع حلفائها، في إطار ما يعرف بمجموعة أوبك+، بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا إضافية إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا حتى نهاية العام ورفضت روسيا المقترح، مما تسبب في انهيار التحالف واندلاع حرب أسعار على الحصص السوقية.

وبالنسبة لبعض الدول، بما في ذلك السعودية أحد أغنى أعضاء المنظمة، كانت أسعار النفط التي تحقق نقطة التعادل المالي في الميزانية تفوق كثيرا بالفعل أسعار النفط قبل الانهيار الأحدث، وقال يان فريدريخ، مدير التصنيفات السيادية للشرق الأوسط وإفريقيا لدى فيتش، “يخفض نزول عشرة دولارات للبرميل في أسعار النفط الإيرادات المالية بين اثنين وأربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على حسب البلد، والأسعار التي تحقق نقطة التعادل المالي تزيد كثيرا على المستويات الحالية بالنسبة لجميع دول مجلس التعاون الخليجي”، وأضاف “لكن الدول الأعلى تصنيفا على الأقل، لاسيما الكويت وقطر والإمارات، لديها مصدات وفيرة، وبشكل رئيسي في صورة صناديق ثروة سيادية”.

تعليق التداول في بورصة “وول ستريت” لمدة 15 دقيقة إثر تسجيل خسائر كبيرة

تم تعليق التداول في بورصة “وول ستريت” في نيويورك بشكل موقت جرّاء الخسائر الكبيرة الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتصاعد المخاوف من فيروس كورونا المستجد، وجاء قرار تعليق التداول بعدما بلغت خسائر “إس آند بي 500” سبعة بالمئة، ولحظة التعليق، كان مؤشر “داو جونز” قد سجل انخفاضاً بنسبة 7,29%، ومؤشر “ناسداك” بنسبة 6,68%، وأطلق خسارة “إس أند بي 500” نسبة 7% تلقائياً آلية تعليق موقت للتداولات، ما أتاح للسوق والمستثمرين التقاط أنفاسهم وإذا خسر المؤشر نسبة 13%، يجري تعليق التداولات مرةً ثانية لمدة 15 دقيقة.

ومع بدء التداولات الساعة 13,49 ت غ، سجل “داو جونز” خسارة بنسبة 7,29% انخفاضاً إلى 23979,79 نقطة، أما “ناسداك” فخسر 7,10% ليبلغ 7966,94 نقطة، وفقد مؤشر “إس أند بي 500” نسبة 5,55% من قيمته ليبلغ 2807,43 نقطة، وبالإضافة إلى تأثير المخاوف المرتبطة بفيروس كورونا المستجد على بورصة نيويورك، تضررت أيضاً من انهيار أسعار النفط بأكثر من 20%، وفي أميركا اللاتينية، علق التداول 30 دقيقة في بورصة ساو باولو بعد تدهور مؤشر “إيبوفيسبا” بنسبة 10%، أيضاً على خلفية آثار كورونا المستجد على الاقتصاد والهلع من انخفاض أسعار النفط.

ويأتي ذلك بعد قرار السعودية خفض أسعار النفط بشكل كبير في أعقاب إخفاقها في التوصل لاتفاق مع روسيا الأسبوع الماضي حول الإنتاج، وأشار آرت هوغان من مؤسسة “ناشيونال” للاستشارات المالية إلى أن “انخفاض أسعار النفط أمر سيء للدول المنتجة للبترول وللأعمال في قطاع الطاقة”، من جانبها، سجلت شركة “بتروبراس” العامة البرازيلية للبترول خسارة بنسبة 24% قبل تعليق التداولات في بورصة ساو باولو، وأضاف هوغان “لكن المقلق أكثر، هو أن الانخفاض يوفر صورة قاتمة للمستثمرين بالنسبة الى النمو الاقتصادي العالمي”.

وفي مواجهة الهلع الذي يسود الأسواق، أعلن الاحتياطي الفدرالي، أنه سيرفع المبالغ التي يضخها يومياً في السوق النقدية، لتبلغ 150 مليار دولار على الأقل يومياً، من جهته، دعا كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي إلى “استجابة دولية منسقة” للتخفيف من أثر وباء كورونا المستجد على الاقتصاد، وفي مؤشر آخر الى حذر المستثمرين الشديد، انخفضت أسعار الفائدة لعشر سنوات على سندات الخزانة الأميركية وبلغت 0,4502% بعدما سجلت أدنى مستوى لها بنسبة 0,3137%.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/economicreports/22521

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M