بغداد وثلاثية (ميلوني، وماكرون، ولافروف)

د. عماد صلاح الشيخ داود  – أستاذ السياسات العامة/ رئيس تحرير مجلة قضايا سياسية/ جامعة النهرين
هل بدء موسم الحجيج إلى الغاز؟
توطئة:
تحدثنا الذاكرة العراقية منذ ستينيات القرن الماضي وماقبلها عن عديد من مسارات التعاون بين (بغداد من جهة وباريس وروما وموسكو من جهة أخرى ثانية) في مضامير الاقتصاد، والتربية والتعليم، والزراعة، والصناعة بكل مفاصلها، لا سيَّما الصناعات الميكانيكية، وتصنيع الشاحنات، والأدوية فضلاً عن الصناعة النفطية، والقطاع العسكري والحربي التي أفلت شيئاً فشيئاً منذ العام 1980، ووصلت إلى أقصى مديات القطيعة في أعقاب أحداث آب/ أغسطس 1990؛ لتعود على استحياء ما بعد برنامج النفط مقابل الغذاء، وتواصل قطيعتها إلا في بعض مفاصل المجال العسكري في أعقاب الاحتلال الأميركي 2003. ليشهد العراق في أعقاب تولى حكومة الأستاذ محمد شياع السوداني (التي أطلقت برنامجاً حكومياً يستهدف موضوعات التنمية المستدامة وتطوير قطاع الطاقة) زيارات عديدة من المسؤولين رفيعي المستوى في العواصم في أعلاه ستحاول هذه الورقة تحليلها في ضوء الدلائل على الساحة العراقية أو الإقليمية.
باريس-موسكو، والاهتمام الجديد ببغداد
زار رئيس الحكومة العراقية -في نهاية الشهر الأول من العام 2023- العاصمة الفرنسية باريس والتقى بالرئيس ماكرون؛ لتسفر الزيارة عن التوقيع على (51) اتفاقاً ثنائياً تتعلَّق بالمجالات الاقتصادية، والمالية، والثقافية، والعسكرية، وكذا الإصلاحات الإدارية الهادفة إلى تحسُّن الوضع المعيشي، يزاد عليها تنفيذ اتفاقات كانت مجمَّدة في قطاعات النقل والطاقة والاستثمار، من أهمها التوقيع منذ العام 2021 مع شركة «توتال للطاقة» الفرنسية على عقد بقيمة عشرة مليارات دولار، لكن صعوبات تعترض تنفيذه مع مساعي بغداد لتجديد شبكاتها الكهربائية. كما يشمل العقد، بناء وحدات تجميع، ومعالجة الغاز المستخرج من النفط الخام المستخدم لتوليد الطاقة، والتخطيط لبناء محطة للطاقة الكهروضوئية بقدرة (واحد غيغاوات) في جنوب العراق. كل ذلك يأتي في أعقاب احتضان العاصمة الأردنية انعقاد مؤتمر بغداد الثاني للتعاون والشراكة في ديسمبر من العام 2022 الذي جاء برعاية فرنسية، وبحضور الرئيس ماكرون ليؤكِّد سعي باريس لأن يكون لها دور في العراق، ومحاولة إعادته لمركزه الإقليمي والدولي، عن طريق المشاركة في هذا المؤتمر. وبأنَّ هناك دوراً بارزاً لفرنسا في الشرق الأوسط والإقليم، لا سيَّما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وفي مجال مكافحة الإرهاب، والتصدِّي للتطرف وَفْقاً لما صرَّح به النائب الأردني السابق (نضال الطعاني) لوكالة سبوتنك الروسية.
الدور الفرنسي المذكور لم يكن وليد الأيام الحالية، بل هو نسخة معدلة عن موقف باريس وتحالفاتها إزاء بغداد في أعقاب احتلال القوات الأميركية والمؤتلفة معها للأراضي العراقية إبَّان العام 2003. يوم أن تحالفت (موسكو وباريس فضلاً عن برلين)؛ لخلق محور رفض في القارة الأوروبية، وتحقيق فضيلة الضغط الأدبي على لندن وواشنطن وتوصيل رسالة إلى الملايين في العالم بأن ما يجري في العراق ليس مشروعاً «عالمياً” يومها كان المحور المذكو يستند على أسس اقتصادية تُصْدِّر بموجبها روسيا النفط والغاز وتحصل في المقابل على التقنية الحديثة والأموال اللازمة للنهضة الاقتصادية؛ أي: بمعنى الاستفادة الاقتصادية لجميع أطراف المحور وهو ما تسعى إليه باريس وموسكو حتى مع انفراط عقد تحالفهما اليوم في ظل الحرب الأوكرانية-الروسية، أو جراء الدعم الروسي لأحزاب اليمين المتطرف الأوربية، ومنها الأحزاب الفرنسية، والإيطالية التي تُعدُّ الند الأول لحزب ماكرون الجمهورية إلى الأمام المصنف ضمن أحزاب الوسط التقدمي الليبرالي، أو من وراء التمدد الروسي في إفريقيا على حساب انحسار النفوذ الفرنسي ما خلق حالة من التنافس بين الطرفين.

لقراءة المزيد اضغط هنا

 

.

رابط المصدر:

https://www.bayancenter.org/2023/02/9431/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M