خصائص حرب المستقبل والتقنيات المعاصرة – نظرة اردنية

بقلم الدكتور فارس العمارات

 تمهيد

ظهرت الحروب منذ أقدم العهود، وتُعد ظاهرة من الظواهر الاجتماعية التي عايشتها الشعوب عبر الحقب المتفاوتة، والتي ظهرت نتيجة عوامل عدة كالسيطرة والبحث عن أماكن الأكل والماء والاستعمار، كما كانت هذه الحروب تختلف في حدتها وفي الأطراف المشاركة فيها، وقد ظهرت تعريفات عدة للحروب منها: أن الحروب عبارة عن نزاع مسلح بين طرفين أو أكثر، قائم أساساً على استخدام القوات المسلحة، سواء كانت في صورة جيوش نظامية أو جيوش غير نظامية، وسائل حربية عدة هادفة لإلحاق الضرر بالطرف أو الأطراف الأخرى في المقدرات العسكرية والمدنية لتحقيق أهداف معينة مهما طالت أو قصرت مدة ومهام وشكل هذه الحروب ولطالما دعا الإسلام للجنوح للسلم بعيداً عن اتخاذ الحرب سبيلاً لتحقيق الغايات وفي ذلك يقول الله تعالى: “يا ايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين” .(سورة البقرة، الآية 208)

فقد أصبحت الحروب من الظواهر المؤرقة لدول العالم أجمع، ولقد كانت هذه الحروب وما زالت سبباً في فناء حضارات دول، وظهور حضارات ودول جديدة، وقد شهدت مناطق تحظى باستراتيجية في موقعها بعدد أكبر من الحروب سعياً للحصول على مكاسب معينة ومن هذه المناطق منطقة الشرق الأوسط، وفي العصر الحديث خدم  التقدم العلمي والتقدم التكنولوجي في تطوير آلة الحرب المستخدمة، ومن خلال تطويع المختبرات والعامل والمصانع الحربية لإنتاج أسلحة فتاكة متقدمة، الأمر الذي ساهم كثيراً في تغيير شكل وخصائص حروب المستقبل مع ظهور أسلحة الدمار الشامل، ومع بدايات القرن الحادي والعشرين ظهرت تكنولوجيا حديثة ومبتكرة تسمح بتوظيف الآلة الحربية المتقدمة للقيام بعمليات عسكرية مختلفة كل لاختلاف عما كانت عليه الحروب قديماً.

كل ذلك يدفع نحو القول بأن حروب المستقبل لن تكون حروباً تقليدية، بل أنها ستكون حروباً تعتمد على استخدام معدات حربية ذات تقنية عالية، مما يقلل من الأعداد البشرية المستخدمة في الحرب، مع استخدام ما شهدته الآلة الحربية من تطورات تكنولوجية فائقة في خوض حروب سريعة معتمدة على التطورات العلمية والتكنولوجية والتي أحدثت ثورة في مجال الشؤون العسكرية، ونظم القتال المستقبلية، لذلك لا بديل أمام الجيوش العسكرية في مواكبة هذه التطورات في مجال تكنولوجيا الحرب للاستفادة منها في خوض حروب مستقبلية فعالة قصيرة المدة وعنيفة جداً.

 المحور الاول :التطور التاريخي للحروب من المنظور الاستراتيجي

  حروب ما قبل عصر البارود :

أ .      يعتبر القوس والسهم من أوائل الأسلحة المتقدمة التي أحدثت ثورة في فن القتال في عصر ما قبل البارود، ومع حلول العصر البرونزي تطورت التكنولوجيا العسكرية إلى حد كبير، حيث صنعت السيوف التي تحتوي على مقبص مصنوع من المعدن، كما استخدمت الخيول المدربة والتي كان لها دور كبير في الحسم العسكري، وبعد ذلك ظهر مفهوم إنشاء السفن الحربية ونمت الجيوش والتحصينات وأصبحت كبيرة وتم استخدام المقاليع ومحطمات الأبواب في تلك الفترة، وفي العصور الوسطى ظهرت الصولجانات والسيوف والرماح والقلاع، وإنشاء قوة من أسلحة الحصار للدفاع عن المواقع العسكرية، كما بنيت الخنادق والفخاخ للتعامل بطريقة مناسبة مع الأعداء.

مرت تقنيات الحرب في عصر ما قبل البارود بمراحل تطور عديدة تتمثل في:

أ-     المرحلة الأولى: تمثلت الاستراتيجية العسكرية في هذه المرحلة في حشد الجيوش وتنظيمها والأعداد للحرب، وتحديد مكن وزمان الحرب، وتوفير كل متطلبات تحقيق النجاح في المعركة، والقضاء على الأعداء والحصول على المعدات . (شفيق، 2008، ص27)

ب-    المرحلة الثانية: وقد ظهرت هذه المرحلة في عهد الإقطاع في أوروبا، واختصت هذه المرحلة بقضايا الحشد والتعبئة حيث كان الملك أ, الأمير يشكل الجيوش للحرب من الفرسان مقابل ما تم منحهم من الأراضي وكان الملوك والأمراء يقاتلون مع جنودهم.

جـ- المرحلة الثالثة: امتدت من القرن الرابع عشر وحتى الثورة الفنرسية، وقد ظهرت في هذه الفترة البارود وظهور البرجوازية وبداية عصر النهضة، وتطور المدفعية والمتفجرات وفي هذه الفترة ظهرت شخصيات ثلاث كان لها دور بارز في مجال الاستراتيجية هم: “ميكافيلي، وجوستاف، وأدولف الثاني ملك السويد وفريدريك الثاني الكبير” (شفيق، 2008، ص39)

وفي عهد الإسلام، فقد كانت أهداف الفتوحات الإسلامية الاستراتيجية واضحة، الأمر الذي ساعد الدولة على مواجهة جميع التحديات، فالغاية في الإسلام من الحروب هي نشر دعوة الإسلام وليس رغبة في التوسع، لذلك قامت الجيوش الإسلامية بحماية الدعوة، وتأمين قيام الدولة الإسلامية وتوفير الأمن والاستقرار لها.

كان خليفة المسلمين هو من يدير الفتوحات الإسلامية مع حُسن التخطيط والتنفيذ ، وأخذ كل وسائل السلامة والاحتياطات اللازمة، مع تطبيق مبدأ الشورى “وأمرهم شورى بينهم” الأمر الذي يساعد على توفير عوامل النجاح وتحقيق النصر في المعركة . (كمال، 1981)

ومن الإستراتيجيات العسكرية التي استخدمها الخلفاء المسلمون في الحروب استراتيجية الحسم، وخاصة في العراق (معركة القادسية) أما أبو بكر الصديق فاستخدم استراتيجية المراحل نظراً لعدم معرفة المسلمين بأسلوب قتال الفرس أو بطبيعة أرض العراق، حيث بُنيت على القيام بعدد من المعارك التكتيكية وبأسلوب (الكماشة) بهدف استراتيجي هو تحقيق السيطرة على منطقة ما.

وقد خطط صلاح الدين الأيوبي استراتيجياً للمعركة، عندما حاصر منطقة “طبريا” مركز الثقل الاستراتيجي للصليبيين، وذلك لإجبار الصليبيين على الخروج من حصونهم، وقد ساهم ذلك في سقوط مدينة القدس، حيث استطاع صلاح الدين أن يفرض ميدان المعرفة المناسبة لقواته من حيث الموقع، وتوفير التأمين الإداري وتوافر المياه مع حرمان العدو منها، وكذلك حرق الحشائش القريبة. (مدخل إلى الاستراتيجية، بلا)

حروب خلال القرن العشرين:

شهد القرن العشرين اندلاع حروب عديدة، كان لها الأثر الكبير في تغيير وجه العالم، وما زال البعض منها له أثر كبير في عصرنا الحالي، وبسبب هذه الحروب فقد ظهرت دول وسقطت دول أخرى، ومن هذه الحروب حرب البوبر في جنوب أفريقيا (1899-1902) والتي انتصرت فيها بريطانيا على جمهوريتي البوبا، والحرب الروسية اليابانية والتي حدثت (1904-1905) وفيها انتصرت اليابان على روسيا، ثم الحرب العالمية الأولى (1914-1918) وفيها انتصر الحلفاء على دول الوسط، وكذلك الحرب العالمية الثانية (1939-1945) والتي انتصر فيها الخلفاء على دول المحور، والحرب الهند الصينية الأولى (1946-1954) وفيها انتصرت فيتنام على فرنسا، والحرب الكورية (1950-1953) وحرب السويس (1956) والتي فيها انتصرت مصر، والحرب الهند الصينية الثانية (1956-1975) وفيها انتصر الشيوعيون على غير الشيوعيين (هوبزباوم، 2011، ص1100)

ومن الحروب الأخرى ايضاً حرب فوكلاند (1982) بين بريطانيا والارجنتين وانتهت باستسلام الأرجنتين، وحرب الخليج الأولى (1991) وقد انتهت بقبول العراق الانسحاب، ثم الحرب الأهلية في يوغزلافيا (1991-1995) بين سلوفينيا ومقدونيا وكرواتيا وحكومة يوغسلافيا المركزية (علي، 2016، ص30).

وتطورت آلة الحرب العسكرية في الحربين العالمية الأولى والثانية من خلال تطوير العديد من الأسلحة العسكرية الجديدة كالمدافع الرشاشة والدبابات والطائرات، وكذلك حاملات الطائرات والسفن الكبيرة، بالاضافة الىظهور الأسلحة الكيمائية والبيولوجية، وتم استخدام القنبلة الذرية وهذا ما ظهر عندما أُلقيت قنبلتان على مدينتي هيروشيما وناكازاكي، وفي أواخر القرن العشرين وتم توظيف تكنولوجيا الحاسوب، وظهرت اختراعات كالرؤيا الليلية والطائرات بدون طيار، كما ظهرت الحرب الإلكترونية (وولف، 1969، ص36).

شهد العالم في القرن العشرين عدداً من الحروب، وقد حظي الشرق الأوسط بنسبة لا بأس بها من هذه الحروب ويمكن توضيح ذلك كما يلي: (الخزرجي، 2005، ص23)

أ-حروب إقليمية تقليدية بين الدول العربية وإسرائيل في ثلاث حروب رئيسة، وقد غيرت المشهد الاستراتيجي في المنطقة وأظهرت فجوة القوة العسكرية متمثلة في التفوق العسكري الإسرائيلي، وظهور الخلافات العربية، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد في العام 1978.

ب-ظهرت الموجة الثانية من الحروب بين العرب وإسرائيل بواسطة حرب الجماعات العسكرية كمنظمة التحرير الفلسطينية بفصائلها، وجماعات الأكراد في العراق، وحركة حماس وحزب الله وقد جددت هذه الموجة نفسها بواسطة تعويض الأيديولوجية القومية العربية بالأيديولوجية الإسلامية.

ظهرت الموجة الثالثة من الحروب مع تطور المذاهب العسكرية والبُنية الاقتصادية في النظام السياسي الدولي، حيث بدأت الحروب الدولية بدءاً بعاصفة الصحراء عام 1991  وظهرت في هذه الفترة ثورة المعلومات العسكرية وهيمنة الأحادية القطبية على التوازن الاستراتيجي.

حروب خلال القرن الحادي والعشرين:

مما لا شك فيه، أن أي تكهن لمستقبل الحروب في القرن الحادي والعشرين يعني أن نعلن بشجاعة أن تطورات هذا الحقل لم تفشل عبر التاريخ في إيجاد المفاجآت، حيث أن المجال الحربي هو أكثر مجال شهد تطوراً بين مختلف الميادين الأخرى، وتشير العديد من الدلائل إلى أن العالم سيشهد العديد من الحروب التي ستشهد نقلة نوعية في طبيعة التقنية المستخدمة والأسلحة التي سيتم توظيفها من أجل تحقيق الحسم العسكري، ومن ذلك استخدام الطائرات بدون طيار، أو توظيف الفضاء الإلكتروني لعمليات حربية ضد العديد من الدول يتم عملها عن بعد (بلول، 2014، ص158)

شهد القرن الحادي والعشرين عدداً من الحروب وقد اختلفت الاستراتيجية العسكرية في هذه الحروب عن استراتيجيات الحروب السابقة العسكرية، وفيما يلي استعراض لعدد من هذه الحروب والاستراتيجيات العسكرية المتبعة .(عزالدين، 2013، ص24)

أ-     واجه الجيش الإسرائيلي المقاومة المسلحة في لبنان بقيادة حزب الله في (1982-2000) حيث صمد حزب الله أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية، مما دفع إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان في العام 2000.

ب-    الاحتلال الأمريكي للعراق الذي أخرج دولة كبرى من معادلات الصراع مع إسرائيل وأدى إلى اختفاء الجبهة الشرقية.

جـ-    نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان (2006) والتي بينت حدود القوة الإسرائيلية وهو بما تكرر في حرب إسرائيل على غزة في العام (2008-2009) حيث استطاع العدو أن يقتل ويدمر دون أن يفرض الاستسلام على الآخرين، لعدم قدرته في استثمار قوته العسكرية.

  • زاد من مخاوف إسرائيل إمكانية حصول دول عربية وإسلامية على أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل، واختفاء مظاهر الحرب النظامية، وظهور المقاومة المسلحة داخل الأراضي المحتلة وازدياد الاضطرابات في العراق.

إن هذه التطورات ساعدت بشكل كبير على نشر التمرد والإرهاب، وذلك من خلال توظيف التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم خاصة في شمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا، حيث ظهرت العديد من التقنيات كاستخدام أسلحة المشاة الحديثة، والعبوات الناسفة، والتفجيرات الانتحارية، وهو الذي ساهم في زيادة جماعات حرب العصابات التي أصبحت تطور عملياتها والآليات العسكرية التي تستخدمها، الأمر الذي رتب على العديد من الدول ضرورة مواجهة هذه الآليات المستخدمة من قبل هؤلاء المتمردين والإرهابيين لمواجهتها، كاستخدام تقنية حرب الطائرات بدون طيار.

ومما لا شك فيه أن حروب القرن الحادي والعشرين، ستشهد توظيفاً واسعاً لاستخدام الطائرات بدون طيار، كما سيتم التركيز على الجانب الاستخباراتي، والذي أثبت أنه عامل هام في تحقيق الحسم في كثير من العمليات العسكرية، الأمر الذي دفع الدول لتطوير الاستخبارات من خلال مؤسسات دائمة للحصول على المعلومات الهامة في مجال العمليات العسكرية، وهذا يعني أن حروب القرن الواحد والعشرين ستقوم على نهجين هما: مواصلة استخدام الاسلوب التقليدي في الحرب من شراء الأسلحة المتطورة والمناورات المشتركة والفردية لتحقيق الردع والتركيز على البعد اللامتماثل من خلال توظيف العمل الاستخباراتي الواسع وفي مقابل ذلك فعلى الأطراف الإقليمية والدولية أن تأخذ بإحدى التطورات التكنولوجية إذا أرادت تحقيق أهدافها واستقصاء الخيارات العسكرية التي من شأنها تعزيز فرص الوقاية من الحروب، وحسن إدارتها في حال وقعت من أجل تقليل أخطارها والمآسي الناجمة عنها. (بلول، 2014، ص160)

المحور الثاني :الحروب الحديثة والتقنيات المعاصرة

شهد العالم حربين عالميتين هما: الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية وكانت لكل حرب من هاتين الحربين أسباب تختلف في دوافعها عن الحرب الأخرى، كما أن الاستراتيجيات العسكرية التي تم استخدامها، والأطراف التي شاركت فيها كانت مختلفة، كما أن النتائج التي انتهت إليها كل حرب كانت مختلفة.

وقد أدى التطور الملحوظ في الجانبين العلمي والتكنولوجي إلى تطور الآلة العسكرية المستخدمة في الحروب، وكذلك الاستراتيجيات العسكرية المستخدمة، واصبحت الحروب حروباً غير تقليدية إذ ستحتوي على أسلحة ومعدات متقدمة بشكل كبير، مما قد يؤدي  إلى تغيير وجه القوات المسلحة خلال السنوات القادمة.

– الحروب العالمية الأولى والثانية:

حدثت الحرب العالمية الِأولى في العام 1941، وقد كانت هذه الحرب شرسة بدأت في أوروبا وانتهت عالمية، واستمرت لأكثر من أربع سنوات، وخلفت وراءها 9 ملايين قتيل، وأحدثت تغييرات كبيرة في سياسة الدول وأدت لحدوث ثورات عديدة.

تميزت الحرب العالمية الأولى بوضع خطط مدروسة على أساس توسيع حقوق سكك حديدية، ووضع جنود الاحتياط في مواقعهم وربطهم بوحدات الجنود النظاميين ثم نقلهم إلى جبهة القتال بسرعة فائقة، كما كانت بنادق جنود المشاة هي السلاح الأكثر شيوعاً على الجبهة الغربية، حيث وجدت بنادق مجهزة لحمل العديد من الأمشاط، وكانت البندقية البريطانية التقليدية تزخر بالرصاص، كما استخدم الجنود الألمان بنادق ذات خمس طلقات من نوع ماوزر جيوهار أما الجيش الأمريكي فاستخدم بنادق ذات خمس طلقات تسمى سبرنغ فيلد . (هايمن، 2012، ص57)

لعبت المدافع الرشاشة دوراً حيوياً غير متوقع في حرب الخنادق، حيث امتلكت الكتائب عدداً من المدافع الرشاشة وكانت كثيرة في الجانب الألماني، حيث زودت كل كتيبة بمدفعين كما استخدمت عوائق الأسلاك الشائكة لإيقاف العدو، كما تراوحت المدفعية ما بين الأسلحة الميدانية الخفيفة التي صممت لمرافقة القوات المتقدمة إلى الأسلحة الثقيلة التي تعمل بالمواقع الثابتة، وكانت لدى الجيوش نوعين من المدافع، المدافع القاذفة والمدافع الرشاشة، والتي تميزت بتوجيه ضربات من أعلى حتى لقوات العدو المتحصنة في الخنادق.

أما المدافع الرشاشة فكانت تطلق القذائق مباشرة باتجاه العدو، وكان الجيش البريطاني أفضل تجهيزاً من نظيره الفرنسي من جهة سلاح المدفعية، وقد أطلقت هذه القطع المدفعية لاقتحام خطوط العدو، أما الجيش الأمريكي، فقد كان قاصراً من حيث الأسلحة الثقيلة لأن غالبية المدفعية كان يحصل عليها من فرنسا وبريطانيا، كما استخدم الهاون من خلال إطلاق قذيفة هاون عالياً في الهواء لضرب العدو المتحصن في الأعلى ومن ذلك مدفع الهاون البريطاني من نوع ستوكس، كما استخدمت القنابل اليدوية التي كان يستخدمها المشاة أثناء الحرب المتنقلة ومن ذلك قنابل ملز الفعالة، كما استخدمت قاذفات اللهب والحربة والتي اثارت فزعاً بين الجنود المحاربين.

أما الزي العسكري فقد صمم للاختفاء من الأعداء ما عدا الجيش الفرنسي الذي ظل يرتدي البزة الزرقاء والحمراء الزاهية العائدة إلى القرن السابق، أما الجنود الألمان فقد ارتدوا الزي الرمادي بسماته التمويهية واضيف إليه القليل من الصبغة الخضراء الداكنة، كما استخدمت الخوذات على نطاق واسع بين مختلف الجيوش، وتم تزويد الجنود بوجبات منتظمة، كما حمل الجنود معهم بعض الأغذية الرئيسية كالبسكوت وغيره . (ليدل، 1988، ص59)

كانت الحرب العالمية الثانية هي عبارة عن نزاع دولي بدأ في العام 1937، في آسيا وفي العام 1939 في أوروبا، وانتهى في العام 1945 باستسلام اليابان، وقد نجم عن هذه الحرب مقتل أكثر من 100مليون جندي، وأكثر من 70 مليون من المدنيين، وقد استخدمت أسلحة جديدة في هذه الحرب، وتختلف عن الاسلحة التي استخدمت في الحرب العالمية الأولى.

تم استخدم العديد من الأسلحة من قبل قوات الحلفاء وقوات المحور، ومن هذه الأسلحة الصاروخ الموجه، بالحمام، والسيارة الجيب الطائرة، وقنبلة السهام المسمومة، والكلاب المضللة للدبابات والسفينة الجليدية، كما تم استخدام المدفع الكهربائي وقاهرة الدبابات الجالوتية والبالونات النازية، والمدفع المحمول على سكك حديدية، والسلاح السري لهتلر. (أحمد، 2016، ص16)

وقد استخدمت العديد من الاستراتيجيات العسكرية منها الاشتباك المباشر، وحشد القوة والهجوم لا الدفاع وخطة الحركة، والاستمرارية، كما ظهرت التحركات الدفاعية والهجومية والانسحاب والتطويق والحصار، في القوات المسلحة والقوات البرية والقوات الجوية، وغالباً ما شهدت مشاركة القوات البحرية، كما استخدمت سياسة اأرض المحروقة، وكانت روسيا هي أكثر دولة تمثل هذا الأمر بحرفية عالية.

حرب الخليج الأولى والثانية:

اولاً: حرب الخليج الأولى:

في العام 1968 بدأت الخلافات الحدودية بين ايران والعراق، خاصة بعد أن تم إلغاء الاتفاقية الحدودية المبرمة بين إيران والعراق سنة 1937، من قبل محمد رضا بهلوي، كما قامت القوات البحرية الايرانية باحتلال الجزر الإماراتية عام 1971، وفي العام 1972 بدأ الصدام العسكري بين إيران والعراق، وعلى إثره وقعت العراق وإيران اتفاق الجزائر سنة 1975، وتأزمت العلاقات بين البلدين في العام 1979، وفي العام 1980 بدأ القصف بين العراق وإيران وكان ذلك بمثابة البداية للحرب. (أبو غزالة، 1993، ص16)

تكونت القوات العراقية من (23,000) جندي من القوات البرية والجوية والبحرية وقوات الجيش الشعبي، حيث كان قوامها (12) فرقة عسكرية منها (5) فرق مدرعة وبقية الفرق من فرق المشاة والمشاة الآلية، وكان عدد الدبابات (1740) دبابة، وضمت القوات الجوية العراقية (18) فرداً مجهزة بخمسة أسراب اعتراضية مسلحة بطائرات ميغ (12 و14) و(3) اسراب سوخوي 7B واربع أسراب سوخوي (20)، وسرب طائرات هوكر هنتر، وسرب اليوشن وسرب توبولوف، أما قوات الدفاع الجوي فتألفت من (10) آلاف فرد تضم بطاريات الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات، أما عدد البحرية العراقية فكانت (4) آلاف منتسب .(السويدان، 1993، ص 55).

أما القوات الإيرانية، فتكونت من (415) ألف فرد في مختلف القطاعات العسكرية وتكونت التشكيلات الأساسية للقوات البرية من (10) فرق عسكرية، وكانت دبابات القتال تقدر بـ (1750) دبابة، وكانت هناك (325) مدرعة، و(520) طائرة حديثة، و (100) طائرة نقل و(205) مروحة هجومية و (3) مدمرات و(4) فرقاطات وعدة زوارق صواريخ وسفن ألغام.

  1. تميزت الحرب منذ بدايتها بضربة جوية قوية من الطيران الجوي العراقي مما حيد الطيران الإيراني، حيث بدأت الحرب بعدد من المقاتلات والقاذفات التي ضربت قواعد جوية لسلاح الجو الإيراني، وشنت إيران هجوماً بالطائرات وقد أعلن العراق إسقاط (68) طائرة وبعدها دفع الجيش العراقي بوحداته العسكرية إلى الاراضي الإيرانية على جبهة تمتد (800) كيلو متر كما تميزت الحرب بإدارة العراق لعمليات هجومية واسعة ثم لجأ إلى استراتيجية دفاعية شديدة الحذر، وذلك ليلتزم بإدارة حرب استنزاف دفاعية على أرضه، وتوجيه ضربات جوية وصاروخية ضد المنشآت الاقتصادية الإيرانية، كما عمدت إيران إلى عمليات هجومية بعد أن نحجت في إدارة حرب دفاعية ضد العراق.

تشابهت الدولتان في اعتمادهما في إدارة الصراع على قوات أخرى إلى جانب الجيش النظامي، فقد اعتمدت إيران على الحرس الثوري الإسلامي، أما العراق فاعتمد على قوات الحرس الجمهوري المدربة والمنضبطة، لذلك كان اشتراك قوات متعددة الأنظمة في قوات قتال واحد أو تكليف قوات غير نظامية بأعمال قتال رئيسية هو مجازفة كانت تتطلب الحذر والاحتراس، وقد يؤدي ذلك إلى خسارة المعركة وضخامة الخسائر المادية.

ثانياً: حرب الخليج الثانية:

كانت الاستراتيجية العسكرية العراقية تتمثل في ما يلي : (شعبان، 2003، ص54)

أ-     انقسام ساحة العمليات الكويتية إلى أنواع غير متجانسة (بحرية، صحراوية حضر) مما يتطلب إعطاء كل مكون من العوارض الأرضية إلى فيلق كقاطع عمليات وكذلك انفتاح كامل القوات البرية العراقية عدا قوات الحرس الجمهوري التي ستشكل الاحتياط الاستراتيجي.

ب-    يتطلب تعزيز الدفاعات الساحلية بقدرات القوة البحرية العراقية وإنشاء حقول الغام لإبقاء سفن العدو بعيدة عن أهدافها.

جـ- يتطلب الانفتاح أقصى ما يمكن ما يتيسير من إمكانيات القوى الجوية والقوة الجوية في هذه الساحة لأنها ساحة مفتوحة وللعدو إمكانيات جوية متفوقة.

د-     تدعو الحاجة إلى تشكيل احتياط كبير في ساحة العمليات العراقية.

هـ-    المنشآت النفطية في الكويت تحتاج إلى قوات إضافية لحمايتها.

ليلة 29/30 تشرين ثاني 1990 أصدر مجلس الأمن إنذاراً نهائياً للعراق بالانسحاب الفوري من الكويت ومنح العراق 45 يوماً كحد أقصى لتنفيذ ذلك، وحدد تاريخ 15 كانون الثاني 1991 يوماً لشن الحرب وقد ازدادت الحشود العسكرية حيث بلغت 400000 مقاتل  و(4000) دبابة، وعجلة قتال و(600) هيلكوبتر مسلحة ونقل (2000) طائرة مقاتلة وإسناد (400) قطعة بحرية، سبع حاملات للطائرات.

تمثل منطقة الخليج العربي منطقة حساسة بالنسبة للحسابات الاستراتيجية الأمريكية، لذلك كانت حرب الخليج الثاني تمثل تدخلاً أمريكياً واضحاً في منطقة الخليج العربي،حيث كانت السياسة الأمريكية تحسب للعراق حساباً، خاصة بعد انتصار العراق على إيران، وامتلاك العراق للخبرات العملية والعسكرية والصناعية التي قد تقود العراق مستقبلاً لامتلاك أسلحة قد تهدد كل من أمن اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

شهدت حرب الخليج الثانية بداية التحول الاستراتيجي لانطلاق الدول العظمى كامريكا من قاعدة إنهاء عصر الحروب الكبرى والعصر النووي، إلى قاعدة عصر الحروب الصغرى والذخائر الدقيقة التوجيه في إطار الاسترايجية العظمى، والتي تتمثل في الأحلاف الدولية وانعكس ذلك واضحاً على الحرب التي تخوضها أمريكا في مجالات التدريب والتسليح والتنظيم وأصبح لكل حرب من حروب المستقبل حيثما كان موقعها الجغرافي، وظروفها القتالية نوعاً من الخصوصية المميزة التي تفرض التعامل مع كل حرب متوقعة بطريقة خاصة وختلفة عما سبقها أو حتى عما قد يلحق بها. (أبو جاموس، 2005)

تميزت هذه الحرب بالتطور الكبير في العقائد القتالية للدول المشاركة في الحرب ضد العراق، مع استخدام أحدث الوسائل التقنية والأسلحة العسكرية، والأسلحة الذكية، كما وظفت الحرب النفسية من قبل قوات الحلفاء، وارتكز نظام التخطيط الاستراتيجي في العراق بالارتكاز على رأي رئيس بعض الدول بالرغم من امتلاك العراق للعديد من المؤسسات الفكرية في حين تتمتع دول  التحالف الرئيسة بوجود نظام تخطيط استراتيجي فعال وهيئات تشرف على هذه الاستراتيجيات .(أبو جاموس، 2005)

الحرب على الإرهاب (2001-2017):

لقد تسارعت وتيرة الوقائع الناجمة عن حرب أمريكا ضد الإرهاب ، منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001،في ظل حكومة الرئيس بوش الابن والمحافظين الجدد، والتي ساهمت في حدوث حربين في عامي 2001، 2003 في أفغانستان والعراق، وكانت أمريكا تهدف من وراء ذلك بسط سيطرتها على منطقة آسيا الوسطى، والسيطرة على منابع النفط في الخليج باحتلالها للعراق والوصول إلى بترول بحر قزوين.

تبين من خلال حرب أمريكا ومن معها على الإرهاب ما يلي: (الرقاد، 2016).

أ-     أن مصلحة أمريكا تأتي على قمة الغايات القومية التي تحددها استراتيجيتها الشاملة، ومن هنا يستند العمل السياسي والدبلوماسي وممارسة الدولة لسياستها الخارجية على قوى الدولة الشاملة.

ب-    أن القوى الشاملة للدولة وفي مقدمتها القوى العسكرية هي السند الرئيسي لسياسة الدولة في تحقيق أهدافها.

جـ- أن الهيمنة والتوسع لدى الدول هو قانون أزلي استمر عبر التاريخ.

أدت الحروب ضد الإرهاب إلى تداعيات على مدى السنوات الماضية على مستوى العالم والمنطقة وستظل هذه التادعيات تؤثر على المقومات الرئيسية لسياسات دول العالم بصفة عامة والدول العربية بصفة خاصة، وهذه التداعيات تتمثل في احتلال العراق وأفغانستان، ووجود عسكري كثيف في منطقة الخليج العربي والتاثير النفسي الحاد على شعوب المنطقة.

وقد ظهرت صور جديدة للتقنيات المستخدمة في الحروب على الإرهاب، يمكن إجمالها كالآتي:

أ.        الإرهاب الإلكتروني:  يعتمد  هذا النوع على استخدام إمكانيات ومقدرات الحاسب الآلي في ترويع وإكراه الآخرين كالدخول إلى أحد المستشفيات لتغيير وصفة لمريض تؤدي لوفاته، وهذا يعد حالة مستحدثة للإرهاب الإلكتروني الذي اصبح يهدد النظام العالمي المعاصر في القرن الحادي والعشرين، كما تسبب إطلاق الفيروسات عبر شبكة الإنترنت بخسائر فادحة في منظومات المعلومات والأجهزة المتصلة بها. (المالكي، 2010، ص254)

ب.      الإرهاب البيولوجي: تأتي الأسلحة البيولوجية على رأس أسلحة التدمير الشامل التي تلجأ لها الجماعات الإرهابية ويطلق عليها بقنبلة الفقراء النووية لأنها سهلة التصنيع وقليلة التكلفة، وهي سلاح فتاك مدمر. (الهواري، 2002، ص60)

ج.      الإرهاب النووي : وذلك من خلال امتلاك مواد نووية بطريقة غير قانونية وغير شرعية، وتظهر خطورة الإرهاب النووي في المواد النووية والمنشأة النووية ومصدر الإشعاع. (العموش، 2006، ص113)

د.       الإرهاب الكيمائي: حيث يتم ذلك من خلال استخدام غازات الأعصاب والغازات الكاوية والخانقة، وهي سهلة النقل والاستخدام وخطورتها عالية. (المالكي، 2010، ص252)

أثر الاستراتيجية والتقنيات المعاصرة على نظريات الحرب (البرية، الجوية، البحرية)

لقد كان للتطور التقني أثر كبير على طبيعة الصراعات والحروب في المسرح الحربية والمجالات العسكرية، وكما يلي: (بنجامين، 2012، ص103)

أ-   التقنية المعاصرة والحرب البرية: بسبب ما شهده العالم من تطور في التكنولوجيا والاكتشافات والمخترعات، فإن ذلك ساهم في تطوير الأسلحة والمعدات للقوات المسلحة البرية وقد ظهر أول استثمار للتكنولوجيا في الحرب العالمية الأولى من استخدام للأسلحة الرشاشة والغازات الحربية والدبابات وغيرها والاستفادة من الليزر والرادار والمدافع والألغام المغناطيسية وغير ذلك، وتستخدم القوات البرية العديد من الأسلحة الخفيفة الفتاكة كبندقية كلانشكوف 47 وبندقية أم (16) ورشاش أم 240 ورشاش كلانشنكوف الخفيف والبندقية الآلية الخفيفة (OBZ 95).

ب- التقنيات المعاصرة والحرب الجوية: سوف تتمثل المشكلة الرئيسية في حماية الطائرات على الأرض، حيث يمكن للخصوم إرسال مئات أو آلاف الطائرات الصغيرة بدون طيار وراءكل طائرة لضربها وهي تقف في محطتها، كذلك صعوبة حماية طائرات الدعم على الأرض، مثل: ناقلات النفط وطائرات التحكم والإنذار المبكر المحمولة جواً، وتشمل الأسلحة الجوية طائرات القتال والطائرات العمودية والطائرات المخفاة والطائرات الموجهة بدون طيار وأنظمة الصواريخ أرض أرض والصواريخ الطوافة، وأنظمة الحرب الإلكترونية والمحمولة جواً والعمليات الأخرى مثل النبضة الكهرومغناطيسية وحرب المعلومات.

جـ-  التقنية المعاصرة والحرب البحرية : يعد استخدام الطائرات من دون طيار ذات ا لتحكم الذاتي مصدراً لتهديد القوات البحرية كتفجير طائرة بدون طيار لطائرة أخرى على متن حاملة طائرات، وهناك الغواصات البحرية الذكية التي تستطيع العمل تحت سطح البحر، وتكون ذات أحجام صغيرة، والتي يمكنها أن تغير طبيعة المخعارك البحرية بشكل كبير، فهجومياً يمكن أن تصبح طوربيدات ذاتية الانتشار أو إلغام عابرة للمحيطات وفداعياً يمكن أن تؤثر أيضاً على التجارة العالمية إذا استخدمت لإلحاق الضرر بالسفن، وتستخدم العديد من المعدات الحربية من مدمرات وبوارج وقوارب وغواصات وحاملات طائرات.

المحور الثالث : شكل حرب المستقبل التي من الممكن أن تشترك فيها الأردن

لعل أهم ما يؤرق قيادات القوات المسلحة الحالياً وفي المستقبل هو ذلك التطور المُذهل في تكنولوجيا منظومات الأسلحة والمعدات والمهمات لأفرع القوات المسلحة المختلفة سيما الدفاع الجوي والقوات الجوية والقوات البحرية، وبعض عناصر القوات البرية مثل الحرب الإلكترونية والكيماوية والاتصالات الحديثة ،والقيادة والسيطرة من خلال برامج الحاسبات الآلية الحديثة الأمر الذي استوجب أهمية مواكبة القوات العكسرية كتلك التطورات المذهلة وتقديم خدماتها لكافة الأفرع السابقة، ولعل التطوير في أسلحة ومعدات ومهمات وأدوات القوات العسكرية ليس بالضرورة هو أهم عناصر التطوير، ولكن هناك النظرة في الاستخدام المناسب لها للتقليل من قيمة تلك التكوولوجيات في مواجهة الأفرع الرئيسية للقواعت المسلحة.

وحتى لا يصبح الأردن في موقع العزلة بين دول العالم ، فلا بد من مواكبة التطورات المعرفية والتكنولوجية، وكافة التجارب الإنسانية التي امتلكت العلم والتكنولوجيا وشهدت تقدماً ملحوظاً في كافة المجالات، الأمر الذي يؤدي إلى مواكبة التغييرات الحادثة في الاستراتيجيات العسكرية.

كما أن انفتاح الأردن على الثقافات المختلفة في العام، يعرضه لضغط هذه الثقافات كما يعرضه للتفوق العلمي والتكنولوجي، كما أن المنظومة الاجتماعية والسياسية والتربوية والأخلاقية والتكنولوجية ستتأثر بهذا التطور، وهذا يتطلب إحداث التغييرات المناسبة بما يتلاءم مع التطورات والتقدم المعرفي والتكنولوجي في العديد من دول العالم.

ولا يمكن بأي حال إعداد الدولة الأردنية لخوض حروب المستقبل أو الحروب الحديثة دون أن يكون هناك امتلاك لناصية التكنولوجيا والعلم ومواكبة التطورات والانعكاسات على المجالات الاستراتيجية العسكرية على وجه الخصوص، ومما هو معروف أن بحوث التطورات والتحديث العسكري في الدول العربية بشكل عام والأردن بشكل خاص لا تزال متأخرة وغير مواكبة للتطورات العلمية والتكنولوجية، والاستراتيجيات العسكرية المتقدمة التي تشهدها الدول الحضارية، وهذا يدعو الأردن لأن يفكر جدياً في أساليب مواجهة التهديدات التي قد تتعض لها نتيجة التطورات العسكرية، والسعي لبناء القدرات الذاتية التي توفر للأردن إلا من الوطني دون الاعتماد على قوى خارجية، وهاذ يتطلب مضاعفة الجهود لتوليد التكنولوجي ومواكبة أحدث تطوراتها والابتكار والابداع، والاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية والبشرية مما يحقق قدراً كبيراً من الاكتفاء الذاتي.

إن الهدف من هذه المواكبة هو إحداث مراجعة استراتيجية للقوات المسلحة الأردنية كي تتحول لقوات عصرية، وزيادة فاعليتها الاستراتيجية والعملياتية في كافة تشكيلات القوات المسلحة الأردنية، والعمل على تخفيف النفقات الدفاعية، والاستمرار في تطوير وسائل الحرب الحديثة، وضرورة مراجعة منظومة الإسناد اللوجستي لارتباط ذلك بمستوى الأداء للجيوش والجاهزية العملياتية والتكنولوجية في مختلف الظروف لمواكبة حروب المستقبل.

البيئة الاستراتيجية الأردنية (محلية، إقليمية، دولية):

تميزت القوات المسلحة الأردنية منذ تاسيسها في العام 1920، بأنها قامت على أساس مشروع قومي نهضوي، أصبحت فيه الأردن الأرض الخصبة لممارسة هذه الفلسفة، حيث اصبحت المؤسسة الوطنية الأكثر انسجاماً مع التركيبة الاجتماعية والأكثر تجاذباً مع تطلعات وطوحات نظامه السياسي، حيث يمثل الأداة الرئيسية للاستقرار الداخلي والبوتقة التي انصهرت بداخليها  جميع أطياف المجتمع الأردني مؤكدة بذلك ملامح الشخصية الوطنية الأردنية، وفي نفس الوقت مساهمتها في بناء وتطوير جوانب تنموية اجتماعية واقتصادية متعددة مما جعلها الأكثر اندماجاً وتأثيراً في المجتمع.

وتشكل الاستراتيجية الوطنية الشاملة الميدان الرحب لمساهمات القوات المسلحة الأردنية في جوانبها المختلفة، حيث تشكل القوات المسلحة أحد عناصر قوة الدولة وذراعها القوي الذي يعمل على الدفاع عن أمن واستقرار الوطن وتأمين حالة الردع المناسب وتأسيس حالة أمن حدودي مستقرة من خلال دور يتصل مباشرة بأمن الدولة والمجتمع وبسلامة الاقتصاد الوطني.

وتشكل المؤسسة العسكرية الأردنية إحدى أدوات السياسة الخارجية غير المباشرة فقد أدت مشاركة القوات المسلحة في مساعدة الكثير من القوات العربية والإسلامية على تحقيق أمنها أو من خلال بعثات التدريب التي  أرسلت في الماضي إليها وتمتين العلاقات معها، وفتح آفاق التعاون في المجالات الأخرى.

وقد ساهم انفتاح القوات المسلحة على دول العالم في مجال التدريب واكتساب الخبرات وتبادل المعرفة في بناء علاقات مع عدد كبير من دول العالم من خلال الملحقيات العسكرية ومكاتب الارتباط مع وجود تعاون وتبادل تدريبي مع عشرات الدول وقد برز دور القوات المسلحة العالمي في مجال حفظ الأمن والسلم وتقديم المساعدات الإنسانية منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي وحتى الآن مما أكسب الأردن ثقة واحترام العالم ومنظماته وهيئاته وفتح آفاق لبناء علاقات دبلوماسية.

ويمتلك الأردن من عناصر القوة التي تمكنه من إدامة الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار، فما يواجهه الأردن من أزمات هو نتاج لمعطيات مرحلية ليست دائمة، وعليه، فإن له من عناصر قوة ما يؤهله لأن يلعب الأدوار الإقليمية الفاعلة والخروج من الأزمات الراهنة، كما أن الأردن يمتلك قوة ذكية من خلال الارتباط بالقيادة الهاشمية التي تمتلك صفات الحكمة والاعتدال والشرعية الدينية والقومية، وبالرغم من كل ذللك يعمل الأردن بكل جهد بالإحاطة بجميع التحديات المحيطة داخلياً وإقليمياً، ودولياً، بوضع استراتيجيات يمكن من خلالها معالجة الخلل من خلال الاستفادة من عناصر القوة التي يمتلكها الأردن بما يخدم المصالح الوطنية (البطوش، 2012، ص1).

نوع وشكل خصائص حرب المستقبل بالنسبة للأردن:

تتطور التكنولوجيا يوماً بعد يوم، وذلك إلى درجة باتت الدول المتقدمة تشكل فرقاً عسكرية ينحصر نطاق اختصاصها في الحرب المعلوماتية، وأن الحاسوب لن يكون بديلاً عن الأسلحة التقليدية، وعن الأساليب العسكرية المعروفة والتي تتمثل بالقيام بالعمليات القتالية الحبية، وإنما سيكون جزءاً لن يتجزأ من ترسانة الأسلحة، وعاملاً حاسماً لتحقيق التفوق والانتصار في حروب المستقبل. (الجبور، 2009، ص14).

من المعلوم أن الأردن يرتبط بعلاقات دبلوماسية وخاصة مع الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهذه الدول لها تأثير على الساحة الدولية وقادرة على فرض حلولها المناسبة لمجمل القضايا العالمية لتوفير الإرادة لديها، لامتلاكها ترسانة حربية متقدمة، وامتلاكها لأدوات ووسائل الحلول المناسبة لهذه القضايا.

يعاني الأردن بشكل عام من شح في الموارد الطبيعية ووجود مديونية عالية تجاوزت (14) مليار دينار مع اعتماد قيام الاردن بترشيد الإنفاق في العديد من مرافقها الحكومية، وقد كان للأزمة العالمية تأثير على الاقتصاد الأردني، مع وجود عجز دائم في الموازنة.

  1. يواجه الأردن تهديداً مباشراً من قبل الجماعات الإرهابية، وقد شهدت الساحة الأردنية العديد من الأعمال الإرهابية التي أودت بحياة العديد من الضحايا الإبرياء، وقد تعاون الأردن مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب. (بسيوني، 2009، ص12)

إن دخول الأردن في حرب مستقبلية جديدة قد يكون ممكناً بعد إعداد القوات المسلحة الاردنية على اختلاف أنواعها، برية وجوية وبحرية بأسلحة تكنولوجية متطورة، وعتاد عسكري متميز، وتدريب مميز للقوات المقاتلة، بحيث يمكن لها خوض أي معركة أو التصدي لأي معركة بتقنية وحرفية عالية.

آلية تطوير السياسات والاسترايتيجات لمواجهة حرب المستقبل بالنسبة للأردن:

تعد البيئة الاستراتيجية المحلية والإقليمية والدولية من صالح الأردن، وأي تهديد قد يتعرض له الأردن، فإن ذلك سيلقى معارضة شديدة وستعمل الدول كافة على حماية سيادة الأردن، وعدم استخدام القوة ضده، فالأردن يتمتع بالإسناد العالمي لمواقفه الثابتة والواضحة. (حطيني، 2016، ص20)

يمكن للأردن أن يطور سياساته واستراتيجياته لمواجهة حروب المستقبل وكما يلي:

أ-     في مجال القوات المسلحة:

ا.      التدريب والتسليح:

(1)   العمل إلى الاهتمام بالتدريب لأنه يؤدي بالوصول إلى مستوى عال من كفاءة وجاهزية الجيش للقتال، وإمكانية تنفيذ المهمات ا لمختلفة والعمل في مختلف الظروف.

(2)     امتلاك القوات المسلحة للأسلحة والمعدات والتجهيزات المتطورة البرية والبحرية والجوية.

(3)     الاهتمام بتشكيلات القوات المسلحة، خاصة المدرعة والآلية لأن لها قابلية عالية على الحركة، وكذلك الاهتمام بالعمليات الخاصة وتزويدها بمختلف الأسلحة والتجهيزات المتطورة والحديثة.

(4)     الاشتراك مع الدول المجاورة والدول الشقيقة والصديقة في المناورات المشتركة داخل وخارج الوطن لرفع الجاهزية القتالية للأفراد.

  1. إعداد القوات المسلحة:

(1)   قوات مسلحة قادرة على التعامل مع كافة المستجدات بكفاءة واقتدار، وذلك من خلال توجيهات القائد الأعلى لذلك.

(2)   التدريب على القتال في مجموعات قتالية صغيرة من خلال معسكرات التدريب المختلفة.

(3)     امتلاك أسلحة مضادرة للدروع ذات مديات قصيرة ومتسوطة وبعيدة.

(4)    السعي لامتلاك الطائرات المقاتلة والقاذفة وطائرات الاستطلاع والتدريب.

(5)    العمل على بناء منظومة استخباراتية عالية المستوى.

(6)     الحصول على وحدات الصواريخ لتكون وسيلة ردع، وتزويد القوات البحرية بأسلحة ومعدات ذات تقنية عالية قادرة على حماية المياه الإقليمية والمنشآت الاستراتيجية.

(7)     تدريب التشكيلات المختلفة على الحرب الكيماوية والحرب الإلكترونية.

  1. تهيئة وإعداد مسرح العمليات:

(1)   تنوع التضاريس في الأردن يساعدها على تنوع وتنفيذ العمليات الدفاعية بكل كفاءة.

(2)   إعداد مسرح العمليات من خلال تجهيز المواقع الدفاعية وتحصينها وبناء حقول ألغاء وسواتر ترابية.

(3)    وضع أجهزة الإنذار والرادارات للكشف عن أي خروقات للأمن الأردني.

(4)     العمل على إخفاء مواقع الأسلحة عن العدو من خلال تخفية المواقع الدفاعية وتنظيم وتطوير منظومة استخباراتية لجلب المعلومات عن العدو والاهتمام بالاتصالات السلكية واللاسلكية لمواجهة ظروف الحرب الإلكترونية.

ب-    إعداد الشعب والاقتصاد للحرب : (عبده، 1999، ص96)

  1. إعداد الاقتصاد:

(1)   مواجهة تداعيات الأزمة العالمية وآثار المديونية المحلية بانتهاج وسائل اقتصادية فعالة.

(2)   التركيز على خطط التنمية وإقامة المشاريع الانتاجية

(3)   الحصول على المعونات الدولية لمواجهة أعباء اللجوء لتحمل تبعات أي حرب مستقبلية.

  1. إعداد الشعب:

(1)         الاهتمام بمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة.

(2)         ايجاد فرص للأجيال القادمة.

(3)         إعداد الشعب للدفاع عن وطنه والوقوف صامداً أمام التحديات من خلال التركيز على الشباب.

جـ- الاستفادة من الموارد المحلية:

(1)        العمل على مواجهة مشكلة النفط بالتركيز على الطاقة البديلة.

(2)         استغلال الموارد الطبيعية كالبروميد والنحاس والصخر الزيتي وغيرها.

(3)         عدم التركيز على المعونات الخارجية والموارد المحلية على شحها.

د- الاعتماد على منظومة استخباراتية فعالة:

(1)        بناء منظومة استخباراتية لجمع المعلومات من خلال الكفاءات المدرب.

(2)        تزويد القادة بالمعلومات الاستخباراتية لاتخاذ القرارات المناسبةز

هـ- بناء منظومة للدفاع الجوي:

(1)        إنشاء منظومة متكاملة للدفاع الجوي تشترك فيها الطائرات المقاتلة ووحدات الصواريخ أرض/ جو ووسائل الإنذار والرادارات والاتصالات للحفاظ على سماء الوطن.

(2)        العمل على توفير حماية للأهداف والمنشآت الحيوية والاستراتيجية وحماية مواقع الأسلحة وتواجد الجيوش.

(3)        التزود بأفضل الطائرات المتقدمة والصواريخ الفاعلة.

و-     القيادة والسيطرة:

(1)        توفير وسائل اتصالات حديثة ومتطورة وأجهزة تكنولوجية تساعد في إدارة عمليات القيادة والسيطرة.

(2)         العمل على الاستفادة من التقنيات في توجيه القوات في مختلف الظروف والأحوال وخاصة في ظروف الحرب الإلكترونية والكيماوية.

المحور الرابع: التحليل والاستنتاجات والخلاصة والتوصيات

التحليل:

تقنيات الأسلحة في عصر ما قبل البارود بدائية من خلال الاعتماد على أدوات تقليدية من رماح وأقواس وسيوف قبل أن يتم اختراع البارود.

تميزت التكتيكات العسكرية في هذه المرحلة بحشد الجيوش وتنظيمها والإعداد للحرب بعد تحديد مكان وزمان الحرب وكذلك تميزت بالتعبئة، كما كان الولاة هم الذين يأمرون بتشكيل الجيوش للحرب.

شهد القرن العشرين العديد من الحروب في العديد من دول العالم وقد شهدت آلة الحرب العسكرية تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق بالمدافع الرشاشة والدبابات والطائرات وحاملات الطائرات والسفن الكبيرة، وظهور الأسلحة الكيمائية والبيولوجية والقنبلة الذرية.

ظهرت العديد من الاختراعات العسكرية المميزة في هذه الفترة كاختراعات رؤرية ليلية والطائرات بدون طيار وظهور مسمى الحرب الإلكترونية.

شهد القرن الحادي والعشرين العديد من الحروب والتي شكلت نقلة نوعية في طبيعة التقنيات المستخدمة والأسلحة التي وظفت لتحقيق الحسم العسكري كالطائرات بدون طيار وتوظيف الفضاء الإلكتروني من عمليات حربية عن بعد.

شهد القرن الحادي والعشرين ما يسمى بحرب المقاومة المسلحة في العديد من الدول كالمقاومة المسلحة في لبنان للجيش الإسرائيلي، كما ظهر مفهوم الإرهاب من خلال التوظيف التكنولوجي للعديد من الوسائل الإرهابية التي استخدمها الإرهابيون كالأسلحة الكيمائية.

شهدت حروب القرن الحادي والعشرين استخداماً واسعاً للطائرات بدون طيار، كما تم التركيز على الجانب الاستخباراتي الذي أظهر أنه أحد العوامل الحاسمة المهمة في تحقيق الحسم العسكري.

شهدت الحرب العالمية الأولى تميزاً من خلال وضع خطط مدروسة تمثلت بتوسيع السكك الحديدية ووضع الجنود الاحتياط في مواقعهم وربطهم بالجنود النظاميين، وتمزيت بسرعة نقل الجنود بأرض المعركة واستخدمت البنادق من قبل المشاة على اختلاف أنواعها على نطاق واسع في الحرب.

  1. كان للمدافع الرشاشة الدور الحيوي في حرب الخنادق، وكانت هذه المدافع إما تطلق بتوجيه ضربات من أعلى لقوات العدو المتحصنة في الخنادق أو من خلال قذائف مباشرة باتجاه العدو.

تميزت الحرب العالمية الثانية باستخدام وسائل عسكرية جديدة تختلف عن الحرب العالمية الأولى كاستخدام السيارة الجيب الطائرة، وقنبلة السهام المسمومة، والكلاب المضللة للدبابات، والبالونات النازية.

استخدمت استراتيجيات عسكرية عديدة منها الاشتباك المباشر وحشد القوة والهجوم لا الدفاع والاستمرارية والتطويق والحصار والانسحاب.

شهدت حرب الخليج الأولى عدداً كبيراً من القوات العراقية والقوات الإيرانية ومعدات ضخمة من الأسلحة البرية والبحرية والجوية.

حققت العراق نصراً كبيراً على القوات الإيرانية وذلك من خلال تحييد سلاح الجو الإيراني.

شهدت حرب الخليج الثانية تغييراً في الاستراتيجية العسكرية العراقية من خلال قسم ساحة العمليات الكويتية إلى أنواع غير متجانسة، وتعزيز الدفاعات الساحلية، وتعزيز القوات الجوية.

تميزت حرب الخليج الثانية بالتطور الكبير في العقائد القتالية للدول التي اشتركت في الحرب ضد العراق مع استخدام أحدث الوسائل التقنية والأسلحة العسكرية والأسلحة الذكية كما استخدمت الحرب النفسية.

تميز العصر الحالي باشتراك العديد من الدول في الحرب ضد الإرهاب لما شكلته الجماعات الإرهابية من مخاطر على الأمن الدولي وذلك من خلال العمليات الإرهابية التي شهدت تطوراً ملحوظاً في التقنيات والأساليب المستخدمة من قبل هذه الجماعات الإرهابية ضد المراكز الحيوية في الدول.

تطورت الحرب ضد الإرهاب وذلك بسبب استخدام الجماعات الارهابية للعديد من الأسلحة الفتاكة كالإرهاب الإلكتروني والإرهاب البيولوجي والإرهاب النووي والإرهاب الكيميائي.

ساهم تطور التكنولوجيا والاكتشافات والاختراعات في تطوير الأسلحة والمعدات التي استخدمتها القوات العسكرية البرية وكان للتكنولوجيا أثر كبير في تطوير الأسلحة الرشاشة والغازات الحربية والدبابات واستخدام الليزر والرادار والمدافع والألغام المغناطيسية.

بالرغم من وجود العديد من الأسلحة البرية الحديثة فإن استخدام القوات البرية للأسلحة الخفيفة الفتاكة تحقق حسماً ملحوظاً في أرض المعركة ومن ذلك استخدام بندقية إم16 المتطورة.

إن سلاح الطيران يعد من الأسلحة الهامة والتي يمكن من خلالها تحقيق الحسم في أرض المعركة وهذا ما ظهر جلياً عندما حيد سلاح الجو العراقي سلاح الجو الإيراني في حرب الخليج الأولى.

شهدت الأسلحة الجوية تطوراً واضحاً في إنتاج طائرات قتالية وعمودية ومخفاة وطائرات موجهة بدون طيار، والصواريخ الطوافة وأنظمة الحرب الإلكترونية والمحمولة جواً وحرب المعلومات وغير ذلك.

تشكل الطائرات بدون طيار أكبر تهديد للقوات العسكرية البحرية ومن ذلك استخدام طائرة بدون طيار في تفجير إحدى حاملات الطائرات.

ساهمت التكنولوجيا في تطوير آلة الحرب البحرية من خلال صنع الغواصات المتطورة والسفن والمعدات الحربية من مدمرات وبوارج وقوارب وحاملات الطائرات.

شهدت القوات المسلحة الأردنية البرية والجوية والبحرية تطوراً ملحوظاً من خلال الاستفادة من التقنيات العسكرية الحديثة مما جعلها تواكب القوات المسلحة المتطورة في العديد من دول العالم.

اهتمت القيادة الهاشمية بانفتاح الأردن على ثقافات الآخر، ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية في المجال العسكري حتى لا يبقى الأردن في موقف العزلة بين دول العالم الأخرى المتقدمة.

لا تستطيع الأردن بأي حال أن تخوض أي من حروب المستقبل إلا إذا واكبت كل جديد في ميدان التكنولوجيا الحربية وكل جديد في الاستراتيجيات العسكرية التي يتم توظيفها في الحروب الحديثة، إذ ما زال الاردن متأخراً بعض الشيء عن مواكبة هذه التطورات العلمية والتكنولوجية والاستراتيجيات العسكرية المتقدمة.

توجد إمكانية لتطوير السياسات والاستراتيجيات لمواجهة حرب المستقبل بالنسبة للاردن من خلال الأخذ بعدة معطيات كالتدريب والتسليح وإعداد القوات المسلحة وتهيأة وإعداد مسرح العمليات وإعداد الشعب والاقتصاد للحرب والاعتماد على منظومة استخباراتية فعالة وبناء منظومة للدفاع الجوي ومن خلال تفعيل القيادة والسيطرة.

يمكن للأردن من دخول حرب المستقبل من خلال تطوير وسائل الاتصالات والأجهزة التكنولوجية والاستفادة من التقنيات في توجيه القوات المسلحة في مختلف الظروف والأحوال وخاصة في حال حدوث الحروب الالكترونية والكيماوية.

الاستنتاجات:

تم استخدام الأسلحة البدائية في عصر ما قبل البارود وكانت هذه الأسلحة غير فعالة في تحقيق الحسم في العديد من المعارك.

إن التكتيكات العسكرية في عصور ما قبل البارود كانت تفتقر للتنظيم المناسب والتجهيزات التي يمكن من خلالها تحقيق الحسم في أرض المعركة وذلك لعدم وجود تطور في الآلة العسكرية المستخدمة.

إن استخدام الآلة العسكرية المتطورة في القرن العشرين من مدافع رشاشة وحاملات طائرات وغيرها، وتوظيف الأسلحة الكيمائية والبيولوجية والقنبلة الذرية، كان لها دور كبير في تخفيف الحسم في المعارك ومن ذلك إلقاء قنبلتين بريتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانية.

ساهمت الالكتشافات العلمية والابتكارات في مجال الآلة الحربية في ظهور تقنيات عسكرية جديدة لم تكن موجودة في السابق، ومن ذلك الأسلحة التي يمكن استخدامها في المعارك الليلية وكذلك استخدام الطائرات بدون طيار لتحقيق الحسم في العديد من المعارك الحربية.

إن ما يشهده القرن الحادي والعشرين من ظهور مسميات جديدة كالمقاومة والإرهاب ساهم في دفع الآلة الحربية بمزيد من التطور في مواجهة ما يستخدمه الإرهابيون من تقنيات لتقويض الأمن في دول العالم.

تم التركيز في القرن الحادي والعشرين على الجانب الاستخباراتي كإحدى الجوانب المهمة التي يمكن توظيفها بجانب المعدات الحربية المتطورة، لتحقيق الحسم في أرض المعركة.

تم استخدام استراتيجيات عسكرية جديدة في الحرب العالمية الأولى ومن ذلك توسيع السكك الحديدية ونقل الجنود بسرعة لأرض المعركة واستخدام البنادق على اختلاف أنواعها.

تميزت التكتيكات العسكرية التي استخدمت في الحرب العالمية الأولى بوجود حرب الخنادق واستخدام الأسلحة والمدافع الرشاشة.

اختلفت المعدات العسكرية التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية عن سابقتها بظهور أسلحة جديدة لم تكن موجودة في السابق، ومن ذلك البالونات النازية التي استخدمها الجيش النازي ضد العدو.

تميزت التكتيكات العسكرية في الحرب العالمية الثانية من خلال استخدام استراتيجية الاشتباك المباشر وحشد القوات والتطويق والحصار والانسحاب.

تميزت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، لتحقيق انتصار كاسح للقوات العراقية بعد تحييد سلاح الجو الإيراني.

تم استخدام قوات كبيرة ودبابات وطائرات وسفن حربية لتحقيق الانتصار في الحرب العراقية الإيرانية.

تميزت حرب الخليج الثانية بوجود تغيير في الاستراتيجية العسكرية العراقية، ومن ذلك تعزيز الدفاعات الساحلية وتقسيم أرض المعركة لوحدات غير متجانسة.

تميزت حرب الخليج الثانية بوجود تصور كبير في العقائد القتالية مع استخدام وسائل تقنية واسلحة عسكرية وذكية مع توظيف الحرب النفسية.

إن تطور العمليات الإرهابية واستخدامها للعديد من الأسلحة الفتاكة دفع الدول لتطوير المعدات الحربية والاستراتيجيات العسكرية المستخدمة في مقاومة هذه الهجمات والتي تشهد تطوراً ملحوظاً.

تتميز الأسلحة البرية الخفيفة الفتاكة بإمكانية تحقيق الحسم في ارض المعركة.

شهد سلاح الجو تطوراً ملحوظاً من خلال إنتاج طائرات قتالية ومخفاة وطائرات عند بعد استخدمت على نطاق واسع في الحروب الحديثة.

ساعدت التكنولوجيا في تطوير آلة الحرب البحرية بإنتاج أسلحة متطورة من غواصات وفرقاطات وحاملات طائرات وغيرها.

تحاول القوات المسلحة الاردنية الاستفادة من التجارب العسكرية المتطورة لتطوير آلتها العسكرية وقواتها المسلحة، بما يواكب التقدم الذي تشهده العديد من دول العالم.

حرصت القيادة الهاشمية على انفتاح الاردن على الآخر والاطلاع على كل ما هو حديث في المجال العسكري ليبقى الأردن مواكباً لهذه التطورات والاستفادة منها في بناء قوته العسكرية.

لا يمكن للأردن أن يخوض حرباً من حروب المستقبل إلا من خلال الدخول في عصر التكنولوجيا الحربية وفهم كل ما هو جديد من الاستراتيجيات العسكرية المستخدمة في الحروب الحديثة بما يمكن الأردن من الإعداد الجيد لقواته المسلحة في مواجهة أي حرب محتملة.

تستطيع الاردن أن تواجه حرباً مستقبلية إذا أخذت بعين الاعتبار الاستفادة من التطور في وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية، وكل ما هو جديد فيما يتعلق بالحرب الإلكترونية والكيماوية، والحروب الفضائية التي تدار عن بعد.

التوصيات:

الحث على مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية وتجارب الدول والأبحاث المتطورة في الميدان العسكري بما يعزز من تطوير الاستراتيجية العسكرية الاردنية .

الاستمرارية في بناء القوات المسلحة مع العمل على إعادة هيكلتها لتصبح قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية والمعرفية المختلفة.

العمل على تدريب القوات المسلحة والمشاركة في المناورات الحربية، وتبادل الخبرات في مجال التدريب والتكنولوجيا والاستفادة منها.

السعي لامتلاك منظومة أسلحة تكنولوجية متطورة في الأردن، وذلك لحماية الأردن من أي تهديد ويمكن عمل ذلك من خلال:

أ.      امتلاك أسلحة الردع المختلفة وذلك لحماية الأردن من أي اعتداء كالصواريخ البالستية.

ب.      السعي لتقوية اركان الدولة في كافة المجالات  سواء  السياسية اوالاقتصادية او المجال الاجتماعي والتقني وتهيئة الشعب لمواجهة أي عدوان.

جـ.       متابعة انتهاج منهج الاعتدال والوسطية في التعامل مع دول العالم لنيل احترامها وثقتها.

د.       تحقيق النمو الاقتصادي الأردني في جميع المجالات وتقليل الانفاق بما يعزز من قوة الدولة والعمل على تطوير القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لتكون قادرة على إنجاز مهامها بكل كفاءة واقتدار.

هـ.       الاهتمام بالبحوث العلمية وبحوث التطوير والابتكار التي تتعلق بالنواحي العسكرية وذلك لتطوير منظومة عسكرية دفاعية وهجومية.

د.       اللجوء لإستخدام الاستراتيجية العظمى من خلال عقد التحالفات مع الدول العظمى، وبما يضمن حماية المصالح الحيوية للدولة وسلامة كيانها السياسي.

 

قائمة المراجع:

القران الكريم

المراجع العربية :

  • أبو جاموس، ماجدة (2005). “الاستراتيجية في منطقة الخليج”، الأردن، عمان: المكتبة الوطنية.
  • بسيوني، هبة (2009). “الإرهاب الدولي أصوله الفكرية وكيفية مواجهته“، الإسكندرية: الدار الجامعية.
  • بنجامين، ميديا (2014). “حرب الطائرات من دون طيار، القتل بالتحكم عن بعد“، ترجمة أيهم الصباغ، المغرب، الدار البيضاء، الشبكة العربية للأبحاث والنشر.
  • الجبور، محمد (2009). “الجرائم الواقعة على أمن الدولة وجرائم الإرهاب في القانون الأردني والقوانين العربية“، الأردن، عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع.
  • الخزرجي، ثامر (2005). “كيف يمكن هزيمة إسرائيل: دراسة تكميلية مقارنة 1948-2003، القاهرة: دار الأحمدي.
  • سلامة، صفات (2005). “أسلحة حروب المستقبل بين الخيال والواقع” لبنان، بيروت: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع.
  • سويد، ياسين (1981). “معارك خالد بن الوليد” (ط3)، لبنان، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
  • سويد، ياسين (1990). “الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في:صائغ وآخرون (مشرفون)، الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني الدراسات الخاصة،بيروت، هيئة الموسوعة الفلسطينية.
  • السويدان، صابر (1993). القوة الجوية الكويتية، الأربعون عاماً الأولى 1953-1993، الكويت: دار سعاد الصباح للنشر.
  • شفيق، منير (2008). “الاستراتيجية والتكتيك في فن عالم الحرب” لبنان، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون.
  • عبده، نديم،(1999). “حروب المستقبل” ، لبنان، بيروت: مريخ للطباعة والنشر والتوزيع.
  • عز الدين، أحمد (1986). “الإرهاب والعنف السياسي“، القاهرة: دار الكتاب الجامعي.
  • كمال، أحمد عادل (1981). “القادسية”، لبنان، بيروت: دار النفائس كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، (بلا)، نشرة الاستراتجيةي 1″.
  • الكيالي، عيد (1991). “الموسوعة السياسية”، ط1، ط1، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع.
  • ليدل، بيتر (1989)، حرب الجندي، لندن: منشورات بلاند فورد.
  • هوبزباوم ،إريك (2011). عصر التطرفات، القرن العشرون، الوجيز، 1914-1991، ترجمة فايز الصباح المنظمة العربية للترجمة، مؤسسة ترجمان، بيروت.
  • وولف، إيريك (1969). حروب الفلاحين في القرن العشرين، لندن: هاربر للنشر.

الدراسات والابحاث :

  • أحمد، عمر(2016). الاستراتيجيات العسكرية المعاصرة، دراسة مقارنة بين نظريتي الاقتراب المباشر وغير المباشر، الحوار المتمدن.
  • البطوش، رضا (2012). الدولة الاردنية بين عناصر القوة والقوة الذكية، المقر، عمان، الأردن.
  • بلول، وسام (2014). الحروب المستقبلية في القرن الحادي والعشرين، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الإمارات، المؤتمر السنوي الثامن عشر ، عقد في الإمارات، مترجم في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية،
  • حطيني، محمد (2016). “محاربة الإرهاب في فكر جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، أضواء المجهر الإخباري”، 6 آذا-2016، الأردن، عمان.
  • ربابعة، غازي (1983). “الاستراتيجية الإسرائيلية للفترة من (1967-1980)، جامعة القاهرة، مصر، أطروحة دكتوراه غير منشورة،مكتبة المنار،الزرقاء.
  • الرقاد، أحمد (2016). “دور الأردن في مكافحة الإرهاب“، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الأوسط، عمان، الأردن.
  • شعبان، احمد (2003). “من ملفات حرب السادس من أكتوبر 1973″، شؤون الشرق الأوسط، 8، ص ص 40-47.
  • شكارة، محمد (2005). “إدارة عمليات الأزمات الأمنية“، الرياض: جامعة نايف للعلوم الأمنية.
  • عطايا، احمد (1998). “الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية”، ط1، سلسلة دراسات استراتيجية، الإمارات: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
  • علي، ناردين (2016). حرب الخليج الثالثة 2003 وانعكاساتها على دولة الكويت ودولة العراق، بحث منشور، جامعة العلوم التطبيقية، قسم العلوم السياسية، عمان الأردن.
  • العموش، أحمد (2006). مستقبل الارهاب في هذا القرن، الرياض، جامعة نايف العرببية للعلوم الأمنية.
  • ةالمالكي، عبد الحفيظ (2010). نحو مجتمع آمن فكريا، دراسة تاصيلية واستراتيجية وطنية مقترحة لتحقيق الأمن الفكري، الرياض، مطابع الحميضي.
  • هايمن، نل (2012). الحرب العالمية الأولى، ترجمة حسن عويضة، مراجعة سامي أبو هواش، أبو ظبي، هيئة ابو ظبي للسياحة والثقافة.
  • الهواري، عبد الرحمن (2002). التعريف بالإرهاب واشكاله، بحث علمي مقدم في ندوة الإرهاب والعولمة، الرياض، جامعة نايف للعلوم الأمنية.
رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M