دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى

إعداد :  منة الله محمود أحمد     –     إشراف : د. إبراهيم منشاوى

 

أولاً: المقدمة

تعددت النزاعات المسلحة في جميع إنحاء العالم، سواء كانت هذه النزاعات المسلحة دولية أو غيردولية. ومع تعدد النزاعات المسلحة التى تشهدها العالم، كثرة الإنتهاكات الجسيمة لإحكام القانون الدولى الإنسانى، والملاحظ أن هذه الإنتهاكات برغم كثرتها وتنوعها لم تقابلها اَليات ملائمة لقمعها وإنزال العقاب بمرتكبيها. فكان هناك تساؤل دائماَ مطروح: كيف يتم التحقق من تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى داخل الدول.

لذلك تطرق العالم والمجتمع الدولى على ضرورة إيجاد اَليات لتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني، ومن هذه الاَليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر،  حيث تأسست هذه اللجنة بمبادرة من رجل يدعى: “هنرى دونان” الذي قدم يد العون إلى الجنود الجرحى في معركة “سولفرنيو” عام 1859،  ثم حاول إكتساب تأييد القادة السياسين من أجل بذل الجهد لحماية ضحايا الحروب حيث كانت فكرتة الرئيسية تنصب علي وضع معاهدة تُلزم الجيوش بتوفيرالحماية اللازمة إلى جميع الجرحى من الجنود،  وأيضًا إنشاء جمعيات وطنية تقدم المساعدة إلى الخدمات الطبية العسكرية، ثم تم بعد ذلك إنشاء اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي شباط/فبرايرعام 1863 وعُين “هنرى دونان” أمينًا لها.  ومع نهاية العام جمعت اللجنة ممثلى الحكومات من أجل الموافقة على إقتراح “دونان” بإنشاء جمعيات إغاثة وطنية تساند الخدمات الطبية العسكرية.  وفي أغسطس1864، أقنعت اللجنة الحكومات بإعتماد إتفاقية جنيف الأولى،  وقد أُلزمت هذه المعاهدة الجيوش العناية بالجنود الجرحى أيًا كان الطرف الذين ينتمون إليه،  كما إعتمدت شارة موحدة للخدمات الطبية وهى: صليب أحمرعلى أرضية بيضاء.  وتمثل الدورالرئيسي للجنة الدولية في التنسيق،  ولكنها صارت أكثرفاعلية في العمليات الميدانية مع ظهورالحاجة إلى وسيط محايد بين الأطراف المتحاربة.  وعلى مدى السنوات الخمسين التالية سعت اللجنة إلى توسيع عملها، حيث بدأت عملها مع إندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 حيث أقامت اللجنة وكالة مركزية لاًسري الحروب في جنيف بغرض إعادة الروابط بين الجنود الواقعين في الاًسروعائلتهم،  ثم قامت اللجنة بتوسيع عملها في تلك الفترة من خلال زيارتها إلى اَسري الحروب كما تدخلت في مجال إستعمال الأسلحة التى تنجم عنها معاناه شديدة.  وفي عام 1918 دعت اللجنة الدولية الأطراف المتحاربة إلى التخلى عن إستعمال غازالخردل. وفي العام نفسه قامت اللجنة بزيارة السجناء السياسين للمرة الأولى في المجر.

ومع إنتهاء الحرب العالمية الأولى شعرت العديد من الجمعيات الوطنية أن دوراللجنة الدولية للصليب الأحمريجب أن يتغيرمع مجئ نظام عالمى جديد. وفي عام 1919 أنشأت تلك الجمعيات

رابطة جمعيات الصليب الأحمر،  والتى كان هدفها أن تصبح جهة التنسيق والدعم داخل الحركة في المستقبل،  ولكن في ظل النزاعات المندلعة في العشرينات والثلاثينات أكدت الحاجة إلى وجود وسيط محايد لذلك ظلت اللجنة الدولية للصليب الأحمرنشطة خاصة خارج أوروبا مثل ( إثيوبيا وأمريكا الجنوبية والشرق الأقصي)، وفي الحروب الأهلية مثل ( إسبانيا). وفي عام 1992 أقنعت اللجنة الدولية الحكومات بإعتماد إتفاقية جنيف جديدة لتوفيرحماية أكبرلاَسري الحروب، ولكن اللجنة لم تستطع أن تجعل الدول توافق على قوانين جديدة لحماية الاَسري على الرغم من التهديدات الواسعة التى يمنحها القتال الحديث. ومع إندلاع الحرب العالمية الثانية شهدت اللجنة الدولية توسعًا هائلاً في الدورالذي تقوم به على الساحة الدولية حيث قامت بمساعدة الضحايا على كلا الجانبين أثناء الحرب. وعملت اللجنة الدولية على إرسال إمدادات الإغائة عبرأنحاء العالم، ولكن هذه الفترة شهدت أيضًا الفشل من جانب اللجنة الدولية بسبب عدم إضطلاعها بتدابيرلصالح الضحايا المحروقة والفئات المضطهدة. ومنذ عام 1945 أستمرت اللجنة الدولية في عملها في حث الحكومات على تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى، وسعت اللجنة الدولية للصليب الأحمرإلى معالجة الأثارالإنسانية للنزاعات التى وسمت النصف الثانى من القرن العشرين مثل: إسرائيل وفلسطين في عام 1948.

وفي عام 1949 بناء على مبادرة اللجنة الدولية للصليب الأحمرحصلت على موافقة الدول على مراجعة إتفاقيات جنيف الثلاث القائمة التى تسعى إلى حماية الجرحى والمرضي في الميدان، وضحايا الحرب في البحار، واَسري الحرب، وتم في نفس العام إضافة إتفاقية جنيف الرابعة: لحماية المدنين تحت سلطة العدو. وتوفرهذه الإتفاقيات التفويض الرئيسي للجنة الدولية في حالة النزاع المسلح. وفي عام 1977 تم إضافة برتوكولان إضافيان للإتفاقيات، حيث ينطبق أولهما على النزاعات المسلحة الدولية، والثانى على النزاعات المسلحة الغيردولية.

إذاً اللجنة الدولية للصليب الأحمربما لها من دور أساسي في مناطق هى بطبيعتها مشتعلة وتتعدد فيها الإعتبارات السياسية، تجد اللجنة نفسها دائمًا في مواجهة مطلب رئيسي: وهوكيفية مواصلة عملها من أجل حماية ومساعدة الضحايا في النزاعات المسلحة. لذلك سوف يتطرق هذا البحث إلى: معرفة دوراللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى بسبب إستمرارظاهرة الحروب والنزاعات المسلحة الدولية والغيردولية.

ثانيًا: المشكلة البحثية

تدورإشكالية البحث حول معرفة الدورالبارز الذي تلعبة اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي النزاعات المسلحة والعنف الداخلي في البلاد بإعتبارها حارس للقانون الدولى الإنساني وقواعده، حيث تعد ظاهرة الحروب والنزاعات ظاهرة طبيعية ملازمة للبشرية على الرغم من قواعد القانون الدولى الإنسانى التى تسعى الدول إلى تطبيقها إلا أن هذه القواعد لن تتمكن من إنهاء الأسباب المؤدية لظاهرة الحروب والنزاعات حتى الأن، لذلك تسعى الدول إلى وجود اَليات لتنفيذ القواعد الخاصة بالقانون الدولى الإنسانى للحد من قدرة الدول على إنشاء النزاعات مع الدول الاَخرى ومن هذه الاَليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومن هنا يتحدد التساؤل الرئيسي في: إلى أى مدى تلعب  اللجنة الدولية للصليب الأحمردورًا في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى؟

 مجموعة من التساؤلات الفرعية وهى:

  • ماهية القانون الدولى الإنسانى؟
  • ماهي الأسباب التى أدت إلى نشأة اللجنة الدولية للصليب الأحمر؟
  • ماهو الدور البارز الذي تقوم به اللجنة في تدعيم وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى؟
  • ما مدى فاعلية الدورالذي تقوم به اللجنة ؟

ثالثاً: الأسباب وراء إختيارهذا الموضوع.

الدوافع وراء إختيارالموضوع:

  • إزدياد الحروب والنزاعات المسلحة التى تشهدها الدول حتى الأن ، وأيضاً تزايد المصالح السياسية والإقتصادية للدول التى تدفعها إلى القيام بإنتهاكات لقواعد القانون الدولى الإنساني.
  • معرفة الدورالذي تلعبة المنظمات الدولية في تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني.
  • معرفة الدورالذي تلعبة اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلي الساحة الدولية في مجال تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني وأهمية هذا الدورعلي الساحة الدولية.

رابعاً: أهدف الدراسة:

  • دراسة الدورالبارزالذي تلعبة اللجنة الدولية للصليب الأحمرومدى نجاح سياستها في الدول، وأيضاً معرفة الأساليب والطرق التى تتبعها لتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني ، ومعرفة
  • القواعد التى تتبعها في عملها وهل تتناسب مع قواعد إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام
  • تقييم عمل اللجنة الدولية من خلال قواعد القانون الدولى الإنساني من خلال معرفة نشاطاتها الفعلية داخل الدول.
  • التعرف أيضاً على الصعوبات أو القيود التى تواجه اللجنة وكيف تتعامل معها.

خامسًا: أهمية الدراسة:

تنبع أهمية الدراسة من معرفة قواعد القانون الدولى الإنساني واَليات تطبيقة وتنفيذة في الدول، ومعرفة الدورالبارز الذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي ضوء قواعد القانون الدولى الإنساني حيث تعمل هذه اللجنة علي التطبيق الفعلي لقواعد القانون الدولى الإنساني مثل: كاردفور.

أولاً : الأهمية العلمية

ترجع الأهمية العلمية إلى عدم وجود العديد من المصادرالعلمية الكافية عن الدورالفعلى الذي تلعبة اللجنة في العديد من البلاد ومتابعة الدورالذي تقوم به حتى الأن ، وسد ثغرة البحث العلمى في مجال القانون الدولى الإنساني.

ثانياً: الأهمية العملية

تدورالأهمية العملية حول تقييم الدورالذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي الدول وهل الدورالذي تقوم به يتناسب مع قواعد القانون الدولى الإنسانى أم لا؟

ثانياً: الأهمية الذاتية

تنبع الأهمية الذاتية من الإهتمام بمعرفة الدورالذي تلعبة اللجنة الدولية للصليب الأحمرلحل النزاعات والحروب التى تتعرض لها الدول حتى الأن ، والدعوة لتكاتف الدول في إنشاء عدد من اللجان لمساعدة الشعوب التى لم تتطرق إليها اللجنة الدولية للصليب الأحمرمثل القضية الفلسطينية والإنتهاك الإسرائيلي لحقوق الإنسان.

سادسًا: مراجعة الأدبيات السابقة

أدت الأهمية المحورية لقواعد القانون الدولى الإنساني إلى حدوث تراكم في الأدبيات التى تناولت قواعد القانون الدولى الإنسانى وأهمية تطبيقة على المستوى الأقليمي والدولى، ولكن كان هناك قصور في الأدبيات التى تناولت دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعلاقتها بالقانون الدولى الإنساني، ويمكن تقسيم الأدبيات إلى ثلاث محاور أساسية: يتعلق المحور الأول منها بالدراسات التى تناولت التعريف باللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمحور الثانى يتناول قواعد القانون الدولى الإنسانى، والمحور الثالث يتناول دوراللجنة الدولية في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى والعلاقة بينهما.

  • المحور الأول: الدراسات التي تناولت التعريف باللجنة الدولية للصليب الأحمر: ركزت بعض الدراسات في هذا المحورعلى التعريف بنشأة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأن اللجنة الدولية للصليب الاحمر مذكورة صراحة فى إتفاقية جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977، وأكدت أيضًا على أهمية إحترام اللجنة الدولية للصليب الأحمر والإعتراف بها كأقدم مؤسسة إنسانية ولكن أكدت على أن هذا التفصيل لا يوحى أو يؤكد على التفوق القانونى للجنة الدولية للصليب الأحمر على المؤسسات الإنسانية الاَخرى ولكن يمكن القول أن التأثير العملى للجنة الدولية للصليب الأحمر أكبر من تأثير أى منظمة غير حكومية أخرى بإعتبارها مزود بارز للمساعدة الإنسانية[1]. ركزت بعض الدراسات الأخرى على التعريف بالعلامات التجارية والإتصالات للجنة الدولية للصليب الأحمر، وأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي أقدم منظمة غير دينية في العالم مكرسة للإغاثة الإنسانية وركزت على إختصاصات اللجنة التى تشمل حماية الضحايا المدنيين والعسكريين للنزاعات المسلحة والإضطرابات الداخلية فضلاً عن قضايا حقوق الإنسان التى تتجاوز حالات الصراع مثل: الإستجابة للكوارث والتأهب لها، والصحة والرعاية في المجتمع، والتركيز على المبادئ والقيم الإنسانية، وقامت بتعريف اللجنة الدولية للصليب الأحمر على إنها: الهيئة التأسيسية للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وتنسيق جهود الجمعيات الوطنية وإتحادها الدولى[2].

  • المحورالثاني: الدراسات التى تناولت قواعد القانون الدولى الإنساني

ركزت بعض الدراسات على صعوبات تطبيق القانون الدولى الإنساني، لما له من أهمية في عمليات الحروب والنزاعات المسلحة وحماية الضحايا في الحروب، وتطرقت أيضًا للحديث عن مفهوم القانون الدولى الإنساني بوجه عام، والحديث عن نطاق التطبيق المادي والشخصي للقانون وفقًا لنصوص إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتكولين الإضافيين لعام 1977، وما هي الصعوبات التى تواجه اَليات التطبيق الخاصة بالقانون الدولى الإنساني وأسباب هذه الصعوبات.[3]ركزت بعض الدراسات الاَخرى على مفهوم القانون الدولى الإنسانى وعرفته بأنه “قانون يطبق أثناء النزاعات المسلحة فقط، وهو أحد أقسام القانون الدولى العام ويتمتع بذات قوته الإلزامية”، وأنه أصبح من الممكن في ظل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية تطبيق عقوبات جنائية دولية على مرتكبى مخالفات القانون الدولى الإنسانى، وتطرقت أيضًا للحديث عن إلزامية قواعد القانون الدولى الإنسانى وأن له طابعًا جنائيًا يعاقب من يخالفه وأنه يملك اَليات عديدة تضمن تنفيذة على الصعيد الداخلى والدولى، وتتمثل هذه الاَليات على الصعيد الداخلى في إلتزام الدول بإصدار التشريعات اللازمة بتطبيق القانون الدولى الإنسانى وفقًا لإتفاقيات جنيف الأربع، وبالنسبة لاَليات تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى على الصعيد الدولى فإنها تمثل الاَلية الجنائية المعهود بها للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 حيث تشكل إنتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولى الإنسانى.[4] هناك بعض الدراسات الأخرى التى ركزت على دور محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولى الإنسانى حيث وضحت الدراسة أن محكمة العدل الدولية ساهمت من خلال الأحكام والاّراء الإستشارية الصادرة عنها في إبراز خصائص القانون الدولى الإنساني والتأكيد على ضرورة إحترام القواعد، وناقشت أيضَا هذه الدراسة المبادئ الأساسية للقانون الدولى الإنساني وأيضًا إختصاصات محكمة العدل الدولية ودورها في ترسيخ وتطوير القواعد الخاصة بالقانون الدولى الإنساني بإعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة.[5]

  • المحورالثالث: الدراسات التى تناولت دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى والعلاقة بينهما.

ركزت بعض الدراسات على السبب وراء ظهور اللجنة الدولية للصليب الأحمر كألية لتنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني وكان السبب هو: تزايد النزاعات المسلحة والكوارث الإنسانية، ونظرًا لتعذر الوصول إلى نظام قانونى يمنع نشوبها لذلك إتجهت الجهود الدولية إلى التخفيف من وطأة الحروب التى تحدث عن طريق صياغة قواعد القانون الدولى الإنسانى التى تقيد أطراف النزاع من شن الحروب، ولكى يتم تحقيق هذه الأهداف السامية كان لابد من وجود اَليات لتطبيق وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى والتحقق من تنفيذها على المستوى الأقليمى أو الدولى لذلك جاءت نشأة اللجنة الدولية للصليب الأحمرالتى أكتسبت مهامها وإختصاصتها من إتفاقيات جنيف لتصبح لها مركزًا قانونيًا يؤهلها لتكون الحارس الأمين على تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى[6]. ركزت أيضًا بعض الدراسات الاَخرى على دورالجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في تطوير ونشر قواعد القانون الدولى الإنسانى لما لها من دور هام في تطبيقات بعض الصكوك لمساعدة السلطات العامة في بلادها، والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ميادين الخدمات الإنسانية في أوقات النزاعات المسلحة بالمشاركة في أعمال مساعدة الضحايا وتقديم الرعاية لهم.[7]ركزت بعض الدراسات أيضًا على الدورالذي لعبته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حماية الأطفال الاًسري أثناء النزاعات المسلحة وفقًا لقواعد القانون الدولى الإنسانى، ولكن على الرغم من هذه الجهود التى قامت بها اللجنه إلا إنها تبقي عاجزة عن وضع حد لمختلف الإنتهاكات المرتكبة يوميًا ضد فئة الأطفال الاًسرى مما يستدعى تدخل فورى من قبل المجتمع الدولى [8]. ركزت الدراسات الأخرى على دور المنظمات الغيرحكومية مع التطبيق على دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر حيث إنها تأتى في مقدمة هذه المنظمات القادرة على أداء المهام ذات الصفة الإنسانية، وذلك بحكم أقدميتها وتراكم الخبرات لديها إضافة إلى تجسيدها مثالاً حياًعلى كونها منظمة إنسانية محايدة.[9]

منهجية الدراسة

سوف يتم الإعتماد على منهج الدورفي هذه الدراسة إنطلاقًا من النجاح الذي حققته نظرية الدور في تحليل سلوك الفرد في الحياة الإجتماعية، لذلك حاول بعض الباحثين الإستعانة بنظرية الدور في دراسة الظواهر السياسية ونقلها إلى حقل العلاقات الدولية، فقد تم نقل مفهوم الدور إلى مجال السياسة لدراسة دور الدولة كفاعل ضمن مجموعة من الفواعل الأخرى، على إعتبار أن الدولة تعبرعن إرادتها ضمن سلوك سياسي خارجي، فنظرية الدور من المنظور السياسي تهتم بدراسة سلوك الدول أو المنظمات سواء الدولية أو غير الدولية. والدور هو “مجموعة من الوظائف الرئيسية التى تقوم بها الدولة في الخارج عبر فترة زمنية طويلة، وذلك في إطار تحقيق أهداف سياستها الخارجية “. لذلك سوف يتم الإعتماد على منهج الدور في دراسة دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى، ومعرفة مدى نجاح هذا الدور في الدول.

تقسيم الدراسة:

سوف يتناول هذا البحث ثلاثة فصول كالأتى:

الفصل الأول: مفهوم القانون الدولى الإنسانى

المباحث:

المبحث الأول: مفهوم القانون الدولى الإنسانى

المطلب الأول: تعريف القانون الدولى الإنسانى

المطلب الثانى: خصائص القانون الدولى الإنسانى

المطلب الثالث: مبادئ القانون الدولى الإنسانى

المطلب الرابع: التطورالتاريخى للقانون الدولى الإنسانى

المطلب الخامس: التمييز بين القانون الدولى الإنساني والفروع القانونية الأخرى

المبحث الثانى: مصادر القانون الدولى الإنساني الخاص بحماية المدنين في النزاعات

المطلب الأول: العرف الدولى

المطلب الثانى: الإتفاقيات الدولية

المطلب الثالث: المبادئ العامة للقانون

المطلب الرابع: المصادرالإحتياطية للقانون الدولى الإنساني

المطلب الخامس: الاَليات الوطنية لتطبيق القانون الدولى الإنساني

الفصل الثانى: مفهوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر

المبحث الأول: مفهوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر

المطلب الأول: تعريف اللجنة الدولية للصليب الأحمر( مدلول اللجنة)

المطلب الثانى: الهيكل التنظيمي للجنة الدولية للصليب الأحمر

المطلب الثالث: موارد اللجنة الدولية للصليب الأحمر

الفصل الثالث: دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في القانون الدولى الإنسانى

المبحث الأول: مهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

المطلب الأول: مهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

المطلب الثانى: تطورأنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

المبحث الثانى: اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتطبيق القانون الدولى الإنسانى

المطلب الأول: دوراللجنة في نشروتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى

المطلب الثانى: تطبيق عملى على دوراللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني في دولة فلسطين.

الفصل الرابع: الخاتمة والنتائج والتوصيات

الفصل الأول :مفهوم القانون الدولي الإنساني

تمهيد وتقسيم:

تزايدت الحروب في الاَونه الأخيرة بعد إنتهاء الحرب الباردة بين المعسكر الغربي (الولايات المتحدة الأمريكية) والمعسكر الشرقي (الإتحاد السوفيتي) في كثير من دول العالم، على الرغم من التوصل إلى تطبيق مبدأ تحريم القوة أو التهديد بإستخدامها في العلاقات الدولية وفقاً للمادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة الذي أنشئ في عام 1945م .

وعلى الرغم أيضًا من تطبيق إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها لعام 1977م، ولكن تزايدت الحروب والنزاعات المسلحة في العديد من الدول سواء الحروب والنزاعات الداخلية أو الخارجية وزيادة مشكلة حمل السلاح في العديد من الدول مثل دول البلقان ، ووجود العديد من الأقاليم الإنفصالية التى تحاول الإنفصال عن الدولة الأم ، لذلك كان لابد من ظهورالقانون الدولى الإنساني تطبيقاً لهذه الإتفاقيات والمواد التى ظهرت في المواثيق. ولذا سأتناول في هذا الفصل مبحثين وهما:

  • المبحث الأول: مفهوم القانون الدولي الإنساني.
  • المبحث الثاني: مصادر القانون الدولي الإنساني الخاص بحماية المدنيين في النزاعات.

المبحث الأول : مفهوم القانون الدولى الإنساني

سوف يتم تناول أربعة مطالب في هذا المبحث، حيث يركز المطلب الأول على: تعريف القانون الدولى الإنساني، والمطلب الثاني على: خصائص القانون الدولى الإنساني،  والمطلب الثالث على: مبادئ القانون الدولى الإنساني، والمطلب الرابع على: التطورالتاريخي للقانون الدولى الإنساني، والمطلب الخامس على: علاقة القانون الدولى الإنساني بالفروع القانونية الأخرى.

أولًا: تعريف القانون الدولى الإنساني:

يعد القانون الدولى الإنسانى فرعًا رئيسيًا من فروع القانون الدولى العام، حيث يركزعلى حماية الأفراد أثناء النزاعات المسلحة فهو يضع القواعد التى تهدف في أوقات النزاع المسلح إلى حماية الأشخاص مثل الجرحى والاًسري والأشخاص الغيرمشاركين في الحرب أو الذين كفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية. يتكون القانون الدولى الإنساني من مجموعة من القواعد التعاهدية والعرفية والتى يقصد بها إيجاد حلول للمشكلات الإنسانية التى تنشأ نتيجة النزاعات المسلحة سواء كانت هذه النزاعات دولية أوغيردولية، وتعمل هذه القواعد على تقييد الأطراف داخل النزاع من حيث إستخدام الوسائل والأساليب داخل الحرب حيث أنها تهدف إلى: حماية الأعيان المدنية التى ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية والنزاعات المسلحة التى تنشأ بين الأطراف[10].

يطلق على القانون الدولى الإنساني “قانون الحرب” أو “قانون النزاعات المسلحة”، حيث كان “قانون الحرب” هو المصطلح التقليدى السائد حتى إبرام ميثاق الأمم المتحدة وعندما أصبحت الحرب غيرمشروعة وقانونية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة شاع إستخدام مصطلح “قانون النزاعات المسلحة”.

يعتبر الفقيه Max Huber  رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر هو: أول من تبني مصطلح القانون الدولى الإنسانى بصورة رسمية وقد كان ذلك أثناء المؤتمرالدبلوماسي المنعقد بجنيف من عام 1974 إلى عام 1977م المتعلق بتأكيد قواعد القانون الدولى الإنسانى في حاله النزاعات المسلحة.

أوضحت إصدارات اللجنة الدولية للصليب الأحمربأن القانون الدولى الإنسانى هو “مجموعة القواعد الدولية المستمدة من الإتفاقيات الدولية أو العرف الدولى بصفة خاصة لحل المشكلات الإنسانية الناشئة بصورة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والتى تقيد لأسباب إنسانية حق أطراف النزاعات في إستخدام طرق وأساليب الحرب التى تروق لها أو تحمي الأعيان والأشخاص الذين تضرروا أو قد يتضررون بسبب النزاعات”[11].

ويعرفه الدكتورتوفيق بوعشبة بأنه “مجموعة القواعد القانونية الدولية المكتوبة والعرفية التى تهدف في حالة أى صنف من أصناف النزاعات المسلحة إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال وتخفيف الاَلام عن الضحايا مهما كان صنفهم وكذلك حماية الممتلكات وبصورة عامة الأعيان التى ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات أو بالأعمال العسكرية”[12].

ويعرفه الدكتورمحمود شريف بسيونى بأنه “مجموعة الأعراف التى توفر الحماية لفئات معينة من الأفراد والممتلكات تحرم أى هجمات قد يتعرضون لها أثناء الصراعات المسلحة، سواء كانت هذه الصراعات ذات صفة دولية أو صفة غير دولية، وهذه الأعراف مستمده من القانون الدولى الإتفاقي أو القانون الدولى العرفي”[13].

وعرفه الدكتور عامر الزمالى بأنه “القانون الدولى الإنسانى الذي تهدف قواعده العرفية والمكتوبة إلى حماية الأشخاص المتضررين في حالة النزاع المسلح بما ينتج عن ذلك، كما تهدف إلى حماية الأموال التى ليست لها علاقه مباشرة بالعمليات العسكرية”[14]

وعرفه الدكتور محمد المجذوب بأنه “ذلك الجزء المهم من القانون الدولى العام الذي يستلهم الشعور الإنسانى ويهدف إلى حماية الإنسان في أوقات الحرب والنزاعات المسلحة”[15]

ويعرفه في الفقه العربي الدكتور جعفرعبد السلام بأنه “مجموعة القواعد والمبادئ التى تضع

قيوداً على إستخدام القوة في وقت النزاع المسلح وذلك من أجل: الحد من الأثارالتى يحدثها العنف والحرب على المحاربين بما يتجاوز القدر اللازم الذي تقتضيه الضرورات الحربية، وتجنيب الأشخاص الذين لا يشتركون بشكل مباشر في الأعمال الحربية”[16].

ويعرفه الأستاذ ستانيسلاف أ. نليك بأنه “مجموعة قواعد القانون الدولى التى تستهدف حالات النزاع المسلح لحماية الأشخاص الذين يعانون ويلات هذا النزاع، وفي إطار أوسع حماية الأعيان التى ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العدائية”[17].

وفقًا لهذه المفاهيم يمكن القول: إن القانون الدولى الإنسانى أو كما كان يسمي بقانون النزاعات المسلحة هو “القانون الذي يهدف إلى حماية الأشخاص المضرورين في الحروب والنزاعات المسلحة كالجرحي واَسري الحرب والمرضي، حيث يقيد هذا القانون الإستخدام الفعلى للقوة أو التهديد بإستخدامها، فضلاً عن حماية الممتلكات الثقافية والأعيان المدنية.

ثانيًا: خصائص القانون الدولى الإنسانى

هناك مجموعة من الخصائص التى يتسم بها القانون الدولى الإنساني وكما يأتى:

أولاً: يعد القانون الدولى الإنسانى فرع من فروع القانون الدولى العام، حيث أنه يهدف إلى حماية الأفراد وتحقيق مصالحهم بينما القانون الدولى العام يهدف إلى تنظيم العلاقات بين الدول، وفي الأونه الأخيرة أصبح هناك أهتمام كبير بالقانون الدولى الإنساني خاصة بعد أن حل القانون الدولى الحديث الذي يتجه بالخطاب إلى الدول لتحقيق مصالح الأفراد محل القانون الدولى التقليدى الذي ينظم العلاقات بين الدول و لذلك يمكن وصف العلاقة بين القانون الدولى الإنساني والقانون الدولى العام على إنها علاقة الفرع بالأصل، وترتب على هذه العلاقة مجموعة من النتائج وهى:

  • يعتبر القانون الدولى الإنساني من أقدم فروع القانون الدولى العام حيث تم تقنين قواعده في شكل إتفاقيات دولية منذ زمن بعيد، ولكنه يختص بجانب واحد فقط من جوانب القانون الدولى العام وهو جانب الحرب بمعني أنه إذا وجدت أى مسألة تتعلق بالحروب فإن حلها يخضع للقانون الدولى الإنساني، وفقًا لقاعدة الخاص يقيد العام ويحد من نطاق تطبيقه.
  • يستمد القانون الدولى الإنسانى قواعده من القانون الدولى العام بمعنى أن القانون الدولى العام يمثل الشريعة العامة للقانون الدولى الإنسانى في المسائل التى لا يوجد حكم لها في قواعد القانون الدولى الإنسانى سواء العرفية أو الإتفاقية[18].
  • تتسم قواعد القانون الدولى الإنسانى بأن لها قوة إلزامية مثل قواعد القانون الدولى العام، حيث ينبغي على الدول الإلتزام بهذه القواعد وإحترامها وإلا تعرضت لمسئولية دولية عند مخالفتها، حيث أصبحت المسئولية الدولية المترتبة على إنتهاك قواعد القانون الدولى الإنسانى ذات حكم خاص ويعد منتهك هذه القواعد مرتكبًا لجرائم دولية وفقًا للمحكمة الجنائية الدولية التى وقع نظامها الأساسي في 17يوليو 1998 والذي دخل حيذ التنفيذ في أول تموز 2002، حيث يحق لها أن تصدرعقوبات جنائية قد تصل إلى حد السجن المؤبد، ويخضع للمحاكمة أيضًا كبار المسئولين والقادة ورؤساء الدول، حيث تختلف العقوبات الجنائية التى تترتب على مخالفة قواعد القانون الدولى الإنساني عن العقوبات التى تترتب على مخالفة قواعد القانون الدولى والتى يترتب عليها تحمل المسئولية المدنية فقط دون وقوع عقوبة جنائية مثل مخالفة قواعد القانون الدولى الإنساني.
  • تعتبرالمحكمة الجنائية الدولية هي المختصة في المراقبة على عملية إنتهاك قواعد القانون الدولى الإنساني وفقًا لنظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998، لذلك يعتبردور المحكمة الجنائية دولية مهم للغاية حيث تختص بالمحاكمة عن أربعة طوائف وهى: الجرائم الإنسانية، جريمة العدوان، جرائم الإبادة والتطهيرالعرقي، جرائم الحرب[19]. تتسم أيضًا المحكمة الجنائية الدولية بأنها محكمة دائمة بمعنى أن لها قلم محكمة دائم ومدعيًا عامًا وثابتاً وأيضًا توجه لها القضايا بصورة مباشرة ويتم الحكم عليها من قبل المدعى العام للمحكمة أو بقرار من مجلس الأمن، وفيما يخص حالة المتهمين كان الحكم عليهم قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية من خلال القرار الذي يصدره مجلس الأمن ثم بعد ذلك وفقًا لهذا القرار الذي يصدر من خلال مجلس الأمن يتم تشكيل محاكم خاصة ثم تزول وتنحل المحكمة بمجرد إصدارالقرار وإنتهاء الدعوى المعروضة، ولكن بعد إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بيتم إحالة المتهمين مباشرة وطلب القبض عليهم من الدائرة التمهيدية للمحكمة[20].
  • عند تنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني يمكن الإستعانة باَليات تطبيق وتنفيذ قواعد القانون الدولى العام مثل اللجوء إلى الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة مثل: مجلس الأمن في التأكد من إحترام قواعد القانون الدولى الإنسانى، وبالفعل في دولة يوغسلافيا تم اللجوء إلى مجلس الأمن لتشكيل محكمة جنائية دولية لمعاقبة المسئولين عن إرتكاب الجرائم الدولية الجنائية عام 1993 ونفس الأمر تحقق في رواندا عام 1994[21].
  • القانون الدولى الإنسانى لايطبق على المنازعات الدولية فقط ولكن يطبق أيضًا على المنازعات الغيردولية (الداخلية)، ويقتصرمجال تطبيق القانون الدولى الإنسانى علي حالة معينة من حالات القانون الدولى العام وهى: حالة الحرب لذلك يطلق عليه قانون النزاعات المسلحة، والنزاع المسلح الذي يثورعنده تطبيق القانون الدولى الإنسانى هو: كل نزاع ينشأ بين القوات المسلحة التى تسعى إلى حالة القتال والصراع المسلح من أجل الحصول على حقوقها والمصالح التى تريد تحقيقها سواء هذا النزاع دوليًا بين دولتين أو نزاع بين عدة طوائف داخل الدولة الواحدة أو نزاع داخلى بين طائفتين[22].
  • تلتزم جميع الدول في حالة النزاعات المسلحة التى تحدث بين الدول بإحترام قواعد القانون الدولى الإنسانى حتى وإن كانت هذه النزاعات المسلحة تحدث بصورة متقاطعة طالما ظلت حالة الحرب قائمة وكان هناك إحتلال.
  • يهدف القانون الدولى الإنسانى إلى التخفيف من ويلات الحروب والحد من اًثارالحروب عن طريق حظرإستخدام الأسلحة أو عن طريق تقييد إستخدامها، حيث يتمتع المقاتلون الذين تخلوا عن أسلحتهم بالحماية من جانب قواعد القانون الدولى الإنسانى مثل: الجرحى والمرضي والاًسري.

ثانيًا: هناك أوجه تشابه وإختلاف بين القانون الدولى الإنساني والقانون الدولى لحقوق الإنسان، حيث أنهم يمثلان فرعين قانونين مستقلين من أفرع القانون الدولى العام فسواء من حيث المحتوى أو الهدف يوجد العديد من أوجه التشابه بين القانونين ويوجد أيضًا أوجه إختلاف. تتمحورأوجه التشابه بين القانونين في الاًتي[23]:

  • هناك بعض المبادئ المشتركة التى تجمع بين القانونين وهي: منع التعذيب بمختلف أنواعه، أهمية إحترام الشرف والعائلة والعادات والتقاليد، ضمان وحماية الملكية الفردية، حماية الذات البشرية من أى تهديد قد يضرها، ضمان توفيرالأمان والحماية للأفراد، عدم التمييز بين الأشخاص بصورة مطلقة مثل: الخدمات الطبية التى لابد أن تقدم للأشخاص دون تمييز إلا ما تفرضه الأوضاع الصحية، مراعاة الضمانات القضائية على مستوي الإجراءات قبل عملية التحقيق ومراعاتها أيضًا عند المحاكمة وتنفيذ الأحكام، تحقيق الحماية الخاصة لكل من الأطفال والنساء، إحتجازالرهائن وحظرالعقوبات الجماعية وحظرالأعمال الإنتقامية.
  • تتمتع كلاً من قواعد القانون الدولى الإنساني والقانون الدولى لحقوق الإنسان بالطبيعة الإلزامية عند التطبيق التى لا يجوز مخالفتها ولا الخروج عنها، وإلا تعرضت الجهات الفاعلة للعقوبة الجنائية.
  • يعتبرالقانون الدولى العام الشريعة العامة لكلا القانونين بمعني أنه يتم اللجوء لقواعد القانون الدولى العام في حالة وجود عجزأو قصور في بعض النصوص.
  • يعتبركلاً من القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان فرع من فروع القانون الدولى العام، حيث يعود سبب وجود القانونين إلى حماية الأفراد من الحروب والتخفيف من ويلاتها.

تتمحورأوجه الإختلاف في الاًتى:

  • يتم تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني في حالات النزاعات المسلحة سواء الدولية أو الغيردولية، بينما قواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان يتم تطبيقها في حالات الحرب والسلم على السواء. ولكن يحق للحكومات أثناء النزاعات المسلحة أو فى حالات الطوارئ إيقاف العمل بالقانون.
  • يقوم القانون الدولى لحقوق الإنسان على حماية جميع الأشخاص في وقت السلم، بينما يقوم القانون الدولى الإنساني على حماية أشخاص محددين فقط وهما: المدنيين أو الجرحى أو الأشخاص الذين يتوقفون عن الإستمرار أو المشاركة في الأعمال العدائية[24].
  • تتسم اَليات تنفيذ القانون الدولى لحقوق الإنسان بالتعقيد مثل: الأنظمة الإقليمية، والهيئات التعاهدية، والهيئات الأممية مثل التى تنشئها الأمم المتحدة. يعد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لعام 1948م، والعهد الدولى للحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لعام م1966، وميثاق الأمم المتحدة لعام 1945م من أهم المواثيق والاًليات لتطبيق القانون الدولى لحقوق الإنسان[25].
  • تتسم اَليات تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى بالسرعة في العمل والتطبيق مثل: اللجنة الدولية للصليب الأحمرالتى تم إنشاءها وفقًا لإتفاقية جنيف الأربع لعام 1949م وبروتوكولاتها الإضافيين لعام 1977م.
  • صفة الإلزام القانونى التى تطبق على قواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان تعتبرإلزامية فقط على الدول الموقعة على الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بينما صفة الإلزام القانونى التى تطبق على قواعد القانون الدولى الإنسانى تعتبرإلزامية على جميع الدول سواء كانت موقعة على الإتفاقيات الدولية أم لا.
  • يعتبر القانون الدولى الإنساني سابق في نشأته عن القانون الدولى لحقوق الإنسان وذلك من خلال الصكوك الدولية، حيث أن بداية الظهورالفعلى للقانون الدولى الإنسانى جاء من خلال إتفاقية جنيف لعام 1864 الخاصة بتحسين أحوال الجرحى في ميادين الحروب، أما القانون الدولى لحقوق الإنسان نشأ بشكل فعلى بعد الحرب العالمية الثانية.

 ثالثًا: مبادئ القانون الدولى الإنساني

إهتم العديد من الفقهاء بوضع مبادئ أو قواعد لتنظيم القانون الدولى الإنساني، وأيضًا وضع قواعد لتنظيم النزاعات المسلحة وذلك كان قبل إعتماد وتطويرإتفاقية جنيف لعام 1864 بوقت طويل مثل: جان جاك روسو ففي القرن السابع عشر قدم إسهامًا رئيسيًا فيما يخص الحروب التى تقع بين الدول لذلك قام بوضع مبدأ لتنظيم عملية الحروب بين الدول وهو “إن الحرب ليست على الإطلاق علاقة بين إنسان وأخر،  ولكنها علاقه بين دول لايصبح فيها الأفراد أعداء إلا على نحو عارض، ليس بحكم كونهم بشراً أو مواطنين بل بحكم كونهم جنوداً.

ولما كانت الغاية من الحرب هي تدميرالدولة المعادية، فمن المشروع قتل المدافعين عنها ما داموا يحملون السلاح، لكنهم لا يعودون أعداء أو عملاء للعدو بمجرد إلقاء السلاح والإستسلام، ويصبحون بمجرد بشرمرة أخرى، ولايحق الإعتداء على حياتهم”. وفي عام 1899 وضع مارتينزالمبدأ التالى للحالات التى لايغطيها القانون الدولى الإنسانى: “يظل المدنيون والمقاتلون تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولى المشتقة من الأعراف المستقرة ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضميرالعام”[26].

وضع أيضًا “روسو” و “مارتينز” المبادئ الإنسانية في الحرب مثل: مبادئ التمييز،  والضرورة العسكرية، وحظرالمعاناة الغيرضرورية على النحوالتالى: “لما كان الهدف المشروع الوحيد الذي ينبغى للدول لأن تسعى إلى تحقيقه أثناء الحرب: هو إضعاف القوات العسكرية للعدو، ولما كان يكفى لتحقيق هذا الغرض تعجيزأكبرعدد ممكن من الجنود عن المشاركة في القتال، فإن إستخدام أسلحة من شأنها أن تزيد دون فائدة معاناة الجنود العاجزين عن القتال أن تعجل موتهم حتميًا أمريتجاوزهذا الهدف”.

لذلك جاء البرتوكولان الإضافيان لعام 1977م ليؤكدوا على تطورالمبادئ الخاصة بالقانون الدولى الإنسانى، ومن هذه المبادئ:

أولاً: المبادئ الأساسية

هناك مجموعة من المبادئ الأساسية التى تحكم القانون الدولى الإنسانى والتى تحترم من قبل الدول المتحاربة أثناء العمليات العسكرية، ومن هذه المبادئ:

  • مبدأ التمييز

يقوم مبدأ التمييزعلى أساس “أن أطراف النزاع المسلح التمييزبين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية[27]“. يرجع هذا التمييزإلى كون المدنيين(الأعيان المدنية) لايمكن أن يكونوا عرضة للهجوم الذي ينبغي أن يقتصرعلى الأهداف العسكرية فقط. وفقاً لهذا المبدأ قام البروتوكولان الإضافيان لعام 1977م بحظربعض النقاط الخاصة لتحقيق الحماية للمدنيين، وتتمحورهذه النقاط في الاًتى:

  • الهجمات العشوائية
  • الهجوم على دورالعبادة وتدميرالأثار.
  • لايجوز أن يكون السكان المدنيين هدفاً للهجوم.
  • تدميرالأعيان والمواد التى لاغني عنها لبقاء المدنيين.
  • تظاهرالمقاتلين بمظهرالمدنيين.
  • إرتكاب أعمال الخطف الرامية أساساً إلى بث الذعربين السكان وتهديدهم.

وفقاً لهذه النقاط يحقق هذا المبدأ ميزه أساسية وهي: كفالة وإحترام السكان المدنيين والأعيان المدنية ضد أى هجوم عسكرى.

  • مبدأ الضرورة الحربية

يعرف مبدأ الضرورة الحربية على إنه: “الأحوال التى تظهرأثناء الحرب وتفرض حال قيامها إرتكاب أفعال معينة على وجه السرعة بسبب الظروف الإستثنائية الناشئة لحظتها”. ويعرف الفقة الدولى مبدأ الضرورة الحربية على إنه: “الحالة التى تكون ملحة إلى درجة أنها لاتترك وقتًا كافيًا من قبل الأطراف المتحاربة لإختيارالوسائل المستخدمة في أعمالها العسكرية الفورية”. إذن وفقًا لهذه التعريفات يقوم مبدأ الضرورة على أساس فكرة معينة وهى: أن إستعمال القوة العسكرية في الحرب يرجع إستخدامها إلى سبب محدد وهو قهرالعدو وتحقيق النصر، وعند تحقيق الهدف وهزيمة العدو يمتنع الطرف المنتصر(المعادى) عن توجيه الأعمال العدائية ضد الطرف الأخر[28].

هناك عدد من الشروط القانونية التى إتفق عليها الفقه والقضاء الدوليين التى تقيد مبدأ الضرورة الحربية وهى:

  • ألا تكون الإجراءات المستخدمة لتنفيذ حالة الضرورة محظورة بموجب أحكام وقواعد القانون الدولى، كالتذرع بإستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، أو قصف وإبادة السكان المدنيين، أو عمليات الثأر والإقتصاص من المدنيين وممتلكاتهم وذلك ما نصت عليه المادة 22 من لائحة لاهاى حيث ذكرت بأنه “ليس للمتحاربين الحق المطلق في إختياروسائل إلحاق الضرربالعدو”[29].
  • يسمح مبدأ الضرورة الحربية بإستخدام الوسائل الحربية متفاوته الضرر، وذلك في حالة أن لا يكون أمام القوات المتحاربة في حالة الضرورة  أى خياربتحديد طبيعة ونوع الوسائل سوى التى أستخدمت بالفعل.
  • لايمكن توافرمبدأ الضرورة الحربية في أوقات الهدوء ووقف القتال حيث أنها ترتبط بسير العمليات العسكرية خلال مراحل القتال بين الأطراف المتحاربة.
  • يبدأ مبدأ الضرورة ببداية حدث أو فعل محدد وينتهي بإنتهاء هذا الحدث، لذلك يعتبرمبدأ الضرورة الحربية ذات طبيعة مؤقتة بالنظرإلى طبيعتها الإستثنائية.

 

  • مبدأ الفروسية

يقصد بهذا المبدأ صفة النبل في المقاتل أثناء الحرب التى تمنعه من القتال أوالمبارزة أومواجهة الأعزل أو قتل النساء أو الإطفال الغيرمشاركين في الحرب، ويطلق على هذا المبدأ ( الشرف العسكرى) وهو ما يقصد به: تحريم إستعمال السلاح الذي لا يتفق إستعماله مع الشرف أو القيام بعمل من أعمال الخيانة أوالإستغلال، وهو ما يقصد به إحترام العهد المقطوع.

يقصد أيضًا بمبدأ الفروسية: عدم لجوء المحاربون إلى أي سلوك يتنافي مع شرف الفارس، ولكن مبدأ الفروسية يقوم على قاعدة المعاملة بالمثل أثناء الحرب بمعنى إذا تمسك به طرف يتعين على الطرف الأخر التمسك به، وإذا تخلى عنه تخلى عنه أيضًا الطرف الأخر[30].

  • مبدأ الإنسانية

يعد مبدأ توفيرالحماية للإنسان في أوقات الحرب سواء إذا كان هذا الإنسان عسكرياً أم مدنياً، وحماية الضحايا أثناء النزاعات المسلحة من أهم الأهداف التى تسعى الإتفاقيات إلى تطبيقها على أرض الواقع مثل: إتفاقيات جنيف وغيرها من الإتفاقيات والمواثيق الدولية. يشكل هذا المبدأ جوهرالقانون الدولى الإنساني[31] حيث يقوم على الاًتى:

  • منع إستخدام أعمال القسوة والوحشية في القتال.
  • حماية المدنيين في الأراضي المحتلة.
  • حماية الأطفال والنساء من أى شكل من أشكال الإساءة الغيرلائقة.
  • توفيرالحماية الخاصة للإطفال المراهقين ومنع مشاركتهم في الأعمال القتالية وحظرتجنيدهم.
  • توفيرالحماية للمرضي والجرحى.
  • يتنافى أيضًا مبدأ الإنسانية مع إستخدام العقاقيرالتى تمنع الإنجاب.
  • عدم إستخدام قنابل حارقة أو تسبب إلتهاب للجلد.

 

  • مبدأ التناسب

يقصد بهذا المبدأ إقامة التوازن بين مصلحتين متعارضتين، تتمثل الأولى في: ما تمليه إعتبارات مبدأ  الضرورة الحربية (العسكرية)، بينما تتمثل الثانية في: ما يمليه مبدأ الإنسانية الذي يعد جوهرالقانون الدولى الإنساني أثناء سيرالعمليات العسكرية.

 رابعًا: التطورالتاريخي للقانون الدولى الإنساني

هناك العديد من العصورالتى تشكلت فيها قواعد القانون الدولى الإنساني حتى أصبحت في عصرنا الحالى لذلك سوف نتناول الجذورالتاريخية للقانون الدولى الإنساني وصولاً للقانون الدولى الإنساني في العصرالحديث.

أولاً: العصورالقديمة

عرفت مختلف  الحضارات القديمة العديد من الطقوس والتقاليد التى تبين بعض مواقف اللين والرحمة والتسامح، على الرغم من أن القواعد التى كانت سائدة هى القسوة والطغيان الشديد.

ففي العصورالقديمة كان الإقتصاد قائم على أساس نظام الرق، ولكن على الرغم من العيوب التى كان يتسم بها هذا النظام إلا أنه أعطي حماية للاَسري التى أصبحت مصونة في بعض الأحيان من أجل العمل في الأراضي الصحراوية. بدأت الأمم بعد ذلك تتشكل من خلال العلاقات التى ظهرت بين الشعوب في سنه 2000 قبل الميلاد، ومن هنا ظهرت الجذورالأولى لقواعد القانون الدولى الإنساني[32].

عند السامريين كان نظام الحرب نظاماً راسخًا فيه إعلان الحرب، والتحكيم، وحصانه للمفاوضين، ومعاهدات الصلح. عرفت أفريقيا قانون عرف بإسم “قانون الشرف” الذي كان يمنع فيه إستخدام وسائل القتال كالأسلحة السامة. أما “حمورابي” ملك بابل فقد أصدرقانون يسمي بإسم “قانون حمورابي” والذي وصفه بإنه “إنى أقررهذه القوانين كى أحاول دون ظلم القوى للضعيف”[33].

أما الحيثيين فكانت مواقفهم أثناء الحروب تدل على الإنسانية، وكان لهم قانون يقوم على العدالة والإنسانية والإستقامة.

كما شهدت الحضارة المصرية بعض المواقف التى تدل على الإنسانية في أوقات الحروب، والدليل على ذلك ما أشارت إليه “الأعمال السبعة للرحمة الحقيقية” والتى كانت تنص على أنها: كساء العراة، إطعام الجياع، أرواء العطشي، إيواء الغرباء، تحريرالاًسري، العناية بالمرضي، دفن الموتى[34]. وعندما إصطدمت الأمبراطورية المصرية والحوثية تم عقد معاهدة بينهما في عام 1269 لتنظيم الأعمال العدائية.

في الهند كان هناك بعض القواعد التى كانت تسمي ب “قانون مانو” في الهند القديمة، وكانت نابعة من مبدأ الإنسانية الذي يعد جوهرالقانون الدولى الإنساني في الوقت الحالى، فكانت هذه القواعد تحرم على المقاتل أن يقتل عدوه، وتحرم أيضًا قتله إذا كان نائمًا أو مجردًا من السلاح.

في الحضارة اليونانية، كانت معظم الحروب في المدن اليونانية دفاعية، وأبرمت العديد من الإتفاقيات والمعاهدات الخاصة بعدم الإعتداء على الأخر. أما في الحضارة الرومانية فهى تأثرت بالحضارة اليونانية وما جاء بها، حيث قامت الحضارة الرومانية بالتطرق في الحديث عن مشروعية الحرب، ومن أمثلة الفلاسفة الذين تحدثوا عن مشروعية الحرب هو”شيشرون” ويري أنها لا تكون مشروعة إلا إذا سبقها طلب رسمي أو إنذار رسمي. لقد تأثرأيضًا رجال القانون الكنسي في الحضارة الرومانية بالفقة الرومانى لخلق نظرية أخلاقية يتم مراعتها أثناء وقت الحرب، وإستمدوا هؤلاء الرجال معظم قوانينهم من القانون الرومانى[35].

وفقًا لما تم عرضه من إسهامات الحضارات القديمة في تشكيل قواعد القانون الدولى الإنساني، فهي تحتل أهمية كبيرة  في تشكيل القواعد.

ثانياً: العصورالوسطي

بدأت العصورالوسطي مع ظهورالمسيحية التى شكلت بعض القواعد الهامة مثل: أن البشرأخوة وقتلهم يعتبرجريمة ومنعت تجارة العبيد (الرق)، حيث تعتبرهذه القواعد من أهم القواعد التى أعلنت عنها المسيحية وأثرت في تشكيل قواعد القانون الدولى الإنساني وأيضًا أدت إلى إسقاط وإنهيارالعالم القديم (المجتمع القديم).

تقوم المسيحية على مبدأ أساسي في ترسخيها للقواعد الإنسانية وهو: ” أن السيد المسيح عليه السلام قد بشربحب الغريب ورفع هذا الحب إلى مستوى الشمول، فهو مطلق ومجرد من البواعث، يمتد إلى الجميع حتى إلى العدو”[36].

ولهذا المبدأ رفض المسيحين في القرون الأولى الإنضمام إلى الجيش الرومانى بسبب الطابع الوثني لديهم، وبسبب أن الألوهية لديهم تنسب للإمبراطور،  ولكن في عام 313م صدرمرسوم ميلانو الذي أصدره إمبراطورقسطنطين حيث يعلن في هذا المرسوم إعتناقه للمسيحية.

في مطلع القرن الخامس قام الإمبراطورأوغسطينوس بوضع نظرية تمسي بإسم “الحرب العادلة” ولكن هذه النظرية كانت صورية بمعني أنه قام بإصدارها فقط لتهدئة الضمائر بغرض التوفيق بين المثل الإخلاقي الأعلى للكنيسة وبين الضرورات السياسية الخاصة بالحروب، وقد ترتب على ذلك عدم الإلتزام بالقواعد التى جاء في الكتاب المقدس والإبطاء في تقدم الإنسانية لعدة قرون أخرى. أما الجهاد أو الحرب في الإسلام تقوم على مجموعة من المبادئ، فيقول الحق سبحانه وتعالى: (( ومالكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها وأجعل لنا من لدنك وليًا وأجعل لنا من لدنك نصيرًا، الذين اَمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفًا[37] )). تدل هذه الاَية على أن المسلمين لم يبدأوا بأى إعتداء على الأخرين. فيما يتعلق حقوق الاَسري وسلامتهم، فقد دعا الإسلام إلى المحافظة على الكرامة الإنسانية في الحروب، وقد جاءت الإشارة إلى الرفق بالاَسري وحمايتهم في قوله تعالى: ((ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيراً ))، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “إستوصوا بالاًسري خيراً”[38].

ثالثًا: العصرالحديث

تم إرساء قواعد القانون الدولى الإنسانى في أوروبا نسبة إلى العصرالحديث من خلال مفكرين هما: “هنري دونان” و”فرانسيس ليبير”، حيث إقترح هنرى دونان في كتابه الشهير”تذكارسولفرينو” بتأسيس هيئات للإغاثة مثل: الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر. حيث تهدف هذه الجمعيات إلى مساعدة الأفراد أثناء الحروب،  ومساندة الخدمات الطبية للجيوش. دعا أيضًا هنرى إلى عقد إتفاقية دولية بين الدول من أجل حماية الجرحى أثناء الحروب. أما فرانسيس ليبير فقد تمكن من إعداد بعض القواعد المنظمة للقتال في عام 1963م في أثناء الحرب الأهلية الأمريكية بناء على تعليمات الرئيس الأمريكى في ذلك الوقت لكى يعمل على تحريم أعمال السلب والنهب من خلال هذه القواعد، وكذلك أعمال العنف التى تم إرتكابها ضد السكان المدنيين الذين كانوا يعيشون على أراضي تم غزوها ضد القوات الأمريكية. أيضًا هذه القواعد التى وضعها ليبير كان يحرم فيها على الجنود الأمريكين إستخدام السموم أثناء الحرب سواء وضعت في المياه أو الطعام، كما لا يجوز للجنود الأمريكين أن يستخدموا سلطاتهم أو مركزهم في الدول المحتلة من أجل الحصول على مكاسب شخصية.  وفي عام 1874 قام مارتنز بوضع القواعد والتعليمات المنظمة أثناء الحرب، حيث عكست هذه القواعد والتعليمات المفهوم الإنسانى الذي كان سائدًا في القرن التاسع عشر، وكان هناك أيضًا شرط وضعه مارتنز كان يطلق عليه “المبدأ البديل” حيث كان يهدف إلى حماية الأشخاص المعنيين بخصوص مسألة أو حالة لم يرد بشأنها نص صريح.

خامسًا: التمييز بين القانون الدولى الإنسانى والفروع القانونية الأخرى

أولاً: التمييز بين القانون الدولى الإنساني والقانون الدولى الجنائي

لابد أولاً قبل التمييز بين القانون الدولى الإنساني والقانون الدولى الجنائي أن نميز بين القانون الدولى الجنائي والقانون الجنائي الدولى، حيث أن القانون الدولى الجنائي يطبق على الجرائم الدولية التى تتمثل في جرائم الحرب، وجرائم الإبادة، وجرائم العدوان، وجرائم ضد الإنسانية وهذه الجرائم تم إدراجها في المادة رقم 5 من النظام الإساسي للمحكمة الجنائية الدولية. أما القانون الجنائي الدولى يطبق على الجرائم المنظمة التى تحدث عبرالحدود الوطنية، وهذه الجرائم يتم إرتكابها من قبل عدد من الأشخاص أو عدد من الدول ينتمون إلى أطراف معينة. هذه الجرائم  لا تندرج ضمن الجرائم الأربعة السابقة مثل: جرائم غسيل الأموال، وجرائم الإرهاب، والمخدرات، مع إنها جرائم دولية وكان ينبغي أن يتم إدراجها ضمن الجرائم الدولية الأربعة السابقة، ولكن الإشكالية في تعريف الأرهاب أدت إلى ذلك. وفقاً لذلك يعد القانون الجنائي الدولى فرع من فروع القانون الداخلى يعاقب على جرائم عالمية يتم إرتكابها من قبل عدد من الدول والأشخاص الذين ينتمون إلى أطراف عالمية محددة مما يؤدى إلى إثارة مشكلة القانون الجنائي الواجب تطبيقه في هذه الحالات حتي يتم معاقبة الدولة المعنية بالجريمة[39]. أما القانون الدولى الجنائي فهو فرع من فروع القانون الدولى العام يطبق على الجرائم الدولية، والعقوبات على الجرائم الدولية يتم الحكم فيها من خلال المحكمة الجنائية الدولية بإسم المجتمع الدولى.

بالنسبة لتمييز القانون الدولى الإنساني عن القانون الدولى الجنائي، فيعتبركلاهما فرع من فروع القانون الدولى العام يتفاعل كلاهما حيث في بعض الأحيان يتم إعتبارالقانون الدولى الجنائي والقانون الدولى الإنسانى قانونًا واحدًا، ويتمحور هدف القانونين حول تحقيق الحماية للإنسان أثناء النزاعات المسلحة وعليه فإن كلا القانونين يشكلان هيكلاً قانونيًا متكاملاً. يذهب الفقه إلى إعتبارأن قواعد القانون الدولى الجنائي بمثابه النصوص الإجرائية لقواعد القانون الدولى الإنساني بسبب أن:  قواعد القانون الدولى الجنائي تحدد إجراءات التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية، وطريقه الحكم في الجرائم التى تخص الإنتهاك الجسيم في قواعد القانون الدولى الإنساني. تشكل قواعد القانون الدولى الإنساني القواعد الموضوعية للقانون الدولى الجنائي حيث أن قواعد هذا القانون تقتصرعلى جرائم الحرب والإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[40].  قد تعود وحدة القانونين إلى عدد من الأسباب منها:  ينطبق كلا القانونين إلى فرع أساسي واحد وهو القانون الدولى العام وتتشكل القواعد القانونية الداخلة لدى القانونين من الإتفاقيات والأعراف الدولية، وخاصة أن القانون الدولى الجنائي قد نشأ في كنف القانون الدولى العام من خلال تحريم إنتهاكات القانون الدولى الإنساني ليشكل بذلك القانون الدولى الجنائي، كما أن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية أدى إلى تلاشي الفروق بين القانونين حيث تصبح المحكمة الجنائية الدولية الأداة الفعالة لإقرار مبادئ القانون الدولى الإنساني، والسبب الاخر: أنه يجمع بين القانونين هدف واحد وهو: تحقيق الأمن والسلم ومنع حدوث الإنتهاكات الجسيمة التى يتعرض لها الإنسان على المستوى العالمى، ولكن على الرغم من أوجه التشابة بين القانونين هناك بعض الفروق الجوهرية بين القانونين وتتمثل في الاَتى[41]:

  • يعتبرالقانون الدولى الجنائي نتيجة لمخالفة القانون الدولى الإنسانى لذلك يتم تطبيقه بناء على المخالفات التى يتم إرتكابها في القانون الدولى الإنسانى.
  • هناك عدد من الاَليات التنفيذية الخاصة بكل قانون، ولكن يعد القانون الدولى الجنائي من الأدوات للقانون الدولى الإنسانى.

هناك مجموعة من المصادرالخاصة بكل قانون، حيث أن القانون الدولى الجنائي يستمد مصادره من الإتفاقيات والقواعد الخاصة بالجرائم الدولية كالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بينما القانون الدولى الإنسانى يستمد مصادره من الأعراف والإتفاقيات الدولية المتعلقة بالحرب مثل: إتفاقيات لاهاى لعامى 1899و1907، وإتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977.

المبحث الثانى: مصادرالقانون الدولى الإنسانى الخاصة بحماية المدنيين في النزاعات

سوف يتم تناول ثلاثة مطالب في هذا المبحث لمعرفة المصادرالخاصة بالقانون الدولى الإنساني والتى تتمثل في: المطلب الأول: العرف الدولى، المطلب الثانى: الإتفاقيات الدولية، المطلب الثالث: المبادئ العامة للقانون.

اولاً: العرف الدولى

يعد من المصادرالهامة في القانون الدولى الإنسانى، حيث أن أغلبية القواعد الخاصة بالقانون الدولى الإنسانى نشأت من الأعراف والذي يشترط فيها القبول في الإستخدام والقبول الدولى كشرط أساسي للتطبيق. يمكن تعريف العرف الدولى على أنه: “مجموعة من الأحكام القانونية التى نشأت من تكرارإلتزام الدول بها في تصرفاتها مع غيرها في حالات معينة بوصفها قواعد تكتسب في إعتقاد غالبية الدول وصف الإلتزام القانونى”، ويتم تعريفه أيضًا على أنه: “مجموعة القواعد القانونية التى تنشئ في المجتمع الدولى، بسبب تكرارالدول لها مده طويلة، وبسبب إلتزام الدول بها في تصرفاتها، وإعتقادها بأن هذه القواعد تتصف بالإلزام القانونى”[42]. يعد العرف المصدرالرسمى الأول للقانون الدولى الإنسانى، وعلى الرغم من مزايا الإتفاقيات الدولية كمصدرللقانون الدولى الإنسانى، إلا أن العرف تبقي له أهمية كبيرة، وهو ما أكدته القاعدة الشهيرة والمعروفة في القانون الدولى الإنسانى وهى: “قاعدة مارتينز”، وضع هذه القاعدة السيد فريدريك دى مارتينز، الروسي الأصل في إتفاقية لاهاى الثانية الخاصة بالحرب البرية لعام 1899م في الفقرة الثالثة من مقدمتها، ثم أعاد التأكيد عليها في إتفاقية لاهاى الرابعة الخاصة بالحرب البرية لعام 1907م في الفقرة السابعة من مقدمتها والتى نصت على: “في الحالات التى لا تشملها أحكام الإتفاقية التى تم عقدها، يظل السكان المدنيون والمقاتلون تحت حماية وسلطان مبادئ قانون الأمم، كما جاءت في الأعراف التى أستقرعليها الحال بين الشعوب المتمدنة، وقوانين الإنسانية ومقتضات الضميرالعام”، ولكن الحالات التى لم تشملها الإتفاقية وينطبق عليها العرف هى حالة إذا كان أحد الأطراف المتحاربة ليس طرفًا في هذه الإتفاقية. أما الحالة الثانية هى حالة: ما إذا كانت هناك مسائل جديدة غيرمتفق عليها داخل الإتفاقية. إذن يعد العرف المصدرالأكثرملائمة من مصادرالقانون الدولى لتلبية متطلبات تكوين قانون دولى إنسانى.

يتم تشكيل القواعد العرفية عن طريق ما تسلكه الدول أثناء تصرفاتها في الحروب والنزاعات المسلحة، وأيضًا من خلال الإتفاقيات الدولية النافذة حيث يمكن الوقوف فيها على بعض القواعد العرفية، وهنا تكون قواعد هذه الإتفاقيات وخاصة تلك العرفية منها ملزمة حتى للدول الغيرالأطراف في الإتفاقية، والسبب في: أن قواعد هذه الإتفاقيات كلها أو بعض منها هي عبارة عن تقنين لأعراف دولية سائدة، وبالتالى لابد على الدول غيرالأطراف أن تلتزم بهذه القواعد العرفية[43]. يتكون العرف الدولى من عنصرين أساسيين هما: عنصرمعنوى ويتمثل في الاَتى: إقتناع الدول بضرورة هذا العرف وإيمانها بضرورة إتباعه والسيربمقتضاه حيث يعتبرهذا العرف ملزماً على الدول، والعنصرالأخرهو: عنصرمادى ويتمثل في الاَتى: تكرار بعض الوقائع والأحداث بشكل دائم ومستمر. تعتبر القواعد العرفية من أول القواعد التى شكلت قواعد القانون الدولى الإنساني حيث أن أكثرقواعد القانون الدولى الإنساني المكتوبه أو المقننه كانت في البداية قواعد عرفية، وتم بعد ذلك إقرارها في شكل معاهدات أو إتفاقيات دولية من قبل الدول. وفقًا لتطوروسائل وأساليب الحرب أصبحت الإتفاقيات الدولية تأتى بقواعد جديدة غيرمتعارف عليها في نطاق النزاعات المسلحة والحروب، ولكن تكرار تلك القواعد وإتباعها من قبل الدول يؤدى ذلك إلى تحويلها لقانون عرفى دولى حيث يطبق هذا القانون على جميع الدول سواء الأطراف أوغيرالأطراف في الإتفاقيات الدولية[44]. تعتبرقواعد إتفاقية لاهاى أنها ملزمة لجميع الدول بصرف النظرعن قبولها، كما تعتبرالأحكام الواردة في إتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية جزءاَ من القانون الدولى العرفى وتطبق في أى نزاع مسلح. يتألف القانون الدولى العرفى من قواعد مستمدة من ممارسة عامة مقبولة كقانون، وهى قواعد ليس لها علاقة بالمعاهدات ولكن لها أهمية كبيرة في النزاعات المسلحة الحالية حيث أنها تسد الثغرات التى خلفها قانون المعاهدات في النزاعات المسلحة الدولية والغيردولية ويعمل على حماية الضحايا أيضًا. يعتمد أيضًا العرف على قواعد ممارسات الدول مثل: التشريع، والكتيبات العسكرية، والبيانات الرسمية، وممارسات المنظمات والمؤتمرات والهيئات القضائية، وقوانين السوابق القضائية.

ثانيًا: الإتفاقيات الدولية

تعتبرأيضًا الإتفاقيات الدولية (المعاهدات) من المصادرالهامة للقانون الدولى الإنسانى بعد العرف الدولى، ومن أهم المعاهدات أوالإتفاقيات الدولية:

أولاً: إتفاقية جنيف لسنة 1864 المرتبطة بتحسين حال الجرحى العسكريين في ميدان الحرب.

تعود هذه الإتفاقية إلى مبادرة خاصة قامت بها لجنة جنيف عام 1863م عندما دعت الحكومة الإتحادية السويسرية إلى دعمها عن طريق الدعوة إلى عقد مؤتمرحكومى، لإبرام إتفاقية تهدف إلى: تحسين حال الجرحى العسكريين في ميادين الحروب، وتعود هذه الإتفاقية أيضًا إلى فكرة أساسية وهى: عندما رأى شاب سويسرى وهو يدعى “هنرى دونان” من أهل جنيف الجرحى المكدسين في الكنائس الذين يموتون متأثرين بالألام بينما كان يمكن إنقاذهم لو تم إسعافهم وذلك كان يحدث نتيجة الحرب التى شهدتها مدينة سولفيرينو الإيطالية بين جنود نابليون الثالث عام 1859م، وأثر ذلك دعت الحكومة السويسرية الدول الأوروبية إلى المؤتمرالحكومى الذي أدى إلى توقيع معاهدة لاهاى الأولى من نوعها حيث تمثل هذه المعاهدة نقطة إنطلاق أساسية في القانون الخاص بالنزاعات المسلحة،وهى تحتوى على عشرة مواد أساسية وتنص على[45]:

  • تقديم المساعدة الصحية دون تفرقة أوتمييزبين الأشخاص.
  • حمل شارة خاصة وهى صليب أحمرعلى رقعة بيضاء.
  • إحترام جميع المتطوعين المدنيين الذين يساهمون في أعمال الإغاثة داخل ميدان الحرب.
  • حياد الأجهزة الصحية، ووسائل النقل الصحي، وأعوان الخدمات الصحية.

تعتبرهذه الإتفاقية نقطة الإنطلاق في تشكيل قواعد القانون الدولى الإنساني، حيث إنتقل القانون الدولى الإنسانى بموجب هذه الإتفاقية من الأعراف، والديانات السماوية، والإجتهادات الفقهية، والقوانين الداخلية إلى بداية المرحلة الدولية للقانون الدولى الإنسانى، وتقتصرهذه الإتفاقية على الجرحى العسكرين في الميدان البري فقط حيث تم بعد ذلك في عام 1899م عقد إتفاقية أخرى في مؤتمرلاهاى لملائمة الحرب البرية وفقًا لمبادئ إتفاقية جنيف وشملت في أحكامها الحرب البرية[46]. في عام 1906م تم عقد إتفاقية خاصة بتحسين أحوال الجرحى والمرضي العسكرين وتعتبرهذه الإتفاقية بمثابة تطويروتعديل لإتفاقية 1864م.

ثانيًا: إتفاقية جنيف لعام 1906م الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضي العسكريين في الميدان.

تعتبرهذه الإتفاقية بمثابة تعديل لإتفاقية عام 1864م حيث أنها أضفت الحماية على فئة أخرى وهى: فئة المرضي، وتضمنت ثلاثة وثلاثين مادة وحاولت هذه الإتفاقية التغلب على بعض المشكلات التى أحدثتها إتفاقية عام 1864م بحيث أنها أهتمت بالحروب البرية وحماية ضحاياها وإحترام العسكريين والمرضي والجرحى ومعالجتهم بغض النظرعن جنسياتهم. كما بينت العلاقة بين شارة الصليب الأحمر ودولة سويسرا حيث بينت أن إستعمال هذه الشارة هو عرفان للدولة السويسرية، فهى تعتبرعكس للألوان الفيدرالية للعلم السويسري[47]، أيضًا تم تعديل إتفاقية 1899 الخاصة بعمليات النزاع في البحارمن خلال إتفاقيات لاهاى لعام 1907، حيث تعالج إتفاقية لاهاى لعام 1907 مجموعة من الأمور وهى: قوانين وأعراف الحرب، تسوية النزاعات سلميًا، حقوق وواجبات القوى المحايدة في حالة الحرب البرية، حالة السفن التجارية عند إندلاع الأعمال العدائية، القصف بواسطة القوات البحرية في زمن الحرب، تكييف مبادئ إتفاقية جنيف لعام 1906 مع الحرب البرية، تأسيس محكمة دولية خاصة بالإستيلاء على الغنائم.

ثالثًا: إتفاقية جنيف لعام 1929

تم عقد مؤتمرجنيف الدبلوماسي لعام 1929 بدعوة من الحكومة السويسرية مما نتج عن هذا المؤتمرإتفاقيتين:

أولاً: إتفاقية جنيف الخاصة بتحسين أحوال الجرحى والمرضي العسكريين في الميدان.

تعتبرهذه الإتفاقية بمثابة تعديل لإتفاقية جنيف لعام 1906، حيث تضم هذه الإتفاقية 39 مادة وإهتمت بعمليات الطيران الصحي والإسعاف، وقامت هذه الإتفاقية بإلغاء شرط المشاركة الجماعية الذي نصت عليه في إتفاقيات لاهاى الثانية لعام 1899، وإتفاقية لاهاى الرابعة لعام 1907، وإتفاقية جنيف لعام 1906، كما أقرت هذه الإتفاقية إستخدام شارات جديدة إلى جانب الصليب الأحمروهما: الهلال الأحمر، والأسد، والشمس[48].

ثانيًا: إتفاقية جنيف لمعاملة أسري الحرب لعام 1929م.

أهتمت هذه الإتفاقية بأهم ما يتصل بحياة الأسيروالفرد، حيث أنها تعد أول تنظيم دولى لاَسري الحرب، حيث أتاحت للاَسيرالتمتع بخدمات اللجنة الدولية للصليب الأحمروأيضًا التمتع بخدمات الدولة الحامية، وأهتمت أيضًا هذه الإتفاقية بجمع المعلومات الأساسية عن الاَسري وتبادل الأخبار مع أهلهم وذويهم للحصول على المعلومات الصحيحة، حيث لعبت هذه الإتفاقية دوراَ أساسيًا في معالجة القضايا التى تتعلق بالاَسري في الحرب العالمية الثانية.

رابعًا: إتفاقية جنيف لعام 1949م

تم عقد هذه الإتفاقية بناء على دعوة الحكومة السويسرية أعضاء المجتمع الدولى إلى عقد إتفاقية جنيف لعام 1949 بناء على النتائج التى أحدثتها الحرب العالمية الثانية، وبموجب هذه الإتفاقية تم عقد مجموعة من الإتفاقيات التى يتم العمل بها حاليًا في حالة النزاعات المسلحة حيث تهدف جميعها إلى الاَتى:

  • توسيع مجالات القانون الدولى الإنساني لتشمل ضحايا النزاعات والفتن الداخلية في الدول، وذلك بهدف ضمان حد أدنى من المعاملة الإنسانية أثناء عمليات النزاع المسلح.
  • مراجعة وتطويرمبادئ إتفاقية جنيف لعام 1929 وأيضًا مراجعة إتفاقية لاهاى لعام 1929، وإقرارإتفاقية ثانية خاصة بضحايا الحرب البرية.
  • حماية المدنيين من الإحتلال، وهذه كانت أول مرة أن تنص إتفاقية على حماية المدنيين من الإحتلال حيث لم تتمكن الدول من الموافقة والتصديق على هذه الإتفاقية إلا في عام 1977م.

البروتوكولات الإضافية لإتفاقية جنيف.

البروتوكول الإضافي الأول[49]:

يعتبرهذا البروتوكول متمم للإتفاقيات الأربعة لسنة 1949، أهتم هذا البروتوكول بضحايا النزاعات المسلحة حيث قام بتوسيع مجال الحماية القانونية للوحدات الصحية وأعوان الخدمات الطبية المدنية على غرارالوحدات الصحية العسكرية، كما أعتبرهذا البروتوكول حروب التحرير الوطنى نزاعًا دوليًا مسلحًا، ونص أيضًا البروتوكول على ضرورة وجود جهازللإضطلاع بمهام التحقيق في حالات الخرق الجسيمة للقانون الدولى الإنسانى.

البروتوكول الإضافي الثانى:

تم عقد هذا البروتوكول لحماية ضحايا النزاعات الغيردولية حيث عرف النزاع الغير الدولى على أنه: نزاع تدورأحداثه حول أقليم أحد الأطراف المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة، وأقرهذا البروتوكول مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ودعم الضمانات الأساسية لغيرالمقاتلين، وضمان الحقوق القضائية للاَسري بجانب تقديم الخدمات اللازمة لهم، وإلى جانب البروتوكولين الإضافيين تم تبني بروتوكول ثالث في عام 2005م.

البروتوكول الإضافي الثالث:

تم تبني بروتوكول إضافي ثالث ملحق بهذه الإتفاقيات في عام 2005، وتم وضع شارة جديدة إلى جانب شارتى الصليب والهلال الأحمروهى: الكرستاله الحمراء.

ثالثًا: المبادئ العامة للقانون

هناك مجموعة من المبادئ القانونية التى يستند إليها القانون بجانب الأعراف الدولية التى وضعت إلتزامات عديدة على الدول، والإتفاقيات الدولية المكونة للقانون الدولى الإنسانى. تعتبرهذه المبادئ جوهرالقانون الدولى بعضها تمت صياغتها من خلال الإتفاقيات الدولية وأخرى من خلال الأعراف الدولية. تعرف هذه المبادئ العامة على إنها : مجموعة من القواعد المشتركة في الأنظمة الدولية حيث تتبناها الدول التى لا يكون لديها علاقات قائمة على قاعدة إتفاقية أوعرفية تستند إليها، فتستند إلى هذه المبادئ العامة خاصة في حالة الخلافات التى تحدث، وتم الإشارة لهذه المبادئ في المادة الأولى من البروتوكول الأول لسنة1977م: ( يظل المدنيون والمقاتلون في الحالات التى لا ينص عليها في هذا الملحق أوأى إتفاق دولى أخرتحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولى كما أستقر بها العرف ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضميرالعام)[50].

رابعًا: المصادرالإحتياطية للقانون الدولى الإنساني

تعتبرالمصادرالإحتياطية من المصادرالمهمة أيضًا للقانون الدولى الإنساني بعد المصادرالرئيسية وتتمحورالمصادرالإحتياطية في الاَتى:

الفرع الأول: أحكام القضاء

تعتبرمحكمة العدل الدولية الهيئة القضائية الأساسية في القانون الدولى العام، ويعتبرالقانون الدولى الإنساني فرعًا رئيسيًا في القانون الدولى العام كما يشكل واحدًا من أقدم الكيانات الأساسية في الأعراف الدولية، لذلك تسهم محكمة العدل الدولية في فهم قيم المجتمع الدولى الأساسية التى يتم التعبيرعنها في القانون الدولى الإنساني، وتعتبرسوابق المحكمة بالإجماع أفضل صياغة لمضمون قواعد القانون الدولى الساري المفعول[51]، لذلك لابد أولاً مناقشة دورالمحاكم في تكريس مبادئ القانون الدولى الإنساني ثم بعد ذلك نتعرف على أحكام المحاكم فيما يخص القانون الدولى الإنساني.

أولاً: دورالأحكام القضائية

تلعب المحاكم الدولية والداخلية دوراً رئيسيًا وفعالاً في تكريس قواعد القانون الدولى الإنساني بشكل خاص، وقواعد القانون الدولى  بشكل عام. يتم تعريف أحكام القضاء على أنها: “مجموعة من الأحكام والأوامرالتى تصدرعن الجهات القضائية الدولية المختصة بالفصل في قضايا الجرائم الدولية”[52]. أكدت محكمة العدل الدولية على أهمية قواعد القانون الدولى الإنسانى وأنها أصبحت ملزمة للعديد من الدول بغض النظرعن إرتباطها بنص إتفاقي، وبالنسبة للقانون الدولى الإنسانى تعتبرأحكام المحاكم الجنائية الدولية من المصادرالمهمة جدًا للتطبيق على الرغم من أنها غير ملزمة على الدول، لذلك تعتبرأحكام المحاكم وإجتهادات القضاء من المصادرالإحتياطية التى لابد من الرجوع إليها في حالة عدم وجود مصدرأصلي من مصادرالقانون الدولى العام، وتصدرهذه الأحكام عن القضاء الدولى كالأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية أومحكمة التحكيم الدولى، أو يمكن أن تصدرعن القضاء الوطنى. أحكام المحاكم سواء الداخلية أوالدولية لا تنشئ قانونًا وإنما تطبقه فهى لا تعد مصدرًا مباشراً أورئيسيًا ولكن مصدرإحتياطى يؤخذ به على سبيل الإسترشاد، وإذا كان هناك حكم واحد لدى دول عديدة وله صفة دولية وإتخذ تفسيرمحاكم تلك الدول للحكم، فتوافق أحكام هذه الدول وإتباعها لنهج محدد يدل على إتجاه إرادة الدول إلى ترسيخ هذا الحكم كمبدأ يتم إتباعه والإلتزام به من قبل الدول. تقوم أحكام المحاكم الدولية بدورمهم يتمحورفي: تفسيرأحكام القانون الدولى والبحث عن الأعراف الدولية حيث أن الحكم الذي يصدرعن المحكمة يمكن أن يكون مستمد من قاعدة عرفية حيث أن هذا الحكم يتم وصفة على أنه تطبيق لقاعدة عرفية معينة وليس سابقة قضائية[53]، ومن أمثلة هذه الأحكام: القرارات الصادرة عن المحاكم الجنائية الدولية المنشأة بموجب قرارمجلس الأمن إستنادًا للصلاحيات والسلطات التى يتمتع بها بموجب أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كمحكمة يوغسلافيا السابقة لسنة 1993.

ثانيًا: أحكام محكمة العدل الدولية فيما يخص القانون الدولى الإنساني

من أبرزما قدمته محكمة العدل الدولية فيما يخص القانون الدولى الإنساني هو: الهدف العسكري، حيث أكدت محكمة العدل الدولية أن الأهداف العسكرية هي فقط التى يمكن على الدول مهاجمتها وأيضًا أكدت على الأهداف الغيرعسكرية التى تتم على نحوأخرفي العمليات العسكرية

مثل: قضية الأرصفة البترولية التى قدمتها إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية حيث أن إيران نفت الإدعاء الذي قدمتة الولايات المتحدة بأن المنشأت البترولية الإيرانية قدمت أفعال ضد السفن الأمريكية والطائرات الغيرعسكرية، وأصدرت محكمة العدل الدولية أن إستخدام القوة في حالة الدفاع الشرعى يفترض أنها ضرورية[54].

قامت محكمة العدل الدولية بالتأكيد على مبدأين أساسيين الذين تتضمنهم البنية الفوقية للقانون الدولى الإنساني في رأيها الإستشاري عام1996م وهما:

المبدأ الأول: يستهدف حماية المدنيين والأهداف المدنية، ولا ينبغي للدول أن تهاجم المدنيين، ولابد من التمييزبين المقاتلين والغيرمقاتلين، وبالتالى الدول غيرقادرة على إستخدام الأسلحة إلا في حين التمييزبين الأهداف المدنية والعسكرية.

المبدأ الثانى: يحظرإستخدام الأسلحة التى يمكن أن تسبب الأذى للمقاتلين، وبالتالى ليس للدول حرية غيرمحدودة في إختيارالأسلحة التى تستخدمها[55]. أكدت محكمة العدل الدولية من خلال ذلك المبدأين أنه يجوزاللجوء إلى إستعمال الأسلحة النووية إلا في حالة الدفاع عن النفس.

الفرع الثانى: قرارات المنظمات الدولية

تعتبرأيضًا قرارات المنظمات الدولية من المصادرالإحتياطية للقانون الدولى الإنساني، ولكن يوجد خلاف في بعض الأحيان على إلزامية قرارات المنظمات الدولية. بموجب أحكام الفصل السابع في الميثاق يقوم مجلس الأمن بإصدارقرارات ملزمة فيما يخص المنظمات الدولية بإعتبارة فرع منظم لهيئة الأمم المتحدة وأيضًا الجهازالموكل إلية حفظ الأمن والسلم الدوليين. أما القرارات الصادرة عن المنظمات الأخرى فغالبًا ما تكون لها صفة التوصيات، ولكن إذا تكررت هذه التوصيات فإنه من الممكن أن تتحول إلى قاعدة عرفية ملزمة وتستمد إلزاميتها من كونها قاعدة عرفية وليست توصية صادرة عن المنظمة الدولية.

هناك بعض الجدل حول إعتبار قرارات المنظمات الدولية كقاعدة قانونية، حيث هناك من يري أن قرارات المنظمات الدولية تعتبردليلاً ثانويًا شأنها من شأن القضاء والفقه، أما البعض الأخريري أنها لا تصلح لتكوين قاعدة قانونية من حيث إنكار صفة المصدرعن قرارات المنظمات الدولية  بحجة أن هذه القرارات صادرة عن أجهزة سياسية، أما شرائح القانون فى الدول النامية فيرون أن تلك القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية مصدرًا من مصادرالقانون الدولى. وفقًا لذلك فأن الفقه الدولى مستقرحاليًا على أن القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية تساهم في تكوين قواعد القانون الدولى بدرجات مختلفة فيما بينها.

إن المنظمات الدولية خضعت في نشأتها وتكوينها وفى ممارستها إلى قواعد القانون الدولى، حيث أنها تسهم في إرساء العديد من مصادرالقانون الدولى، ولكن ذلك لا يعنى أن كل ما يصدرعن المنظمات الدولية من قرارات يعتبرقاعدة قانونية حيث ذلك يقتصرعلى تلك القرارات التى تتمتع بطابع إلزمى فقط أى تشتمل على: مجموعة قواعد تلزم من خلالها مجموع الدول الأعضاء مثل: منظمة الأمم المتحدة. بداية من عام 1968 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دولى لحقوق الإنسان بهدف تطويرقواعد القانون الدولى الإنسانى المطبقة في حالة النزاعات المسلحة، والذي أستمر حتى 12 مايو1968، وبالفعل إستجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعوة عقد المؤتمرالدولى لحقوق الإنسان، وقد كان لذلك أثر واضح في عقد المؤتمرالدبلوماسي بهدف تطويرقواعد القانون الدولى الإنسانى والذي نتج عنه: إبرام البروتوكولين الإضافيين الملحقيين بإتفاقية جنيف الأربع لعام 1977م[56] .

خامسًا: الاَليات الوطنية لتطبيق القانون الدولى الإنساني

هناك مجموعة من الاَليات الوطينة للتنفيذ التى نص عليها القانون الدولى الإنساني التى لابد من إستعمالها لكى تتأكد دول العالم من تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني وإنفاذه في حالات السلم وأيضًا في أوقات النزاع المسلح، وهناك إلتزام طبيعي على الدول في تنفيذ القانون الدولى الإنساني من خلال الوعود التى وعدت بها الدول من أجل تنفيذ المعاهدات الدولية وإحترامها.يشمل الإلتزام الذي وعدت به الدول أثناء المعاهدات الدولية مجموعة من الأحكام التى ذكرت صراحة من خلال إلتزام الدول بتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني وبناء على هذا الإلتزام فإن القانون الدولى الإنساني ألزم هذه الدول بإدخال عدد من التشريعات للتنفيذ إلى قوانينها ما لم تكن مدرجة[57]. نصت المادة رقم 80 من البروتوكول الإضافي الأول على “الإجراءات اللازمة للتنفيذ” التى تقع على عاتق الدول وأيضًا نصت على “أن تتخذ أطراف النزاع دون إبطاء كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذ إلتزامتها بمقتضي الإتفاقيات”، وقد نصت إتفاقيات جنيف والبروتوكولان الإضافيان على نوعين من الاَليات اللازمة لتنفيذ القانون الدولى الإنساني ومن هذه الاَليات: الاَليات ذات الصلة بالتدريب والنشروالاَليات الخاصة بإدراج الدول للقوانين اللازمة لتطبيق المعاهدات، حيث تنقسم هذه الاَليات إلى:

  • الموائمة بين التشريعات الوطنية والإتفاقيات الدولية.

يعتبرإحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني من قبل الدول إلتزام طبيعى وأدبي ناتج عن إتفاقيات جنيف، حيث نصت المادة الأولى المشتركة في إتفاقيات جنيف الأربعة على: “أن تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تحترم هذه الإتفاقية وتكفل إحترامها في جميع الأحوال”، وجاءت المادة رقم 80 من البروتوكول الإضافي الأول المتعلق بحماية الضحايا في النزاعات المسلحة الدولية لتنص على:

  • “تتخذ الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع الأوامر والتعليمات الكفيلة بتأمين إحترام الإتفاقيات وهذا البروتوكول وتشرف على تنفيذها”.
  • “تصدرالأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع الأوامر والتعليمات الكفيلة بتأمين إحترام الإتفاقيات وهذا البروتوكول وتشرف على تنفيذها”.

يري الأستاذ الدكتور “إبراهيم العنانى” المتخصص في القانون الدولى أن “إلتزام الدول الموجود والقائم إنه يشكل نواة للقانون الدولى الإنساني ومدى إلزاميته بحيث يشمل إلتزام جميع أطراف المعاهدة الدولية بتنفيذها وإحترامها مما أدى إلى وجود تلك المواد فى الإتفاقية، وأيضًا بالنسبة للمعاهدات التى يكون فيها أكثرمن طرف وتسمي معاهدات متعددة الأطراف فإن الإلتزامات والإتفاقيات الملقاة على الدول الأطراف فيها تنتقل إلى الدول التى ليست طرفًا فيها وذلك لطبيعة مثل هذه المعاهدات وكونها تهم المجتمع العام ومتعلقة بمصالح عامة ومشتركة”.

قد عملت دولة فلسطين بعد حصولها على دولة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة على التوقيع والإنضمام إلى العديد من المواثيق والمعاهدات والإتفاقيات الدولية وبما فيها إتفاقية جنيف الأربعة والبروتوكولان الإضافيين، ومن أهم الطرق والاًليات التى تم ذكرها لتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني هى: الموائمة القانونية من خلال الموائمة بين التشريعات الوطنية الداخلية والمعاهدات الدولية الغيرذاتية التنفيذ، حيث يتطلب تنفيذها سن مجموعة من التشريعات الرئيسية والثانوية[58]. هناك مجموعة من التشريعات واللوائج الجزائية التى تم تحديدها لمعاقبة من يقوم بإنتهاك قواعد القانون الدولى الأنساني وأيضًا لحظرإستخدام الشارة الدولية للجنة الدولية للصليب الأحمرومنع الأساءة لها إذن فإن معظم المبادئ القانونية في أغلب الأنظمة القانونية تنص على أنه في حالة وجود أى مخالفة لأى نص قانوني أو قاعدة قانونية تستوجب هذه المخالفة العقاب حيث أن إلزامية القاعدة القانونية تعتبرمسؤولية قانونية على جميع الدول، وبناء على ماتم ذكره فإذا قام أى من الدول أو الأشخاص بمخالفة قواعد القانون الدولى الإنساني سوف يقع عليه المسؤولية القانونية وما يلحق هذه المسؤولية من أثارجمة.

تنقسم هذه الأثارإلى: أثارقانونية جنائية أى: وقوع عقوبة جنائية وعرفت بإسم “المسؤولية الجنائية”، وقد تكون مدنية أى من خلال إلزام الطرف المخالف بالتعويض وعرفت بإسم “المسؤولية المدنية”، وقد تكون جنائية ومدنية معًا[59]. نصت إتفاقية جنيف الأربعة والبروتوكولان الإضافيين على أنه “بالنسبة للمسؤولية المدنية التى تقع على الأطراف نتيجة ما يقوموا به من مخالفات للإلتزامات فيما بينهم حيث أوجبت أنه لا يجوز لأى طرف من الأطراف التحلل من الإلتزامات الملقاة على عاتقه أو إحلال أى طرف أخرمكانه فى الإلتزام وإلا سوف تكون عليه مسؤولية مدنية”، ونص البروتوكول الإضافى الأول لإتفاقيات جنيف على: “وجوب إيقاع المسؤولية الجنائية على من يقوم بإنتهاك لأحكام إتفاقيات جنيف وخاصة من الأشخاص الطبيعيين، وأيضًا إيقاع المسؤولية المدنية على الذي يقوم بإنتهاك أحكام إتفاقيات جنيف وأحيانًا إرغامة بدفع تعويض مادى مع مسؤوليته عن كافة الإنتهاكات التى يقوم بها أشخاص من قواته المسلحة”[60]. قررالبروتوكول الإضافي الأول وقوع المسؤولية المدنية والجنائية على رؤساء الدول نتيجة ما يرتكبه مرؤوسيهم من إنتهاكات لأحكام الإتفاقيات ولم يعملوا على منع مرؤوسيهم من إرتكاب تلك الإنتهاكات، حيث جاء ذلك نتيجة بيان إلزامية المسؤولية القانونية التى تقع على الطرف المخالف الذي يقوم بإنتهاك أحكام إتفاقيات جنيف فإنه يكون بالإمكان لأى طرف ملاحقة الطرف المخالف وتقديمه للمحاكمة[61].

  • نشرقواعد ومبادئ القانون الدولى الإنسانى.

يعتبرالنشرلمعرفة قواعد القانون الدولى الإنسانى نتيجة للوعود التى قطعتها الدول على نفسها من أجل إحترام قواعد القانون الدولى الإنسانى والإلتزام بمبادئه، لذلك لابد من أن يكون النشرعلى أسس من المعرفة الصحيحة لتطبيق القانون الدولى الإنسانى، ولكى تنضم الدول في العالم إلى إتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولان الإضافيين لابد أن تكون مُلزمة بنشر قواعد هذه الإتفاقية على نطاق واسع سواء في أوقات النزاع أو في فترات السلم لتكون هذه الأحكام معلومة لسكان الدول وقواتها المسلحة[62].

النشرلقواعد القانون الدولى الإنسانى ليس مقتصرًا على النشرأثناء أوقات النزاعات المسلحة فقط بل يقع على عاتق الدول الإلتزام بنشرمبادئ وقواعد القانون الدولى الإنسانى في أوقات السلم أيضًا، حيث أن هذا النشريساعد على الحد من العنف والحروب ويساعد على إحترام القانون. نصت إتفاقيات جنيف والبروتوكولان الإضافيين على إلزامية الدول بنشرقواعد القانون الدولى الإنساني، حيث نصت المادة رقم 47 من إتفاقية جنيف الأولى على “تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تنشرنص هذه الإتفاقية على أوسع نطاق ممكن في بلدانها في وقت السلم كما فى وقت الحرب، وتتعهد بصفة خاصة بأن تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري والمدنى إذا أمكن، بحيث تصبح المبادئ التى تتضمنها معروفة لجميع السكان، وعلى الأخص للقوات المقاتله المسلحة، وأفراد الخدمات الطبية والدينية”. أكد البروتوكول الإضافى الأول فى مادة 83 على إلتزام الدول بالعمل على الإلتزام بنشرالقانون، وأيضًا أكد البروتوكول الإضافى الثانى في المادة 19 على النزاعات المسلحة الداخلية.

لابد أن يكون هناك إدراج لدراسة القانون الدولى الإنساني في برامج التعليم العسكري حتى يتم نشرقواعد القانون الدولى الإنسانى على السلطات العسكرية تأكيدًا لما جاء في البروتوكول الإضافي الأول حول ضرورة معرفة السلطات العسكرية، وهذا الإلتزام يقع على عاتق الدول في إعطاء المستشارين القانونيين التدريب اللازم وإكتساب الخبرة في تقديم الإستشارة القانونية وتقديم المساعدة لقادة القوات، ويقع أيضًا على عاتق قادة القوات والفرق المسلحة للتأكد من أن أفراد مجموعاتهم على معرفة وعلم بالإلتزامات التى تقع على عاتقهم[63] .

قامت دولة فلسطين بالتصديق على إتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكولان الإضافيين لتعمل على نشرمبادئ وقواعد القانون الدولى الإنسانى في الجامعات والمعاهد والمدارس وذلك من خلال طرح برامج تعليمية من قبل وزارة التربية والتعليم العالى.

  • تعيين مستشاريين قانونيين لدى القوات المسلحة

أوجب البروتوكول الإضافي الأول الدول على تعيين مستشاريين قانونيين نظرًا لكثرة الحروب والأعمال العدائية وأنها تزداد تشعبًا من الناحية القانونية وأيضًا من ناحية التقنية، لذلك لابد من تعيين المستشاريين القانونيين لتقديم الإستشارة القانونية المناسبة والملائمة لقادة القوات المسلحة للعمل على تنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني، وبإعتبارأن المادة رقم (82) من البروتوكول الإضافي الأول هى: مادة واحدة ولكن ما تهدف وتسعى إليه من أهداف يجعلها جزء لايتجزأ من الواجب الذي يقع على عاتق الدول فى نشر وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني، وخاصة من خلال إدخال قواعد القانون الدولى الإنساني في برامج التدريب العسكرية.

وقد نصت المادة رقم (82) من البروتوكول الإضافي الأول على: “أن تعمل الأطراف السامية المتعاقدة دومًا، وتعمل أطراف النزاع أثناء النزاع المسلح على  تأمين توفيرالمستشاريين القانونيين عند الإقتضاء لتقديم المشورة القانونية للقادة العسكريين على المستوى المناسب”،  وتتسم أيضًا هذه المادة في البروتوكول بإلزاميتها حيث أنها تهدف إلى وجود المستشاريين القانونيين من أجل تقديم المساعدة والإستشارة القانونية المناسبة للقادة العسكريين[64]. قد ترك البروتوكول الإضافي الأول للدول الحرية في تحديد المهام الملقاه على عاتق المستشاريين القانونيين لديها، حيث كان من أهم المهارات الموجودة لدى المستشاريين القانونيين الخبرة القانونية الكافية لتقديم الإستشارة القانونية للقادة العسكريين، ووفقًا لنص المادة (82) من البروتوكول الإضافي الأول قد حددت دورين للمستشاريين القانونيين وهما: الدورالأول هو: يتمثل في تقديم الإستشارة القانونية للقادة العسكريين من أجل تطبيق وإحترام الإتفاقيات والبروتوكولات الإضافية، والدورالثاني هو: إعطاء القادة العسكريين التعليمات الكافية بكيفية تعليم وتدريس قواعد القانون الدولى الإنساني للقوات العسكرية، وحددت أيضًا المادة (82) المسؤوليات الرئيسية لعمل المستشاريين وتعينهم مع ترك لكل طرف مسؤولية تعينهم[65]. تختلف مهام المستشاريين القانونيين من وقت لأخرحيث تختلف المهام الموكلة للمستشاريين القانونيين في حالات السلم عن حالات الحرب، حيث تتمحور المهام الرئيسية في وقت السلم حول نشرقواعد القانون الدولى الإنساني من خلال التدريس لقواعد هذا القانون في الكليات العسكرية والمدنية ولأفراد القوات المسلحة وخاصة الجنود، وأيضًا من المهام الرئيسية وقت السلم تقديم المساعدة القانونية للمساعدين والعمل على تقويتهم وتدريبهم ووضع الخطط القتالية وحراسة الاَثارالقانونية الناتجة عن تطبيق هذه الخطط[66]. أما بالنسبة للمهام الموكلة للمستشاريين القانونيين في أوقات الحرب تتمحورفى: تقديم المشورة القانونية إلى أفراد القوات المسلحة في أوقات الحرب، والعمل على تذكيرأفراد القوات المسلحة والقادة بالإلتزامات التى تقع على عاتقهم والتأكد من مراعاة عملية الإستشارة القانونية، وأيضًا أهمية العمل على تنسيق فيما بين المستشاريين القانونيين أثناء العمليات المشتركة والغيرمشتركة.

أما بالنسبة لمهمة المستشارالقانونى تتمثل في تقديم الإستشارة القانونية في بيئة قانونية متشعبة ولايمكن للمستشارالقانونى أن يكون مكان القائد العسكرى، أما بالنسبة للموقع الوظيفي للمستشار القانونى وفقًا للبروتوكول الإضافى الأول داخل القوات المسلحة فهو يكون في أمرين: أما بإلحاقهم بسياقات ميدانية بناء على الفرق في تعليم القانون الدولى الإنساني وقواعده،

أو بإلحاقهم بأعلى وأكبرالوحدات على مستوى القيادة العسكرية لدورهم في تنفيذ الإتفاقيات والبروتوكول الإضافى الأول. تقوم الدول أيضًا بتحديد العلاقة بين المستشارون والقادة الذين يقدمون لهم المشورة القانونية مثل: يمكن وضع المستشار تحت إدارة قائد المقرالمتواجد فيه أو تحت إدارة قائد الوحدة المتواجد فيها أو يكون تحت قيادة القائد والمؤسسة القانونية في وزارة الحرب داخل الدولة نفسها.

  • مراقبة التطبيق

تعتبرالمنظمات الدولية أداة من أدوات مراقبة وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني بجانب المهام التى تقوم بها الدول، وتكون مهام المنظمات الدولية في وقت السلم أسهل حيث تعمل مؤسساتها على العمل على إنجازمهامها بشكل أنجز وأسرع، أما فى فترات النزاعات المسلحة والحروب يكون مهامها أصعب وذلك بسبب: أن العلاقات بين الدول المتحاربة تكون شبه مقطوعة مما يصعب من أداء مهام المنظمة الدولية. تم بعد ذلك وضع مفهوم “الدولة الحامية” من خلال إتفاقيات جنيف ويتمحورالمفهوم حول وجود دولة ثالثة محايدة ليس لها أى صراع أو نزاع مع الدول ويكون هدفها الحفاظ على مصالح الأطراف أثناء النزاعات المسلحة، ونصت بعد ذلك إتفاقيات جنيف على نظام عمل الدولة الحامية والمهام الموكلة إليها حيث أقرت أنه “يمكن للدولة الحامية تعيين موظفين بخلاف موظفيها وذلك لأداء المهام الملقاة عليها مع إلتزام أطراف النزاع بتسهيل عمل الموظفين والمندوبين التابعين للدولة الحامية ويقع على عاتق هؤلاء المندوبين والموظفين عدم تجاوزصلاحياتهم الموكلة إليهم والعمل بحدود مهمتهم، ويقع على الدول المتنازعة عدم تقييد تحرك المندوبين والموظفين التابعين للدول الحامية إلا في حالات إستثنائية”[67].

نصت المادة رقم (5) من البروتوكول الإضافى الأول فى إتفاقية جنيف على “إلزام الأطراف المتنازعة على حماية وإحترام إتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافى الأول وذلك من خلال السماح بتطبيق نظام الدولة الحامية، أما بالنسبة لتعيين دولة حامية فأنه يجب على أطراف النزاع تحديد إسم الدولة الحامية وعلى الطرف أن يسمح للدولة الحامية بالقدوم إلى أراضيه دون إبطاء، مع ترك المنظمات الدولية المحايدة الأخرى أن تقوم بعملها”[68]. أما بالنسبة إلى عدم قدرة الدولة على تعيين الدولة الحامية فقد نصت إتفاقيات جنيف أنه يمكن “تعهد مهام الدولة الحامية إلى الهيئات وبشروط محددة.

وفي حالة عدم إستفادة الأشخاص المحميين في إتفاقية جنيف من نظام الدولة الحامية أو وجود الهيئات الدولية فيمكن أن تطلب الدولة الحاجزة لهؤلاء الأشخاص من الهيئة الدولية أو الدولة الحامية أن تقوم بالوظائف الملقاة على الدولة الحامية، وفي حالة عدم القدرة على حماية الأشخاص المحميين في إتفاقيات جنيف الأربعة فإنه يمكن أن تعهد بالوظائف الملقاة على الدولة الحامية إلى هيئة إنسانية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر.

الخاتمة:

إذن من خلال مناقشة هذا الفصل يمكن القول أن النزاعات والحروب المسلحة أقترنت منذ القدم بوجود الإنسان، لهذا كان يجتهد الإنسان دائمًا في وضع مجموعة من القواعد التى تنظم سلوكه العدائي، ونتج عن هذه الجهود ترسيخ مجموعة من المبادئ والقواعد القانونية في أعراف الشعوب والتى تم تكريسها على شكل نصوص قانونية، لذلك تم مناقشة في هذا الفصل العرف الدولى الذي يعتبرمن أول المصادرالتى شكلت قواعد القانون الدولى الإنساني، ثم بعد ذلك مجموعة الإتفاقيات الدولية مثل: إتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية، وخلاصة ما إنتهينا إليه أيضًا أهمية وإلزامية قواعد القانون الدولى الإنساني لذلك تم التطرق إلى أهمية وجود اَليات لمراقبة تطبيق وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني مثل: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأن القانون الدولى الإنساني يملك مجموعة من الاَليات تضمن تنفيذه على الصعيد الداخلى وعلى الصعيد الدولى وتتمثل هذه الاَليات على الصعيد الداخلى فى: إلتزام الدول بإصدارالتشريعات اللازمة بتطبيق القانون الدولى الإنساني، حيث يستمد هذا الإلتزام مصدره من إتفاقيات جنيف الأربع حيث أن الدولة التى تتقاعس عن تنفيذ هذا الإلتزام تتعرض للمسئولية الدولية.

وبالنسبة لاَليات تطبيق القانون الدولى الإنساني على الصعيد الدولى تتمثل في الاَلية الجنائية المعهود بها للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1988، والتى أضحت مختصة بالمحاكم عن الجرائم الدولية المنصوص عليها في النظام الأساسي، وجمعيها تشكل إنتهاكات صارمة لقواعد القانون الدولى الإنساني, كما أن منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها كمجلس الأمن من الاَليات الدولية المكلفة بتطبيق وإحترام قواعد القانون الدولى الإنساني، وأخيرًا أهمية دوراللجنة الدولية للصليب الأحمر فى تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني، فالبرغم من أنها منظمة دولية غيرحكومية إلا أنها ساهمت في إبرام إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م وبروتوكولاتها الإضافية. لذلك وفقًا لهذا الفصل وضح أهمية قواعد القانون الدولى الإنساني للتخفيف من ويلات الحروب، وأهمية اَليات تطبيق القواعد القانون الدولى الإنساني في الدول لمنع إنتهاكات قواعد القانون الدولى الإنساني.

الفصل الثاني: مفهوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر

تمهيد تقسيم:

يتناول هذا الفصل التعريف باللجنة الدولية للصليب الأحمرأى (مدلول اللجنة)، ومبادئ عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث يتناول مبحث واحد فقط يتضمن: المطلب الأول: التعريف باللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمطلب الثانى: الهيكل التنظيمي للجنة الدولية للصليب الأحمر، والمطلب الثالث: موارد اللجنة الدولية للصليب الأحمر. يهدف هذا الفصل إلى تقديم صورة واضحة عن نشأة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإعتبارها منظمة دولية إنسانية غيرحكومية لأنها تتكون من متطوعين يمثلون أنفسهم ولا يمثلون حكوماتهم وتميزها شارة أساسية هى: الصليب الأحمرعلى أرضية بيضاء وشعارها “الرحمة وسط المعارك” وتعتمد أيضًا على شعار”الإنسانية طريق السلام”، ويوضح أيضًا هذا الفصل أهمية الدورالذي قامت به اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى تأسيس الحركة الدولية للصليب الأحمروالهلال الأحمر. يوضح أيضًا هذا الفصل المبادئ الأساسية التى تقوم عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتى ذكرتها فى المادة الرابعة من نظامها الأساسي وهى: صون ونشرالمبادئ الأساسية للحركة ألا وهى الإنسانية وعدم التحيز، والحياد، والإستقلال، والطوعية، والعالمية، والوحدة، وأيضًا معرفة الهيكل التنظيمي للجنة الدولية للصليب الأحمر لما له من أهمية كبيرة في تقدم عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى تطبيق وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني فى الدول، لذلك سوف يتم تناول مبحثًا واحدًا يتضمن ثلاثة مطالب وهو:

  • المبحث الأول: مفهوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

المبحث الأول: التعريف باللجنة الدولية للصليب الأحمر

أولاً: مفهوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر

تعد اللجنة الدولية للصليب الأحمرمؤسسة إنسانية، وتعتبرقانونًا منظمة عالمية غيرحكومية تأسست عام 1863، حيث تعتبرمنظمة غيرمتحيزة ومستقلة حيث تهدف إلى: حماية الأرواح وكرامة ضحايا الحروب وتقديم المساعدة لهم، وتعتبرالجهازالمنشئ للصليب الأحمر[69]. مرت اللجنة الدولية للصليب الأحمربمراحل نمو مختلفة منها:

أولاً: نشأة اللجنة

ظهرت اللجنة الدولية للصليب الأحمركنتاج للمعركة التى دارت بين قوات من سردينيا وقوات فرنسية ضد قوات من النمسا، حيث حدثت هذه المعركة في شمال إيطاليا وذلك بهدف طرد الإحتلال النمساوى من الأراضي الإيطالية مما أدى إلى وجود العديد من القتلى والجرحى من جيوش الطرفين المتحاربين بعد ساعات قليلة من القتال، حيث كانت لهذه الأثارالمدمرة عن المعركة صداً واسعًا لدى رجل الأعمال السويسري هنرى بعد ما رأه من ألاف القتلى والجرحى في ساحة القتال، وفقًا لذلك قام هنرى بدعوة السكان المحليين إلى المساعدة فى إسعاف المصابين للتخفيف عنهم[70]. قام هنرى بعد ذلك بإشغال الرأى العام في العديد من البلدان بناء على مشاهد العنف والألم للجرحى والقتلى في الحرب، وكتب كتاب في عام 1862 يدون فيه هذه الذكريات المؤلمة التى حدثت وسمي هذا الكتاب “تذكارسولفرينو”، وقد وجه هنرى نداءين من خلال هذا الكتاب:

  • النداء الأول: كان يدعو فيه بضرورة إيجاد لجنة إغاثة طبية في أوقات السلم تتكون من مجموعة من المتطوعين من أجل تقديم الرعاية الصحية للمصابين في أوقات الحرب.
  • النداء الثانى: الدعوة إلى تأسيس نظام دولى لكى يكون ركيزة للمجتمعات الأغاثية لمساعدة الجرحى خاصة في بلاد أوروبا ويصبح هذا النظام ثمرة للمؤتمرات الحاصلة.

بعد ذلك تم إفتتاح المؤتمرالدولى في جنيف في عام 1869 لكى يتم تحويل أفكارهنري التى وردت في كتابه سولفرينو إلى أرض الواقع، حيث قامت 16 دولة و4 جمعيات إنسانية بإرسال مندوبين لها إلى هذا المؤتمر، ومن هنا جاء إعتماد الشارة المميزة للصليب الأحمرنتيجة لذلك المؤتمر، وكان بداية التأسيس لمؤسسة الصليب الأحمر[71].

قامت الحكومة السويسرية بعد ذلك بعقد مؤتمرديبلوماسي في جنيف عام 1864 من أجل إصباغ الطابع الرسمى لحماية الخدمات الطبية في أماكن القتال، حيث تم هذا المؤتمربمشاركة مندوبي أثنتى عشرة حكومة، ونتج عن هذا المؤتمرمعاهدة بعنوان “إتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى من الجيوش في الميدان” وكانت هذه بداية معاهدة القانون الدولى الإنسانى، ثم بعد ذلك تم عقد مجموعة من المعاهدات والإتفاقيات لتشمل فئات أخرى كأسري الحرب، وبعد الحرب العالمية الثانية تم عقد مؤتمردبلوماسي أخر نتج عنه إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 بهدف حماية المدنيين أثناء الحرب، وتم من خلال هذه الإتفاقية إقرار بروتوكوليين إضافيين لتشمل جميع فئات الاَخرى تحت بند الحماية أثناء النزاعات المسلحة[72].

إذن تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة ذات أبعاد إنسانية تتمتع بصفة الحياد والإستقلال، وهى غيرحكومية، ويتمحور عملها الأساسي في مساعدة وحماية وتقديم الرعايا الطبية للضحايا في أوقات النزاعات المسلحة الدولية والغيردولية، وفقًا لذلك تتمتع المنظمة بمجموعة من الحصانات والإمتيازات التى لاتعطى إلا للمنظمات الحكومية الدولية حيث تشمل هذه الحصانات الاَتى: حصانة المبانى، وحصانة قضائية، حيث تعتبر هذه الحصانات مهمة لكى تقوم اللجنة بوظيفتها.

ثانيًا: التعريف باللجنة

تم إنشاء اللجنة الدولية للصليب الأحمرعام 1863م، حيث كان هدفها الرئيسي يتمحور: حول الحفاظ على حياة الضحايا والجرحى أثناء النزاعات المسلحة سواء الدولية أوغيرالدولية ومساعدتهم، وذلك عن طريق تشجيع تطويرالقانون الدولى الإنساني وتعزيزإحترامه من قبل الدول والحكومات وجميع حاملى السلاح، حيث تعكس قصة اللجنة الدولية للصليب الأحمرتطورالعمل الإنساني وإتفاقيات جنيف وحركة الصليب الأحمروالهلال الأحمر.

 

ثانيًا: الهيكل التنظيمي  و الأساس القانوني للجنة الدولية للصليب الأحمر

حددت المادة الثامنة من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرالأجهزة الإدارية لها، حيث نصت على أن الأجهزة القانونية للجنة الدولية هى: الجمعية، مجلس الجمعية، الرئاسة، الإدارة العامة، المراجعة الداخلية للحسابات[73]. تعتمد اللجنة على الإتزان بين الأجهزة من أجل تحقيق الهدف الذي تسعي إليه، وذلك من خلال تحديد إختصاصات كل منها بموجب نظامها الأساسي مع تحديد مختلف العلاقات القائمة بين أجهزة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتتميزأيضًا اللجنة

بالتعدد والتنوع في الأجهزة الداخلية لديها وهذا التعدد والتنوع بين الأجهزة يفرضه مبدأ تقسيم العمل مع مراعاة متطلبات السرعة والدقة والفاعلية في أداء المهام التى تقوم بها الأجهزة في إطارالقانون الدولى الإنساني.

سوف نتناول الأجهزة القانونية للجنة الدولية للصليب الأحمرعلى النحوالتالى:

أولاً: الجمعية

يبلغ عدد أعضاء الجمعية ما بين خمسة عشر وخمسة وعشرين عضواً من الأعضاء المنتخبين الذين يحملون الجنسية السويسرية، ويتم إنتخاب أعضاء اللجنة كل أربع سنوات بأغلبية ثلثى أصوات أعضاء اللجنة، وذلك بعد قضاء العضو ثلاث فترات مدة كل فترة أربع سنوات، ولابد أن يحصل على أصوات ثلاثة أرباع مجموع أعضاء اللجنة على الأقل حتى يمكنه الإستمرار لفترة أو لفترات إضافية[74]. لابد أن يتمتع الأعضاء بشرط الجنسية السويسرية، حيث أن شرط الجنسية السويسرية يحافظ على حياد اللجنة الدولية للصليب الأحمرعند تقديم المساعدة والحماية لضحايا النزاعات المسلحة، وذلك الحياد المعترف به دوليًا للإتحاد السويسري. قد ذكرت إختصاصات الجمعية أيضًا بالمادة 9من النظام الأساسي للجنة التى تتضمن الاَتى: 1- الجمعية هى “الهيئة الرئاسية العليا للجنة الدولية للصليب الأحمر، وهى التى تشرف على جميع أنشطة اللجنة وتقوم بصياغة السياسات وتحدد أيضًا الأهداف العامة وإستراتيجية المؤسسة وتقرالميزانية والحسابات”، 2- تتكون الجمعية من أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهى في طابعها ذات مسؤولية جماعية ورئيسها ونائباه “هم رئيس اللجنة الدولية ونائباه”.

ثانيًا: مجلس الجمعية

تنص المادة رقم 10 من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرعلى أن مجلس الجمعية يعتبرهو”الجهاز الفرعي للجمعية، حيث يقوم بتجهيزأنشطة الجمعية ويتخذ القرارات بشأن الموضوعات التى تقع في نطاق إختصاصه، وبصفه خاصة الخيارات المهمة المتعلقة بالسياسة العامة للتمويل والموظفين والإتصال، وهو يؤسس حلقة وصل بين مجلس الإدارة والجمعية التى يقدم إليها تقريراً عن العمل بصورة منتظمة، وهو يتكون من خمسة أعضاء منتخبين من قبل الجمعية، ويترأسه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر”[75].

ثالثًا: الرئاسة

نصت المادة رقم 11 من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرعلى المهام الرئيسية التى يختص بها رئيس اللجنة وهى: 1- رئيس اللجنة هو المسؤول الأول عن العلاقات الخارجية  للمؤسسة،

2- على الرئيس بصفته رئيسًا للجمعية ولمجلس الجمعية أن يتأكد من أن مجالات إختصاص هاتين الهيئتين محمية، 3- يساعد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي أداء واجباته نائبان للرئيس إحداهما دائم والأخرغيردائم[76].

رابعًا: الإدارة العامة

تنص المادة رقم 12 من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرعلى أن الإدارة العامة هى ” الهيئة التنفيذية للجنة الدولية والمسؤولة عن تطبيق وضمان تطبيق الأهداف العامة وإستراتيجات المؤسسة التى تحددها الجمعية أو مجلس الجمعية، وهى المسؤولة أيضًا عن حسن أداء الإدارة وفاعليتها”[77].  تتكون الإدارة العامة من المديرالعام، ومن ثلاثة إلى خمسة مديرين تعينهم الجمعية، ويتولى المديرالعام رئاسة الإدارة العامة.

خامسًا: المراجعة الداخلية للحسابات

تعد المراجعة الداخلية للحسابات رقابة داخلية مستقلة عن الإدارة العامة وترسل تقاريرها إلى الجمعية مباشرة، حيث تلعب المراجعة الداخلية للحسابات دورمكمل لدورمكتب أو مكاتب مدققى الحسابات الخارجيين المكلفين من قبل الجمعية. تغطى المراجعة الداخلية للحسابات اللجنة الدولية للصليب الأحمربكاملها في المقر وفي الميدان بهدف التقييم المستقل لأداء المؤسسة والمراجعة الداخلية لتنفيذ العمليات والمراجعة المالية.

ثالثًا: موارد اللجنة الدولية للصليب الأحمر

تعتمد اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى مجموعة كبيرة من الموارد حتى تستطيع القيام بالأعمال الموكلة إليها، ومن هذه الموارد: الموارد البشرية والموارد المالية.

أولاً: الموارد البشرية

تعتمد اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى عدد كبيرمن الموظفين حتى تستطيع القيام بأعمالها لذلك تعد من أكبروأضخم المنظمات الإنسانية في مناطق النزاعات المسلحة، حيث يوجد لديها عدد كبير من الموظفين في مجالات متعددة مثل: الأطباء والمهندسين والقانونيين والميكانيكيين والزراعين والمحاسبين وأخرين، وتستعين اللجنة الدولية للصليب الأحمربعدد من الموظفين الأجانب عن الدولة التى يعملون بها عندما يتطلب الأمرضرورة وجود أطراف خارجية لا تنخرط في النزاع وأيضًا تكون قادرة على مباشرة المهام والأعمال للصليب الأحمردون التعرض لأى مخاطرأو مصاعب[78].

تعتمد أيضًا اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى عدد كبيرمن الموظفين المحليين المتواجدين في مختلف بعثتها حول العالم الذين يتمتعون بالمعرفة والمهارات المكتسبة، حيث يشكل هؤلاء الموظفين المحليين أكثرمن 80% من موظفى اللجنة.

تكون مهمة الجانب الأخرمن الموظفين الأجانب في مجالات الطب والهندسة والزراعة أنهم يتولوا مهام لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمرتتراوح مدتها من 6 أشهر و12 شهراً، ولابد أن يتصف ذلك الموظفين بخبرة عملية مدتها ثلاث سنوات على الأقل عند بدء العمل وتكون معايير توظيفهم أكثر مرونة من المندوبين مقارنة بالسن والمهارات اللغوية[79]. تتولى اللجنة الدولية للصليب الأحمرتدريب وتجهيز من يتقدمون لشغل وظيفة مندوب ممن تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة من الجامعيين المستعدين للسفر ويتقنون اللغات الإنجليزية والفرنسية ويتمتعون بالإستقلالية والقدرة على العمل وأداء المهام، ويشكل الموظفين الذين يعملون على زيارة الأشخاص المحرومين من حريتهم حوالى نصف عدد الموظفين الأجانب.

تتكون اللجنة الدولية للصليب الأحمرمن موظفين عاملين في الميدان وموظفين أخرين عاملين في المقرالرئيسي للجنة في جنيف، وفي الميدان يباشرالموظفين أعمالهم من خلال البعثة التى ترسلها اللجنة الدولية للصليب الأحمرالتى يختلف حجمها وعدد العاملين بها وفقًا للحاجة الميدانية ومدى إتساع نطاق النزاع والأنشطة المطلوبة، ولكل بعثة رئيس يقوم بتنسيق الأنشطة والإتصال بين الأعضاء العاملين داخل الدولة، ولابد أن يكون الرئيس على إتصال دائم بالمقرالرئيسي في جنيف وأيضًا بالبعثات الفرعية داخل الدولة إذا وجدت، ولابد أن يتم تقديم المساعدة للأنشطة التى تجرى في الميدان من قبل العاملين في المقرالرئيسي.

يؤمن المقرالرئيسي الدعم السياسي المطلوب من المجتمع الدولى لعمل اللجنة الدولية، ويعمل مئات الموظفين في المقرالرئيسي الذين يتمتعون بالخبرة العملية وتفهم حالات النزاع وأنشطة اللجنة الدولية [80].

ثانيًا: الموارد المالية

تعتمد اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى تمويلها على التبرعات بصورة أساسية التى تقدم من خلال الدول الأطراف في إتفاقيات جنيف والجمعيات الوطنية للصليب الأحمروالهلال الأحمر،والمنظمات الفوق وطنية مثل: الإتحاد الأوروبي وهناك بعض المصادر الخاصة مثل: بيع المؤلفات من الكتب والمنشورات التى تخص اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

تشكل هذه التبرعات تبرعات طوعية إما نقدية أو عينية أى سلع مثل: الغذاء أو موارد غيرغذائية مثل: البطاطين. تسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمرإلى إيجاد التمويل من خلال إصدارنداءات سنوية توضح من خلالها القضايا والإحتياجات التى قررت اللجنة الدولية للصليب الأحمرمعالجتها والأهداف التى تسعى اللجنة إلى تحقيقها خلال هذه السنة[81]. إذا حدث ظروف إستثنائية للجنة كإندلاع نزاع مسلح جديد في هذه الحالة تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمباشرة عملها فوراً وتعتمد على النوايا الطيبة للمساهمين في توفير التمويل اللازم بأقصي سرعة ممكنة، ولا تضطر اللجنة لإنتظار التمويل في هذه الحالات الطارئة حتى تباشرعملها.

هناك العديد من الحالات التى تتفاوت فيها ميزانية اللجنة الدولية للصليب الأحمرمن سنة وأخرى، حيث تختلف الحالات من حيث العدد والكثافة، ولكن الإتجاه العام في السنوات الأخيرة للجنة الدولية للصليب الأحمريتجه نحو زيادة عدد حالات النزاع لذلك تزداد ميزانية اللجنة. هناك مجموعة تدعى “مجموعة مانحى الدعم” داخل اللجنة الدولية للصليب الأحمرحيث تتكون هذه المجموعة من الحكومات والمنظمات فوق الوطنية حيث تعتبرالجانب الأكبرمن التمويل النقدى للعمليات التى تتم على الأرض حيث يقدم أعضاء هذه المجموعة ما لايقل عن عشرة ملايين فرنك سويسري في أحد الأعوام[82]. تطلب الدول في بعض الأحيان تخصص التبرعات المقدمة منها للجنة الدولية للصليب الأحمرلأغراض معينة نتيجة وجود صعوبات تتصل بالميزانية أو بأجهزة الرقابة الداخلية لديها، وتقبل اللجنة الدولية للصليب الأحمرذلك إذا لم يضربتوازن عملياتها وإستقلالها وإذا لم يتحقق هذا الشرط تبدأ اللجنة بإعادة بحث تخصيص التبرع مع الجهة المانحة وفي حالة عدم التوصل إلى إتفاق في هذه الحالة مع الجهة على تخصيص مقبول للتبرع المقدم منها، لا تجد اللجنة الدولية مناصًا من رفض التبرع وهذا لا يحدث إلا في حالات نادرة جدًا[83].

الخاتمة

إذن لما تم مناقشته في هذا الفصل تم التعرف على اللجنة الدولية للصليب الأحمرسبب نشأتها والهدف الذي نشأت من أجله وهو: تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني ومراقبة تطبيقه فى العديد من الدول، وتم التعرف على الهيكل التنظيمي لما له من دورمهم وأساسي فى المهام الملقاة على عاتق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأيضًا تم التطرف إلى الموارد الأساسية التى تتشكل منها اللجنة لكى تستطيع ممارسة مهامها. وفقًا لما تم مناقشته قي الفصل يعتبرالهيكل التنظيمي الداخلى للجنة مهم جدًا في ممارسة عملها حيث إستطاعت اللجنة من خلال الهيكل التنظيمي الجيد أن تمارس عملها داخل دولة فلسطين على الرغم من الصعوبات التى واجهتها من الإحتلال الإسرائيلي وهو ما سوف نتطرق إليه فى الفصل الثالث.

الفصل الثالث:  دوراللجنة الدولية للصليب الأحمر في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني

تمهيد وتقسيم:

يتناول هذا الفصل مناقشة للإنشطة التى قامت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر من بداية نشأتها وأيضًا المهام الرئيسية للجنة الدولية في إطار تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني، حيث يقدم صورة واضحة عن الدورالذي تلعبه اللجنة الدولية للصليب الأحمركحارس للقانون الدولى الإنساني، وهو دورمعقد ذو صلة وثيقة بتأسيس اللجنة نفسها، ويوضح أيضًا هذا الفصل المهام التى وكلت إلى اللجنة بموجب إتفاقيات جنيف والعمل على التطبيق الدقيق للقانون الدولى الإنساني المطبق فى النزاعات وتسليم الشكاوى بشأن أى إخلال مزعوم بهذا القانون، وأيضًا العمل فى جميع الأوقات بوصفها مؤسسة محايدة تمارس نشاطها الإنساني بوجه خاص في حالات النزاع المسلح سواء الدولية أو غيرالدولية، ومساعدة الضحايا المدنيين والعسكريين، والعمل على تفهم ونشرقواعد القانون الدولى الإنساني المطبق فى النزاعات المسلحة وإعداد ما قد يلزم من تحسينات لتطويره، لذلك سوف يتناول هذا الفصل مبحثين وهما:

  • المبحث الأول: مهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
  • المبحث الثانى: اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني.

المبحث الأول : المهام الرئيسية للجنة الدولية للصليب الأحمر

أولاً: مهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

قد نشأت اللجنة الدولية للصليب الأحمرعام 1863م من أجل تحقيق هدفها وهو: مساعدة الضحايا والجرحى أثناء النزاعات المسلحة سواء الدولية أوغيرالدولية، وإتسع نطاق عملها بمرور الوقت لتشمل جميع ضحايا النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى. نصت المادة 4 من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرعلى المهام الرئيسية للجنة وتتضمن الاَتى:

  • الإضطلاع بالمهام الموكلة للجنة بموجب إتفاقيات جنيف والعمل على تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني الواجب تطبيقها في حالة النزاعات المسلحة، والإهتمام بالشكاوى التى تصدرعلى الإنتهاكات لهذا القانون.
  • العمل على دعم ونشرالمبادئ الأساسية التى تتضمن الإنسانية وعدم التحيز، والحياد والإستقلالية، والخدمة التطوعية والوحدة، والعالمية.
  • ضمان سيرعمل الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين كما هو منصوص عليه في إتفاقيات الجنيف.
  • العمل على فهم ونشرالقانون الدولى الإنساني الواجب تطبيقه في حالات النزاعات المسلحة، وإعداد أى تطويرله.
  • القيام بالمهام التى كلفت بها اللجنة في المؤتمرالدولى للصليب الأحمروالهلال الأحمر.
  • الإعتراف بكل جمعية وطنية يتم إنشاءها أو يعاد تأسيسها ،وتستوفى شروط الإعتراف بها المحددة فى النظام الأساسي للمؤسسة، وإخطارالجمعيات الأخرى بذلك.
  • المساهمة في تدريب العاملين في المجال الطبى وإعداد التجهيزات الطبية من خلال التعاون مع الوحدات الطبية العسكرية والمدنية والجمعيات الوطنية وسائرالسلطات المختصة.
  • السعى إلى ضمان الحماية والمساعدة للعسكريين والمدنيين من الضحايا بإعتبارها مؤسسة محايدة تقوم بعمل إنساني خاصة في حالة النزاعات المسلحة الدولية وأيضًا حالات النزاع الداخلى.
  • يجوز للجنة أن تقوم بإية مبادرة إنسانية تأتى في نطاق دورها المحدد كمؤسسة ووسيط محايدين ومستقلين.

وفقًا للمادة رقم 4 من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرتبين أن اللجنة لها طبيعة مزدوجة، حيث أنها تباشرأعمالها على مسارين متوازيين وهما: المسارالأول هو: المسار الميدانى على الأرض بمعنى “حماية ومساعدة الضحايا في حالات النزاعات المسلحة“،أما المسارالثانى هو: تطويرقواعد القانون الدولى الإنسانى والعمل على تطبيقها[84] ، ويرتبط المسارين ببعضهما بمعني أنه لا يجوز الفصل بينهم لأن المسارالأول يعمل داخل الإطارالذي يحدده المسارالثانى بينما يعتمد المسارالثاني على الخبرة التى يجلبها المسارالأول، وهكذا تعززهذه الطبيعة المزدوجة شخصية اللجنة الدولية للصليب الأحمروتميزها عن باقى المنظمات الإنسانية الأخرى.

توكل الدول للجنة الدولية للصليب الأحمرمهمة مراقبة تطبيق وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى بوصفها حارسًا لهذا القانون، وتقوم اللجنة أيضًا بوضع مجموعة من التدابير لكفالة إحترام القواعد القانونية والتعريف بها وكذلك توضيحها وتطويرها، وتخشي اللجنة بوجه خاص من التقليص المحتمل للقانون الدولى الإنساني، وتقوم اللجنة أيضًا بخطوات ثنائية أو متعددة الأطراف أو عامة من أجل تشجيع إحترام وتطويرقواعد القانون الدولى الإنساني.

تكلف الدول الأطراف في إتفاقيات جنيف اللجنة الدولية للصليب الأحمربمساعدة الضحايا في النزاعات المسلحة، أما في حالات العنف الأخرى يتم تكليف اللجنة بالعمل من قبل النظام الأساسي للحركة الدولية حيث تعرض اللجنة الدولية خدمتها في هذه الحالات إذا كانت الإحتياجات غير الملباة من الخطورة والإلحاح. تقوم أيضًا اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي حالات الكوارث الإنسانية والطبيعية بالإنتقال سريعًا إلى مكان الحدث من أجل تقديم المساعدة للضحايا، لذلك تشارك اللجنة في هذه الحالات بالقدرالذي تستطيع تقديم المساعدة فيه.

ثانيًا: تطور أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمربالعديد من الأنشطة منذ بداية نشأتها خلال الحروب المختلفة التى شهدها العالم بداية من الحرب العالمية الأولى،لذلك سوف نستعرض أهم الأنشطة التى قامت بها اللجنة خلال هذه الحروب:

أولاً: أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمرمنذ بدايتها من عام 1863م حتى إندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م.

تم عقد مؤتمرالرخاء عام 1863 لتمهيد الطريق لعقد أول إتفاقية من أجل تحسين حال الجرحى والمرضي العسكريين من خلال الدعوة التى قدمتها اللجنة للحكومات والدول وبعض القادة

العسكريين في هذا المؤتمر، ثم أعطى هذا المؤتمرخصوصية للجنة الدولية للصليب الأحمرلتقوم بمباشرة عملها الذي يتضمن مساندة الخدمات الطبية للجيوش أثناء النزاعات المسلحة[85]. قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمرعام 1864 مع بداية نشأتها بالتدخل أثناء الحرب التى حدثت بين ألمانيا والدنمارك، حيث قامت اللجنة بإرسال ممثلين لها إلى خطوط المواجهة لكى تقوم بدورها كوسيط مستقل ومحايد بين طرفى النزاع، ثم بعد ذلك عام 1869 تم عقد المؤتمرالدولى الثانى لجمعيات الإغاثة وكان لهذا المؤتمردورمهم في أن تبدأ اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي مباشرة أعمالها مما أدى: إلى إنشاء مكاتب من أجل التواصل مع الأطراف المتحاربة لجمع المعلومات والإتصال والإغاثة، حيث تم إنشاء أول مكتب للإتصال والمعلومات في مدينة بازل أثناء الحرب التى حدثت بين روسيا وفرنسا عام 1870[86].

تم بعد ذلك عقد المؤتمرالدولى الخامس للصليب الأحمرفي جنيف عام 1887م حيث قام بإصدار قرار مهم للجنة الدولية للصليب الأحمروهو: “أن الدورالأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرهو العمل على تقوية العلاقة بين الجمعيات وتطويرها وأن تكون كوسيط محايد تعمل على تقوية مبادئ مؤسسة الصليب الأحمر وتتعامل بالعلاقات الدولية بين مجموعة جمعيات الصليب الأحمرالتى تهدف إلى إغاثة الجرحى وتقوم بتأسيس وكالات دولية لكى تتبادل فيما بينها المعلومات المتعلقة بأسري الحرب”[87]. تم عقد بعد ذلك العديد من الموتمرات الدولية الأخرى، وكان هناك المؤتمرالدولى السابع الذي تم عقده في بطرس عام 1902م بهدف: دعوة الجمعيات الوطنية واللجنة الدولية للصليب الأحمرللعمل على توسيع إختصاصتها لتشمل فئات أخرى من اَسري الحرب، ثم بعد ذلك تم عقد المؤتمرالدولى الثامن عام 1907م بهدف: التوصية على ضرورة مساعدة اَسري الحرب، وبعدها إنعقد المؤتمرالدولى التاسع عام 1912م في واشنطن بهدف: توسيع إختصاصات اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتشمل أيضًا زيارة اَسري الحرب والعمل على تقديم المساعدات لهم[88].

ثانيًا: أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمرأثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)م.

عند حدوث الحرب العالمية الأولى عام 1914م قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمربإنشاء وكالة مركزية لاَسري الحرب من أجل تحسين الصلة والعلاقة بين اَسري الحرب وعائلاتهم، حيث شملت هذه الوكالة اَسري الحرب والجرحى والمرضي من رجال القوات المسلحة الذين تشملهم الحماية وفقًا لإتفاقية جنيف عام 1906م، وكذلك الاَسري من العسكريين المحميين حسب إتفاقية لاهاى، ولكن كان هناك بعض الفئات مثل المعتلقين المدنيين لا يتمتعون بحماية الوكالة المركزية لاَسري الحرب ووفقَا لذلك قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمربإنشاء نظام حماية خاص بالمعتقلين المدنيين من أجل مساعدة الفئات الأخرى من اَسري الحرب[89]. قامت أيضًا الجمعيات الوطنية بتقديم المساعدة وخدمات الرعاية الصحية والعلاج للجرحى وأيضًا نقلهم للمستشفيات، وعملت اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى تطويرعملها من خلال زيارتها لاَسري الحرب وعملت على التدخل في طريقة إستخدام الأسلحة لمنع حدوث الاَلام الشديدة ودعت إلى إستخدام غازالخردل عام 1918م.

ثالثًا: أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمرمابين الحربين العالميتين من عام (1919-1939)م:

قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمرعقب إنتهاء الحرب العالمية الأولى ببداية تأسيس رابطة جمعيات الصليب الأحمرعام 1919م بهدف الدعم والتنسيق في العمل داخل المنظمة في المستقبل، وفي هذه الفترة قامت اللجنة بتقديم المساعدة للضحايا أثناء الحرب الإيطالية الأثيوبية والتركية اليونانية واليابانية الصينية، حيث كان دوراللجنة في هذه الحرب يتمحورحول تقديم المساعدات والتواصل مع لجان الإغاثة بين الدول المتحاربة وزيارة اَسري الحرب. تم عقد بعد ذلك المؤتمرالدولى العاشرللصليب الأحمرعام 1921م بسبب: الحرب الداخلية التى حدثت في روسيا والثورة المجرية، حتى تستطيع اللجنة الدولية للصليب الأحمرتوسيع إختصاصها وتقديم المساعدة في حالة النزاعات الغيردولية بشرط الحصول على موافقة الدولة ذات العلاقة، ولكن في حالة رفض الدولة ذات العلاقة مساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمرفسيكون للدولة الحق في إصداربيان رسمى في هذا الموقف[90].

إن الطرق الحديثة التى ظهرت في هذه الفترة عملت على إعاقة اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تقديم المساعدات الخاصة بالضحايا وحماية المدنيين وأيضًا فشلت في إقناع الدول على ضرورة وجود مجموعة من الأسس القانونية لضمان حماية المدنيين وأيضًا لكى تتجنب اللجنة المأساة والأعمال الوحشية التى وقعت أثناء الحرب العالمية الثانية.

رابعًا: أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمرخلال الحرب العالمية الثانية من عام(1939-1945)م.

قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي هذه الفترة بزيادة أنشطتها والتعاون مع جميع الدول بسبب: الأعمال الوحشية والمأساة التى شهدتها الحرب العالمية الثانية حتى تستطيع الوصول إلى جميع المدنيين في كل الدول وتقديم المساعدة لهم، وكان الدورالبارز للجنة الدولية للصليب الأحمرفي هذه الفترة أنها قامت بجعل اَسري الحرب يتواصلون مع عائلاتهم في جميع أنحاء العالم وأيضًا عملت على الوصول إلى المعلومات الخاصة بالمفقودين.

خامسًا: أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمربعد الحرب العالمية الثانية.

عملت اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي هذه الفترة علي تطبيق وتنفيذ وإحترام قواعد القانون الدولى الإنساني من خلال حث جميع الدول والحكومات على معالجة الأثار التى برزت في القرن العشرين مثل: الحرب الأهلية في اليونان والنزاع العربى الإسرائيلي، ودعت أيضًا اللجنة الدولية للصليب الأحمرالدول في هذه الفترة بمراجعة إتفاقيات جنيف الثلاث والعمل على إضافة إتفاقية جنيف الرابعة لتشمل حماية السكان المدنيين الذين لايشاركون في القتال[91]، وتم بعد ذلك إقرارالبروتوكولان الإضافيان حيث ينطبق أولهما على النزاعات المسلحة الدولية والثانى على النزاعات المسلحة الغيردولية وأيضًا وضع قواعد تتعلق بسيرالعمليات العدائية.

المبحث الثانى

 دوراللجنة الدولية للصليب الأحمر في تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني

أولاً: دور اللجنة الدولية في نشروتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني

وفقًا لما تم عرضه سابقًا يتضح أن مهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمرتتمحورفي تنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني ووقف إنتهاكاته والتوعيه بأحكامه بين مختلف الدول والفئات المعينة، كما تعمل اللجنة على تقديم المساعدة للضحايا والحفاظ على حقوقهم وتوصيل أصواتهم، وتقوم بإتخاذ مجموعة من التدابير اللازمة إستجابًا للإحتياجات الأكثرإلحاحًا وخصوصًا توفيرالغذاء والضرورات الأساسية الأخرى. يوضح النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرأن مهمة اللجنة هي: “تطبيق القانون الدولى الإنساني بأمانة“، ومساعدة الضحايا والمدنيين والعسكريين في النزاعات المسلحة الدولية والغيردولية والإضطرابات الداخلية على أساس من الحياد وعدم التحيز، كما تعترف إتفاقيات جنيف والبروتوكولان الإضافيين بالمهام الملقاة على اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

أوجبت الفقرة 2 من المادة 81 من البروتوكول الإضافي الأول منح تسهيلات لمنظمات الصليب الأحمروالهلال الأحمرالموجودة لدى أطراف النزاع، حتى تمارس نشاطها الإنساني لصالح ضحايا النزاع وفقًا لأحكام الإتفاقيات وهذا البروتوكول والمبادئ الأساسية للصليب الأحمرالمقررة في المؤتمرات الدولية للصليب الأحمر. تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعمل وقائي حيث يشمل هذا العمل إثارة الوعى والتعريف بالقانون الدولى الإنسانى من خلال التدريب والتدريس أيضًا العمل على إدراج قواعد القانون الدولى الإنساني داخل المناهج التعليمية والقوانين والبرامج الميدانية بهدف التأثيرعلى سلوك الأفراد ومواقفهم من أجل تعزيز حماية المدنيين والضحايا في النزاعات المسلحة والنزاعات الداخلية. تنص المادة التاسعة من الإتفاقية الأولى لجنيف والمواد (2-3-10) من الإتفاقية الرابعة لجنيف أن أحكام هذه الإتفاقيات لا يمكن أن تعتبرعائق أو مشكلة في سبيل المهمات الإنسانية التى تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث تعمل اللجنة أيضًا على تقديم العون والمساعدة للضحايا بشرط موافقة أطراف النزاع حيث نصت اللجنة الدولية للصليب الأحمرأنه لابد أن يكون هناك تصريح رسمى للقيام بذلك مثل: القيام بإتخاذ المبادرات والإجراءات في مجال الحماية الإنسانية[92]. إذن اللجنة الدولية للصليب الأحمرهى المسؤولة عن تطبيق وتنفيذ وإحترام قواعد القانون الدولى الإنساني في الدول وذلك وفقًا للمهام الموكلة إليها على المستوى القانونى والميدانى.

ثانيًا: تطبيق عملى على دوراللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني في دولة فلسطين

تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمربمباشرة عملها في دولة فلسطين الذي يقوم على نشروتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني من خلال التعاون مع جميع الأطراف المتعاقبة، حيث أن هذا العمل يتطلب التعاون مع الجميع ولا يمكن أن يتم من خلال طرف واحد بل لابد على اللجنة أن تقوم بجهود جماعية حتى يتم نشر وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني، وفقًا لذلك تتعاون اللجنة مع الجمعيات الوطنية والدوائرالعملية وتجرى مشاورات مع الخبراء كما تشارك في مختلف اللقاءات التى تعقد حول القانون الدولى الإنساني، وتطلب اللجنة الدولية للصليب الأحمرمن مختلف أطراف النزاع بالإلتزام بقواعد القانون الدولى الإنساني حتى تستطيع مباشرة عملها الذي يتمحورحول حماية الضحايا والجرحى في النزاعات المسلحة[93]. تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمربمباشرة عملها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال عدة جوانب من أجل تنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني على الرغم من الصعوبات التى تواجهها من خلال الإحتلال الإسرائيلي، حيث أن من أهم الصعوبات التى تعرقل عمل اللجنة داخل الأراضي الفلسطينية هى: مراقبة تطبيق القانون الدولى الإنساني، وذلك بسبب الإنتهاكات الجسيمة التى يقوم بها الإحتلال الإسرائيلي وتعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمروفقًا للنظام الإساسي على تلقى الشكاوى، ومن هنا يتضح لنا الأدوارالرئيسية التى تقوم بها اللجنة فى دولة فلسطين:

أولاً: دوراللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى المستوى الميدانى.

تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمربعمل ميدانى مهم جدًا داخل الأراضي الفلسطينية وهو:

  • تذكيرالأطراف بالحقوق والواجبات.

تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمروفقًا للإتفاقيات ومبادئ القانون الدولى الإنسانى بتذكيرأطراف النزاع بالحقوق والواجبات اللازمة، وأيضًا في بعض الحالات تقوم اللجنة بتقديم وصف دقيق للنزاع القائم حتى يتم معرفة القواعد القانونية التى سوف يتم تطبيقها، حيث يحدث في بعض الحالات عرقلة لعمل اللجنة وتعرضها للخطرفى حالة إعتراض أطراف النزاع على بعض القواعد القانونية التى يتم تطبيقها[94].

  • نشرقواعد القانون الدولى الإنسانى.

تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمربنشرقواعد القانون الدولى الإنساني لدى الجهات الفاعلة وفى أوقات مناسبة، حيث تعتبرالخدمات الإستشارية من أهم وسائل النشرلمبادئ وقواعد القانون الدولى الإنساني التى تقوم بها اللجنة على الصعيد الدولى والداخلى، وتعمل اللجنة أيضًا على توسيع المعرفة بإتفاقيات القانون الدولى الإنساني وتوضيح إنتهاكتها من خلال المساعدة في الحصول على الكتب القانونية والأدوات والنشرات. يوجد فى دولة فلسطين لجنة وطنية للقانون الدولى الإنساني أنشأت بمرسوم رئاسي وهدفها هو: نشرقواعد ومبادئ القانون الدولى الإنساني وتذكيرالأطراف بالحقوق والواجبات حسب قواعد القانون الدولى الإنساني .

  • الخدمات الإستشارية.

تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمربتقديم الحلقات الدراسية الإقليمية والوطنية للتعريف بمبادئ القانون الدولى الإنساني، وتقدم اللجنة أيضًا إجتماعات الخبراء للخروج بالدراسات المعمقة بهدف: الوصول إلى صياغة تقاريرومبادئ إرشادية بشأن الموضوعات والقضايا المطروحة. تقدم اللجنة الدولية للصليب الأحمرالمساعدات الفنية من خلال ترجمة الإتفاقيات ودراسة التشريعات، وتقوم اللجنة بتوفيرالمطبوعات اللازمة وذلك: لتلبية الحاجات المعرفية بصور واضحة تكون في قدرة ومتناول الجميع مما يساعد فى حل أشكال الغموض بشأن اللجنة أوالقانون الدولى الإنساني، وتعمل اللجنة على ضرورة تبادل المعلومات مع الهيئات الوطنية والدولية للتعريف بالمواثيق والممارسات العلمية[95].

  • حماية ضحايا النزاعات المسلحة.

يعتبرحماية ضحايا النزاعات المسلحة والتفريق بين المقاتلين والمدنيين من أهم أعمال اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى أوقات النزاع، ومن خلال ذلك تقوم بمراقبة سلوك الأطراف المتحاربة ولفت إنتباهم للضحايا والمدنيين، وتقوم أيضًا اللجنة بجمع معلومات من الميدان عن الضحايا

من أجل تسهيل عملها فى التواصل مع السلطات الفعلية وتنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى[96]، وعند وقوع إنتهاكات من قبل أطراف النزاع يتم الإعلان عنها من قبل اللجنة ، ولكن لابد من توافرشروط معينة لتحقيق ذلك وهى:

  • أن يكون إعلان هذه الإنتهاكات لمصلحة ضحايا الحرب المسلحة.
  • فشل مساعى إنهاء الإنتهاكات من قبل أطراف النزاع.
  • حصول إنتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولى الإنساني.
  • أن يشاهد مندوبيها هذه الإنتهاكات بأعينهم.

تعتبراللجنة الدولية للصليب الأحمرهى المسؤولة عن تنفيذ ومراقبة تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني، حيث تعمل على تلقى البلاغات والشكاوى التى تخص إنتهاكات مبادئ وقواعد القانون الدولى الإنساني وتعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى وقت السلم على إتخاذ مجموعة من الإجراءات الداخلية بهدف: موائمة تشريعاتها الداخلية مع قواعد القانون الدولى العام وخاصة قواعد القانون الدولى الإنساني. من الأمثلة على التطبيق الفعلى للجنة الدولية للصليب الأحمرعلى المستوى الميدانى فى دولة فلسطين:

إعادة بناء البيوت في قطاع غزة[97]

قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمربتقديم المساعدات الإنسانية وفقًا للعدوان الذي حدث في صيف العام الماضي على قطاع غزة الذي أدى إلى: إحداث الخراب والدمارعلى جميع البيوت والمبانى والمؤسسات الصحية والتعليمية، كما إنها بعد إنتهاء العمليات العسكرية قامت بتقديم المساعدات وخصوصًا للناس الذين تشردوا من بيوتهم جراء قصف منازلهم حيث قامت اللجنة بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمرالفلسطيني من أجل إنقاذ المصابين ونقلهم إلى المستشفيات.

قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمرأيضًا بتوريد الأدوية اللازمة إلى المستشفيات من أجل معالجة مصابى الحرب، حيث قامت بإحضارعدد من وحدات الدم إلى قطاع عزة وكانت اللجنة على تعاون مستمرمع السلطات المحلية بهدف: العمل على إعادة التأهيل لشبكات المياه لتستمرفي تقديم خدماتها لأكثرمن نصف مليون شخص من سكان غزة. قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتقييم العواقب الإنسانية التى لحقت بالأهالى في قطاع غزة، حيث قامت اللجنة بإعداد تقريرين منفصلين من أجل تقديمها إلى جميع الأطراف المعنية. قامت اللجنة أيضًا بكل جهد على إعادة الفلاحين في قطاع غزة إلى أراضيهم الزراعية التى أصابها الضررأثناء قيام العدوان، حيث أن اللجنة تعمل بجهد من أجل إعادة إستصلاح الأراضي الزراعية لكى يتمكن الفلاحين من إنتاج المحاصيل الزراعية.

مساعدة المزارعين فى العودة إلى ممارسة عملهم

أدى العدوان الذي حدث في قطاع غزة إلى تدميرمئات من الأراضي الزراعية حيث أثرذلك سلبًا على الإقتصاد المحلى، وفقًا لذلك قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمربعملية مد الحقول الزراعية

بأنابيب رى وقامت بتوزيع الأسمدة والبذور، وقامت بتقديم المساعدات النقدية حوالى ألف دولار أمريكي على مئتان وخمسين أسرة تستمد رزقها فقط من المحاصيل الزراعية، وبعد وقف إطلاق النارفى قطاع غزة قامت اللجنة بتقديم المساعدة للمزارعين من أجل إزالة أى مخلفات حرب من الأراضى الزراعية، حيث قامت اللجنة بتسوية أغلبية الأراضي الزراعية التى تضررت في الحرب لتصبح الأراضي صالحة للإستعمال.

ثانيًا: دوراللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى المستوى القانونى.

إن عملية المراجعة الدولية للقانون الدولى الإنساني وتحديدًا أعوام (1906-1929-1949-1977) تعتبرنتيجة الدورالتى تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني، حيث تقوم اللجنة بمجموعة من الوظائف فيما يخص دورها القانونى وهى[98]:

  • الرصد والحفز

تعتبروظيفة الرصد والحفزمن الوظائف المهمة التى تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث تقوم وظيفة الرصد على: المراجعة المستمرة للقواعد الإنسانية لكى تتناسب مع حالة النزاع، وتقوم وظيفة الحفزعلى: تشجيع الخبراء الحكوميين ومناقشة الحلول المقترحة والمشاكل الناتجة.

  • التعزيزوالحارس

تقوم وظيفة التعزيزعلى: جعل جميع الدول تصادق وتوقع على إتفاقيات القانون الدولى الإنسانى ومنها دولة فلسطين، بينما تقوم وظيفة الحارس على: تعزيزوجود وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى فى الدول والدفاع عن القانون ضد التطورات القانونية التى تتجاهل وجود هذا القانون.

الصعوبات التى عرقلت عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى دولة فلسطين.

إن الطبيعة العامة للنزاعات المسلحة تفرض صعوبات كثيرة تؤدى إلى عرقلة عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى تنفيذ ومراقبة تطبيق قواعد ومبادئ القانون الدولى الإنسانى خاصة المدنيين الذين يعتبرون الضحايا الرئيسين في عملية إنتهاك قواعد القانون الدولى الإنسانى، لذلك كان لابد من معرفة الصعوبات التى واجهت اللجنة لكى تستطيع أن تستمراللجنة في مباشرة عملها، ولابد من التفريق بين النزاعات المسلحة الدولية والغيردولية لمعرفة طبيعة النزاعات التى تحدث على أرض الواقع.

هناك إرتباط واضح بين القانون الدولى الإنساني وحقوق الإنسان بسبب الحماية التى يقدمها القانون الدولى الإنساني حيث أن هذا الترابط يؤثرعلى القضايا فضلاً عن إستخدام القوة فى النزاعات[99]. إن الحماية التى يقدمها القانون الدولى الإنساني للأفراد لازالت تحظى بإهتمام واسع، حيث أن الدول فى حالات النزاع المسلحة الدولية أوغيرالدولية تكون غير قادرة على تلبية حاجات المدنيين أوحمايتهم في بعض الأحيان لذلك نصت قواعد القانون الدولى الإنساني على ضرورة قيام الجهات المختصة فى مثل هذه الحالات بتقديم الإغاثة والمساعدة للمدنيين بشرط موافقة الدولة المعنية. هناك العديد من العمليات العدائية التى تقوم بها الجماعات المسلحة الغيردولية في المناطق المأهولة بالسكان ضد القوات الحكومية حيث تستخدم وسائل عسكرية أكثرتفوقًا بكثيرمن الوسائل التى تستخدمها الحكومة، وقامت بعض الجيوش بإستغلال التداخل بين الجماعات المسلحة والمدنيين الذي يمثل إنتهاكًا للقانون الدولى الإنساني، كمسوغ لتجنب إتخاذ جميع التدابيرالإحترازية الممكنة لتقليل المخاطربين صفوف المدنيين وفقًا لقواعد القانون الدولى الإنسانى، ومازالت أثارإستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان تشكل مصدرقلق كبيرعلى الدول.

نصت إتفاقيات جنيف والقانون الدولى العرفى على ضرورة الإلتزام بقواعد القانون الدولى الإنساني حيث يشمل ذلك عدم إستخدام الأسلحة والذخائرالتى تتسبب فى إنتهاك قواعد القانون الدولى الإنساني، حيث تهدف معاهدة تجارة الأسلحة التى تم عقدها وفقًا لإتفاقيات جنيف إلى معالجة هذه المخاوف التى تسببها الأسلحة[100]. أحد التحديات التى تواجه القانون الدولى الإنسانى في الوقت الحالى هى: النزاعات المسلحة الغيرالدولية أوالأعمال الإرهابية حيث ينظرالأن إلى النزاع المسلح والأعمال الإرهابية على أنهم مترادفين على الرغم من أنهم نوعان مختلفان من أشكال العنف تحكمهم مجموعة مختلفة من القواعد القانونية، ويواجه القانون الدولى الإنسانى تحديات مستمرة نتيجة تطورالنزاعات المسلحة المعاصرة ولابد على الدول أن تقوم بإحترام قواعد القانون الدولى الإنساني حتى يتم حماية المدنيين، وستظل الأولوية الدائمة بالنسبة للجنة الدولية للصليب الأحمرهى: ضمان قدرة القانون الدولى الإنساني على معالجة واقع الحروب الحديثة وتوفيرالحماية لضحايا النزاعات المسلحة.

وفقًا لذلك واجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمرالعديد من الصعوبات داخلة دولة فلسطين على المستوى القانونى والميدانى، وكان السبب الرئيسي في ذلك: هو ضعف أسلوب اللجنة سواء بالنظرإلى طريقة عملها فى الميدان أوالنظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر، وهذا ماسوف يتم مناقشته:

أولاً: مظاهرضعف اللجنة الدولية للصليب الأحمربالنظرإلى عملها الميدانى:

هناك العديد من المشاكل والصعوبات التى واجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى عملها الميدانى، ومن أهمها:

  • كان وضع اللجنة الدولية للصليب الأحمرصعب أثناء حدوث العمليات القتالية والإنتهاكات الإنسانية وغيرها من الجرائم، حيث واجهت اللجنة صعوبات فى التحرك أو شل لحركتها لأنها قد تصبح رهن للعصابات أو الميلشيات حيث أن الدول نفسها المعنية في ذلك الأمر لم تستطيع تأمين مندوبى اللجنة، وأكثرالصعوبات التى واجههت اللجنة هى: عدم قدرتها على الوصول إلى الاَسري في المعتقلات حيث فشلت اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى الوصول لهم أكثرمن مرة[101].
  • قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمربجهد كبيرلتبقي عملها بعيدًا عن وكالة الأمم المتحدة حتى أنها لم تقبل بوضع حراسة عليها من قبل قوات الحماية الدولية، فى حين قامت قوات الحماية الدولية بجهود كبيرة فى المجال الإنساني بالتعاون والتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولكنها لم تلقى القبول من قبل أطراف النزاع حيث أختفى حوالى ثلاثمائة بوسنى من مدينة زابا ولم تمنع قوات الحماية الدولية فى يوغسلافيا تشرد حوالى أربعة ملايين ونصف مليون شخص، وعلى الرغم من الإتهامات التى قدمت ضد اللجنة الدولية للصليب الأحمربعملها لصالح أطراف معينة والتغاضي عن جرائم الحروب إلا أن اللجنة قامت بمباشرة علمها وكانت حاضرة فى الكثيرمن المناطق الأخرى.

ثانيًا: مظاهرضعف اللجنة الدولية للصليب الأحمربالنظرإلى عملها القانونى.

هناك العديد من الصعوبات أيضًا التى واجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى المستوى القانونى، ومن أهمها:

  • كان الغموض في الوضع القانونى للجنة الدولية للصليب الأحمرالوارد فى نظامها الأساسي من الصعوبات التى عرقلت عمل اللجنة علمًا أنه فى الجانب الأخريعترف الإتحاد السويسري بالشخصية والإستقلالية الكاملة للجنة الدولية للصليب الأحمربإعتبارها لجنة إغاثة دولية.
  • توجد أيضًا مشكلة الإشارة الخاصة باللجنة الدولية للصليب الأحمرتشكل عائقًا فى أداء مهامها في مناطق النزاع، حيث أن شعاراللجنة يعبرعن مفهوم دينى وأيدولوجى وهذا الشعاريلقى الرفض من قبل بعض الدول ومن أمثلة هذه الدول: العراق[102].
  • إن عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرالخاص بإتفاقيات جنيف الأربعة له جانبين رئيسين، الجانب الأول هو(الجانب الإيجابى): يقوم على مراجعة أى قصورفي هذه الإتفاقيات، أما الجانب الأخرهو(الجانب السلبى): أنه قد تتنصل الدول من هذا الدور الخاص بالتعديلات حيث أنه يلزمها الكثيرمن الوقت والجهد والإمكانيات[103].

الخاتمة

وفقًا لما تم عرضه في هذا الفصل إتضح أهمية الدورالذى تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى حماية المدنيين، ومراقبة تطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني فى الدول مثل: دولة فلسطين، فعلى الرغم من الصعوبات التى واجهت اللجنة فى دولة فلسطين من الإحتلال الإسرائيلي إلا أنها مارست نشاطها لكى تتمكن من التخفيف والحد من الإنتهاكات التى يتعرض لها الفلسطينين من الإحتلال الإسرائيلي، وعلى الرغم من إرتفاع وتيرة العنف الذي يؤثر على السكان المدنيين في إسرائيل والأراضي المحتلة ومناطق الحكم الذاتي, تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمراقبة تطبيق القانون الدولي الإنساني باستمرار. فعلى سبيل المثال, في الضفة الغربية وقطاع غزة, يتجول مندوبو اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المدن والقرى ويجمعون الأدلة لتوثيق ملاحظاتهم وبعدها, يرفعون مذكرات سرية إلى السلطات المعنية لحملها على احترام القواعد والمبادئ الإنسانية.

الخاتمة

وفقًا لما تم عرضه سابقًا يمثل القانون الدولى الإنساني فرعًا هامًا من فروع القانون الدولى العام، حيث يعتبرهذا القانون له أهمية قصوى في مجال تنظيم مبادئ الحروب لأن القانون الدولى الإنساني يسعى إلى تحقيق غاية أساسية وهى: توفيرالحماية اللازمة للفئات الغيرمشتركة في الحرب، وحماية الممتلكات والمنشاَت والأعيان المدنية، ولهذا أتصف القانون الدولى الإنساني بأنه قانون النزاعات المسلحة حيث أنه يعمل على تنظيم العلاقة التى تحدث أثناء النزاع المسلح سواء دوليًا أوغيردوليًا. تتصف قواعد القانون الدولى الإنساني بالإلزام الذي يعني أنها ملزمة على كافة المخاطبين به من أشخاص القانون الدولى سواء كانت دول أو أشخاص عاديين، وسواء كانت منظمات دولية لابد عليها أن تكفل الإحترام اللازم لكافة قواعد القانون الدولى الإنساني، ولأجل ذلك تم دعم الهيئات القائمة مثل: الأمم المتحدة قامت بإنشاء محكمة جنائية دولية فى عام 1998 منعًا لإنتهاك قواعد القانون الدولى الإنساني، حيث تعتبرأيضًا إتفاقيات جنيف من أهم الركائز للقانون الدولى الإنساني لذلك تعتبراللجنة الدولية للصليب الأحمرهذه الإتفاقيات ماتزال تشكل أفضل الطرق المتاحة لحماية المدنيين، وقد حققت نجاحًا كبيرًا في مساعدة العديد من الأشخاص وإنقاذ ألاف الأرواح كما أن هذه الإتفاقيات تطورت بشكل واضح على مرالسنين. من هنا نجد أن مشكلة إنتهاك قواعد القانون الدولى الإنسانى التى تم ذكرها سابقًا تكمن فى عدم إحترام القانون وهوالتحدى الكبيرالذي نواجهه اليوم لذلك لابد أن يتم تكثيف جهود الاَليات التى تساعد على نشروتنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى مثل: اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

مما سبق يتبين أنه لابد من تسهيل عمل المنظمات الدولية والمحلية والمحايدة وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمرمن أجل نشروتطويرقواعد القانون الدولى الإنسانى، وضرورة إيجاد إتفاقيات دولية تنص على تحديد العقوبات اللازمة لكل جريمة تنتهك قواعد القانون الدولى الإنسانى، وينبغى أيضًا على كافة الحكومات والمنظمات الدولية والغيردولية أن تسهرعلى منع الحروب وتطبيق مبدأ تحريم إستخدام القوة أوالتهديد بها وأن تعمل على التخفيف من ويلات الحروب وأثارها مثلما ما تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمرفى فلسطين والدول الأخرى، وذلك لن يأتى إلا من خلال تطبيق مبادئ وأحكام القانون الدولى الإنساني وجعل قواعده ملزمة لدى جميع الدول عند نشوب حرب مسلحة.

  • النتائج

وفقًا لما تم عرضه سابقًا تم التوصل إلى مجموعة من النتائج وهى:

  • إن إنتهاكات قواعد القانون الدولى الإنساني أصبحت تشكل فى الوقت الحالى جرائم دولية تخصع لإختصاص المحكمة الجنائية الدولية التى يمكنها توقيع عقوبات جنائية على الفاعلين.
  • إن اًليات تنفيذ وتطبيق قواعد القانون الدولى الإنساني لديها إمكانيات كبيرة لمراقبة تطبيق هذه القواعد وتنفيذها، ولكن المشكلة الرئيسية تكمن فى غياب الإرادة السياسية لدى الدول لإدراك تلك الأليات.
  • تتمتع اللجنة الدولية للصليب الأحمربوضع خاص في القانون الدولى وذلك يجعلها لاتختلط بالشخصية القانونية الدولية لسائرأشخاص القانون الدولى الأخرى مثل: المنظمات الدولية، حيث أن اللجنة الدولية للصليب الأحمرتتمتع بشخصية قانونية دولية متميزة.
  • تلعب المنظمات الدولية الحكومية والغيرحكومية دورمهم في تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى مثل: دورمجلس الأمن في تشكيل المحاكم الجنائية الدولية الخاصة لمحاكمة مجرمى الحرب.
  • تلتزم كافة الدول بإصدارالتشريعات اللازمة لتطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى وفقًا لإتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977.
  • على الرغم من عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي دولة فلسطين ولكنها تواجه العديد من الصعوبات التى تعرقل عملها أهمها رفض قوات الأحتلال الإسرائيلي الإمتثال لقواعد القانون الدولى الإنسانى.
  • إن الدورالإيجابي الذي تلعبه اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى غيركافيًا حيث أنها تعتمد على الإقناع كوسيلة وحيدة لكفالة إحترام القانون الدولى الإنسانى وهذا يشكك في المبادئ التى تقوم عليها.

2- التوصيات

  • لابد من تعزيز وجود اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي الأقاليم المحتلة ميدانيًا، على اللجنة الدولية للصليب الأحمرأن تقوم بتعزيز وجودها ونشاطها في كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف: حماية الضحايا والمدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية اللازمة.
  • ينبغى على كافة المنظمات الدولية الحكومية والغيرحكومية أن تسهرعلى منع قيام الحروب وتطبيق مبدأ تحريم إستخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية.

زيادة تطبيق الإختصاص العالمى، لتمكين الدول الأطراف في إتفاقيات جنيف من ممارسة واجبها في كفالة إحترام مبادئ وقواعد القانون الدولى الإنسانى.

  • إقتراح إدراج مادة القانون الدولى الإنسانى فى مناهج الكليات العسكرية والأمنية والجامعات لكى يتحقق أكبرقدرمن الإنتشارالواسع لقواعد ومبادئ هذا القانون.
  • لابد من إنشاء اَلية رقابة للقانون الدولى الإنسانى تابعة لمجلس الأمن وتعمل تلقائيًا لرقابة إنطباق أحكام القانون الدولى الإنسانى فى النزاعات المسلحة.
  • لابد من تضافرجهود اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي مجال نشرقواعد القانون الدولى الإنسانى والتدريب على أحكامه، ولابد من توافرالبرامج والنشرات التى تسهل على العامة إستيعاب ذلك الأحكام وذلك من خلال تنسيق اللجنة الدولية للصليب الأحمرمع وسائل الإعلام لتحقيق ذلك الهدف.
  • لابد على اللجنة الدولية للصليب الأحمرأن تقوم بالتنسيق مع الدول الأطراف لتفعيل منظومة التطبيق الوطنى لأحكام القانون الدولى الإنساني.
  • لابد على السلطات التشريعية في كافة الدول العربية أن تسارع بسن التشريعات اللازمة التى تعاقب إنتهاكات القانون الدولى الإنساني.

قائمة المصادروالمراجع

المراجع العربية:

أولاً: القرأن الكريم

  • سورة النساء، الاَيتان 75، 76.

ثانيًا: الوثائق

  • إتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان.
  • النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
  • النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

ثالثًا: الكتب العربية

  1. عامرالزمالى، مدخل إلى القانون الدولى الإنسانى، تونس: المعهد العربي لحقوق الإنسان، 1997م.
  2. توفيق بوعشبة، القانون الدولى الإنسانى والعدالة الجنائية، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر،2006م.
  3. محمود شريف بسيونى، الإطار العرفي للقانون الإنسانى الدولى (التدخلات والثغرات والغموض)، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2006م.
  4. محمد المجذوب ، القانون الدولى العام ، بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية ،2002م.
  5. جعفرعبد السلام ، القانون الدولى الإنسانى في الإسلام ، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2006م.
  6. ستانسيلاف، عرض موجز للقانون الدولى الإنسانى ، القاهرة: المجلة الدولية للصليب الأحمر، 1984م.
  7. وسام نعمت إبراهيم ، القانون الدولى الإنسانى وجهود المجتمع الدولى في تطويره، الأسكندرية: دارالفكرالإجتماعى ، 2014م.
  8. رشيدحمد، محاكمة مجرمى الحرب في ظل قواعد القانون الدولى، جامعة الكويت: مجلة الحقوق،1991م.
  9. مصطفى أحمد، فكرة الضرورة في القانون الدولى العام، الإسكندرية: منشأة المعارف.
  10. أحمد أنور، “محاضرات في القانون الدولى الإنسانى”، تحرير: شريف علتم، قواعد وسلوك القتال ، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2001م.
  11. جان بكتيه، القانون الدولى الإنسانى، جنيف، 1984م.
  12. شريف علتم، محاضرات في القانون الدولى الإنساني، القاهرة: دارالمستقبل العربي، الطبعة الأولى، 2001م.
  13. أحمد خضرشعبان، الحماية الدولية والشرعية لضحايا النزاعات المسلحة،لبنان: منشورات الحلبي الحقوقية،2015م.
  14. مايا الدباس وجاسم ذكريا، القانون الدولى الإنسانى، سوريا: منشورات الجامعة الإفتراضية السورية،2018م.
  15. د/ أبوالخير أحمد عطية، حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية إبان النزاعات المسلحة، القاهرة: دار النهضة العربية،1998م.
  16. د/ أبوالخيرأحمدعطية، الضمانات القانونية الدولية والوطنية لحماية حقوق الإنسان، القاهرة: دارالنهضة العربية،2004م.
  17. تعرف على اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2008م.
  18. ديفيد ديلابرا، اللجنة الدولية للصليب الأحمر والقانون الدولى الإنساني، القاهرة: دارالمستقبل العربي، 2000م.

رابعًا: الدوريات العلمية

  1. ياسمين أحمد إسماعيل صالح، “دور محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولى الإنسانى وضمان الإلتزام بمبادئه”، مجلة كلية السياسة والإقتصاد، 2019، العدد الثالث.
  2. محمد نعرورة ، “دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الرقابة على تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى” ، مجلة العلوم القانونية والسياسية، 2014، العدد الثامن.
  3. محمد حمد العسيلي، “دور الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر في تطوير ونشر القانون الدولى الإنسانى”، مجلة الدراسات القانونية، 2006، العدد الأول.
  4. محمد زكرياء شيخ ، “دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حماية الأطفال الأسرى أثناء النزاعات المسلحة” ، مجلة حقوق الإنسان والحريات العامة، 2018، العدد الخامس.
  5. حسين حياة، “دور المنظمات الغير حكومية في كفالة إحترام حقوق الإنسان وقت الأزمات الداخلية ( اللجنة الدولية للصليب الأحمر نموذجاً)” ،مجلة بحوث الجزائر، 2021.
  6. مساعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حالة إنتهاك القانون الدولى الإنسانى”، مقال منشور بالمجلة الدولية للصليب الأحمر، 1981، العدد (728).
  7. غسان الجندى، “المرتزقة والقانون الدولى”، المجلة المصرية للقانون الدولى، 1995م، العدد:41.
  8. ديفيد فايسبروت، ” تنفيذ حقوق الإنسان والقانون الإنسانى في المنازعات المسلحة”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، 1993م، العدد:30.
  9. عامرالزمالى، “الإسلام والقانون الدولى الإنسانى”، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2010م، العدد: 3.
  10. سلطان حامد، ” الحرب في نطاق القانون الدولى “، المجلة المصرية للقانون الدولى، 1969م، العدد:25.
  11. توني بفنر، “اَليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولى الإنسانى وحماية ومساعدة ضحايا الحرب”، المجلة الدولية للصليب الأحمر،2009م، العدد: 874.
  12. جاكوب كلينبرغر،”هل نتحدث علانية أم نصمت أثناء العمل الإنسانى؟”، المجلة الدولية للصليب الأحمر،2005م.

خامسًا: أطروحات الماجستير والدكتوراة

  1. شروق تيسيرعبد الغنى، صعوبات تطبيق القانون الدولى الإنسانى ، “رسالة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2020.
  2. غنيم قناص المطيري، أليات تطبيق القانون الدولى الإنسانى ، “رسالة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2009.
  3. إنصاف بن عمران، دور اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني، “رسالة ماجستير”، جماعة الحاج لخضر: كلية الحقوق، 2009-2010م.
  4. ناصري مريم، فعالية العقاب على الإنتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولى الإنسانى، ” رسالة ماجستير”، جامعة الحاج لخضر: كلية الحقوق، 2008م -2009م.
  5. نغم أسحق زيا، دراسات في القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان،”رسالة دكتوراة”، جامعة الموصل،2004 م.
  6. مولود أحمد مصلح، العلاقة بين القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان، “رسالة ماجستير”، الأكاديمية العربية في الدانيمارك: كلية القانون،2008 م.
  7. حسن كمال، اَليات تنفيذ القانون الدولى الإنسانى في ضوء التغيرات الدولية للقانون الدولى المعاصر، “رسالة ماجستير”، جامعة مولود معمرى: كلية الحقوق،2011 م.
  8. تيزى وزو، اَليات تنفيذ القانون الدولى الإنساني في ضوء التغيرات الدولية للقانون الدولى المعاصر، “رسالة ماجستير” ،جامعة مولود معمرى: كلية الحقوق، 2011م.

سادسًا: الأبحاث والتقارير

  • إبراهيم محمد العنانى، قمع إنتهاكات القانون الدولى الإنساني ، ضمن أوراق بحثية في القانون الدولى الإنساني، رابطة الجامعات الإسلامية.

سابعًا: مواقع الإنترنت

  • الإلتزام بنشرالقانون الدولى الإنسانى، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عبرالموقع الرسمى لها https://www.icrc.org/ar/who-we-are/structure،تاريخ الدخول:7/5/2022.
  • المستشاريين القانونيين في القوات المسلحة، موجز وقائع قانونية،اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عبر الموقع الرسمي: https://www.icrc.org/ar ، تاريخ الدخول: 9/5/2022.
  • راجع النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرمن خلال الموقع الرسمي: https://www.icrc.org/ar/who-we-are/structure ،تاريخ الدخول: 26/4/2022.
  • جرى رصد 1.3 مليار فرنك سويسري في الميزانية لصالح العمليات في 2014م، راجع الموقع الرسمى للجنة، تاريخ الدخول للموقع: 7/5/2022، https://www.icrc.org/ar
  • أيف ساندوز،اللجنة الدولية للصليب الأحمربصفتها حارسًا عن القانون الدولى الإنساني،منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر،عبرالموقع الرسمي للجنة: https://www.icrc.org/ar ،تاريخ الدخول: 10/5/2022.
  • https://www.icrc.org/ara/war-and-law/contemporary-challenges-for-ihl/overview-contemporary-challenges-for-ihl.htm ، تاريخ الدخول: 10/5/2022.

ثانياً: المراجع الإنجليزية

First: Books

  • Pierre Bossier, Histoire du Committee international de la Croix-Rouge, Genève, 1987.
  • Andre Durand, History of the international committee of the Red Cross from Sarajevo to Hiroshima, Geneva: Henry Dunant Institute, 1984.
  • Resolutions of the Tenth International Conference of the Red Cross, Handbook of the International Red Cross and Red Crescent Movement, Geneva: Thirteenth edition, 1994.
  • Francois Bunion, Le Committee International de la Croix-Rouge ET la Protection des victims de la Guerre, Genève: CICR, 1993.
  • Explosive Remnants of War: A Study on Sub munitions and Other Unexploded Ordnance, ICRC, Geneva, 2000

Newspapers

  • Hail Rahman Basra, “The International Committee of the Red Cross: An Evaluation”, Indonesian Journal of International Law, 2020, Vol.17, No. 3.
  • Torres Ann, “International Committee of the Red Cross: Emblems of humanity”, 2010, Vol.28, No. 3.
  • T. “The relationship between international humanitarian law and the international criminal tribunals”, International review of theredcross,Vol.88,No.861,2006.https://internationalreview.icrc.org/sites/default/files/irrc_861_4.pdf
  • Joint Working Group on the Emblems, Geneva, 13-14 April 2000, Address by Francois Bunion, Director of International Law and Communication, International Committee of the Red Cross, International Review of the Red Cross No. 838, 2000.
  • Robert J. Mathews, the 1980 Convention on Certain Conventional Weapons: A Useful Frame work despite earlier disappointments, International Review of The Red Cross, Vol.83, No. 844, 2001.
  • Louis Marissa, A New Protocol on Explosive Remnants of War: The History and Negotiation of Protocol V to the 1980 Convention on Certain Conventional Weapons, International Review of The Red Cross, Vol. 86, No. 856, December 2004.
  • Michael Bothe, “Customary International Humanitarian law: Some reflections on the ICRC study”, Yearbook of International Humanitarian Law, Cambridge University Press, vol. 8, 2005.

[1] Hail Rahman Basra, “The International Committee of the Red Cross: An Evaluation”, Indonesian Journal of International Law, 2020, Vol.17, No. 3, pp. 357-386.

[2] Torres Ann, “International Committee of the Red Cross: Emblems of humanity”, 2010, Vol.28, No. 3, pp. 223-235.

[3] شروق تيسيرعبد الغنى، صعوبات تطبيق القانون الدولى الإنسانى ، “رسالة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2020، 151ص.

[4] غنيم قناص المطيري، أليات تطبيق القانون الدولى الإنسانى ، “رسالة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2009، 130ص.

[5] ياسمين أحمد إسماعيل صالح، “دور محكمة العدل الدولية في تطوير قواعد القانون الدولى الإنسانى وضمان الإلتزام بمبادئه”، مجلة كلية السياسة والإقتصاد، 2019، العدد الثالث، ص1.

[6] محمد نعرورة ، “دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الرقابة على تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى” ، مجلة العلوم القانونية والسياسية، 2014، العدد الثامن ،ص1.

[7]  محمد حمد العسيلي، “دور الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر في تطوير ونشر القانون الدولى الإنسانى”، مجلة الدراسات القانونية، 2006، العدد الأول،ص2.

[8] محمد زكرياء شيخ ، “دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حماية الأطفال الأسرى أثناء النزاعات المسلحة” ، مجلة حقوق الإنسان والحريات العامة، 2018، العدد الخامس، ص44.

[9] حسين حياة، “دور المنظمات الغير حكومية في كفالة إحترام حقوق الإنسان وقت الأزمات الداخلية ( اللجنة الدولية للصليب الأحمر نموذجاً)” ،مجلة بحوث الجزائر، 2021، ص1.

[10] عامرالزمالى، مدخل إلى القانون الدولى الإنسانى، تونس: المعهد العربي لحقوق الإنسان، 1997م، ص7.

[11] “مساعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حالة إنتهاك القانون الدولى الإنسانى”، مقال منشور بالمجلة الدولية للصليب الأحمر، 1981، العدد (728) ، ص86:79.

[12]  توفيق بوعشبة، القانون الدولى الإنسانى والعدالة الجنائية، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر،2006م، ص83.

[13]  محمود شريف بسيونى، الإطار العرفي للقانون الإنسانى الدولى (التدخلات والثغرات والغموض)، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2006م، ص83.

[14] عامر الزمالى ، مدخل إلى القانون الدولى الإنسانى ، تونس: منشورات المعهد العربي لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر ، 1997م ،ص7.

[15]  محمد المجذوب ، القانون الدولى العام ، بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية ،2002م، ص762.

[16]  جعفرعبد السلام ، القانون الدولى الإنسانى في الإسلام ، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2006م، ص49.

[17]  ستانسيلاف، عرض موجز للقانون الدولى الإنسانى ، القاهرة: المجلة الدولية للصليب الأحمر، 1984م ،ص9.

[18]  وسام نعمت إبراهيم ، القانون الدولى الإنسانى وجهود المجتمع الدولى في تطويره، الأسكندرية: دارالفكرالإجتماعى ، 2014م، ص21.

[19] HortensiaD.T., “The relationship between international humanitarian law and the international criminal tribunals”, International review of the red cross,Vol.88, No.861, 2006, p.65. https://international-review.icrc.org/sites/default/files/irrc_861_4.pdf

[20]رشيدحمد، محاكمة مجرمى الحرب في ظل قواعد القانون الدولى،  جامعة الكويت: مجلة الحقوق،1991م، ص123.

[21] غنيم قناص المطيري، اًليات تطبيق قواعد القانون الدولى الإنسانى، “رسالة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2010م، 130ص.

[22] غسان الجندى، “المرتزقة والقانون الدولى”، المجلة المصرية للقانون الدولى، 1995م، العدد:41،ص248.

[23] ناصري مريم، فعالية العقاب على الإنتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولى الإنسانى، ” رسالة ماجستير”، جامعة الحاج لخضر: كلية الحقوق، 2008م-2009م، ص12.

[24] ديفيد فايسبروت، ” تنفيذ حقوق الإنسان والقانون الإنسانى في المنازعات المسلحة”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، 1993م، العدد:30، ص89.

[25]  المرجع السابق،ص89.

[26] المادة الأولى من البروتوكول الإضافى لعام 1977م.

[27] عامرالزمالى، “الإسلام والقانون الدولى الإنسانى”، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2010م، العدد: 3،ص 162.

[28] مصطفى أحمد، فكرة الضرورة في القانون الدولى العام، الإسكندرية: منشأة المعارف، ص36.

[29] أحمد أنور، “محاضرات في القانون الدولى الإنسانى”، تحرير: شريف علتم، قواعد وسلوك القتال ، القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2001م، ص113.

[30]  سلطان حامد، ” الحرب في نطاق القانون الدولى “، المجلة المصرية للقانون الدولى، 1969م، العدد:25، ص18،19.

[31] جان بكتيه، القانون الدولى الإنسانى، جنيف، 1984م، ص7.

[32]  شريف علتم، محاضرات في القانون الدولى الإنساني، القاهرة: دارالمستقبل العربي، الطبعة الأولى، 2001م، ص10.

[33]  المرجع السابق، ص 13.

[34]  ناصري مريم، فعالية العقاب على الإنتهاكات الجسيمة لقواعدالقانون الدولى الإنسانى، “رسالة ماجستير”، جامعة الحاج لخضر: كلية الحقوق، 2008-2009م،ص 12.

[35]  المرجع السابق، ص17.

[36]  شريف علتم، محاضرات في القانون الدولى الإنسانى، القاهرة: دارالمستقبل العربي، الطبعة الأولى، 2001م، ص 13.

[37]  سورة النساء، الاَيتان 75، 76.

[38]  شريف عتلم، المرجع السابق، ص15.

[39]  غنيم قناص المطيري، اَليات تطبيق القانون الدولى الإنساني، “رسالة ماجستير”، جامعة الشرق الأوسط: كلية الحقوق، 2010م، ص16.

[40]  إنصاف بن عمران، دور اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنساني، “رسالة ماجستير”، جماعة الحاج لخضر: كلية الحقوق، 2009-2010م، ص43.

[41] غنيم قناص المطيري، المرجع السابق، ص38-39.

[42]  محمد المجدوب،القانون الدولى العام،بيروت: منشورات الحلبى الحقوقية،2004م، ص116.

[43]  نغم أسحق زيا،دراسات في القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان،”رسالة دكتوراة”،جامعة الموصل،2004م، ص14.

[44] مولود أحمد مصلح،العلاقة بين القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان، “رسالة ماجستير”،الأكاديمية العربية في الدانيمارك: كلية القانون،2008م،ص19.

[45]  ناصرى مريم،مرجع سابق،ص29.

[46]  شريف علتم، مرجع سابق،ص20.

[47] ناصري مريم،مرجع سابق،ص30.

[48]  ناصري مريم،المرجع السابق،ص31.

[49] البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م.

[50]  إنصاف بن عمران،دوراللجنة الدولية للصليب الأحمرفي تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى،”رسالة ماجستير”،جامعة الحاج لخضر: كلية الحقوق، 2009-2010م،ص34.

[51]  أحمد خضرشعبان،الحماية الدولية والشرعية لضحايا النزاعات المسلحة،لبنان: منشورات الحلبي الحقوقية،2015م،

ص75.

[52]  إنصاف بن عمران،مرجع سابق،ص30.

[53]  أحمد خضرشعبان،مرجع سابق،ص75.

[54]  مايا الدباس وجاسم ذكريا،القانون الدولى الإنسانى،سوريا: منشورات الجامعة الإفتراضية السورية،2018م،ص57.

[55] مايا الدباس وجاسم ذكريا، مرجع سابق،ص57.

[56]  أحمدخضرشعبان،مرجع سابق،ص71.

[57] توني بفنر،”اَليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولى الإنسانى وحماية ومساعدة ضحايا الحرب”، المجلة الدولية للصليب الأحمر،2009م، العدد: 874، ص44.

[58] المادة(48) من إتفاقية جنيف الأولى.

[59] د/ إبراهيم محمد العنانى، قمع إنتهاكات القانون الدولى الإنساني ، ضمن أوراق بحثية في القانون الدولى الإنساني، رابطة الجامعات الإسلامية، ص277.

[60] د/ إبراهيم محمد العنانى، مرجع سابق، ص278.

[61] المرجع السابق،ص279.

[62] الإلتزام بنشرالقانون الدولى الإنسانى، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عبرالموقع الرسمى لها: https://www.icrc.org/ar/who-we-are/structure ،تاريخ الدخول:7/5/2022.

[63] المادة(87)،البروتوكول الإضافي الأول.

[64] راجع نص المادة (82) من البروتوكول الإضافي الأول.

[65] المستشاريين القانونيين في القوات المسلحة، موجز وقائع قانونية،اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عبر الموقع الرسمي: https://www.icrc.org/ar ، تاريخ الدخول: 9/5/2022.

[66] المستشاريين القانونيين في القوات المسلحة، المرجع السابق.

[67] إبراهيم محمد العنانى،قمع إنتهاكات القانون الدولى الإنساني،مرجع سابق، ص280.

[68] راجع المادة رقم (5) من البروتوكول الإضافى الأول.

[69] إنصاف بن عمران،دوراللجنة الدولية للصليب الأحمر في تنفيذ قواعد القانون الدولى الإنسانى،”رسالة ماجستير”،جامعة الحاج لخضر: كلية الحقوق،2010م،ص47.

[70] Pierre Bossier, Histoire du Committee international de la Croix-Rouge, Genève, 1987, P.20.

[71]  د/ أبوالخير أحمد عطية،حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية إبان النزاعات المسلحة،القاهرة: دار النهضة العربية،1998م،ص22.

[72]  د/ أبوالخيرأحمد عطية،الضمانات القانونية الدولية والوطنية لحماية حقوق الإنسان،القاهرة: دارالنهضة العربية،2004م،ص228.

[73] راجع النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمرمن خلال الموقع الرسمي: https://www.icrc.org/ar/who-we-are/structure ،تاريخ الدخول: 26/4/2022.

[74]  المادة (9)،النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

[75]  المادة (10)،النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

[76]  المادة(11)،النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

[77]  المادة (12)،النظام الإساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

[78] د/ شريف عتلم،دوراللجنة الدولية للصليب الأحمر في إنماء وتطويرقواعد القانون الدولى الإنساني،مرجع سابق،ص27.

[79] تعرف على اللجنة الدولية للصليب الأحمر،اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2008م،ص49.

[80] د/ شريف عتلم، مرجع سابق، ص28.

[81] د/ شريف عتلم،مرجع سابق، ص29.

[82] جرى رصد 1.3 مليار فرنك سويسري في الميزانية لصالح العمليات في 2014م، راجع الموقع الرسمى للجنة، تاريخ الدخول للموقع: 7/5/2022، https://www.icrc.org/ar

[83] تعرف على اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مرجع سابق، ص50.

[84] المادة(4)،النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر.

[85] د/ شريف عتلم،دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إنماء وتطوير قواعد القانون الدولى الإنساني،القاهرة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر،2010م،ص13.

[86]  المرجع السابق،ص19.

[87] Andre Durand, History of the international committee of the Red Cross from Sarajevo to Hiroshima, Geneva: Henry Dunant Institute, 1984, P.32.

[88] شريف عتلم،مرجع سابق،ص19.

[89] Andre Durand, opacity, p.54.

[90] Resolutions of the Tenth International Conference of the Red Cross, Handbook of the International Red Cross and Red Crescent Movement, Geneva: Thirteenth edition, 1994, p.784.

[91] Francois Bunion, Le Committee International de la Croix-Rouge ET la Protection des victims de la Guerre, Genève: CICR, 1993, p.284-286.

[92] حسن كمال،اَليات تنفيذ القانون الدولى الإنسانى في ضوء التغيرات الدولية للقانون الدولى المعاصر،”رسالة ماجستير”، جامعة مولود معمرى: كلية الحقوق،2011م،ص41.

[93] د/ شريف عتلم، دوراللجنة الدولية للصليب الأحمر في إنماء وتطوير قواعد القانون الدولى الإنساني، مرجع سابق، ص126.

[94] ديفيد ديلابرا، اللجنة الدولية للصليب الأحمر والقانون الدولى الإنساني، القاهرة: دارالمستقبل العربي، 2000م، ص395.

[95] المرجع السابق،ص397.

[96] ديفيد ديلابرا، اللجنة الدولية للصليب الأحمر والقانون الدولى الإنساني،مرجع سابق، ص398.

[97] حسن كمال، اًليات تنفيذ القانون الدولى الإنسانى في ضوء التغيرات الدولية للقانون الدولى المعاصر،”رسالة ماجستير”، جامعة مولود معمرى: كلية الحقوق،2011م،ص45.

[98] أيف ساندوز،اللجنة الدولية للصليب الأحمربصفتها حارسًا عن القانون الدولى الإنساني،منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر،عبرالموقع الرسمي للجنة: https://www.icrc.org/ar ،تاريخ الدخول: 10/5/2022.

[99] https://www.icrc.org/ara/war-and-law/contemporary-challenges-for-ihl/overview-contemporary-challenges-for-ihl.htm ، تاريخ الدخول: 10/5/2022.

[100] المرجع الإلكترونى السابق.

[101]  تيزى وزو، اَليات تنفيذ القانون الدولى الإنساني في ضوء التغيرات الدولية للقانون الدولى المعاصر،”رسالة ماجستير” ،جامعة مولود معمرى: كلية الحقوق، 2011م، ص57.

[102]  جاكوب كلينبرغر،”هل نتحدث علانية أم نصمت أثناء العمل الإنسانى؟”، المجلة الدولية للصليب  الأحمر،2005م، ص3-7.

[103] المرجع السابق.

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=83459

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M