علاقة الانثروبولوجيا بعلم الاجتماع

يعد علم الاجتماع من أحدث العلوم الأساسية وأهم العلوم الإنسانية. لـذلك، يعرف بأنّه : العلم الذي يدرس الحياة الاجتماعية بجميع مظاهرهـا، ويتحـرى أسباب الحوادث الاجتماعية وقوانين تطورها. (الحصري، ١٩٨٥ ،ص ٨ ).

ويعرف بصورة أوسع، بأنّه : أحد العلوم الإنسانية الهامة التي ظهرت فـي أواخر القرن التاسع عشر، وهو من العلوم التي تحاول الوصول إلـى قـوانين وقواعد تفسر الظواهر الاجتماعية، سواء كانت هذه الظواهر في شكل جماعات بشرية، أو نظم ومؤسسات اجتماعية أو إنسانية .وهو بالتالي، العلم الذي يسـاعد في تكيف الفرد والمجتمع للعيش معاً، ضمن أهداف معينة يسعون إلى تحقيقهـا، من أجل التقدم والاستمرارية. (عيسى، ١٩٨٦ ،ص ١٣ )

فعلم الاجتماع إذن، يدرس العلاقات بين الأفراد وعمليـات التفاعـل فيمـا بينهم، وتصرفاتهم كأعضاء مكونين لهذه الجماعة.

فهو يركّز علـى سـلوكات الأفراد ضمن هذا المجتمع أو ذاك، ويدرس بالتالي تـأثير البيئـة الاجتماعيـة (الاقتصادية والثقافية) في تكوين الشخصية الإنسانية، وتحديـد العلاقـات بـين الأفراد. (الجيوشي والشماس، ٢٠٠٢/٢٠٠٣ ،ص ٥٩ ).

  إن مصطلح / علم الاجتماع / مشتقّ من كلمتين، الأولـى هـي (سوسـيو Sociu ) اللاتينية، وتعني رفيق أو مجتمع. والثانية (لوغوس Logos ) اليونانيـة، وتعني العلم أو البحث.

وبما أن علم الاجتماع  يتناول التفاعل الاجتماعي عنـدما يدرس الجماعة، فإن ثمة تداخلاً كبيراً بين علـم الاجتمـاع والأنثروبولوجيـا، فكلاهما يدرس البناء الاجتماعي والوظائف الاجتماعية .. وهذا مـا دعـا أحـد العلماء إلى القول : إن علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية، هو فرع من فروع علـم الاجتماع المقارن.
(لطفي، ١٩٧٩ ،ص ٤٤ )

وهكذا نجد أن ثمة صلة من نوع ما، بين علم الاجتماع والأنثروبولوجيـا، بالنظر إلى أن كلا منهما يدرس الإنسان.

ويتجاوز الترابط بينهما المعلومـات التي يهدف كلّ منهما الحصول عليها، إلى منهجية البحث مـن حيـث طريقتـه وأسلوبه، إلى حد تسمى الأنثروبولوجيا عنده، بعلم الاجتمـاع المقـارن، علـى الرغم أن أنّها تهتم بالجانب الحضاري للإنسان، بينما تقترب دراسة علـم الاجتماع من الأنثروبولوجيا الاجتماعية .

علم الاجتماع يركّز في دراساته على المشكلات الاجتماعية في المجتمـع الواحد، كما يدرس الطبقات الاجتماعية في هذا المجتمع أو ذاك من المجتمعات الحديثة، ويندر أن يدرس المجتمعات البدائيـة أو المنقرضـة .
بينمـا تركّـز الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) في دراساتها، على المجتمعات البدائية / الأوليـة، وأيضاً المجتمعات المتحضرة / المعاصرة.

ولكن دراسة الأنثروبولوجيا للمجتمعات الإنسانية، تتركّز في الغالب على :
التقاليد والعادات والنظم، والعلاقات بين الناس، والأنماط السـلوكية المختلفـة، التي يمارسها شعب ما أو أمة معينة. ( أبو هـلا ل، ١٩٧٤ ،ص ١ ).

أي أن علـم الأنثربولوجيا الاجتماعية يدرس الحياة الاجتماعية (المجتمع ككلّ )، وينظر إليها نظرة شاملة، ويدرس البيئة العامة، والعائلة ونظم القرابة والدين،  بينمـا تكـون دراسة علم الاجتماع متخصصة إلى حد بعيد.

حيث يقتصر على دراسة ظواهر محددة أو مشكلات معينة، أو مشكلات قائمـة بـذاتها، كمشـكلات : الأسـرة والطلاق والجريمة، والبطالة والإدمان والانتحار …( لطفي، ١٩٧٩ ،ص٤٥ ).

وإذا كان ثمة تباين أو اختلاف بين العلمين، فهو لا يتعدى فهـم الظـواهر الاجتماعية وتفسيراتها، وفق أهداف كلّ منهما.

فبينما نجد أن الباحث فـي علـم الاجتماع، يعتمد على افتراضات نظرية لدراسة وضع المتغيرات الاجتماعيـة، ويحاول التحقّق منها من خلال المعلومات التي يجمعهـا بواسـطة اسـتبيان أو استمارة خاصة لذلك، نجد – في المقابل – أن الباحث الأنثروبولوجي، يعتمـد تشخيص الظاهرة استناداً إلى فهم الواقع كما هو، ومن خلال الملاحظة المباشرة ومشاركة الأفراد في حياتهم العادية .

  • المصادر والمراجع : 
  • الحصري، ساطع (١٩٨٥) أحاديث في التربية والاجتماع، دار العلم للملايين، بيروت.
  • عيسى، محمد طلعت (١٩٨٦) مدخل إلى علم الاجتماع، دار المعارف، بيروت.
  • الجيوشي، فاطمة والشماس عيسى (٢٠٠٢/٢٠٠٣ ) التربية العامة (١،) جامعة دمشـق – كلية التربية.
  • لطفي، عبد الحميد (١٩٧٩) الأنثروبولوجيا الاجتماعية، دار المعارف، القاهرة.
  • أبو هلال، أحمد (١٩٧٤) مقدمة في الأنثروبولوجيا التربوية، المطابع التعاونية، عمان .
  • لطفي، عبد الحميد (١٩٧٩) الأنثروبولوجيا الاجتماعية، دار المعارف، القاهرة.

 

رابط المصدر:

https://www.b-sociology.com/2020/06/blog-post_19.html

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M