يروي السفير أحمد بن حمد اليحيى، قصة أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، في كتاب «غزوة نيويورك» الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت، في طبعة ثانية مزيّدة ومنقحّة سبتمبر 2018، كتدوين توثيقي لأفظع وأشنع العمليات الإرهابية في هذا العصر، وما صاحبها آنذاك من أحداث وتداعيات. لقد انطلق اليحيى من خلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي وُسِمتْ بأنَّها إسلامية، والمتهمون فيها عرب ومسلمون.. وعلى الرغم من مرور عقدين من الزمن على ذلك الحدث، سيظل هذا الحدث محفورا في ذاكرة التاريخ، مهما طال به الزمن.
الفتنة النائمة
سعى المؤلف إلى الحديث عن مجريات الحدث والبحث في تفاصيله، في هذا التدوين التوثيقي، الذي يستعرض فيه الكاتب المجريات اليومية للأحداث، بعد ذلك الهجوم برؤية جديدة، محاولا الإجابة على بعض من الأسئلة التي طُرِحَت بعد وقوع هجمات سبتمبر، وظلت الإجابات عليها معلقة حتى اليوم. ومنها، أيُمكن أن يتم التخطيط لعملية كهذه وإدارتها ابتداء من مغارة في أفغانستان؟ أيُعقلُ أنَّ بن لادن المختبئ مع جماعته في جبال (تورا بورا) كان قادرا على صنع هذه الجريمة المعقدة؟ ولا يمكن أن تكون حكومة طالبان في إمارة أفغانستان الإسلامية هي الفاعلة فهي الأخرى تفتقر للمال، فقد تم تجميد الأرصدة المالية لحركة طالبان من قبل الرئيس بيل كلينتون بتاريخ 4 تموز/يوليو 1999 أم أنَّ هذا الفعل كان محصلة تدبير استخباراتي أجنبي مُعادٍ هالَهُ انتشار الإسلام في ديار الغرب، فدبّر إيقاد فتنة بين الغرب والإسلام؟ لقد كان العرب أكثر أمم العالم دهشة وأسفا أن يروا أصابع الاتهام تتجه نحوهم، ولكن على ما يبدو لم يتذكر أركان الإدارة الأمريكية حادث أوكلاهوما سيتي، حيث استهدفت الإشاعات العرب مباشرة، ولم يكن العرب مسؤولين عن ذلك، إنما المسؤول كان من أبناء جلدتهم، الأمريكي تيموثي ماكفي، الذي قام بتفجير أوكلاهوما سيتي في 19 نيسان/أبريل 1995. وأدى إلى قتل 168 شخصا، 19 منهم من الأطفال.
الغليان
تزامنت مع أحداث سبتمبر موجة من الخُطَب النارية، من قبل صانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، وصار البيت الأبيض حسب وصف أحد المراقبين يتصرف بقراراته وتعليماته بطريقة تشبه الثور الإسبان الهائج، الذي دخل ساحة المصارعة فوجدها خالية، فظل يهجم على المتفرجين نطحا وركلا بحثاُ عن المصارع بينهم. فقد تم وضع الإسلام في قفص الاتهام، وكذلك اتهام دول عربية، ما انعكس ذلك على المقيمين العرب والمسلمين، وأدى إلى اهتزاز الحريات المدنية في أمريكا، وتذبذبات الإعلام الأمريكي وفقدانه للديمقراطية وحرية الرأي، يقول مايك موران وهو مدير إنتاج في (MBC.COM) إنّ الصحافة الأمريكية لم تكن مستعدة لتحمل ما حصل لها من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) عندما قال: «على امتداد عشر سنوات لم نتوقف عن إلقاء القنابل على العراق، إلاّ أنَّ الإعلام لم ينتبه لذلك؟ وفجأة في 11 سبتمبر وجد من يقول نحن في حالة حرب، مع أنَّنا في حالة حرب لم تتوقف منذ اندلاع حرب الخليج. إلاّ أنَّها كانت حرباَ ظن الإعلام أنّها لا تثير ما يكفي من الاهتمام لكي يقوم بتغطيتها».
اقتفاء الأثر
بعد ساعات من الهجوم على البرجين، ارتجّت الإدارة الأمريكية واعتبرت أنَّها «دخلت في حرب» وتم توجيه الاتهام لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، حيث أراد الرأي العام مذنبين مسؤولين عما جرى، فأشاروا لبن لادن وجماعته، وقد عرضت مختلف شاشات التلفاز الأمريكية شريطا مصورا، وقالت الإدارة الأمريكية إنَّها عثرت عليه من مخلفات أحد مواقع «القاعدة» التي أخلوها في أفغانستان، ولكنه تبيّن في ما بعد بِأَنَّ هذا الشريط كان مفبركا. وقد كان من الممكن تجنب كارثة الحادي عشر من سبتمبر، لو وافق الرئيس بيل كلنتون (1992ـ 2000) على القضاء على بن لادن، حيث قدمت وكالة الاستخبارات المركزية قبل 11 سبتمبر بتاريخ 18/9/2010 أكثر من 12 فرصة لاختطاف بن لادن أو القبض عليه أو استخدام الجيش لقتله، وفي كل مرة قرر كلينتون ومعاونوه ألاّ يفعلوها، كما يؤكد ذلك مايكل شوير رئيس وحدة بن لادن في (CIA) ويضيف: «الفرصة الكبرى كانت خلال الأسبوع الثالث من شهر أيار/مايو 1999». ويؤكد شوير بِأَنَّ الولايات المتحدة لم تكن ترغب في ذلك الوقت (2001) بتصفية بن لادن، من أجل اتخاذه ذريعة في ضرب أي هدف تريده في العالم.. ويقول ميشال شوسودوفسكي الأستاذ في جامعة أوتاوا: «منذ عهد الحرب الباردة، دعمت واشنطن أسامة بن لادن في السر، ووضعته على قائمة المطلوبين من قبل الـ(FBI) في العلن».
سيذكر المؤرخون أنَّ الديمقراطية – كما تصوّرها كاتبو إعلان الاستقلال ودستور الولايات المتحدة- لاقت حتفها بين تشرين الثاني/نوفمبر 2001 غزو أفغانستان وآذار/مارس 2003 غزو العراق.
ويؤكد أحد أساتذة الفلسفة في واشنطن: «من المعروف تاريخيا لدى الاستخبارات العسكرية الأمريكية، أن ثمة حاجة لوجود طرف يجسد الشر لنطارده، ومنذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 أصبح أسامة بن لادن هو النموذج الأول لذلك التجسيد، ومن فوائد وجود بن لادن تعزيز الحرب على الإرهاب». ويقول جنرال أمريكي لاحق بن لادن في أفغانستان: «كنا على بعد 800م حيث تسلل بن لادن ومرافقوه عبر الحدود إلى باكستان» وعندما حان الوقت لتصفية أسامة بن لادن استطاعت الولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما وبتاريخ 1/5/2011 تم الإعلان عن قتل أسامة بن لادن في مقاطعة بوت آباد في باكستان، وإلقاء جثته في بحر العرب.
مَن فجَّر البرجين؟
لم تتم الإجابة على السؤال المحوري من فجَّر البرجين؟ هذا السؤال الذي ما برح المضلِّلون والخدّاعون يتجنبون الخوض فيه، ولكن مهما حاولوا فإنَّ الزمن يحتضن الحقيقة إلى أن يكشفها العقلاء والمنصفون، ولو بعد حين. سوى حكومتي الولايات المتحدة وإسرائيل فإنَّ العالم بات يُجمع على أنَّه مستحيل أن يكون في مقدور شرذمة من شباب جهلة قيادة ذلك الصنف من الطائرات العملاقة ذات التكنولوجيا المعقدة أن يتمكنوا من توجيهها خلال دقائق من إقلاعها، ولمسافة بسيطة لتفجير مبنيين ضخمين. إنَّه ادعاء لا يُصدق، بل فيه تسطيح لعقول البشر، حيث يؤكد عدد كبير من الخبراء والمحللين، على أن رواية «القاعدة» غير مقنعة بشأن تنفيذها هجمات سبتمبر. لقد أجمعت الآراء تقريبا بعلى أَنَّ العملية كانت استخباراتية بالمطلق فعلها الموساد والاستخبارات الأمريكية (CIA+Mossad). حيث تؤكد ســوزان لنداو ضابطة استخبارات أمريكية سابقة بتاريخ 11/3/2013 على محطة تلفزيون روسيا في برنامج (رحلة في الذاكرة) قائلة: إنَّ الموساد ركّب كاميرات أمام المبنى وسجّل اللحظة الأولى للتفجير وبعد خمس دقائق وصلت إلى الرئيس الأمريكي (بوش) وأنّ الموظفين اليهود أخلوا المبنى ذلك اليوم، ولم يبقَ فيه سوى ثلاثة. ويقول المفكر الأمريكي لويس فرخان في محاضرة له: إنَّ لاري سلفر ستاين مالك المبنى، أضاف على عقد تأمين المبنى مؤخرا فقرة (ضد الإرهاب) فحصل على بغيته ثمن التفجير الذي يُقدَّر بـ(4.8) مليار دولار، على حد زعمه. وهكذا.. إذن بهذا التوضيح هل تمّت الإجابة على سؤال: مَن فجَّر برجي التجارة في نيويورك يوم 11/9/2001.
سيذكر المؤرخون أنَّ الديمقراطية – كما تصوّرها كاتبو إعلان الاستقلال ودستور الولايات المتحدة- لاقت حتفها بين تشرين الثاني/نوفمبر 2001 غزو أفغانستان وآذار/مارس 2003 غزو العراق، ويُعلق على ما جرى في سبتمبر 2001 الصحافيان المهمّان جون ستانتون وواين مادسن: «ها هي الدولة الفاشية والثيوقراطية تنبعث، بما أنَّ الديمقراطية تموت».
الاطلاع على الكتاب ↗ (المصدر موقع archive.org )
رابط المصدر: