محاربة التطرف في أوروبا ـ تقييم السياسات والتدابير

لم يعد التطرف في أوروبا ظاهرة جديدة أبداً، وأصبح بالفعل أصبح يمثل تهديداً قائماً على أمن دول أوروبا خلال السنوات الأخيرة. وساهمت وسائل التواصل الأجتماعي عبر الإنترنيت بنشر الأيدلوجيات والأفكار المتطرفة وصناعة الكراهية. وأستثمرت الجماعات المتطرفة بجميع أطيافها، “الجهادية”، الإسلام السياسي واليمينية المتطرفة ألمنابر والواجهات والمنظمات والمساجد من أجل إستقطاب وكسب أنصاراُ جدد.

رغم ما تبذله الحكومات الأوروبية من سياسات وتدابير ضد أنشطة الجماعات المتطرفة بجميع أطيافها، فإن خطرها مازال قائماً، وهذا يعتمد على مدى قدرة الحكومات بوضع سياسات لمحاربة التطرف من الداخل الذي يمكن وصفه، بأنه لحد الأن مازال يمثل تحدياً لأجهزة الأمن والاستخبارات.

واقع التطرف في أوروبا

معظم منفذي الهجمات الإرهابية التي وقعت في أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية كانوا مواطنين أوروبيين ولدوا في أوروبا وتطرفوا دون مغادرة بلدانهم الأصلية. وقد حدد منسق الاتحاد الاوروبي لمكافحة الإرهاب إيلكا سالمي في 14 يناير 2022 ثلاث تحديات حول مشهد التهديدات الإرهابية والقضايا الملحة في أوروبا: الأول هو أن “الجهادية ” أو التهديد الإسلاموي الراديكالي لا يزال قائماً. ثانياً، التطرف اليميني، خاصة التطرف اليميني الأبيض العنيف، الذي بات أكثر بروزا في أوروبا. القضية الثالثة، بالطبع، هي تطور التكنولوجيا، إذ تساهم التكنولوجيا الجديدة في نشر خطاب الكراهية والتطرف أو المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت.

يأتي التهديد الأمني بشكل أساسي من أفراد ينفذون عمليات إرهابية بمفردهم ، وليس بالضرورة ان يكونوا مرتبطين تنظيميا بالجماعات المتطرف، اي تنفيذ عمليات إرهابي على غرار “الذئاب المنفرد” وهذا مايمثل تحديا لأجهزة الأمن. سجل المحققون في دول الاتحاد الأوروبي (15) عملاً إرهابياً ، وهو أقل بكثير مقارنة بعام 2020  عندما تم تسجيل (57) عملاً إرهابياً.

 تدابير لمحاربة التطرف والإرهاب

فرنسا : أعلنت السلطات الفرنسية انها أغلقت (23) مسجداً بمزاعم التطرف،  بعد إغلاق “مسجد اوبرناي” في منطقة باس رين في 29 سبتمبر 2022، وكان قد قدم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، يوم 28 ابريل 2021 أمام مجلس الوزراء مشروع قانون جديد مؤلف من (19) بنداً حول الاستخبارات ومكافحة الإرهاب،. ويستند على ترسانة من التدابير القائمة بالأساس، أعيدت صياغتها من أجل إرسائها في قانون. إحدى الخطوات ستكون فحص (76) مسجداً و إخضاع نحو (51) جمعية دينية للمراقبة. فيما يعد مشروع قانون تعزيز قيم الجمهورية 2020 أحد أكبر النصوص القانونية لولاية ماكرون، والذي يتكون من أربعة وخمسين بندا ويهدف إلى محاربة التطرف .

بريطانيا : أصدرت بريطانيا في السنوات الأخيرة بعض القوانين لمحاربة التطرف منها مثلاً: “مشروع قانون محاربة التطرف” الذي بموجبه تكون المساجد الحاضنة للمتطرفين عرضة للإغلاق، وقانون “المنع” للحد من تورط الأفراد والمجموعات في الإرهاب. وفي هذا السياق، قامت قوات الشرطة في المملكة المتحدة، بتدريب ضباط من برنامج “بريفينت” بشكل خاص يعملون جنباً إلى جنب مع منظمات أخرى لمساعدة الأشخاص المعرضين للتطرف على الابتعاد عن التطرف العنيف. كما طالب البرلمان البريطاني وزيرة الداخلية “بريتي باتل” في مارس 2021 بتقديم تقييم فوري للنشاطات الاقتصادية لدى جمعيات “الإخوان المسلمين” لغرض التأكد من عدم استخدامها في تمويل التطرف.

ألمانيا : تتبع ألمانيا نهجاً شاملاً لمواجهة التطرف العنيف من خلال الجمع بين الإجراءات الوقائية والاستباقية وموازنتها. و تم اعتماد مجموعة واسعة من الإجراءات للتعامل مع التطرف الإسلاموي او اليميني، حيث  تم إنشاء مركز معلومات وتقييم مشترك “غتاز” أو المركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب الذي يتعامل بشكل مركز مع قضية التطرف الإسلامي، حيث تتعاون (40) وكالة أمنية فيدرالية ومحلية، تشمل جميع الولايات في ألمانيا والبالغ عددها (16) ولاية.

قالت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر في يوليو 2022 إن هذا الشكل من التعاون بين الوكالات الأمنية الفيدرالية والمحلية يعد “أهم عنصر ” في مكافحة الإرهاب والتطرف، مضيفة أن المركز نجح في منع (21)هجوماً منذ تأسيسه عام 2004 فيما اعتبرته بـ “الإنجاز الكبير. ” ورغم هذا النجاح، إلا أن فيزر أقرت بأن السلطات الأمنية تأخرت كثيرا في التعامل مع (11) حالة أخرى، مما يدل على أن “مستوى التهديد لا يزال مرتفعاً”.  في نفس السياق، تُوجه انتقادات إلى أسلوب بناء الأجهزة الأمنية في ألمانيا، قال المحامي أولف بورماير والذي يرأس جمعية الحريات المدنية:  “إن التداخل بين الاختصاصات والمسؤوليات ينجم عنه مساوئ كبيرة لمنع أي خطر. وأدت المسؤوليات المتعددة لأجهزة الشرطة والسرية إلى نشر منهجي للمعلومات.. كثرة الطباخين تفسد الطبخة”.

ناقش البرلمان الألماني في 22 ابريل 2022 مشروع قانون يستهدف رصد مصادر تمويل منظمات “الإسلام السياسي”، وفي قلبها جماعة الإخوان الإرهابية. وكشفت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، في 14 يناير 2022 عن خطة عمل أمام البرلمان لمكافحة التطرف اليميني وسحب الأسلحة من المتطرفين. وعلى مستوى الاتحاد، تم اقتراح إجراء تعديل على قانون الانضباط الاتحادي لاستبعاد اليمينيين المتطرفين من الخدمة العامة بصورة أسرع مما هي عليه الآن.  واجراء حظر على الكلمات تحض على الكراهية والعنف في 24 مارس 2022، وقامت الشبكة الاجتماعية “TIKTOK” بحجب المشاركات التي تحتوي على كلمات باللغة الألمانية تتعلق بالنازيين الجدد.

وكان المستخدمون قادرون على نشر الكلمات الرئيسية المسيئة فيما وضعت برلين برنامجاً لإعادة تأهيل المتطرفين اليمنيين أطلقت عليه اسم “إيكاروس” في 16 مارس 2022، وهو برنامج تطوعي يتضمن منهجية علمية للأشخاص الذين يريدون التخلص من التطرف. ويتعين على الأشخاص الذين يطلبون المساعدة من أجل الانسحاب من مشهد تيار اليمين المتطرف.

بلجيكا : فرضت السلطات البلجيكية بدورها عدة إجراءات وقائية لمكافحة التطرف وأصدرت تشريعات وقوانين استهدفت المدانين في قضايا التطرف والإرهاب. بل وسعت إلى معالجة هذه التهديدات بشكل رقمى عبر منصات إلكترونية لمراقبة الدعاية الإرهابية على الشبكة العنكبوتية وكراهية الأجانب والعنصرية أو الكراهية . محاربة التطرف في أوروبا ـ الواقع والمخاطر

التطرف في السجون 

تشكل قضية التطرف في السجون وكذلك عند الإفراج وما بعده تحدياً أمنياً متزايداً. تخشى الحكومات أن يؤدي سجن المتطرفين السلامويين إلى منحهم الفرصة لتحويل زملائهم الآخرين إلى التطرف أيضاً. ومع ذلك، فإن وضعهم في وحدات خاصة – زنازين معينة أكثر تقييداً داخل السجون- يفضي بهم غالباً إلى أن يصبحوا أشد تطرفاً.

فرنسا : أنشأت فرنسا برنامج مكافحة النزوع إلى التطرف (deradicalization) يخضع خلاله المتطرفون الأسلامويون للإشراف من قبل فريق متخصص من ضباط المراقبة وعلماء النفس والاستشاريين ومتخصص الدراسات الإسلامية -غالباً من الشيوخ- الذين يسعون جميعاً إلى دفع هؤلاء المتطرفين إلى مزيد من الاعتدال وإعادة الاندماج في المجتمع.

مع ذلك، أبدى المشككون في جدوى البرنامج قلقهم من أنه يمثل محاولة غير واقعية لإعادة تثقيف المتطرفين، قبل تركهم يعودون إلى التطرف مرة أخرى. لكن المسؤولين في باريس يزعمون أن منهجهم يبدو فعالاً، إذا بعد ثلاث سنوات من إطلاق برنامج مكافحة النزوع إلى التطرف، لم يتورط أي من السجناء الذين خضعوا له في شبهة أو إدانة بارتكاب جريمة إرهابية أخرى.

ألمانيا : عملت زارة العدل الألمانية ووزارة الداخلية عن كثب مع الجهات الفاعلة غير الحكومية لتوفير برامج الفصل والانفصال للأفراد المتطرفين في السجن وبعد الإفراج من أجل ضمان الانتقال السلس من السجن إلى إعادة الإدماج. لهذا الغرض، تم إنشاء مؤتمرات متعددة الوكالات تختص بالحالات. ومع ذلك، فإن الإدارات ذات الصلة في مجلس الشيوخ تراجع إجراءاتها باستمرار لتحسينها وتعديلها حسب التغييرات.

بريطانيا : أخفقت مصلحة السجون البريطانية بإدراك مخاطر شبكات عمل الجماعات المتطرفة داخل السجون. ويقول المراجع المستقل لتشريعات مواجهة الإرهاب، جوناثان هول، ان مصلحة السجون فقدت دورها في المساعي الوطنية للحد من مخاطر الإرهاب”. وكانت مصلحة السجون البريطانية وبعد مراجعة سابقة، أنشأت ثلاثة مراكز فصل، وسجونا داخل السجون، بحيث يمكن إبعاد المتطرفين الأكثر نفوذا عن السجناء الآخرين.

تضم هذه المراكز الثلاثة: مركز فصل فرانكلاند بدائرة سجون صاحبة الجلالة، ومركز فصل وودهيل، ومركز فصل فول سوتون – بالإضافة إلى (28) مكاناً للسجناء المتطرفين. لكن (15) سجينا فقط دخلوا أحد هذه المراكز من بين أكثر من (200) نزيل في السجون بعد إدانتهم بموجب قانون الإرهاب. ويرجع ذلك جزئياً إلى العملية المعقدة لإحالة السجناء إلى مراكز الفصل والخوف من الطعن على قرارات الإحالة، بعد أن جادل البعض بأن ذلك ينتهك حقهم في الحياة الخاصة بموجب قانون حقوق الإنسان.

إعادة تأهيل الأئمة

فرنسا : تسعى فرنسا في جهودها لمحاربة التطرف للتخلص تدريجياً من الأئمة المبعوثين من دول أخرى، وتدريب أئمة محليين، فأقامت معهداً في ستراسبورغ في شرق البلاد لإعداد الأئمة وتمكينهم من الالتزام بأحكام النصوص الجمهورية وسياقها، ما سيتمثّل في إنهاء التعاون مع (300)إمام من تركيا والمغرب والجزائر. فيما تم الكشف في 3 سبتمبر 2022 عن أن وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، يعمل على إعداد قائمة تضم رجال دين مسلمين لإبعادهم، بعد قرار أعلى محكمة في باريس في 31 أغسطس ترحيل الإمام المغربي، حسن إيكويسن، الذي تحول إلى “عدو للجمهورية”.  كما أطلق ماكرون فى يناير 2019، “الجمعية الإسلامية للإسلام فى فرنسا”، والتى تعد مسؤولة عن مراقبة جمع التبرعات وجمع مداخيل ضريبة المنتجات الحلال، بالإضافة إلى تدريب واستقدام الأئمة.

ألمانيا : افتتحت الحكومة الألمانية بشكل رسمي في 15 يونيو 2021 برنامج حكومي ألماني لإعداد الأئمة المسلمين. وكانت المستشارة الألمانية دعت إلى اعتماد برنامج لإعداد الأئمة اعتبارا من العام 2018 أمام النواب. وأكدت “هذا الأمر سيجعلنا أكثر استقلالية وهذا ضروري من أجل المستقبل”.

بالجيكا : سحبت بلجيكا منتصف سبتمبر 2022 اعترافها الرسمي ودعمها المالي لما يسمى بـ”منفذية مسلمي بلجيكا”. والتي تتولى تعيين أئمة يتقاضون رواتبهم من وزارة العدل ومعلمين للدين الإسلامي في برنامج المدارس الابتدائية والثانوية. وذلك بعد اتهامها طوال شهور بخضوعها للتدخل الأجنبي وعدم استقلال قرارها وإخفاقاتها المتتاليةوقال وزير العدل البلجيكي، المسؤول عن شؤون العبادة، فانسان فان كويكنبورن، إن هذه الهيئة ستُحرم من الآن فصاعداً من الاعتراف الرسمي بها ومن دعمها المالي الذي بلغ (639) ألف يورو في عام 2021.

بريطانيا : لم تسلط بريطانيا الضوء على مسألة إعداد الأئمة كثيراً، حيث كانت مساعيها محدودة فلم يلاحظ عنها أية إجراءات ميدانية حول معاهد مختصة في تدريب الأئمة كالذي أقامتا ألمانيا مثلا فهي ربما ركزت ولا تزال كذلك على نواحي أخرى ولم تدرك بعد دور هذه المعاهد في محاربة التطرف والإرهاب. محاربة التطرف في ألمانيا ـ جدلية الإسلام والإسلام السياسي. ملف

عودة المقاتلين الأجانب

يشهد ملف عودة مقاتلي “داعش” الأوربيين من مخيمات الاحتجاز في سوريا انقساماً حاداً داخل دول أوروبا، إذ يرى البعض أنّ استعادة المقاتلين سيشكل تهديدات أمنية تتمثل في نشر التطرف وتسريع وتيرة الاستقطاب والتجنيد بهدف تنظيم هجمات إرهابية. وفي المقابل، يرى فريق آخر أنّ الخطر الأكبر هو ترك مقاتلي ““داعش” في مراكز الاحتجاز ما يعد بمثابة قنبلة موقوتة تستهدف أوروبا.

طبق الاتحاد الأروبي والدول الأوروبية العديد من الإجراءات والتدابير للتصدي للمقاتلين الأجانب والاستجابة للتهديد الإرهابي الذي يشكلونه. القوانين والتشريعات تلزم الدول الأوروبية بضرورة إعادة  مقاتليها الأجانب وأسرهم، وبالنظر إلى المعايير الأوروبية نجد أنه لا يوجد معيار ثابت يتم تطبيقه على العائدين. وتفكر معظم الحكومات الأوروبية لاسيما هولندا وألمانيا في إعادة مقاتليها الأجانب وذويهم  إلى أراضيهم على أساس “كل حالة على حدة” ، وغالبًا ما كانت الدول الأوروبية مستعدة فقط لإعادة الأيتام إلى أوطانهم بمبدأ كل حالة على حدة. بينما اتبعت الحكومة البريطانية سياسة انتزاع الجنسية البريطانية من المواطنات اللواتي طالبن بالعودة بعد سقوط “داعش” باعتبارهن “تهديدا للأمن القومي ولا ينبغي السماح لهن بالعودة”.

أعلن الاتحاد الأوروبي في فبراير 2022  تعزيز دور اليوروبول في إصدار تنبيهات إعلامية عن المقاتلين الأجانب. واقترح اليوروبول أن تدخل الدول الأعضاء في نظام معلومات شنغن المعلومات الواردة من دول خارج الاتحاد الأوروبي بشأن المقاتلين الأجانب. والذي سيمكن الضباط على الحدود الخارجية للاتحاد وداخل منطقة شنغن من استخدام هذه المعلومات بشكل مباشر.  ملف: المقاتلون الأجانب ـ مساعي أوروبية جديدة لاستعادة النساء والأطفال

فرنسا : أعادت فرنسا  في بداية يوليو 2022 (35) قاصرا و(16) أمّاً، في ما يشكّل أول مجموعة تعاد إلى البلاد بهذا الحجم منذ سقوط “خلافة” الدولة الإسلامية في العام 2019، ولا يزال نحو (165) طفلاً و(65) امرأة من الجنسية الفرنسية عالقين في معسكراتما استدعي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإدانة فرنسا في 14 سبتمبر 2022 بسبب عدم إعادتها عائلات جهادييّن فرنسيين من سوريا. وسيتعين على باريس دفع (18) ألف يورو لإحدى العائلتين من المدعين و (13200) يورو للأخرى لتغطية التكاليف والنفقات.

السويد : شكلت فرنسا والسويد في يناير 2022 فريق تحقيق مشتركا للمساعدة في محاكمة مقاتلي تنظيم داعش الذين ارتكبوا جرائم في سوريا والعراق بهدف التنسيق طويل الأمد للتحقيقات والمشاركة السريعة للمعلومات والأدلة، في تحديد أنسب الاختصاص القضائي للمقاضاة وتقديم المشورة لمنع الإجراءات القانونية المتعددة ضد الجناة لنفس الجريمة، وبالتالي تجنب خرق ما يسمى مبدأ “عدم المحاكمة على الجرم نفسه”.

ألمانيا : عملت ألمانيا على إعادة أغلب مقاتلي داعش الألمان خاصة الأطفال وأمهاتهم، وقد تستكمل العملية هذا العام. وقد أنشأت ألمانيا من أجل المقاتلون الأجانب العائدين وحدة استراتيجية في وزارة الداخلية والرياضة في مجلس الشيوخ، والتي تنسق الجهود المتعددة الوكالات في مجال الانفصال وفك الارتباط وإعادة الإدماج في هذه الحالات الخاصة للغاية. كحلقة وصل بين المؤسسات الوطنية والمحلية وكذلك الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، فإنه يضمن حدوث التعاون الأمثل.

الدنمارك : بدأت السلطات الدنماركية في أبريل 2022، التخطيط لإجلاء (5) أطفال دنماركيين من أبناء مقاتلي داعش في مخيم الروج دون إجلاء أمهاتهم. قرر الحزب الاشتراكي الديمقراطي منعهن من العودة. وفي حال حضرت الأمهات إلى الدنمارك، فسيتم ملاحقتهن وسجنهن بسبب انتمائهن إلى تنظيم “داعش” ، وكذلك فصلهن عن أطفالهن.

محاربة الدعاية المتطرفة

جعلت تقنيات الاتصال عبر الإنترنت من السهل على الجماعات المتطرفة التواصل عبر الحدود وضخمت الدعاية المتطرفة وانتشار التطرف. تستخدم الجماعات المتطرفة وسائل التواصل الاجتماعي والشبكة المظلمة للتطرف والتجنيد والتحريض على العنف وتسهيل تنفيذ الهجمات الإرهابية. استخدام الجماعات المتطرفة على مدى السنوات القليلة الماضية ، تطبيقات المراسلة المشفرة ، مثل WhatsApp أو Telegram ، على نطاق واسع لنشر الدعاية المتطرفة ولتنسيق الهجمات والتخطيط لها.

أعتمد الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يوم 7 يونيو 2022 لائحة معالجة نشر المحتوى المتطرف عبر الإنترنت  في الاتحاد الأوروبي والتي سبق ان اصدرها الاتحاد في 29 أبريل 2021 . وبموجبها تتمتع السلطات المختصة في الدول الأعضاء بصلاحية إصدار أوامر الإزالة لمقدمي الخدمات المستضيفة التي تطالبهم بإزالة المحتوى المتطرف أو تعطيل الوصول إليه في جميع الدول الأعضاء. سيكون للسلطات المختصة في الدول الأعضاء سلطة إصدار أوامر الإزالة لمقدمي الخدمات التي تطالبهم بإزالة المحتوى الإرهابي أو تعطيل الوصول إليه في غضون ساعة واحدة .

أنشأ اليوروبول في عام 2015، وحدة خاصة لمعالجة الدعاية المتطرفة على الإنترنت. تهدف وحدة الإحالة عبر الإنترنت في الاتحاد الأوروبي (EU IRU) إلى اكتشاف المحتوى المتطرف العنيف والتحقيق فيه عبر الإنترنت ودعم الدول الأعضاء في هذا الشأن.

عملت الوحدة في أواخر عام 2019 ، مع تسعة مزودي خدمة عبر الإنترنت ، بما في ذلك Telegram و Google و Files.fm و Twitter و Instagram ، لتفكيك شبكة الدعاية لتنظيم داعش. أزالت الوحدة حوالي (5000) حساب وبوت إرهابي من Telegram وحده، وقد سعى “الجهاديون” لإعادة بناء شبكاتهم منذ ذلك الحين.

أطلق الاتحاد الأوروبي شبكة التوعية بالتطرف (RAN) ، وهي شبكة تضم أكثر من (6000) ممارس في الخطوط الأمامية من جميع أنحاء أوروبا ، مثل المعلمين وضباط الشرطة وموظفي السجون ، والتي تعزز تبادل أفضل الممارسات. يهدف عملهم إلى تحسين فهم سبب كون بعض الناس أكثر عرضة للتطرف، وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها لحمايتهم.

جمع منتدى الإنترنت التابع للاتحاد الأوروبي بين دول الاتحاد الأوروبي ومنصات الإنترنت واليوروبول والأوساط الأكاديمية والشركاء الدوليين منذ عام 2015. يوفر منصة لتبادل المعلومات حول اتجاهات وتطور استخدام الجماعات المتطرفة للإنترنت، وكذلك – منذ عام 2019 – لمعالجة الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت.

التقييم

إن التطرف والإرهاب في أوروبا، اصبح محلياً وغير مستورداً، فجميع العمليات التي شهدتها دول أوروبا هي من الداخل ومن مواطني دول اوروبا او حاصلين على الوضع القانوني.

أدت الإجراءات والتدابير الأوروبية الحثيثة والمتناسقة لمحاربة التطرف إلى إحباط العديد من الهجمات الإرهابية وحجب المواقع الإلكترونية المتطرفة،  وتسهيل نزع سلاح اليمينيين المتطرفين وتسريع استبعادهم من قطاع الخدمات العامة.

نجحت فرنسا خلال أخر ثلاث أعوام بتشخيص “جذور التطرف” في فرنسا وشخصت مصادر التهديدات الداخلية، المتمثلة بالإسلام السياسي ـ جماعة الاخوان المسلمين،  ولو كانت متأخرة. هناك مأخذ على فرنسا، أنها تعتمد دوماً، على الوسائل الصلبة في محاربة التطرف، بنشر الشرطة والجيش ورفع حالة التأهب، أكثر من اعتماد الاستخبارات في حصر وتتبع العناصر الخطرة.

بالرغم من الجهود الأوربية في مكافحة الإرهاب، هناك تحدياً كبيراً لأوروبا يتعلق بمكافحة التطرف محلياً داخل القارة الأوروبية، يعود إلى ما قدره بـ”تنامي في أعداد المتطرفين بأوروبا وانتشار السلفية “الجهادية” تحديداً.

تخلق الحرب في أوكرانيا تهديدات للأمن الأوروبي، إذ يحذر الخبراء من أن المتطرفين من الاتحاد الأوروبي الذين انضموا إلى الحرب يمكن أن يصبحوا مشكلة عند عودتهم إلى الاتحاد الأوروبي.

إن استمرار احتجاز المقاتلين الأجانب دون محاكمات وآليات واضحة لحل مشكلتهم واستخدام “سحب الجنسية” فعلياً، باعتبارها ألية أمنية للحد من العودة الى أوطانهم، قد تكون سبباً في عودة التنظيم للنشاط، انطلاقاً من مراكز احتجاز مقاتليه الحالية التي يمكن أن تتحول إلى أكاديميات تغذي الفكر المتطرف بين المحتجزين، خاصة المراهقين، وهذا مؤشر خطر محدق.

وبالتالي، ما ينبغي العمل عليه، معالجة عنصرين رئيسين لحل هذه المعضلة الأمنية انطلاقاً من لم الشمل العائدين وعائلاتهم، ونزع التطرف. تحتاج أوروبا اليوم إلى وضع سياسة مشتركة بشأن العائدين، فالسياسات الحالية متفاوتة نظراً لانقسام مواقف دولها بين الرفض الشديد لتلك النداءات، والاستجابة البطيئة لاستعادة أعداد قليلة من المقاتلين في سوريا والعراق.

بات متوقعاً، إن تكون سياسات وتشريعات الاتحاد الأوروبي تحديداً و كذلك أوروبا، ان تكون أكثر شدة، في تعقب الدعاية المتطرفة ونشر التطرف، عبر الإنترنت أو المنابر او المراكز التي تتخذ الدين واجهة لأنشطتها.

يبقى التطرف في أوروبا محلياً خلال هذه المرحلة وللمستقبل القريب، بسبب جملة عوامل أبرزها تنامي الجماعات المتطرفة، و “الجماعات المتطرفة الجديدة” وهو وصف أطلقته  بعض أجهزة الاستخبارات الأوروبية على الإفراد والجماعات التي تحرض على التطرف والتي ممكن اعتبارها بأنها اخطر من العناصر والمجموعات التي تنخرط بالتطرف، إضافة إلى تصاعد شعبية اليمين المتطرف وخطاب التمييز والعنصرية.

مكافحة التطرف أوروبيا بحاجة إلى معالجات فكرية عميقة، وموارد وتطبيقات تتعلق بنزع أيدلوجية التطرف من المقاتلين الأجانب العائدين من دول سوريا والعراق.

حكومات أوروبا بحاجة إلى المزيد من التواصل مع مشيخة الأزهر الشريف، ودار الأفتاء المصرية ، كذلك الاستفادة من تجارب بعض دول المنطقة بتفكيك الخطاب المتطرفة ومعالجات  لاسيما وأن أوروبا تفتقر إلى الفهم الأيدلوجي إلى النصوص الإسلامية وتفسيرها.

 

الهوامش

الإرهاب: تحذيرات من الفشل في منع التطرف داخل سجون بريطانيا
https://bbc.in/3T1312i

أين وصلت ألمانيا في مكافحة خطر “الإرهاب الإسلاموي”؟
https://bit.ly/3RX4wgS

تأهيل الأئمة داخل ألمانيا.. لقطع الطريق على “الأجندات” الخارجية
https://bit.ly/3Tkv9NA

بلجيكا تسحب اعترافها ودعمها عن هيئة لمسلمي البلاد بسبب خضوعها للتدخل الأجنبي
https://bit.ly/3CUZP2P

Après Iquioussen, Darmanin prêt à dégainer une longue « liste » d’imams à expulser
https://bit.ly/3TfY0CO

EU rights court orders France to re-examine refusal to repatriate jihadi brides
https://bit.ly/3enEDcp

EU measures to prevent radicalisation
https://bit.ly/3MrDAV6

نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

.

رابط المصدر:

https://www.europarabct.com/%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a7-%d9%80-%d8%aa%d9%82%d9%8a%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M