5 مليارات شخص يواجهون الموت في حالة اندلاع حرب نووية

هاني زايد

حذرت دراسة أجراها فريق بحثي دولي بقيادة علماء المناخ في جامعة “روتجرز” الأمريكية من أن أكثر من 5 مليارات شخص حول العالم سيموتون جوعًا في حالة اندلاع حرب نووية واسعة النطاق بين الولايات المتحدة وروسيا.

ووفق الدراسة التي نشرتها مجلة “نيتشر فوود” (Nature Food) اليوم “الإثنين”، 15 أغسطس، فقد قام الباحثون بـ”تقدير إنتاج المحاصيل في مرحلة ما بعد الصراع”.

بدايةً، ينفي آلان روبوك –أستاذ علوم المناخ في قسم العلوم البيئية بجامعة روتجرز، والمؤلف المشارك للدراسة- في تصريحات لـ”للعلم” وجود أي نوع من المبالغة فيما يتعلق بعدد الأشخاص الذين يمكن أن يلقوا حتفهم في حالة اندلاع حرب نووية شاملة بين الولايات المتحدة وروسيا.

عواصف نارية

يقول “روبوك” لـ”للعلم”: ليست هناك أي مبالغة، ففي الواقع، لقد استخدمنا بيانات منظمة الأغذية والزراعة التي كانت متاحةً عام 2010، كان عدد سكان العالم -آنذاك- 6.7 مليارات شخص فقط، وارتفع عدد سكان العالم منذ ذلك الحين بأكثر من مليار شخص، وتخبرنا البيانات التي توصلنا إليها شيئًا واحدًا، وهو أنه يجب علينا منع حدوث حرب نووية على الإطلاق.

بناءً على الأبحاث السابقة، عمل الباحثون بقيادة “روبوك” والمؤلفة الرئيسية في الدراسة “ليلي شيا”، الأستاذ في قسم العلوم البيئية في روتجرز، على حساب مقدار السخام الذي يحجب أشعة الشمس والذي سيدخل الغلاف الجوي من جرَّاء العواصف النارية التي يمكن أن تشتعل عن طريق انفجار الأسلحة النووية.

وقدَّر الباحثون انتشار السخام الذي قد ينتج من جرَّاء اندلاع خمس حروب متنوعة الصغر بين الهند وباكستان وحرب كبرى بين الولايات المتحدة وروسيا بناءً على حجم الترسانة النووية لكل بلد، ثم أدخلوا هذه البيانات على قاعدة بيانات تُعرف باسم “نموذج نظام الأرض المجتمعي” (CESM)، وهي أداة للتنبؤ بالمناخ يدعمها “المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي”، وساعدهم ذلك في تقدير إنتاجية المحاصيل الرئيسية (الذرة والأرز والقمح الربيعي وفول الصويا) على أساس كل بلد على حدة، كما درس الباحثون التغيرات المتوقعة في مراعي الماشية وفي مصايد الأسماك البحرية العالمية.

وأوضحت النتائج أنه “حتى في حالة اندلاع أصغر سيناريو نووي، كما هو الحال بالنسبة لاندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان، فقد انخفض متوسط إنتاج السعرات الحرارية على مستوى العالم بنسبة 7% في غضون خمس سنوات من الصراع، أما في حالة حدوث أكبر سيناريو حرب تم اختباره -وهو نزاع نووي شامل بين الولايات المتحدة وروسيا- فقد انخفض متوسط إنتاج السعرات الحرارية على مستوى العالم بنحو 90% بعد ثلاث إلى أربع سنوات من القتال”.

اضطرابات شديدة

ويشير الباحثون إلى أن “انخفاض المحاصيل سيكون أكثر حدةً في البلدان المصدِّرة الرئيسية مثل روسيا والولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى فرض قيود على الصادرات ويسبب اضطراباتٍ شديدةً في البلدان التي تعتمد على الاستيراد في أفريقيا والشرق الأوسط”.

وخلص الباحثون إلى أن “هذه التغيرات ستؤدي إلى اضطراب كارثي في أسواق الغذاء العالمية، وحدوث انخفاض عالمي بنسبة 7% في غلة المحاصيل، وهو ما يتجاوز أكبر انخفاض سُجل على الإطلاق منذ بداية سجلات المراقبة لمنظمة الأغذية والزراعة في عام 1961، وفي ظل أكبر سيناريو للحرب، فإن أكثر من 75% من سكان الكوكب الأرض سيتضور جوعًا في غضون عامين”.

تقول “شيا”: العمل المستقبلي يعطينا مزيدًا من التفاصيل حول نماذج المحاصيل، فعلى سبيل المثال، سيتم تدمير طبقة الأوزون بسبب تسخين طبقة الستراتوسفير، مما ينتج عنه مزيدٌ من الأشعة فوق البنفسجية، ونحن بحاجة إلى فهم هذا التأثير على الإمدادات الغذائية.

ويعمل علماء المناخ في جامعة كولورادو -الذين شاركوا في الدراسة أيضًا- على إنشاء نماذج السخام التفصيلية لمدن معينة مثل واشنطن، فضلًا عن إعداد قوائم جرد لكل مبنى من أجل الحصول على صورة أكثر دقةً لمقدار الدخان الذي سينتج.

ليس تهويلًا

يقول “روبوك”: لدى الباحثين بالفعل معلومات أكثر من كافية ليعرفوا أن اندلاع حرب نووية من أي حجم سيقضي على أنظمة الغذاء العالمية، ويقتل مليارات الأشخاص، ولا يجب أن يتعامل أحدٌ مع ما نقوله على أنه تهويل، فإذا كانت الأسلحة النووية موجودة، فإن هذا يعني أنه يمكن استخدامها، ولا ننسى أن العالم اقترب من الحرب النووية عدة مرات.

ويضيف: حظر الأسلحة النووية هو الحل الوحيد طويل الأمد، وقد صادقت 66 دولة على معاهدة الأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة النووية، التي يبلغ عمرها خمس سنوات (تم فتح التوقيع على المعاهدة في الأمم المتحدة في نيويورك في 20 سبتمبر 2017، ودخلت حيز التنفيذ في 22 يناير 2021)، لكن لم تصادق عليها أي من الدول النووية، لقد علمتنا التجارب أن الوقت قد حان لتلك الدول التسع من أجل الاستماع إلى العلم وبقية العالم والتوقيع على هذه المعاهدة.

الشتاء النووي

وردًّا على سؤال مجلة “للعلم” حول كيفية إقناع صناع القرار في الدول النووية بالانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، يقول “روبوك”: ليتني أعلم كيف يمكن ذلك، إننا نبلغ العالم بعواقب استخدام الأسلحة النووية، ونأمل أن يكون ذلك حافزًا لهم للعمل على حظرها، وفي ثمانينيات القرن الماضي، استمع الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان والرئيس الروسي الراحل ميخائيل جورباتشوف إلى العلماء الأمريكيين والروس الذين انتهوا إلى أن استخدام الأسلحة النووية سيؤدي إلى شتاء نووي (برودة مناخية واسعة الانتشار تنتج عن الآثار المحتملة للحرب النووية على ظروف جوية مثل تلك التي تحد من مقدار ضوء الشمس الذي يصل إلى سطح الأرض)، ما دفعهم إلى إنهاء سباق التسلح النووي.

ويتابع: في ذلك الوقت، كانت هناك مظاهرات حاشدة في الدول الديمقراطية ضد الأسلحة النووية، لكنني لا أراها اليوم، آمل أن يكون الجمهور أيضًا مدفوعًا بنتائجنا، لقد صادقت 66 دولةً بالفعل على معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية، ويمكنك أن ترى أن مصر ليست واحدةً من هذه الدول، وكلما زاد عدد الدول الموقعة، زادت قوة الضغط على الدول النووية من أجل الانضمام إلى المعاهدة.

*أُجريت الدراسة بالتعاون مع باحثين من مؤسسات في جميع أنحاء العالم، تتضمن جامعة برشلونة المستقلة، وجامعة ولاية لويزيانا، ومعهد بوتسدام لبحوث التأثيرات المناخية، ومعهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا، وجامعة كولومبيا، والمركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي، وجامعة كولورادو بولدر، وجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا.

 

.

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/reports/32192

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M