المشروع السياسي للسيد السيستاني

بهاء النجار

رغم ان مكتب السيد السيستاني بين عن طريق معتمده في كربلاء السيد احمد الصافي قبيل الانتخابات البرلمانية التي اجريت مؤخرا في 30 نيسان 2014 بأن الوقوف على مسافة واحدة لا تعني الوقوف بين الصالح وغيره – حسب تعبيره – وإن كان هذا الموقف لم يرض البعض لانه يرى ان تحديد الصالح وفق وجهة نظر المرجع ام وجهة نظر الناس ؟! على اعتبار ان البشر مختلفون في وجهات النظر فضلاً عن اختلاف وجهة نظر العالم عن وجهة نظر العوام ، وهذا مما يزيد المشهد تعقيداً .
رغم ذلك الموقف فإن الكثيرين كانوا يطالبون ببيان سبب عدم دعم او توضيح اكثر لمواصفات المرشح الاصلح والانزه والاكفأ ، فالمواطن لم يتمكن من تحديد هذه االمواصفات طيلة عشر سنوات مضت بدليل صعود السيئين والوضع الامني والخدمي السيء للغاية رغم صرف اكثر من 700 مليار دولار خلال هذه الفترة ، اي بمعدل 70 مليار دلار للسنة الواحدة ، وهذا ما اكده معتمدا السيد السيستاني في كربلاء خلال العقد المنصرم .
ولاجابة المعترضين سنفترض دعم مرجعية السيد السيستاني للمرشحين او قوائم او مواصفات معينة لبعض المرشحين وتوجه الناس لانتخابهم وبالتالي فوزهم ، فإذا أخفق هؤلاء المدعومون من مرجعية السيد السيستاني ألا يلقون اللوم والمسؤولية على مرجعية السيد السيستاني ؟ وفي ظل غياب آلية متابعتهم ومحاسبتهم او استبدالهم ان تطلب الامر فإن بقاءهم سيحسب على مرجعية السيد السيستاني وبالتالي سوف لن يقدم دعم مرجعية السيد السيستاني لمرشح او كتلة اي خدمة للمواطنين بل بالعكس ستؤثر سلباً على المواطن و على مرجعية السيد السيستاني على السواء .
ورب سائل يسأل لماذا لا توضع آلية لمحاسبة ومتابعة واستبدال اولئك المرشحين ؟ والجواب هو ان وضع آلية لذلك يعني ان هناك مشروع سياسي وهذا الامر غير ثابت بالنسبة للسيد السيستاني فلا يوجد في تراثه ولا تراث مكتبه ان هناك مشروعاً سياسياً ، وما يؤكد ذلك ان رؤية السيد السيستاني لولاية الفقيه الممنوحة له من قبل المعصومين سلام الله عليهم هي مقيدة و محدودة وهي المعروفة بالولاية الحسبية ، إذ لا يراها عامة وواسعة او مطلقة كما عند بعض الفقهاء المصلحين امثال السيد الخميني والسيدين الصدرين قدس الله ارواحهم جميعاً .
هذه الولاية الخاصة والمحدودة هي النمط السائد للولاية في حوزة النجف ومنهم باقي المراجع المعروفين بالمراجع الاربعة ( الحكيم والفياض والنجفي اضافة الى السيستاني) هذا فضلاً عن استاذهم السيد الخوئي قدس سره ، لذا فمحاولة اقحام مرجعية السيد السيستاني في الجانب السياسي الى حد تحديد المرشحين ومتابعتهم وتبني مشروع سياسي معين هذا أمر لا فائدة منه ، ربما هذه المحاولة نجحت في ان يتبنى الشيخ بشير النجفي دعم قائمة وبعض المرشحين ( حوالي 15 مرشح ضمن قائمة المواطن التي يقودها عمار الحكيم ) وتحريم انتخاب المالكي في هذه الانتخابات .
ولكن دعم النجفي للحكيم لا يعني وجود مشروع سياسي للاول بنفس الدليل الذي سقناه سابقاً مع مرجعية السيد السيستاني ، وحتى لو فرضنا وجود مثل هذا المشروع فإنه غير ناجح عملياً لان المرجعية ليست هي من أسّس القائمة وأشرف على تشكيلها ودخلت الجهات السياسية تحت مظلتها ورعايتها ، وان ما حصل العكس فقد أدخل الشيخ النجفي مرشحيه في قائمة المواطن وكأنه احد الكيانات او الشخصيات السياسية المؤتلفة مع المجلس الاعلى ، وبالتالي فإن أي تلكؤ من قبل كتلة المواطن سواء على المستوى التشريعي او الرقابي او الحكومي فإن ذلك يوقع مرجعية النجفي ومرشحيها في حرج امام الناس عموماً وانصاره ومقلديه خصوصاً ، وحتى مرشحو مرجعية النجفي يمكن ان يتملصوا ويفلتوا من مراقبة ومتابعة الجهة المرشحة بسبب غياب الالية الفعالة لذلك .
ان خبرة المجلس الاعلى السياسية التي امتدت لاكثر من ثلاث عقود بشكل منظّم بحيث يمكن القول ان المجلس الاعلى اكثر الاحزاب الاسلامية تنظيماً ، ودعم مالي كبير لا تعرف مصادره وعدم الالتزام بثوابت ومبادئ دينية معينة والتزامهم الاساسي بالمصالح السياسية فأهدافهم سياسية بحتة رغم واجهتم اسلامية ، مقابل ذلك خبرة سياسية بدائية لمرشحي مرجعية النجفي اضافة لحداثة تجربة مرجعية النجفي في السياسة وبهذا المستوى مع انعدام تنظيم عمل مرشحي مرجعية النجفي وعدم وضوح برامج عملهم والاساس الذي تبتني عليه علاقاتهم ، كل هذا يجعل سطوة المجلس الاعلى ونفوذه اقوى بكثير من مرشحي مرجعية النجفي الذين لم يتجاوز عددهم الـ15 مرشح وبالتالي قد لا يفوز منهم اكثر 5 اشخاص ، فاذا افترضنا صحة توقعات حصول كتلة المواطن على 40 مقعداً تقريباً للدورة القادمة فإن ممثلي مرجعية النجفي سيذوبون بشكل او باخر ضمن كتلة المواطن وبالتالي سوف لن يمثلوا مرجعية النجفي بقدر تمثيلهم لسياسات المجلس الاعلى وعمار الحكيم .
فبالنتيجة المشروع السياسي  هو آلية عمل متكاملة ومنضبطة ومعلنة ومدروسة من قبل الجهة التي تطرحه وتسيطر عليه بكل تفاصيله ، لا ان ينضوي ضمن برنامج سياسي لحزب سياسي اياً كان ذلك الحزب ، وهذا غير متحصل لدى المراجع الاربعة في النجف الاشرف ، بل يمكن القول وعلى نفس الأساس ان المراجع الاربعة ليس لديهم ايضاً مشروع اقتصادي أو غيره ولو على مستوى النظرية وسنبحث هذا الموضوع اذا وقفنا على مصادر تدلنا على ذلك .
.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

1 Comment

  1. عزيز الخزرجي

    و يبقى الشعب العراقي الفقير المسكين في هذا الوسط يدفع ضريبة الجهل بسبب رأي هذا المرجع و ذاك المرجع و هذه الكتلة و تلك الكتلة و هذه الشخصية و تلك الشخصية .. لعدم وجود منهج واضح لديهم للأسف لبيانه للعراقيين الذين يعيشون مرحلة الموت الأحمر !
    هل هذا هو دين محمد و علي و أهل البيت(ع)!؟
    تباً لعقول التي لا تعرف الفرق بين حكومة إسلامية تريد تطبيق آيات الله؛
    و حكومة مدنيّة لقيطة تطبق آراء هذا و ذاك في مجتمع إسلامي محافظ!

    الرد

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M