حزب الدعوة .. الوكيل الحصري لرئاسة الوزراء في العراق

بهاء النجار

بعد سقوط نظام صدام عام 2003 برزت قوى دينية وليبرالية معارضة للنظام السابق لإدارة الملف السياسي في البلاد ، وكانت القوى والأحزاب الدينية هي الأقوى والأبرز في المشهد السياسي العراقي كون الشارع العراقي أصبح ذا توجه ديني إسلامي بعد الصحوة الإسلامية التي نهض بها السيد الشهيد محمد الصدر والذي اغتاله نظام صدام عام 1999 ، فأراد الشعب العراقي ذو التوجه الديني أن يسد الفراغ القيادي بشخصيات إسلامية فاختار بعض الأحزاب والقوى الإسلامية التي لها صدى إعلامي ومنها حزب الدعوة الإسلامية الذي أسسه السيد الشهيد محمد باقر الصدر عام 1958 ولم يستمر دعمه له فترة طويلة .
ولا أعرف الأسباب الحقيقية والمباشرة لإعطاء رئاسة الوزراء لأول حكومة مؤقتة منتخبة بعد 2003 للدكتور إبراهيم الجعفري الذي كان وقتها الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية (المقر العام) ، رغم أن فرص فوز مرشحي المجلس الأعلى كانت أكبر كونهم أقرب لمرجعية السيد السيستاني – كما يُعلن – ولهم ممثلون في المجلس الوطني المؤقت وقتئذ يضاهي بل ويزيد على ممثلي حزب الدعوة (المقر العام) خاصة إذا ضممنا إليهم أعضاء منظمة بدر .
على كل حال صار الجعفري أول رئيس وزراء مؤقت منتخب للعراق وهو الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية (المقر العام) ، وبعد انتهاء هذه المرحلة رُشِّح لرئاسة الوزراء مرة أخرى فرفضه الكرد بسبب سياسته معهم – كما يدّعون – فصارت الاتفاقات السياسية كحل وسط للأزمة السياسية آنذاك أن يكون المالكي (والذي كان معروفاً بـ(جواد المالكي) ) رئيساً للوزراء باعتباره أحد أعضاء حزب الدعوة الإسلامية (المقر العام) .
فلما حقق المالكي انتصارات ضد جيش المهدي (السلاح العسكري للتيار الصدري) في وسط وجنوب العراق بتأييد سياسي من قبل أغلب الأطراف العراقية وحتى الدولية والإقليمية تمكّن من تحقيق نتائج كبيرة في انتخابات عام 2009 المحلية وانتخابات عام 2010 التشريعية ، واستمر هذا التمسك برئاسة الوزراء من قبل حزب الدعوة الإسلامية (المقر العام) الى عام 2014 ودخول الانتخابات البرلمانية في ذلك العام بالقائمة المعروفة بإسم (دولة القانون) ، ووفق النتائج المسربة غير الرسمية من قبل وكلاء الكيانات السياسية وبعض المؤسسات المراقبة للانتخابات فإن حزب الدعوة الإسلامية (المقر العام) يقول بأن قائمة (دولة القانون) التي يرعاها حققت أصواتاً تمكنه من الحصول على أكثر من 100 مقعد .
هذه التسريبات – إن صحت – فإن هذا يعني أن البلاد ستدخل في أزمة تزيد على سابقاتها ، فإذا كانت كتلة المالكي أكثر من 100 مقعد فإن هذا يعني أن كتلته هي الأكبر نيابياً ويكون من حقها الدستوري ترشيح رئيساً للوزراء بعد تسمية ذلك من قبل رئيس الجمهورية الجديد ، وبما أن أغلب الكتل السياسية من غير دولة القانون لها اعتراضات شديدة ضد نوري المالكي تصل الى حد وضع الخطوط الحمراء – التي انتشرت في الآونة الأخيرة – عليه وهذا يضع أمام المالكي خيارين :
– أن يصرّ على ترشيح نفسه باعتبار استحقاقه الانتخابي وإرادة ناخبيه : وهذا يعني أن يضم الى ائتلافه مجموعة من الكتل والأعضاء ليكوّن أغلبية مريحة يستطيع من خلاله تشكيل حكومة ، ولكن هذا طبعاً على حساب وحدة التحالف الوطني الذي لم تصرّح دولة القانون لحد الآن موقفها من وحدته بعكس باقي أطراف التحالف .
– أن يحافظ على وحدة التحالف الوطني ولكن يجب أن ترشح دولة القانون مرشحاً آخراً غير نوري المالكي لأن باقي مكونات التحالف الوطني مثل كتلتي المواطن والأحرار لا ترغب بتجديد ولاية المالكي لمرة ثالثة .
ومن وجهة نظري أن الاحتمال الثاني – بغض النظر عن الرغبات السياسية لهذا أو ذاك – هو الأقرب للواقع خاصة إذا تدخلت أطراف خارجية مثل إيران في الضغط على المالكي ، وبالتالي فإن ترشيح شخص آخر غير المالكي سيكون بالتاكيد من قياديي حزب الدعوة باعتبار قيادة ائتلاف دولة القانون بيد الحزب .
فنعود الى حزب الدعوة ورئاسة الوزراء للمرة الرابعة على التوالي …. فما السر ؟!!!

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M