آثار متنوعة: الحدّ من هدر الطعام وتحقيق الأمن الغذائي

سالي عاشور

 

يشهد العالم معدلات مرتفعة من الكميات الكبيرة من الغذاء التي لا يأكلها البشر، وهو ما يحمل آثارًا سلبية كبيرة، حيث يُشير تقرير مؤشر نفايات الأغذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2021 إلى أن حوالي 931 مليون طن من نفايات الطعام يتم هدره، 61 % يأتي من المنازل والأسر، بينما 26 % يأتي من خدمة الطعام، و13 % من البيع بالتجزئة.

إنّ هدر الأغذية له آثار بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة؛ حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 690 مليون شخص يعانون من الجوع في عام 2019، بالإضافة إلى ثلاثة مليارات شخص غير قادرين على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي. كما تشير التقديرات إلى أن 8-10٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ترتبط بالغذاء الذي لا يتم استهلاكه.

وبالتالي، فإن الحد من هدر الأغذية من شأنه أن يساعد في تحقيق المزيد من الأمن الغذائي ويعمل على تضييق الفجوة الاستهلاكية للعديد من السلع، وتوفير ما يكفي من الطعام الصحي والمغذي للتغلب على مشكلات الجوع وسوء التغذية، وبالتالي يقلل الجوع ويوفر الأموال في أوقات الركود العالمي، كما يحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

نسب هدر الطعام عالميًا

أظهر مؤشر نفايات الأغذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2021 أن متوسط نصيب الفرد عالميًا من بقايا الطعام يصل إلى 74 كلجم سنويًا، مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى تحسين واسع النطاق لمعالجة المشكلة.

ويعكس الشكل التالي توزيع هدر الطعام في مختلف دول العالم في عام 2021، والذي يتضح من خلاله أن الصين تُهدر ما يقدر بنحو 91.6 مليون طن من الغذاء سنويًا، بينما تهدر الهند 68.8 مليون طن، ولكن فيما يخص النفايات المنتجة للفرد يرتفع متوسط نفايات الفرد في أستراليا والتي بلغت 102 كجم في السنة، بينما يرتفع هذا إلى 59 كجم في الولايات المتحدة ويقدر بنحو 50 كجم من الطعام سنويًا.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أنَّ فقدان الطعام أثناء الحصاد يمثل مشكلة لجميع دول العالم، وليس فقط الدول منخفضة الدخل، التي قد لا تمتلك التكنولوجيا والموارد لتقليل الخسائر، فقد أشار تقرير منظمة الفاو إلى أن الدول النامية تعاني من خسائر غذائية أكبر أثناء الإنتاج الزراعي، بينما في الدول ذات الدخل المتوسط ​​والمرتفع تزداد نفايات الطعام على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك.

في هذا السياق، يتم إهدار 8% من الأغذية عند الحصاد، و14% وهي في طريقها إلى سوق التجزئة (أثناء النقل أو التخزين أو المعالجة)، و7% على مستوى البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية، وما يقرب من 40% من جميع الأغذية المنتجة لا تصل أبدًا إلى الأفراد الأكثر حاجة.

هدر الطعام وتفاقم المشكلات البيئية

يُطلِق كل جزء من سلسلة الإمداد الغذائي الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ حيث تُستخدم الطاقة في زراعة الطعام وتخزينه ومعالجته ونقله وطهيه. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الطعام المهمل الذي ينتهي به المطاف في مكبات النفايات في هذه الغازات، كما أنَّ إنتاج اللحوم (خاصة لحوم البقر) يطلق كميات هائلة من غاز الميثان بسبب إطلاق الغازات من الأبقار.

هذا، ويمثل نظام الغذاء العالمي ما يصل إلى 30% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهدر الطعام جزء من هذا، وتقدر البصمة الكربونية لنفايات الطعام بنحو 3.3 مليارات طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي سنويًّا.

من جانبها، أفادت “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” (Food and Agriculture Organization)، بأنه إذا كانت نفايات الطعام دولة لكانت ثالث أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

كما ينعكس هذا الهدر على فقد كميات كبيرة من المياه المستخدمة في الزراعة، حيث يبلغ الحجم الإجمالي للمياه المُستخدمة كل عام لإنتاج الغذاء المُهدر 250 كم مكعب، كما يمثل هدر نحو 1.4 مليار هكتار من الأراضي بما يعادل نحو 28% من المساحة الزراعية في العالم. كما لا يتمّ تحويل سوى نسبة منخفضة من الأطعمة المُهدرة إلى سماد بدون أيه استفادة منها.

هدر الطعام في مصر

يُشار إلى أن أكثر من 25 ٪ من القوى العاملة في مصر تعمل في قطاع الزراعة. ويمكن أن تؤدي الإجراءات المتخذة للحد من الفاقد والهدر في المنتجات الزراعية، مثل التقنيات المحسنة، وتحسين التداول لما بعد الحصاد، وعمليات التصنيع، ووجود قنوات تسويقية أفضل، إلى تطوير سلاسل القيمة وزيادة الدخل ونمو القطاع الزراعي.

وتُشير الإحصاءات الحديثة إلى أن الخسائر الناتجة عن فقد وهدر الأغذية على امتداد سلاسل القيمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدر بما يزيد على 60 مليار دولار أمريكي سنويًا، وتبلغ حصة الفرد 250 كلجم سنويًا. وفي مصر، يبلغ حجم الفاقد والهدر في الغذاء ما يترواح بين 15-45 % حسب نوع المحصول، بما يؤكد أهمية وضرورة تنفيذ مشروع متكامل لتقليل الفاقد والهدر في الغذاء ولضمان الأمن الغذائي.

جدير بالإشارة أن منظمة الفاو بالتعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وبتمويل من الوكالة الإيطالية للتعاون والتنمية، بدأت في تنفيذ عدد من المشروعات تستهدف سلاسل القيمة الغذائية لمحصولي الطماطم والعنب في النوبارية، ومحصول الطماطم في الشرقية، حيث قام بتوفير حزمة من الدعم التقني والتسويقي ورفع قدرات جمعيات المزارعين والجهات الفاعلة في سلسلة القيمة الغذائية.

 

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/19736/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M