الأزمة الروسية الأوكرانية فرصة للسياحة المصرية

رحمة حسن

 

دائمًا ما كانت صناعة السياحة هي الأكثر تأثرًا بالأحداث السياسية العالمية، باعتبارها صناعة عابرة للحدود، ويعُد عنصر الأمن والأمان هو محور السفر، ولكن كان لقرار حذر الطيران الروسي ومنع تحليق الطائرات الروسية في العديد من الدول، وما يقابلها من قرارات روسية، بالإضافة إلى ما أدت إليه العمليات العسكرية في أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي على سحب الرعايا الأوكرانيين من الدول المستقبلة للسياحة الروسية عقب حذر الطيران في الأجواء الأوكرانية، بالغ الآثر على أكبر سوقين من الأسواق المصدرة للسياحة في مصر، وخاصةً عقب قرار سحب السائحين الروس من دول العالم تحسبًا لقرارات الإغلاق.

وكانت شركة “أورال إيرلاينز” الروسية، قد قررت إلغاء رحلاتها المقررة إلى مصر للفترة من 14 مارس إلى 20 مايو المقبل، ومع قرار روسيا استئناف رحلات الطيران إلى 10 دول في مقدمتهم مصر اعتبارًا من 25 مارس الجاري على متن Superjet 100 والتي ستقلع من سوتشي، يمكننا طرح الآثار المترتبة على أكبر سوقين مصدرين للسياحة المصرية، وما مدى تأثير هذه القرارات على السياحة المصرية وتباعتها على دول الجوار، والبدائل المتاحة لتحويل هذه الازمة إلى فرصة.

تأثير الأزمة على قطاع السياحة

لم يلبث القطاع السياحي التعافي من تأثيرات جائحة كورونا، واستئناف حركة الطيران الروسي إلى مصر في أغسطس 2021، حتى جاءت الأزمة الحالية لتلقي بظلالها على القطاع السياحي، فتأثر السوق السياحي الروسي والأوكراني بالعوامل التالية: 

أزمة كورونا: فقد انخفضت أعداد السائحون الروسيون بالفعل على مستوى العالم بنسبة 58.9٪ بسبب جائحة كورونا للفترة من يناير حتى سبتمبر 2021 مقارنةً بنفس الفترة لعام 2019، وفقًا لموقع “Russian Travel Digest“، وانخفضت أعداد السائحون الأوكرانيون إلى 11.3 مليون سائح عام 2020، من 29,4 مليون سائح لعام 2019.

الأزمات الاقتصادية: أثرت الأزمات الاقتصادية على أعداد السائحين المغادرين من السوق الروسي؛ وأثر انخفاض سعر الروبل عقب الأزمة الأوكرانية الروسية عام 2014 على الحركة السياحية من السوقين، فقد اختفت روسيا في عامي ( 2015-2016) من قائمة أفضل 10 دول مصدرة للسياحة بسبب أزمة العملة، وانخفض عدد السائحون الأوكرانيون بنحو 24,5% في العام التالي للأزمة.

التوجه للسياحة الداخلية والدول المجاورة: تؤثر الأزمات الاقتصادية والأوضاع الأمنية والقرارات السياسية على تغير وجهة السائحين الروسيين، والتي تعيد وجهتها إلى الاعتماد على السفر الداخلي أو البلدان المجاورة عن طريق السفر البري والتخييم وتغير وجهات السفر كما حدث مع توقف حركة الطيران الروسية إلى مصر عام 2015، كما أدت التوترات السياسية إلى تقليص عدد البلدان التي يشعر فيها السائحون الروسيون بالأمان كما حدث في الخلاف الدبلوماسي بين روسيا وتركيا الذي انتهى بمنع وكالات السفر الروسية من بيع الرحلات إلى تركيا بعد أن أسقط سلاح الجو الروسي طائرة حربية روسية بالقرب من الحدود مع سوريا.

ومع وصول العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة، توالى فرض هذه الدول للعقوبات على روسيا منذ عام 2014 بسبب الأزمة الأوكرانية وضم شبه جزيرة القرم، وبالتالي ستصبح الوجهات الآمنة باهظة في ظل انخفاض سعر الروبل، وعليه ستشهد الوجهات طويلة المدى انخفاض أكبر في عدد الزيارات ومدة الإقامة فوفقًا لاستطلاع آخر في فبراير 2021، فتتراوح مدة الإقامة للسائحين الروس من (4 إلى 14) يوم حتى عقب انتهاء العمليات العسكرية واستعادة حركة الطيران، هذا إلى جانب العمل على دعم الاقتصاد الروسي من خلال تكرار ما حدث عام 2014 حيث حث الرئيس فلاديمير بوتين الروس على قضاء الإجازات في منازلهم، وأمر حكومته بإيجاد سبل لدعم صناعة السياحة المحلية.

أما عن السائح الأوكراني فيفضل الوجهات الأقرب له فوفقًا لإعلان وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة  الأوكرانية، فاحتلت بولندا المركز الأول للدول الأكثر تفضيلًا للسياح الأوكرانيين عام 2018 بنحو 4 مليون و810 ألف شخص، تليها روسيا  ثم المجر، ومولدوفا وبيلاروسيا. وجاءت سلوفاكيا بعد مصر وتركيا.

تعطل النقل الجوي والبحري: أثر الوضع الأمني والتنافس السياسي في محاولة عزل الدولة الروسية عن العالم من خلال قرار وقف حركة الطيران الدولي وحظر الطيران في المجال الجوي الأوكراني،  وما قابله من فرض السلطات الروسية قرار حظر شركات الطيران من الوصول إلى مطاراتها؛ والنصيحة بمغادرة الأراضي الروسية والأوكرانية نظرًا للأوضاع الأمنية المتردية، ففور بدء الجيش الروسي العمليات العسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير، حذرت وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي (EASA) شركات الطيران من التحليق فوق منطقة الحرب أو بالقرب منها، وامتد هذا التحذير إلى المجال الجوي لمولدوفا وبيلاروسيا.

وسيبقى التحذير ساري المفعول لمدة 90 يومًا، ما لم تعد الوكالة تقييم الوضع الأمني، واكتفت الدول بإصدار تحذيرات ونصائح للسفر لمواطنيها، إلا أنه لم يصدر قرار بحظر السفر من وإلى روسيا من تلك الدول، فقد حثت دول أوروبية عديدة رعاياها على مغادرة أوكرانيا، ونصحت فرنسا والولايات المتحدة مواطنيها بالخروج من روسيا، ولا تشجع ألمانيا السفر إلى روسيا، وتحذر صراحة من التوجه إلى جنوب البلاد والحدود مع أوكرانيا. إلا أنه مازال مسموحًا بمغادرة البلدين أو السفر إليهما عبر الدول الحدودية والمسارات المشتركة؛ مما يضعنا أمام سيناريو استعادة الحركة فور استعادة الأمن وتغير شكل التحالفات السياسية.

وبجانب التأثيرات السلبية على قطاع الطيران لدول الجوار والدول الأوروبية نتيجة ارتفاع تكلفة الرحلات المارة من المجال الجوي لمنطقة النزاع من تكلفة وقت ووقود وفقًا لموقع “دويتش فيله“، فأُلغيت الرحلات البحرية، وبدأت خطوط الرحلات النرويجية إلغاء جميع الرحلات إلى روسيا، بعد فترة وجيزة من العمليات العسكرية في أوكرانيا، وتلتها مجموعة توي كروز TUI Cruises وMSC Cruises وAIDA Cruises، إذ تم وقف الرحلات لميناء سان بطرسبرج هذا العام، وكذلك ألغت شركة Phoenix Reisen، وهي وكالة ألمانية تقدم رحلات بحرية في المحيط والنهر ، الجولات على طول نهر الفولجا في روسيا في أبريل ومايو.

كيف سيتأثر القطاع السياحي المصري؟

الحركة السياحية: تُعد السوق السياحية الأوكرانية والروسية من أكبر الأسواق المصدرة للسياحة في مصر بأعداد كبيرة؛ فاستطاع المقصد المصري أن يحتل المركز الرابع في تفضيلات السائحين الروس بحسب شركة الأبحاث الروسية “”AK&M، وبلغ إجمالي عدد السائحين الوافدين إلى مصر 272,323 ألف مسافر حتى سبتمبر 2021، ووصل إلى مصر فقط في الفترة من (أغسطس حتى ديسمبر 2021) وفقًا لتصريحات جيورجي بوريسينكو السفير الروسي بالقاهرة، نحو 700 ألف سائح عام 2021.

أما عن السوق الأوكرانية، فاحتل المركز الأول لدول أوروبا الشرقية المصدرة للسائحين إلى مصر في الفترة من يوليو 2018 حتى يونيو 2019، حيث وصلت إلى 1,364,227 سائح. وعلى الرغم من انخفاض النسبة لنفس الفترة للعام (2019/2020) بسبب جائحة كورونا بنحو 13,13% إلا أنها استمرت تحتل المرتبة الأولى في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، ووصلت إلى ما يقرب من 1,5 مليون سائح عام 2021 بحسب وكالة السياحة الأوكرانية، ومعظمهم من الشباب من جيل الألفية وجيل Z.

ومن ثم، فإن توقف الحركة السياحية قد يؤثر على إلغاء الحجوزات التي تمت بالفعل، والتأثر طويل المدى في حال استمرار الأزمة الحالية، وفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، خاصةً في ظل التعافي من تأثيرات جائحة كورونا.

الأسواق السياحية المجاورة: من المتوقع أن تؤثر الأزمة الحالية كذلك على حركة السياحة القادمة والوافدة من الدول المجاورة للسوق الأوكرانية والروسية، وخاصةً دولة بولندا الأكثر استقبالًا للاجئين الأوكرانيين، وبوصفها من الأسواق العشرة المصدرة للسياحة في مصر عقب الجائحة، ومثلت 4% من حجم السياحة القادمة إلى مصر عام 2020، إلى جانب “التشيك وسلوفاكيا والمجر ورومانيا ودول البلقان”.

المشاركة في المعارض السياحية: في ظل محاولة الدولة المصرية استعادة الحركة السياحية وفي ظل الخطة التنشيطية لاستعادة وضع ما قبل كورونا، يشارك قطاع السياحة في المعارض الدولية التي تجمع بين السلطات المحلية المسؤولة عن السياحة وأصحاب الأعمال؛ لتنفيذ برامج سياحية جديدة، والتعريف بالمقصد المصري، وإزالة العوائق التي تحد من الحركة السياحية.

وتحتضن موسكو خلال هذا الشهر معرضين كبيرين للسياحة يضمان كبرى شركات السياحة والمؤسسات الرسمية من المقاصد السياحية المختلفة، وكانت قد أعلنت هيئة تنشيط السياحة المصرية قبل الأزمة عن المشاركة في عدة معارض دولية في روسيا والدول المتاخمة لها مثل معرض “هوليداي وورلد” بالتشيك و”بي آي تي” معرض وبورصة السياحة الدولي بميلانو بإيطاليا، وحضور مصر كضيف شرف في معرض “هاانج إكسبو” بالمجر، ومعرضي “إنتور ماركت  IntourMarketو”إم أى تى تى MITT” واللذين سيقامان بالعاصمة الروسية موسكو من نوعية B2B أي توفر لقاء مع كبرى الشركات والمؤسسات الحكومية العاملين في السوق الروسي والأسواق الاسرع نموًا وتوفر حملة علاقات عامة وإعلانات للمشاركين بها، وهو من أهم وأكبر المعارض السياحية التى يتم تنظيمها فى روسيا بمشاركة ٨٩٠ عارضًا من ١٢ دولة و٧٢ منطقة روسية حول العالم، ويصل عدد زائريه إلى ١٣ ألفًا و٦٥٠ زائرًا بحسب هيئة تنشيط السياحة.

وعلى الرغم من الأزمة الحالية وتوقف حركة الطيران، إلا أنه قد أقيم المعرض بالفعل في العاصمة الروسية موسكو، بمشاركة مصرية بحسب وزارة الخارجية المصرية، فيما اعتذرت بعض الدول من المشاركة مثل بلغاريا.

الإشغالات والأنشطة السياحية في المقاصد السياحية الساحلية: وفقًا لدراسة المركز التحليلي NAFI، فإن 78% من السائحين الروس يفضلون قضاء عطلاتهم في سياحة الشواطئ، بينما أوضح 32% التوجه نحو السياحة الثقافية وزيارة المعالم الأثرية والسياحية ضمن الزيارة، وهو ما ينعكس على رحلات اليوم الواحد إلى الأقصر واليوم الواحد الكلاسيكي في القاهرة والجيزة، وبالتالي انخفاض معدلات الطاقة الفندقية في محافظتي جنوب سيناء والبحر الأحمر خاصة مدينتي شرم الشيخ والغردقة، هذا إلى جانب تأثر قطاعي الغوص والسفاري.

وفي أعقاب وقف الطيران الروسي وحظر السفر في الأجواء الأوكرانية مرة أخرى وسحب السائحين الروس والأوكرانيين من الدول، وإعلان عدة شركات طيران تدير رحلاتها لصالح منظمي الرحلات السياحية الروسية عن تعليق رحلاتها مؤقتًا خوفًا من العقوبات الاقتصادية مثل شركات “Azur Air الشركاء الرئيسيون لمنظمي الرحلات السياحية Anex Tour وIntourist، وشركة Pegas Touristik”؛ فمن المتوقع أن تتأثر السياحة الشاطئية للمقاصد المصرية، وسياحة اليوم الواحد للسياحة الثقافية.

ومع تزامن فترة توقف تلك الرحلات مع أعياد الربيع الأوروبية “الإيستر” وخاصةً مع بداية أبريل المقبل، فمن المتوقع أن تشهد تلك المحافظات تحسنًا ملحوظًا في نسبة الإشغالات مع قرار عدد من شركات السياحة البريطانية زيادة رحلاتها إلى مصر عقب قرار الحكومة البريطانية إلغاء الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا.

المرشدون السياحيون: خاصةً مرشدي اللغة الروسية لرحلات اليوم الواحد ومندوبي الشركات السياحية، والذين لم يلبثوا أن يتعافوا من أثر أزمة سقوط الطائرة الروسية وتوقف الحركة السياحية لمدة 6 سنوات منذ عام 2015، مما أفقد القطاع العديد من الكفاءات.

بدائل لمواجهة تهديدات الأزمة الأوكرانية الروسية

على الرغم من تأثير الأزمة الحالية على أعداد السائحين المغادرين من روسيا وأوكرانيا، والتي قد تعيق فترات استئناف الحركة لمعدلاتها الطبيعية؛ إلا أن هناك بعض الفرص يمكن اقتناصها لزيادة المعدلات السياحية المصرية، من خلال البدائل التالية:

1. حال استئناف الحركة الروسية:

احتلت روسيا المركز السادس بين الدول الأكثر إنفاقًا على السياحة على مستوى العالم، فأنفق السائحون عام 2019 حوالي  36.3 مليار دولار في قضاء أوقات عطلاتهم، ومع تأثير الأزمات الاقتصادية يتجه السائحون الروس إلى السياحة الداخلية والبلدان المجاورة كبديل آمن وأرخص سعرًا. ومن المعروف أن السياحة الروسية تعتمد على الأعداد الكبيرة وليس الإنفاق المرتفع؛ فقد أنفق السائحون الروس 21,3 مليار دولار خلال عام الجائحة 2020 بنسبة 83% من حجم الإنفاق على السياحة طبقًا لبيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة، وبالتالي يمكن قياس مدى التأثير في العوامل التالي:

تعليق الرحلات: جاء الإعلان عن تعليق الرحلات لبعض الشركات العاملة مع منظمي الرحلات حتى مايو المقبل، فيما قررت روسيا استئناف رحلات الطيران إلى 10 دول في مقدمتهم مصر بدءًا من 25 مارس الجاري على متن Superjet 100 والتي ستقلع من سوتشي، ليؤثر على أعداد السائحين الوافدين.

الموسم السياحي الحالي: فيفضل السائح الروسي السفر خلال فصل الشتاء والذي يبدأ من أواخر أكتوبر حتى أواخر مارس، وبالتالي فإن قرار وقف الطيران لم يؤثر بشكل كبير على الموسم السياحي الحالي في محافظتي جنوب سيناء والبحر الأحمر فجاءت قرارات إلغاء الرحلات السياحية خلال مارس فقط. ولكن مع تحديد فترة الوقف حتى مايو المقبل وهي بداية فصل الصيف في روسيا -وهي الفترة التي تتمتع فيها روسيا بأكبر معدلات جذب للسائحين المحليين والدوليين الفترة من (مايو إلى أكتوبر)- فقد يؤثر على معدلات استعادة الحركة خلال هذه الفترة، ولكن تتزامن مع هذه الفترة احتفالات أعياد الربيع “الإيستر” في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، مما سيعطي زخمًا للإشغالات الفندقية في هاتين المحافظتين.

دول الجوار: من المتوقع أن تؤثر القرارات السياسية والأزمات مع الدول الأوروبية على موسم السياحة الروسية هناك، إذ جاءت فنلندا وبولندا وألمانيا وفقًا لموقع “statista” بجانب دول “جمهورية أبخازيا المعترف بها من روسيا، وتركيا وأوكرانيا وكازاخستان واستونيا والإمارات المتحدة وتايلاند” أهم الوجهات للسياحة الروسية في فترة توقف السياحة الروسية إلى مصر.

وهو ما يُعد فرصة أمام جذب مزيد من السائحين الروس في ظل فرض العقوبات الاقتصادية من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وما أظهره استطلاع للرأي أجرته “شركة Yandex“، المحرك البحثي الروسي، على 10 آلاف شخص في مارس 2021، باختيار 60٪ من السياح الروس لمصر، تلتها تركيا وتايلاند وعدد من دول أوروبا خاصةً إيطاليا وإسبانيا “كأكثر وجهات السفر المرغوبة”، وعادةً ما يسافر 77.2٪ من السائحين الروس؛ بغرض قضاء عطلة على الشاطئ، و17٪ من السائحين لأغراض طبية، وفقط 3% لأهداف ثقافية وتعليمية، وهو ما يوفره المقصد السياحي المصري؛ وبالتالي يمكن زيادة أعداد السائحين من خلال التالي:

– المشاركة في المعارض الدولية: مثل معرضي “انتورماركت وMitt” الروسيين خلال هذا الشهر، فوفقًا لدائرة الإحصاء بالبنك المركزي الروسي، بلغت تكلفة الخدمات المقدمة للسياح الروس المنظمين أثناء إقامتهم بالخارج في عام 2020 ما قيمته 1795.5 مليون دولار أمريكي.

– تعزيز الوجود الإلكتروني للشركات ووكلاء السفر: فوفقًا لاستطلاع رأي في فبراير 2021، اعتمد 44% من 1200 مبحوث على التخطيط للسفر عبر الإنترنت، و29% فضلوا التخطيط لرحلاتهم عبر وكلاء السفر، ومع تزايد حجم حجوزات السفر عبر الإنترنت بنسبة 40-50٪ سنويًا الناتج عن تزايد وكلاء السفر عبر الإنترنت وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي دفع المسافرين الروس إلى تنظيم الرحلات عبر الإنترنت.

ويجب التركيز على الدور الأكبر للمرأة داخل الأسرة بوصفها الأكثر تأثيرًا عندما يخطط الأزواج والعائلات لرحلاتهم، كما للمؤثرين دور في اتخاذ قرارات السفر، وبالتالي يمكن الاعتماد عليهم في الترويج لقضاء العطلات في مصر، مع التركيز على السياحة الشاطئية؛ إذ يفضل الروس قضاء عطلاتهم في سياحة الشواطئ، بينما أوضح 32% فقط التوجه نحو السياحة الثقافية وزيارة المعالم الأثرية والسياحية ضمن الزيارة. وكذا يمكن تقديم حوافز سفر للسائح الفردي Individual، والتأكيد على الاهتمام بالجولات البيئية في المنتجعات السياحية المصرية وفقًا لتغير توجهات السائحين عقب جائحة كورونا.

– تخفيض مدة الإقامة والعروض الترويجية للبرامج السياحية: لمواجهة الأزمات الاقتصادية وزيادة تكلفة الرحلة الناتج عن ارتفاع أسعار النفط عالميًا؛ فيمكن تقديم برامج سياحية مختلفة ومتنوعة، فتتراوح مدة الإقامة المفضلة للسائحين الروس من (4 إلى 14) يومًا، وهو ما يُعد  مناسبًا لجذب مزيد من السائحين، من خلال تقديم العروض الترويجية عبر الإنترنت لأسواق مستهدفة خاصةً لقاطني مدن “موسكو وسانت بطرسبرج وجمهورية تتارستان”، فبجانب بٌعد هذه المدن عن الأحداث الدائرة فإنه وفقًا للدراسات السياحية فقد جاءت وجهات السفر للروس من موسكو بنحو 84%، وسانت بطرسبرج 4٪، وأخيرًا جمهورية تتارستان (2،1٪).

2. في حالة استمرار العقوبات وغلق المجال الجوي: 

تؤثر عملية غلق المجال الجوي على تكلفة الرحلات من ناحية الوقت والمال باتخاذ طرق بديلة كما أوضحنا بالسابق، وهو ما يضعنا أمام استثمار تلك الأزمة في عدة جهات، يمكن طرحها في التالي:

الأسواق المجاورة: اتجهت الدولة المصرية إلى توسيع الأسواق السياحية من خلال التوجه لدول البلطيق والبلقان والمجر والتشيك، وهي ما يمكن استمرار التسويق السياحي لهم، والتعاقد مع تلك الأسواق –بعض هذه الأسواق تشترك في وضع عقوبات على روسيا- كممر للسوقين الأكبر “الروسية والأوكرانية” يعبر من خلالها السائحون إلى الدولة المصرية من خلال برامج سياحية مشتركة من خلال زيادة الطيران العارض لتلك الدول.

زيادة الأعداد من الأسواق الحالية: مع استمرار عمليات الإغلاق يمكن الإستفادة من الأسواق السياحية المصدرة للسوق السياحي الروسي والأوكراني، فوفقًا لبيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة WTTC، تسهم السياحة بنحو 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي الروسي والبالغ 75,5 مليار دولار لعام 2019 وانخفض إلى 2.7% عام 2020، وجاءت السوق السياحية الأوكرانية كأكبر خمس أسواق مصدرة للسياحة إلى روسيا عامي 2019 و2020، تلتها كازاخستان بنسبة 11% عام 2019 وزادت إلى 14% عام 2020، والصين بنسبة 7% عام 2019 وانخفضت إلى 5% عام 2020 ويمكن إرجاع ذلك إلى ظروف الوباء، وفنلندا وأذربيجان احتفظا بنسبة 4% على مدار العامين.

أما عن السوق الأوكرانية، فتأتي الأسواق السياحية المجاورة للأحداث الحالية وهم (مولدوفا وبيلاروسيا وروسيا الاتحادية والمجر وبولندا) من الأسواق الخمس الأكبر المصدرة للسياحة إلى أوكرانيا، فتسهم السياحة بنحو 6,3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي GDP عام 2019 البالغ (953.0 مليون دولار أمريكي).

وهو ما يضعنا أمام استثمار فرصة غياب التنافس الروسي وجذب تلك الدول، من خلال التعرف على أهمية هذه الأسواق للسوق المصرية، وحجم الطيران الوافد بين مصر وتلك البلدان، فبجانب المجر من الدول المصدرة لأوكرانيا، والصين باعتبارها من الاسواق الناشئة البديلة التي تم ذكرها في مقال سابق على موقع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، يمكن العمل على زيادة أعداد السائحين القادمين للمقصد المصري من دول كازاخستان وفنلندا وأذربيجان.

كازاخستان: فيخرج من كازاخستان نحو 5,9 مليون سائح عام 2019، وزاد حجم الإنفاق السياحي لتلك الدولة بنحو 826 مليون دولار عام 2020، وجاءت مصر كخامس أفضل الوجهات التي يفضلها السائح الكازخستاني بنحو 1% لعامي 2020 و2019، وقد أوقفت مؤقتًا شركة طيران أستانا الكازاخية مع روسيا بسبب الأزمة الحالية، ومع انتشار جائحة كورونا وقرارات تعليق حركة الطيران بين كثير من الدول، قررت شركات الطيران الكازاخستانية “إير أستانا” و”فلاي أريستان” و”سكات” استئناف الرحلات السياحية إلى شرم الشيخ من مدن “نور سلطان” و”ألماتي وشيمكنت” و”أتيراو وأكتوبي” و”أورالسك” و”كوستاناي” مطلع مارس الحالي.

فنلندا: تنتمي إلى دول أوروبا الشمالية المصدرة للسياحة إلى مصر، ولكن لا تتعدى أعداد السائحين 19,3 ألف سائح عام 2019، ويتجه السائح الفنلندي إلى الوجهات الأوروبية وعلى رأسها السويد، ثم روسيا الاتحادية وإستونيا وإسبانيا وألمانيا أو فرنسا، ويوجد أكثر من شركة طيران تسير خطوطًا منتظمة من هلسنكي إلى القاهرة أو الأقصر، واستقبلت مصر مؤخرًا عددًا من الصحفيين والشخصيات المؤثرة، وتم تنظيم زيارة لهم في جنوب سيناء في سانت كاثرين ودهب. وبالتالي لتسريع وتيرة جذب تلك الفئة من السائحين من الممكن إدخالها ضمن منظومة الطيران العارض، وهو ما يمكن تطبيقه أيضًا على أيرلندا وأيسلندا.

أذربيجان: يتجه السائح الأذربيجاني إلى وجهات روسيا الاتحادية وإيران وجورجيا وتركيا وكازاخستان، فقد وصلت أعداد السائحين المغادرين إلى 5,6 مليون عام 2019، وقد تم الإعلان عن تسيير رحلات الطيران من مدينة باكو إلى مدينتي القاهرة وشرم الشيخ فى يوليو 2019، مما يخفض مدة الرحلة من باكو إلى القاهرة من ١٤ ساعة إلى ٣ ساعات و٢٠ دقيقة، وهو ما سيسهم في استقطاب مزيد من السائحين.

إجمالا، تظهر الأزمات الحاجة إلى تنوع الاسواق السياحية والمنتجات السياحية من نايل كروز والرحلات البحرية الطويلة وربط المنتج السياحي الثقافي بالترفيه وسياحة المغامرات، وزيادة معدلات الجذب للأسواق الحالية لتجنب التأثير الآني. ولكن أظهرت الأزمة الحالية عددًا من الفرص يمكن العمل عليها من خلال وضعها ضمن الخطط السياحية الترويجية، وتسيير خطوط الطيران بين العديد من الدول من خلال برامج الطيران المنتظم والعارض لتوفير البدائل للأسواق الوافدة، وتوسيع الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص للحفاظ على المنتج السياحي المصري من تلك الصدمات، مع الأمل بأن تنتهي حالة عدم اليقين الحالية والتي تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/68298/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M