الاتفاقية العسكرية بين تركيا والصومال: مُجازَفَة محسوبة أم خطوة نحو المجهول؟

  • تُعَد اتفاقية إطار التعاون العسكري والاقتصادي بين الحكومتين التركية والصومالية، اتفاقية استثنائية غير مسبوقة لتركيا مع أي دولة، وجاءت موسَّعة بحيث تُعطي تركيا نفوذاً عسكرياً شبه كامل على الصومال، براً وبحراً وجواً.
  • الوجود العسكري الكبير في الصومال يمكن أن يكون ورقة مهمة بيد أنقرة في أي مفاوضات مستقبلاً مع الولايات المتحدة لتحديد مدى التعاون أو الخلاف بين الطرفين في الشرق الأوسط.
  • مع أن الاتفاق العسكري الموسع بين أنقرة ومقديشو قد يُطيح بخطط أديس أبابا لفتح ممر لها على البحر الأحمر، إلا أن أنقرة تعتقد بأن إثيوبيا لن تُفضِّل التضحية بعلاقاتها الجيدة مع تركيا في ظل خلافها المستمر مع مصر.
  • يظل تنفيذ بنود الاتفاقية العسكرية بين تركيا والصومال بشكل فعلي وعملي وفعال، رهناً بقدرات تركيا الاقتصادية والعسكرية، وقدرتها على مواجهة التحديات الناتجة عنها، وتحسين علاقاتها مع واشنطن.

 

في 8 فبراير 2024 وقَّع كلٌّ من وزير الدفاع التركي يشار غولر، ووزير الدفاع الصومالي عبدالقادر محمد نور، في أنقرة، اتفاقية إطار للتعاون الاقتصادي والعسكري بين تركيا وحكومة الصومال الفيدرالية. وتتسم هذه الاتفاقية بأنها استثنائية وغير مسبوقة لتركيا مع أي دولة، وجاءت موسَّعة بشكل يُعطي تركيا نفوذاً عسكرياً شبه كامل على الصومال، براً وبحراً وجواً.

 

مضامين الاتفاقية

لم يُكشَف في حينه عن تفاصيل الاتفاقية بالكامل، ونُشِرَ بعض بنودها فقط. ووفق ما جاء في وكالة الأناضول، فإن الاتفاقية، التي أكدت وزارة الدفاع التركية أنَّها جاءت بطلب من حكومة مقديشو، تهدف لدعم الصومال، ومساعدته في الحماية من التهديدات الخارجية، والإرهاب، والقرصنة والصيد البحري غير القانوني. وأعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، “أن الاتفاقية تهدف إلى إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين البلدين، وأن هذه القوة ستحمي سواحل الصومال ومياهه الإقليمية، وستستثمر في موارد الصومال البحرية لمدة عشر سنوات. هذه القوات المشتركة ستعمل فقط لمدة عشر سنوات، وبعد ذلك سيكون لدى الصومال قواته البحرية الخاصة التي ستتولى هذه المهمة”.

 

ووفق ما تسرَّب للإعلام من معلومات إضافية عن إطار هذه الاتفاقية المبدئية، فإنها تشمل أيضاً:

  1. إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية بين البلدين.
  2. ستبني تركيا وتبيع للصومال سفناً عسكرية، وسيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية، وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة.
  3. التعاون والتنسيق بين البلدين في مجال الملاحة البحرية والتجارة.
  4. ستنشئ تركيا للصومال قوات خفر سواحل.
  5. ستساعد تركيا الصومال على استخراج الموارد البترولية والغازية من مياهه الإقليمية.
  6. إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في الصومال (جوية وبحرية وبرية).
  7. ستساعد تركيا الصومال على حماية البيئة البحرية، ومنع التلوث.
  8. جميع هذه المنشآت والصناعات ستتولاها الشركات التركية، أو سيحصل الصومال على إذن أنقرة للتعاون مع شركات أخرى.
  9. فتح الأجواء الصومالية بالكامل للاستخدام المدني والعسكري التركي.
  10. سيتبع اتفاقية الإطار هذه اتفاقيات فرعية تُنظِّم عمل بنود الاتفاقية لاحقاً.

 

بالإضافة إلى كل ما سبق، أوردَ بعضُ وسائل الإعلام الأجنبية، عقب الإعلان عن الاتفاقية، أن تركيا ستستخرج البترول والغاز من المياه الإقليمية الصومالية لمدة عشر سنوات، وأن 30% من مدخول هذا الإنتاج سيذهب إلى تركيا، لتمويل المشاريع والصناعات التي ستقوم بها في الصومال، لكن الحكومة الصومالية، التي وقَّعت بالفعل مع الجانب التركي مذكرة تفاهم لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي، في 7 مارس 2024، نَفَت على لسان وزير النفط والثروة المعدنية، عبد الرزاق عمر محمد، تخصيصها نسبة 30% من إنتاجها النفطي المستقبلي لتركيا.

 

تسعى تركيا منذ سنوات لتوسيع نفوذها في القرن الأفريقي من خلال إقامة علاقات أقوى مع دول المنطقة (AFP)

 

مسار التصديق على الاتفاقية وتطوير بنودها 

صادق مجلس الوزراء الصومالي على اتفاقية التعاون العسكري مع تركيا في 21 فبراير 2024 دون أي تأخير، بينما بالنسبة لتركيا فإن المسار المتَّبع عادةً هو عرض الاتفاقية على البرلمان لمناقشتها، والتصديق عليها، ومن ثمَّ نشرها في الجريدة الرسمية.

 

لكن وفق الدستور التركي، فإن الاتفاقيات ذات البنود السرية، يمكن أن يُصادق عليها الرئيس مباشرة دون عرضها على البرلمان، وعلى الأغلب فإن أنقرة ستتبع هذا المسار من أجل الحفاظ على بعض البنود السرية التي تُفضِّل عدم الكشف عنها، أو أن الحكومة التركية قد تعرض الاتفاقية على البرلمان بعد مدة من الانتخابات البلدية الأخيرة، التي أُجريَت في 31 مارس، خصوصاً إذا ما احتوت الاتفاقية على بنود من شأنها أن تضع الجنود الأتراك في الصومال في خطر.

 

وبعد أسبوعين من توقيع اتفاقية الإطار بين الصومال وأنقرة، صادق البرلمان التركي على طلب من الحكومة التركية للسماح للقوات البحرية التركية بالعمل في السواحل الصومالية، وكذلك مضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، في إطار مشاركة تركيا ضمن القوات الأوروبية التي ستعمل على حماية الملاحة هناك ضد هجمات القرصنة والإرهاب.

 

دوافع الاتفاقية وموازنة أنقرة بين الصومال وإثيوبيا 

هناك عدة دوافع لعقد هذه الاتفاقية الموسعة والاستثنائية بين أنقرة ومقديشو، وقد ساعدت الظروف الإقليمية على تحقيقها بهذا الشكل. من أهم هذه الدوافع:

 

1. شعور الحكومة الصومالية بالخطر والقلق بعد توقيع أثيوبيا اتفاقية ميناء “بربرة” مع حكومة أرض الصومال في مطلع يناير 2024، وهي الاتفاقية التي تسمح باستئجار طريق برية من إثيوبيا إلى البحر الأحمر على سواحل أرض الصومال، واستخدام ميناء بربرة البحري من قبل إثيوبيا لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا باستقلال “أرض الصومال”. وقد أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في 7 يناير إصدار قانون يلغي هذه الاتفاقية التي تهدد وحدة أراضي بلاده، ووصفها بأنها “غير قانونية”. وجاء الموقف التركي مُتناغماً مع مقديشو، حيث أصدرت الحكومة التركية في 4 يناير بياناً جاء فيه “أن أنقرة تتابع بقلق توقيع اتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا لمد طرق برية وبناء ميناء بحري، وتؤكد أنقرة على ضرورة حماية وحدة الأراضي الصومالية، واحترام القانون الدولي، وضرورة حل الخلافات بين مقديشو وأرض الصومال من خلال الحوار الدبلوماسي”. وكانت أنقرة حاولت سابقاً التوسط بين الطرفين الصوماليين، لكن مقديشو تمسَّكت بموقفها المعلن برفض أي وساطة خارجية في هذا الملف الذي تعتبره خلافاً داخلياً، وفي المقابل وافقت مقديشو على طلب من أنقرة فتح قنصلية لها في أرض الصومال عام 2014. وعَبَّر المتحدث باسم الحكومة الصومالية عن ترحيبه ببيان الخارجية التركية، وقال إنَّه “تعبير قوي وصادق عن الدعم التركي لمقديشو”.

 

2. تسعى تركيا منذ سنوات لتوسيع نفوذها في القرن الأفريقي من خلال إقامة علاقات أقوى مع الصومال وإثيوبيا وجيبوتي، ولدى أنقرة قاعدة عسكرية في الصومال تستخدمها حالياً فقط لأغراض التدريب دون أي نشاط عسكري فعلي للقوات التركية فيها. وجاءت أزمة البحر الأحمر بعد استهداف الحوثيين في اليمن للسفن التجارية فيه بحجة دعم غزة، لتزيد من الوجود العسكري الدولي في تلك المنطقة، ما يعني بالنسبة لأنقرة زيادة التنافس على النفوذ في تلك المنطقة الحيوية. لذا فقد وجدت في طلب الصومال للدعم العسكري فرصة مهمة لزيادة نفوذها العسكري في المنطقة، دون الحاجة للانضمام إلى التحالف الأمريكي البريطاني، واستعداء الحوثيين هناك.

 

3. الدور العسكري لتركيا في سواحل الصومال قد يقود مستقبلاً لزيادة التعاون والتقارب بين تركيا وكُلٍّ من واشنطن وحلف الناتو أيضاً، فأنقرة تدرك أن الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة قد لا يكون دائماً، وأن واشنطن باتت تفضل الاعتماد على حلفائها في الشرق الأوسط لتأمين الاستقرار، لانشغالها بمواجهة الصين في الشرق. وعليه، فإنه في حال حصول تقارب مع واشنطن فإن الوجود العسكري التركي في الساحل الصومالي قد يكون ورقة مفيدة للتعاون بين أنقرة وواشنطن، من خلال مصلحة مشتركة تقوم على تأمين حرية الملاحة هناك، ومحاربة الإرهاب والقرصنة. إذ وقَّعت الولايات المتحدة في 14 فبراير مع الصومال اتفاقية لإنشاء 5 قواعد عسكرية هناك، لكن مع وجود قوات تركية بصلاحيات أوسع على الأرض الصومالية، فإن ذلك قد يُخفِّف العبء على واشنطن هناك، أو يُعطي تركيا ورقة ضغط تنافسية مع واشنطن في حال تراجعت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. وعليه، فإن الوجود العسكري الكبير في الصومال يمكن أن يكون ورقة مهمة بيد أنقرة في أي مفاوضات مستقبلاً مع واشنطن لتحديد مدى التعاون أو الخلاف بين الطرفين في الشرق الأوسط.  كما أن توسيع النفوذ التركي في الصومال سيُقوِّي موقف أنقرة في منافسة الصين لها في القرن الأفريقي.

 

في مقابل كل هذه الدوافع المهمة، تُدرِك أنقرة أن عليها أن توازن في علاقاتها مع كل من الصومال وإثيوبيا التي تنامت علاقاتها معها مؤخراً بشكل سريع وصل إلى حد توقيع اتفاقيات عسكرية. وإن كان الاتفاق العسكري الموسع بين أنقرة ومقديشو سيُطيح بخطط أديس أبابا لفتح ممر لها على البحر الأحمر، إلا أن أنقرة تعتقد بأن إثيوبيا لن تُفضِّل التضحية بعلاقاتها الجيدة مع تركيا في ظل خلافها المستمر مع مصر. وحتى لو أدى الاتفاق التركي الصومالي إلى تراجع العلاقات التركية الإثيوبية، فإن أنقرة تُفضِّل الإبقاء على علاقات أقوى مع الصومال وربما التضحية بعلاقاتها مع إثيوبيا إن اضطرت لذلك وهي لن تبادر إليه، وذلك لعدة أسباب، أهمها:

 

  • يتمتع الصومال بموقع جغرافي واستراتيجي أهم بالنسبة لتركيا من موقع إثيوبيا في القرن الأفريقي بسبب سواحلها الطويلة التي يبلغ طولها نحو 3 آلاف كيلومتر، وإطلالتها على مقربة من مضيق باب المندب الاستراتيجي.
  • ساعدت أنقرة إثيوبيا سابقاً في حربها ضد المتمردين التغراي الذين اتهمت أديس أبابا مصر بشكل غير مباشر بتسليحهم ودعمهم، وبالتالي فإن أنقرة أبدت حسن نواياها ورغبتها في التعاون مع إثيوبيا في وقت الشدة، وأنها تقوم الآن بنفس الدور مع الصومال لأهداف مشابهة، وليس بدافع الضغط على إثيوبيا. كما أن أنقرة ترى أن تقسيم الأراضي الصومالية من خلال اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال، سيسمح لإثيوبيا بالتعاون مع دول أخرى ويزيد من قوتها، مما قد يحد من حاجة إثيوبيا إلى تركيا. عدا عن أن مصر أعربت هي الأخرى سابقاً عن رغبتها في إنشاء قاعدة عسكرية في الصومال بهدف الضغط على إثيوبيا، وربما أيضاً لمواجهة مشروع إنشاء قاعدة عسكرية تركية في جزيرة سواكن السودانية. وطالما أن أنقرة تسعى للتقارب مع مصر، ولكن بحذر، فإن وجودها في الصومال أهم لها استراتيجياً من تعاونها التكتيكي مع إثيوبيا.
  • لتركيا علاقات أقدم وأوثق مع الصومال منها مع إثيوبيا، منذ أن ساعدت أنقرة واشنطن في تدخلها العسكري في الصومال عام 1993، وقد أنشأت تركيا قاعدة عسكرية لها بالقرب من العاصمة مقديشو عام 2017 هي الأكبر لتركيا في الخارج، بهدف تدريب القوات الصومالية ومساعدتها على محاربة الإرهاب. كما أن لعائلة الرئيس أردوغان، وبالتحديد صهره سلجوق البيرق، تعاملات تجارية مهمة مع الصومال، أهمها إدارة ميناء مقديشو البحري ومطار مقديشو الجوي. كما تقدم تركيا مساعدات إنسانية للصومال منذ العام 2011، وهبات مالية كان آخرها دفع هبة مالية بقيمة 30 مليون دولار عام 2021 استخدمتها الحكومة الصومالية في دفع جزء من رواتب موظفي الحكومة، بل وحتى نواب البرلمان.
  • تعتقد أنقرة أن ميزان القوة بين الصومال وإثيوبيا حاليا لصالح الأخيرة، وبالتالي فإن دعم أنقرة العسكري للصومال من خلال اتفاقية التعاون العسكري قد يدفع إثيوبيا لحل خلافاتها مع الصومال من خلال الحوار الدبلوماسي، مما يؤثر إيجابياً في خلافات مقديشو مع حكومة أرض الصومال مستقبلاً.
  • تعتقد أنقرة أن دعمها للصومال يأتي من خلال موقفها الثابت بضرورة احترام وحدة الأراضي الصومالية والقانون الدولي، وأن هذا الموقف لا يجب أن يزعج أديس أبابا من ناحية المبدأ.

 

وعليه، فإنه يمكن النظر إلى خطوة أنقرة بتوقيع الاتفاق العسكري مع الصومال على أنها مجازفة محسوبة في علاقاتها مع إثيوبيا، وحتى بقية الدول الداعمة لحكومة أرض الصومال مثل بريطانيا، من خلال التأكيد على أن الخطوة تأتي في إطار احترام القانون الدولي وحماية وحدة الأراضي الصومالية، وليست موجهة ضد أي طرف ثالث، وقد ساعدت مقديشو أنقرة في هذا الإطار من خلال تصريح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الذي أكد “أن هذه الاتفاقية لا تحوي أي أهداف عدائية مع أي دولة أخرى في المنطقة”.

 

الوجود العسكري التركي في الساحل الصومالي قد يقود مستقبلاً لزيادة التعاون مع واشنطن وحلف الناتو (Reuters)

 

المخاطر والعقبات المحتملة أمام تنفيذ الاتفاقية

للوهلة الأولى قد تبدو اتفاقية التعاون العسكري والاقتصادي الموسعة بين تركيا والصومال خطوة إيجابية للطرفين تقوم على مبدأ رابح-رابح، ومن خلالها أفشلت مقديشو مساعي حكومة أرض الصومال لكسب اعتراف إثيوبي باستقلالها، وفي المقابل تُحقِّق أنقرة عبرها وجوداً عسكرياً أوسع وأكبر من أيٍّ من منافسيها في منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية، إلى جانب إمكانية تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة في حال العثور على مخزون من النفط والغاز في سواحل الصومال. لكن تنفيذ الاتفاقية – الذي لم يُحدد تاريخه بعد – قد يضع أنقرة أمام تحديات وتهديدات عدة، أهمها:

 

1. احتمال تعرُّض الوجود التركي في الصومال لهجمات إرهابية، أو حتى جرّ تركيا إلى معركة مع حركة الشباب الإرهابية هناك قد تكون مؤلمة وطويلة، خصوصاً مع إعلان الحركة في بيان رفضها لهذه الاتفاقية واعتبارها باطلة، وأن الهدف منها هو توسيع الهيمنة التركية في المنطقة. وقد تعرَّضت المصالح التركية سابقاً لعدة هجمات من قبل حركة الشباب طالت سفارتها، ومكتب الطيران التركي، وعدداً من رجال الأعمال الأتراك، وقاعدتها العسكرية.

 

2. غموض مستقبل التوتر الحاصل حالياً بين الحوثيين والقوات الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر وباب المندب، واحتمال تعقُّد الأمور هناك أكثر. فعلى الرغم من رغبة أنقرة في عدم التعرض للحوثيين أو الدخول في مواجهة عسكرية معهم، إلا أن النفوذ التركي في القرن الأفريقي قد يدفع طهران إلى تحريك الحوثيين لاستفزاز القوات التركية هناك، وإزعاجها بهدف طردها من المنطقة. أو قد تجد أنقرة نفسها مضطرة لمواجهة الحوثيين في حال زيادة نفوذهم في المنطقة، وضربهم المصالح الصومالية في باب المندب.

 

3. للصومال سواحل طويلة على البحر ستحتاج حمايتها إلى قوة بحرية كبيرة، ومن غير المعروف إن كان لدى أنقرة القدرة على توفير هذه الحماية بشكل فعال لحين إنشاء قوة بحرية عسكرية صومالية لاحقاً، وهنا يُشير الأميرال التركي المتقاعد تركار ارترك إلى أن “توجيه السفن الحربية التركية إلى الصومال لحماية سواحله سيُضعف القدرة الدفاعية التركية في شرق المتوسط أمام الأطماع المتنامية لليونان بدعم أمريكي وفرنسي، ويجعل تركيا في موقف أضعف في شرق المتوسط وبحر إيجة، وأن توجيه سفن التنقيب التركية إلى سواحل الصومال يعني اعترافاً ضمنياً من أنقرة بتخليها عن التنقيب في شرق المتوسط واستسلامها للأمر الواقع، ناهيك عن أنه يضع حياة الجنود الأتراك في خطر في مواجهة الحركات الإرهابية هناك”.

 

والخلاصة، إن الاتفاقية العسكرية الاقتصادية الموسعة بين أنقرة ومقديشو تبدو طموحة للغاية، وقد تكون أكبر من قدرات تركيا على تنفيذها، وقد تكون خطوة لا يُكتب لها أن تكتمل، أو ستبقى جزئية، لتحقق أهدافاً سياسية عاجلة أهمها وقف محاولة انفصال إقليم أرض الصومال عن الصومال. ويبقى الباب مفتوحاً على تنفيذ بنود هذه الاتفاقية بشكل فعلي وعملي وفعال، لكنه رهنٌ بقدرات تركيا الاقتصادية والعسكرية، وقدرتها على مواجهة التحديات المذكورة أعلاه، وتحسين علاقاتها مع واشنطن.

 

المصدر : https://epc.ae/ar/details/brief/alaitifaqia-alaskaria-bayn-turkia-walsuwmal-mujazafa-mahsubat-am-khatwa-nahw-almajhul

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M