الاجتثاث والانتقام: حرب الرقائق الإلكترونية بين الصين والولايات المتحدة

تصاعدت حرب الرقائق الإلكترونية بين الصين من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى. وأفادت تقارير في 23 أغسطس 2023 أن عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي يبني شبكة سرية من مصانع الرقائق لتفادي تبعات حزمة قيود أمريكية فُرضت في 7 أكتوبر 2022 ضمن استراتيجية أوسع لخنق صناعة الرقائق الصينية. وكشفت تقارير أخرى أن الصين تجتذب سراً الكوادر المتخصصة من جميع أنحاء العالم لتعزيز صناعة الرقائق الإلكترونية لديها.

 

فما هي أبعاد الاستراتيجية الأمريكية لتقويض صناعة الرقائق في الصين؟ وما تدابير الصين للرد على تلك الاستراتيجية؟

 

حرب اجتثاث أمريكية على صناعة الرقائق الصينية

بدأت حرب الرقائق الأمريكية على الصين في عام 2018. كانت حرب الرقائق في البداية جزءاً فقط من الحرب التجارية الأوسع، وركزت حينها على عنصرين: مكافحة التجسس الصناعي/الاقتصادي؛ ووضع العوائق أمام استقطاب الصين المتخصصين من الخارج. لاحقاً، اتسعت القيود الأمريكية لتشمل شركات التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، التي لها علاقة بالجيش، تحسباً لتحقيق تقدم عسكري في التنافس مع الولايات المتحدة. وشملت العقوبات إدراج الشركات الصينية، وعلى رأسها هواوي، على “قائمة الكيانات” المحظورة التابعة لوزارة التجارة الأمريكية في عام 2019. وفي عام 2021، أضافت واشنطن سبع شركات حوسبة فائقة إلى القائمة. واليوم، يصل عدد الأشخاص والمؤسسات الصينية المدرجة على هذه القائمة إلى ألفين.

 

ويمكن اعتبار عام 2022 نقطة أساسية في تاريخ التنافس التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة. ففي أغسطس من ذلك العام، اعتمدت واشنطن قانون “الرقائق والعلوم” الذي، إلى جانب دعمه للشركات الأمريكية بميزانية تقترب من 53 مليار دولار، يحظر على تلك الشركات الأمريكية التوسع داخل الصين. وبالتزامن، وسَّعت واشنطن أيضاً “قائمة الكيانات”، وحظرت بيع معدات تصميم الرقائق المتطورة للشركات الصينية.

 

لكن يوم 7 أكتوبر 2022 سيظل نقطة التحول الرئيسة في حرب الرقائق، وربما في تاريخ التنافس الجيوسياسي. في هذا اليوم، أصدرت الولايات المتحدة حزمة قيود على صادرات التكنولوجيا إلى الصين شملت أنواعاً محددة من الرقائق المتقدمة، ومعدات تصنيعها، والمركبات الكيميائية الخاصة بتصميمها وتصنيعها. وتعرقل حزمة القيود الجديدة قدرة بيجين على بناء القوة الحاسوبية المطلوبة لتطوير قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي.

 

وعليه، شكلت التطورات في النصف الثاني من العام الماضي تغيراً في الاستراتيجية الأمريكية عما كان مُتبعاً خلال العقد الماضي.

 

أبعاد استراتيجية حرب الرقائق الأمريكية 

باختصار، تَعد واشنطنُ صناعةَ الرقائق وسيلةً لتحقيق غاية صينية، هي التنافس الرقمي والتحول إلى قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي. وهذا يفسر استهداف واشنطن لهذين القطاعين، خصوصاً في الصين. وعبّر عن ذلك وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، في خطاب في 17 أكتوبر الماضي، قائلاً “نحن عند نقطة انعطاف… لقد وصل عالم ما بعد الحرب الباردة إلى نهايته، وهناك منافسة شديدة جارية لتشكيل ما سيأتي بعد ذلك. وتكمن التكنولوجيا في قلب هذه المنافسة”.

 

تُعد سلاسل التوريد في صناعة الرقائق الإلكترونية معقدة ومتشعبة، ولا يمكن لأي شركة أو كيان أو دولة السيطرة وحدها على أحد مكونات سلاسل الإمداد التكنولوجية؛ من التصميم إلى التصنيع إلى التسويق والبيع والتشغيل. وتنطبق هذه اللامركزية أيضاً على سلاسل القيمة/الإنتاج: برامج التصميم، وحقوق الملكية، والمواد والمكونات الكيميائية، ومعدات التصنيع. وتُنتج هذه المكونات نظاماً شاملاً ومتعدداً لصناعة الرقائق مَبنياً من أجزاء يعتمد بعضها على بعض ضمن منظومة صناعية متكاملة.

 

وبناءً على ذلك، يمكن فهم أبعاد الاستراتيجية الأمريكية. من الناحية التقنية، تشمل العقوبات الأمريكية حظر تصدير الرقائق المتقدمة ومعدات تصميمها وتصنيعها المحتوية على مكونات أمريكية الصنع إلى الصين. ويشمل ذلك الرقائق ومعدات تصنيع رقائق معالجة المنطق (المسؤولة عن معالجة البيانات لتنفيذ مهام محددة) الأقل من 16 نانومتراً، ورقائق “درام” DRAM (ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية) الأقل من 18 نانومتراً، ورقائق “ناند” NAND (تكنولوجيا التخزين المحتفظة بالبيانات دون توصيلها بمصدر طاقة) ذات 28 طبقة أو أكثر.

 

من الناحية الاستراتيجية، رغم ضيق مجال العقوبات المعلنة في السابع من أكتوبر 2022، إلا أنها تشكل نقطة تحول في المقاربة الأمريكية التكنولوجية القائمة تجاه الصين منذ تسعينيات القرن الماضي، وفق ما يأتي:

 

  1. أعلنت القيودُ الجديدة انتهاءَ مركزية التنافس العسكري بوصفه محدداً للتنافس التكنولوجي. وبدلاً من ذلك، فرضت الولايات المتحدة حظراً تاماً يهدف إلى فصل الصين تماماً عن سوق الرقائق الفائقة العالمي.
  2. الانتقال من السماح لبيجين بالتقدم التكنولوجي البطيء، الذي يسمح للولايات المتحدة وحلفائها بالإبقاء على فارق جيلين (أربع سنوات) تكنولوجيَّين في المقدمة، إلى فرض سقف دائم ومنخفض على صعود الصين في مجال صناعة الرقائق الفائقة. بكلام أوضح، هذا يعني تدمير صناعة الرقائق الفائقة الصينية، وإخراج الفاعلين الصينيين من السوق.
  3. السماح لبيجين بالمشاركة في نصيب كبير في سوق الرقائق الأقل تطوراً. لكن حتى في هذا السوق، ثمة مؤشرات على اشتداد المنافسة مع الشركات الغربية.
  4. الاعتماد على التعددية الدولية في خنق صناعة الرقائق الصينية؛ إذ يصطف مع واشنطن اللاعبون الأربعة الكبار في مجال الرقائق: اليابان، وهولندا، وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى تايوان. وتعتمد الإدارة الأمريكية على الاتفاق الذي توصلت إليه مع هولندا واليابان في يناير الماضي للالتزام بالقيود الأمريكية، وخصوصاً مع شركتي تصنيع معدات صناعة الرقائق “أيه أس أم أل” (ASML) الهولندية و”نيكون” اليابانية. ويخلق ذلك فعلياً قطبان تكنولوجيان، ويُحفِّز/يُسرِّع “الانفصال” التكنولوجي بينهما.

 

ويعني ما سبق أن هدف الولايات المتحدة المعلن بات حرمان الصين من التقدم التكنولوجي، بينما تتبنى بقية دول العالم المتقدم خطوات واسعة للأمام. وصناعة الرقائق الفائقة هي العقدة الوحيدة بين الصناعات التكنولوجية التي لها تأثير واسع النطاق ومتشعب النتائج على كل الصناعات الأخرى، كالذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة ومراكز تخزين البيانات الذكية وغيرها، الضرورية لدعم اقتصاد متقدم.

 

اقرأ أيضاً: 

 

التحديات أمام الصين

تترك الإجراءات الأمريكية السابقة تحديات هائلة أمام صناعة الرقائق الصينية. أحد أهم هذه التحديات تقليص قدرة شركات تصنيع الرقائق داخل الصين على تحويل تصاميم الرقائق المتقدمة، التي قد تقدمها شركات التصميم المحلية، إلى رقائق. يرجع ذلك إلى الحظر المفروض وفقاً للقيود الأمريكية على شراء الشركات الصينية لمعدات وأدوات التصنيع المتقدمة. كما ينعكس ذلك على مصانع الرقائق الأجنبية التي لم يعد بإمكانها تصنيع الرقائق نيابةً عن الشركات الصينية. وتنطبق هذه الصعوبات أيضاً على معدات التصنيع، فلم يعد بإمكان المصنِّعين الصينيين استيراد معدات التصنيع القادرة على إنتاج رقائق فوق الحد المذكور في قائمة العقوبات الأمريكية.

 

وبناءً على التحديين السابقين، سيكون من الصعب تحويل أي تصميم لنموذج رقائق متقدمة صيني إلى مُنتج نهائي يُصنَّع بأعداد كبيرة وقابلة للتسويق والبيع. والسبب في ذلك حاجة الصين إلى الاعتماد على قدراتها المحلية في جميع سلاسل القيمة (سلاسل الإنتاج)، كي تتمكن من الوصول إلى هذه المرحلة، وهو ما سيتطلب سنوات طويلة وميزانيات هائلة، مع بقاء إمكانية عدم تحققه على الإطلاق.

 

وثمة تداعيات متعلقة بمنظومة تجاوز عدم تناسق سلاسل الإنتاج الصينية، فلم تعد هذه المنظومة متاحة بعد فرض العقوبات الأخيرة. فقد كانت الشركات الصينية تعتمد على شركات محلية متقدمة في مرحلة إنتاج معينة (النقش)، وتعتمد على شركات أجنبية لتعويض النقص في مرحلة أخرى (الطباعة). ووفقاً للقيود الأمريكية، لم تعد هذه الإمكانية متاحة أيضاً. وهذا يعني أن الصين قد قُطعت صلاتها بشكل شبه كامل بمنظومة الخبرات والمهارات الأجنبية المتصلة بعضها ببعض في السوق العالمي. وإلى جانب ذلك، لن يكون بمقدور شركات بيع معدات تصنيع الرقائق تسويق وبيع منتجاتها إلى الشركاء الأجانب.

 

ولا يزال الموقف متذبذباً فيما يتعلق بالمبيعات الدولية لشركات الرقائق الصينية في صورة صفقات مع عمالقة التكنولوجيا الأجانب العاملين في الصين. وعلى سبيل المثال، تعتمد شركة “أبل” الأمريكية على شركة “واي أم تي سي” (YMTC) الصينية في شراء رقائق الذاكرة المستخدمة في تصنيع هواتف آيفون في مصنعها في الصين. تُصنَّف مبيعات “واي أم تي سي” لشركة أبل ضمن حركة البيع الدولية بسبب دخول طرف أجنبي، أبل، في الصفقة، رغم عدم مغادرة الرقائق الحدود الصينية.وبعد فرض القيود الأمريكية بعشرة أيام، ألْغت أبل اتفاقاً لشراء 40% من إجمالي مشترياتها من هذا النوع من الرقائق من الشركة الصينية. ويعني ذلك أن شركات تصنيع الرقائق والتصاميم ومعدات تصنيع الرقائق الكبرى، فقدت معظم الخيارات التي كانت متاحة أمامها، باستثناء الاعتماد شبه الكلي على بيع منتجاتها في السوق المحلي، مع استبعاد الشركات الأجنبية العاملة في الصين التي تشكل جزءاً ضخماً من الطلب المحلي. ولا يمكن تصور وصول الصين إلى الاكتفاء الذاتي في صناعة الرقائق بسهولة أو قريباً.

 

ويعظم من خسائر الصين عدم قدرتها على بناء منظومة دعم محلية قوية. وعلى سبيل المثال، أعلنت 3470 شركة رقائق صينية ناشئة إفلاسها في أول ثماني أشهر من العام الماضي، بارتفاع من معدل 1400 شركة عام 2020. ويرجع ذلك إلى سببين: أولهما، عدم قدرة الحكومة على توقع معدلات الأداء المحتملة من الشركات المتلقية للدعم، ومن ثم تستند الاستراتيجية الحكومية على إغراق السوق بالدعم المالي المخصص لعدد ضخم من الشركات وانتظار النتائج، بدلاً من التركيز على عدد محدود منذ البداية ودعمه. ففي ديسمبر الماضي، أعلنت الحكومة عن تخصيص 143 مليار دولار لدعم منتجي الرقائق، لكن النتيجة هي فشل أغلب هذه الشركات وضياع مئات المليارات من الدولارات دون تحقيق نتائج ملموسة. والسبب الثاني يكمن في معدلات الفساد المرتفعة التي تتسبب في مضاعفة الخسائر، ففي عامي 2021 و2022 اعتقلت السلطات قيادات في صناديق تمويل صينية بتهم فساد مرتبطة بمخصصات لشركات رقائق.

 

وبالإضافة إلى ذلك، سيكون للقيود الأمريكية نتائج مباشرة على المستخدمين النهائيين للرقائق، كشركات صناعة السيارات والإلكترونيات، المعتمدين على الرقائق المتقدمة المنتَجة من مُوردين أمريكيين، مثل “نيفيديا” و”أيه أم دي”. ففي الربع الأول من هذا العام، سيطرت شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية على 56% من إجمالي الإنتاج العالمي. وسيكون على هذه الشركات تنويع سلاسل إمداد الرقائق عبر زيادة الاعتماد على السوق المحلي الذي بدوره سيجد صعوبات كبيرة في توفير احتياجاتها.

 

ومن ثم يتضح أن سياسة الاعتماد الذاتي الصينية في التكنولوجيا الفائقة مليئة بالتحديات. ورغم ذلك، فلا يبدو أن الصين تملك خيارات عدة سوى محاولة تخطي التحديات التي خلقتها القيود الأمريكية والانتقام منها.

 

استراتيجية الصين للبقاء 

تتبنى الصين عدة استراتيجيات متزامنة لمواجهة حرب الرقائق الأمريكية على النحو الآتي:

 

أولاً، زيادة مركزية سلطة الحزب الشيوعي المباشرة على إدارة صناعة الرقائق. ففي مارس الماضي، أعلنت الصين، خلال “الاجتماعَين” (تجمع المجلسين التشريعيين) خططَ إعادة هيكلة وزارة العلوم والتكنولوجيا، ووضع جميع المبادرات التكنولوجية تحت إشراف الحزب.

 

ثانياً، تبنّت القيادة الصينية، في مارس أيضاً، تغييراً جذرياً في استراتيجية الدعم المالي لصناعة الرقائق. ويشمل التغيير الانتقال من إغراق السوق بمخصصات الدعم إلى التركيز على عدد محدد من الشركات الكبرى، مثل “هواوي” و”أس أم آي سي” (SMIC)، ومنحها مساحة أكبر للمشاركة في صنع السياسات.

 

ثالثاً، الالتفاف على العقوبات الأمريكية للحفاظ على الوصول إلى التكنولوجيا الغربية المتقدمة. ويجري ذلك عبر الإشراف على عمليات تهريب الرقائق، واستهداف شركات الاستشارات الصناعية والتجارية الأمريكية التي تقدم استشارات للشركات في الصين حول الأبعاد القانونية والإجرائية للالتزام بالعقوبات. إلى جانب ذلك، تقوم شركات الذكاء الاصطناعي الصينية بالوصول إلى التكنولوجيا الحاسوبية الفائقة عبر تصديرها إلى شركات تابعة لها في دول ثالثة، ثم الوصول لها عبر الشبكة الداخلية، وهو ما لا يتعارض مع القيود الأمريكية.

 

رابعاً، الوصول إلى تكنولوجيا الرقائق الفائقة عبر عمليات التجسس وتوظيف الكوادر. ويجري ذلك عبر اختراق منظومات الشركات الأمريكية والهولندية والتايوانية، واجتذاب المهارات والكوادر العاملين في الشركات الغربية داخل الصين أو في تايوان، للعمل لدى الشركات الصينية.

 

خامساً، محاولة بناء روابط بين جميع المنتجين المحليين في سلاسل إنتاج الرقائق عبر الضغط على الشركات الصينية لشراء المعدات والأدوات والرقائق من المنتجين الصينيين. وتحاول الحكومة عبر هذه السياسة دعم العرض والطلب المحليين عبر التركيز على الرقائق الأقل تقدماً. وفي القلب من هذه الاستراتيجية إنهاء أي ارتباط صيني بالولايات المتحدة.

 

سادساً، محاولة خلق فجوة بين الولايات المتحدة وحلفائها، من خلال سياسة مزدوجة تكمن في محاولة تحسين العلاقات الدبلوماسية مع كلٍّ من اليابان وهولندا، وفي الوقت نفسه ممارسة ضغوط والتهديدات ضد البلدين. ولا يُعتقد أن المستهدف من هذه التهديدات طوكيو وأمستردام (المنضمين بالفعل للعقوبات الأمريكية) وإنما ردع الدول الأخرى، كالاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية، عن الانضمام. ولكوريا الجنوبية أهمية خاصة بالنسبة لبيجين، فالشركات الكورية، التي تملك 5% من إجمالي سوق الرقائق في العالم، مثل سامسونج و”أس كيه هاينكس”، تنافسان بشدة الشركات الكبرى داخل الصين. لكن العقوبات الأمريكية، والتزام هولندا واليابان وتايوان بها، سيعززان موقع الشركات الكورية باعتبارها أهم خيار مُتبق بالنسبة للصين. وعلى ما يبدو فإن الحكومة الصينية بدأت بالفعل في منح هذه الشركات مزايا لإغراء سيول لعدم الانضمام إلى واشنطن، لكنْ من غير المعلوم إلى متى ستظل كوريا الجنوبية على الحياد.

 

سابعاً، تبنّي إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة عبر عرقلة عمليات الاستحواذ من قبل شركات الرقائق الأمريكية في البورصة وفقاً لقوانين مكافحة الاحتكار الصينية. إلى جانب تسليح نفوذ الصين على المعادن النادرة، كالجيرمانيوم والغاليوم، مع إمكانية التوسع باتجاه حظر معادن إضافية.

 

وقد تُوسع الصين نطاق الرد وأدواته في المستقبل لتشمل مجالات أخرى. لكن، لا يزال تعويل الصين الأكبر على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهو ما قد يؤثر في فاعلية العقوبات الأمريكية على المدى الطويل. وأحد أهم إخفاقات العقوبات هو بناء وحدة الهدف بين السلطات والشركات الصينية التي كانت تعارض الاكتفاء الذاتي وتفضل استمرار الاعتماد على الرقائق والتكنولوجيا الفائقة الغربية. ورغم الكلفة الهائلة والبطء المتوقع، قد تحقق استراتيجية الصين لتسريع الوصول إلى منظومة تصنيع رقائق محلية بالكامل نجاحاً مستقبلياً، وقد تصبح قادرة أيضاً على تبني إجراءات عقابية مضادة ضد واشنطن وحلفائها، رغم أن هذا الاحتمال، بمعطيات اليوم، ضئيل.

 

الاستنتاجات

تعكس حزمة قيود السابع من أكتوبر لعام 2022 سعي إدارة بايدن إلى تدمير صناعة الرقائق والذكاء الاصطناعي الصينيتين بالكامل. هذه السياسة تُحول مبدأ التجارة الحرة الأساسي في النظام الاقتصادي العالمي إلى سلاح لمهاجمة المنافسين، وهو ما يطلق عليه “تسليح التكامل”. ويستنتج أيضاً أنه رغم إجراءات الصين للالتفاف على القيود الأمريكية فإن أدواتها لا تزال متواضعة، وتسيطر عليها الخشية من إلْحاق أضرار بالشركات الصينية أيضاً، ويظهر كذلك أن هدف الصين الردع وليس الانتقام.

 

.

رابط المصدر:

https://epc.ae/ar/details/featured/alijtithath-waliantiqam-harb-alraqayiq-al-ilikturunia-bayn-alsiyn-walwilayat-almutahida

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M