الانخراط المشروط: حدود التغيُّر في الاستراتيجية الاقتصادية الأمريكية تجاه الصين

عمر طاش بينار

 

في شهر أبريل الماضي (2023)، صدرت ثلاثة خطابات من قبل كبار صُنّاع السياسة في إدارة بايدن تضمنت ما يُشَكِّل أوضح إعلان عن استراتيجية الولايات المتحدة الاقتصادية تجاه الصين. وتمثلت الرسالة الرئيسة في هذه الاستراتيجية رفض “الانفصال” الاقتصادي عن الصين لصالح “التنويع وتقليل المخاطر”. وتُعَدُّ هذه نغمة تصالحية بحثاً عن انخراط دبلوماسي واقتصادي في إطار تنافس “مسؤول” وأقل عداءً. كما تُشير هذه التصريحات إلى تحوّل بعيداً عن الديناميات الصدامية باتجاه استراتيجية أكثر تشاركية نحو الصين تهدف للتركيز على المجالات التي تتطلب التعاون. وتضمَّنت تصريحات كلٍّ مِن ممثلة التجارة الأمريكية كاثرين تاي، ووزيرة الخزانة جانيت يلين، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، التأكيد على نقاط متشابهة مفادها أن الانفصال عن الصين بكل ما يتضمنه من انعكاسات على تراجع العولمة “ليس عملياً”، بل إن الوزيرة يلين ذهبت إلى حد وصف الانفصال عن الصين بأنه قد يكون “كارثياً”.

 

ومع أن نبرة إدارة بايدن أكثر تصالحاً، وتبحث عن الانخراط الاقتصادي، غير أن هذه المقاربة الجديدة ما زالت تدرك وجود تحديات على الطريق. وجاءت هذه الخطابات الثلاثة حول الاستراتيجية الاقتصادية في وقتٍ ما زال فيه التوتر السياسي والعسكري حول تايوان حاداً، ووجود حاجة مُلِحَّة “لإعادة ضبط” دبلوماسي. وذكرت تقارير أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يرفض التحدث إلى الرئيس الأمريكي على الهاتف خلال الأشهر القليلة الماضية. وبلغ التوتر بين الدولتين ذروته العام الماضي عندما زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان. كما أدت حادثة بالون التجسس في فبراير 2023، والتي أدت إلى إلغاء الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكن، وزيارة رئيسة تايوان إلى ولاية كاليفورنيا الأمريكية إلى مزيد من التدهور في الديناميات بين الطرفين مؤخراً.

 

لذلك جاءت الخطابات الاقتصادية بهدف تغيير النغمة، وتَحدي الانطباع المتشكل بأن الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بالانخراط الاقتصادي والتعاون الدبلوماسي في مجالات تمتلك فيها القوتان العظميان مصالح مشتركة مثل وقف الحرب في أوكرانيا، وتغير المناخ، والطاقة، وأسعار الغذاء. وهذه المحاولة خلال شهر أبريل لإيضاح أن استراتيجية واشنطن الاقتصادية تهدف إلى التنويع وتقليص المخاطر بدلاً من “الانفصال” عن الصين، حققت الغرض منها، ومهَّدت الطريق لمحادثات دبلوماسية مكثفة في فيينا بين سوليفان ونظيره الصيني وانج يي، خلال الفترة 12-14 مايو 2023. وعقد المسؤولان على مدى يومين اجتماعات امتدت نحو 12 ساعة، حيث وصف الطرفان المحادثات بأنها “صريحة وبناءة وجوهرية”. وقالت القائمة بالأعمال في السفارة الصينية بواشنطن، شيوي شيويه يوان: “لا يتوجب على العلاقات الصينية-الأمريكية أن تكون لعبة صفرية يتغلب فيها طرف في المنافسة على الطرف الآخر أو ينتعش على حساب الآخر”. وتطرقت المحادثات بين سوليفان ويي إلى قضايا أوكرانيا وتايوان والطموحات الاقتصادية العالمية لكلا الدولتين.

 

وتُعَدُّ مثل هذه الانفراجة في العلاقات الأمريكية-الصينية أخباراً سارة للكثير من الدول التي تحاول “التحوط” إزاء تنافس القوى العظمى بين واشنطن وبيجين، خاصة تلك التي تُشَكِّلَ الولايات المتحدة عادة أوثق حليف أمني لها في حين تُمَثِّلُ الصين الشريك الاقتصادي الرئيس لها. لذلك فإن تحسُّن العلاقات بين واشنطن وبيجين يخدم المصالح الوطنية لمثل هذه الدول التي ترغب في إقامة علاقات استراتيجية قوية مع كلا القوتين العظميين بدلاً من منح الأولوية لدولة على حساب الأخرى.

 

“سياسة خارجية من أجل الطبقة الوسطى”!

محاولة بايدن الانخراط مع الصين لن تكون سهلة، كما أنه لا يزال من السابق لأوانه الحديث حول إعادة ضبط ناجحة للعلاقات الدبلوماسية بين الطرفين. وعلى رغم الإشارات الواعدة في فيينا، فإن التنافس الاقتصادي والحمائية الاقتصادية من جانب الدولتين لن يتلاشيا في المستقبل المنظور. وأشارت وزيرة الخزانة الأمريكية في الخطاب نفسه – الذي قالت فيه بأن الانفصال عن الصين قد يكون كارثياً – إلى مدى خطورة التوتر الاقتصادي مع الصين على ضوء العقوبات الجديدة التي فرضتها بيجين على شركتي “لوكهيد مارتن” و”ريثيون” بسبب مبيعات الأسلحة إلى تايوان. وفي الوقت الذي رفضت فيه يلين الانفصال عن الصين، غير أنها وجدت نفسها في حالة الدفاع عن الحاجة لفرض مزيد من القيود الأمريكية على استثمارات الصين التكنولوجية رداً على العقوبات الصينية على الشركتين الأمريكيتين.

 

ومن بين الخطابات الثلاثة التي قدَّمها المسؤولون الأمريكيون حول العلاقات الاقتصادية الأمريكية-الصينية، قدّم خطاب سوليفان أكثر صورة شاملة حول موقع الصين في الاستراتيجية الاقتصادية الأمريكية. ويبدو على الأغلب أن الرئيس بايدن يرغب في ربط واضح بين السياستين الداخلية والخارجية التي يلخصها عادة من خلال شعار “السياسة الخارجية من أجل الطبقة الوسطى”. ويصعب تجنُّب الانطباع بأن ولادة فكرة السياسة الخارجية من أجل الطبقة الوسطى تتعلق بالتحدي الذي يشكله دونالد ترمب للحزب الديمقراطي. وكان ترمب قد فاز في انتخابات 2016 الرئاسية من خلال أدائه الناجح في أوساط الأمريكيين من ذوي الدخل المتدني في الطبقة الوسطى، والذين يشكلون قاعدة انتخابية رئيسة للديمقراطيين. فقد حصد ترمب عام 2016 أغلبية أصوات العمال الذين ينتمون إلى النقابات في الولايات المتأرجحة المهمة مثل ميشيجان ووسكنسن وأوهايو وبنسلفانيا. وبالرغم من جائحة كورونا والتراجع الاقتصادي، فقد اقترب ترمب مرة أخرى من الفوز في هذه الولايات في انتخابات 2020 الرئاسية. ويتطلع ترمب إلى هذه الولايات في انتخابات 2024 لأنه يعرف أن شعاري “أمريكا أولاً”، و”لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” – التي تجسد القومية ورفض العولمة والتجارة الحرة والصين – تنطوي على جاذبية وطنية مستمرة في هذه الولايات التي تشهد تنافساً انتخابياً قوياً، والمليئة بالناخبين الساخطين من ذوي الدخل المتدني.

 

وأدت هذه الديناميات الجديدة إلى زلزلة أسس السياسة الأمريكية منذ عام 2016. وأثبت ترمب أن بإمكان شعبويٍّ جمهوريٍّ تحقيق أداء أفضل بكثير من الديمقراطيين ليس في أوساط الفقراء فحسب، بل في أوساط العمال المنتمين إلى النقابات من ذوي الدخل المتدني في قطاعي التصنيع والإنشاءات. ويُمَثِّلُ هذا التحوّل الجذري هزة ارتدادية للأزمة المالية عام 2008 التي زلزلت ثقة الطبقة العاملة الأمريكية في الرأسمالية. لكنَّ ما أزعج المواطن الأمريكي العادي بالفعل تَمَثَّلَ في حقيقة أنه في الوقت الذي عانى هؤلاء المواطنون بصفتهم أصحاب أجور، قامت إدارة أوباما بإنقاذ شارع المال الأمريكي، حيث أنقذت وزارة الخزانة الأمريكية البنوك الاستثمارية والنظام المالي المسؤول عن عملية الإقراض والرهون العقارية الرعناء. وأنفقت الحكومة الأمريكية مئات مليارات الدولارات لتجنُّب انهيار النظام المالي وحدوث سيناريو يشبه الركود العظيم.

 

لكنَّ الأزمة المالية أدت إلى ركود عظيم انطوى على ركود في الأجور وتباطؤ في النمو وارتفاع معدلات البطالة إلى نحو 8%. وأدى كل هذا إلى إلحاق ضرر كبير بالطبقة الوسطى الأمريكية، خاصة العمال، في الوقت الذي أمِّمَت البنوك الكبرى وظل الرؤساء التنفيذيون لهذه البنوك في مواقعهم. ولم يتعرَّض أحد في شارع المال للعقاب في الوقت الذي وجد ملايين المواطنين العاديين أنفسهم عاطلين عن العمل. كما بلغت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة – والتي تُعَدُّ واسعة للغاية أصلاً – إلى مستويات غير مسبوقة. وشهدت الأجور ركوداً بسبب النمو البطيء وتوكيل الأعمال إلى الصين والعمالة الرخيصة التي يوفرها المهاجرون الشرعيون وغير الشرعيين.

 

واستغل ترمب هذا التباين المتزايد في المداخيل والاستياء ضد النظام، وركب موجة السخط ضد النظام بصفته قومي يميني يُلقي باللائمة على التجارة الحرة مع الصين والنخب المؤيدة للعولمة في واشنطن والحدود غير المحمية المفتوحة على مصراعيها للمهاجرين. ولقي شعار حملته الانتخابية “أمريكا أولاً” أصداء في أوساط الجماهير كافة التي تعتبر نفسها ضحية، وترى نظاماً مسلوباً يعمل ضد صالحهم. كما ركب الديمقراطي بيرني ساندرز الموجة ذاتها في أوساط اليسار من خلال أجندته الشعبوية المناهضة للرأسمالية والنظام التي حملت شعار “رأسمالية للفقراء واشتراكية للأغنياء”. وتضمن هذا الشعار رَدَّ فعل غاضب تجاه قيام الحكومة بإنقاذ شارع المال وتأميم البنوك في الوقت الذي تُرِكَت الطبقة الوسطى والفقراء للدفاع عن أنفسهم. وتحتاج استراتيجية ومقاربة بايدن الاقتصادية تجاه الصين إلى تحليلٍ في ظل هذه الديناميات الاقتصادية والسياسية التي أنتجت ظاهرة ترمب.

 

التحديات أمام استراتيجية واشنطن الاقتصادية 

أوضح سوليفان في خطابه حول العلاقات الاقتصادية مع الصين أن استراتيجية الولايات المتحدة الاقتصادية تواجه ثلاثة تحديات رئيسة:

 

التحدّي الأول يكمن في مُشكلة تراجع التصنيع نتيجةً لتحرير التجارة غير المُقيّد، والسعي لتحقيق كفاءة السوق بأي ثمن، وإعطاء الأولوية للتمويل والخدمات على حساب التصنيع والبنية التحتية. وأدّى هذا الوضع إلى فقدان الوظائف، وزيادة التفاوت في الدخل، وحدوث نقاط ضعف رئيسة في القطاعات الحرجة وسلاسل التوريد. وبينما انتقلت الوظائف إلى الخارج، تراجعت القطاعات الأمريكية الأساسية، مثل أشباه الموصلات والبنية التحتية. ومن ناحية أخرى، واصلت الصين دعمها على نطاق واسع ليس فقط لقطاعاتها التقليدية مثل الصلب ولكن أيضاً للبنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا الحيوية وابتكارات الطاقة النظيفة؛ ونتيجة لذلك، لم تخسر أمريكا قطاع التصنيع فحسب، بل بدأت أيضاً تفقد ميزتها النسبية في التقنيات الحيوية. وسارت الأمور من جديد إلى الأسوأ خلال فترة جائحة كورونا، حيث أدركت واشنطن أنه يُمكن استغلال نقاط الضعف في سلاسل توريد المعدّات الطبيّة وأشباه الموصلات والمعادن المُهمّة لتعزيز النفوذ الجيوسياسي للصين. وهذا هو السياق الذي تُعطي فيه واشنطن الأولوية الآن لدعم الأصدقاء بدلاً من نقل تجارتها إلى الخارج وإلى البلدان الأقل تكلفةً؛ فالعمل مع الحلفاء أقل خطورة من الاعتماد على المُنافسين.

 

والتحدي الثاني يتعلّق بإدارة الاقتصاد الأمريكي؛ ووفقاً لسوليفان، فإن ذلك مُرتبط بأزمة المناخ والحاجة المُلحّة لتحقيق تحوّل عادل وفعّال في مجال الطاقة. وغالباً ما يُفتَرَض أن الأهداف المناخية تأتي على حساب النمو الاقتصادي. ويتمثّل أحد أهداف استراتيجية بايدن الاقتصادية في رسم سياسة صناعية ومالية تدعم فرص العمل الخضراء المُتعلّقة بالمناخ. والحوافز الضريبية والتوجيه العملي للأسواق من خلال تمويلات وقروض جديدة هي جزء من استراتيجية بايدن الصناعية الجديدة. وتستند هذه الاستراتيجية إلى رؤية ترى أن الحاجة إلى الطاقة النظيفة هي أهم فرصة نمو في القرن الحادي والعشرين.

 

والتحدّي الثالث الذي يواجه الاستراتيجية الاقتصادية الأمريكية هو عدم المساواة. وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً على سبيل المثال لا الحصر بالتحدّي الأول المُتمثّل في تراجُع الصناعة. فبالإضافة إلى فشل السياسات التجارية التي كان ينبغي أن تحمي الطبقة الوسطى الأمريكية من المُنافسة غير العادلة، فإن المُشكلة تتمثّل في رفع القيود التنظيمية والضرائب التنازلية والاستثمار غير العادل وإسناد أنشطة قطاع التصنيع إلى شركات خارجية في الصين. ولعل أفضل طريقة لمواجهة عدم المساواة هي تحفيز الشركات الأمريكية على الاستثمار في الداخل، من خلال إصلاح السياسة المالية والتجارية، وإنشاء بنية تحتية مادية ورقمية أفضل للسماح لأمريكا بمُنافسة الصين على المدى الطويل.

 

وفي هذا الإطار، يجب ألّا تَرقى الحمائية التجارية والاستثمارية الأمريكية إلى حد فرض حصار على الصين. وبعبارة أخرى، وكما شدّد سوليفان على أنها ليست استراتيجية للفصل بين اقتصادات البلدين   لكنها تستهدف القطاعات التي قد تتعرّض لمخاطر أمنية وتهدف إلى تنويع سلاسل التوريد. وبدلاً من إطلاق شبكة واسعة من الحمائية، تُطبَّق تلك الإجراءات بشكل ضيق، وفي المجالات ذات الأهمية العسكرية، وباستخدام ضوابط محددة على الصادرات وفق المنهجية المعروفة بــــــ “ساحة صغيرة، وسياج مرتفع”. وقد فسّرت جانيت يلين هذه النقطة بوضوح حينما قالت إن إجراءات الأمن القومي هذه ليست مُصمّمة لتحقيق ميزة اقتصادية تنافسية للولايات المتحدة أو خنق التطوّر الاقتصادي والتكنولوجي للصين. وعلى الرغم من أنه قد يكون هناك آثار اقتصادية لهذه السياسات إلا أنها مدفوعة باعتبارات الأمن القومي المُباشرة. كما أكّد سوليفان بشكل أكثر تحديداً أن الضوابط الأمريكية على الصادرات ستظل مُركّزة بشكل ضيق على التكنولوجيا التي يُمكن أن تُغيّر التوازن العسكري بين البلدين.

 

وباختصار، تتبنّى أمريكا بقيادة بايدن استراتيجية صناعية حديثة والتي تُحدّد قطاعات مُعيّنة تُعتبر أساسية للنمو الاقتصادي، وهي استراتيجية من منظور الأمن القومي، حيث من غير المُنتظر أن تقوم الصناعات في القطاع الخاص بمفردها بالاستثمارات اللازمة لتحقيق الطموحات الوطنية. ومضى سوليفان بالقول إن العنصر الأساسي لمثل هذه الاستراتيجية هو استثمارات القطاع العام الذي يفتح الأسواق ويزيد من نشاط استثمارات القطاع الخاص، وليس اختيار الفائزين أو الخاسرين.

 

لقد استخدم كلٌّ من يلين وسوليفان خطابهما لتوضيح رؤية المُنافسة العادلة بين الولايات المتحدة والصين، وشدّدا على أنه سيتعيّن على الصين وقف الدعم واسع النطاق للشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة المحليّة، وكذلك التخلّي عن السياسات الأخرى التي تهدف إلى القضاء على المنافسة الأجنبية مثل الحواجز التنظيمية التي تحُول دون الوصول إلى الأسواق الصينية، وسرقة حقوق الملكية الفكرية والمعرفة، والنقل القسري للتكنولوجية. كما أكّد سوليفان على أهمية العمل مع شركاء دوليين لبناء القدرات، ووضع رؤية لقاعدة تقنية صناعية قوية ومرنة ورائدة مُشتركة بين الولايات المتحدة وحلفائها.

 

الاستنتاجات 

تُشير الخطب الثلاث، التي تطرقت إليها هذه الورقة، حول الاستراتيجية الاقتصادية الأمريكية إلى أن السياسة الصناعية الجديدة لواشنطن تستند إلى الحاجة لبناء القدرات والمرونة والشمولية في الداخل، ومع الشركاء في الخارج. وبحسب سوليفان، فالأمر يتعلّق بالقدرة على الإنتاج والابتكار وتقديم السلع العامة مثل البنية التحتية المادية والرقمية القوية والطاقة النظيفة على نطاق واسع، بينما تعني المرونة تحمّل الكوارث الطبيعية والصدمات الجيوسياسية، أمّا الشمولية فتعني ضمان وجود طبقة وسطى أمريكية قوية وحيوية وتوفير فرصة أكبر للقوى العاملة في جميع أنحاء العالم. وكل ذلك جزء مما يُمكن أن يُوصَف بـ “السياسة الخارجية للطبقة الوسطى”.

 

والرسالة الموجّهة إلى الصين أن الاستراتيجية الأمريكية هي كما يلي: تريد واشنطن تجنّب الحمائية الشاملة والانفصال الاقتصادي بين البلدين. وبدلاً من ذلك، تريد إدارة بايدن الانخراط المشروط بين البلدين، ومُراعاة مخاوف الولايات المتحدة الأمنية والعسكرية، والالتزام بنظام للتجارة العادلة قائم على القواعد. ويبدو أن رسالة الانخراط المشروط هذه قد نقّت الأجواء ومهّدت الطريق لمُحادثات فيينا، والتي عُقدت على أعلى مستوى من الدبلوماسية الصينية-الأمريكية (بين سوليفان ووانغ يي). وفي قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، بعث الرئيس بايدن أيضاً رسالة إيجابية بشأن التعاون والحوار مع الصين.

 

ومن خلال وضع استراتيجية اقتصادية ترفض الانفصال الاقتصادي بين البلدين وتُحبّذ تقليل المخاطرة والتنويع، تسعى إدارة بايدن إلى تحقيق نوع من الانفراج الدبلوماسي مع بيجين. وسيُظهر الوقت فيما إذا ستُتَرجمُ أقوال الإدارة الأمريكية إلى أفعال.

 

.

رابط المصدر:

https://epc.ae/ar/details/brief/alainkhirat-almashrut-hudud-altghyur-fi-alastiratijia-alaqtisadia-al-amrikia-tujah-alsiyn

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M