الولايات المتحدة واللوبي اليهودي-الصهيوني

أعتبر الصراع الدائر بين الشعوب العربية والإسلامية وبين الحركة الصهيونية العالمية منذ فترة طويلة، حالة مصيرية على أساسها يتحدد مستقبلنا مع هذه الحركة ومن يقف وراءها ويدعمها بكل السبل، وهي عملية صراع متشابكة دينية وسياسية واقتصادية وثقافية، لا بل وحضارية تستهدف وجودنا كأمة عريقة لا تستطيع التعايش مع حركة أو كيان أو أهداف تلمودية قائمة على العنصرية والدعوة لسفك دماء الأطفال والنساء، وقتل الكائنات الأخرى التي تتعايش معها.

ما يحصل الآن في انتفاضة الأقصى للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني القانونية والشرعية لا تنفيها الأساليب الهمجية والبربرية لجيش الاحتلال الصهيوني المشبع بالحقد الإرهابي التلمودي. لقد كان واضحاً أن زرع (الكيان اليهودي – الصهيوني) في فلسطين كان هدفه ولا يزال ضرب التسامح والحضارة الإسلامية وإنسانيتها، بفتنة أوربية، وبمشاريع ومخططات استعمارية هدفها تشتيت الأمة الإسلامية والعربية، وخلق بؤر التوترات فيها وضرب منجزاتها من خلال تشجيع البربرية والعنصرية الإسرائيلية إلى حدود الإجرام واختراق الأعراف والقوانين الدولية برمتها، والشيء المخزي لهذا الكيان أن (ارييل شارون) السفاح والإرهابي الدولي رئيس حكومتها..

أولاً: طبيعة اللوبي الصهيوني وأهدافه ومراميه

يقصد عادة باللوبي الصهيوني في الدراسات والأبحاث التي تتناول أحزاب ومنظمات ومجموعات الضغط اليهودية الصهيونية داخل الولايات المتحدة الأميركية وغيرها (مجموعات الضغط السياسي والمالي والعسكري المساندة لإسرائيل العنصرية)، وكيفية تعامل هؤلاء في مختلف مناطق تأثيرهم على أنشطة الوزارات والهيئات والمؤسسات الأميركية التنفيذية والقضائية والتشريعية، بالرغم من وجود مجموعات أخرى للضغط تختلف مبادئها وأهدافها؛ منها مجموعات كوبية ويونانية وصينية وعربية، في مساحات التأثير بالسياسة الأميركية سواء أكان تجاه الصراع العربي-الصهيوني أو تجاه قضية قبرص الشمالية أو في الحصار المستمر على كوبا، في فرض اتجاه واحد على العمل الرسمي الأميركي وتبنيه، إلا أن الطائفة اليهودية الكبيرة في الولايات المتحدة والبالغ عددها ستة ملايين شخص تمثل 2% من عدد السكان والمجتمع الأميركي، ولها تأثير مباشر وغير مباشر على مجمل الإدارات الأميركية المتعاقبة في واشنطن.

في هذه الدراسة نحاول سبر غور الخلفية التاريخية لدور مجموعات الضغط اليهودية – الصهيونية مثل (إيباك) و(بناي بريث) و(جويش إبل) و(جويش أنتيتي سنتر) (مركز هاتيكفا) الذي أسسه الحاخام (مائيركاهانا)، ومدير المركز (مايك غوزوجسكي) إضافة للتناقضات بين الحركة الصهيونية العالمية و(إسرائيل) مع بعض مجموعات الضغط مثل (منظمة جونيت العالمية) و(هياس) ودور (لجنة البحث اليهودية الأميركية العالمية) التي تتقصى وتتابع كل من يكتب أو يحرض على اليهود الصهاينة في العالم؛ سواء أكان ذلك إبان الاتحاد السوفييتي السابق أو في المرحلة الحالية ضد العرب والمسلمين، وطبيعة الخلافات حول (مركزية الكيان الصهوني) ودور اللوبي الصهيوني في دعم عنصرية وعدوانية (إسرائيل) ضد العرب منذ عام 1948م حتى الآن(1).

لاشك أن هنالك قراءات وتحليلات متعددة حول طبيعة الأدوار التي قام بها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية في مراحل متقدمة للتأثير على السياسة الخارجية والحربية وفرض قياداته على مراكز التأثير الحساسة ومواقع القرار مثل (هنري كيسنجر، مادلين أولبرايت، وليم كوهين) وهي المراكز الأهم في صياغة القرار الأميركي، رغم التحذيرات الخطيرة والمهمة التي أطلقها (بنيامين فرانكلين) حول دور اليهود الخطير في البلاد عام 1789م(2)، باعتباره مؤسس الولايات المتحدة وأحد واضعي دستورها.

يلاحظ في السنوات الأخيرة من القرن العشرين بأن إدارة (بل كلينتون) هي من أبرز الإدارات الأميركية التي اعتمدت بشكل رئيسي على تلك القيادات النشطة في مجموعة اللوبي الصهيوني التي تتبنى الرأي الإسرائيلي وتدعمه، منهم وزيرة الخارجية ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي إضافة لـ(دينيس روس) مبعوث المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية ودوره الصريح في منظمة (إيباك)، وفي الضغط على السلطة الفلسطينية وابتزازها وتخريب العملية السلمية.

لقد انتقلت مراكز الصهيونية العالمية وأجهزتها القيادية من أوربا إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وحصلت عمليات تقارب واسعة بينها وبين الأجهزة السياسية والدعائية والاقتصادية للولايات المتحدة بعد اختيارها كمركز للصهيونية العالمية، بسبب أن المنظمات اليهودية الصهيونية الموجودة فيها هي الأكثر تعداداً والأضخم نفوذاً من النواحي السياسية والمالية، ومكّنها ذلك من التزاوج مع المجتمع الأميركي الصناعي الحربي(3)، لأن الأميركيين من أصل يهودي يملكون ويديرون الشركات الضخمة والبنوك والمصارف العالمية وشركات الاتصالات والتأمين، فهم إذاً يسيطرون فعلياً على أهم الشركات المتلفزة وأهم الصحف الأميركية (الواشنطن بوست)، إضافة لأضخم جهاز إداري، وأشهر المنظمات اليهودية (يونيتيد جويش إبل) و(بناي بريث) و(إيباك) وتحويل مركز الصهيونية العالمية إلى الولايات المتحدة الأميركية كونها استفادت من تحويل الشركات والاستثمارات والبنوك من أوربا إليها قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، وبالتالي اختيار الرؤيا السياسية التي تبنتها الدوائر الأميركية والكنيسة المورمانية الأميركية، فتغيرت مع ذلك قوة تأثير اليهودية والصهاينة على المسرح السياسي العالمي منذ الحرب العالمية الثانية حتى هذه اللحظات، وأثبتت مجموعة وثائق (قضية كاستنر) في القدس عام 1955م، بأن المنظمات الصهيونية العالمية عملت خلال الحرب بتزويد الجيش الهتلري بالمواد والمعدات العسكرية واشترطت التعاون باتجاه واحد ضد (ستالين) والجيش السوفييتي، وفضحت تلك الوثائق دور (هافارا) الشركة التجارية اليهودية الألمانية وغيرها، التعاون بين الصهاينة والنازيين بتشريد وقتل اليهود الألمان وتسليم اليهود الموالين لموسكو للأجهزة الألمانية لقتلهم وإبادتهم.

ثانياً: تقويم الـCIA لعمل الهستدروت(4) والمنظمات العمالية اليهودية:

كتب الملحق العسكري الأميركي في بيروت عام 1946م ضمن اهتمامات البعثة الدبلوماسية الأميركية بالمنطقة ما يمكن ذكره وتحليله عن المد الشيوعي المتسرب للمنظمات والهياكل العمالية والاشتراكية اليهودية الكبرى ضمن فلسطين بما فيها كتلة نقابة العمال اليهودية (الهستدروت) وتخوفت الأجهزة الأميركية والغربية من ازدياد النفوذ اليساري داخل الحركة العمالية اليهودية المعادية إلى حدٍ ما للوكالة اليهودية والحركة الصهيونية، واللتان استغلتا الهجرة اليهودية العالمية إلى فلسطين بدعاية واضحة منهما، واستغل قادة الصهاينة من مختلف الاتجاهات العلمانية والدينية، خصوصاً بالتعاطف الأوربي والأميركي المتزايد مع اليهود بعيد الحرب العالمية الثانية، بشكل بشع مسألة (المحرقة النازية) عبر الدعاية الإعلامية رغم أن الحرب أتت على عشرات الملايين من شعوب الدول المشاركة بها في أوربا، لكن الملحق العسكري الأميركي ذكر في تقاريره أن العرب ناقمون على اليهود والصهاينة والدول التي تدعمهم وهم بذلك يهددون المصالح الحيوية للدول الكبرى، ونصح قيادة أركان القوات الأميركية بالتعاون مع زعماء الحركة اليهودية والصهيونية، وطالب بأن يقدر هؤلاء حجم المساندة من القوات الأميركية لحماية الدولة اليهودية بعد عام 1948م ودعم العصابات الصهيونية بكل أنواع الدعم، إضافة لوجود البوارج والقطع الحربية الأميركية قبالة موانئ حيفا ويافا عند الاستعداد المستمر لاغتصاب فلسطين وجعلها وطناً ليهود العالم، وتوفير مناخ العداء للعرب.

يلاحظ هنا أن مجموعات الضغط اليهودية أثرت بشدة على الرئيس ترومان، بعد أن قدمت الجمعية العامة للأمم المتحدة مستنداً قانونياً لبناء الدولة اليهودية بقرار التقسيم (181) وبالاعتراف الأميركي الرسمي بدولة يهودية وأخرى عربية على أراضٍ هي بالأساس فلسطينية عربية كانت تحت الانتداب البريطاني منذ عشرينات القرن الماضي، ووجهت الوكالة اليهودية العالمية نداءً ليهود الولايات المتحدة لإرسال السلاح والمال والمتطوعين فوراً عامي 1947 و1948م وأوفد موسى شاريت (شرتوك) للولايات المتحدة ليطلب رعاية للوكالة اليهودية رسمياً وعلى أن تحصل على الإذن للمشاركة في مجلس الأمن الدولي، وأيدت الخارجية الأميركية، مشاركة الوكالة اليهودية بالمناقشات العامة في الأمم المتحدة على أن يسمح بموجب ذلك لليهود باستيراد السلاح إلى فلسطين بموافقة الأمم المتحدة، بهدف تنظيم ميليشيات ضمن الدولة اليهودية بموجب قرار التقسيم تحت حجج حماية نفسها من العرب لأن اليهود فيها بسطاء وليس لديهم سلاح!.

وعملت المنظمات الصهيونية اليهودية مثلها مثل الكونغرس اليهودي الأميركي، ولجنة فلسطين الأميركية اليهودية والمجلس الدولي للنساء اليهوديات، ومنظمة العمال الصهيونية في أميركا والمنظمة الصهيونية الأميركية والمحافظين الصهاينة في أميركا، ومنظمة (حداش) التي تضم أكثر من 300 ألف عضو، عملت هذه المنظمات جميعاً على الوقوف ضد الإدارة الأميركية ووزارة خارجيتها عام 1949 لرفضها لخطة إسرائيلية لتطوير حوض نهر الأردن، وخطة دولية لإعادة إسكان 200 ألف فلسطيني في الأردن، وبأساليب الضغط والابتزاز تظاهر اليهود وأضربوا واعتصموا أمام الخارجية الأميركية معتبرين الرفض الأميركي على الخطة جزءاً من قطع المساعدات الأميركية لإسرائيل بعد قيامها، وهي محاولة لإجبار دولة صديقة (إسرائيل) على عدم تنمية مواردها بعد أن قطعت الخارجية الأميركية المساعدات عن إسرائيل في 19/10/1949م.

تصاعدت الانتقادات والمعارضة اليهودية – الصهيونية للسياسة الأميركية الغامضة تجاه بداية تنفيذ المشاريع اليهودية في فلسطين، ولكنها نجحت إلى حد كبير فيما بعد لنيل رضى الحكومات الأميركية بالضغط السياسي والمالي والأمني وبأساليب لا أخلاقية للوصول إلى أهداف الحركة الصهيونية والأحلام التلمودية بدعم الكيان الصهيوني(5).

ثالثاً: الخلاف المصطنع حول مركزية (إسرائيل)

وكان واضحاً أن (الليكود) بدأ يتمتع بنفوذ داخل الدولة اليهودية وخارجها، وبدا تأثيره في المنظمة العالمية واضحاً، وبهذه الصورة سيطر حزب الليكود كتكتل يميني متطرف على الدولة والوكالة اليهودية العالمية والمنظمة الصهيونية العالمية، الأمر الذي حول ضغط الليكود داخلياً وخارجياً للقبول بآرائه وتوجهاته وبدأت إشكالات عديدة عملت قيادات الليكود على فرض تصوراتها على اليهود خارج إسرائيل، خاصة وأن الوكالة اليهودية والحركة الصهيونية لها آليات عمل ومؤسسات وأنشطة باتت مستقلة إلى حد ما عن آلية عمل الدولة. وبالأخص حينما رفضت تبعيتها لإسرائيل والكنيست رغم أن الحاخام (شندلر) رئيس مجلس رؤساء المنظمات والمجالس اليهودية في الولايات المتحدة كان مؤيداً بالمطلق لسياسة الليكود والدولة وحقها في تقرير شؤونها السياسية والاقتصادية والأمنية والفكرية مع دعم علاقاتها الكاملة مع الولايات المتحدة، إلا أن حركة العمل الصهيونية لم تأبه لموقف الحاخام شندلر وطالبت بحقوق متساوية بين الدولة وبين الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة، على أن لا تكون (إسرائيل) مركز الاهتمام ليهود العالم ومنظماتهم، ودعوا إلى حق انتقاد السياسة الإسرائيلية في الدولة ومناقشة قراراتها المتخذة وانتقادها على أساس النقد والتدخل المتبادل فيما بينهما، وأكدت حركة العمل الصهيونية في الولايات المتحدة على حقوقها بمناقشة وضع العمل والحريات العامة ووضع جميع اليهود في الدولة إذا ما تعرضوا لإهانات أو قمع وإرهاب من قبل قيادة تلك الدولة، وأدى هذا الموقف إلى خلافات واسعة، شكلت حالة جديدة بين رواد الدولة اليهودية وبين منظمات وتجمعات يهودية تعيش نمطها السياسي والإعلامي والتنظيمي والمالي في بلاد بعيدة(6).

وحسب (هرتزل) مؤسس الحركة الصهيونية في مشروعه المتضمن:

1- دعوة رجال المصارف والبنوك اليهود الكبار ليشتركوا بدعم الوكالة اليهودية، والحركة الصهيونية بمشروع إقامة الدولة مع مراعاة آلام فقراء اليهود والإسهام المبكر بدعم المسألة اليهودية في أوربا.

2- تأسيس صندوق قومي يهودي يحقق استقلال الوكالة اليهودية عن أصحاب المصارف اليهود الكبار سواء أكانوا في أوربا أو أميركا(7).

3- توفير دعم الدول الكبرى لمشروع إنشاء دولة يهودية في فلسطين وعلى بريطانيا أن تحقق توازناً دولياً يحافظ على أوضاع اليهود ومشروعهم ودون أن تخسر شيئاً وأن تلتزم علناً بذلك (وعد بلفور).

4- التأسيس للبنك الاستعماري اليهودي لتقوم به (جمعية الاستعمار اليهودي) واستخدام جهاز الدعاية اليهودي بدعم تصوراتنا، لم يعرض آل روتشيلد فكرة البنك لأنه سيعمل على حل المسألة اليهودية سواء أكانت ضمن مشروع فلسطين أو خارجها في أنحاء العالم، وخوفاً من أن يسبب ذلك البنك عداوات لأنه يهودي، وجب أن يبتعد آل روتشيلد عنه مع تأمين دعمهم الخفي له(8).

رابعاً: (إدغار برونغمان) يعارض هجرة يهود أميركا

وأكد (إدغار برونغمان) رئيس الطائفة اليهودية في نيويورك خلال المؤتمر اليهودي العالمي (18/22/1980م): (أنه على حكام إسرائيل أن يفهموا بأن اليهود في الشتات ليسوا في المنفى بل في بلادهم الأصلية وهم لن يذهبوا إلى إسرائيل وليس لديهم شعور بالاضطهاد فهم يسيطرون على كل شيء في الولايات المتحدة أكبر دولة في العالم وليس من مصلحتهم الهجرة إلى دولة صغيرة مثل إسرائيل يمارس حكامها الأساليب الفاشية والعنصرية فضلاً عن عداء الدول المجاورة لها)، واعترض مع غيره من زعماء اليهود في الولايات المتحدة على مبدأ (شاميرونافون) و(شارون) بمركزية دولة إسرائيل بالنسبة ليهود العالم، وهو مبدأ غير مقبول من الجميع واعتبروا أن التجمع اليهودي في إسرائيل هو كأي تجمع يهودي في العالم، مما يعني رفض الضغوطات التي تمارسها حكومات الليكود ضد المؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك.

ورغم وجود منظمات مثل (بناي بريث – إيباك – هاتيكفا – هياس) دعمت استيطان اليهود في فلسطين إلا إنها كذلك دعمت المشاريع الاستيطانية اليهودية في كندا وأوربا الغربية وإفريقيا والبرازيل والأرجنتين وأستراليا، إضافة لمنظمة (جونيت العالمية) التي لها أنشطة واسعة في مختلف مناطق الولايات المتحدة لدعم استيطان اليهود فيها وليس في إسرائيل فقط.

لقد طالب (موشي آرينز) و(ديفيد ليفي) بمحاصرة أعمال (هياس) و(جونيت) لأنهما منشقتان عن إسرائيل ومبادئ هرتزل والحركة الصهيونية العالمية، وطالبا بتأييد حكومات الليكود مهما كلف الثمن، ولكن المنظمتين استمرتا على سياستهما حتى الآن.

وعملت بعض المنظمات اليهودية بتأييد حكومات الليكود، وبعضها انتقد بشدة أساليبها العسكرية العدوانية، وانتقد (يهوذا شابيرا) الحكومة الإسرائيلية مؤكداً على الحق بانتقاد ممارسات غير لائقة لأن بيغن وغيره يقصدون من وراء الاستمرار بالاستيطان في الضفة والقطاع دفع الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة لإفراغ أماكنها والالتحاق بمشروع إسرائيل الاستيطاني، وركزت رابطة مكافحة التشهير (ب.جوزيف) على أن سياسة حكام إسرائيل في الضفة والقطاع غير شرعية بكل المقاييس لأنها مأهولة بالسكان العرب(9).

وبالمقابل زار عام 1981م وفد من مجلس النواب الأميركي تحت ضغط جماعات اللوبي الصهيوني إسرائيل لدعم التعاون مع إسرائيل وعلق (أرئييل شارون) في صحيفة (يديعوت أحرونوت) قائلاً: (إن الأميركيين يعتبرون إسرائيل برج حصن عسكري يمكنهم الاعتماد عليه لحماية النفط وطرق إيصاله للغرب وأميركا، حتى وإن كان ذلك بالوسائل الحربية) (10).

وأشار العالم الأميركي الصهيوني (روستو) إلى أن إسرائيل حليف مضمون بالمطلق للولايات المتحدة ويشكل ركيزة استراتيجية لها في الشرق الأوسط ومساند فعّال للمصالح الأميركية، لذلك فإن الاستراتيجية الأميركية تدافع عن إسرائيل في السلم والحرب معاً، دون أي تردد، وهذا ما أكده المحلل الروسي (كاراسيف) في كتابه (وليمة دسمة على حساب الغير) مؤكداً اتفاق البنتاغون مع حكام إسرائيل كضمان للدفاع المشترك(11).

خامساً: قضية (شابيرو) في ولاية بنسلفانيا

ساندت الشركة التعاونية للتجهيزات النووية في ولاية بنسلفانيا حكام إسرائيل وساعدتهم باستخراج الوقود النووي، وإعادة استخراج المواد من نفايات الشركات الأميركية، وكان لها مزايا خاصة جداً أسسها ثلاثة يدينون بالولاء الكامل للكيان الصهيوني (فريدريك فوستشر) و(زلمان شابير) و(ليونارد ببكوتر) ولعب (شابير) الدور الأهم في الأرباح الخيالية للشركة التعاونية، إلا أن مكتب المراقبة بهيئة الطاقة الذرية في نيويورك لاحظ اختفاء مئات الأرطال من اليورانيوم المشع أرسلت لإسرائيل، ولعب (بن غوريون) مع (زلمان( معاون كيندي للشؤون الخارجية والشرق الأوسط الدور الأهم في تزويد إسرائيل بالأسلحة واليورانيوم.

رفع وزير الدفاع الأميركي تقريره الذي يحتوي (1664صفحة) للرئيس الأميركي بأن إسرائيل ستصبح سادس دولة في العالم بإنتاج الأسلحة النووية ورفع (شيرمان كنت) إلى رئيس فرع التقديرات الوطنية داخل جهاز الـCIA أنه من الخطورة أن تمتلك إسرائيل القدرة النووية وأكد أن وجود قنابل ذرية في إسرائيل سيلحق أذى شديد بسمعة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في المنطقة العربية ويسبب أحقاداً كبيرة ضدنا(12).

وامتلكت إسرائيل من شركة (شابيرو) 50% من الأسهم ويرمز إليها بـ(أسواراد) واستطاعت وكالة CIA تعقب أعمال الشركة وعلاقاتها مع (مفاعل ديمونا) خلال أعوام 1967 – 1968م، أي خلال حرب حزيران، وتأكد بأن ديمونا يعمل بمراحل متقدمة للأسلحة النووية وقامت FBI بمراقبة شابيرو وشركته لأنها تشكل خطراً على الولايات المتحدة ووضعت أجهزة المراقبة والكشف داخل وخارج الشركة مؤكدة بأن شابيرو يتصل مباشرة باللاسلكي مع السفارة الإسرائيلية في نيويورك(13).

استفادت إسرائيل أيضاً من الدولية الاشتراكية التي قدمت مساعدات كبيرة لها، وكانت الولايات المتحدة ودول أوربية تضغط على البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية واليونسكو واليونيسيف لدفع نفقات كاملة أو جزئية لدعم وإعداد المراكز المهنية والمشاريع الصناعية والزراعية، سواء أكان ذلك في إسرائيل أو في أفريقيا أو البرازيل أو الأرجنتين(14)، رغم أن إسرائيل لم توقع حتى الآن مع هيئة الطاقة الذرية الأوربية أو الدولية على إجراءات التفتيش الدورية التي تجريها الهيئة تطالب الدول العربية الولايات المتحدة وأوربا بالضغط على حكام إسرائيل للتوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.

سادساً: الاستثمارات الدولية في الولايات المتحدة

تستثمر الشركات الصهيونية أموالها من خلال ممثلي الشركات (ليبورا، كلارا، بييربوب) واشترت 10% من أسهم تلك الشركات التجارية والصناعية المتحدة التي تصل إلى أكثر من مليار دولار، وكان (يورام ميريدور) وزير الاقتصاد قد عقد اتفاقية مع حكومة الولايات المتحدة لإحياء شركة للتطوير والبحث العلمي رأسمالها مليار ونصف المليار دولار إضافة لإقامة سوق مشتركة حرة لتشجيع الصادرات الإسرائيلية بنحو 6 مليارات دولار، إضافة لربط الاقتصاد الإسرائيلي بالاقتصاد الأميركي وبسوق المال فيها وإلغاء الرسوم الجمركية وإقامة مشاريع مشتركة ونقل التكنولوجيا والمعلومات العصرية والصناعات العسكرية لخدمة المصالح المشتركة وأدى ذلك كله إلى جعل إسرائيل دولة مركزية بآفاق الاهتمامات الأميركية الاستراتيجية، وأجرى وزير العلوم والتطوير الإسرائيلي بعد زيارته المباشرة لمختبرات التطوير النووي جنوب كاليفورنيا في 19/12/1982م مباحثات مع وفد إسرائيلي بهدف التعاون بين (إدوارد وافيلر) ومركز (ناحال سوريك) للأبحاث النووية(15).

تلت ذلك زيارات مستشار الرئيس الأميركي (ج.كيوردونسكي) لشؤون الطاقة والعلوم، وتباحث مع القيادة الإسرائيلية بشأن تطوير العلاقات النووية والفضائية مع البنتاغون الأميركية.

وزودت إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة دول أميركا اللاتينية بكل أشكال الصفقات التجارية والصناعية والحربية وأنجزت اتفاقيات مع حكومات بوليفيا والباراغواي، وأكدت حكومة نيكاراغوا بأن العصابات المسلحة التي حاولت غزو بلادها حملت أسلحة مكتوب عليها بالعبري، وتجاوز الاتفاق بين إسرائيل وغواتيمالا المجال العسكري إلى مجالات عديدة وبالأخص السياحة والتجارة واتفقت مع حكومتها على الاهتمام بيهود مدينة نيويورك لحثهم على السياحة وعقد الصفقات التجارية وإدخال يهود لوس أنجلوس وميامي في سياق الأنشطة العسكرية والالكترونية عبر شركة (أيغل مليتاري جيدا وفرسيز) للصناعات الحربية تحت إشراف (تاديران) للصناعات الإلكترونية(16).

إضافة للتعاون مع ألمانيا والنرويج والدنمارك في مجال الطاقة والصناعات الإلكترونية وقطع غيار الطائرات وتعزيز الوجود الإسرائيلي في أميركا اللاتينية ودور الملياردير اليهودي (أوراسيو) و(آل لازار) بتعزيز مختلف أوجه التعاون العسكري والتجاري مع البرازيل والأرجنتين، وشراء طائرات ومعدات حربية وصواريخ إسرائيلية وأميركية الصنع كسوق رائجة لتجارة الأسلحة، وكان وزير خارجية السلفادور ووزير الزراعة قد أبديا استعدادهما للتعاون المطلق مع إسرائيل. وقد نددت حركات التحرر الوطني والقومي بالتعاون والتنسيق بين إسرائيل والبارغواي والأرغواي وهاييتي وغواتيمالا والأرجنتين والبرازيل في مجالات توريد السلاح والمعدات الحربية واستقدام خبراء صهاينة في تدريبات الجيوش النظامية أو العصابات المسلحة في أميركا اللاتينية(17).

سابعاً: تبديد المقاطعة العربية لإسرائيل

عملت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق (جيرالد فورد) وفيما بعد إدارة (كارتر) للتخفيف من حدة آثار المقاطعة العربية التي حصلت بعيد حرب تشرين 1973م، ونتيجة للدعم الأميركي السياسي والاقتصادي والعسكري، عملت الإدارتان على استصدار قوانين وتشريعات أقرها الكونغرس الأميركي، هدفها معارضة المقاطعة العربية من قبل الحكومة الأميركية إذ عبّرت مجموعة وزارات أميركية أن المقاطعة العربية ليست ذات فائدة ودعمت هذه الرؤية وكالة CIA(18).

وسعت المجموعات اليهودية والصهيونية الضاغطة إلى التقليل من دور المقاطعة العربية ونفذت مجموعة تحركات، وحملات تشهير ضد العرب واسعة النطاق أثرت من خلالها على المجالس التشريعية والقضائية والتنفيذية في جميع الولايات، وأقرت في أيلول 1975م مجموعة قوانين وقرارات داخل الكونغرس بهذا الشأن.

وفي 28 تشرين الثاني من نفس العام عملت منظمة بناي بريث (قسم مكافحة التشهير باليهود) لمواجهة أية قرارات أميركية لا تستطيع مواجهة المقاطعة العربية ضد إسرائيل ونظمت سلسلة احتجاجات ضاغطة على الحكومة، إلا أن (توماس كليب) وزير الداخلية عارض تلك الاحتجاجات وأكد بأنها تمس الأمن الفيدرالي الداخلي، إلا أن (بناي بريث) اتهمته بعرقلة تطبيق قرارات وقوانين الكونغرس ووقف إلى جانب وزير الداخلية وزير التجارة الأميركي وتعرض الأخير لنفس الضغوط إلى أن أقنع فورد ببعض بنود المقاطعة العربية تخوفاً من التأثير السلبي للعلاقات التجارية والاقتصادية وخسارة أعمال عديدة يدعمها العرب في الولايات المتحدة وخارجها، مع ملاحظة التناقض بين سياسة فورد وسياسة كارتر الذي أيد أنشطة اللوبي الصهيوني بدعم القرارات المناوئة للمقاطعة العربية، وشكلت المسألة تطوراً ملحوظاً بين مواقف الطرفين، فكان فورد قد وقّع على قانون للإصلاح الضريبي حتى لا تخسر واشنطن ما يمكن أن تخسره من أموال طائلة بسبب وضع العرب الشركات الأميركية في القائمة السوداء، واعتقد زعماء اللوبي بأن الإدارة الأميركية لا تريد إغضاب بعض الدول العربية لمصلحتها البعيدة معهم.

على أثر ذلك اجتمعت مجموعة من الشركات الأميركية المتضررة من المقاطعة العربية مع مجموعات الضغط اليهودية حول ما أسموه (الطاولة المستديرة) وكان من أبرز الشركات الأميركية (جنرال موتورز – جنرال الكتريك)، أما الجانب اليهودي الصهيوني فمثلته (بناي بريث – المؤتمر اليهودي الأميركي) وسعت بكل جهودها وأساليبها لتجاوز المشروعات والقرارات المتخذة من قبل فورد لصالح المشروعات المتخذة من قبل كارتر عام 1977م لتنفيذ ما اتفق عليه في الطاولة المستديرة لاتخاذ الخطوات المناسبة للالتفاف على ما أثرت عليه المقاطعة العربية في حينها، فاستطاع كيسنجر وكارتر إقناع السادات باتفاقيات (كامب ديفيد) التي روجت للسلام والتطبيع مع إسرائيل وضربت بالصميم المواقف العربية الموحدة(19).

ثامناً: نطاق واسع من التفاهم والتعاون الاستراتيجي

تضع الولايات المتحدة أولويات استراتيجيتها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط بعد سيطرتها على أكثر من 60% من نفطها وعملت على فرض سياساتها بالتصعيد السياسي تارة أو بالتفاهم الدبلوماسي أو بالوجود العسكري المباشر على أساس سياسة ملء الفراغ التي أسس لها (أيزنهاور) بهدف إضعاف آلية عمل الدول العربية ضد إسرائيل وإخضاعها لمخططاتها بواسطة حليفها الاستراتيجي وضمن سياسة الحضور الفعال أسست لقوات الانتشار السريع المرتبطة بـ USCENTOM ودعمت إسرائيل وحكامها لفرض عدوانها وإرادتها بمساندة أميركية متعاظمة على المنطقة، ورعت واشنطن كل الفعاليات الإسرائيلية وأنشطتها لإضعاف الدور العربي الموحد ودور جامعة الدول العربية التي تتحمل مسؤوليات قومية تاريخية لتمكين الشعوب العربية ومنظماتها وهيئاتها الشعبية الموحدة من تحقيق الأهداف القومية والإقليمية والعالمية والتطلع لقضايا تجذير الصراع العربي الصهيوني والالتزام باستراتيجية واضحة وعملية للأمن القومي العربي في عصر لا يأبه للضعيف، وعملت على تشتيت مرتكزاته وأهدافه.

وهنالك مجموعة قضايا لابد من إعادة النظر بها ودراستها بجدية تتعلق بطبيعة العلاقات الخارجية لإسرائيل ودور اللوبي الصهيوني في دعمها وإيصالها إلى مرحلة فرضها القوة العسكرية الأقوى في المنطقة العربية من خلال الدعم والمساندة غير المحدودة في مجالات تطوير الأقمار الصناعية (أفق1 وأفق2) للأبحاث والاستخبار أو دعمها في مجالات الإنتاج العسكري وإنتاج المعدات المتطورة في الحرب الإلكترونية والميكروإلكترونية والتشويش والحاسوب الآلي الحربي وتطوير ترسانة الأسلحة الكيميائية والنووية(20).

ويبدو أن توثيق العلاقات الأميركية – الإسرائيلية لم يكن وليد المصادفة بقدر ما هو مخطط له بشكل مستمر وبالأخص في المجالات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية وتشكيل قيادة أركان وعمليات مشتركة، والبحث المستمر عن المستلزمات والخيارات المتعلقة بالدعم الحربي وتخزين الذخائر والمعدات والتخطيط العسكري المشترك، ولعب الأدميرال (جونثان هاو) مدير الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية والمدير العام السابق لوزارة الحرب الإسرائيلية (م.جدعون) دوراً بوضع اتفاقية التعاون موضع التطبيق المبرمج(21).

وتم تخصيص 550 مليون دولار لبرامج تطوير الأسلحة الجوية الإسرائيلية وعلى أن تقدم إسرائيل خدمات للجيش الأميركي بقيمة 200 مليون دولار وإضافة لذلك تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري في حالة الطوارئ، وفي تقديرات مكتب المحاسبة الأميركي العام كان حجم المساعدات الأميركية لإسرائيل ما قبل العام 1948م يبلغ 25 مليار دولار تتضمن 60% منها قروض ومساعدات حربية وتكنولوجية عسكرية، لدعم متطلبات آلة الحرب والعدوان، حتى أن التعاون المباشر مع أوربا لا يمكنه تهديد الاستراتيجية الأميركية مع تزايد التعاون الإسرائيلي – الأوربي أكان مع إسبانيا أو غيرها وبالأخص مع (الحزب الديمقراطي المسيحي – الحزب الاشتراكي العمالي) وإقامة المشاريع المشتركة ومحاولات تحسين صورة الكيان الصهيوني على أنها صورة متحضرة ومتفوقة بكل المقاييس(22).

تاسعاً: دعم استراتيجية إسرائيل في قضية ملفات التسوية السلمية

اعتبرت سوريا كمركز ثقل عربي خلال الدور القومي للرئيس الراحل حافظ الأسد، السلام العادل هدفاً استراتيجياً لها وطالبت راعيي عملية السلام بعد مدريد 1991م روسيا والولايات المتحدة، بالعمل على ضمان التزام حكام إسرائيل بما تعهدوا به في جنيف خلال المباحثات السلمية بشأن الجولان، وضمن قضايا تم التوصل إليها مبدئياً في المحادثات تلك وتحركت الدول العربية من خلال اجتماعات القمم العربية، والأنشطة الدبلوماسية المشتركة لوزراء خارجية الدول المحيطة بإسرائيل (دول الطوق) للتنبيه لخطورة التصرفات الإسرائيلية المخادعة والمضللة في العملية السلمية، ودعت مراراً لاستئناف المفاوضات على جميع المسارات وبالأخص المسار السوري دون شروط ومن النقطة المتفق عليها في جنيف، رغم الشطحات التي مارستها السلطة الفلسطينية باتفاقيات أوسلو 1993م التي أثرت على طبيعة المباحثات دون الالتزام بقرارات الشرعية الدولية السابقة والاخفاقات المتكررة التي أوصلها إلى الحضيض مبعوث الخارجية الأميركية (دينيس روس).

إلا أن الإدارة الأميركية سوغت مواقف وسياسات الحكومات الإسرائيلية من رابين إلى نتنياهو حتى باراك المعادية للحقوق العربية الثابتة، متجاوزة القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وعدم الانسحاب من الجولان إلى حدود الرابع من حزيران(23).

أما مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية السابقة والعضوة النشيطة في (الاتحاد النسائي اليهودي الدولي) ونادي (الروتاري اليهودي العالمي)، فقد لعبت دوراً خطيراً في مباحثات السلام أو في تصريحاتها التي بررت لإسرائيل اعتداءاتها على لبنان والضفة والقطاع والتزمت الصمت إزاء المجازر المرتكبة في انتفاضة الأقصى مؤخراً، بل ساوت بين القاتل والضحية بانحيازها الصريح والكامل لتصرفات حكومة باراك بازدواجية مطبقة بين التصريحات والأفعال، وضربت مصداقية واشنطن كراعي نزيه لعملية السلام وتجاهلها للأسباب الحقيقية التي أدت إلى تدهور عملية السلام، ودور (آرئييل شارون) في استفزاز المشاعر العربية والإسلامية بزيارته للحرم القدسي التي فجر من خلالها انتفاضة الأقصى، وأدى بعدها إلى عقد مؤتمر للقمة العربية ومؤتمر للقمة الإسلامية فيما اهتم بشكل غير لائق الرئيس السابق بيل كلينتون في إيقاف ما أسماه بالعنف والمظاهرات الفلسطينية، دون التطرق لسياسات الحكومة الإسرائيلية بالاستيطان والاقتلاع القسري والاعتقالات والاغتيالات البشعة للأطفال والصبية في غزة ورام الله ومدن فلسطينية أخرى، وتمسك كلينتون بأولوية الأمن لإسرائيل، وتم الضغط على ياسر عرفات لقبول مقررات قمة (شرم الشيخ – 2000م) لإيقاف جذوة الانتفاضة السلمية رداً على تلكؤ حكومة باراك في العملية السلمية واستفزازات ارئييل شارون الخطيرة.

وتضغط الولايات المتحدة على كندا واستراليا وألمانيا لإعادة تهجير الشعب الفلسطيني ضمن صفقات دولية مشبوهة هدفها ضرب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194، والتنصل من مسؤولياتهم تجاه حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية، وأثبتت أولبرايت ودينيس روس ووليم كوهين حقائق لا تقبل الشك بأنهم ينفذون سياسة اللوبي الصهيوني الأميركي المتضامن مع حكام إسرائيل الذين لم ينصاعوا للشرعية الدولية وقراراتها، وبهذا الشكل فإن نفوذ المجموعات والأحزاب والمجالس اليهودية على الإدارة الأميركية لا يزال يضرب بالعمق عملية (السلام) ويشجع الكيان الصهيوني على الممارسات العدوانية والعنصرية دون رادع..

المصدر : https://annabaa.org/arabic/annabaamagazine/37473

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M