تهديد الأجواء.. ما وراء حائط الصواريخ الإيراني في الشرق الأوسط

 محمد منصور

جدل كبير أثاره عثور أحد فصائل الحشد الشعبي في العراق الشهر الماضي على صاروخ يبدو من تكوينه أنه نوع مستحدث من أنواع الصواريخ المضادة للطائرات. مثار الجدل هنا ان هذا الصاروخ يعود أصل تصنيعه وملكيته إلى الجهة الداعمة لهذه الفصائل، وهي طهران، وهذا يلقي الضوء بشكل أكبر على ما يبدو أنه استراتيجية إيرانية إقليمية جديدة، يكون فيها لأسلحة الدفاع الجوي دور أساسي ورئيسي.

على الرغم من أن هذا النوع من الصواريخ قد ظهر سابقًا في ثلاث مناسبات على الأقل، إلا أن ظهوره بهذا الشكل (المسرحي) في العراق، كان الغرض منه إرسال رسالة إيرانية إلى المحيط الإقليمي، مفادها أنه بعد أن تسلحت الجماعات الموالية لطهران خلال السنوات الأخيرة بطائفة واسعة من الصواريخ المتنوعة والطائرات دون طيار يبدو أن الوقت قد حان كي يدخل إلى الميدان سلاح نوعي سيكون له تأثيرات جدية على حركة الطيران بشكل عام في المنطقة.

لكن قبل التعرض لهذا الصاروخ وإمكانياته ودلالات ظهوره بهذا الشكل، لابد أولًا من تناول خلفيات ظهور استراتيجية (الدفاع الجوي الوكيل) التي من خلالها أصبح لإيران ما يشبه (حائط صواريخ الدفاع الجوي)، في مناطق عديدة خارج أراضيها. البداية الحقيقية لتطبيق هذه الاستراتيجية، كانت في اليمن ولبنان بداية من العام 2015.

اليمن …. الميدان الأساسي لاستراتيجية الدفاع الجوي الإيرانية

كان الميدان اليمني، بمثابة المرتكز الأول الذي بدأت إيران من خلاله في اختبار قدرتها على تجهيز وكلائها بمنظومات متعددة للدفاع الجوي، حيث شرعت طهران منذ عام 2015 في تزويد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بالقدرات الفنية واللوجستية اللازمة للحصول على وسائط فعالة للدفاع الجوي، تكون متخصصة بشكل أساسي في مواجهة المروحيات والطائرات بدون طيار. استراتيجية طهران في هذا الإطار كانت مقسمة على عدة مراحل.

المرحلة الأولى بدأت في مايو 2015، حين تمكن الحوثيون للمرة الأولى من إسقاط طائرة تابعة للتحالف العربي، وهي مروحية قتالية من نوع أباتشي، تلاها في يونيو من نفس العام إسقاط طائرة بدون طيار، وكلا الطائرتين أُسقطا عبر منظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف (سام-7). خلال عامي 2015 و2016، ظلت هذه المنظومات، بجانب المدفعيات المضادة للطائرات، السلاح الأساسي في حوزة الحوثيين لمواجهة النشاط الجوي للتحالف العربي.

المرحلة الثانية في هذه الاستراتيجية بدأت عام 2017، حيث زودت طهران الحوثيين بالتقنيات اللازمة للتعامل مع مخزون سلاح الجو اليمني من صواريخ الاشتباك الجوي الموجهة حراريًا، بجانب إعادة تأهيل واستنساخ صواريخ الدفاع الجوي السوفيتية التي كانت موجودة في الترسانة اليمنية سابقًا.

في البداية حاول الحوثيون تثبيت صواريخ الاشتباك الجوي متوسطة المدى (أر-27 تي)، وصواريخ الاشتباك الجوي قصيرة المدى (أر-66)، التي كانت تتسلح بها مقاتلات (ميج-29) اليمنية، على منصات أرضية بهدف استخدامها كسلاح مستقل للدفاع الجوي، وهي تجربة قامت بها جيوش عديدة سابقًا من بينها الجيش الصربي، لكن لم تكن النتائج الميدانية الناتجة عن هذه الطريقة مجدية في حالة الحوثيين، بسبب مشكلة توجيه هذه الصواريخ، التي تعتمد في التوجيه على تتبع حرارة محركات الطائرات (بالنسبة لصاروخ أر-60)، والتوجيه الراداري شبه النشط (بالنسبة لصاروخ أر-27 تي)، لكنها تحتاج أولًا قبل الإطلاق إلى أن تغلق بواحثها الحرارية أو رادار التوجيه المنفصل على الهدف قبل الإطلاق، وهو ما تعذر فعله من خلال المنصات الأرضية.

لذا لجأ الحوثيون في هذه المرحلة إلى تعديل وإعادة تأهيل منظومات الدفاع الجوي السوفيتية التي يمتلكونها بالفعل، فقدموا منظومة (فاطر-1)، التي تعد استنساخًا لمنظومة الدفاع الجوي السوفيتية ذاتية الحركة (سام-6)، ويبلغ مداها الأقصى 24 كيلو مترًا، وتستطيع استهداف الطائرات المعادية على ارتفاعات تصل إلى 14 كيلو متر، وتبلغ زنة الرأس الحربي لصواريخ هذه المنظومة 60 كيلو جرامًا، ويتم توجيهها بالتوجيه الراداري شبه النشط من خلال محطة رادار ملحقة بالمنظومة.

استُخدمت هذه المنظومة ميدانيًا للمرة الأولى في أكتوبر 2017، وحققت إسقاطها الأول في يناير 2018، بإسقاطها مقاتلة تابعة لسلاح الجو السعودي من نوع (تورنيدو) في أجواء مديرية كتاف بمحافظة صعدة، بعد أن تسبب انفجار أحد صواريخ هذه المنظومة قرب المقاتلة، في تضرر نظام توزيع الأكسجين داخلها، واشتعال النيران داخل قمرة قيادتها، ما اضطر طاقمها المكون من فردين، إلى مغادرتها والقفز بالمظلات. تعد هذه المنظومة الأطول مدى ضمن ما يمتلكه الحوثيون حاليًا من صواريخ للدفاع الجوي، بالإضافة إلى ما ظل عاملًا لديهم من منظومات الدفاع الجوي السوفيتية الصنع (سام 2) و(سام3).

للتغلب على مشكلة توجيه صواريخ الاشتباك الجوي، شرع الحوثيون في استخدام منظومات خارجية للتتبع الحراري، بغرض تمكين الصواريخ من الإغلاق على الهدف قبل الإطلاق. ومن أهم هذه المنظومات، منظومة التتبع والاستشعار الحراري بعيد المدى (ألترا 8500)، وهي منظومة مخصّصة للعمل على متن المروحيات من أجل مهام المراقبة والدورية، وقد حصلت القوات الجوية اليمنية على ثلاث منظومات منها في يوليو 2009، ضمن مساعدات قدّمتها وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، إلى السلطات اليمنية وقتها.

نجاح هذه التجربة جعل جماعة الحوثي تتوسع في استغلال صواريخ الاشتباك الجوي الموجودة في حوزتها، فقامت بالإعلان عن ثلاث منظومات مبنية على هذه الصواريخ، المنظومة الأولى هي (ثاقب-1)، التي تعتمد على الصواريخ الروسية (أر-73). وقد امتلك سلاح الجوي اليمني من هذه الصواريخ نحو 150 صاروخًا في الفترة بين عامي 2002 و2005، لتسليح مقاتلاته من نوع (ميج-29).

يبلغ مدى هذا الصاروخ الموجه حراريًا نحو 9 كيلو متر، بسقف ارتفاع يصل إلى خمسة كيلو مترات، ومزود برأس حربي تبلغ زنته 7 كيلو جرام، وقد استُخدم للمرة الأولى في أكتوبر 2017، حين أسقط مروحية قتالية تابعة لسلاح الجو الإماراتي من نوع (أباتشي) في أجواء مديرية خب والشعف في محافظة الجوف، وفي نفس الشهر تم إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار من نوع (أم كيو 9) باستخدام نفس الصاروخ.

المنظومة الثانية هي (ثاقب 2)، المبنية على صواريخ الاشتباك الجوي الروسية (أر 27 تي)، والتي امتلك منها سلاح الجو اليمني 100 صاروخ عام 2002. يصل مدى هذا الصاروخ إلى نحو 15 كيلو مترًا، على ارتفاعات تصل إلى ثمانية كيلو مترات، ومزود برأس حربي كبير نسبيًا، تصل زنته إلى 40 كيلو جرام. تمت أول عملية إطلاق لهذا الصاروخ في ديسمبر 2016، وحقق الإصابة الأولى له في يناير 2018، حين تمكن من إلحاق أضرار بمقاتلة تابعة للتحالف العربي من نوع (إف 15)، في أجواء العاصمة اليمنية.

المنظومة الثالثة هي (ثاقب 3)، والتي تعتمد على صاروخ القتال الجوي الروسي متوسط المدى (أر 77)، الذي امتلك سلاح الجو اليمني منه 100 صاروخ، في الفترة ما بين عامي 2004 و2005، ويتميز بالتوجيه الراداري الذاتي، مع إمكانية تعديل التهديف عن طريق توجيه راداري خارجي إيجابي، تبلغ زنة رأسه الحربي 22 كيلو جرامًا، ومداه الأصلي في نسخته التصديرية هو 80 كيلو متر، لكن تشير التقديرات إلى أن مداه من منصات الإطلاق الأرضي لا يتعدى 20 كيلو مترًا. دخلت هذه المنظومة إلى الخدمة بشكل فعلي، أواخر عام 2016، وتمت تجربتها في استهداف مقاتلات التحالف العربي، من نوعي (إف 16) و(إف 15).

على الرغم من تمكن بعض هذه المنظومات السالف ذكرها من إسقاط عدد معتبر من الطائرات دون طيار والأنواع الأخرى من الطائرات، إلا أن التعقيدات الفنية التي تشوب استخدام صواريخ الاشتباك الجوي كصواريخ للدفاع الجوي، ومحدودية الأعداد المتوفرة من هذه الصواريخ، أدت إلى بروز تقديرات تشير إلى أن طهران قد تكون زودت الحوثيين بأعداد إضافية من هذه الصواريخ، أو أن الصواريخ الأساسية المستخدمة في عمليات الإسقاط لم تكن من ضمن الأنواع السالف ذكرها، بل كانت أنواعًا أخرى استغلت طهران الميدان اليمني لتجربتها.

تعززت هذه التقديرات بعد أن صادر التحالف العربي في نوفمبر 2018 النسخة الإيرانية من صاروخ الدفاع الجوي الأمريكي (إس إم-1)، والتي يطلق عليها أسم (هانتر – 2سي)، وقد أعلنت إيران عن هذا الصاروخ لأول مرة عام 2015، والذي يعد نسخة تم تصنيعها بالهندسة العكسية من الصاروخ الأمريكي الذي حصلت عليه إيران خلال حقبة الشاه. يبلغ مدى هذا الصاروخ ما يقرب من 75 كيلو مترًا، وسقف ارتفاعه يبلغ 27 كم، وهو الصاروخ القياسي لمجموعة من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ذاتية الحركة، مثل “خورداد-15″ و”تلاش”.

الصاروخ الأكثر إثارة للجدل في هذا الصدد، والذي وُجد مؤخرًا في العراق، كان ظهوره الأول في الميدان اليمني، وذلك حين صادرت المدمرة الأمريكية (يو إس إس شيرمان) في نوفمبر 2019، شحنة من الأسلحة الإيرانية على متن سفينة كانت متجهة إلى اليمن، وكان من ضمن هذه الشحنة عدة صواريخ غير معروفة النوع، يبلغ طول كل منها نحو 2.7 متر، ومزودة بمستشعرات ليزرية تقاربية، بجانب معزز صاروخي.

أطلقت السلطات الأمريكية على هذا الصاروخ اسم (الصاروخ 358)، وتكررت مصادرة أعداد أخرى منها بعد ذلك في فبراير 2020، بعد اعتراض المدمرة الأمريكية (يو إس إس نورماندي) لسفينة أخرى قرب الساحل اليمني.

التصميم الفريد لهذا الصاروخ، وتكرار ظهوره بعد ذلك في مناطق أخرى في الشرق الأوسط، كان بمثابة مؤشر على أنه قد يكون اللاعب الأساسي في كافة الإسقاطات الجوية التي تمت في الميدان اليمني خلال الفترة الأخيرة، مثل عملية إسقاط طائرة دون طيار من نوع “سكان إيجل” في يونيو الماضي في أجواء مديرية صرواح بمحافظة مأرب. وقد تأكد هذا التقدير الشهر الماضي، بعد أن تم العثور على أجزاء تعود لهذا الصاروخ في محافظة مأرب.

تجربة الدفاع الجوي في لبنان

على الرغم من أن حزب الله في لبنان قد امتلك منذ تسعينيات القرن الماضي رشاشات متوسطة مضادة للطائرات، بجانب بعض القواذف الكتفية، اشتبك من خلالها مع الطائرات الإسرائيلية خلال حرب عام 2006، إلا أن تل أبيب بدأت منذ نوفمبر 2009، في استشعار رغبة الحزب في تعزيز قدراته في مجال الدفاع الجوي، وذلك حين اكتشفت صواريخ مضادة للطائرات ضمن شحنة كبيرة من الأسلحة، صادرتها البحرية الإسرائيلية بعد اعتراضها سفينة شحن مدنية قرب قبرص.

في يناير 2012، تصاعدت التحذيرات الإسرائيلية من أن الحزب بات يعمل على استلام المزيد من القواذف الكتفية المضادة للطائرات، بجانب منظومات متوسطة وبعيدة المدى للدفاع الجوي من إيران وسوريا، حيث كانت التقديرات العسكرية الإسرائيلية تشير في ذلك التوقيت إلى أن مساعي الحزب في هذا الصدد قد تقتضي تغيير نمط عمليات سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.

تكررت هذه التحذيرات ولكن على نطاق أوسع في أبريل 2016، حيث أشارت مصادر استخباراتية إسرائيلية لبعض الصحف الألمانية إلى أن حزب الله حصل بالفعل على بطارية واحدة على الأقل من منظومات الدفاع الجوي ذاتية الحركة (بوك أم-1)، وهو نظام روسي للدفاع الجوي متوسط المدى، تمتلكه سوريا وإيران، ويصل مداه المؤثر إلى 50 كيلو متر، ويستطيع استهداف طائرات تحلق على ارتفاع يصل إلى 24 كيلو مترًا. وقد شملت هذه التقديرات إمكانية حصول الحزب على منظومات أخرى من سوريا، مثل منظومتي “بانتسير” و”أوسا”.

هذه الفرضيات تعززت أكثر بعد أن فوجئت الأوساط العسكرية الإسرائيلية في نوفمبر 2016 بالعرض العسكري الذي نظمه حزب الله في منطقة (القصير) السورية، والذي تضمن -بالإضافة إلى دبابات وناقلات جند مدرعة بعضها أمريكي الصنع- بعض قطع المدفعية المضادة للطائرات، التي تم تحميلها على المجنزرات الخاصة بمنظومة الدفاع الجوي الروسية (سام-6)، من بينها المدفع التشيكي المضاد للطائرات (Type 52-K) من عيار 85 ملم، والمدفع السوفيتي (KS-19) من عيار 100ملم، هذا بجانب منظومة الدفاع الجوي الثنائية ذاتية الحركة (ZSU-57-2 SPAAG) روسية الصنع، والتي تتكون من مدفعين من عيار 57 ملم.

اللافت في هذا الصدد، تكرار حوادث استهداف الطائرات الإسرائيلية دون طيار أثناء تحليقها في الأجواء اللبنانية، وأول هذه الحوادث كان في أكتوبر 2019، وآخرها كان في فبراير الماضي. وعلى الرغم من أن تل أبيب لم توضح في هذه الحوادث وغيرها ما إذا كان استهداف هذه الطائرات قد تم عبر الرشاشات أم عبر منظومات صاروخية، إلا أن الأكيد أن حزب الله ما زال حريصًا بشكل كبير على عدم الكشف بوضوح عن المنظومات الصاروخية المضادة للطائرات التي يمتلكها؛ وذلك أسوة بالسياسة التي يتبعها منذ العام 2006، بالتعتيم بشكل كامل عن واقع وقدرات القوة الصاروخية التي يمتلكها، وهذا يتيح له -في حالة الضرورة- أن يباغت سلاح الجو الإسرائيلي الذي يعمل بشكل دائم في الأجواء اللبنانية، بمحاولة محكمة لإسقاط احدى طائراته.

الصاروخ الإيراني الغامض بين سوريا والعراق

خلال الشهر الماضي، حدثت عدة تطورات ما بين سوريا والعراق، تتعلق بملف المواجهة الجوية بين إيران وإسرائيل، فقد أعلنت اسرائيل أن صواريخ دفاع جوي إيرانية، استهدفت الطائرة الإسرائيلية خلال غاراتها الأخيرة على الجانب الشرقي من سوريا، وهو ما يعد تطورًا لافتًا، خاصة أنه يترافق مع تصاعد واضح في نشاط الدفاعات الجوية السورية، التي بدأت تحرز نجاحات لافتة في التصدي للصواريخ التي تطلقها الطائرات الإسرائيلية خلال غاراتها المتكررة على البلاد.

أهمية هذا التطور دفعت القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى تسريع البدء باستخدام أنظمة الدفاع الجوي التي تعمل بأشعة الليزر، لاعتراض الصواريخ الموجهة، بجانب العمل على تعديل أسلوب تحليق وإغارة الطائرات الإسرائيلية، ليعتمد بشكل أكبر على الذخائر الجوالة أو تلك التي يتم إطلاقها من خارج مدى الرؤية، وذلك بسبب الخشية من احتمالية نشر طهران لأنظمة دفاع جوي متقدمة غرب دمشق، مثل (خرداد-3) أو (صياد-2)، ما قد يوفر مظلة حماية يصل عمقها إلى نحو 75 كيلو متر.

التطور الثاني في هذا الإطار، كان عثور عناصر من اللواء الثاني والخمسين من الحشد الشعبي في العراق، في الحادي والعشرين من الشهر الماضي، على صاروخ من نوع (358) السالف الإشارة إليه. هذا اللواء الذي يسمى “فوج أمرلي” نظرًا لأن منتسبيه هم من التركمان، يرتبط بشكل وثيق بكتائب حزب الله العراق، التي تعد من أهم وكلاء إيران في فصائل الحشد الشعبي، ولها العديد من المعسكرات في منطقة طوزخورماتو التي تم العثور على الصاروخ فيها، من بين معسكر قريب جدًا يدعى (معسكر الشهداء).

بالنظر إلى الحالة الفنية الجيدة جدًا لهذا الصاروخ، وحقيقة أن غطاء الباحث الحراري الموجود في مقدمة الصاروخ موجود ولم تتم إزالته، يمكن القول إن عثور فصيل مدعوم من طهران على هذا الصاروخ، يعد بمثابة رسالة مبطنة من طهران، موجهة نحو النشاط الجوي للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في هذا النطاق، خاصة لو وضعنا في الاعتبار أن مسار معظم طائرات الاستطلاع والمراقبة التابعة للتحالف تمر بهذه المنطقة أثناء عملياتها في الأجواء العراقية.

بالنسبة لتصميم هذا الصاروخ، يمكن القول إنه قد يكون نوعًا من أنواع (الذخائر الجوالة)، لكن مصمم لاستهداف الطائرات، وتحديدًا الطائرات دون طيار والمروحيات التي تحلق على ارتفاعات لا تتجاوز 8 كيلو متر. ويتكون من ثلاثة أجزاء؛ محركان أحدهما يعمل كمعزز صاروخي ويقع أسفل جسم الصاروخ، والثاني محرك نفاث. يضاف إلى ذلك الجزء الخاص بالرأس الحربي المتفجر، والجزء الخاص بالتوجيه، ويحمل هذا الجزء بجانب الباحث الحراري، مجموعة من المستشعرات الليزرية، التي تعمل كصواعق تفجير تقاربية، بنفس مبدأ عمل صواريخ الدفاع الجوي مثل صاروخ (سام 2) مثلًا.

تشير التقديرات المتوفرة، إلى أنه في حالة إطلاق هذا الصاروخ، يستخدم المعزز الصاروخي للوصول بسرعة تفوق سرعة الصوت إلى ارتفاع يتراوح بين 8 و10 كيلو متر، وهو ارتفاع أعلى بكثير من الارتفاعات التي يمكن لمنظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف بلوغه، ومن ثم ينفصل المعزز ويبدأ المحرك النفاث في العمل، ليصل الصاروخ إلى ارتفاع أقصى يبلغ 12 كيلو مترًا. جدير بالذكر هنا أن الباحث الخاص بها الصاروخ، من إنتاج شركة (Rayan Roshd Afzar) الإيرانية، علمًا بأنها خاضعة للعقوبات الأمريكية منذ يوليو 2017.

المحرك النفاث الخاص بهذا الصاروخ، هو المحرك (Titan)، الذي تنتجه شركة (AMT) الهولندية، التي تصنع محركات نفاثة مصغرة للطائرات دون طيار وللأغراض البحثية. يزن هذا المحرك 3.6 كجم، ويمكن أن يولد 393 نيوتن من قوة الدفع. تشير التقديرات الأمريكية إلى أن المحركات الخاصة بالصواريخ التي صادرتها البحرية الأمريكية من هذا النوع، تم تصديرها على شحنتين في 2017 و2019 لشركات في هونج كونج. يحتوي هذا الصاروخ أيضًا على أجزاء من شركات هولندية أخرى، مثل وحدات الاستشعار بالقصور الذاتي (MTi-100) من إنتاج شركة (Xsens) الهولندية.

خلاصة القول، إن ظهور الصاروخ (358) في العراق، وقبله في اليمن، وربما تم استخدامه مؤخرًا في سوريا، يؤشر على نقلة جديدة في استراتيجية طهران في استخدام وكلائها في المنطقة؛ إذ باتت هذه الاستراتيجية تشمل الدفاع الجوي بعد أن اقتصرت سابقًا على القوة الصاروخية، ثم الطائرات دون طيار. ستبقى الأيام القادمة، وتطورات المباحثات حول الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي كفيلة بإظهار ما إذا كانت ساعة الصفر لإطلاق هذه الاستراتيجية قد حانت أم أن هذه الساعة قد تأجلت إلى جولة أخرى من الصراع.

مصادر:

1- https://2u.pw/bVl7m

2- https://2u.pw/ZjLmn

3- https://2u.pw/3vtdP

4- https://2u.pw/Ajxcg

5- https://2u.pw/itkmv

6- https://2u.pw/zLNOY

7- https://2u.pw/3sGF8

8- https://2u.pw/Zfdxr

9- https://2u.pw/7HcIw

10 – https://2u.pw/tsWlt

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/64307/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M