العرب يتهمون الاكراد باستغلال الحرب مع الدولة الاسلامية للأستيلاء على الاراضي

 

سام داغر و بين كيسلينغ – صحيفة الوول ستريت

بعد دعم الولايات المتحدة للقوات الكردية في إخراج ميليشيات الدولة الاسلامية من مدينة سنجار العراقية هذا الشهر، بدء بعض المقاتلين المشتركين في هذه المعركة بنهب منازل العرب السُنة المشتبه في ان تكون لهم علاقات مع الجماعة المتشددة.

بعد مرور اسبوع في محافظة كركوك، المنطقة الغنية بالنفط، قام مقاتلين اكراد بطرد ما يقارب 60 عائلة من العرب السُنة من الذين بقوا في حطام قرية واحدة، وفقاً للسكان ومسؤولون محليون. قالوا بانها كانت واحدة من اصل 50 قرية عربية دُمرت أو هُدمت جزئياً من قبل الاكراد الذين أعادوا السيطرة عليها من تنظيم الدولة الاسلامية منذ تموز. أشتبه الاكراد في بعض الذكور والاقارب من الاسر المطرودة بضلوعهم في القتال مع المتطرفين السُنة في تنظيم الدولة الاسلامية. واتهم العرب السُنة من المسؤولين والمقيمين في العراق الاكراد في استغلال الحرب مع تنظيم الدولة الاسلامية للأستيلاء على الاراضي. في سوريا ايضاً، فأن العرب السنة إما يفرون أو يجبرون على الرحيل أو يمنعون من العودة الى المناطق التي استولى عليها الاكراد أو الجماعات المسلحة المدعومة من قبل ايران، وفقاً لمقيمين وبعض المقاتلين الاكراد انفسهم.

أن هذا جزء واسع النطاق في العراق وسوريا، حيث يدّعي معارضو تنظيم الدولة الاسلامية مثل الشيعة والاكراد باستعادة الاراضي والموارد النفطية التي كانت لفترة طويلة في نزاع مستمر. هذا الاحتلال وإعادة رسم الحدود الداخلية وتشريد المجتمعات وتعميق التواترات الطائفية والعرقية سيُزيد من تجزئة البلدين.

بعد سيطرة القوات الكردية المسماة بـ “البيشمركة” على مدينة سنجار في 13 تشرين الثاني، تعهد العشرات من اليزيديين الاقلية الذين يقاتلون مع الكرد بعدم السماح للعرب من العودة لديارهم.

وقال خلف دخيل سيدو، 52 عاماً، وهو يزيدي مقاتل في البيشمركة من الذين وقفوا وسط حطام مدينة سنجار سرعان ما تم تحريرها “أن الاكراد المسلمين الذين لم يقترفوا أي خطأ يمكنهم العودة الى ديارهم، لكن بالنسبة للعرب المسلمين من المستحيل عودتهم”.

وينقسم سكان العراق بين ثلاث مجموعات وهم المسلمين الشيعة والمسلمين السُنة الذي يُشكلون الاغلبية العرقية العربية، والاكراد الذين هم يشكلون الاقلية العرقية. وان جميع المناطق التي تمت السيطرة عليها من قبل تنظيم الدولة الاسلامية منذ شهر حزيران لعام 2014 هي في الغالب – محافظات عربية سُنية- الامر الذي من شأنه وضع المجتمع العربي السُني تحت الشبهات في مقاييس بعض الاكراد والشيعة.

مباشرة بعد سيطرة القوات الكردية على مدينة سنجار، شوهد بعض البيشمركة وهم يرتدون زيهم واليزيديين المتحالفين معهم وهم ينهبون المنازل والمحال التجارية في المدينة وترى الشاحنات مُحملة بالاثاث والسجاد والاجهزة الكهربائية تتدفق الى خارج المدينة.

وبعد مرور ايام، قامت البيشمركة بوضع نقاط تفتيش لإيقاف مثل هذه الممارسات، كما قال أحد الحراس، “أنهم قلقون من ان يقوم أحد الناهبون بإشعال أحد الافخاخ المتفجرة التي قام بوضعها مسلحوا تنظيم الدولة الاسلامية في المنازل بعد رحيلهم”. وأضاف من انها “قد تُكوّن نظرة سيئة للغرباء”، وهو يشير الى مراسل يقف في مكان قريب.

تحمل اليزيدين العبء الاكبر من وحشية تنظيم الدولة الاسلامية في سنجار. وفقاً للأمم المتحدة فأن أكثر من 1.000 مرأة يزيدية قد أخُتطفت من قبل تنظيم الدولة الاسلامية، في حين قال  قادة المجتمع أن العديد منهن لا يزالون عبيد.

وحذر مسؤولون من العرب السُنة من مغبة قيام الكرد بإبعاد اعضاء من مجتمعهم بعيداً عن سنجار، وهو مخاطرة قد تؤدي بدفع العديد من الناس الى احضان تنظيم الدولة الاسلامية، المعروف ايضاً بأسم “داعش”.

وقال حسام الدين العبار، وهو عضو عربي سُني في مجلس محافظة نينوى الواقع في مدينة سنجار، “هناك بعض الخارجين عن القانون الذين قاموا بمساعدة داعش”. ولكن أكمل حديثه قائلاً “بعد ما حدث في سنجار، فأن الناس سوف يقولون أنه من الافضل أن يبقوا تحت سيطرة داعش”.

ونفى محما خليل، رئيس البلدية الكردي المُعين في منطقة سنجار، الخطط لتطهير العرب من هذه المنطقة. ولكن قال بأن النقص في الخدمات الحكومية والوضع الامني الغير مؤكد يحول دون عودتهم بسرعة.

وقال رئيس البلدية، الذي يرتدي الزي الكردي التقليدي وهو سروال فضفاض وسترة عسكرية، “أن الجميع أخوة لنا، ولكن لا يوجد لمن أرتكب جريمة مكان بيننا”.

وقال ان هؤلاء المشتبهين من ان تكون لديهم صلة مع تنظيم الدولة الاسلامية لن يسمح لهم بالعودة الى مدينة سنجار.

أن كلاً من كركوك وسنجار تقع على خط الصدع بين اقليم كردستان الشبه مستقل في شمال العراق والاراضي التي أستولى عليها تنظيم الدولة الاسلامية – وجميعها في محافظات ذات أغلبية سُنية واقعة الى الجنوب من المنطقة الكردية.

قام الكرد بتوسيع نطاق المناطق الواقعة تحت سيطرتهم من خلال قيامهم بمسك المناطق المتنازع عليها والغنية بالموارد مثل محافظة كركوك ومدينة سنجار بعد تحريرها من قبل تنظيم الدولة الاسلامية. حيث قدم الكرد مطالبات على بعض المناطق المتنازع عليها في الفترة التي أسبقت اجتياح تنظيم الدولة الاسلامية، وهم يرون في هذه الفتوحات الاخيرة على انها تصفية لحسابات قديمة تعود الى زمن نظام صدام حسين.

هذه المناطق وغيرها هي جزء من نزاع على الارض منذ فترة طويلة وهو الذي حرض اقليم كردستان ضد الحكومة المركزية في بغداد والمجتمعات المحلية، بعضها ضد بعض، مما ساعد على تأجيج التمرد السُني في البلاد.

وقال هيمن هورامي، مسؤول العلاقات الخارجية للحزب الحاكم في اقليم كردستان، “هذه الاراضي هي جزء من كردستان وقد خضعت للتعريب من قبل صدام حسين”.

ولم يعلق على ادعاءات هدم القرى في كركوك الا أنه قال: “نحن نحمي شعبنا الكردي والعربي والتركماني من الارهاب. هذه الحماية يُدفع ثمنها بدماء البيشمركة”.

وتجددت توترات عرقية عقب الهجوم الذي قاده الاكراد والذي دام لمدة يومين، بدعم من الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، والذي أدى الى انتزاع سنجار من يد تنظيم الدولة الاسلامية. وقد أثبتت القوات الكردية انها شريك اكثر ثقة مع الغرب ويمكن الاعتماد عليها في الواقع على أرض المعركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في كل من العراق وسوريا، وانها قد سجلت عدداً من الانتصارات الهامة خلال العام الماضي.

في الفترة التي سبقت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على سنجار في آب 2014، لم تكن المنطقة ذات أغلبية كردية. كان سكانها خليط من اليزيديين والعرب السُنة والاكراد السُنة والشيعة.

مدينة سنجار هي جزء من محافظة نينوى، وهي واحدة من ثلاث محافظات عراقية ذات أغلبية عربية سُنية. وقد حافظ الاكراد منذ مدة طويلة على أن تضاف سنجار، مثل بقية المناطق المتنازع عليها، الى الاقليم.

ولكن قبل هجوم الدولة الاسلامية، وافق الكرد بشكل مكره على ترتيب لتقاسم السلطة الهشة مع سلطة محافظة نينوى والحكومة المركزية في بغداد، حيث ساعد دبلوماسيون امريكيون وضباط عسكريون في المفاوضات.

وقال الشيخ غازي الفيصل، وهو قائد لعشيرة عربية في قرية المشرفة الواقعة على بعد ساعة واحدة من مدينة سنجار تم تحريرها العام الماضي، “كانوا دائماً يرغبون في أن يسيطروا على هذه المنطقة، والان الفرصة في متناول يدهم”.

وأشار مسؤولون أمريكيون في العراق هذه الاسئلة الى وزارة الخارجية في واشنطن، والتي لم يتم الرد عليها.

وقال رؤساء كل من فرنسا والولايات المتحدة، خلال مؤتمر صحفي مشترك في واشنطن يوم الثلاثاء، لن يتم ارسال قوات برية الى سوريا لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية حيث انها ستستمر في الاعتماد على القوات المحلية. ونوه الرئيس باراك أوباما الى الهجوم على مدينة سنجار كمثال على هذا التعاون.

وقال احد المسؤولين الغربيين “ما يمكن أن نشهده هو انتهاز لإعادة تصميم مناطق بأكملها”، موضحاً ان تدمير القرى يهدف الى ضمان عدم عودة فئات معينة من السكان الى مناطقهم، “إذا لم يرجع السكان الى منازلهم، فسوف تتزعزع المصالحة الوطنية – وسوف يُنظر الى مستقبل العراق بشكل غير مؤكد”.

في آذار، وثق تقرير لمنظمة حقوق الانسان للتدمير التام او الجزئي لـ 47 قرية عربية على الاقل ذات الغالبية السُنية في شمال العراق تم تحريرها من يد تنظيم الدولة الاسلامية من قبل ميليشيات شيعية تدعمها ايران تقاتل الى جانب الحكومة المركزية المدعومة من قبل الولايات المتحدة. وقد أسمته “عملية منهجية مدفوعة بالانتقام وتهدف الى تغيير التركيبة السكانية في المحافظات العراقية المختلفة تقليدياً”.

في محافظة ديالى الواقعة شمال شرق العاصمة بغداد، قام كلاً من القوات الكردية والمليشيات الشيعية بحملة مماثلة، وفقاً لمقيمين ومجموعات حقوق الانسان ومسؤولين غربيين.

في سوريا، عاد القليل من السُنة الى المناطق القريبة من العاصمة دمشق ووسط مدينة حمص والمناطق الريفية المحيطة بها بعد ان تم استعادتها من قبل النظام السوري الشيعي المرتبط وحليفه الشيعي اللبناني كتائب حزب الله منذ حزيران 2013 وفقاً للسكان ومسؤولون محليون.

في شمال شرق سوريا، حيث ارسلت الولايات المتحدة الاميركية حوالي 50 جندي من القوات الخاصة لدعم القوات الكردية في الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية، قام الكثير من العرب بالهروب من المناطق التي تم استعادتها من قبل الاكراد خوفاً من العقاب، وفقاً للسكان ومسؤولون أكراد.

ويقول الزعماء الاكراد السوريون أن جميع المناطق التي استعادتها ستكون جزء من المقاطعات التي تتمتع بالحكم الذاتي، والتي يريدون من الغرب الاعتراف بها.

في كركوك، قال نائب المحافظ راكان الجبوري ومسؤولون عرب سنة أخرون أنهم يقومون بالتحضيرات بصورة مبكرة هذه السنة لعودة المدنيين العرب الى القرى غرب المحافظة بعد أن تم تحريرهم من يد تنظيم الدولة الاسلامية من قبل القوات الكردية في آذار. وقال شهود عيان من العرب السُنة ان الاكراد طردوا الشرطة وبدؤا بهدم القرى.

واضاف السيد الجبوري “يتم ارتكاب الظلم باسم التحرر من داعش، وأن خوفي الاكبر هو أن هذا الامر من شأنه فقط ان يؤجج العداوات ويدفع المزيد من الشبان بالانضمام الى المنظمات الارهابية”.

ترجمة: رنين الهنــدي

[email protected]

مصدر المقالة

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M