اتفاقية الدوحة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان: الواقع والمأمول

إعداد:  شيماء فاروق سلامه – ماجستير العلوم السياسية –   كلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس – مصر

 

ملخص الدراسة:

تعد العلاقات الامريكية الافغانية من أهم العلاقات الدولية التي شهدت تطورات عديدة بين التعاون مع “الحكومة الأفغانية” من جانب, والصراع والحرب مع “حركة طالبان وتنظيم القاعدة” من جانب أخر, بالتالي تنقسم العلاقات الامريكية مع أفغانستان إلى مسارين من العلاقات والأنماط السياسية, ولكن في الآونة الأخيرة شهدت العلاقات الامريكية مع حركة طالبان هدنة واتفاق دولي عُرف “باتفاق الدوحة” والذي أبرم في عهد الرئيس ترامب, لكن لم يكتب له حتى الآن النجاح بسبب رفض الرئيس الحالي جو بايدن الاتفاقية, مما أدى إلى تصاعد التوتر مع حركة طالبان مرة أخرى, من هنا تلقي هذه الورقة نظرة على اتفاقية الدوحة من حيث الالتزامات والبنود على كل من الطرفين, وتوضيح الاشكاليات المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الدوحة.

المقدمة:

اندلعت أحداث 11 سبتمبر 2001 ليبدأ فصل جديد من الصراع والحرب على حركة طالبان التي كانت تحكم أفغانستان في هذا الوقت, فطلبت الولايات المتحدة الأمريكية تسليم “أسامة بن لادن” باعتباره المُنفذ لهجمات 11 سبتمبر لكن حكومة طالبان رفضت تسليم بن لادن, من هنا فًتح أبواب النار على أفغانستان وهاجمت الولايات المتحدة ودول حلف الناتو أفغانستان وأزاحت طالبان عن الحكم, فقد ظل الصراع الدامي بين الجانبين دون انتصار أحد الطرفين طوال السنوات (19) الماضية, لكن في 2019  قررت الولايات المتحدة بقيادة ترامب  الدخول في حوار مباشر مع حركة طالبان؛ بهدف الوصول إلى “اتفاق سلام”,  وجزءٌ من هذا التحول يعود إلى التكاليف البشرية والمادية التي تكبَّدها الطرفان منذ عام 2001 , دون قدرة أي منهما على حسم الصراع عسكرياً, كما لم ينجح النموذج السياسي الذي بني في أفغانستان لتحقيق الديمقراطية فقد تصاعدت الأمور سوءً عقب إزاحة نظام طالبان, ولم يستطع النموذج الجديد إثبات فعاليته سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً، الأمر الذي أدى إلى تنامي شعبية طالبان داخليًا, ولم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على تصاعد قوة طالبان, والتي كلفت الولايات المتحدة المليارات من الدولارات دون جدوى, من هنا جاء اتفاق الدوحة لينهي أطول الحروب الامريكية , بالرغم من احتمالية تراجع الإدارة الامريكية الجديدة عن هذه الاتفاقية نتيجة متغيرات إقليمية جديدة.

الإشكالية:

الانتخابات الامريكية أزاحت دونالد ترامب نتيجة انسحابه من العديد من الاتفاقيات الدولية وتخليه عن مناطق نفوذ عديدة للولايات المتحدة بالإضافة لفقدان شعبيته إلا أنه استطاع إبرام اتفاق سلام مع طالبان عًرف باتفاق الدوحة, لكن الادارة الامريكية الجديدة بقيادة جو بايدن ترى إن طالبان لم تنفذ الاتفاقية وبادر بايدن بالحديث عن احتمالية التراجع عن اتفاقية الدوحة, مما استدعى النظر على اتفاقية الدوحة, من هنا يدور التساؤل الرئيسي للدراسة حول:

“ماهية اتفاق الدوحة المُوقع بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ؟”

للإجابة على هذا التساؤل يندرج تحته عدة تساؤلات فرعية :

  • 1) ما هي أبرز محطات الصراع بين الولايات المتحدة وحركة طالبان؟
  • 2) ماهية حيثيات اتفاقية الدوحة ؟
  • 3) ماهي الاشكاليات المتعلق باتفاقية الدوحة؟
  • 4) ما هو موقف الادارة الامريكية الجديدة بقيادة الرئيس الامريكي ” جو بايدن” للاتفاقية الدوحة؟

تقسيم الدراسة:

  • أبرز محطات الصراع بين الولايات المتحدة الامريكية وحركة طالبان.
  • حيثيات اتفاقية الدوحة.
  • إشكالية “اتفاقية الدوحة” بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.
  • موقف الادارة الامريكية الجديدة بقيادة الرئيس الامريكي ” جو بايدن” للاتفاقية الدوحة.

أولًا: أبرز محطات الصراع بين الولايات المتحدة الامريكية وحركة طالبان.

بعد أشهر قليلة من هجمات 11 سبتمبر عام 2001 شنت الولايات المتحدة غارات جوية على أفغانستان من أجل إنهاء حكم حركة طالبان، وذلك بعد رفض حركة طالبان تسليم أسامة بن لادن المدبر والمنفذ لهجمات 11 سبتمبر, بذلك عزمت الولايات المتحدة عن تنحية حركة طالبان عن الحكم وبدأت أولى محطات الصراع، حين نجحت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في تنحية طالبان عن السلطة، لحرمان تنظيم القاعدة من اتخاذ مقر عملياتي آمن في أفغانستان، وبعد تحقيق الأهداف الأولية، أطلق تحالف من أكثر من 40 دولة _أغلبيتها من دول حلف الناتو_ مهمة أمنية في أفغانستان منذ ذلك الحين والحرب قائمة بين الولايات المتحدة وقوات الحكومة الأفغانية الحليفة وبين مقاتلي طالبان.

تحولت طالبان من فصيل يحكم أفغانستان إلى قوة متمردة ومنظمة صُنفت من قبل الولايات المتحدة بمنظمة إرهابية, وقامت بالعديد من الهجمات والاغتيالات بالتعاون مع تنظيم القاعدة، وزعزعت الحكومات الأفغانية المتلاحقة، لذلك أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان, لمعاونة السلطة الجديدة على تأمين كابُل، وهي السلطة التي صارت بعد “مجلس  الأكبر2002” الإدارة الانتقالية الأفغانية, بالرغم من ذلك استمرت الحرب بين الولايات المتحدة وحركة طالبان طوال 19 عام الماضية .

إلا أن ذلك لا ينفي من وجود محاولات جادة من قبل الجانبين ورغبة في حسم هذا الصراع فمنذ عام 2012، تجرى مباحثات سرية بين الطرفين في عدد من دول العالم، منها السعودية والإمارات وباكستان وروسيا، في 27 مايو عام 2014، أعلن الرئيس باراك أوباما أن العمليات القتالية الأمريكية في أفغانستان ستنتهي في ديسمبر من العام نفسه، وأن قوة مكونة من 9800 جندي ستبقى في البلاد لتقوم بتدريب قوات الأمن الأفغانية وتدعم عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة، وستقل هذه القوة إلى النصف بحلول نهاية عام 2015، ويتم توحيدها في قاعدة “باجرام” الجوية وفي كابُل,  كما أعلن أن كافة قوات الولايات المتحدة، سيتم إنهاء وجودها من أفغانستان بحلول نهاية عام2016 , ولن تبقى إلا القوات الرسمية التي تمثل سفارة الولايات المتحدة داخل أفغانستان.([1])

بالرغم من ذلك لم ينجح الطرفين في عقد اتفاقية إلا في المفاوضات الأخيرة التي بدأت في أغسطس 2019 في الدوحة، هي التي كتب لها النجاح بالوصول إلى اتفاق رسمي وقع بين الطرفين لإنهاء الوجود الأمريكي في البلاد, وقد تضمنت هذه الاتفاقية عدد من البنود والالتزامات على الطرفين.

ثانيًا: حيثيات اتفاقية الدوحة.

بدأت المحادثات المباشرة بين الجانبين في يوليو 2018، عندما التقى مسؤولون أمريكيون سراً بأعضاء من طالبان في المكتب السياسي للحركة في الدوحة من أجل عقد يضمن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية لذلك قامت إدارة ترامب  متمثلة في وزارة الخارجية الأمريكية في 5 سبتمبر من العام نفسه بتعيين  زلماي خليل زاد – الأمريكي من أصل أفغاني – مبعوثاً خاصاً لعملية السلام، ليتولى إدارة الحوار المباشر مع الحركة,  وبعد حوالي عشر جولات من التفاوض المباشر، نجح طرفا الصراع في الوصول إلى توافقات محددة, أسفرت عن مسودة اتفاق في سبتمبر 2019، وعن بدء مشاركة الحكومة الأفغانية في المفاوضات، ثم توقفت المفاوضات في سبتمبر 2019 بعد هجمات أودت بجنود أمريكيين في أفغانستان، ثم استؤنفت مرة أخرى في ديسمبر 2019، وصولًا إلى توقيع الاتفاق يوم 29 فبراير2020. (([2]

لذلك سوف نركز على جوهر هذه الاتفاقية من خلال عدد من النقاط الرئيسية:

  • 1) أطراف الاتفاقية.
  • 2) بنود والتزامات الاتفاقية.
  • 3) الإشكاليات المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية.

1) أطراف الاتفاقية:

وُقعت اتفاقية الدوحة تحت عنوان “اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان بين إمارة أفغانستان الإسلامية غير المعترف بها من قبل الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان والولايات المتحدة الأمريكية“, في 29 فبراير 2020 بالدوحة العاصمة القطرية.

وقد وقع من جانب الولايات المتحدة المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان السفير “زلماي خليل زاده”، فيما وقعها من جانب حركة طالبان عضو مكتبها السياسي لشؤون السياسة “الملا بارادار”, ودعا زعيم حركة طالبان هيبة الله أخونزاده جميع مقاتلي الحركة إلى الالتزام بالاتفاق مع واشنطن, مع ملاحظة إقصاء الحكومة الأفغانية من هذه المفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة.

2) بنود والتزامات الاتفاقية:

يتكون اتفاق السلام الشامل من ديباجة وثلاث أجزاء رئيسية, والتي تحدد التزامات كل من الولايات المتحدة الامريكية وحركة طالبان, حيث احتوت الديباجة على التعريف بالاتفاقية, وشمل الجزء الأول الالتزامات التي تتعهد بها الولايات المتحدة  للانسحاب من أفغانستان, في حين تضمن الجزء الثاني التزامات حركة طالبان, بينما الجزء الثالث نص على عدم تدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية لأفغانستان مع التأكيد على التزام طالبان ببنود الاتفاقية, والتي جاءت كالتالي:

  • ديباجة الاتفاقية.

تضمنت ديباجة الاتفاقية على عدد من البنود التي تحدد ماهية الاتفاقية, حيث  ركزت على المحاور التالي:

  1. الضمانات وآليات التنفيذ التي ستمنع استخدام أراضي أفغانستان من قبل أي جماعة أو فرد ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها.
  2. الضمانات وآليات التنفيذ والإعلان عن جدول زمني للانسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان.
  3. بعد إعلان الضمانات للانسحاب الكامل للقوات الأجنبية والجدول الزمني بحضور شهود دوليين وضمانات واعلان في الوجود من الشهود الدوليين أن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضد أمن الولايات المتحدة وحلفاؤها من قبل إمارة أفغانستان الإسلامية التي لا تعترف بها الولايات المتحدة ستبدأ الدول كدولة وتعرف باسم طالبان مفاوضات بين الأفغان مع الأفغان في 10 مارس 2020 .

4 – سيكون وقف إطلاق النار الدائم والشامل بناء على جدول يُعده الأفغان الداخليين عن طريق الحوار والمفاوضات, وسيناقش المشاركون في المفاوضات الأفغانية الموعد وطرائق وقف دائم وشامل لإطلاق النار، بما في ذلك التنفيذ المشترك الآليات التي سيتم الإعلان عنها مع استكمالها والاتفاق عليها مستقبلاً وفقًا لخارطة الطريق السياسية لأفغانستان.

  • الجزء الأول

تلتزم الولايات المتحدة بسحب جميع القوات العسكرية للولايات المتحدة من أفغانستان, حلفائها وشركائها في التحالف، بما في ذلك جميع الموظفين المدنيين غير الدبلوماسيين، والأمن الخاص المقاولون والمدربون والمستشارون وموظفو الخدمات المساندة في غضون أربعة عشر (14) شهرًا بعد ذلك الإعلان عن هذه الاتفاقية، وسيتم اتخاذ الإجراءات التالية في هذا الشأن:

ستتخذ الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف الإجراءات التالية في الخطوة الأولى في غضون مائة وخمسة وثلاثون (135) يومًا:

1) خفض عدد القوات الأمريكية في أفغانستان إلى ثمانية آلاف وستمائة (8600) وتخفيض عدد حلفائها وائتلافها بشكل متناسب.

2) تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف كل قواتهم من خمسة قواعد عسكرية, مع الالتزام والعمل على التزامات إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان في الجزء الثاني من هذا الاتفاق، ستقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف بتنفيذ ما يلي:

أ) ستكمل الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف انسحاب كل ما تبقى قوات من أفغانستان في غضون الأشهر التسعة والنصف المتبقية (9.5) أشهر.

ب) تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف كل قواتهم من القواعد العسكرية المتبقية.

ت) كما أن الولايات المتحدة ملتزمة بالبدء فورًا في العمل مع جميع الأطراف ذات الصلة على خطة للإفراج السريع عن السجناء القتاليين والسياسيين كإجراء لبناء الثقة مع التنسيق والموافقة من جميع الأطراف ذات الصلة, ما يصل إلى خمسة آلاف (5000) سجين من إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة ويُعرف باسم طالبان,  وسيسقط ما يصل إلى ألف (1000) أسير من الجانب الآخر صدر بحلول 10 مارس2020 ، وهو اليوم الأول للمفاوضات الأفغانية الداخلية، تهدف الأطراف المعنية إلى إطلاق سراح جميع السجناء المتبقين على مدار العام الأشهر الثلاثة التالية, تلتزم الولايات المتحدة بتحقيق هذا الهدف, كما تلتزم طالبان بأن الأسرى المفرج عنهم سيلتزمون بالمسؤوليات المذكورة في هذه الاتفاقية حتى لا تشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة وحلفاؤها.

ث) مع بدء المفاوضات بين الأفغان ، ستبدأ الولايات المتحدة إجراء إداري مراجعة العقوبات الأمريكية الحالية وقائمة المكافآت ضد أعضاء إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان بهدف رفع هذه العقوبات بحلول 27 أغسطس 2020

ج) مع بدء المفاوضات بين الأطراف الأفغانية، ستبدأ الولايات المتحدة المشاركة الدبلوماسية مع أعضاء آخرين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأفغانستان لإزالة أعضاء إمارة أفغانستان الإسلامية التي لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان من قائمة العقوبات بهدف تحقيق ذلك الهدف بحلول 29 مايو 2020 م, كما ستمتنع الولايات المتحدة وحلفاؤها عن التهديد أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأفغانستان أو التدخل في شؤونها الداخلية.

  • الجزء الثاني:

بالتزامن مع الإعلان عن هذه الاتفاقية، فإن إمارة أفغانستان الإسلامية والتي  لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان ستتخذ الخطوات التالية لمنع أي جماعة أو فرد، بما في ذلك القاعدة، من استخدام أراضي أفغانستان للتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها:

  1. إمارة أفغانستان الإسلامية التي لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة و المعروفة باسم طالبان لن تسمح لأي من أعضائها أو أفراد أو مجموعات أخرى ، بما في ذلك القاعدة لاستخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن الولايات المتحدة وأمنها والحلفاء.
  2. إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة و المعروف باسم طالبان سيرسل رسالة واضحة مفادها أن أولئك الذين يشكلون تهديدًا للأمن للولايات المتحدة وحلفائها ليس لهم مكان في أفغانستان ، وسوف يوجهون أعضاء إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة و من المعروف باسم طالبان عدم التعاون مع الجماعات أو الأفراد الذين يهددون أمن الولايات المتحدة وحلفائها.
  3. إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة و المعروفة باسم طالبان ستمنع أي جماعة أو فرد في أفغانستان من التهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها، وسيمنعهم من التجنيد والتدريب ، وجمع الأموال ولن تستضيفهم وفقًا للالتزامات الواردة في هذه الاتفاقية.
  4. إمارة أفغانستان الإسلامية التي لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة ويُعرف باسم طالبان ملتزمة بالتعامل مع طالبي اللجوء أو الإقامة في أفغانستان وفقًا لقانون الهجرة الدولي والالتزامات الواردة في هذه الاتفاقية, حتى لا يشكل هؤلاء الأشخاص تهديدًا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها.
  5. إمارة أفغانستان الإسلامية التي لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة و يُعرف باسم طالبان لن تقدم تأشيرات أو جوازات سفر أو تصاريح سفر أو غير ذلك من الأمور القانونية وثائق لأولئك الذين يشكلون تهديدًا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها للدخول أفغانستان.
  • الجزء الثالث
  1. ستطلب الولايات المتحدة الاعتراف والمصادقة على أمن الأمم المتحدة وفقًا لهذه الاتفاقية.
  2. الولايات المتحدة وإمارة أفغانستان الإسلامية غير المعترف بها من قبل الولايات المتحدة الدول كدولة وتعرف باسم طالبان تسعى لعلاقات إيجابية مع بعضها البعض وتتوقع أن العلاقات بين الولايات المتحدة وما بعد التسوية الجديدة كما حددها الحوار والمفاوضات بين الأفغان ستكون إيجابية.
  3. ستسعى الولايات المتحدة إلى التعاون الاقتصادي من أجل إعادة الإعمار مع الحكومة الإسلامية الأفغانية الجديدة بعد التوطين على النحو الذي يحدده الحوار بين الأفغان و المفاوضات، ولن تتدخل في شؤونها الداخلية.([3])

ثالثًا: إشكالية الاتفاقية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.

بالرغم من أهمية البنود التي تناولتها الاتفاقية إلا أنها تتضمن عدد من الإشكاليات التي تحول دون جدوى الاتفاقية, وصعوبة تحقيق الغاية التي عٌقدت من أجلها, وهي كالتالي:

1) الإشكالية الأولى، عدم وجود الحكومة الافغانية كطرف من ضمن أطراف الصراع, فقد أعلنت الولايات المتحدة على أن غايتها من الاتفاق تحقيق السلام في أفغانستان وكيف يمكن تحقق ذلك دون أن تكون الحكومة طرفًا  في هذا الاتفاق, كما أن الولايات المتحدة جاءت نصًا بأنا لا تعترف بطالبان كدولة رسمية وبالتالي لا توجد ضمانات على التزام طالبان ببنود الاتفاقية.

2) الإشكالية الثانية,  تتعلق بمسألة “نزع سلاح الحركة”, لم يرد في الاتفاقية قضية نزع سلاح حركة طالبان, نتيجة صعوبة إجبار الحركة على نزع سلاحها نتيجة لأسباب عديدة، يتعلق بعضها بأزمة الثقة العميقة القائمة بينها وبين الحكومة الأفغانية، ويتعلق بعضها الآخر بإدراكها لأهمية السلاح في معادلة السياسة والقوة في التاريخ الأفغاني، فضلاً عن حالة عدم الاستقرار السياسي والهشاشة الأمنية في أفغانستان بشكل عام، بالإضافة إلى أن قدرة طالبان للوفاء بالالتزامات التي نص عليها الاتفاق يتطلب تمتع الحركة بالقدرة على “إجبار” الآخرين على عدم القيام بعمليات إرهابية أو تهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها، الأمر الذي يتطلب تمتعها بقدر من “التسليح” بموافقة أمريكية، وهو ما يفسر تجاهل اتفاق السلام المزمع بين الطرفين لمسألة مستقبل سلاح طالبان.

3)  الإشكالية الثالثة, تتصل بمستقبل الحركة نفسها ككيان وفصيل أفغاني, أحد البدائل المتوقعة هنا هو تحويل الحركة على الأقل إلى حزب سياسي رسمي ، لكنه يثير بدوره سيناريو هيمنة الحركة من جديد على أفغانستان عبر صندوق الانتخابات, فرغم وجود عدد كبير من الأحزاب السياسية في أفغانستان، إلا أنها تتسم بالضعف، خاصة مع أخذ دستور 2004 بالتحول عن النظام البرلماني والأخذ بالنظام الرئاسي, أضف إلى ذلك السيطرة الفعلية للحركة على عدد من الولايات، الأمر الذي يُعزز من سيطرتها الفعلية على الحياة السياسية في حالة تحولها إلى حزب سياسي, مما يعني وجود احتمال كبير لعودة نظام طالبان إلى السلطة من جديد, وإن الحكومة الافغانية الحالية لن تقبل ذلك وسوف تتحول البلاد إلى حرب أهلية مما يهدد أمن أفغانستان, حيث  أن الانسحاب الكامل للقوات العسكرية الدولية سيؤدي إلى نشوب حرب أهلية أفغانية أعنف مما هي عليه الآن, ومن المرجح أن مقاتلي “طالبان” المنتمين بشكل كامل إلى التنظيم والبالغ عددهم نحو 60 ألف مقاتل، والميليشيات المختلفة، وما تبقّى من الجيش الأفغاني، سوف يتنافسون كلهم على السلطة في الداخل وعلى السيطرة على كابل، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من النزاع في البلاد. ([4])

4) الإشكالية الرابعة، تتعلق بدمج عناصر الحركة داخل الحياة السياسية والاجتماعية,  هذا “الدمج” تجسد في نص الاتفاقية على إطلاق سراح سجناء الحركة لدى الحكومة الأفغانية، والعفو عن قياداتها والسماح لهم بالعودة إلى أفغانستان, وهذا الدمج غير متوقع نتيجته من قبل الطوائف والأعراق الأخرى التي تنشد الديمقراطية سيزيد من شعور المجموعات العرقية والدينية بالهزيمة السياسية وخيبة الأمل إزاء المشروع السياسي الأمريكي في أفغانستان.([5])

رابعًا: رؤية الادارة الامريكية الجديدة بقيادة الرئيس الامريكي ” جو بايدن” للاتفاقية.

الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن يريد أن ينقض الاتفاق بطريقة أو بأخرى، كما فعلت سابقًا إدارة ترمب بالاتفاق النووي مع ايران, حيث وصف اتفاق الدوحة بأنه ” لا توجد صفقة أفضل من صفقة سيئة، والاتفاقية بين الولايات المتحدة وطالبان التي وقعها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هي بالتأكيد اتفاقية سيئة“,  وقد برر أن الاتفاق تم على عجل لأن الولايات المتحدة تريد بشدة إنهاء الحرب التي استمرت 19 عامًا, ولم تأخذ الضمانات الكافية لتأمين أمن الولايات المتحدة وحلفائها. ([6])

كما أن الصفقة في شكلها الحالي وفقًا لرؤية جو بايدن  يمكن أن تضر الولايات المتحدة وأفغانستان أكثر من نفعها, وبرر ذلك بتصاعد الهجمات العنيفة في أفغانستان منذ توقيع الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان, في حين تنفي حركة طالبان ضلوعها في هذه الهجمات، لكن هذا التصريح  من الصعب الوثوق به, لانهم يرفضون الموافقة على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد على الرغم من الطلبات المتكررة من واشنطن وكابول.([7])

كما ترى الإدارة الامريكية الجديدة أن الانسحاب الدولي ستتيح الفرصة لحركة طالبان وحلفائها الترويج لانتصار جهادي، وهذا ما سيستقطب على الأرجح المزيد من المجندين, وقد حدث هذا بالفعل في أعقاب الانسحاب السوفياتي عام 1989، حين قال الجهاديون، وبقدرٍ كبير من التبرير، إنهم هزموا قوةً عظمى، مع أن أقاويلهم لم تعترف بالمساعدة الكبيرة التي حصلوا عليها من الولايات المتحدة وأوروبا.

كما استند بايدن على عدم احترام طالبان للاتفاق على تصريحات الحكومة الأفغانية _التي لم تكن طرفًا حاضرًا في اتفاق واشنطن وطالبان_  وتقول على لسان المتحدث باسم مكتب مستشار الأمن القومي الأفغاني إن العلاقة بين طالبان والحكومة مقتصرة على عمليات القتل والنهب والاغتيالات المنظمة, ويشير الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى أن حركة طالبان كانت تفكر في إسقاط الحكومة، وأن القوات الأفغانية أحبطت هذا المخطط, فالحركة تريد أن تعود البلد إلى عام 1996 عندما استولت على كابول وبدأت حكمها المتشدد لمدة 5 سنوات, ولكن الحكومة تشدد على أنها لن تسمح بذلك.

وأخيرًا لا يمكن الوصول إلى اتفاق أمن يحقق السلام في أفغانستان دون توافق القوى الأفغانية داخليًا أولا وعقبها يمكن الحديث عن خروج القوات الأجنبية من الأراضي الافغانية, كما أن تغير موقف الإدارة الامريكية من اتفاقية الدوحة, يرجع إلى متغيرات إقليمية حيثُ ترغب الولايات المتحدة في الاستمرار في التواجد في المحيط الإقليمي للصين, نتيجة تصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة الامريكية والصين من ناحية وإيران وروسيا من ناحية أخرى, فالوضع في أفغانستان لا ينفصل عن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى المجاورة لأفغانستان, بالتالي من الصعب الحديث عن خروج كامل للقوات الأمريكية في الفترة الراهنة ومن المتوقع تأزم الوضع السياسي في أفغانستان في الفترة القادمة, فالمشكلة الحقيقية هي تعسر مسار الديمقراطية داخليًا.

الهوامش:

([1]) عبدالله مجدي. أطول حرب في تاريخ أمريكا.. القصة الكاملة للنزاع بين واشنطن وطالبان. جريدة الوطن. 29 فبراير 2020.

(([2] حسام إبراهيم. حدود الفاعلية: تحديات ما بعد اتفاق السلام بين الحكومة الأمريكية وطالبان. مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.  05 مارس، 2020.

([3])Agreement for Bringing Peace to Afghanistan between the Islamic Emirate of Afghanistan which is not recognized by the United States as a state and is known as the Taliban and the United States of America

([4]) توماس باركر. التداعيات الإقليمية لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان. معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. ١٥ يونيو ٢٠٢٠.

([5]) محمد فايز فرحات. ماذا لو وُقِّعَ اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان؟. مركز الإمارات للسياسات. 20 فبراير 2020.

([6]) US President-elect Joe Biden should consider Doha agreement: Taliban, business-standard. November 9, 2020.

([7]) Opinion: Why Joe Biden needs to revise the US-Taliban deal. DW. https://www.dw.com

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=73913

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M