استخفاف الحاكم لشعبه
الجزء الأول، استخفاف الحكام والقادة في البلاد العربية
سننطلق من الآية ٥٤ من سورة الزخرف التي تتناول استخفاف فرعون لقومه، حيث تبين لنا الآية دور الفسق في استخفاف الطواغيت والظلمة ، فعندما يستخف الطواغيت امثال فرعون شعوبهم فيتوقع ان ينتفض الشعب ضده ، فإذا لم ينتفض ضد استخفاف الظالم له فهذا يعني – وفق الآية محل البحث – ان الشعب فاسق، وفسقه منعه من الانتفاض.
ان اي امر خارج حدود الله هو فسق، وربما يكون الفسق هنا هو الفسق السياسي – ان صحت التسمية – بمعنى الفسق المتعلق بالجانب السياسي وليس الجانب العبادي، مثل قبول الشعب الكذب او الغش او الإضلال او سرقة المال العام او الابتزاز او استغلال المنصب لقضايا شخصية وحزبية او تزوير الحقائق او…. بحيث ان السمة العامة للشعب قبولها بهذه المنكرات بحيث لو تولى اي فرد من افراد الشعب لقام بأي منكر من هذه المنكرات.
وكلما ابتعد الشعب عن هذا الفسق الذي اسميناه بالفسق السياسي كلما رفض استخفاف الحاكم الظالم له، بل لا يستطيع أن يستخف الظالم شعبه وهو غير فاسق فسقا سياسياً.
كما علينا أن لا ننسى استخفاف القائد بجماهيره الفاسقة، اذ نرى بعض القادة السياسيين وحتى الدينيين يستخفون قاعدتهم الجماهيرية لان قاعدتهم الجماهيرية فاسقة، اذ تغفل هذه الجماهير وفي بعض الأحيان تتغافل عن انحراف قادتهم حتى يقنعوا انفسهم الأمارة بالسوء بأنهم على حق، او حتى يحققوا مكاسب دنيوية سياسية او دينية او اجتماعية من وراء اتباعهم لأولئك القادة، ولما يكون القائد غير محصن اخلاقيا بدرجة كافية فسيستخف بجماهيره بتصرفات تثبت قيادته وسلطانه لأنه يعلم ان جماهيره يقبلون بهذا الاستخفاف لأنهم فاسقون.
فماذا نسمي امتلاك بعض القادة السياسيين للقصور والأموال الضخمة وجماهيرهم مسحوقة لا تمتلك بيوتا تؤيهم الا استخفافا بهم، وماذا نسمي القائد الديني الذي لا يملك القدرة على الافتاء او لا يملك من الدين الا الفقه ولم يصدر بإسمه اي موقف مصيري تجاه الأمة الا استخفافا باتباعه.
