الإخوان المسلمون في ألمانيا.. أنشطة سريّة ومخاطر قائمة

إعداد : جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات و باحث في الأمن الدولي والإرهاب ـ بون

 

أصبحت جماعة الإخوان المسلمين مصدر قلق لأجهزة الاستخبارات الألمانية وللمجلس الأعلى الإسلامي في ألمانيا ZMD، وهذا ما دفع أعضاء المجلس المركزي للمسلمين بألمانيا لإسقاط عضوية جمعية “التجمع الإسلامي الألماني”، التي تصنفها السلطات الأمنية الألمانية كجماعة تابعة للإخوان المسلمين. وقال المجلس الذي يضم في عضويته عدداً من المنظمات والجمعيات والاتحادات الإسلامية في ألمانيا، يوم 31 يناير 2022، إن المجلس قرر استبعاد جمعية “التجمع الإسلامي الألماني (DMG)” وأعضائها.

نظمت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني، جلسة استماع، في مقر البرلمان ببرلين يوم 19 سبتمبر 2022 .وكان هدف الجلسة كشف مصادرتمويل الإسلام السياسي ومنعها في ألمانيا بحضور عدد من الخبراء، ركزت على مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي CDU، أكبر حزب معارض، في منتصف مارس 2022. الجلسة كشفت عن مخاطر : جمعية المجتمع الإسلامي في ألمانيا، التابعة لجماعة الإخوان وجمعية ميللي جورش الإخوانية ومركز هامبورغ المرتبط بالحكومة الإيرانية.

كانت منظمة “المجتمع المسلم الألماني (DMG)” عضواً مؤسساً في المجلس المركزي للمسلمين تحت اسمها السابق “المجتمع الإسلامي بألمانيا IGD”، وكانت (DMG) أيضاً تابعة للمجلس التنسيقي للمسلمين. كتبت الدائرة العلمية في البوندستاغ ـ البرلمان الألماني خلال عام 2015 أنه نظراً للعلاقة الشخصية والمتعلقة بالمحتوى، يرى العديد من المراقبين أن الجمعية هي الفرع الألماني للإخوان المسلمين “المصريين”. لذلك، فرضت الاستخبارات الألمانية المراقبة على منظمة (المجتمع الإسلامي بألماني (IGD)، وكذلك وجهت الاستخبارات الألمانية  إلى (IGD) الاتهام بأنها تهدف إلى أسلمة الهياكل الاجتماعية في أوربا. الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ مشاريع قرار

مراقبة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين

اتخذت الاستخبارات الداخلية الألمانية (BfV) قراراً بمراقبة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب طيف الإسلام السياسي بكل أنواعه في ألمانيا. الاستخبارات الألمانية قدرت أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا بألف عضو، لكن ربما ما تقصده هم الأعضاء المرتبطون بعلاقات تنظيمية هيكلية أكثر من أنصار التنظيم. وما زاد في قلق الاستخبارات الألمانية، تحديداً مكتب ولاية “بادن فورتمبيرغ”، أن جماعة الإخوان المسلمين تركز على التسلل إلى مؤسسات مثل الجامعات.

يصنّف تقرير وزارة الداخلية الفيدرالية لحماية الدستور لعام 2018 منظمة (المجتمع المسلم الألمان (DMG)، على أنها منظمة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، تهدف إلى إحداث تغيير طويل الأمد في المجتمع، ووضعتها وزارة الداخلية في قائمة مجدولة للمنظمات المتطرفة، وإدراجهما ضمن قائمة 1040 لعام 2018، إلى جانب شبكة الإخوان المسلمين الدولية.

قال مؤسس منظمة (BFmF Begegnungs- und Fortbildungszentrum muslimischer Frauen)، وهي منظمة معنية بتدريب المرأة المسلمة، إن (منظمة التجمع الإسلامي الألماني DMG) تدور في فلك الإخوان المسلمين، رغم عملها تحت مظلة المجلس المركزي للمسلمين (Zentralrat der Muslime (ZMD. وعندما أعادت إدارة BFmF ترتيب الأمور، منتصف عام 2020، كانت إريكا تيسين -التي تحمل اسم أمينة تيسين في المناسبات والمناسبات الإسلامية- الوصي على الأموال التي أعلنت الجماعة أنها تلقتها من المسلمين في أوربا.

منظمة  DMG جزء من شبكة الإخوان المسلمين

وفقاً للحكومة الألمانية، فإنّ الإغاثة الإسلامية في ألمانيا (IRD) هي الأخرى جزء من شبكة الإخوان المسلمين. وهناك تداخل كبير في الإدارة والتنظيم ما بين منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا والمنظمة الأم في بريطانيا (IRW). هناك أيضاً تداخلات ما بين الإغاثة الإسلامية في ألمانيا IRD ومنظمة (الجماعة الإسلامية الألمانية DMG)، والتي كانت تسمى سابقاً الجماعة الإسلامية في ألمانيا (IGD)، والتي تعتبر أكبر منظمة في ألمانيا مرتبطة بجماعة للإخوان المسلمين.

وما يبرهن العلاقة ما بين منظمة الإغاثة الإسلامية IRW، المنظمة الأم في بريطانيا، ومنظمة IRD في ألمانيا، هو عمل زوجة القيادي الإخواني معتز طيارة المدعوة (هويدا تراجي)، والتي عملت في كل من IGD وIFBED، وكانت نائبة  للقيادي الإخواني في ألمانيا، إبراهيم الزيات، في إدارة منظمة الجماعة الإسلامية DMG وIGD.

وكانت شقيقة تراجي، المدعوة هبة تراجي، عضواً سابقاً في مجلس إدارة EFOMW وعملت أيضاً في مركز فرانكفورت، الذي شارك في تأسيسه عائلة إبراهيم الزيات. يبدو أن تسمية النساء في مثل هذه المناصب العليا كان الهدف منه تغيير السرد العام حول منظمة غير متسامحة، ويبدو أنها حققت بعض النجاح؛ فالنساء اللواتي تم ذكر أسمائهن قد أظهرن القليل من الأدلة على أن الأنشطة العامة للمجموعة هو خارج الموضوع. ومن المثير للاهتمام، على الرغم من أن منظمة الإغاثة الإسلامية IRW استبدلت اسمياً مجلسها بالكامل، إلا أنه كان هناك استثناء، وهو احتفاظ مجلس الإدارة القديم  بالقيادية لمياء العامري، الناشطة السويدية والرئيسة السابقة لـ EFOMW. الإخوان المسلمون في ألمانيا ، نفوذ متزايد

الإغاثة الإسلامية ـ ذراع الإخوان المسلمين

تطرح الإغاثة الإسلامية IRD ومنظمة (IGD) الألمانية نفسها بأنها [تنفذ برامج إنسانية لمساعدة المحتاجين]، وتبني النهج الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين في استعادة السلطة والسيطرة، والعودة إلى الأصول، من خلال استراتيجيتها المتكاملة، القائمة على ثلاثة اتجاهات: التوسع في المجتمع، وحوكمة المجتمعات المسلمة، واعتماد الاقتصاد الإسلامي، مبدأ “التكافل”، وكانت الإغاثة تحصل على الأموال من الحكومات في ألمانيا ودول أوربا. وتم تخصيص العديد من المراكز الإسلامية (IZ)، بعضها مستقل رسمياً، إلى DMG بألمانيا في بافاريا، هناك المركز الإسلامي بميونخ (IZM) والجالية الإسلامية نورمبرغ (IGN)، المركز الإسلامي سابقاً.

أنشطة الإخوان المسلمين السرية تتعارض مع الدستور الألماني

ناشد كريستوف دي فريز، سياسي مختص بالشؤون الداخلية في الحزب المسيحي الديمقراطي، يوم 12 ديسمبر 2019، المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، ذكر أسماء جميع الجمعيات التي لديها عضوية به علناً. وقال كريستوف دي فريز إن وجود “جمعيات سرية”، وكان المقصود منظمة التجمع الإسلامي الألماني (DMG)، يزيد الشك في مدى التزام هذه المنظمة بالدستور الألماني.

جاء قرارمؤتمر المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، في الأول ديسمبر 2019، بالأغلبية، مطالباً الجمعية الإسلامية الألمانية (DMG)، بتعليق عضويتها بالمؤتمر حتى صدور توضيح قضائي للاتهامات الصادرة ضدها. وبحسب الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا)، فإن الجمعية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

ويذكر بإن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا ZMD يمثل المسلمين أمام السلطات الألمانية، يذكر أن المجلس تأسس في عام 1994. وتركزت أهداف المجلس على القضايا المتعلقة بتعليم الدين الإسلامي وتمثيل مصالح الجاليات الإسلامية أمام السلطات الألمانية.

جماعة مللي غورش

تمثل غورش الإسلام السياسي، الإخوان المسلمين من أصول تركية. أكدت الحكومة الألمانية وجود علاقة بين الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وبين الإسلامويين ، في رد على سؤال لمسؤولة الشؤون الخارجية في حزب اليسار الألماني سيفيم داغديلين. وأشارت الحكومة إلى اتصالات مفتوحة بشكل متزايد مع حركة “ملي غوروش”  (IGMG)، التي يعتقد أنها تشكل الجذورالأيديولوجية والسياسية لجماعة الإخوان من أصول تركية ولها صلات بالحكومة التركية.

أن الجماعة الإسلامية ميللي غوروش (ICMG) هي اليوم المنظمة الإسلامية الأكثر نفوذا في ألمانيا، وواحدة من أهم الحركات الإسلامية العاملة داخل الشتات التركي في أوروبا. وتزعم الحركة أنها تدير أكثر من 514 مسجداً ومركزاً ثقافياً في أحد عشر بلداً أوروبياً؛ 323 من هذه المؤسسات تقع في ألمانيا. يبلغ مجموع عضوية ميللي غوروش الأوروبية حوالي 87,000، مع ما يقدر بـ 30,000 عضو في ألمانيا. وتقدر المنظمة أن حوالي 000 300 شخص في أوروبا يحضرون شعائرها الدينية أسبوعيا.

النتائج

ـ تحولت الجماعة الإسلامية الألمانية DMG، ومقرها كولونيا، إلى المقر الرئيس للإخوان المسلمين في ألمانيا، وهذا ما كشفت عنه الاستخبارات الألمانية الداخلية، وأعربت أجهزة المخابرات عن قلقها من أن الجماعة كانت تتسلل إلى النظام الديمقراطي لإنشاء نظام اجتماعي وسياسي قائم على مفاهيم و وأيديولوجية الإخوان، والتي دوماً تتحجج أنها تعمل وفقاً “للشريعة الإسلامية”. الإخوان المسلمون في ألمانيا التغلغل داخل المؤسسات

ـ كانت هناك روابط شخصية لا لبس فيها مع الإخوان المسلمين، ومع ذلك يظل من المدهش كيف يتم تجاهل الخطر المحتمل للإخوان المسلمين من قبل المخابرات الداخلية الألمانية. ما تهدف له جماعة الإخوان المسلمين وDMG هو تغيير طويل الأمد في المجتمعات الأوروبية واختراق المجتمعات بهدف إقامة نظام اجتماعي وسياسي مستقبلي قائم على أيديولوجية الإخوان.

وهنا وجب ذكر روابط شخصية وروابط هيكلية وأيديولوجية وثيقة ما بين منظمة (الجماعة الإسلامية الألمانية DMG) وجماعة الإخوان المسلمين، من خلال الاتصالات المستمرة بين كبار المسؤولين وشبكة الإخوان المسلمين العالمية.

ـ إنّ قرار المجلس الأعلى في ألمانيا ZMD جاء متأخراً في أعقاب سياسات الحكومة الألمانية الاخيرة في الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة ضمن ما يسمى “الطيف القانوني”، والذي يمكن تعريفه بأنه يضم الجماعات الإسلاموية المتطرفة التي تعتمد السياسات الناعمة بنشر التطرف والتحريض على الكراهية وتقديم الدعم اللوجستي للتنظيمات المتطرفة.

الاستخبارات الداخلية طالبت المجلس ربما منذ عام 2019، إلى ضرورة الكشف عن المنظمات والأشخاص التي تعمل تحت مظلة المجلس الإسلامي في ألمانيا، أي طالبت اعتماد الشفافية، غير ذلك كانت الداخلية قد حذّرت من الاستمرار بالتعامل مع المجلس.

الخطوة هذه يمكن أن تكون مؤشراً على اعتماد المجلس ووزارة الداخلية الألمانية معايير أكثر شدة، حول أنشطة جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، بعد أن أصبحت تمثل خطراً قائماً على المجتمع الألماني بنشر المجتمعات الموازية والتطرف والإرهاب.

بات من المرجح أن تشهد جماعة الإخوان تراجعاً كبيراً في أنشطتها داخل ألمانيا، وكذلك في أوربا، في أعقاب السياسات الوطنية المشددة، وبالتوازي مع انقسامات تنظيم الإخوان الدولي.

نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

.

رابط المصدر:

https://www.europarabct.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%88%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a3%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d8%a3%d9%86%d8%b4%d8%b7%d8%a9-%d8%b3%d8%b1%d9%8a/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M