الاستراتيجيّات الوطنيّة في مواجهة التّطرّف والإرهاب العالمي: الإنجازات والطّموح

 مؤتمر “الاستراتيجيّات الوطنيّة في مواجهة التّطرّف والإرهاب العالمي: الإنجــــــــــازات والطّمــــــــــــــــــوح”  – الأردن، 23- 25 نيسان / أبريل 2018

  • المصدر : مجلة قضايا التطرف والجماعات المسلحة : العدد الأول أيار – مايو 2019 دورية علمية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي “ألمانيا –برلين” .

 

خلال الفترة الممتدّة ما بين 23 – 25 ابريل 2018، نظمت كليّة الدراسات العليا بجامعة مؤتة (الأردن) مؤتمر “الاستراتيجيّات الوطنيّة في مواجهة التّطرّف والإرهاب العالمي: الإنجازات والطموح”، وتمّ هذا التنظيم بالاشتراك مع جامعة عمان الأهليّة، والمنتدى العالمي للوسطيّة في الأردن.

وقد نظّم هذا المؤتمر لمعالجة قضيّة الإرهاب التي تعدّ من المشكلات التي طالما لحقت بالمجتمعات الإنسانيّة لأسباب مختلفة ومتداخلة، وتتجدّد هذه القضيّة في أوقات معيّنة بحدّة وعنفوان، ممّا قد يتسبّب في تدمير أبنيّة المجتمعات وأسس استقرارها. ولعلّ عصرنا هذا أصبح من أكثر العصور التي ابتليت بها المجتمعات بأنّــواع جديـــدة مــن

الإرهاب، لم تشهدها أكثر الفترات التاريخيّة تطرفاً، فتركت آثارا خطيرة جداً، لم تقتصر في تدمير الأبنيّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة فحسب، بل اسهمت في احداث هزة حضارية عنـــــــيـــــــــــــفة امتدّت إلى الذّات والهويّة والأصول. وفي ظّل الظّروف الإقليميّة والدوليّة التي أصابت النظام الدولي، فقد برزت قضيّة الإرهاب والتّطرّف ضمن القضايا الدوليّة المؤثّرة في المحيط المحلي والإقليمي، الأمر الذي دفع الكثير من المهتمين لوضع رؤى لكيفيّة مواجهة هذا الخطر، وكيفيّة إدارة الأزمات الإرهابيّة على مختلف المستويات السّياسيّة والتشريعيّة والاجتماعيّة.

ومن هنا برزت أهميّة عقد هذا المؤتمر لتوسيع دائرة التّحليل المفهومي للتّطرّف والإرهاب، لتشمل الجوانب الثقافيّة والاجتماعيّة والدينيّة إضافة إلى أبعادها السياسيّة، وإعطائها خصوصيّة محليّة وعربيّة. ولهذا كانت هذه الدعوة مفتوحة أمام الأكاديميين والباحثين والسّياسيين في مختلف المؤسّسات محليّاً وإقليميّا وعالميّاً، حيث استهدف هذا المؤتمر المنظمات الدوليّة المعنيّة بقضايا الإرهاب والتّطرّف والأمن الإنساني، ومنظمات المجتمع المدني المحليّة والإقليميّة والعالميّة المعنيّة بقضايا اللّجوء وحقوق الإنسان والهجرة والأمن الإنساني، وكذلك الأكاديميين في الجامعات داخل الأردن وخارجة أصحاب الخبرة والإنتاج العلمي في حقل التّطرّف والإرهاب، إضافة إلى الباحثين المستقلّين، والصحفيين والإعلاميين، والمراكز البحثيّة والجمعيات المتخصّصة في مجال مكافحة التّطرّف والإرهاب.

لقد وضعت الجهات المنظّمة للمؤتمر جملة من الأهداف، يمكن إبرازها في صنفين: أهداف علميّة تتمثّل في السّعي إلى تأصيل قضيّة التّطرّف الإرهاب تأصيلا علميّاً من حيث المفهوم والمنطلقات، وتعزيز ضمان الفصل بين العلم والإيديولوجيا في مقاربة قضايا التّطرّف والإرهاب، والكشف عن الأبعاد الفكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة وغيرها، الكامنة وراء قضيّة التّطرّف والإرهاب، إضافة إلى المعالجة الفكريّة للإرهاب، حتى تتواكب وتتضافر المعالجة الفكريّة مع المكافحة الأمنيّة في اقتلاع جذوره واستئصال شأفته، وتجفيف منابعه.

أما الأهداف العمليّة من المؤتمر، يمكن إيجازها في وضع خطة عمل إستراتيجيّة استشرافيّة لتجفيف منابع الإرهاب، حتى يتم عزلها عن كونها معول هدم للأمّة والحضارة، وبيان أنّ الإرهاب من جرائم العصر، لا دين ولا وطن له، وإثبات براءة الإسلام منه فكراً وسلوكاً، وإيضاح أسباب التّطرّف والإرهاب، مع كشف منابعهما مخاطرهما وطرق التّصدّي لهما. ومن بين أهداف المؤتمر كذلك الدّعوة إلى العمل على صياغة إستراتيجيّات وطنيّة فاعلة لمواجهة الفكر التّطرّفي ومدلولاته، والخروج بتوصيات علميّة وعمليّة لتعزيز البناء الاجتماعي والدّيني والتّربوي لمكافحة التّطرّف والإرهاب.

وفي حفل افتتاح المؤتمر ألقى عميد كليّة الدّراسات العليا (مقرّر المؤتمر كلمة اللّجنة التحضيريّة) كلمة افتتاحيّة أكد خلالها سعي المؤتمر من خلال المحاور ذات الصّلة بالخطاب الدّيني والتّدابير الشّرعيّة والاستراتيجيّات الوطنيّة، وإدارة المعرفة والتّشريعات والقوانين النّاظمة إلى رسم طريق وإستراتيجيّة حقيقيّة في مواجهة التّطرّف الفكري والعقائدي المؤدي للإرهاب العالمي، الذي أصبح الوباء الذي لابدّ من محاربته واستئصاله. كما أضاف أنّ الأمّة العربيّة تراهن على نتاج علمائها وباحثيها الفكري لحمايتها من تداعيّات الإرهاب ضد نهضة الشّعوب وأمنها المجتمعي .

كما ألقى رئيس جامعة عمان الأهليّة كلمة أكدّ فيها على الدّور التّشاركي بين المؤسّسات الأكاديميّة في تعزيز مفاهيم الولاء الوطني والانتماء ومحاربة الإرهاب والتّطرّف، مضيفاً أنّ الأردن بمسيرته الحضاريّة يعبّر عن

وسطيّة الأمة. وأكّـد الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطيّة في كلمته أنّ النهج الهاشمي الوسطي المعتدل نأى بالأردن عن الصراعات الإقليميّة إلى بوصلة الأمن والاستقرار رغم ما يشهده الإقليم من اضطرابات عصفت به بين الحين والآخر. وأشار رئيس هيئة علماء المسلمين بالعراق في كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح إلى أهميّة البحث العلمي الرصين في معالجة أسباب التّطرّف الفكري والإيديولوجي، والوقاية من كافّة أشكاله وانواعه.

أمّا في اليوم الأول من المؤتمر، فقد عالج المتدخلّون خلال الجلسة الأولى مسألة “الخطاب الدّيني والتّدابير الشّرعيّة في مواجهة / صناعة التّطرّف والإرهاب”. ترأس هذه الجلسة الدكتور اخليف الطراونة، وتضمنت خمسة مداخلات، حيث افتتح الجلسة الدكتور عطا الله فايز من باكستان بمداخلة عنوانها “دور الجامعات والمؤسسات التربويّة في مكافحة الإرهاب والتّطرّف وتعزيز قيم الاعتدال”. تبعتها مداخلة ثنائيّة لكلّ من الدكتور محمد الرواشدة والدكتور علي الفواز من الأردن، حيث قدّما مداخلة بعنوان “مكافحة التّطرّف والإرهاب في الخطاب الديني”. وقدّم الدكتور أحمد كافي من الجزائر المداخلة الثّالثة التي تناول فيها “الإيديولوجيّات والمذاهب الفكريّة المتطرفة: أدوات وغايات”. أما المداخلة الرّابعة فقد قدّمت عن مركز السّلم المجتمعي الكائن بالأردن، وتناولت “إستراتيجيّة مديريّة الأمن العام في مكافحة التّطرّف والعمل الإرهابي”. واختتمت الجلسة الأولى من طرف الدكتور إياد خازر المجالي من الأردن، بمداخلة كان عنوانها “إيديولوجيّة الفكر السياسي الإيراني بين النظريّة والتطبيق (الحوثيون أنّموذجا)”.

وفي اليوم الأول كذلك، أنعقدت جلسة ثانيّة حول مسألة “الخطاب الدّيني والتّدابير الشّرعيّة في مواجهة/ صناعة التّطرّف والإرهاب”. وترأس هذه الجلسة الدكتور يوسف الجعافرة، وقدّمت خلالها خمسة أوراق بحثيّة، حيث ركزت الورقة الأولى على موضوع “كيف ننقذ جيل الشّباب من التّطرّف والإرهاب، قدمها الدكتور أحمد طعمة من سوريا. وقدّم الباحث قاسم تيجاني من نيجيريا الورقة الثانيّة تحت عنوان “دور العلماء والمفكرين والنخب في تعزيز خطاب الاعتدال ونبذ العنف”. وكانت الورقة الثّالثة حول “الايدولوجيا والتّطرّف” من تقديم الأستاذ إبراهيم العجلوني من الأردن. أما المداخلة الرّابعة حملت عنوانّ “الفكر المتطرّف: واقع وتحدّيات”، قدّمها ممثّل عن مركز السّلم المجتمعي الكائن بالأردن. وقد اختتم الدكتور يوسف خطايبة الجلسة الثانيّة بمداخلة عنوانها “عوامل التّطرّف وارتباطاته في المجتمعات العربيّة”.

وقد اُستأنفت أشغال المؤتمر في اليوم الثّاني بعقد جلستين، فعالجت الجلسة الأولى “التّشريعات القانونيّة الرّادعة لأسباب وأنّواع التّطرّف والإرهاب”. وتولّى العميد الركن ناصر المهيرات من الأردن، رئاسة هذه الجلسة، حيث تمّ خلالها تقديم خمس مداخلات، قدّم المداخلة الأولى الدكتور محمد زاهد جول من تركيا، تناول فيها “دور الإعلام في نشر ثقافة الوسطيّة والاعتدال والتعايش”، وكانت المداخلة الثانيّة من تقديم الدكتور أنس الشّقفة من النّمسا، حيث كشف فيها عن “المبررات والذرائع القانونيّة لمواجهة التّطرّف والإرهاب في ظل القانون الدّولي”، لتأتي بعدها الورقة الثّالثة التي قدّمها الدكتور وليد فارس من ماليزيا، وكانت تحت عنوان “المعايير الدوليّة بين العدالة والانحياز لمواجهة التّطرّف والإرهاب”، أما الورقة الرّابعة قدمتها الدكتورة نهلة المومني من الأردن، ومن خلالها كشفت عن “المبرّرات والذرائع القانونيّة لمواجهة التّطرّف والإرهاب في ظل القانون الدولي لحقوق الإنسان”. ثمّ اختتمت هذه الجلسة بمداخلة قدّمها الدكتور محمد الذنيبات من الأردن، وقد تناول فيها مسألة “مدى كفايّة المنطلقات القانونيّة في تشريعات مكافحة الإرهاب”.

كما أنعقدت جلسة أخرى في اليوم الثاني من المؤتمر، حيث عالج فيه المتدخلّون “دور المؤسّسات في التّخطيط الاستراتيجي لمواجهة الإرهاب والتّطرّف”، وترأس هذه الجلسة الدكتور حسن مبيضين، وهي الأخرى تضمّنت خمسة أوراق بحثيّة، ففي الورقة الأولى التي قدّمها الدكتور قيس المعايطة من الأردن، تم تبيان “دور المناهج الجامعيّة في تكوين شخصيّة الطالب المعتدلة ومكافحة التّطرّف”، وفي الورقة الثّانيّة ركّز الدكتور أنس العبده من سوريا، على إيضاح أهميّة “التّخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأزمات الإرهابيّة”، ثمّ جاء بعده الباحث حسن نصر بطاظو من الأردن، وقدّم الورقة الثّالثة تحت عنوان “أثر العقيدة الصّحيحة في حفظ الدماء”. أما الباحثة ميسون المبيضين من الأردن، فقد قدّمت الورقة الرّابعة التي تناولت فيها موضوع “المرأة وعلاقتها بالتّطرّف والإرهاب”. واختتمت الجلسة بتقديم ورقة بحثيّة من طرف الدكتور حمزة المعايطة من الأردن، ومن خلالها تناول بالتّحليل موضوع “الخطاب الدّيني والتّدابير الشرعيّة في مواجهة الإرهاب”.

أمّا في اليوم الثالث من المؤتمر، فانعقدت جلسة أخيرة حول “تقييم الإستراتيجيّة الوطنيّة لمكافحة التّطرّف”، ترأسها المهندس مروان الفاعوري (الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطيّة). قدّمت خلال هذه الجلسة خمسة أوراق بحثيّة، إذ قدّم الدكتور عبد الرحمان أبداح من الأردن، الورقة الأولى مبيّنا فيها “دور المؤسّسات الدينيّة في تنفيذ الإستراتيجيّة الوطنيّة لنشر قيم الاعتدال ومكافحة التّطرّف”، وتناولت المداخلة الثانيّة موضوع “الغلو والتّطرّف، ماهيته وأسبابه ودوافعه وأثره على الفرد والمجتمع”، قدّمها كل من الدكتور صالح المساعيد والدكتور تركي الفواز والدكتورة فاطمة النشاش (كلهم من الأردن)، في حين ركزّت الورقة الثّالثة على “دور مركز السلم المجتمعي في مكافحة التّطرّف”، حيث قدّمها ممثّل عن المركز الموجود في المملكة الأردنيّة، أمّا المداخلة الرابعة، فقد قدمها الدكتور وليد العويمر من الأردن، وقام من خلالها بتحليل “دور الجامعات الأردنيّة في مكافحة الفكر المتطرف”. وكانت هناك مداخلة أخيرة حملت عنوان “استخدام الأساليب والأدوات الالكترونيّة للتجنيد والإرهاب الالكتروني العالمي ودور وسائل التّواصل الاجتماعي في نشر قيم الاعتدال”، حيث قدّم هذه المداخلة الدكتور علي الحجاحجة من الأردن.

وفي ختام المؤتمر أكّـــد المشاركون على جملة من الأسس الحضاريّة والفكريّة والثقافيّة والعلميّة والعمليّة، وخلصوا بها إلى عدد من التّوصيات أبرزها:

على المستوى المفاهيمي والعلمي، أوصى المؤتمرون على ضرورة التّمييز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للتحرّر من الاستعمار. كما أوصوا على ضرورة العمل لإعادة تأهيل بعض المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في تحديد مفهوم التّرويع، كما ورد في المصادر الشرعيّة، وتجنّب الصّراع الدّيني والسّياسي. وتفعيل الخطاب الإنساني الذي يحقّق الدّور الحضاري للدّين الإسلامي، وبيان خطورة الإيديولوجيّات الفكريّة والعقائد المتطرّفة ذات الامتداد العالمي، والتي تغذّي فكرة التّطرّف الدّموي والمغالاة والإرهاب من خلال أفكارها الملتويّة التي تدفع بها إلى مراكز صنع القرار الدولي، ممّا يستوجب الرّد عليها ممن يحملون فكراً قويماً،  كما دعوا إلى الحكمة والموعظة الحسنة في الطّرح الثّقافي الحضاري الإنسانيّ. إضافةً إلى دفع دعاوى المتطرّفين ومواجهة خطاباتهم المتطرفة بخطاب علمي وموضوعي مستند إلى الحجج والبراهين العلميّة الدّامغة والأدلّة الشرعيّة الوسطيّة الثّابتة. والتّأكيد على أهميّة القيم الدينيّة والأخلاقيّة والتّدابير الشرعيّة التي تعزّز مفهوم الاعتدال وقبول الآخر، ودورها في توازن المجتمع ودفع الغلو والتّطرّف عن أبنائه. وأكّــــــــد المؤتمرون على ضرورة التّواصل المستمر بين  العلماء والباحثين والفقهاء والقانونيين في التّأطير النّظري المناسب لمسألة علاقة الدّين بالسّلطة انطلاقا من القيم السّياسيّة في القرآن الكريم والدّولة المدنيّة الحديثة.

أمّا على المستوى الاستراتيجي فقد دعا المؤتمرون إلى ضرورة وجود إستراتيجيّة إعلاميّة شاملة للأمة في سائر أقطارها، إضافةً إلى تكاثف الجهود الرسميّة والمدنيّة للعمل الشمولي في مواجهة التّطرّف والإرهاب في جميع المستويات والمجالات، والتّأكيد على تكامل الجهود الوطنيّة والعربيّة والإسلاميّة من خلال توحيد الخطاب الإعلامي الرّسمي لمواجهة التّطرّف والإرهاب. وكذلك ضرورة  التّنسيق والمتابعة لإيجاد إستراتيجيات وطنيّة داخل كل الدول العربيّة والإسلاميّة تستنهض الهمم في الميادين التنمويّة كافة، كالتربيّة والتّعليم والإعلام والتنميّة المستدامة والمؤسّسات الأمنيّة وصولاً إلى جهد وطني تكامليّ، يهدف إلى الحفاظ على منجزات الأمة، وتوحيد الجهد في مكافحة التّطرّف والإرهاب محليّاً وعالميّاً. والتّأكيد على أهميّة التفاعل الإيجابيّ وتبنّي إستراتيجيّة الأمم المتحدة لعام 2015 الشّاملة، المطالبة بضرورة مواجهة الإرهاب والتّطرّف ضمن مفاهيم واضحة ومحدّدة بمعايير دوليّة عالميّة. وضرورة مراعاة البعد الإستراتيجي في التّخطيط لأهداف طويلة على المدى القريب والبعيد، تكون قابلة للتّحقيق على أرض الواقع.

أما على المستوى العملي والميدانيّ،  فقد جرى التّأكيد على اتّخاذ كافة السبل والوسائل لمحاربة كافة أشكال الإرهاب والفكر المتطرّف كضرورة وطنيّة وحاجة إنسانيّة عالميّة ومصلحة دينيّة تستهدف تنقيّة الدّين الإسلاميّ ممّا علق به من الأفكار الدّخيلة، التي تسعى للتّشويش على حضوره الإنسانيّ ورسالته الإنسانيّة. والتّأكيد على دور المؤسسات الأكاديميّة والإعلاميّة والثقافيّة في نشر ثقافة التّسامح وتعزيز معنى المواطنة في المجتمعات العربيّة والإسلاميّة، ضمن مفاهيم عمليّة قابلة للتّطبيق. ودعم برامج الأسرة لتكوين شخصيّة الفرد المتوازنة، وتحقيق التّحصين الفكري للمجتمع.

كذلك تّم التّأكيد على أنّ الظّلم والتّهميش والإقصاء وانتشار الفساد وانعدام الحكم الرشيد وتراجع برامج التّنميّة يؤدّي حتماً إلى ظهور وتفشّي ظاهرة الإرهاب والتّطرّف، وعليه لابدّ من تصويب الأوضاع بما يتلاءَم مع ظروف الدولة وإمكانيّاتها المتاحة. ومعالجة نقاط الضّعف الحقيقيّة وحالة عدم التّوازن في الوظيفة الاقتصاديّة والاجتماعيّة للحكومات؛ لأنّها السّبب في إحداث حالة من عدم الاستقرار على المستوى الداخلي، وفي الاحتقان الاجتماعي كونه يمثّل نقطة ضعف أمام الجهود الحقيقيّة التي يمارسها النّظام السّياسي في مواجهة الإرهاب، ومحاربة التّنظيمات الإرهابيّة، خاصّة في جوانب معالجة الفقر والبطالة. كما دعا المؤتمرون إلى ضرورة إقامة منصّات خطابيّة للشباب تعبّر عن رؤاهم الفكريّة ومشاعرهم بعيداً عن كينونة الإرهاب ومزالقه، وضرورة تجفيف منابع ومصادر تمويل أنشطته الإرهابيّة الإلكترونيّة. وأوصى المؤتمرون كذلك على ضرورة استخدام أسلوب الصّياغة القانّونيّة لضبط سلوك الأفراد، والتزام الدّول بالقيود الدوليّة الضّامنة للحرّيات الشّخصيّة بما ينسجم مع المواثيق الدوليّة لحقوق الإنسان.

وأخيراً، خلص المؤتمرون إلى نتيجة مفادها ضرورة التّأكيد على دور المؤسّسات الأكاديميّة والجامعات والمراكز البحثيّة في وضع خطة إستراتيجيّة شموليّة، وصياغة مناهج دراسيّة، وعقد مؤتمرات نوعيّة لفئة الشّباب وطلبة العلم في المراحل الجامعيّة كلّها، لضبط سلوك الأفراد نحو منهجيّة الوسطيّة والاعتدال ضمن أسس ومعايير موضوعيّة.

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=60457

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M