السياسيون الفاشلون يورطون أميركا وإيران

بهاء النجار

لم يعد خفياً التأثير الدولي المتمثل (بالولايات المتحدة) والإقليمي (المتمثل بإيران ودول المنطقة) في العراق ، فالولايات المتحدة هي من أسقطت نظام صدام وصرفت الترليونات من الدولارات من أجل ذلك وبالتأكيد لن تتركه يفلت من يدها لطرف يعاديها ، وإيران لها مشتركات عديدة مع العراق دينية وثقافية واجتماعية وتأريخية وجغرافية واقتصادية وأمنية ، وليس من السهل أن تسمح لطرف معادٍ لها أن تسيطر عليه فيضر بأمنها القومي ، أما دول المنطقة عموماً ودول الخليج خصوصاً فمصلحتهم من مصلحة الولايات المتحدة .
وبما أن الحكم بالنيابة هو سمة العصر ، فلم يعد مسموحاً بالحكم بطريقة الاحتلال الذي انتهى في أواسط القرن الماضي ، لذا اعتمد كل طرف مؤثر في العراق بعد 2003 على زج مجموعة من السياسيين الموالين له كي يحفظ مصالحه من المساس من قبل الطرف الثاني المعادي .
لكن مشكلة الطرفين الدولي والإقليمي أنهما لم يجدا سياسيين موالين لهما حكماء يحسنون التصرف في إدارة حكم العراق ، ومن باب ( وجود سياسي أحمق خير من عدم وجوده ) اعتمد الطرفان على ما موجود من سياسيين حمقى لا يعرفون كيف يديرون العراق بشكل ينفع الطرفين وينفع الشعب العراقي في نفس الوقت .
إن السياسيين الذين حكموا العراق – بصورة مباشرة من خلال السلطة التنفيذية او غير مباشرة من خلال السلطة التشريعية والإعلام والأموال والعمل المخابراتي – وإن كانوا مقيدين بالخطوط العامة التي يحددها الطرف الذي ينتمون إليه ، إلا أن لهم مساحة من التحرك الذي يكشف حقيقتهم وقدرتهم على إدارة الدولة من خلال تفاصيل العملية السياسية ، بل إن مواقف الأطراف الخارجية تعتمد كثيراً على ما ينقله إليهم السياسيون الموالون لهم والعملاء المقربون منهم باعتبارهم قريبون من الواقع .
ولأن (الأحمق يضرك عندما يريد أن ينفعك) فإن هؤلاء السياسيين الحمقى الفاشلين الذين لا يتقنون أي مهارة من مهارات السياسية وأرادوا أن يرضوا أسيادهم فصوّروا لهم أن الحل هو أن يتسيّد الطرف الذي يوالونه وذلك بإخراج الطرف الثاني من الساحة العراقية ، هذه الصورة دفع العراقيون دماءً وأموالاً بسببها .
ولا أعتقد أن العاملين الدولي والإقليمي كانا يفضلان هذه الصورة ، لأن ما يفضلاه هو أن تتحقق مصالحهما بأقل الخسائر ، وليس من مصلحتهما أن يتصارعا ، لأن صراعهما خسارة لهما ، وهذا ما أثبته الواقع ، فالولايات المتحدة تفكّر بموضوع استقرار العراق مادياً من حيث الربح والخسارة ، وكلما تأخر الوقت عن الاستثمار فيه كلما زادت خسارتها وقد يتولد ضغط داخلي بعرقلة التواجد في العراق والمنطقة ، أما إيران فمنهكة اقتصادياً وليس بوسعها مقاومة أميركا لفترة طويلة خاصة وأن الثانية تملك إعلاماً ومخابرات تؤجج الوضع الداخلي الإيراني ضد نظام ولاية الفقيه .
ولو كان هناك سياسيون حكماء محنّكون قادرون على لعب دور التقريب بين الطرفين وتحقيق مصالحهما سوية والتي تصب بالتأكيد في مصلحة الشعب العراقي فسوف لن يتأخر الطرفان عن الابتعاد عن التصعيد وعن دعم هؤلاء السياسيين ، ولكن ليس في اليد حيلة ، فليس أمام الطرفين سوى هؤلاء السياسيين الحمقى الفاشلين الذين كلفوا الجانبين أكثر مما ينبغي .

 

رابط المصدر:

https://www.facebook.com/BahaaaAlnajjar/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M