الشمول المالي وتأثيره على النمو الاقتصادي في مصر (2000-2021)

اعداد : باسم محمد بدرالوجود سيد , آيه سيد احمد احمد يونس , الشيماء عبدالحميد أحمد محمد , ماهيتاب عادل جابر إبراهيم , حسنة مصطفى حسن عبدالمجيد –  إشراف : د. عثمان أحمد عثمان – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر 

 

ملخص :

تهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر في الفترة(2000-2021) بافتراض أن الشمول المالي يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي في مصر خلال تلك الفترة، وتم الاعتماد في تحليل ذلك على وصف الظاهرة التي تم تناولها وصفًا كيفيًا بتوضيح خصائصها، وكميًا من خلال تصميم نموذج قياسي، وتناولت عدة مؤشرات للمتغيرين أولهما الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار وهذا هو المتغير التابع، ولقياس الشمول المالي جاءت مجموعة متغيرات مستقلة وهي: عدد ماكينات الصراف الآلي، عدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية، عدد فروع البنوك التجارية، وأخيرًا عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية.

توصلت الدراسة الى وجود علاقة طردية ومعنوية بين عدد ماكينات الصراف الآلي والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي، وجود علاقة طردية ومعنوية بين عدد المقترضين من البنوك التجارية والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي، وجود علاقة طردية ومعنوية بين عدد فروع البنوك التجارية والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي، ووجود علاقة عكسية ومعنوية بين عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي.

وأخيرًا فقد أوصت الدراسة بإتاحة المناخ الاستثماري في مصر، وتعزيز المناهج الدراسية بثقافة الشمول المالي، فضلًا عن التوسع في إنشاء البنوك الإلكترونية وغيرها من التوصيات.

Abstract

This study aims to examine the impact of financial inclusion on economic growth in Egypt during the period(2000-2021). It assumes that financial inclusion has a positive impact on economic growth in Egypt during that period. The analysis was based on describing the phenomenon that was addressed qualitatively by clarifying its characteristics, and quantitatively by designing a Regression model. Several indicators were used for the variables, the first of which is the Gross Domestic Product (GDP) per capita at current prices in US dollars, which is the dependent variable. To measure financial inclusion, a set of independent variables were used, including the number of ATMs, the number of customers who obtained loans from commercial banks, the number of branches of commercial banks, and finally, the number of deposit accounts in commercial banks.

The study found a significant and positive relationship between the number of ATMs and GDP per capita at current prices in US dollars. It also found a significant and positive relationship between the number of borrowers from commercial banks and GDP per capita at current prices in US dollars. Moreover, the study found a significant and positive relationship between the number of branches of commercial banks and GDP per capita at current prices in US dollars. On the other hand, it found a significant and negative relationship between the number of deposit accounts in commercial banks and GDP per capita at current prices in US dollars.

Finally, the study recommended creating an investment-friendly environment in Egypt, enhancing the curricula with financial inclusion culture, and expanding the establishment of electronic banks, and other recommendations.

المقدمة:

قديمًا، وفي بداية الحياة، كان الفرد يتبع سلوكًا عشوائيًا في إشباع حاجاته، يقطع الثمار يصطاد الحيوانات ليأكل ويواصل المعيشة، ومع مرور الوقت وإدراكه لما حوله، بدأ يستقر شيئًا فشيئًا حتى هبط الوديان، وعرف الزارعة فزرع الثمار بدلاً من قطفها، وربّى الحيوان بدلًا من اصطياده، وظل يشبع حاجاته بنفسه، ثم تطور فعرف الإنتاج وبدأ يغوص في بحر السلع المنتجة، حتى وصل للحد الذي لا يستطيع فيه الفرد أن يشبع حاجاته بمفرده، فكانت بداية التخصص في الإنتاج والعمل.

ومن هنا ظهرت بوادر المشكلات الاقتصادية وهي إشكالية “تبادل السلع” وتقدير قيمتها مقارنة بغيرها فابتكروا المقايضة، فلاقت مشاكل عدة، فلجأوا للذهب، فكان ثقيل الوزن عند السفر حيث اتسعت رقعة المبادلة والتجارة، حتى اهتدى الإنسان إلى أوراق تسجل بها قيمة الذهب بدلاً من حمله، وهنالك كانت بداية نشأة النقود وتطورها المعروف، وبعدها استمر التطور حتى ظهرت البنوك والمنافذ المصرفية المختلفة، وتنوعت العملات والمنتجات المالية، إلى أن وصلنا إلى عصرنا الحالي.. العصر الذي أصبحت فيه المنتجات المالية لها تأثير مستقل لذاتها على الاقتصاد.

ولما كانت الدول والحكومات في عصرنا هذا تتجه إلى “التحول الرقمي” ومعه جنبًا إلى جنب “تطبيق سياسات الشمول المالي” ولِما ظهر من مشكلاتٍ وتحدياتٍ وقضايا جعلت هذه السياسات تصبح ضرورةً ملحة، وليست رفاهية اقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة للدول، وبدأ الشمول المالي في الظهور على الساحة العالمية في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 والتي تعتبر هي نواة البداية العالمية نحو تطبيق الشمول المالي، فكان حريٌ بنا في هذه الدراسة أن نهدف الى دراسة أثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2000-2021)” مع الأخذ في الاعتبار جوانب شديدة الحساسية تؤثر على الموقف الاقتصادي ومستقبل الاستدامة في الدولة المصرية.

فإنه ومن الضروري الأخذ في الاعتبار الجوانب التي تشغل الساحة الاقتصادية العالمية وتؤثر، بلا شك، في الموقف الاقتصادي والتنموي لجمهورية مصر العربية، بل وتحدُ من التهديدات المحتملة التي تستهدف الموارد، العمليات، والسلع المنتجة وما يعكسه الشمول المالي من تحقيق نمو إنتاجي، ورفع مستويات الدخل عامةً، والنظر إلى التحول الرقمي كأحد أدوات تحقيق وتطبيق سياسات الشمول المالي الذي لم ولن يكن متواجدًا بصورة فعالة دون التحول الرقمي للمؤسسات وحوكمة الإدارات.

وعليه فذلك كله يمكنه أن ينعكس بصورة إيجابية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر 2030، حيث يظهر أثر سياسات الشمول المالي في تمكين محدودي الدخل وتسهيل العملية التعليمية، ودعم المشروعات الصغيرة، ورفع مستويات الدخول ومن ثم تحقيق النمو الشامل بكافة أبعاده، وأبرزها تسهيل الوصول لكل من الخدمات المالية والمصرفية في كافة أنحاء الدولة، والوصول إلى معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي في مصر ليس فقط على مستوى الدخل وإنما النهوض المرجو بمؤشرات التنمية البشرية المختلفة.

أهمية الدارسة

تكمن أهمية الدراسة في تتبع خطوات الشمول المالي وأثره على النمو الاقتصادي في مصر في الفترة الزمنية من (2000-2021)، ففكرة الشمول المالي أصبحت الأكثر إلحاحًا على مستوى العالم بعد أزمة 2008 وهذا ما دفع دول العالم إلى استهداف الشمول المالي في استراتيجياتهم ووضع سياسات لتجنب الوقوع في مثل هذه الأزمات. فقد اهتمت مصر، على غرار تلك الدول، بالشمول المالي ومنحت صلاحيات تحقيقه للبنك المركزي وذلك لمحاولة الاستفادة من مزاياه، فهو يعمل على خلق مُناخ آمن للادخار ودمج القطاعات غير الرسمية في الاقتصاد وتضمين كافة فئات المجتمع والمهمشة منها في القطاع المالي، وتحقيق الاستقرار المالي ومن ثم الاستقرار الاقتصادي.

وانطلاقًا من حداثة الموضوع وحرص دول العالم على تحقيق الشمول المالي وتطبيق سياساته كان لابد من زيادة الوعي بماهية الشمول المالي وتطوره، ومدى ارتباطه بأهداف التنمية المستدامة، والأثر الذي يحدثه الشمول المالي في تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة. فقد استطاع الشمول المالي تخطي فترة جائحة كورونا بإثباته أنه الخيار الأمثل والمناسب لتحقيق أهداف الدولة المتمثلة في التباعد الاجتماعي في هذه المرحلة. ومن هنا يأتي دور التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية Fintech في تعزيز آليات الشمول المالي. وتمثل الدراسة إضافة لهذا الحقل البحثي حيث لم ينل الحديث عن الشمول المالي نصيبًا كافيًا من الدراسات البحثية والتطبيقية خاصة في الدول النامية.

الهدف من الدارسة

يتمثل هدف هذه الدراسة في التوصل إلى طبيعة تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر في الفترة (2000-2021) وذلك من خلال تناول تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي من أبعاد مختلفة جميعها محض اهتمام دول العالم كافة في الوقت الراهن، وكذلك اهتمام الدولة المصرية على وجه الخصوص فمنها مثلًا مساهمة الشمول المالي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتناول دور الحكومة المصرية في تفعيل سياسات الشمول المالي.

فهذه الدراسة تسعى آملة أن تثبت التأثير الإيجابي القوي والفعال لتطبيق سياسات الشمول المالي على النمو الاقتصادي المصري قياسًا على الجوانب المذكورة أو الوقوف على معوقات ذلك إذا ثبت العكس.

التساؤل البحثي الرئيسي

يُعد الشمول المالي، منذ عام 2011، واحدًا من ضمن أهم الموضوعات عالميًا التي تشغل عقل المفكرين والباحثين الاقتصاديين والماليين، وينبع هذا الاهتمام المتزايد من أهمية وفاعلية التأثير الإيجابي لسياسات واستراتيجيات الشمول المالي على زيادة معدل النمو الاقتصادي مما يؤثر بالتتابع على كل من الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط نصيب الفرد من الأخير، كما أنه يعمل على تمكين وتحقيق سبعة أهداف من أهداف التنمية المستدامة بناءً على تقارير البنك الدولي، كما أنه فاعل أساسي ومهم في مجابهة مشاكل عالمية يتم تصنيفها ضمن أخطر المشكلات التي تواجه البشرية والعالم في القرن الواحد والعشرين، ومنها أزمة فيروس كورونا العالمية علاوة على مساهمة الشمول المالي بشكل فعال في زيادة مستويات الدخول كما يسهم في الوصول العادل للمنتجات المالية مما ينعكس على التنمية المستدامة وتحقيق أهدافها، ومن هنا تلقي هذه الدراسة الضوء على تساؤل رئيسي هو: إلى أي مدى يؤثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي تطبيقًا على مصر خلال الفترة (2000-2021)؟

التساؤلات الفرعية

  1. ما ماهية الشمول المالي ومراحل نشأته وتطوره؟
  2. كيف كان وضع النمو الاقتصادي في مصر قبل تطبيق سياسات الشمول المالي وبعد تطبيقها؟
  3. ما دور الشمول المالي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر؟
  4. ما دور الشمول المالي في تحقيق الاستقرار المالي؟
  5. ما دور الحكومة المصرية في تفعيل سياسات الشمول المالي؟

فرضية الدارسة

في ظل عالم يسوده التطور التكنولوجي والتحول الرقمي تسعى الحكومة المصرية جاهدة من أجل مواكبة ذلك التطور لتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة مستخدمة كل الوسائل المؤدية له، ومن أهمها تطبيق الشمول المالي لاعتباره عنصر متزايد الأهمية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الشاملة وليس فقط على المستوى الاقتصادي بل ولارتباطه وإلمامه بالأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة.

فللإجابة على تساؤلات الدراسة، سوف تعتمد الدراسة على فرضيات علمية تساعد على القيام بالعمل المنهاجي المناسب للوصول إلى إجابات واضحة تحقق أهداف الدراسة، ومن هنا يمكننا صياغة فرضية هذه الورقة البحثية كما يلي:

“يؤثر الشمول المالي بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة من عام 2000 حتى عام2021 ”

منهجية الدارسة

تحقيقًا لهدف البحث وفى ضوء طبيعته وأهميته ومفاهيمه وفروضه، تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي في التعريف بالمفاهيم والإطار النظري للدراسة ومراجعة ما ورد في الأدبيات الاقتصادية حول الشمول المالي، وحتى نستطيع الإجابة على إشكالية البحث المطروحة وتساؤلاته والإلمام بكل جوانبه ولاختبار صحة الفرضيات المذكورة سابقًا وذلك في ضوء ما يتوفر من البيانات الناتجة عن التتبع للظاهرة.

وكذلك وصف الظاهرة التي تم تناولها وصفًا كيفيًا بتوضيح خصائصها، وكميًا من خلال عمل نموذج قياسي مبني على افتراض علاقة دالية بين المتغيرات الاقتصادية محل الاهتمام من أجل تحليل السلاسل الزمنية للمتغيرات محل الدراسة.

ولتوضيح إلى أي مدى وصل الشمول المالي ودرجة ارتباطه وتأثيره على النمو الاقتصادي بجمهورية مصر العربية تم الاعتماد على منهج الاستنباط للبحث في العلاقة بين المتغيرين والوصول الى نتيجة منطقية واضحة بينهما، وإحصائيًا من خلال بعض الأدوات المتمثلة في الرسوم والأشكال البيانية، وتحليليًا بمعرفة تطور مؤشرات الشمول المالي بمصر خلال الفترة (2000-2001)

اعتمد التحليل على البيانات الثانوية المتوفرة من أجل الإجابة على التساؤل الرئيسي لمعرفة تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2000-2001) مستخدم ين بيانات السلاسل الزمنية وهي بيانات سنوية.

وسيتم الاعتماد على مجموعة من المتغيرات يمكن إيضاحها بالجدول التالي:

المتغير طريقة القياس مصدر البيانات
النمو الاقتصادي الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار البنك الدولي
الشمول المالي عدد ماكينات الصراف الالي
عدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية
عدد فروع البنوك التجارية
عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية

 حدود الدارسة

الحدود المكانية: تتناول الدراسة جمهورية مصر العربية.

الحدود الزمانية: تتناول الدراسة الفترة الزمنية (2000-2021)

وتنقسم في داخلها إلى فترتين وهما فترة ما قبل تطبيق مفهوم الشمول المالي في مصر (2000-2010)، وفترة تطبيق سياسات الشمول المالي في مصر (2010-2021) وذلك للوقوف على الأثر الفعلي لتطبيق سياسات الشمول المالي على النمو الاقتصادي.

الإضافة البحثية

تكمن الإضافة البحثية في تغطية موضوع معاصر ومحط اهتمام كثير من دول العالم والمنظمات الدولية، وتشكل الدراسة إضافة في ذلك الحقل الخاص بالشمول المالي، فقد لاحظنا قصور في الدراسات في الدول العربية والنامية. ونسعى من خلال هذه الورقة للإجابة على تساؤل رئيسي وهو “إلى أي مدي يؤثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة الزمنية من (2000-2021)”؟ باستخدام الأسلوب الوصفي وبعض من الأساليب التحليلية كالنموذج القياسي وكما هو واضح من التساؤل فإننا سنقوم بتغطية فترة زمنية كبيرة تتخطى العشرين عامًا، للوقوف على ذلك الأثر الفعلي لتأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي، فقد توصلنا -من خلال المسح التطبيقي- إلى أن تأثير تطبيق سياسات الشمول المالي بالكامل في فترات زمنية كبيرة ينعكس على الأجل الطويل وليس فقط الأجل القصير. وعلى الرغم من الجهود المصرية المبذولة لتعزيز الشمول المالي، تبين لنا من خلال واقع الشمول المالي في مصر أنه مازال لدينا العديد من المواطنين مستبعدين ماليًا وغير قادرين على الوصول للخدمات المالية الرسمية واستخدامها بما يتفق مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ومن هنا نسعى حثيثًا لتقديم بعض من المقترحات والتوصيات الفعالة والتي عند اتباعها لابد أن تجني ثمارها.

هيكل الدارسة

تنقسم هذه الدراسة الى أربعة مباحث بالإضافة إلى المقدمة، ينقسم كل مبحث إلى مطلبين، ويأتي المبحث الأول تحت عنوان “الإطار المفاهيمي” للدراسة حيث يتناول مطلبه الأول مفهوم الشمول المالي وعلاقته بالمفاهيم الأخرى، والتطور التاريخي لمفهوم الشمول المالي، أبعاده أهميته وأهدافه، بالإضافة إلى مميزات وعيوب الشمول المالي، معوقاته وتحدياته، بينما يتناول مطلبه الثاني دور التكنولوجيا المالية في تعزيز تطبيق سياسات الشمول المالي، ومن ثُم تناول مجهودات الحكومة المصرية لتعزيز تطبيق سياسات الشمول المالي وختامًا للمطلب الثاني ومن ثم المبحث الأول تتناول الدراسة واقع الشمول المالي في مصر.

ويأتي المبحث الثاني تحت عنوان ” مراجعة الأدبيات” فيتناول مطلبه الأول الإطار النظري الخاص بأهم النظريات الاقتصادية التي تناولت العلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي، بينما يغطي المطلب الثاني الإطار التطبيقي وهو الإطار الخاص بالدراسات التطبيقية التي تناولت مفهوم الشمول المالي وعلاقته بالنمو الاقتصادي.

وأما المبحث الثالث فيتناول “التحليل الوصفي” لمتغيرات الشمول المالي والنمو الاقتصادي في مصر، ويمثل المطلب الأول منه تمهيد ومقدمة، بينما يتناول المطلب الثاني تحليل العلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي تحليلاً وصفيًا من خلال التحليل البياني لمتغيرات الشمول المالي؛ كعدد ماكينات الصراف الآلي، عدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية، عدد فروع البنوك التجارية وأيضًا عدد حسابات الودائع لدى البنوك التجارية، والتحليل البياني للنمو الاقتصادي من خلال الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار وذلك في مصر خلال الفترة (2000-2021).

ويأتي المبحث الرابع والأخير الذي يتناول التحليل القياسي للبيانات” حول أثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2005-2021).

وأخيرًا نختتم الدراسة بالنتائج التي توصلنا إليها من خلال التحليل الوصفي والكمي للبيانات، بالإضافة الى بعض التوصيات التي نتمكن من وضع تصور لها ولآلية تنفيذها من خلال الدراسة المتعمقة للموضوع موضع الدراسة.

المبحث الأول: الإطار المفاهيمي

لطالما كانت الدراسة العلمية التحليلية للظواهر والوقوف على أسبابها ومسبباتها تتطلب من الباحث، بدايةً، تحديد المفاهيم المتعلقة بالظاهرة محل الدراسة، وتلك التي تتداخل معها أيضًا، والرجوع إلى نشأتها وعوامل ظهورها، وكذا يتطرق الأمر إلى تحديد أهميتها وسلبياتها وأوجه قصور تحليلها، ليستطيع الباحث تكوين إطار عام ومرجع محدد يتمكن من قياس الظاهرة وتأثيرها على المتغيرات المحددة، ومن هنا يتأتى بين أيدينا المبحث الأول بعنوان” الإطار المفاهيمي للشمول المالي” ليتناول التطور التاريخي للمفهوم منذ نشأته والتي تظهر بعيدة الزمن، وكذلك المفاهيم المتعلقة به والمتداخلة معه كالاستقرار المالي، التحول الرقمي، والتكنولوجيا المالية. ومن ثم تعريف المفهوم ذاته، وأبعاده ومحدداته، مرورًا بأهميته ومحاوره واستخداماته، وكذلك مميزات وعيوب الشمولي المالي ومعوقاته وختامًا بدور البنك المركزي المصري في تعزيز سياسات الشمول المالي وواقع الشمول المالي ذاته في جمهورية مصر العربية.

المطلب الأول: ماهية الشمول المالي، تطوره، أهميته ومؤشرات قياسه.

1-  التطور التاريخي والأحداث العالمية التي أدت لنشأة مفهوم الشمول المالي

لم يكن ظهور مفهوم الشمول المالي على الساحة العالمية حديث العهد، لذلك يجدر بنا تتبع التطور التاريخي والأحداث العالمية التي أدت إلى نشأة الشمول المالي. ظهر الشمول المالي لأول مرة عام 1993 في دراسة للباحث شون وثرفت عن الخدمات المالية في بريطانيا، وقد تناولت هذه الدراسة أثر إغلاق فرع لأحد البنوك وتأثير ذلك على وصول سكان المنطقة للخدمات المالية والمصرفية، وقد اُستخدم المصطلح بشكل واسع وبدقة أكثر عام 1999 وذلك عبر ظهور العديد من الدراسات المتعلقة بالصعوبات التي تواجهها بعض فئات المجتمع وخاصة الفئات المهمشة في كيفية الوصول إلى الخدمات المالية المصرفية المتوفرة. ومن هنا جاءت التفرقة بين التخلي عن الحصول على المنتجات المالية بسبب انعدام الحاجة لها أو التخلي عنها لأسباب ثقافية كالأمية المالية أو لأسباب عقائدية وبين عدم الوصول لتلك الخدمات بسبب عدم إتاحتها وتوافراها.

وقد دفعت الأزمة المالية وما أسفرته من أحداث على الساحة العالمية لإعادة تقييم النظام المالي العالمي، حيث كشفت عن وجود خلل في الهياكل المصرفية لعديد من الدول وذلك بعد مرور أكثر من سبعمائة عامًا بعد نشأة أول بنك في العالم، قاد هذه الجهود مجموعة العشرين(G20) حيث سعت لإنشاء الشراكة العالمية للشمول المالي وذلك في اجتماعها المنعقد في سيول عام 2009 وذلك لضمان الشمول المالي لحوالي 2,7 مليار فرد حول العالم.

وفي عام2010 تمت المصادقة على الخطة الأصلية للشمول المالي من قبل قادة مجموعة العشرين وكانت هذه المصادقة بمثابة حجر الأساس الذي قام عليه الشمول المالي فيما بعد حيث قامت بوضع خطة عمل تُنفذ خلال عدة سنوات لتطبيق سياسات الشمول المالي، واعتمدت على تسعة مبادئ قائمة على الإبداع والابتكار، تُستخدم من قبل الدول في استراتيجياتها الوطنية. واتفق قادة مجموعة العشرين مع توصية الشراكة العالمية من أجل تحقيق الشمول المالي على مجموعة مؤشرات تتناول قياس ثلاثة أبعاد رئيسية، هي الحصول على الخدمات المالية، استخدام الخدمات المالية، وجودة الخدمات المالية.

واعتبر البنك الدولي أن الشمول المالي ركيزةً أساسية لأي دولة في سعيها لمحاربة الفقر ودمج القطاع غير الرسمي مع القطاع الرسمي، كما قامت مجموعة البنك الدولي بإطلاق البرنامج العالمي للاستفادة من روح الابتكار من خلال تعميم الخدمات المالية مع تركيزهم على أنظمة الدفع ومدفوعات التجزئة المبتكرة، ومن ثم توالت الخطط والبرامج التي تعمل على تعزيز وتحقيق مبادئ الشمول المالي من قبل المؤسسات العالمية مثل مؤسسة التمويل الدولية والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سعدوني،2020).

2-  مفهوم الشمول المالي

الشمول المالي: هو قدرة الأفراد والشركات على الوصول للخدمات والمنتجات المالية بأسعار ميسورة تلبي احتياجاتهم ويتم تقديمها بطريقة تتسم بالمسؤولية والاستدامة. (البنك الدولي،2014)

مجموعة واسعة من الخدمات والمنتجات المالية الرسمية ذات جودة عالية من المدفوعات، حسابات التوفير، الحسابات الجارية، التحويلات، المدخرات، الائتمان، الإقراض، التمويل، التأمين.. إلخ. مدعومة بمجموعة من الإجراءات التي تتخذها الهيئات الرقابية لتعزيز وصول واستخدام كافة شرائح المجتمع لهذه الخدمات والمنتجات بشكل عادل وشفاف وفي الوقت المناسب والتكاليف المنخفضة وبجودة مناسبة وبالشكل الكافي بما يتناسب مع احتياجاتهم وإمكانية استخدامها بشكل فعال مع أهمية تقديم هذه الخدمات من خلال القنوات الرسمية للنظام المالي الرسمي في بيئة قانونية وتنظيمية مناسبة بمسئولية وبشكل مستدام. (البكل، الحداد،2020).

3-  المفاهيم المتداخلة مع الشمول المالي

قبل أن يبدأ القارئ الاطلاع على هذه الورقة البحثية وجدنا أنه من المناسب أولًا تعريف بعض المفاهيم المتداخلة مع الشمول المالي تيسيرًا وتسهيلًا عليه ولكي يستطيع الانخراط بشكل أفضل في موضوعنا واستيعاب أكبر قدر ممكن.

  • الاستقرار المالي: منذ أن تعرض العالم للأزمة المالية العالمية أصبح الحفاظ على الاستقرار المالي هدفًا مهما تسعى كافة الدول إلى تحقيقه، فالاستقرار المالي هو قدرة النظام المالي الذي يتضمن المؤسسات المالية والأسواق المالية على تحمل الصدمات الاقتصادية مما يخفف من احتمالية وقوع الأزمات المالية. (غالي، 2020)
  • الاستبعاد المالي: صعوبة وصول الأفراد للخدمات والمنتجات المالية التي تمكنهم من تلبية احتياجاتهم وأن يعيشوا حياة اجتماعية عادية. (معتوق، علي، وسيد،2021).
  • التنمية المستدامة: تلبية حاجات الجيل الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة. (الأمم المتحدة، 1987).
  • التكنولوجيا المالية: هي خلق لفرص وتحديات جديدة للقطاع المالي من المستهلكين، إلى المؤسسات المالية، إلى المنظمين. (البنك الدولي، 2018).
  • التحول الرقمي: هو إحداث تغيير جذري في العمل عن طريق التطور التقني الكبير الحاصل لخدمة المستفيدين بشكل أسرع وأكبر. (الشيشي، 2020).
  • الاقتصاد غير الرسمي (غير المنظم): الاقتصاد الذي يضم أنشطة ذات قيمة سوقية من شأنها زيادة الإيرادات الضريبية وإجمالي الناتج المحلي إذا تم تسجيلها. (صندوق النقد الدولي، 2020).
  • التمويل المستدام: يشير الى الخدمات المالية أو المصرفية التي تراعي العناصر البيئية والاجتماعية والحوكمة في قرارات البنك لدى منح الائتمان أو قراراته الاستثمارية، وذلك لتحقيق منفعة مستدامة لكل من العمال والأطراف المعنية والمجتمع ككل. (البنك المركزي،2021).

4-  أبعاد ومؤشرات قياس الشمول المالي

يتم قياس الشمول المالي بعدد من المؤشرات تختلف وفقا للمؤسسات والهيئات المالية العالمية والباحثين عيايشة (2020)، ولكنها تؤدي جميعا إلى نفس الهدف الذي يتبلور في قياس مدى تقدم الدولة في الشمول المالي وتقييم هذه السياسات حيث يمكن الاستعانة بهذه المؤشرات لقياس مستويات الشمول المالي في دول العالم واستخدام بياناتها للمقارنة بين الدول وتحديد نسب التفاوت بين الدول في مدى إتاحة واستخدام الخدمات المالية وانتشارها بين السكان لتبني السياسات المناسبة لتعزيز سياسات الشمول المالي للدولة محل الدراسة.

أولاً: وفقًا للبنك الدولي

تنقسم مؤشرات قياس الشمول المالي وفقا للمنظمة العالمية “البنك الدولي” إلى خمسة أبعاد ويحتوي كل بُعد على مجموعة من المؤشرات.

  • استخدام الحسابات المصرفية
  1. نسبة البالغين الذين لديهم حساب مالي في المؤسسات الرسمية
  2. لغرض من الحسابات
  • عدد المعاملات (في الإيداع والسحب)
  1. طريقة الوصول الى الحسابات المصرفية
  • الادخار
  1. النسبة المئوية للبالغين الذين قاموا بالادخار خلال 12 شهرًا الماضية باستخدام المؤسسات المالية الرسمية.
  2. النسبة المئوية للبالغين الذين قاموا بالادخار خلال 12 شهرًا الماضية عن طريق مؤسسة توفير غير رسمية أو أي شخص خارج الاسرة.
  • النسبة المئوية للبالغين الذين قاموا بالادخار خلاف ذلك (في المنزل خلال 12 شهرًا الماضية).
  • الإقراض
  1. النسبة المئوية للبالغين الذين اقترضوا في 12 شهرًا ماضيًا من مؤسسة مالية رسمية.
  2. النسبة المئوية للبالغين الذين اقترضوا في 12 شهرًا ماضيًا من مصادر تقليدية غير رسمية (الاسرة والأصدقاء).
  • المدفوعات
  1. النسبة المئوية للبالغين الذين استخدموا حساب رسمي لتلقي الأجور أو المدفوعات الحكومية في 12 شهر ماضي.
  2. النسبة المئوية للبالغين الذين استخدموا حساب رسمي لتلقي أو إرسال الأموال إلى أفراد الأسرة الذين يعيشون في أماكن أخرى خلال 12 شهرًا ماضيًا.
  • النسبة المئوية للبالغين الذين استخدموا الهاتف المحمول لدفع فواتير، إرسال أو تلقي أموال خلال 12 شهرًا ماضيًا.
  • التأمين
  1. النسبة المئوية للبالغين الذين يقومون بتأمين أنفسهم.
  2. النسبة المئوية للبالغين الذين يعملون في الزراعة والغابات أو صيد الأسماك ويقومون بتأمين أنشطتهم ضد الكوارث الطبيعية (عيايشة،2020).

ثانيًا: وفقًا لمجموعة العشرين(G20)

أدركت الشراكة العالمية من أجل الشمول المالي مؤخرًا أن الشمول المالي هو عنصر رئيسي للتمكين في مكافحة الفقر وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية الشاملة مما يؤدي إلى زيادة التركيز والاهتمام بالسياسات والمبادرات من أجل الشمول المالي، ولذا تضافرت جهود المنظمات الدولية المعنية بالشمول المالي كاتفاق قادة مجموعة العشرين (G20) مع توصية الشراكة العالمية للشمول المالي (GPFI)على مجموعة أساسية من المؤشرات لقياس الشمول المالي هذه المؤشرات لابد من توافرها لتنصب في وضع وقياس أبعاد الشمول المالي فهذه المؤشرات تتناول ثلاثة أبعاد رئيسية وهي:

  • سهولة الوصول للخدمات المالية

ويشير إلى القدرة على استخدام الخدمات المالية من المؤسسات الرسمية، حيث يتطلب تحديد مستويات الوصول تحديد وتحليل العوائق المحتملة لفتح واستخدام حساب مصرفي مثل التكلفة والقرب من نقاط الخدمات المصرفية (الفروع وأجهزة الصرف الآلي….)، ويمكن الحصول على بيانات تتعلق بإمكانية الوصول للخدمات المالية من خلال المعلومات التي تقدمها المؤسسات المالية. وتكمن مؤشرات قياس ما بعد الوصول إلى الخدمات المالية في النقاط التالية:

عدد نقاط الوصول لكل 10000 من البالغين على المستوى الوطني مجزأة حسب نوع الوحدة الإدارية.
عدد أجهزة الصراف الألى لكل 1000 كيلو متر مربع.
حسابات النقود الإلكترونية.
مدى الترابط بين نقاط تقديم الخدمة.
النسبة المئوية لإجمالي السكان الذين يعيشون في الوحدات الإدارية بنقطة وصول واحدة على الأقل.

ومن ناحية أخرى، كان للتكنولوجيا الجديدة التي تم اعتمادها في القطاع المصرفي دور هام في التطورات المصرفية الجديدة عبر الهاتف المحمول، واستخدام خدمات مالية جديدة من خلال الإنترنت التي يتم استخدامها في ظروف معينة كالتغلب على عائق المسافة للوصول إلى الخدمات المالية، مما أدى إلى زيادة فرص الوصول المادي للخدمات المالية.

  • استخدام الخدمات المالية

يشير بُعد استخدام الخدمات المالية إلى مدى استخدام العملاء للخدمات المالية المقدمة بواسطة مؤسسات القطاع المصرفي، وتحديد ذلك يتطلب جمع البيانات حول مدى انتظام الاستخدام عبر فترة زمنية معينة، والذي يمكن تحديده وقياس مؤشراته من خلال:

نسبة البالغين الذين لديهم نوعٌ واحدٌ على الأقل كحساب وديعة منتظم.
عدد حملة سياسة التأمين لكل 1000 من البالغين.
عدد معاملات التجزئة غير النقدية للفرد الواحد.
عدد معاملات الدفع عبر الهاتف.
نسبة البالغين الذين يستخدمون حساب بنكي بشكل دائم ومتواتر.
نسبة المحتفظين بحساب بنكي خلال سنة مضت.
نسبة البالغين الذين يتلقون تحويلات مالية محلية أو دولية.
نسبة الشركات المتوسطة أو الصغيرة التي لديها حسابات رسمية مالية.
عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لديها حسابات ودائع.
عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لديها قروض قائمة.
عدد حسابات الودائع المنتظمة لكل 10000بالغ.
عدد حسابات الائتمان المنتظمة لكل 10000بالغ.
نسبة البالغين الذين لديهم نوع واحد على الأقل كحساب وديعة منتظم.
عدد حملة سياسة التأمين لكل 1000 من البالغين.

 جودة الخدمات المالية

تعتبر عملية وضع مؤشرات لقياس بُعد الجودة هو تحدى في حد ذاته، حيث أن الوصول إلى الخدمات المالية لا يزال عائقًا ويختلف بحسب الدولة ونوع الخدمات المصرفية. فالسعي من أجل ضمان جودة الخدمات المالية المقدمة يعتبر تحديًا حيث يتطلب من المهتمين وذوي العلاقة دراسة وقياس ومقارنة واتخاذ إجراءات تستند إلى أدلة واضحة فيما يخص جودة الخدمات المالية المقدمة، حيث يعد بُعدًا غير مباشرًا إذ توجد العديد من العوامل التي تؤثر على جودة ونوعية الخدمات المالية مثل تكلفة الخدمات، وعى المستهلك، وفعالية آلية التعويض، مدى التثقيف المالي للعملاء، وخدمات حماية العملاء، وشفافية المنافسة في السوق، بالإضافة الى عوامل غير ملموسة كثقة العميل.

وقد وضع التحالف العالمي للشمول المالي مجموعة من المؤشرات لقياس بُعد جودة الخدمات المالية تتمثل في: القدرة على تحمل التكاليف، الشفافية، الراحة والسهولة، حماية المستهلك، التثقيف المالي، العوائق الائتمانية (القاضي، 2018).

5-  المؤشر العالمي للشمول المالي

تقوم مجموعة البنك الدولي بإجراء العديد من الدراسات العالمية التي تهدف إلى الحصول على بيانات شاملة ونظرة مستقبلية تساعد في تعميم الخدمات المالية، وتعد قاعدة بيانات الشمول المالي (Global Findex) من المصادر الأكثر موضوعية، حيث صدرت النسخة الأولى لمؤشر الشمول المالي عام 2011 وتم إصدار النسخة الثانية عام 2015 والنسخة الأخيرة عام 2018 وتشتمل على البيانات المتعلقة بعام 2017، وتتيح هذه البيانات معلومات حول إمكانية الحصول على الخدمات المالية الرسمية وبيانات أيضًا حول استخدام التكنولوجيا المالية بما في ذلك استخدام الهواتف المحمولة والإنترنت لإجراء المعاملات المالية، ووفقا لنتائج المؤشر في عام 2017 تصدرت كل من الدنمارك، فنلندا، السويد، نيوزيلاندا، النرويج الترتيب العام للمؤشر بتحقيقها نسبة 100% من الشمول المالي(بن موسى،2018).

6-  أهمية الشمول المالي

لقد أصبح الشمول المالي من البنود المهمة على جدول أعمال السياسات الدولية في وقت تتوحد وتتضافر فيه الجهود من أجل دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتتمثل أهمية الشمول المالي في عدة محاور وهي:

  • المحور الاقتصادي
  1. يساهم الشمول المالي في تعزيز الاستقرار المالي ورفع معدلات النمو الاقتصادي والكفاءة المالية.
  2. يسهم في رفع مستوى الدخل للأفراد وتنمية وتعزيز رفاهيتهم.
  3. يساعد الشمول المالي على تضمين جميع المؤسسات داخل النظام المالي الرسمي وينعكس هذا على زيادة الحصيلة الضريبية للحكومة مؤديًا إلى تقليل عجز الموازنة وتؤهلها تلك الحصيلة الضريبية إلى زيادة المشاريع العامة والاهتمام ببعض الخدمات العامة كالصحة والتعليم وغيره، وأيضًا يسمح باستهداف أكثر كفاءة للدعم..
  4. يعزز فرص التنافس بين المؤسسات المالية من خلال العمل على تنوع الإنتاج وتوفيره بأقل التكاليف وأعلى جودة وسهولة الحصول عليه.
  5. كما تم تحديد الشمول المالي كعامل تمكيني لتحقيق سبعة من أهداف التنمية المستدامة وفقًا لبيان البنك الدولي.
  • المحور الاجتماعي
  1. يؤثر الشمول المالي على الجانب الاجتماعي من خلال دعم الفئات المهمشة ومحدودي الدخل، والتخفيف من حدة الفقر وعدم المساواة.
  2. دعم المشاريع متناهية الصغر ودمجها بالقطاع المالي الرسمي لتتمكن من الاستثمار والتوسع.
  3. يعمل على خلق فرص عمل جديدة لخدمة النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدامين، وبالتالي خفض معدلات البطالة.
  4. يولي الشمول المالي اهتمامًا كبيرًا لريادة الأعمال والمشاريع المنزلية البسيطة وذلك لدعم الشباب.
  • المحور الاستراتيجي

عمدت الدول على أن يكون الشمول المالي هو هدف من أهدافها الاستراتيجية القوية بسبب التحديات الكبيرة للجهات الرقابية التي نتجت من جراء التطورات السريعة وتمثلت في النظر في كيفية الموائمة بين الشمول المالي كهدف استراتيجي جديد وبين الأهداف المتعارف عليها كالاستقرار المالي والنزاهة المالية والحماية المالية للمستهلك، وعلى الرغم من وجود مستهدفات تختص بالشمول المالي إلا أنه كان لابد من ترقية أهداف الشمول المالي لتصبح استراتيجية وطنية مستقلة تحت عنوان “الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي”، مع تأسيس لجنة توجيهية معنية بتسيير الاستراتيجية، تساعد على حصد منافع الشمول المالي الاقتصادية. (عثمانية و بولقمح،2020).

7-  أهداف الشمول المالي

نظرًا للاهتمام العالمي بتوسيع نطاق الشمول المالي وخلق التحالفات بين الهيئات والمؤسسات المالية العالمية، للتنسيق والعمل ضمن آليات مشتركة وموحدة، تتنامى المنافع المتحققة من الشمول المالي، حيث ترى المجموعة الاستشارية أن الشمول المالي هو الطريق الوحيد للحد من الفقر مما يسهم في النهوض بالدول النامية وللشمول المالي عدة أهداف أبرزها:

  • نشر الثقافة المالية وتشجيع الابتكار في النظام المالي الرقمي.
  • تعزيز وصول كافة فئات المجتمع بالأخص الفئات المهمشة إلى الخدمات والمنتجات المالية وكيفية الحصول عليها عبر القنوات الرسمية لتحسين ظروفهم الاجتماعية وخلق عالم يتسم بمزيد من الإنصاف.
  • يساهم تعميم الخدمات المالية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة كرفع معدلات النمو الاقتصادي.
  • تعزيز الاستقرار المالي والمساهمة في الحماية المالية ودفع عجلة التنمية.
  • دعم مشاريع العمل الحر والمشروعات متناهية الصغر والشركات الصغيرة والمتوسطة جدًا وتمكينها من التوسع والمنافسة.
  • دعم أهداف التنمية المستدامة بأبعادها المتمثلة في الأهداف البيئية والاقتصادية والاجتماعية. (عثمانية وبولقمح، 2020).

8-  مميزات وعيوب الشمول المالي

هذا ونحن بصدد افتراض التأثير الإيجابي لسياسات الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر في الفترة المذكورة، فإنه من الضروري الوقوف على مميزات وعيوب هذه السياسات ومدى إمكانية تطبيقها بالطريقة التي تحقق الهدف المرجو، ولما كان الشمول المالي هو حديث الساعة وموضع النقاش، فقد عزمنا اتخاذ المميزات والعيوب من وجهة نظر الباحث، اعتمادًا على الحالة العامة والدراسات المقروءة، والتقارير المطلع عليها والنتائج المحققة، وعليه وكما جرى العرف أن نبدأ بالمميزات كالآتي:

  • مميزات الشمول المالي

مساهمته في تحقيق النمو الاقتصادي عن طريق تضمين جميع الفئات وشمولها بالمنتجات المالية التي تسهل الحياة وتدعم حركة الاستهلاك والادخار.

ومن هنا، فالشمول المالي يساهم في الحد من جرائم غسيل الأموال والتي تعتبر أحد أشهر أنواع الفساد وحيث أن الشمول المالي يعمل على شمول جميع الفئات ويجبر البقية على التعامل غير النقدي بالأموال فهذا يعني مراقبة أدق وحوكمة أسهل لتبادل الثروة.

يسهم الشمول المالي في زيادة عدد ونمو المشروعات الصغيرة عن طريق حصولها على التمويل بسهولة والمنتجات المالية الميسرة، كل ذلك فضلًا عن مميزاته المعروفة لدى العامة كتقليل النفقات وتسهيل الوصول للخدمات المالية وتحقيق العدالة الاجتماعية وغيرها. (جعفر،2020).

  • عيوب الشمول المالي

ولما ذكرنا مميزات الشمول، فلطالما تبعت المميزات بعض العيوب، وهذا ما لمسناه من قصورٍ في الدراسات السابقة، حيث أن أغلب الدراسات لم تتطرق حتى لتوقع تلك العيوب، وبعد البحث والتحليل تبينت إلينا _من وجهة نظر الباحث_ بعض العيوب والسلبيات التي تلازم تطبيق سياسات الشمول المالي وخاصةً ذلك الرقمي المتبع في غالبية الدول، نستعرضها في السطور التالية:

أمن المعلومات: خلال تطبيق سياسات الشمول المالي في إطار التحول الرقمي تواجهنا بلا شك مشكلة مدى أمان المعلومات المالية الخاصة بالمستفيد، ومن الذي يطلع عليها؟ ومن الذي يمكنه أن يحتال بها؟ ما مدى قدرة أجهزة الدولة على اكتشاف القراصنة إلكترونيًا؟ هل توجد قوانين رادعة لهذا النوع من الجرائم؟ ولا شك أن إجابة هذه الأسئلة توضح بدقة مدى كِبر هذه المشكلة في إطار تطبيق الشمول المالي وخاصة إذا كانت البنية التحتية المصرفية لا تقوم على أساس متين يضمن ندرة التلاعب بهذه الأمور من الغير.

الاستهلاك المفرط: على الرغم من أن الشمول المالي يتيح لجميع الفئات استخدام المنتجات المالية المختلفة والاستفادة من الامتيازات المصرفية بعيدة الحدود، إلا أن تلك الامتيازات قد تتسبب بدورها في كوارث استهلاكية فادحة من قبل فئات محدودة الدخل أو حتى المنخفضة منها، عن طريق امتلاكها للكروت المدفوعة مقدمًا والقروض الميسرة التي تدفعها للشراء دون حساب لتسديد تلك الأقساط فيما بعد مما يؤدي إلى تعثرات مالية وتدهور مستوى تلك الفئات.

ويبقى السؤال هل تتزايد عيوب الشمول المالي مع اتساع مدى تطبيقه أم أنها مجرد عوارض ما تلبث أن تنتهي؟!

9-  معوقات وتحديات تطبيق الشمول المالي

بالرغم من جهود السياسات المصرية الممثلة في البنك المركزي لتعزيز آليات الشمول المالي إلا أن تطبيق سياسات الشمول المالي، وتوافر واستخدام الخدمات المالية والمصرفية تعرقله مجموعة من المعوقات. وحتى في الحالات التي تتوافر فيها الخدمات لاتزال مجموعة من الأفراد والشركات تواجه صعوبات في استيفاء معايير الأهلية القانونية، وفضلًا عن ذلك فإن تكلفة المعاملات المرتفعة وأسعار الفائدة المفرط فيها تحد طبقة كبيرة من التعامل مع القطاعات المالية الرسمية، مما يدفعهم للتعامل مع المؤسسات غير الرسمية.

ومن هذه المعوقات التي تحد من اتساع قاعدة الشمول المالي:

البنية التحتية للقطاع المالي: عدم تطور البنية التحتية الرقمية بالشكل الذي يحفز زيادة فرص التمويل، فلا تزال الكثير من المؤسسات المالية تفتقر لوجود نظم ذات كفاءة مناسبة للاستعلام الائتماني والرهانات والإقراض وضمان حقوق الدائنين.

تدني مستويات الدخول الفردية في مصر: تعاني مصر من انخفاض الدخل القومي ومن ثم تراجع نصيب الفرد من الدخل وانخفاض مستويات المعيشة مما ينعكس على تراجع معدلات الادخار، لعدم كفاية دخولهم خاصة في المناطق الريفية والمناطق الأقل دخلًا.

التفاوت في توزيع الدخل: فضلًا عن انخفاض مستويات الدخل، هناك عدم عدالة في توزيع الدخول حيث تستأثر قلة قليلة بالدخول المرتفعة، ويكون الباقي لغالبية السكان لذلك تكون فرصة التعامل مع البنوك والحصول على الخدمات المالية شبه معدومة للغالبية العظمى من السكان.

الأمية المالية: يٌعد ضعف الوعي والثقافة المصرفية من العوامل غير الهيكلية ولكنها تحد من انتشار الشمول المالي ويمكن التغلب على الأمية المالية من خلال التثقيف المالي والحملات الإعلانية.

ارتفاع معدلات الفقر: نتيجة لتدني مستويات الدخل القومي ومتوسط نصيب الفرد من الدخل وعدم العدالة في توزيع الدخل، تزايدت معدلات الفقر، حيث تجاوز معدله ال 28% ويقع حوالي 30 مليون شخص من السكان تحت خط الفقر مما يؤدي إلى ندرة الأموال للتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية طبقًا لبيانات عام 2018.

ارتفاع معدلات البطالة: سجل معدل البطالة في الربع الثاني من 2022 بمصر 7,2%، ويترتب على ذلك وجود شريحة كبيرة عاطلة من قوة العمل ليس لها مشاركة في العملية الإنتاجية وبالتالي ليس لها دخل، ومن ثم لا تتمتع بالخدمات المالية والمصرفية لانعدام الدخل.

ارتفاع معدلات التضخم: تجاوز التضخم حاجز5% عام 2021، وذلك نتيجة القرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية برفع الأسعار لبعض السلع الأساسية والخدمات والوقود. لذلك تحد زيادة الأسعار من توسع وتمدد الشمول المالي.

ضعف مؤشر الكثافة المصرفية: تقاس الكثافة المصرفية بمؤشر عدد الفروع أو الوحدات لكل عشرة آلاف نسمة من السكان، فمؤشر الكثافة المصرفية في مصر ضعيفًا للغاية حيث يعمل بالسوق المصري 38 بنكًا بإجمالي 4118 فرعًا، وتصل الكثافة السكانية إلى فرع لكل 23 ألف نسمة من السكان، فلا يوجد انتشار جغرافي جيد للمؤسسات المالية في مصر.

ارتفاع درجة التركز المصرفي والجغرافي للبنوك: تستحوذ عدة بنوك كبيرة على 50% من الجهاز المصرفي، ويتركز معظمها في المدن الأعلى دخلًا ويندر وجودها في المناطق الريفية والمناطق الأقل دخلًا، مما يؤثر سلبًا على إتاحة الخدمات لكثير من العملاء.

التمييز في الحصول على الخدمات المالية: فالوصول للخدمات المالية غالبًا يكون محدود للنساء نظرًا لعدم امتلاك غالبية النساء لأصول أو ضمانات للحصول على القروض، حيث تشير قاعدة بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي لعام 2017 أن 65% من النساء يمتلكن حسابات مصرفية مقابل 72% من الرجال، وأن 56% من البالغين الذين لا يملكون حسابات مصرفية هن من النساء. وهناك أيضًا عامل العمر الذي يجعل مقدمي الخدمات المالية يركزون على الفئات متوسطة العمر والشباب ويهمشون فئة كبيرة من كبار السن والمتقاعدين. (جعفر،2020)

المطلب الثاني: دور التكنولوجيا المالية وسياسات البنك المركزي المصري في تعزيز الشمول المالي.

1-  دور التكنولوجيا المالية في تعزيز تطبيق سياسات الشمول المالي

إن التكنولوجيا المالية تعد واحدة من ضمن أهم المصطلحات التي تم تداولها منذ العقد الأول من القرن الواحد والعشرين وحتى الآن، حيث أنها تعد ثورة اقتصادية وليدة ما خلَّفه التقدم التكنولوجي في الجانب المالي للاقتصاد العالمي، فهي عبارة عن الابتكارات والاختراعات التكنولوجية في مجال قطاع المالية حسب تعريف معهد البحوث الرقمية في “دبلن” العاصمة البولندية (حمدي، اوقاسم،2019). وهي تمزج بين المعرفة المالية والمهارات التكنولوجية في تقديم الخدمات المالية وتساعد على تحسين الأداء الداخلي للمؤسسات المالية والمصرفية، وهي تصف قطاع الخدمات المالية الناشئة في القرن ال ٢١ ولكن في الأصل ينطبق المصطلح على التكنولوجيا المطبقة على المؤسسات المالية الاستهلاكية والمالية ولكن بسبب التطور السريع التي شهدته توسع ليشمل أي ابتكارات تكنولوجية في القطاع بما في ذلك الابتكارات في محو الأمية، التعليم، الخدمات المصرفية، العملات المشفرة (ازناق، بريش،2021).

وكانت التطورات التي حدثت في الساحة الاقتصادية والمالية من ضمن أبرز الأسباب لظهور تلك التكنولوجية بالإضافة إلى احتياجات المستثمرين إلى طرق أسرع وأكثر أمانًا وأسهل في التعاملات المالية للتعامل مع البيانات الأكبر حجمًا، والقضاء على عادات التمويل القديمة المتعلقة ببدء عمل تجاري وما كانت تتخذه من وقت طويل بالإضافة إلى إبطال العادات المتعلقة بقبول بطاقات الائتمان من جانب الشركات (حمدي، اوقاسم،2019).

ويشهد العصر الحالي العديد من المسرعات للتكنولوجيا المالية مثل الانتشار المتسارع للعملات الافتراضية المشفرة، التمويل الجماعي، منصات سلسلة الثقة (Blockchain) والدفع بلا وسطاء (P2P- peer to peer lending)، تحليل البيانات الضخمة، علوم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء

وتظهر التكنولوجيا المالية في العديد من الجوانب في التمويل مثل مدفوعات التجزئة والجملة، البنية التحتية للأسواق المالية، إدارة الاستثمار والادخار، التأمين، توفير الائتمان، زيادة رأس المال، الاقتراض والإقراض والحصول على رأس المال، تحويل الأموال والمدفوعات، التحويل الدولي للأموال والعملات المشفرة.

وتتكون التكنولوجية المالية من قطاعين، هما الموجة الأولى والموجة الثانية، وقطاعات الموجة الأولى يتميز زبائنها بامتلاك الوسائل التكنولوجية البسيطة التي تمكنهم من إجراء معاملاتهم المالية البسيطة أيضًا، وتتجسد الأنشطة الرئيسية لهذا القطاع في المدفوعات حيث يكون الدفع لمنتج أو خدمة باستخدام جهاز محمول وهذا يعد مهمًا وجاذب للمستهلكين المعاصرين بسبب سرعته وبساطته، ويتجسد أيضًا في نشاط الإقراض والاقتراض والحصول على رأس المال من خلال ال P2P وهو نوع جديد من اقتصاد المشاركة أو اقتصاد التشاركية حيث تساعد هذه المنصات على ربط المستثمرين بالمقترضين دون أن يعمل البنك كوسيط، وتتجسد أنشطة الموجة الثانية في التحويل الدولي للأموال والتأمين والعملات المشفرة.

وتتكون التكنولوجيا المالية من ثلاث مراحل وكل دولة تكون في مرحلة من تلك المراحل، وتلك المراحل هي:

البيئة الحاضنة المستحدثة: حيث أن معظم الشركات مازالت في مرحلة الأفكار أو المراحل الأولى ويجري التمويل ببطء ويحاول رواد الأعمال ولكن بدعم قليل التعامل مع القوانين واكتساب العملاء وعقد الشراكات.

البيئة الحاضنة الناشئة: وهنا تكتسب المجموعة الأولى من الشركات الناشئة قاعدة عملاء كبيرة ومعدلات استثمار سنوية وزيادة تعاون الجهات المعنية معهم

الشركات الحاضنة المتقدمة: هي التي تصل إلى مرحلة الإشباع (صفقات أقل ولكن أحجامها أكبر) وترتكز على الشركات ذات القيمة المرتفعة وشركات اليونكورن التي تكون قيمتها بأكثر من مليار دولار ويكون نمو الاستثمار على أساس سنوي بطيء ولم يصل لهذه المرحلة إلا المحركون الأوائل للسوق وهم الولايات المتحدة الأمريكية وأجزاء من أوروبا (ازناق، بريش،2021).

وإن التكنولوجيا المالية لها دور مهم جدًا في تسهيل عملية الشمول المالي وزيادتها حيث أنها تعمل على تمويل الطوارئ مما يساهم في دعم فرص التنمية المستدامة، توصيل الخدمات المالية والمصرفية إلى شريحة أوسع من الجمهور، تعزيز الوصول إلى الخدمات المالية والمصرفية، توسيع المنافسة بين المؤسسات المالية والمصرفية مما يساعد على ارتفاع مؤشر التنافسية لاقتصاد الدولة، توسيع أعمال التجارة الإلكترونية والتعلم الإلكتروني وانتشار الخدمات المصرفية حيث ستستفيد المصارف والمؤسسات المالية من تلك التكنولوجيا المالية لفهم العملاء بشكل أفضل وتقديم الخدمات المالية إلى قاعدة الهرم.

وثمة معوقات تواجه التكنولوجية المالية وهي تعتبر نفس المعوقات تقريبًا التي تواجه أيضًا الشمول المالي من حيث ضعف البنية التحتية للإنترنت وضعف تغطيته وانخفاض عدد الأفراد الذين يملكون حسابات مصرفية وارتفاع تكلفة الإنترنت. (الخياط،2020).

والتكنولوجيا المالية تُعد إحدى الركائز الأساسية في الإطار العام الذي وضعته الدولة المصرية للتحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد، حيث تعتبر مصر من ضمن أكبر أربع دول إفريقية من حيث أعداد الشركات الناشئة وحجم الاستثمارات، وتحتل المركز الثاني في منطقه الشرق الأوسط وأفريقيا في عدد الصفقات وإجمالي حجم الاستثمارات.

وعند النظر إلى قطاع التكنولوجيا في مصر نجد أنه تم إنشاء المجلس القومي للمدفوعات حيث يعتبر التحول الرقمي هو الخطوة الأولى التي يتم استخدامها لتطوير التقنيات المستخدمة في التكنولوجيا المالية في القطاع المصرفي ومن هذا المنطلق أخذ البنك المركزي على عاتقه مسؤوليات تطوير الخدمات المالية والمصرفية خاصة الرقمية في مصر من خلال إنشاء هذا المجلس في عام 2017 والذي كان يهدف إلى تطوير نظم الدفع القومية وخفض استخدام أوراق نقدية خارج القطاع المصرفي، للعمل على تحقيق الشمول المالي ودمج أكبر قدر من الموظفين في نظام الخدمات المصرفية، وتحقيق التنافسية في خدمات الدفع للتوصل إلى الهدف وهو مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد. (تقرير منظور التكنولوجيا المالية، البنك المركزي المصري، 2021).

ولكي يستطيع المجتمع المصري التحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد قام البنك المركزي بوضع استراتيجية للتكنولوجيا المالية والابتكار على إطار عمل يتكون من خمسة محاور رئيسية هي الطلب والكوادر والتمويل والحوكمة والقواعد المنظمة وتم اعتماد هذه الاستراتيجية في إطار عدة معايير حاكمة والتي من أهمها تعزيز التوجه نحو الشباب ودعم ريادة الأعمال ومحاولة الوصول إلى الاستقرار المالي والإبداع لدى الشباب المصري، وأسفرت هذه الاستراتيجية عن نتائج هامة في محور الطلب منها: تطور الشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا المالية والشركات المغذية لها، وزياده الانتشار الجغرافي للشركات الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية داخل محافظات مصر والانتشار الجغرافي للشركات الناشئة عالميًا وزيادة العملاء لدى هؤلاء الشركات المالية والقطاعات المرتبطة بها، ولم يقف البنك المركزي عند هذا الحد فمن منطلق اهتمام البنك المركزي بتحفيز زيادة استخدام التكنولوجيا المالية في مصر في كافة أنحاء الجمهورية والقطاع المالي العام والقطاع المالي الخاص، قام بإطلاق خدمات المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية وهو بمثابة بيئة اختبار تسمح لمطوري خدمات التكنولوجيا المبتكرة من ابتكار تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة في الواقع وعلى عملاء حقيقيين أيضًا، ويهدف هذا المختبر إلى توفير الخدمات والتطبيقات المالية بشكل أكثر سهولة وسرعة، وقام البنك أيضًا بإنشاء FINTECH مصر وهو مركز للتكنولوجيا المالية قائم على تشجيع التكنولوجيا والابتكار، حيث يعمل كمنصة موحدة تجمع جميع أطراف منظومة التكنولوجيا المالية في مكان واحد وبدأ المركز أعماله في 2019. (البنك المركزي المصري،2019).

وتوجد أيضًا عدة مبادرات حاليًا لتشجيع الطلب على التكنولوجيا المالية وتبني الحلول الابتكارية منها برنامج المائدة المستديرة لمناقشة وتحديد المشكلات التي تواجه صناعة التكنولوجيا المالية تحدي الإبداع ومسابقات الابتكار برنامج تطوير خدمات التكنولوجيا المالية والحلول الرقمية وقد ساهمت تلك المبادرة في زيادة التنوع بين الجنسين في الشركات الناشئة مما يعمل على تحقيق الهدف الخامس من التنمية المستدامة وهو المساواة بين الجنسين وهناك أيضًا مبادرات حاليًا تم إطلاقها بهدف دعم الكوادر في مجال التكنولوجيا المالية ومنهم استراتيجية التثقيف المالي الرقمي (برنامج أكاديمية التكنولوجيا المالية) (تقرير منظور التكنولوجيا المالية، البنك المركزي المصري، 2021).

2-  دور البنك المركزي المصري في تعزيز سياسات الشمول المالي

قام البنك المركزي المصري بالعديد من الجهود من أجل تطبيق سياسات الشمول المالي وذلك نتيجة إدراك أهميتها في رفع معدلات النمو الاقتصادي مما ينعكس بدوره على رفع مستوى المعيشة وخفض معدلات الفقر وفيما يلي نستعرض أهم الجهود المبذولة من جانب البنك المركزي المصري لترسيخ سياسات الشمول المالي:

أولاً: على المستوى الدولي

تزامنًا مع تطور الأحداث العالمية ووفقًا للممارسات الدولية انضم البنك المركزي المصري إلى العديد من المبادرات العالمية والمؤسسات الدولية المعنية بالشمول المالي عملًا على تبادل الخبرات ومن أهم تلك المبادرات:

  • المبادرة العالمية لتعزيز الشمول المالي “Financial Inclusion Global Initiative – FIGI”

هي مبادرة أطلقها البنك الدولي تهدف إلى تعزيز الشمول المالي من خلال التكنولوجيا المالية، فتقدم المبادرة للجهات المنضمة -ومنها البنك المركزي المصري- الدعم الفني اللازم لرفع كفاءة نظم الدفع والخدمات المالية الرقمية بالإضافة إلى حماية حقوق العملاء المالية بالنسبة للقطاع المصرفي، فضلًا عن المساعدة المقدمة في إطار إعادة هيكلة الإدارة المسئولة عن تنفيذ تلك التعليمات.

  • التحالف الدولي للشمول المالي (Alliance for Financial Inclusion: AFI)

انضم البنك المركزي للتحالف الدولي للشمول المالي منذ عام 2013 حيث تتيح هذه العضوية الاطلاع على أفضل الممارسات الدولية وتبادل الخبرات العملية مع البنوك المركزية للدول الأعضاء الذين يزيد عددهم عن 90 دولة، وتسلم البنك المركزي المصري رئاسة مجلس إدارة التحالف في سبتمبر 2019 حيث تم انتخاب الأستاذ: طارق عامر بصفته محافظ البنك المركزي المصري نائبًّا لرئيس المجلس عام 2018 كما تشغل الأستاذة: لبنى هلال – نائب محافظ البنك المركزي المصري للاستقرار النقدي- منصب نائب رئيس اللجنة العليا لتعزيز الشمول المالي للمرأة المنبثقة عن التحالف منذ عام2016.

يقوم التحالف على سبع مجموعات عمل من أجل القيام بدوره في تبادل الخبرات وإعداد التقارير التي تتضمن أفضل الممارسات الدولية في مجال الشمول المالي وهي:

  • ‌أ- صياغة استراتيجيات الشمول المالي وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء.
  • ‌ب- إتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة.
  • ‌ج- المعايير الدولية وتطبيقها بالدول الأعضاء.
  • ‌د- الحماية المالية للمستهلك وتمكينه ماليًا.
  • ‌ه- تحليل المعلومات والبيانات.
  • ‌و- مجموعة التمويل الأخضر.
  • ‌ز- الخدمات المالية الرقمية.

دور البنك المركزي المصري في تعزيز سياسات الشمول المالي لم يقف عند حد المساهمة الدولية ولكن امتد أيضًا للمستوى الإقليمي والمحلي.

ثانيًا: على المستوى الإقليمي

  • فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية (Financial Inclusion Task Force: FITF)

فالبنك المركزي المصري عضو بفريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية (Financial Inclusion Task Force: FITF) ويعد الاحتفال باليوم العربي للشمول المالي. وجدير بالذكر أن مشاركة البنك المركزي المصري في الاحتفالية السنوية والتي تعقد في 27 أبريل من كل عام، وإيمانًا من البنك بأهمية ذلك الحدث فقد امتدت فعالياته طوال شهر أبريل 2019، وتشمل نشر الوعي المالي للمواطنين وفتح حسابات بدون حد أدنى وبدون مصاريف. وقد أسفرت نتائج تلك الفعاليات في عام 2019 عن فتح 667 ألف حساب لعملاء جدد، وبلغت نسبة حسابات السيدات 42% وحسابات الشباب 20% منها، بالإضافة إلى فتح 287 ألف محفظة إلكترونية ونشر ورعاية أنشطة التثقيف المالي لأكثر من مليون مستفيد، وذلك بزيادة ملحوظة عن نتائج الأعوام السابقة.

  • المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية (FIARI)

في إطار الاهتمام المتزايد لدي الدول العربية للارتقاء بوصول التمويل لجميع القطاعات الاقتصادية، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال وقطاع الشباب والمرأة، أطلق صندوق النقد العربي بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية والتحالف الدولي للشمول المالي وبمشاركة البنك الدولي ” المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية” (FIARI، في سبتمبر 2017 تزامنًا مع إقامة المؤتمر السنوي للتحالف الدولي للشمول المالي بمدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية. ويُعد من أهم إسهامات المبادرة إعداد نموذج شامل للمسوحات الإحصائية لجانب الطلب على الخدمات المالية لكل من قطاع الأفراد والقطاع العائلي وقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، مما يمكن الدول العربية الأعضاء من إعداد إحصاءات موثوقة وبناء مؤشرات ذات دلالة يمكن على ضوئها تطوير سياسات وبرامج الشمول المالي بكفاءة.

ثالثًا: على المستوى المحلي

يقوم البنك المركزي ببذل جهودًا من أجل التنسيق بين الجهات المختلفة، سواء داخليًا أو خارجيًا حيث يتم التنسيق داخليًا بين الإدارات المختلفة بالبنك للعمل على إطلاق المبادرات والبرامج الداعمة للشمول المالي، وخارجيًا مع جهات عديدة للتنسيق فيما يتعلق بأنشطة مثل: جمع بيانات الشمول المالي، التنسيق مع قطاع التعليمات الرقابية، فضلًا عن وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية لإصدار السياسات ذات الصلة، ونشر الثقافة المالية وبناء القدرات للعاملين بالقطاع المصرفي والمالي.

أهم المحاور التي اعتمدها البنك المركزي المصري للعمل على رفع معدلات الشمول المالي:

تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية: أصدر البنك المركزي المصري العديد من التعليمات الرقابية من أجل تعزيز سياسات الشمول المالي، بالإضافة الى العمل على تطوير البنية المالية التحتية.

إصدار مبادرة التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل بأسعار عائد مخفضة: وقد بلغت 20,7 مليار جنيه استفاد منها 213 ألف مواطن حتى مارس2019.

إطلاق مبادرات لإتاحة التمويل اللازم للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة: من أهمها إلزام البنوك بزيادة حجم الائتمان الموجه لتلك الشركات ليصل إلى 20% من إجمالي محفظة التسهيلات الائتمانية لكل بنك وذلك مع إصدار تعريف موحد على مستوى القطاع المصرفي للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة مما أدى إلى زيادة في محفظة القروض الممنوحة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة خلال الفترة من نهاية ديسمبر 2015 وحتى نهاية يونيو 2019 بنحو 144.2 مليار جنيه مصري استفاد منها 566 ألف عميل.

تمويل الخطة التدريبية للاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر في الفترة من يونيو 2018 وحتى مايو 2019: وذلك لرفع الكفاءة المهنية لأعضائه من الجمعيات والمؤسسات الأهلية في التحليل المالي، إدارة الموارد البشرية، إدارة المتأخرات، تطوير المنتجات وأساسيات التمويل الأصغر، حيث تم تنظيم 40 دورة تدريبية في 11 محافظة لـ 1128 متدرب.

تطوير نظام لتقييم الجدارة الائتمانية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة Grading Module بشركة I-Score بقوائم وبدون قوائم مالية: وتم إلزام كافة البنوك بالإقرار عن بيانات عملائها من المشروعات الصغيرة والمتوسطة للشركة بغرض تكوين قاعدة بيانات متكاملة لاستخراج تقارير فعلية عن السوق المصري ومؤشرات كلية على مستوي الصناعات، المناطق الجغرافية.. إلخ، وقد اشترك في النظام حتى الآن 18 بنكًا.

قام البنك المركزي بالدخول كمساهم في شركة ضمان مخاطر الائتمان: حيث ساهم بنسبة 20%، وإصدار ضمانة بقيمة ٢ مليار جنيه مقابل قيام الشركة بتغطية جزء من المخاطر المصاحبة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والاعتراف بكفالة شركة ضمان مخاطر الائتمان عند احتساب نسبة معيار كفاية راس المال فضلًا عن الاعتداد بضمانه الشركة عند تكوين المخصصات لتشجيع البنوك على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقد تم إصدار ضمانات من الشركة للبنوك تحت هذا البرنامج بقيمة17  مليار جنيه لتغطية تمويلات بحجم 25.4 مليار جم حتى نهاية يونيو2019.

إصدار تعليمات تناولت حث البنوك على الاستثمار في صناديق الاستثمار المباشر المستهدفة للشركات الصغيرة الناشئة في مايو 2019: حيث يتم إضافة مساهمات البنوك في رؤوس أموال صناديق الاستثمار المباشر المستهدفة للشركات الصغيرة الناشئة ضمن النسبة البالغة 20% من إجمالي محفظة التسهيلات الائتمانية للبنك السابق ذكرها.

إصدار تعليمات حماية حقوق عملاء البنوك في فبراير: عملًا على ضمان حصول العملاء على حقوقهم في كافة مراحل تعاملاتهم المصرفية، بالإضافة إلى تحسين نوعية وجودة الخدمات المالية المقدمة، كما تهدف التعليمات إلى تقديم آلية واضحة للشكاوى طرف البنوك وتعريف العملاء بها مما يسهم في زيادة إقبالهم على التعامل مع البنوك.

إصدار البنك المركزي المصري القواعد المنظمة لتصنيف منتجات وخدمات الشمول المالي في يوليو 2019: وذلك بعد موافقة مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في نوفمبر 2018 على إجراءات العناية المبسطة الواجبة لعملاء وخدمات الشمول المالي والتي تتيح للبنوك تطوير وتقديم منتجات وخدمات مصرفية منخفضة المخاطر ذات محددات معينة من خلال إجراءات مبسطة للوصول إلى الفئات المستهدفة، وذلك تنفيذًا لمبدأ المنهج القائم على المخاطر والذي تبنته مجموعة العمل المالي – FATF لدى الحديث عن الشمول المالي وكذلك وفقًا لأفضل المعايير والممارسات الدولية. (بوابة حابي،2019)

3-  واقع الشمول المالي في جهورية مصر العربية

في أعقاب التوجه السياسي في مصر للبنك المركزي بتعزيز الشمول المالي ومحاولة السعي نحو مصر الرقمية والتوسع في تقديم الخدمات المالية، عملت مصر على تدشين مرحلة جديدة من الشمول المالي باعتباره أحد ركائز النمو والاتجاه نحو التحول الرقمي والاستقرار المالي والاقتصادي. فقد أثبت الشمول المالي أنه آلية فعالة في دمج الاقتصاد غير الرسمي داخل هيكل الاقتصاد الرسمي في الدولة. هذا وقد تم تعزيز الشمول المالي في مصر عام 2014، ونظر إليه كجزءٍ لا يتجزأ من رؤية مصر الاستراتيجية لعام 2030، وذلك بفضل دور السياسات المصرية الاقتصادية المصرية في تعزيز الشمول المالي من خلال البنك المركزي ووزارة المالية والهيئة العامة للرقابة المالية والمجلس الوطني للمدفوعات في تعزيز الوصول الشمول المالي لكافة القطاعات والفئات (عطية، 2021).

عند الوقوف بشكل تفصيلي على واقع الشمول المالي في مصر نجد أن بنهاية عام 2021 أعلن البنك المركزي أن نسبة الشمول المالي في مصر تخطت حاجز 56% وقد أظهرت المؤشرات زيادة كبيرة في معدلات الشمول المالي خلال الست سنوات الماضية محققة معدل نمو 115% ليصل إجمالي المواطنين الذين لديهم حسابات تمكنهم من إجراء معاملات مالية إلى 36.8 مليون مواطن مصري من إجمالي المواطنين 16 سنة فأكثر والبالغ عددهم 65.4 مليون مواطن. وعلى صعيد الشمول المالي للمرأة، أظهرت المؤشرات قفزة في عدد السيدات اللاتي يمتلكن حسابات مصرفية حيث بلغ عددهن 16 مليون سيدة. (البنك المركزي،2021)

وعلى جانب مؤشر الإتاحة المالية وطبقًا لإحصائيات البنك الدولي نجد ارتفاع في عدد الفروع البنكية من 2718 في عام 2014 إلى 4643 في عام 2021. وارتفعت عدد ماكينات الصراف الآلي من 7290 عام 2014 إلى 19014 عام 2021، ويوحي ذلك بزيادة الاعتماد على التكنولوجيا والتقنية الحديثة وتسهيل المعاملات المالية، وبالنسبة لمؤشر عدد المقترضين من البنوك والذي يوضح مدى الإقبال على المؤسسات المصرفية كوسيلة للاستثمارات المختلفة وكلما تزايد هذا العدد دل على مزيد من الوعي المصرفي فقد ارتفع عدد المقترضين من 6049674 مقترضا عام 2014 إلى 8243708 عام 2021. (إحصائيات البنك الدولي،2021).

ارتفع عدد البنوك التي تقدم خدمات مصرفية عبر الإنترنت عام 2018 ليصل إلى 32 مصرفًا من أصل 38 وتؤدي الحلول المستندة إلى التكنولوجيا إلى زيادة عدد المحافظ الإلكترونية، وكان لظهور استخدام الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول والتطبيقات تأثير عميق على الشمول المالي حيث بلغ عدد المشتركين في محافظ الهواتف المحمولة 11 مليون بمعدل نمو 32,5 في عام 2018. (الشاعر،2021).

أتاح الشمول المالي إمكانية تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لدمجها في الاقتصاد الرسمي، حيث قلل الشمول المالي والتحول الرقمي من التعامل بالأوراق النقدية واستبدالها بالتحويلات البنكية ووسائل الدفع الإلكترونية والحد من التعاملات المالية غير الرسمية، فقد أعلن البنك المركزي أن عدد البطاقات البنكية الصادرة عن البنوك المحلية 36.9 مليون بطاقة مصرفية في نهاية عام 2020 بزيادة قدرها 5,3 مليون بطاقة مقارنة بعام 2018، وسجلت عدد البطاقات المدفوعة 17,3 مليون بطاقة بنهاية عام 2020 بزيادة قدرها 4,5 مليون بطاقة مقارنة بعام2018.(البكل والحداد،2022).

على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الحكومة المصرية متمثلة في البنك المركزي لتعزيز الشمول المالي إلا أن المؤشرات الخاصة بمصر تشير أننا مازلنا بعيدين عن الشمول المالي الكامل، ولابد من تكثيف الجهود المبذولة للانتفاع من مزايا الشمول المالي على كلا المستويين مستوى الأفراد والمستوى الاقتصادي للدولة

وعليه، وكما أوضحنا سالفًا كيف أنه من الضروري تحدي الإطار العام للظاهرة محل الدراسة من خلال وضع الإطار المفاهيمي وتحديد محاور وأبعاد الظاهرة وما إلى آخره مما يتعلق بتاريخ الشمول المالي ومفهومه ونشأته وانتشاره، فنخلص في نهاية هذا المبحث إلى عدة نقاط؛ أن الشمول المالي ليست ظاهرة حديثة بل إنها تبلور لتاريخ قديم مع بعض التعديلات الحادثة بفعل الزمن وتغير أشكال الحياة، وكذلك وجود عدة مفاهيم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالشمول المالي؛ تؤثر به ويؤثر فيها، أبرزها التحول الرقمي الذي يُعد أساسًا وركيزة لسياسات الشمول المالي، والتكنولوجيا المالية التي تعد الرابط بين الأخيرين، وكذلك الاستدامة المالية وكيف أنها تعبر عن فعالية سياسات الشمول المالي، وكذلك تطرقنا إلى أبرز المميزات (نقاط الأهمية) للشمول المالي والتي تتمثل في مكافحة الفقر وتعزيز صور العدالة في المجتمع، كذلك دوره المحوري في مكافحة الفساد وقضايا غسيل الأموال، وكما أن لكل شيء إذا ما تم نقصان فقد تناولنا من وجهة نظر الباحث _ بعض العيوب التي تشوب الشمول المالي وكيف أنه قد يتسبب في ثقل كاهل الفقراء بالديون الحكومية، وزيادة الاستهلاك غير المبررة وغيرها، ومنها إلى دور البنك المركزي المصري في تعزيز سياسات الشمول المالي وكيف يتماشى ذلك مع استراتيجية مصر2030 ومدى إمكانية تحققه. وهنا فقط نكون قد وصلنا من خلال عرض مبسط إلى الإطار العام الذي يمكن أن نبدأ منه دراستنا ذلك النهج الذي انتهجته الدراسات السالفة وعليه فيأتي المبحث الثاني لدينا ليتناول مراجعة الأدبيات السابقة التي تناولت مفهوم الشمول المالي وتأثيره على النمو الاقتصادي (نظريًا وتطبيقيًا) لتكتمل لدينا الصورة ويتكون الإطار..

المبحث الثاني: مراجعة الأدبيات

يحظى مفهوم الشمول المالي بأهمية كبرى على مستوى العالم باعتباره عاملًا لتحقيق 7 أهداف من ضمن 17 هدفًا للتنمية المستدامة ولذلك أصبح الشمول المالي هو الشغل الشاغل للحكومات وصانعي السياسات في العالم وانطلاقًا من هنا، يسـتعرض هـذا المبحث إجراء المسح النظري للعلاقة بين تطبيق سياسات الشمول المالي والنمو والاقتصادي من خلال تناول النظريات الاقتصادية السابقة، فضلًا عن إجراء المسح التطبيقي من خلال الدراسـات والأدبيات السـابقة التـي لهـا علاقة بموضـوع البحـث، فسوف يتم عرض بعـض الدراسـات العربيـة والأجنبية والإشارة إلى أهم ما هدفت وما توصلت إليه كـل دراسـة.

وقد ساهمت هـذه الدراسـات فـي معرفـة وتوسـيع مفهـوم الشمول المـالي وكيفيـة تطبيقـه في الـدول بالإضافة الــى ربطـــه بالنمو والــى أي مــدى يتجلـــى دور الشمول المالي فـي ســبيل تحقيـق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي (عجور،2017).

نظرًا للدور المحوري الذي يلعبه الشمول المالي -على الرغم من حداثته نسبيًا- في التأثير على النمو الاقتصادي فنجد أن هناك عددًا متزايدًا من الدراسات التطبيقية التي توصلت إلى نتائج تشير إلى أن الشمول المالي هو شرط سابق للنمو الاقتصادي، كما تنوعت الدراسات ما بين دراسات قديمة، حديثة، ودراسات معاصرة، اعتمدت معظمها على المنهج الوصفي التحليلي بالإضافة الى المنهج الإحصائي القياسي.

المطلب الأول: الإطار النظري

يلعب القطاع المالي دورًا كبيرًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الاقتصادية لمختلف دول العالم بوجه عام وللدولة بوجه خاص ويشهد القطاع المالي تغيرات وتطورات متلاحقة في نوع وكم الخدمات المالية المقدمة للجمهور مما جعلها في فترة زمنية قصيرة تلقى القبول العام من جانب المواطنين وساعد على ذلك حملات التوعية بأهمية تلك الخدمات ودورها في تمكين المواطنين من الحصول على احتياجاتهم بسهولة ويسر دون أي أعباء (سعيد،2022).

يسعى هذا الجزء الى إجراء المسح النظري لمفهوم الشمول المالي معبرًا عنه بالتطور المالي وعلاقته بالنمو الاقتصادي وينقسم الى قسمين حيث يتناول القسم الأول منه أهم النظريات الاقتصادية التي توصلت إلى وجود علاقة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي، بينما يتناول القسم الثاني أهم الفرضيات التي تناولت العلاقة السببية بين التطور المالي والنمو الاقتصادي.

10-                    أولاً: أهم النظريات الاقتصادية التي توصلت إلى وجود علاقة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي

وضح شومبيتر (1911) التأثير الإيجابي للنظام المالي في النمو الاقتصادي من خلال آليات الابتكار، فيؤكد على أن المؤسسات المالية والأسواق المالية توجد قبل وجود الطلب عليها وأكد على أهمية القطاع المالي في حفز الاستثمارات من خلال التعرف على فرص الأعمال وتمويلها وعلى كفاءة تخصيص الموارد ورأس المال فوجد هذا الاتجاه أن الخدمات التي يقدمها الوسطاء الماليين محركًا للابتكار والنمو الاقتصادي فهو بمثابة شرط مسبق للنمو الاقتصادي.

نجد على النقيض من ذلك النماذج التقليدية بالأخص النموذج النيوكلاسيكي أهملوا دور النظام المالي في دفع النمو الاقتصادي فأعتبر سولو أن التقدم التكنولوجي متغير خارجي ليس في حاجة إلى التمويل الذي يجعله مستقلًا عن الادخار والمؤسسات المالية، لكن تغيرت وجهة النظر مع ظهور نظرية النمو الداخلي بإدراجها للتقدم التكنولوجي كمتغير داخلي في حاجة الى التمويل وأن الشمول المالي والوساطة المالية يؤثران على النمو من خلال مجموعة من القنوات مثل الاستثمار وكفاءة تخصيص الموارد المالية ومعدل نمو الإنتاجية ومستوى الادخار واهتمت بدراسة العوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي في الأجل الطويل.

مهدت المساهمة الفعالة لشومبيتر (1911) الطريق للعديد من المدارس الفكرية الأخرى التي تفسر العلاقة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي كالمدرسة الهيكلية المالية التي ظهرت في ستينيات القرن الماضي، ثم تلتها مدرسة التحرير المالي تحت قيادة (1973) McKinnon and Shaw في سبعينيات القرن الماضي وأخيرًا ظهرت نظرية النمو الداخلي في ثمانينيات القرن الماضي.

  1. المدرسة الهيكلية المالية

تؤكد هذه المدرسة على أن العلاقة بين تطور النظام المالي والنمو الاقتصادي تتحقق من خلال شمولية هذا النظام المالي وتنوع الخدمات المقدمة مما يؤثر بشكل إيجابي في عمليتي الادخار والاستثمار فيرتفع معدل النمو الاقتصادي حيث أشار (1960) Gurly and Shaw إلى أن النظام المالي المتطور يسمح بالتخصيص الكفء للموارد المالية المتاحة وتنوع المؤسسات المالية يخلق التنافسية بين الوسطاء الماليين مما يضمن التخصيص الأمثل للموارد نحو المشاريع الاستثمارية الأكثر إنتاجية فيرتفع النمو الاقتصادي.

أكد على ذلك Goldsmith (1969) فتوصل الى أن المؤسسات المالية تعمل على تعبئة المدخرات من أجل رفع معدلات الاستثمارات وتوصل إلى علاقة ارتباطية موجبة بين التطور المالي ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حيث تحقق المؤسسات المالية الكفاءة الاقتصادية وأفضل عائد اجتماعي للأموال فأكد على أن الوساطة المالية تحقق في المقام الأول الكفاءة في تخصيص الموارد.

  1. المدرسة الليبرالية الحديثة (مدرسة التحرير المالي)

ظهرت مدرسة التحرير المالي تحت قيادة (1973) McKinnon and Shaw لتشير إلى أن الكبح المالي المتمثل في فرض الحكومة قيودًا على النظام المالي وأسعار الفائدة يعيق عملية التطور المالي التي يعتبرونها ذات أهمية للنمو الاقتصادي فأكدوا على أهمية التحرير المالي وإلغاء القيود التنظيمية المفروضة على أسعار الفائدة مما يؤدي إلى زيادة الأموال القابلة للإقراض فضلاً عن زيادة كفاءة تخصيص الموارد.

  1. مدرسة نماذج النمو الداخلي

ظهرت العديد من المحاولات لدراسة النظام المالي كعامل محدد ومؤثر في النمو الاقتصادي من خلال تسليط الضوء على دور الوسطاء الماليين في النشاط الاقتصادي وإدارة الموارد والبحث عن القنوات الناقلة لأثر التطور المالي على النمو الاقتصادي اعتمادًا على فرضيات نماذج النمو الداخلي التي برهنت على دور النظام المالي في التأثير على النمو الاقتصادي داخليًا، فالتطور المالي تبعًا لنظرية النمو الداخلي يدعم النمو الاقتصادي في الأجل الطويل من خلال تأثير الخدمات المالية على تراكم أرس المال والابتكارات نتيجة للخدمات والتسهيلات المقدمة من النظام المالي كتعبئة المدخرات مما يؤدى الى زيادة معدلات الاستثمار ومن ثم زيادة التراكم الرأسمالي وزيادة معدلات النمو الاقتصادي (بخوش،2022).

11-                    ثانيً: أهم الفرضيات التي تناولت العلاقة السببية بين التطور المالي والنمو الاقتصادي

نتطرق في هذا الجزء إلى رؤية المدارس الفكرية لطبيعة العلاقة السببية التي تربط بين تطور القطاع المالي والنمو الاقتصادي كما يلي:

  • ‌أ- فرضية العرض القائم: والمقصود بها أن التطور المالي هو المسبب للنمو الاقتصادي فتؤكد تلك الفرضية أن تعزيز الوساطة المالية يلعب دورًا في رفع معدلات النمو الاقتصادي من خلال تأثيرها الإيجابي على رفع إنتاجية رأس المال، فالقطاع المصرفي هو الأكثر قدرة على التخصيص الأمثل للموارد من خلال اختيار المشاريع الاستثمارية الأكثر كفاءة وتوجيه المستثمرين، كما أنه يساهم أيضًا في عملية التطور التكنولوجي وبالتالي توصلت تلك الفرضية إلى أن التطور المالي يسبب النمو الاقتصادي وليس العكس.
  • ‌ب- فرضية الطلب التابع: والمقصود بها أن التطور المالي يحدث نتيجة للنمو الاقتصادي وليس العكس وبالتالي اتفقت تلك الفرضية مع فرضية العرض القائم بأن العلاقة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي في اتجاه واحد ولكنها اختلفت معها في اتجاه تلك العلاقة، وجاءت مبررات فرضية الطلب التابع بأن عملية النمو الاقتصادي والتنمية تؤدي إلى رفع متوسط دخل الفرد محدثًا نمو أسرع في الأصول المالية وبالتالي فعملية النمو والتنمية هي التي تخلق الطلب على التمويل ويستجيب النظام المالي لهذا الطلب.
  • ‌ج- العلاقة التبادلية: وجمعت تلك الفرضية بين الفرضيتين السابقتين فبررت وجود علاقة سببية في اتجاهين ففي الدول النامية أو المراحل الأولى من التنمية الاقتصادية تكون العلاقة السببية من القطاع المالي إلى النمو الاقتصادي، ولكن في الدول المتقدمة أو المراحل المتأخرة من التنمية الاقتصادية تتجه العلاقة من التطور المالي إلى النمو الاقتصادي، وبالتالي تكون العلاقة السببية علاقة في اتجاه ثنائي تتجه من النمو الاقتصادي إلى القطاعات المالية وتتجه من التطور المالي إلى النمو الاقتصادي.
  • ‌د- العلاقة الحيادية: وهي فرضية تقع على النقيض تمامًا من الفرضيات السابقة فتبرر بعدم وجود علاقة بين القطاع المالي والنمو الاقتصادي فكلًا منهما مستقلًا عن الآخر (حاكمي وآخرون، 2021).

في ختام المسح النظري تناولت الدراسة العلاقة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي من وجهة نظر المدارس الاقتصادية المختلفة تبعًا لتطورها الزمني واتفقت جميعها بأن هناك علاقة إيجابية بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي حيث يؤدي تطبيق سياسات الشمول المالي إلى تحفيز الادخار لدى الأفراد ومن ثم الاستثمار بالإضافة إلى توسيع القاعدة الضريبية الحكومية مما يؤدي الى تحسين وزيادة الخدمات العامة ولن نغفل عن دور الشمول المالي في دعم الفئات محدودة الدخل فتكون المحصلة النهائية في صالح دفع عجلة النمو الاقتصادي.

أما عن العلاقة السببية بين تطبيق سياسات الشمول المالي والنمو الاقتصادي فاختلفت الفرضيات فوجد بعضها أنها تسير في اتجاه واحد مختلفين في ذلك الاتجاه، ووجد الآخر أن تلك العلاقة تسير في الاتجاهين بينما كان هناك فرضية على النقيض من ذلك توصلت بأن العلاقة بين القطاع المالي والنمو الاقتصادي هي علاقة مستقلة فلا يؤثرا ولا يتأثرا ببعضهما البعض.

المطلب الثاني: الإطار التطبيقي

تكمن قوة العلم ومصداقيته في تراكمه ومرجعيته، حيث أن الدراسات والأبحاث ما هي إلا تراكم للخبرات والتجارب والعلوم، فلا نجد دراسة ناجحة كانت أم غير ذلك إلا وكانت تعتمد على سابقاتها، فكل الدراسات إنما هي في تتابع وتسلسل منتظم، تعود كل واحدة إلى سابقتها تعتمد عليها وتبدأ مما انتهت عنده الأخيرة، ليظهر لنا التسلسل الطبيعي للعلم والتطور المعتاد، ومن هنا نستهل دراستنا بتناول تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر في خلال الفترة (2000-2021)، بمراجعة الأدبيات السابقة من خلال الإطار التطبيقي لها..

انطلاقًا من ذلك، تم تقسيم الإطار التطبيقي الى ثلاثة أقسام على أساس النتائج التي توصلت إليها الدراسات بالإضافة الى الفترة الزمنية، حيث يتناول القسم الأول الدراسات التي توصلت الى العلاقة بين القطاع المصرفي والنمو الاقتصادي، بينما يتناول القسم الثاني الدراسات التي توصلت إلى العلاقة بين أثر الشمول المالي على الاستقرار والأداء الاقتصادي، وأخيرًا تناولت دراسات القسم الثالث العلاقة بين الشمول المالي والقطاع المصرفي.

12-                    أولًا: الدراسات التي تناولت العلاقة بين القطاع المصرفي والنمو الاقتصادي.

هدف بن ساسي (2015) إلى معرفة إلى أي مدى يؤثر القطاع المصرفي على النمو الاقتصادي في الجزائر خلال الفترة (2005-2014)، مع إبراز الوضع الحقيقي للقطاع المصرفي والنتائج الاقتصادية الناجمة عن أنشطة المصارف وإبراز أهمية دور البنوك ومكانتها في تحقيق النمو الاقتصادي، فاستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت إلى أنه يمكن النهوض بالقطاع المصرفي الجزائري من خلال خلق أسواق أسهم من شأنها إحلال التمويل المباشر ولو جزئيًا، وزيادة العمق التمويلي وتنويع الخدمات المالية، بالإضافة الى أن القطاع المصرفي يساهم في دعم المشاريع التنموية حيث أصبحت البنوك من أعمدة الاقتصاد الوطني وبنفس الهدف سعى أحمد (2020) لمعرفة دور القطاع المصرفي في النمو الاقتصادي المصري، فافترضت الدراسة أن الإدارة الإيجابية للقطاع المصرفي تؤثر على النمو الاقتصادي في مصر حيث اعتمدت على المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت إلى وجود انحراف سالب للكثافة المصرفية في مصر وهذا يعني أن الخدمات المصرفية لا تصل إلى عدد كبير من الناس وتوصل أيضًا إلى أن المؤشرات الخاصة بكفاية رأس المال في القطاع المصرفي جيدة، وأخيرًا يساهم القطاع المصرفي بدور فعال في النمو الاقتصادي المصري.

وكذا هدفت دراسة الجويني وموعش (2020) إلى تحديد تأثير مجموعة من مؤشرات تطور القطاع المصرفي والأسواق المالية المتمثلة في (نسبة السيولة المحلية، نسبة الائتمان، ونسبة القيمة السوقية للبورصات) على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عشرة دول عربية خلال الفترة (2000-2018) باستخدام منهجية قياسية تستند إلى نماذج بيانات السلاسل الزمنية المقطعية حيث تم تقسيم الدول إلى مجموعتين فتضم مجموعة أربعة دول مستوردة للنفط (مصر، الأردن، تونس والمغرب) والمجموعة الثانية تضم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وهي (الإمارات، البحرين، السعودية، عمان، قطر والكويت) وتوصلت الدراسة إلى أن تحسن نشاط أسواق المال في دول مجلس التعاون له أثر موجب لكنه غير معنوي على النمو الاقتصادي، وأن السيولة النقدية والائتمان لهما أثرًا سالبًا ومعنويًا على النمو الاقتصادي، بينما لا تؤثر مؤشرات القطاع المصرفي (نسبة السيولة المحلية، نسبة الائتمان) على معدل نمو الناتج المحلي في الدول المستوردة للنفط، بينما معدل القيمة السوقية له أثر موجب ومعنوي على النمو الاقتصادي في هذه الدول. واتفقت هذه الدراسات في الأثر الإيجابي لتطور القطاع المصرفي على تعزيز الشمول المالي وضمان وصوله إلى كافة فئات المجتمع، بينما اختلفت في عينة الدراسة حيث استخدمت كل دراسة دولة أو مجموعة من الدول مختلفة عن الدراسات الأخرى.

13-                    ثانيًا: الدراسات التي تناولت أثر الشمول المالي على الاستقرار والأداء الاقتصادي.

يُعد الشمول المالي من ضمن أهم الموضوعات التي اتجهت الدول إلى الاهتمام بها وأخذ خطوات فعالة في تطبيقه ومحاولة تطوير البحث العلمي الخاص به لذلك تعددت الدراسات التي اهتمت بدراسة العلاقة بين كل من الشمول المالي والنمو الاقتصادي.

فقد توصل Onaolapo (2015) في دراسته لتأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي لدولة نيجيريا خلال الفترة( 1982-2012) إلى أن الشمول المالي قد ساهم في زيادة الدخل القومي، ومعدل الوساطة المالية وتقليل معدلات الفقر عن طريق زيادة معدل القروض للمناطق الريفية ومحدودي الدخل، واستخدم في دراسته المنهج الوصفي التحليلي ودعمه بالمنهج الإحصائي القياسي، وقام (2015) Noris et al. بعمل ورقة سياسات تحت إشراف صندوق النقد الدولي، تهدف إلى دراسة تأثير قيود الشمول المالي على كل من الناتج المحلي الإجمالي الذي يعبر عن النمو الاقتصادي وعدم العدالة، وذلك من خلال نموذج توازن عام معتمدًا على متغيرات غير متجانسة، بالاعتماد على ثلاثة أبعاد من الشمول المالي (الوصول إلى الخدمات المالية، العمق المالي و كفاءة الوسطاء الماليين)، واعتمد النموذج على بيانات استطلاع رأي قام به البنك الدولي على ستة دول، ثلاثة من الدول منخفضة الدخل (أوغندا، كينيا، موزمبيق) وثلاثة من دول الأسواق الناهضة (ماليزيا، الفلبين، مصر)، واستنتج أن القيود على الشمول المالي تختلف من دولة لأخرى حسب خصائص الدولة وحسب النظام الاقتصادي المُتبع في الدولة، وهنا أوضحت الورقة الفرق بين كلًا من النظام الادخاري والنظام الائتماني وأن عيوب كل منهما هي السبب في إعاقة الشمول المالي بجانب عوامل أخرى، وأن كل قيد من القيود يؤثر على كل من الناتج المحلي و الإجمالي بالسلب وأيضًا على عدم العدالة ولكن بشكل ونسب متفاوتة. واتفقا الدراستان في الأثر الإيجابي للشمول المالي على النمو الاقتصادي.

وتوصلت دراسة السن (2017) والتي تناولت دور الشمول المالي في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي بملاحظة تدني مستويات الشمول المالي في الدول العربية باستخدام المنهج الوصفي فتوصلت إلى أهمية الشمول المالي في تعزيز النمو الاقتصادي حيث رأت أن التقنيات المالية تؤثر إيجابًا على معدلات الشمول المالي وخصوصًا في المناطق الريفية والنائية مما يعزز وصولهم للخدمات المالية ومشاركتهم في النشاط الاقتصادي، وقد توصل عبد القادر (2017) باستخدام المنهج الإحصائي التحليلي لوجود علاقة موجبة وقوية بين تنفيذ سياسات الشمول المالي وتحقيق الاستقرار المالي بالتطبيق على مصر في الفترة (2005-2015) باستخدام عدة مؤشرات (العمق المالي، الإتاحة المالية والاستخدام المالي) والذي بدوره يساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومن ثم النمو الاقتصادي، وقاما (2018) Brun and silue بدراسة تركز على العلاقة بين النمو الاقتصادي والشمول المالي في الدول النامية في 57 دولة خلال الفترة(2007-2017)، وأوضحت الدراسة أن مساهمة الشمول المالي لتحقيق النمو تتطلب قدر معين من التنمية المالية، وتهدف أيضًا إلى إبراز دور الاختراعات في مجال خدمات الاتصالات في زيادة الشمول المالي ومن ثم النمو الاقتصادي، وتفترض الدراسة أن الاستهلاك يمكن أن يكون قناة من ضمن قنوات الشمول المالي التي تساهم في زيادة النمو، واستنتجت الدراسة أن إيداعات النظام المالي تساهم في زيادة النمو الاقتصادي في الدول النامية. واتفقت الدراستان في طبيعة العلاقة الإيجابية بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي، واتفقوا أيضًا في حالة الدراسة وهي الدول النامية.

أما دراسة يونس (2018) فاستهدفت استخلاص العلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تم العمل على بيانات من 23 دولة خلال الفترة (2004-2016) باستخدام مؤشرات للشمول المالي وهم (الإتاحة المالية، الاستخدام المالي والوصول إلى الخدمات البنكية) وتم الاعتماد على نموذج قياسي الهدف منه اختبار تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي، وأثبتت الدراسة من خلال النموذج وجود ارتباط إيجابي بين الشمول المالي والناتج المحلي الإجمالي، وأظهرت التأثير الإيجابي لكل من عدد ماكينات الصراف الآلي والائتمان المحلي وعدد المودعين على الناتج المحلي الإجمالي إلا الأخير على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتطرقت دراسة بن رجب (2018) لحساب مؤشر مركب للشمول المالي في الدول العربية، وذلك من خلال دراسة علاقة الشمول المالي بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالاعتماد على منهجيات وطرق إحصائية متقدمة، وتوصلت إلى أن الاقتراض من القنوات غير الرسمية يمثل عائقًا أمام الشمول المالي، والتركز المصرفي له تأثير عكسي على الشمول المالي، واتفقت الدراستان في طبيعة العلاقة الطردية بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والشمول المالي والأساليب المستخدمة، ولكنهم اختلفا في عينة الدراسة.

سعت دراسة (2019) Ali et al. لدراسة تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي مطبقًا على باكستان في الفترة (1985-2017) حيث توصلت إلى أن سياسات الشمول المالي يمكنها أن تؤدي الى تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، وأن الشمول المالي يؤثر إيجابيًا على النمو الاقتصادي في المدى القصير، بينما أثبتت دراسة Andre (2019) بالتطبيق على 34 دولة في جنوب الصحراء الأفريقية أن هناك علاقة معنوية موجبة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي من خلال النموذج الأول، وأثبت النموذج الثاني العلاقة الموجبة بين الشمول المالي والتنمية المالية، وأوضحت الدراسة أن امتلاك حسابات بنكية ليس له أثر معنوي على النمو الاقتصادي ولكن هناك أثر معنوي إيجابي بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي.

وفي دراسة Sofi and Zamir(2019) التي تعد من أولى الدراسات المطبقة على دولة الهند، ويسعى الباحثان لاختبار أثر الشمول المالي على نمو الاقتصاد الهندي في الفترة من (2005-2014) باستخدام تحليل الانحدار وتوصلت إلى أن هناك علاقة إيجابية ومعنوية بين عدد ماكينات الصراف الآلي والناتج المحلي الإجمالي، ووجود علاقة إيجابية ولكن غير معنوية بين نسبة الودائع الائتمانية والناتج المحلي الإجمالي، واتفقت الدراسات السابقة في طبيعة العلاقة الإيجابية بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي ولكن اختلفوا في عينة الدراسة فقد استخدمت كل دراسة دولة مختلفة، وتعتبر الدراسة الأخيرة من الدراسات التي أثبتت وجود علاقة إيجابية ولكنها غير معنوية بين الودائع والناتج المحلي الإجمالي.

وساهمت دراسة القاضي(2019) في تحديد دور الشمول المالي في الأداء الاقتصادي المصري في الفترة ما بين (2016-1991)، واعتمد على الاقتصاد القياسي لاختبار فرضيات الدراسة (أن الشمول المالي له تأثير إيجابي علي الأداء الاقتصادي في مصر)، واستنتجت مجموعة من النتائج المهمة وهي وجود علاقة إيجابية بين كل من فروع البنوك وانتشار الخدمات المالية والمصرفية وذلك لجميع شرائح المجتمع واستنتج، أيضًا، وجود أثر إيجابي لانتشار الخدمات المالية والمصرفية وذلك للمساهمة في كل من تعبئة المدخرات وزيادة الودائع من الجمهور وأن لهذه الودائع دور إيجابي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وذكر أن هذا متوافق مع نظرية الاقتصاد الكلي المتوافقة مع طبيعة الاقتصاد المصري، وأن زيادة أعداد البنوك العاملة في مختلف الدول وفروعها له أثر إيجابي على ودائع الجمهور، وأن حشد المدخرات المتمثل في ودائع الجمهور أثر معنوي إيجابية على حجم التسهيلات الائتمانية المباشرة، وتناولت دراسة أبو العز وآخرون(2019) أثر تطور مؤشرات الشمول المالي على النمو الاقتصادي في الصين في الفترة من (1990-2014) لاختبار فرضية رئيسية وهي وجود تأثير للشمول المالي على النمو الاقتصادي باستخدام التحليل الوصفي وكثير من الأساليب التحليلية منها الانحدار الخطي البسيط والانحدار الخطي المتعدد، وتم تقسيم فترة الدراسة إلى ثلاث فترات الفترة الأولى: فترة ما قبل الشمول المالي (2000-2009)، الفترة الثانية: بداية تطبيق الشمول المالي (2010-2014)، الفترة الثالثة: بداية تدخل شركة فيزا في الصين (2015-2018)، وتوصلا إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة بين (إجمالي تكوين رأس المال، إجمالي الاحتياطي، سعر الفائدة على الودائع، رسملة الشركات المحلية المدرجة، رسملة سوقية الشركات المدرجة) وإجمالي الادخار القومي، ووجود علاقة عكسية بين سعر الفائدة على الإقراض وإجمالي الادخار القومي.

عالجت دردور وحركات(2020) إشكالية أثر أبعاد الشمول المالي المتمثلة في (إجمالي القروض، وإجمالي الودائع، والفروع المصرفية) على النمو الاقتصادي في الجزائر معبرًا عنه بالناتج المحلي الإجمالي في الفترة من (1980-2017) باستخدام المنهج الوصفي والتحليلي القياسي، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية معنوية لمتغير القروض على الناتج المحلي الإجمالي، ووجود علاقة طردية بين عدد الفروع البنكية والناتج المحلي، ووجود علاقة غير معنوية وعكسية بين الودائع البنكية والناتج المحلي الإجمالي، من خلال نموذج الانحدار، وتوصلت دراسة 2020)) Abbas et al. أن هناك ارتباط موجب بين الناتج المحلي الإجمالي المصري وعدد ماكينات الصراف الآلي في الفترة (2011-2017)، ولكن وجدت ارتباط سلبي بين الناتج المحلي الإجمالي وإجمالي الإيداعات، وتوصلت دراسة أبو العز وكامل (2021) إلى وجود ارتباط طردي قوي بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد مقومًا بالدولار الأمريكي في مصر وكل من (عدد ماكينات الصراف الآلي، عدد العملاء المقترضين من البنوك التجارية وعدد الفروع البنكية) وذلك في الفترة من (2005-2018)، ووجود علاقة عكسية بين الناتج المحلي الإجمالي وعدد الودائع في البنوك التجارية. ونجد أن هناك اتفاق بين الدراسات السابقة في الأثر السلبي للودائع على الناتج المحلي ويرجع ذلك الأثر إلى ضعف قيمة الودائع وعدم الاعتماد عليها في الاستثمار لأن أغلبها متوسطة وقصيرة الأجل. وهذا لا يتفق مع النظرية الاقتصادية ولابد من توعية الأفراد بأهمية الاستثمار في المشاريع الإنتاجية التي تساهم في النمو الاقتصادي.

تناولت دراسة معتوق وآخرون (2021) أهمية القطاع المالي وإدراج الوحدات الاقتصادية في القطاع الرسمي لما له من أثر إيجابي وهام على الأداء الاقتصادي للدولة وذلك من خلال الأسلوب النظري التحليلي، وسعت هذه الدراسة إلى اختبار الفرضية القائلة بأن “الشمول المالي يؤثر إيجابيًا على الأداء الاقتصادي” بالاعتماد على المنهج الاستنباطي للتعرف على الشمول المالي وركائزه ومحدداته ومؤشرات قياسه، وتوصلت الدراسة إلى أن هناك أثر إيجابي للشمول المالي على الأداء الاقتصادي للدولة مما دفعها لقبول الفرضية السابقة.

وبالاعتماد على المنهج الوصفي وبعض من الأساليب التحليلية متمثلة في المنهج القياسي، توصلت كل من دراسة شرف والصائغ(2021) إلى أن ارتفاع مؤشر الخدمات المصرفية في عينة تتألف من 21 دولة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يؤدي إلى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي وذلك في الفترة من (2004-2017)، ويؤثر الاستقرار السياسي إيجابيًا على النمو الاقتصادي فنجد أن إغلاق عدد من الفروع البنكية خلال الحرب في سوريا أثر سلبًا على الانتشار المصرفي للبنوك وتبعه تأثير سلبي على نصيب الفرد من الناتج المحلي، وأظهرت دراسة Alfaki and Mohammed (2022) أن عدد الفروع ومؤشر سهولة أداء الأعمال وعدد ماكينات الصراف الآلي لهم أثرًا إيجابيًا على معدل نمو الاقتصاد السوداني في الفترة من (2006-2020)، وبالتالي زيادة عدد الأشخاص المشمولين ماليًا.

قام نجيم (2022) بتحليل نوع العلاقة بين مؤشر الشمول المالي والنمو الاقتصادي في أربع دول عربية وهم (الجزائر، تونس، المغرب ومصر) خلال الفترة (2004-2019) ووجدت الدراسة أن هناك علاقة موجبة طويلة الأجل بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي في الدول محل الدراسة، وأثبت اختبار السببية في الأجل الطويل والأجل القصير أنه لا توجد علاقة سببية بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي، وتوصل أيضًا البكل(2022) إلى أن هناك علاقة تكامل مشتركة بين المتغيرات التالية (الإتاحة المالية في البنوك، العمق المالي، الاستخدام المالي، الاستخدام المالي للودائع والإتاحة المالية للبريد) والناتج المحلي الإجمالي في مصر خلال الفترة (2000-2020)، وأنه ليس هناك أي متغيرات من الشمول المالي معنوية التأثير على الناتج المحلي الإجمالي في الأجل القصير بشكل مباشر ولكن قد يزداد هذا التأثير عندما يتم تطبيق المنظومة بالكامل في مصر حيث لم يتم تطبيقها إلا منذ 8 سنوات، وتوصلت أيضًا الى أن الشمول المالي في مصر قد ساهم في رفع التصنيف الائتماني لمصر، وتقدمها في مؤشر سهولة أداء الأعمال ومؤشر الشفافية الدولية، وساهم أيضًا بخفض السيولة النقدية مما ساعد في تقليل التضخم، وأخيرًا أن استخدام وسائل الدفع الإلكترونية ساهم في الحد من التعاملات غير الرسمية ومحاربة الفساد، وأن مصر تواجه خلل في أداء الاقتصاد الرسمي بسبب زيادة حجم وإنتاج وعدد المنشآت غير الرسمية.

14-                    ثالثًا: الدراسات التي تناولت دور الشمول المالي في تحقيق التنمية المستدامة.

اتضح من الأدبيات السابقة مدى أهمية الشمول المالي في تحقيق النمو الاقتصادي، نهدف في هذا الجزء إلى معرفة واستنتاج كيف يساهم الشمول المالي في تحفيز وتسهيل التنمية المستدامة.

جاءت دراسة دايش (2017) والتي تناولت دور الشمول المالي في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة مع الإشارة الى تجربة الإمارات العربية في الفترة ما بين 2010-2016 حيث أكدت أن معدلات الشمول المالي المرتفعة تؤدي إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة فلما اتخذت الإمارات العربية المتحدة خطوات سباقة في تطبيق سياسات الشمول المالي وتضمين المواطنين بالخدمات المالية استطاعت أن تصنف ضمن أكثر دول العالم تقدمًا في مجال تخفيض معدلات البطالة والفقر ورفع المستوى التعليمي والصحي للأفراد، مما يجعلها في الطريق الصحيح نحو تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة. ومن جانب آخر، تناولت دراسة شمس الدين (2020) مفهوم الشمول المالي والتنمية المستدامة وتحليل واقع الشمول المالي في الدول العربية والوقوف على أهمية الشمول المالي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة في مصر وتوصلت إلى أن الشمول المالي يعد بعدًا أساسيًا في تحقيق معظم أهداف التنمية المستدامة، فوصول الخدمات المالية والمصرفية إلى كافة شرائح المجتمع يساعد على مكافحة الفقر والجوع وتوفير مناصب الشغل وتعميم الرعاية الصحية والتعليمية وتمكين المرأة وتحقيق النمو الشامل والمستدام.

هدفت دراسة رشوان وأبو رحمة (2020) إلى تناول دور الشمول المالي في دعم المشروعات الريادية وتحقيق بُعد التنمية المستدامة والتي اعتمدت على المنهج الوصفي التحليلي في تحليل الدراسات السابقة واعتمدت في اختبار الفرضيات على استخدام البرنامج الإحصائيSPSS وأثبتت الدراسة وجود دلالة إحصائية كبيرة بين الشمول المالي والمشروعات الريادية بوزن نسبي 73٪ كما توجد علاقة ذات دلالة إحصائية كبيرة بين مشروعات ريادة الأعمال والتنمية المستدامة بوزن نسبي 79٪ وبالتالي فإن الشمول المالي يؤثر بعلاقة غير مباشرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقًا لنتائج هذه الدراسة واتفقت معها دراسة الشاعر (2021) التي هدفت إلى دراسة التجربة المصرية نحو التحول إلى الشمول المالي ودورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة حيث رأت أن أهمية الشمول المالي الاقتصادية والاجتماعية تكمن في دوره في الحد من الفقر وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الاستقرار المالي والذي اعتمد في أسلوبه على الدراسة التحليلية النظرية والعملية على جمهورية مصر العربية.

هدفت دراسة مهدية (2021) إلى قياس أثر الشمول المالي على البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة في عينة من الدول العربية وهي ست دول (مصر، تونس، قطر، لبنان، الكويت، السودان) وذلك في الفترة الزمنية من (2012-2020) وللوقوف على ذلك الأثر في الدول العربية، واختبار الإشكالية القائلة “ما مدي تأثير متغيرات الشمول المالي على البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة؟ “واتبعت المنهج الاستنباطي والمنهج الاستقرائي متمثلًا في أداتي التحليل والقياس وقد توصلت الدراسة لوجود علاقة موجبة بين الشمول المالي والتنمية الاقتصادية بشكل عام والتنمية المستدامة تحديدًا، أي أن الشمول المالي يعد ركيزة أساسية لتحقيق أبعاد التنمية المستدامة، وأظهرت الدراسة وجود علاقة معنوية إيجابية بين عدد المقترضين وعدد الفروع البنكية كمتغير مستقل ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كمتغير تابع. اتفقت مع مهدية (2021) دراسة عبد السلام (2021) التي تناولت التحديات والفرص التي تواجه تحقيق الشمول المالي في الجزائر لتؤكد أن الشمول المالي له أثر إيجابي على كافة مؤشرات النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورأت أن لها أثرًا إيجابيًا في تخفيض مستويات الفقر، وتحسين قدرة الأفراد على إدارة المخاطر، وزيادة مستويات الادخار والاستهلاك بالإضافة إلى أثرها الإيجابي على أسواق العمل ومستويات دخل الفرد. واختلفت معهما دراسة بوزانة وحمدوش(2021) التي تناولت تقييم درجة الشمول المالي في القطاع المصرفي الجزائري خلال الفترة 2018-2011 إلى تواضع مستوى مساهمة القطاع المصرفي في تعزيز درجة الشمول المالي في المجتمع الجزائري مما ينعكس على تمكين فئات المجتمع بالسلب وبالتالي يعطل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي ومستوى معيشة مناسب.

وفي دراسة التوني (2021) التي تناولت أساسيات بناء منظمة الشمول المالي ودوره في التنمية المستدامة على عينة من العملاء في محافظة بورسعيد باستخدام الأساليب الإحصائية التالية؛ الأوساط الحسابية والانحرافات المعيارية ومعامل الاتساق الداخلي ومعامل الثبات وتحليل التباين أحادي الاتجاه ومعامل الارتباط (بيرسون) وتحليل الانحدار البسيط، توصلت الدراسة الميدانية لوجود علاقة معنوية إيجابية بين الشمول المالي والتنمية المستدامة في كل من البعد الاقتصادي، الاجتماعي والبيئي.

استمرارًا لتتبع دور المنظمات والرقابة، أوضحت دراسة عمريه(2022) جانب مهم جدًا لا يجب إغفاله عند تطبيق سياسات الشمول المالي في فلسطين، فقد رأت أن الشمول المالي في حال عدم رقابة السلطات على الجهات المصرفية يكون له أثر سلبي معنوي على النمو الاقتصادي من خلال عدد الحسابات المصرفية، نسبة التضخم وإجمالي الودائع، كما تبين وجود أثر معنوي سلبي للتسهيلات المصرفية على نسبة الفقر، وكذلك تبين وجود أثر معنوي سلبي لمتغير إجمالي الودائع على الاستقرار المالي، أما الأثر المعنوي الإيجابي فكان بين التسهيلات المصرفية والاستقرار المالي، واستخدم فيها المنهج الوصفي التحليلي والقياسي في الفترة بين 2010-2020 وركز على المتغيرات المذكورة أعلاه في العلاقات.

أما دراسة عماني وآخرون (2020) أظهرت كيف يمكن للشمول المساعدة في محاربة الفقر حيث جاءت في إطار ” استراتيجية الشمول المالي: رؤية جديدة لمكافحة الفقر” لمناقشة استراتيجية الشمول المالي من خلال التكنولوجيا المالية والحلول الرقمية ودورها في مكافحة الفقر وتحسين المستويات المعيشية وذلك خدمةً لأهداف التنمية المستدامة، بواسطة عرض تجارب دولية ناجحة في هذا المجال، وذلك بناءً على بعض مؤشرات الشمول المالي وعلى الحلول الرقمية لبعض الفئات المستهدفة للفترة 2011-2017، وتطرقت الدراسة إلى مصيدة الفقر التي تعرقل النمو الاقتصادي عندما تؤدي إلى الاستمرار في الفقر، وإلى إمكانية أن يسهم الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية، لفئات من المستبعدين ماليًا من خدمات النظام المالي الرسمي، في تجاوز مصيدة الفقر، من خلال تحسين الدخول وتخفيض التكاليف وزيادة القدرة على الادخار بغرض الاستثمار والحفاظ على الأصول المملوكة وتوصلت من خلال تحليل الدراسات المختلفة إلى وجود علاقة إيجابية بين التوسع لتطبيق سياسات الشمول المالي وبين الحد من معدلات الفقر ومن ثم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ختامًا للمسح التطبيقي منذ عام 2015 حتى عام 2022، حيث عانى الحقل البحثي المرتبط بالشمول المالي من قصور في الدراسات العربية قبل 2015 ولكن بعد ذلك توالت الدراسات لاهتمام جميع الدول العربية بإطلاق استراتيجياتها مثلما حدث في خطة مصر 2030 للتنمية المستدامة حيث أن تطبيق الشمول المالي بحلول عام 2030 من أهم أولوياتها، وجدنا أن هناك اتفاق عام حول وجود علاقة إيجابية بين تطور القطاع المصرفي ومساهمته في ارتفاع الناتج المحلى على المستوى الدولي والمستوى الفردي، ووجود علاقة إيجابية بين معظم المتغيرات المعبرة عن الشمول المالي والنمو الاقتصادي بعضها كان معنوي والبعض الآخر غير معنوي، وعلى الجانب الآخر وجود علاقة عكسية بين حجم الودائع والناتج المحلي الإجمالي ويرجع ذلك الأثر السلبي لكثير من الأسباب منها ضعف قيمة الودائع وعدم الاعتماد عليها في الاستثمار لأن أغلبها متوسطة وقصيرة الأجل، ولابد من توعية الأفراد بأهمية الاستثمار في المشاريع الإنتاجية التي تساهم في النمو الاقتصادي. والتوصل إلى نتيجة مؤداها أن الشمول المالي يسهم في التقليل من حدة الفقر ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة.

ختامًا للمبحث الثاني، تناولت الدراسة في القسم الأول من المبحث المسح النظري لمفهوم الشمول المالي وعلاقته بالنمو الاقتصادي من خلال النظريات الاقتصادية فعلى الرغم من اختلاف فكر المدراس حول دور التطور المالي والتكنولوجي في دفع عجلة النمو الاقتصادي نتيجة اختلاف فترات الدراسة والدول المستخدمة، فقد تم التوصل إلى وجود علاقة معنوية موجبة بين كل من الشمول المالي والنمو الاقتصادي وفقًا للتطور الزمني للمدارس حيث يؤدي الشمول المالي دورًا محوريًا في تحقيق النمو الاقتصادي كونه يعمل على جذب الأموال المدخرة واستغلالها فـي المشاريع الاستثمارية المختلفة حيث تبين أن التطور المالي يعزز من الاستقرار والكفاءة المالية من خلال المساهمة في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي ومعدل الوساطة المالية وتقليل الفقر وبالنظر إلى فرضيات العلاقة السببية بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي نجد أنها تنصب جميعًا في اتجاه واحد يتمثل في العلاقة الموجبة بين كلًا منهما بغض النظر عن اتجاه العلاقة وأي منهما يؤدي للآخر.

كذلك أكدت الدراسات وفقًا للمسح التطبيقي على نتائج متشابهة بوجود علاقة موجبة قوية بين تطور القطاع المصرفي وتأثيره على الناتج المحلي الإجمالي، وأيضًا أشارت إلى التأثير الإيجابي الكبير للشمول المالي على الاستقرار المالي والأداء الاقتصادي، كما يسهم الشمول المالي في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية وكذلك البيئية لذلك سعي العالم لتضمين العديد من الاستراتيجيات الخاصة بالتنمية المستدامة لكل الدول ليكن تحقيق الشمول المالي هو أهم أولوياتها، كما حدث في رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة حيث يعد الشمول المالي أحد الركائز الأساسية لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية المستدامة وعلى وجه الخصوص الهدف الخاص بتحقيق اقتصاد تنافسي ومتنوع.

المبحث الثالث: التحليل الوصفي للعلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي

إن أحد أبرز أهداف التنمية المستدامة، وكذلك أول أعمدتها وأساس تحقيق أهدافها يتمثل في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومتزايدة تساهم بشكل أو بآخر في الارتقاء بمستويات المعيشة وضمان وصول جميع الأفراد لفرص متكافئة من الرفاهية والنماء، وفي عصرنا هذا تأتي أبرز مؤشرات التكافؤ الاقتصادي في المجتمعات متمثلة في وصول الأفراد بطرق متكافئة إلى الخدمات المالية والمنتجات المصرفية الأساسية، وهذا إذا تحقق إنما يتحقق بالتحديد بتطبيق سياسات الشمول المالي، ليس فقط تحقيق تلك السياسات، وإنما كذلك ضمان الاستقرار المالي للنظام المصرفي في الدولة محل الدراسة.

لذلك، في هذا المبحث، نحن بصدد تناول التحليل الوصفي للدراسة والذي نتناول فيه؛ وضع النمو الاقتصادي قبل تطبيق الشمول المالي لنتمكن من تثبيت نقاط بارزة تتيح لنا إجراء المقارنة فيما بعد، ومن ثم التأكد من صحة فرضيات الدراسة والأسئلة الفرعية المذكورة بدايةً، ثم نتناول الوضع بعد تطبيق سياسات الشمول وأبرز تلك التطورات التي نستوضحها خلال المطلب الأول من هذا المبحث.

أما المطلب الثاني، فنتناول فيه التحليل الوصفي لأبرز متغيرات الشمول المالي وتأثيرها على النمو على طول الفترة محل الدراسة، فنبدأ بالجدول الإحصائي الذي يتناول الإحصاءات الوصفية للعلاقة ما بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي، تليه الرسومات البيانية التي تتناول كل متغير من متغيرات الشمول على حدى، فنبدأ بتطور عدد ماكينات الصراف الآلي والذي ينعكس على مدى وصول الأفراد للخدمات المالية، ثم نتناول تطور عدد الأفراد المقترضين من البنوك التجارية، والذي يعكس بدوره مدى فعالية ومناسبة الخدمات المقدمة من البنوك للأفراد المستفيدين منها، وبعدها ننتقل إلى تطور عدد فروع البنوك والذي يسهم في وصول جميع الأفراد للخدمات ويعزز علاقة الأفراد بالبنوك التجارية، وبناء عليه ننتقل إلى تطور عدد حسابات الودائع البنكية والتي تعزز نفس الهدف.

وختامًا، ولكي تتحقق الرؤية كاملة ونتمكن من الوصول إلى المستوى الكلي الذي يتسنى لنا فيه الوصول إلى نتيجة عامة ومؤكدة تعكس تكامل جميع المتغيرات بهدف التأثير على النمو الاقتصادي نتناول الوصف المجمع لكل المتغيرات..

المطلب الأول: وضع النمو الاقتصادي في مصر قبل تطبيق سياسات الشمول المالي وبعد تطبيقها

يعتبر تحقيق النمو الاقتصادي ورفع مستوى معيشة أفراد المجتمع الهدف الرئيسي للعديد من دول العالم، لذلك يتمثل الهدف الرئيسي لصانعي السياسات الاقتصادية هو تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتختلف معدلات النمو من دولة لأخرى نظرًا لاختلاف العوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادي الذي يتسم بديناميكيات مؤشرات الاقتصاد الكلي المطلقة مثل الناتج المحلى الإجمالي وغيره من مؤشرات الاقتصاد الكلي، ولذلك فقد تعددت تعريفات النمو الاقتصادي، حيث عرف النمو الاقتصادي بأنه عبارة عن حدوث زيادة في إجمالي الناتج المحلي أو إجمالي الدخل القومي، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق زيادة في متوسط الدخل الفردي الحقيقي مع مرور الزمن فهو مقياس لمدى رفاهية الأفراد وتحسن مستوى معيشتهم بما يضمن تقدم الدولة. (Mahmoud, 2022).

لذلك سنتطرق في هذا الجزء إلى تحليل المتغير التابع المتمثل في الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار – وعرف الخبراء الاقتصاديون الناتج المحلي الإجمالي بأنه ” مؤشر اقتصادي يقيس درجة التنمية الاقتصادية في بلد ما وأثرها الاجتماعي، ويتم ذلك من خلال قسمة قيمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان لذلك هو يقيس القيمة الحقيقية لإنتاج الأفراد، ويسمى أيضًا معدل الدخل الفردي” –

سوف نتناول موضحين أثناء التحليل أوضاع مصر الاقتصادية كأزمة عجز الميزان التجاري وآثارها التضخمية وكذلك تحرير سعر الصرف، وكذلك الأوضاع السياسية كثورتي 25 يناير و30 يونيه، وبعض الأزمات العالمية كالأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا، وتأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي للفرد خلال فترة الدراسة اختتامًا بإلقاء الضوء على الجهود المبذولة من الدولة لترسيخ وتعزيز عملية الشمول المالي لما له من نتائج في تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي المنشودة خاصة في العقود الأخيرة، فالتركيز على الشمول المالي في ظل مخلفات أي أزمة، يعد من أهم الإستراتيجيات الفعالة حسب العديد من الدارسات التجريبية، من خلال النهوض بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

وسوف نتناول في هذا الجزء تحليل لوضع النمو الاقتصادي متمثلًا في الناتج المحلي الاجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار قبل وبعد تطبيق سياسات الشمول المالي خلال الفترة (2000-2021)، حيث يعتبر الشمول المالي من أهم الحوافز التي تعزز من الناتج المحلي الاجمالي في الآونة الاخيرة.

شكل (1) تطور الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار في مصر خلال الفترة (2000-2021)

المصدر: تم إعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

15-                    أولًا: وضع النمو الاقتصادي قبل تطبيق سياسات الشمول المالي في الفترة (2001-2005).

يوضح الشكل السابق الارتفاع والانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي للفرد مقومًا بالدولار، حيث كان هناك ارتفاع ليس بكبير في نصيب الفرد من الناتج في فترة ما قبل عام 2000 حتى بداية العقد الأول من الألفية الثانية حيث وصل إلى(1327.097) دولار لعام 2001 ثم انخفض نتيجة انخفاض معدل النمو الاقتصادي بسبب تدهور أسعار البترول في أواخر التسعينات وبعض الأزمات الداخلية كقضية نواب البرلمان، كذلك تأثر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة لتراجع الصادرات والواردات واستمرار الانخفاض الغالب عليهما ونتج الانخفاض في نصيب الفرد بالتبعية للانخفاض في معدل النمو الاقتصادي الذي بلغ (2.4%) عام 2002 وكان ذلك تبعيات لأزمة النمور الآسيوية والأزمات التي مر بها الاقتصاد العالمي كأحداث 11سبتمبر لعام 2001 فأنعكس ذلك على حركة التجارة العالمية مما أثر على معدلات النمو الاقتصادي في مصر ومن ثم نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مقومًا بالدولار فبلغ (1144.5) عام 2002 واستمر الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الانخفاض متأثرا بتلك الأحداث العالمية حتي نهاية عام2004 وبداية عام 2005 ليصبح في أدنى مستوياته ممثلًا (1016.2) دولار.

16-                    ثانيًا: وضع النمو الاقتصادي بعد تطبيق سياسات الشمول المالي في الفترة (2005-2021).

في الفترة من 2008حتى عام 2011 شهد العالم ظروف عدة بشكل عام ومصر بشكل خاص وكان أبرز تلك الأحداث هي الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وانتهت بثورة 25يناير لعام 2011، فعلى الرغم من حدوث الأزمة العالمية إلا أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد ظل مرتفعًا بل وبلغ أقصاه مقارنة بالسنوات السابقة من الدراسة بنحو (1941.9) دولار للفرد، ويكمن السبب في ذلك تركيز مصر على الصادرات والواردات فبلغا أعلى معدلات محققة في فترة الدراسة مما يعني أن مصر قد استفادت من الأزمة العالمية في زيادة صادراتها كنسبة من الناتج، وقد زاد انفتاحها على العالم الخارجي، وكذلك زيادة الإيرادات من جهة أخرى، ونتيجة لتحسن الوضع الاقتصادي ساهم ذلك في ارتفاع نسبة الادخار الإجمالي للفرد إلى الناتج ومن المؤكد أن ذلك كان له بالغ الأثر الإيجابي في تحسن الدخل الفردي فبلغت الزيادة في نمو الناتج المحلي للفرد 5.6% مقارنة بالفترات السابقة، ويرجع كل الفضل في ذلك إلى جهود الحكومة المصرية التي كان لديها حزمة من البرامج للتعامل مع آثار وتداعيات الأزمة على مصر وتمثلت تلك الجهود في زيادة الإنفاق المحلي وتشجيع الاستثمار فضلًا عن دعم الصادرات بالإضافة الي الإجراءات المالية والنقدية. (المتولي، 2021).

لكن سرعان ما أصبحت الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي للفرد زيادات بمعدلات متناقصة ففي عام 2009 كان نصيب الفرد من الناتج مقومًا بالدولار يبلغ (2212.2) دولار أي زيادة يبلغ قدرها (270.3) دولار فقط مقارنة بالعام السابق حيث لم تكن مصر بعيدة عن آثار الأزمة السلبية كل البعد فتأثرت مصر بنتائج الأزمة التي انعكست على الدول فمع تباطؤ النمو الاقتصادي ووصوله في بعض الدول إلى الصفر أو ما دون الصفر أدى ذلك إلى تأثيرات سلبية على معدل النمو الاقتصادي المصري الأخرى، فانخفض معدل النمو بحوالي (2.5%) نتج ذلك عن تراجع الإيرادات السياحية وانخفاض تحويلات العاملين المصريين بالخارج، كذلك تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، وبالنظر إلى جانب الإيرادات في الموازنة العامة للدولة نجده متأثر بالسلب نتيجة لتراجع حصيلة الضرائب والجمارك وحصيلة الخصخصة، وكذلك تزايد النفقات العامة، واستمر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد يتزايد بمعدل متناقص حتى عام 2011 ليصبح (2645.6) نتيجة الأحداث السياسة آنذاك وبالتبعية تدهور الأوضاع الاقتصادية وتوقف عجلة الإنتاج.

كما شهدت فترة ما بعد ثورة 25 يناير حتى ثورة 30يونيو زيادات لكن بمعدل متناقص في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة لعدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية. (. (Alasrag, 2009

ونجد في عام 2017 انخفاض ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي للفرد مسجلًا (2315) أي ينخفض بحوالي (1000) دولارًا مقارنة بعام 2016، ويرجع ذلك الانخفاض إلى ارتفاع نصيب الفرد من الدين الخارجي ليسجل (996.4) دولارًا، وجاء ذلك بسبب توسع الحكومة في الاقتراض الخارجي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقته مع صندوق النقد الدولي في 2016، لتقليل الضغط على مصادر التمويل المحلية ولضبط ميزان المدفوعات وبناء احتياطيات أجنبية. (محمد، 2019).

لذلك كان لابد من اتخاذ الحكومة المصرية عدة إجراءات للنهوض بالناتج المحلي الإجمالي للفرد بشكل خاص والنمو الاقتصادي بشكل عام فبدأ الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالارتفاع بمعدلات متزايدة وكانت تلك الزيادات شبه مستقرة، ويرجع سبب ذلك الارتفاع في زيادة الإنفاق الحكومي للنهوض بالاقتصاد مع استقرار الأوضاع الاقتصادية نسبيًا، ولا يمكن إنكار تعزيز مصر للشمول المالي والاهتمام بتطبيقه على نطاق واسع كأولى خطوات النهوض بالنمو الاقتصادي بداية بتلك الفترة حيث تعددت جهود الحكومة المصرية في إطار تحقيق الشمول المالي، فبدأت تلك الجهود بشكل واضح منذ عام 2017 عندما تم انعقاد مؤتمر “دعم الشمول المالي” بشرم الشيخ في فبراير 2017.

فعاود الناتج المحلي الإجمالي للفرد الارتفاع خلال عامي 20182019 ليصبح الناتج (2407)، (2869) على التوالي أي يزيد بمقدار (554) مقارنة بعام 2017 _حيث كان نصيب الفرد من الناتج المحلي (2315) دولارًا في عام 2017، وفى نهاية عام 2019 كانت بدايات جائحة كورونا لكن سرعان ما اتخذت الحكومة المصرية إجراءات اقتصادية للنهوض بالاقتصاد ومواجهة آثار الجائحة السائدة فكان تطبيق سياسات الشمول المالي أداة لتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن و المستدام ورفع نصيب الفرد من الناتج فعملت على نمو القطاع المالي بتوجيه اهتمام متزايد لقضية الشمول المالي للتحول إلى الاقتصاد الرقمي غير النقدي لدوره في تعزيز الاستقرار المالي ودفع النمو الاقتصادي والكفاءة المالية فضلًا عن دورها الاجتماعي.

وقد قامت مصر بتحرير سعر صرف عام 2016 وهو القرار الذي عزز من قوة ومتانة ومرونة الاقتصاد الوطني، حيث يعد هذا القرار بمثابة أهم خطوات الإصلاح الاقتصادي، فكان قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف والذي تبعه من رفع أسعار الفائدة له أثر بالغ في قيام العديد من المواطنين بفتح حسابات التوفير أو شراء شهادات ادخار ذات العائد المرتفع، للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة مما أدى إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ليصل إلى 5.6% ومن ثم زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 بحوالي 4% مقارنة بعام2018.

ومن ثم نجد أن وضع نصيب الفرد من الناتج في مصر أفضل بعد تطبيق سياسات الشمول المالي كانعكاس لمرآة وضع النمو الاقتصادي في مصر فعلى الرغم من أن وضع النمو يبدو خلال عام 2020 أسوء مما كان عليه في العام السابق حيث كان (3.6%) مقارنة بعام 2019 بمعدل النمو الاقتصادي (5.6%) إلا أنه يُعد إنجازًا عظيمًا فقد نجت مصر بمعدل نمو حقيقي موجب رغم تباطؤ النشاط الاقتصادي نتيجة جائحة كورونا وهو ما لم تستطع العديد من دول العالم تحقيقه، فكانت مصر من بلدان الاقتصادات الصاعدة القليلة التي حققت معدل نمو موجب في 2020، وقد صمدت مصر بفضل جهودها في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي ورؤيتها الاستراتيجية المتضمنة سياسات الشمول المالي مما أدى إلى انعكاس ذلك على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فنجد أنه قد ارتفع بشكل كبير ليبلغ (3398.8 دولارًا) في عام 2020.

وقد واصل الناتج المحلي الإجمالي للفرد الارتفاع محققًا لأكبر قيمة في الفترة محل الدراسة مسجلًا (3698.8دولارًا) للفرد، وكان تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنية المصري ليصل إلى 15.7 دليل ومؤشر على استقرار الأوضاع الاقتصادية آنذاك. (عبدالسلام،2021).

لذلك تتطلع مصر لتصبح رائده في مجال المدفوعات الرقمية فألقت مصر الضوء والاهتمام على السياسات المعنية بالشمول المالي، باعتباره من ركائز النمو الاقتصادي والتحول الرقمي وتعزيز الإصلاح الاقتصادي. وقد تضمنت استراتيجية التنمية المستدامة لمصر “رؤية مصر 2030” محاور خاصة بالشمول المالي وأهدافه ومن خلال تطبيق سياسات الشمول المالي استطاعت مصر أن تأتي في المرتبة الثالثة عربيًا من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي، كما احتلت المرتبة التاسعة من حيث قيمة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عربيًا على الرغم من كبر حجم سكانها وذلك وفقًا لتقديرات فوربس.

ففي ظل تحديات كورونا وتداعياتها على الاقتصاد المصري استطاعت الحكومة المصرية تحقيق إنجاز جديد يتمثل في تقليص عجز الميزان التجاري بنسبة كبيرة والحد من آثاره التضخمية وانعكاساته السلبية على معدل النمو الاقتصادي وأيضًا الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وإلى جانب ذلك كانت مصر مستمرة في خطاها تجاه رؤيتها واستراتيجيتها الوطنية الخاصة بالشمول المالي وهذا ما كان له دور في إنقاذ الاقتصاد المصري لمواجهة تداعيات جائحة كورونا فكان انتشار الفيروس دافع للحكومة لاستكمال خططها الخاصة بالشمول المالي والنهوض بالاقتصاد المصري تحقيقا للنمو الاقتصادي المستدام وما زالت الجهود الحكومية مستمرة حتى الآن في تحسين مؤشرات الشمول المالي بشكل واضح، واستكمال محاوره ومستهدفاته من خلال المرحلة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي (2021-2024).

المطلب الثاني: التحليل الوصفي للعلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي

17-                    أولًا: الجداول الإحصائية

جدول (1) الإحصاءات الوصفية للعلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي

count Min max S.D Median Mean
22 1016.254 3698.835 902.1786 2361.492 2274.644 GDP_PER_CAPITA_$
22 258 19014 5289.497 5039.5 6214.636 ATM
22 325319 8362204 2720294 4378767 4364094 BORROWERS
22 359 4643 1149.79 2563.5 2463.864 BRANCHES
22 2714286 53200000 15329402 20600000 25122255 DEPOSITE

 المصدر: تم اعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الاكسيل.

بعد تحليل المتغيرات المعبرة عن الشمول المالي والنمو الاقتصادي وجدنا أن عدد المشاهدات في جميع المتغيرات بلغ 22 مشاهدة وبالتالي لا توجد مشاهدات مفقودة، وتوصلنا إلى الآتي:

  • بلغت مقاييس النزعة المركزية وهي الوسط الحسابي لمتغير الناتج المحلى الإجمالي للفرد مقومًا بالدولار2274.644 وهي القيمة التي ترتكز حولها معظم البيانات، بينما بلغ وسيط المتغير 492 وهذا يعني أنه بترتيب المشاهدات فإن نصفها يقع قبل القيمة 2361.492 والنصف الآخر يقع بعدها، وبحساب التشتت لبيانات تلك المتغير من خلال الانحراف المعياري الذي يعبر عن بعد البيانات عن مركزها نجد أنه يبلغ 902.1786 وهي قيمة بعيدة عن المتوسط، ونجد أن أعلى قيمة حققها الناتج المحلى الإجمالي للفرد مقومًا بالدولار كانت 3698.835 في عام 2021، بينما أقل قيمة حققها المتغير كانت 1016.254 في عام 2004.
  • بلغت مقاييس النزعة المركزية وهي الوسط الحسابي لمتغير عدد ماكينات الصراف الألى6214.636 وهي القيمة التي ترتكز حولها معظم البيانات، بينما بلغ وسيط المتغير 5 وهذا يعني أنه بترتيب المشاهدات فإن نصفها يقع قبل القيمة 5039.5 والنصف الآخر يقع بعدها، وبحساب التشتت لذلك المتغير من خلال الانحراف المعياري الذي يعبر عن بعد البيانات عن مركزها نجد أنه يبلغ 5289.497، وتلك القيمة قريبة إلى حد ما من المتوسط والوسيط، ونجد أن أعلى قيمة حققها عدد ماكينات الصراف الآلي كانت 19014 في عام 2021، بينما أقل قيمة حققها المتغير كانت 258 في عام 2000.
  • بلغت مقاييس النزعة المركزية وهي الوسط الحسابي لمتغير عدد المقترضين من البنوك التجارية 4364094 وهي القيمة التي ترتكز حولها معظم البيانات، بينما بلغ وسيط المتغير 4378767 وهذا يعني أنه بترتيب المشاهدات فإن نصفها يقع قبل القيمة 4378767 والنصف الآخر يقع بعدها، وبحساب التشتت لهذا المتغير من خلال الانحراف المعياري الذي يعبر عن بعد البيانات عن مركزها نجد أنه يبلغ 2720294 وتلك القيمة بعيدة عن قيمة المتوسط، ونجد أن أعلى قيمة حققها عدد المقترضين من البنوك التجارية كانت 8362204 في عام 2020، بينما أقل قيمة حققها المتغير كانت 325319 في عام 2000.
  • بلغت مقاييس النزعة المركزية وهي الوسط الحسابي لمتغير عدد فروع البنوك التجارية2463.864 وهي القيمة التي ترتكز حولها معظم البيانات، بينما بلغ وسيط المتغير 5 وهذا يعني أنه بترتيب المشاهدات فإن نصفها يقع قبل القيمة 2563.5 والنصف الآخر يقع بعدها، وبحساب التشتت لذلك المتغير من خلال الانحراف المعياري الذي يعبر عن بعد البيانات عن مركزها نجد أنه يبلغ 1149.79 وتلك القيمة بعيدة عن قيمة المتوسط، ونجد أن أعلى قيمة حققها عدد فروع البنوك التجارية كانت 4643 في عام 2021، بينما أقل قيمة حققها المتغير كانت 359 في عام 2000.
  • بلغت مقاييس النزعة المركزية وهي الوسط الحسابي لمتغير عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية 25122255 وهي القيمة التي ترتكز حولها معظم البيانات، بينما بلغ وسيط المتغير 20600000 وهذا يعني أنه بترتيب المشاهدات فإن نصفها يقع قبل القيمة 20600000 والنصف الآخر يقع بعدها، وبحساب التشتت لذلك المتغير من خلال الانحراف المعياري الذي يعبر عن بعد البيانات عن مركزها نجد أنه يبلغ 15329402 وتلك القيمة بعيدة عن قيمة المتوسط، ونجد أن أعلى قيمة حققها عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية كانت53200000 في عام 2020، بينما أقل قيمة حققها المتغير كانت 2714286 في عام 2000.

18-                    ثانيًا: الرسومات البيانية

تطور عدد ماكينات الصراف الآلي في مصر خلال الفترة (2000-2021)

ماكينات الصراف الآلي منذ إنتاجها في 1967 وهي أداة مهمة وفعالة جدًا في تنمية وتطوير القطاع المالي والمصرفي، ولقد ساعدت بشكل كبير على زيادة الوصول إلى الخدمات المالية بسهولة أكثر من السابق بكثير، وذلك بسبب توافرها في العديد من المناطق وسهولة ويسر استخدامها، والازدحام في البنوك من أجل السحب. (El Aziz, Beeson and Ismail, 2018)

وقد أصبحت الآن ماكينات الصراف الآلي جزءًا أساسيًا وهامًا في إجراء وإتمام الخدمات المصرفية والمالية، لأنها تمكن العميل من إجراء العديد من المعاملات المصرفية وذلك بطريقة ذاتية آلية دون الحاجة لزيارة فرع البنك الذي يتبعه العميل مما يساعد العميل في توفير كلًا من الوقت والجهد وتقليل تكلفة المعاملات. (عزيزه، 2021)

يعد عدد ماكينات الصراف الآلي من ضمن اهم المؤشرات الهامة التي عادة يتم الاستعانة بها عند قياس الشمول المالي في أي دولة وإنها تساعد بشكل فعال في زيادة مؤشرات الشمول وينبع ذلك من استهداف الجهاز المصرفي والمالي زيادتها للوصول إلى معدل أكبر للشمول المالي، وتعمل العديد من البنوك على زيادة كل من عدد الفروع الخاصة بها وعدد ماكينات الصراف الآلي بالأخص الأخيرة، بسبب سهولة توفيرها أكثر من الفروع البنكية (عبد السلام، 2021).

وهناك العديد من الأبعاد التي تساهم في زيادة رغبة العميل في استخدام ماكينات الصراف الآلي ومن ضمنها رضا العميل عن جودة الخدمة المقدمة لكي يعود لاستخدامها مرة أخرى وبالإضافة إلى رضا العميل هناك درجة الموثوقية في إجراء المعاملة من خلال ماكينة الصراف الآلي والراحة في استخدامها وكذلك سهولة استخدامها والوصول إليها، الأمان والخصوصية في استخدامها، وخدمة العملاء الجيدة وتواجد الدعم الفني. (عزيزه، 2021)

شكل (2) تطور عدد ماكينات الصراف الآلي في مصر خلال الفترة (2000-2021)

 المصدر: تم إعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

ونلاحظ من خلال الشكل السابق أن ماكينات الصراف الآلي في تزايد مستمر، لم تنخفض أبدًا خلال فترة الدراسة فقد ارتفعت من 258 في 2000 إلى 576 في 2002 واستمرت في التزايد بمعدل مرتفع حيث تشهد قفزات في أعدادها أحيانًا بعد عام مثل زيادتها من 861 ماكينة في 2003 إلى 1288 ماكينة في 2004 خلال عامين وصلت إلى2271 في 2006.

ووصلت إلى 3465 في 2008 بعد أن كانت2841 في 2007 ذلك يعود إلى العديد من الأسباب من ضمنهم جهود الدولة والحكومة في تحقيق الشمول المالي منذ 2005 وبخاصة بعد أحداث الأزمة العالمية في 2008 حيث تأثرت جميع اقتصادات الدول بها مع اختلاف درجة وحدة التأثر وقد استطاع البنك المركزي في مصر احتواء الأزمة بشكل جيد، وآنذاك تأثرت مصر بالاتجاه العالمي نحو زيادة معدلات الشمول المالي.

ومنذ عام 2010 ظل عدد ماكينات الصراف الآلي يتزايد بمعدل متقارب تقريبًا يزداد كل عام من ألف إلى ألف وخمسمائة آلة حيث بلغ عددها 4821 في 2010 حتى وصلت إلى 9832 ماكينة في 2016 بسبب السياسات التي اتبعتها البنوك لتسهيل الوصول إلى الخدمات المصرفية والمالية.

وبدأ ظهور جهود الحكومة بشكل واضح منذ عام 2017 عند انعقاد مؤتمر دعم الشمول المالي في شرم الشيخ في فبراير 2017 وإنشاء المجلس القومي للمدفوعات المختص بخفض استخدام النقد خارج القطاع المصرفي حيث وصل عدد الماكينات الى11309 بعد أن كان 9832 ماكينة في عام 2016 وهي قفزة ملحوظة في عدد الماكينات مما يعني أن جهود الحكومة لمست أرض الواقع. (عبد السلام، 2021)

ومنذ عام 2018 حتى 2020 عاد عدد الماكينات للتزايد بشكل متقارب مرة أخرى تقريبًا ألف ماكينة كل عام حيث أصبحت 14918 بعد أن كانت 12200 في 2018 وهذا يدل على جهود البنوك المبذولة من أجل العمل على أحد أهم أبعاد الوصول وهو الوصول إلى الخدمات المالية بسهولة.

ولقد ساهمت مبادرة “نشر” التي أطلقها البنك المركزي في عام 2020 لنشر عدد 6500 ماكينة صراف آلي جديدة والتركيز بشكل أعلى على المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات المصرفية في زيادة عدد ماكينات الصراف الآلي بنسبة 48% ليصل إلى 20000 ماكينة بنهاية 2021، وقد ألزم البنك المركزي البنوك بوضع أولوية للأماكن الحيوية ذات الكثافة العالية التي تفتقر للخدمات المصرفية. (البنك المركزي، تقرير الاستقرار المالي، 2020)

وقد شارك البنك المركزي مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في المرحلة الأولى من مبادرة “حياة كريمة” بهدف التواجد على الأرض والوصول إلى المناطق المهمشة وقد أسفرت المرحلة الأولى حتى يونيو 2022 عن زيادة عدد ماكينات الصراف الآلي بواقع 380 ماكينة في المناطق المستهدفة، بالإضافة إلى ذلك عمل البنك المركزي على نشر المزيد من ماكينات الصراف الآلي حيث تم نشر أكثر من 6000 منذ 2019 وحتى عام 2022. (البنك المركزي، تقرير الاستقرار المالي، 2021)

وفي إطار جهود البنك المركزي لتطبيق وإرساء مفهوم الشمول المالي عبر إطلاق الكثير من المبادرات التي تستطيع دعم هذا التوجه، ومن ضمن تلك المبادرات مبادرة حساب لكل مواطن التي تهدف إلى ضم أكبر عدد من فئات المجتمع إلى النظام المالي من خلال تشجيع المواطنين على فتح حسابات بنكية. (عبد السلام، 2021)

ومن منطلق اهتمام البنك المركزي المصري بمواكبة التطورات الجارية في العالم بشأن تقديم الخدمات المصرفية من خلال شبكة الإنترنت عبر الهاتف أصدر البنك المركزي تعليماته بشأن تقديم الخدمات المصرفية من خلال شبكة الإنترنت عبر الهاتف وتنظيم هذه المعاملات بما يتوافق مع القانون المصري وحماية معلومات وخصوصية العميل. (عبد السلام، 2021)

وفي عام 2022 أطلق البنك المركزي استراتيجية الشمول المالي (2022-2025) لتعزيز الشمول المالي وتحقيق النمو الاقتصادي وذلك في إطار الجهود المصرية المبذولة على مستوى الدولة لتحقيق التمكين الاقتصادي لكل من المواطنين والشركات بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030. (الهيئة العامة للاستعلامات، 2022)

تطور عدد المقترضين من البنوك التجارية في مصر خلال الفترة (2000-2021)

تمثل القروض أهمية كبيرة جدًا في اقتصاد جميع الدول بغض النظر عن مدى نمو أو تقدم الدولة المعنية، والقروض قد تكون ذات تأثير إيجابي وفي أحيان أخرى تكون ذات تأثير سلبي وذلك يختلف باختلاف الوضع الاقتصادي للدولة وحجم القرض وكيفية استخدام وتوجيه ذلك القرض.

ووجد القرصو وبوجمعة (2018) أن القروض المصرفية بمختلف أشكالها وأنواعها لها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي، ولكن أظهرت اختبارات السببية ل granger أن هناك علاقة سببية تتجه من النمو الاقتصادي إلى القروض المصرفية وهو ما يتفق مع نظرية الطلب التابع التي تعني أن النمو الاقتصادي هو عامل يسبب التنمية المالية حيث مع نمو القطاع الحقيقي سوف يزيد الطلب على الخدمات المالية وهذا ما يحفز القطاع المالي.

وكانت هذه الدراسة مطبقة على الجزائر خلال الفترة (1998-2017) ووجد الباحث من خلال الدراسات السابقة أن زيادة الائتمان دلالة على النمو الاقتصادي وذلك بسبب أن المستهلكين قاموا بالاقتراض أكثر وبالتالي الاستثمار أكثر، وبالتالي مع زيادة الاستهلاك والاستثمارات يتم خلق فرص عمل مما يؤدي إلى نمو كل من الدخل والأرباح ولكن يجب وضع سياسات اقتصادية تتسم بالمرونة وتفعيل الخصخصة وتحفيز زيادة الإنتاج.

شكل (3) تطور عدد المقترضين من البنوك التجارية في مصر خلال الفترة (2000-2021)

المصدر: تم إعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

من الشكل السابق نجد أن عدد المقترضين من البنوك التجارية يتزايد مع مرور الوقت منذ عام 2000 حتى عام 2021، متأثرًا بالعديد من الأحداث الهامة والفيصلية التي مرت بها مصر من أوضاع سياسية واقتصادية صعبة خلال تلك الفترة سواء كانت على المستوى المحلي أو العالمي.

ارتفع عدد المقترضين في 2002 حيث بلغ 727436 بعد أن كان 486466 في 2001 ويعود ذلك الارتفاع إلى زيادة التسهيلات الائتمانية حيث حققت زيادة قدرها 18.6 مليار جنيه مقابل 24.60مليار جنيه في السنة المالية السابقة بزيادة معدلها 10.2%، وقد كانت معظم هذه الزيادة موجهة لقطاع الأعمال الخاص وارتفعت أيضًا القروض الممنوحة للقطاع العائلي. التقرير السنوي للبنك المركزي (2002/2003)

وارتفع عدد المقترضين مرة أخرى بشكل ملحوظ في 2003 حيث بلغ 1087771 ويعود ذلك الارتفاع إلى ارتفاع أرصدة التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك بمقدار 11.5 مليار جنيه بمعدل زيادة 4%، وذلك الارتفاع في أرصدة التسهيلات الائتمانية بسبب زيادة التسهيلات بالعملة المحلية بمقدار 9.5 مليار جنيه بمعدل 4.3% وقد استأثر قطاع الأعمال الخاص بأكثر من نصف هذه الزيادة بجانب زيادة القروض المقدمة لكل من القطاع العائلي والقطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام. التقرير السنوي للبنك المركزي (2003/2004)

وارتفع عدد المقترضين في 2007 الى 2731376 وارتفع مرة أخرى في 2008 حيث وصل إلى 3643602 وقفز في 2010 الى 4352049 وذلك يعود إلى كل من الأزمة العالمية الاقتصادية وإلى خفض أسعار الفائدة على الإقراض والاقتراض في تلك السنوات مع زيادة التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك إلى المقترضين مثل السماح بمد فترة السداد أو الاتفاق على فترة سداد أطول مع تيسير عملية الحصول القروض وكان على رأس هؤلاء المقترضين قطاع الأعمال الخاص ثم القطاع العائلي.

واستمر عدد المقترضين في التزايد حتى عام 2012 وذلك تزامن مع انخفاض سعر الفائدة على الاقتراض التي وصلت أدنى مستوى لها في عام 2011 حيث وصلت إلى 11.00% بسبب ثورة 25 يناير 2011 وانخفض الناتج المحلي الإجمالي، وفي عام 2013 حدثت زيادة ملحوظة في عدد المقترضين حيث ارتفعت من 4528931 الى6283838 وذلك بسبب سياسة البنك المركزي بخفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من 9.25% الى 8.75% أثناء وبعد ثورة 30 يونيو 2013 وانخفض الناتج المحلي الإجمالي لتحفيز الصناعة والاستثمار.

وقد أتت هذه السياسة الأخيرة ثمارها حيث حسب التوزيع وفقًا لقطاعات النشاط الاقتصادي فاتضح أن قطاع الأعمال والصناعة استحوذ على النسبة الأكبر من عدد المقترضين في معظم السنين سواء كانت بالعملة المحلية أو الأجنبية مما يدل على زيادة كل من الاستثمار وتوفير فرص العمل، يليه القطاع العائلي وقطاع الخدمات ثم أخيرًا قطاع التجارة وعلى الرغم من تقلبات سعر الصرف وعدم استقرار قيمة العملة إلا أنه كان هناك زيادة في كل من أرصدة الإقراض بالعملة المحلية وأرصدة الإقراض بالعملة الأجنبية وكان أيضًا قطاع الصناعة والأعمال هو المستحوذ على النسبة الأكبر من القروض بالعملتين. (التقرير السنوي للبنك المركزي، 2013/2014)

ومن بعد ذلك استمر البنك المركزي في سياسة خفض سعر الفائدة وهو ما أثر في ارتفاع عدد المقترضين في الفترة من 2014 وحتى 2017 ولكن نلاحظ عدم استقرار سعر الفائدة في تلك الفترة وبالتالي تأثر عدد المقترضين بالزيادة والانخفاض، وارتفع عدد المقترضين مرة أخرى في عام 2018 حيث وصل إلى 7617438 بعد أن كان 6612612 في 2017، ويعود ذلك الارتفاع إلى ارتفاع أرصدة الإقراض بالعملية المحلية وأرصدة الإقراض بالعملة الأجنبية، وذلك لارتفاع أرصدة القروض المقدمة لقطاع الأعمال والصناعة يليه القطاع العائلي ثم كل من الخدمات والتجارة والزراعة على التوالي. التقرير السنوي للبنك المركزي (2018/2019)

واستمر بعد ذلك في التزايد حتى عام 2021، بسبب خفض البنك المركزي لسعر الفائدة وبدء سياسة التيسير النقدي حيث استمر البنك في تلك السياسة ما بين التخفيض تارة والتثبيت تارة أخرى، وكان لذلك أثر واضح على عدد المقترضين بالتزايد، وقد اتبع البنك المركزي تلك السياسة كمحاولة لاحتواء التضخم في مصر وبسبب انخفاض معدل البطالة وبسبب التقلبات في أسعار البترول العالمية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي بسبب أزمة كورونا في عام 2019.

ومن ضمن أسباب زيادة عدد المقترضين مبادرة البنك المركزي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في 2015 حيث تم إلزام البنوك بزيادة محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية الموجهة لتلك المشروعات بنسبة لا تقل عن 25% من إجمالي محافظها الائتمانية مع اشتراط ألا تقل النسبة التي سيتم توجيها للمشروعات الصغيرة عن 10%، وقام أيضًا بتعديل مؤقت لمعاملة القروض غير المنتظمة للشركات الصغيرة والمتوسطة بتعليمات المعيار الدولي للتقارير الماليةIFRS 9 وذلك بهدف التخفيف على تلك الشريحة من الشركات ومساندتها لكي تستمر في العملية الإنتاجية. البنك المركزي، تقرير الاستقرار المالي (2021)

وعمل البنك المركزي أيضًا على زيادة التسهيلات الائتمانية للعملاء من البنوك وقد ساهمت هذه التسهيلات في زيادة إجمالي أرصدة التسهيلات الائتمانية حيث وصلت نحو 3489.1 تريليون جنيه في نهاية أبريل 2022 بارتفاع بلغ حجمه 585.4 مليار جنيه خلال العام المالي 2021/2022. (البنك المركزي، النشرة الإحصائية الشهرية، يونيو 2022)

ومن ما سبق استنتجنا أن زيادة عدد المقترضين أو انخفاضه مرتبط بعوامل وأسباب بعينها مثل ارتفاع أو انخفاض سعر الفائدة على الإقراض والاقتراض وتواجد علاقة عكسية بين سعر الفائدة على كل من الإقراض والاقتراض وعدد المقرضين، ووجدنا أن التسهيلات الائتمانية لها دور مؤثر جدًا في ارتفاع أو انخفاض أرصدة الإقراض والاقتراض وأنه توجد علاقة طردية بين التسهيلات الائتمانية وعدد المقترضين، ولاحظنا أيضًا استحواذ قطاع الأعمال الخاص على كل من أرصدة الإقراض سواء كانت بالعملة المحلية أو الأجنبية وأرصدة التسهيلات الائتمانية يليه القطاع العائلي، وبجانب تلك العوامل بالطبع يوجد للأحداث السياسية على كل من المستوى المحلي والدولي دور بارز ومؤثر على أرصدة عدد المقترضين والنشاط الإقراضي حيث توجد علاقة طردية بينهما، ويتسم عدد المقترضين في فترة الدراسة بالارتفاع مما يدل على ارتفاع القوة الشرائية وزيادة معدلات الإنتاج.

تطور عدد فروع البنوك التجارية في مصر خلال الفترة (2000-2021)

تلعب الفروع البنكية دورًا حيويًا في تعزيز الوصول للخدمات المالية ومن ثُم تشجيع الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل على المشاركة في القطاع المالي الرسمي، مما يؤدي بدوره إلى انتعاش الاقتصاد القومي وتعزيزه، وتأكيدًا على الدور الحيوي الذي تلعبه البنوك في القطاع المصرفي ظهرت دراسة في عام 1993 تتناول أثر إغلاق بنك closures في المملكة المتحدة مما أثر سلبًا على وصول سكان المنطقة للخدمات المالية ومن هنا ظهر مفهوم الاستبعاد المالي الذي يعبر عن منع الأفراد من الوصول إلى الخدمات المالية. (شرف والصائغ، 2021)

كما أن الزيادة المستمرة في معدل نمو الفروع البنكية في مصر أكد مدى اهتمام الدولة المصرية بتحقيق أهداف الشمول المالي والتي تتضمن إنشاء مؤسسات مالية مناسبة لتلبية احتياج الفقراء تقدم خدمات مالية متنوعة وبأسعار اقتصادية للأفراد، فالفروع البنكية لها أيضًا دور حيوي في تحقيق أبعاد الشمول المالي، حيث أن زيادة عدد الفروع البنكية تسهل على الأفراد الوصول إلى الحسابات المصرفية.

ومن هنا، نستعرض رسمًا بيانيًا يوضح تطور معدل نمو الفروع البنكية في مصر خلال الفترة (2000-2021) كواحد من أهم متغيرات الشمول المالي، حيث أن عدد الفروع البنكية وجودتها تُعد مؤشًرا قويًا على قوة القطاع المصرفي في الدولة وتأثيره بشكل فعّال على الاقتصاد ككل..

شكل (4) تطور عدد فروع البنوك التجارية في مصر خلال الفترة (2000-2021)

المصدر: تم إعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

نعلم جميعًا أن بداية ظهور البنوك التجارية في مصر كانت بغرض حل مشكلات اقتصادية ضخمة سواء كانت في بدايتها كتلك التي أنشأها الأجانب بهدف ترويج التجارة بين مصر وبريطانيا عام 1867، أما أول بنك مصري وطني فكان بغرض تمصير الدين عام 1897 في عهد وزارة شريف باشا، من حينها انطلق إنشاء البنوك في مصر لأغراض تجارية واقتصادية وأخذت في الانتشار بشكل يمكننا استنباطه وأسبابه من خلال الفترة محل الدراسة حيث بدأت تتضح معالم وأهمية تواجد البنوك في الأنظمة المالية للاقتصادات وتطور الأمر إلى بروز سياسات الشمول المالي وتبني مصر لتلك السياسات الأمر الذي برز أثره بشكل واضح في التطور السريع لمعدل نمو البنوك التجارية في مصر.

كما أن البعد الثاني من أبعاد الشمول المالي يتمثل في استخدام الخدمات المالية ويشير إلى مدى استخدام العملاء للخدمات المالية المقدمة من المؤسسات المصرفية ويتم قياس هذا البعد من خلال عدة مؤشرات أهمها نسبة البالغين الذين لديهم حساب بنكي لدى المؤسسات الرسمية، عدد معاملات الدفع عبر الهاتف وعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لديها حسابات ودائع، والبعد الأخير وهو جودة الخدمات المالية ويشير إلى أن عدم الوصول للخدمات المالية يعد مشكلة منذ أن قامت جميع الدول بإدراج الشمول المالي ضمن خططها واستراتيجياتها ويتم قياس هذا المتغير بعدد من المؤشرات منها الشفافية، التثقيف المالي، العوائق الائتمانية، وحماية المستهلك (عيايشة، 2020).

فبالنظر إلى الشكل السابق نجد أن عدد الفروع البنكية في بداية الفترة محل الدراسة وصل إلى عدد 359 فرعًا، ومن ثم استمر في التزايد بشكل كبير، سريع، وملحوظ، حيث قفز في العام التالي إلى 537 فرعًا، وبعدها إلى أكثر من 800 فرعًا ثم 1200 فرعًا حتى وصلنا إلى عام 2005 الذي وصل فيه إلى قرابة 1800 فرعًا، وبالتدقيق في هذه الفترة نجد أنها تلك الفترة التي تلت ظهور سياسات الشمول المالي في العالم وسبقت ظهوره في مصر، لذلك قد تبدو الزيادة ملحوظة بشكل كبير في هذه الفترة متجهة إلى أعلى، ويرجع ذلك إلى تطبيق المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة من (2004-2008)، كما قام البنك المركزي في عام 2005 بتفعيل مادة تم إصدارها مسبقًا تنص على ألا يقل رأس المال المخصص لفروع البنوك الأجنبية عن خمسين مليون دولار أمريكي وقد أدى ذلك إلى غلق عدد من الفروع البنكية الأجنبية، بالإضافة إلى عمليات الدمج الجبري والطوعي التي أدت إلى تخفيض عدد البنوك العاملة في مصر عام 2004، مما أثمر في النهاية عن تراجع معدل النمو للفروع البنكية ولكن عدد فروع البنوك نفسه لم يتدهور بل أنه تمثل في شيْ من الاستقرار النسبي، ثم عاد هذا المعدل مرة أخرى في الارتفاع عملًا بالخطة الإصلاحية حتى زاد عدد البنوك التجارية في مصر قليلًا عام2008 وذلك لقيام البنك المركزي بوضع ضوابط تقييمية وقياسية للموافقة على فتح فروع بنكية، فوافق على فتح 241 فرعًا بنكيًا. ومما سبق أثبتت المرحلة الأولى نجاحها في زيادة إجمالي الأصول وعدد الفروع البنكية وعدد ماكينات الصراف الآلي، لذلك قام البنك المركزي بالإعلان عن المرحلة الثانية من الخطة الإصلاحية في الفترة (2009-2011) التي استكملت النجاح الذي تحقق من المرحلة الأولى واستهدفت رفع أداء البنوك وزيادة التنافسية بين البنوك وتعزيز الثقة في سوق الصرف والسياسة النقدية ورفع كفاءة أداء وسلامة الجهاز المصرفي (البنك المركزي، 2012).

وفي عام 2011، اصطدم الاقتصاد المصري بأحداث ثورة يناير التي أدت إلى عرقلة نمو الفروع التجارية في مصر وذلك بسبب هروب رؤوس الأموال الأجنبية وتدهور الاقتصاد المصري ككل، وبذلك لم تشهد أعداد فروع البنوك التجارية زيادة ملحوظة في الفترة من 2011 وحتى عام 2017، في إطار تطبيق سياسات الشمول المالي وتشجيع البنوك على فتح فروع صغيرة أو وكالات لتقديم خدماتها إلى كافة شرائح المجتمع وتوسيع دائرة عملائها خاصة في الأماكن البعيدة والريفية. قام البنك المركزي في أواخر عام 2014 بوضع الكثير من التسهيلات والتي تتضمن تخفيض قيمة رأس المال المطلوب لفتح فروع جديدة، وجاء ذلك واضحًا أواخر عام 2015 حيث بدأت معدلات نمو الفروع البنكية مرة ثانية في الانتعاش بعد الأزمات التي عاشها الاقتصاد المصري وظل هذا المعدل ينمو بنسب بسيطة وظلت الزيادة مستقرة نوعًا ما تماشيًا مع برامج التعافي والإصلاح الاقتصادي التي تلت الأحداث السياسية آنذاك.

أما في عام 2018 وحتى عام 2021 فقد شهد الاقتصاد المصري ككل انتعاشه قوية تمثلت في نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وتدفق السيولة النقدية وتزامن ذلك مع الزيادة الملحوظة في أعداد فروع البنوك التجارية والطفرة الكبيرة مقارنة بالأعوام السابقة واستمرت هذه الطفرة لتقترب من 5000 فرعًا بحلول عام 2019، وساعد على ذلك التطورات التكنولوجية التي حدثت في تلك الفترة وانخفاض عجز الميزان التجاري بسبب أعمال استخراج البترول والغاز الطبيعي.

ولكن هذا التطور الملحوظ لم يستمر كثيرًا حيث جاءت فترة كورونا أواخر عام 2019 لتنخفض هذه الأعداد انخفاضًا ضئيلًا يكاد يكون غير ملحوظ وعادت لتنتعش مرة أخرى بنسبة ضئيلة في عام 2020 حيث بلغت 4375 عام 2020 وبعدها بلغت 4530 عام 2021 وذلك بسبب اتخاذ البنك المركزي عدد من الإجراءات لمواجهة تداعيات كورونا منها إطلاقه لمبادرة السداد الإلكتروني ومبادرة نشر ماكينات الصراف الآلي، واستمراره في دعم المشروعات الصغيرة.

وبهذا يتضح لنا مدى تطور نمو أعداد فروع البنوك التجارية في مصر وتأثيرها بشكل مباشر وغير مباشر على النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي حيث أنها تمكن الأفراد والأسر محدودة الدخل ومتوسطة الدخل من الوصول إلى الخدمات المالية بكفاءة وفعالية مما يعزز مشاركتها في القاع الرسمي وينعش الاقتصاد بشكل عام.

تطور عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية في مصر خلال الفترة (2000-2021)

تتمحور فكرة عمل البنوك التجارية على مبدأ أساسي وهو الوساطة المالية، فالودائع من أهم مصادر التمويل المختلفة للبنوك حيث تسعى البنوك لجذب أكبر قدر ممكن من الودائع وذلك بهدف إثبات مقدرتها على تمويل عدد أكبر من الاستثمارات للوصول لمستويات أعلى من الأرباح وهذا يتوافق مع طبيعة عملها. وتعرف الوديعة بأنها تلك المبالغ المصرح بها والمودعة لدي البنوك والواجبة التأدية حين الطلب أو بعد إنذار أو في تاريخ الاستحقاق. (عمرية، 2022)

وخلال فترة الدراسة، واجهت الدولة المصرية أزمات عدة منها الأزمة المالية العالمية والأحداث والاضطرابات السياسية ومشاكل اقتصادية منها ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية ومشاكل كثيرة أخرها جائحة كورونا وما تبعها من ركود في كثير من القطاعات. ومن هنا يتسنى لنا إلقاء نظرة على جهود الدولة لتعزيز الشمول المالي وانعكاس تلك التحديات على مستويات الشمول المالي، ولقياس مستوى الشمول المالي هناك عدة مؤشرات تتمثل في (مؤشر العمق المالي، مؤشر الإتاحة المالية، مؤشر الاستخدام المالي) وكل مؤشر يقاس بعدد من المتغيرات.

وفي تحليلنا هذا سنتطرق لمؤشر الاستخدام المالي الذي يعبر عن قدرة المجتمع على استخدام الخدمات والمنتجات المالية والتي أصبحت متاحة بالفعل من القطاع المالي، وذلك من خلال تسليط الضوء على تطور عدد حسابات الودائع البنكية

شكل (5) تطور عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية في مصر خلال الفترة (2000-2021)

المصدر: تم إعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

تمثل ودائع القطاع العائلي النسبة الأكبر من عدد حسابات الودائع المصرفية، وهو ما يجعل ودائع القطاع المصرفي مستقرة بشكل كبير. وتعد الودائع المورد الأساسي والأهم للأموال التي تستثمرها البنوك عبد الرحمن ورجب (2022). ومن الشكل السابق نستنتج أن عدد حسابات الودائع البنكية في تزايد مستمر منذ عام 2000 حتى عام 2005 ويرجع ذلك إلى زيادة الفروع البنكية والتوسع في تقديم الخدمات المالية ووصولها إلى عدد أكبر من المواطنين مما انعكس إيجابيًا على زيادة عدد حسابات الودائع البنكية.

ومن الملاحظ تذبذب عدد حسابات الودائع البنكية صعودًا وهبوطًا في الخمس سنوات اللاحقة لعام 2005 ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها الأزمة المالية العالمية التي انفجرت في سبتمبر 2008، فالأزمة لم تكن وليدة لحظة بل كانت لها بوادر تلوح منذ يونية 2007، فعلى الرغم من أن مصر ليست بمعزل عن الأزمة العالمية بحكم اعتمادها على اقتصاد السوق المفتوح إلا أنها من الدول الأقل تأثرا بفضل سياسات البنك المركزي النقدية. وانخفضت عدد حسابات الودائع البنكية في عامي 2009 و2010 لسيطرة حالة من عدم الثقة على المستثمرين مما دفع المودعين إلى سحب ودائعهم مما أثر سلًبا على سيولة البنوك.

بدأت عدد حسابات الودائع البنكية في الاستقرار إلى حد ما منذ عام 2011، فنجد زيادة طفيفة في هذا العام مقارنة بعام 2010 حيث زادت عدد حسابات الودائع من 20400000 إلى 20600000 وديعة بنكية بأقل معدل نمو ملاحظ خلال فترة الدراسة بلغ 0.98%، ويرجع ذلك لأحداث ثورة يناير 2011 للاضطرابات السياسية والاقتصادية التي لحقت بها، ولخفض كثير من العملاء مدخراتهم في تلك الفترة.

استمر عدد حسابات الودائع البنكية في التزايد بعد عام 2011، حتى لاحت بوادر عام 2017 حيث حقق المتغير أعلى قفزة تاريخية خلال فترة الدراسة، فقد حقق هذا العام أعلى معدل نمو على مستوى إجمالي عدد الودائع البنكية والذي بلغ ما يقرب من 46% زيادة عن عام 2016 وهي أعلى قيمة بعد فترة التعويم، فقد ازداد في عام 2017 إلى 42200000 وديعة بنكية مقارنة بعام 2016 حيث كان هناك 29000000 وديعة بنكية فقط، كما يرجع هذا الارتفاع الضخم إلى إصدار الشهادات ذات العائد المرتفع التي طرحتها كثير من البنوك التجارية التي طرحت بعد قرار تحرير سعر الصرف واستطاعت من خلال ذلك جذب ودائع ضخمة للقطاع المصرفي (عبد الرحمن وهاشم، 2022).

وصل عدد حسابات الودائع البنكية إلى أعلى قيمة خلال فترة الدراسة وهي 53200000 وديعة بنكية في عام 2020 بحلول جائحة كورونا ويعود السبب في هذا إلى الخوف الشديد للمواطنين من الإجراءات الحكومية لمكافحة الوباء بالإضافة إلى الإغلاقات وسياسات الحجر الصحي التي أدت إلى انخفاض معدلات الاستثمار وتكدس الأموال في البنوك وعدم إقراضها وبقاءها على حالها. ويعكس هذا أيضا مدى ثقة الأقراد والقطاعات المختلفة في الجهاز المصرفي حتى مع تداعيات جائحة كورونا.

تراجع عدد حسابات الودائع البنكية في عام 2021 إلى 52600000 وديعة بنكية بعد أن كانت 53200000 وديعة بنكية في عام 2020 ويرجع السبب في ذلك إلى وجود مؤشرات توحي بخطورة الدخول على فترات ركود وتباطؤ في معدلات النمو وارتفاع في معدلات التضخم.

ويتمثل الهدف من اختيارنا لمتغير عدد حسابات الودائع البنكية وليس حجم الودائع البنكية في أن عدد حسابات الودائع البنكية يعبر عن الزيادة الحقيقية في الودائع وقدرة البنوك على جذب المودعين للقطاع المصرفي، بينما من الممكن أن تتمثل أسباب زيادة المتغير الآخر في تراكم الفوائد على الودائع الموجودة بالفعل والذي يؤدي بدوره إلى زيادة حجم الودائع وليس زيادة في عدد المودعين في البنوك، أو أي أسباب أخرى ليس من بينها فوائض الدخول أو الفوائض المالية.

تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2000-2021)

ارتبط وجود أنظمة مالية أكثر شمولًا واستقرارًا بنمو اقتصادي أقوى وتنمية أكثر استدامة، فتحقيق الشمول المالي أصبح أولوية لكثير من بلاد العالم لما له من دور كبير في التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة والاستقرار المالي. فالشمول المالي يحقق الكثير من أهداف التنمية المستدامة، حيث يعمل على دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي ويساعد على تحسين مستويات المعيشة داخل الدولة، وانخفاض معدلات ونسب الفقر من خلال احتوائه شرائح كبيرة من الفقراء ومحدودي الدخل وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ومن الصعب أيضًا تحقيق الشمول المالي دون وجود استقرار في النظام المالي كما أنه من الصعب تصور وجود استقرار مالي في ظل وجود نسب متزايدة من المجتمع المصري والقطاعات الاقتصادية لا زالت تتعامل مع القطاع غير الرسمي ومستبعدة ماليًا، فهناك ارتباط وثيق بين الشمول المالي والاستقرار المالي في كلا الاتجاهين (الشاعر، 2021).

يعد النمو الاقتصادي من أهم الأهداف التي تسعى إليها كثير من الدول فهو الأداة الاقتصادية المعبرة عن أداء الدولة، فالشمول المالي من أهم الأسباب التي تؤدي لدفع عجلة النمو الاقتصادي في الدولة ويلعب دورًا محوريًا في جذب الأموال المدخرة واستغلالها في المشاريع الاستثمارية المختلفة (عيايشة، 2020).

ومن خلال مراجعتنا لكثير من الأدبيات، أشارت الدراسات التطبيقية إلى وجود صلة قوية بين الوصول إلى الخدمات المالية والنمو الاقتصادي ومن ثم يقع حمل المسؤولية على عاتقنا في تفسير ذلك من خلال النموذج الوصفي.

شكل (6) تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2000-2021)

المصدر: تم إعداده بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

يوضح الشكل السابق الزيادة والانخفاض في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مقومًا بالدولار كمتغير تابع يعبر عن النمو الاقتصادي، (وعدد حسابات الودائع البنكية، عدد الفروع البنكية، عدد المقترضين من البنوك التجارية، عدد ماكينات الصراف الآلي) كمتغيرات مستقلة معبرة عن الشمول المالي. ومن هنا يتسنى لنا إلقاء نظرة على تطور الناتج المحلي الإجمالي للفرد والمتغيرات المعبرة عن الشمول المالي معًا خلال فترة الدراسة، وذلك من أجل التعرف والوقوف على الأثر الحقيقي لتعزيز سياسات الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر في الفترة (2000-2021).

بالنظر إلى الشكل السابق نجد أن هناك علاقة عكسية بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد المقوم بالدولار وبين المتغيرات المعبرة عن الشمول المالي (عدد حسابات الودائع البنكية، عدد الفروع البنكية، عدد المقترضين من البنوك التجارية، عدد ماكينات الصراف الآلي) وذلك في الفترة من 2001 حتى عام 2004 أي أن الزيادة في المتغيرات المستقلة أدت إلى الانخفاض في قيم نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ويرجع ذلك الانخفاض إلى كثير من الأزمات السياسية والاقتصادية كما وضحنا سابقًا بالإضافة إلى أنه لم يحن وقت تطبيق سياسات الشمول المالي.

وتزامنًا مع بدء تطبيق سياسات الشمول المالي في مصر نجد ارتفاع في قيم عدد الفروع البنكية، عدد حسابات الودائع البنكية، ماكينات الصراف الآلي، وعدد المقترضين من البنوك التجارية يقابله زيادة في نصيب الفرد من الناتج المحلي المقوم بالدولار في الفترة من (2005-2016) وذلك يؤكد النتيجة التي توصلنا إليها في كثير من الدراسات التطبيقية والتي مؤداها أن هناك علاقة طردية بين تطبيق سياسات الشمول المالي والنمو الاقتصادي.

وفي عام 2017 لاحظنا سابقًا القفزة التاريخية لعدد حسابات الودائع البنكية وذلك لتحرير سعر الصرف وإصدار الشهادات ذات العائد المرتفع، ومع زيادة في عدد فروع البنوك التجارية وعدد ماكينات الصراف الآلي وانخفاض عدد المقترضين من البنوك التجارية أدى ذلك لانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ويرجع الانخفاض إلى ارتفاع نصيب الفرد من الدين الخارجي وجاء ذلك بسبب توسع الحكومة في الاقتراض الخارجي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.

عاد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي المقوم بالدولار إلى مسار زيادته اعتبارًا من عام 2018 حتى عام 2020 وذلك تزامنًا مع الزيادات في قيم عدد ماكينات الصراف الآلي والفروع البنكية وعدد حسابات الودائع البنكية وعدد المقترضين من البنوك التجارية إلا أنه في العام الأخير من فترة الدراسة شهد المتغيرين الخاصين بعدد حسابات الودائع البنكية وعدد المقترضين من البنوك التجارية انخفاضًا ويرجع السبب في ذلك إلى وجود مؤشرات توحي بخطورة الدخول على فترات ركود وتباطؤ في معدلات النمو وصاحب ذلك زيادات في عدد الفروع البنكية وماكينات الصراف الآلي.

توصلت مصر لأهدافها المرجوة من خلال تطبيق سياسات الشمول المالي فقد تحسنت كثير من مؤشرات الشمول المالي بعد اتخاذ الحكومة متمثلة في البنك المركزي لكثير من الاستراتيجيات والخطط الفعالة التي من شأنها تعزيز الشمول المالي كما وضحنا هذه الجهود سابقًا بالإضافة إلى تضمين مصر لسياسات الشمول المالي ضمن استراتيجياتها 2030 ونتيجة لما سبق نجد أن هناك تحسن ملحوظ في مؤشرات الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية فقد زادت عدد الفروع البنكية وماكينات الصراف الآلي تزايدًا متتاليًا خلال فترة الدراسة وتساهم بذلك في النمو الاقتصادي إلا أنها لا تزال منخفضة مقارنة بالعديد من دول العالم.

وإيجازًا لما سبق يتضح لنا وجود علاقة إيجابية بين تطبيق سياسات الشمول المالي والنمو الاقتصادي وذلك في معظم سنوات الدراسة بما يتماشى ويتوافق مع النتيجة التي توصلنا إليها من خلال المراجعة الأدبية للدراسات التطبيقية، وللوقوف على الأثر الفعلي والحاسم للعلاقة بين تطبيق سياسات الشمول المالي والنمو الاقتصادي سنتطرق للتحليل الكمي والإحصائي في المبحث التالي وذلك باتباع النموذج القياسي وباستخدام أسلوب السلاسل الزمنية.

وبالوصول إلى ختام هذا المبحث يمكننا، جليًا، استنتاج أن السياسات التي اتبعتها مصر على مدار الفترة محل الدراسة، قد استطاعت أن تضع الشمول المالي في مصر موضع التأثير والتطور، ليظهر ذلك بشكلٍ واضح بتأثيره على وضع النمو الاقتصادي في مصر، بشكل مباشر وغير مباشر، واتضح هذا من خلال استعراضنا الوصفي للمبحث السابق وتبينت التأثيرات المختلفة للشمول المالي من خلال متغيراته وانعكست على النمو الاقتصادي في مصر، وبذلك يمكننا القول بأن مصر قد خطت نحو تعزيز الشمول في إطار استراتيجياتها لتتجلى لنا العلاقة الموجبة بين الشمول والنمو، ولكن كل ذلك لا يكفي حيث أنه لازال أمامها الكثير لفعله في هذا الإطار..

المبحث الرابع: التحليل القياسي للعلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي

سيتم في هذا المبحث تحليل العلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي تحليلًا قياسيًا اعتمادًا على بيانات السلاسل الزمنية لجمهورية مصر العربية الصادرة عن البنك الدولي وذلك خلال الفترة (2005-2021) وذلك للوقوف فعليًا على تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي نظرًا لأن عام 2005 هو العام الذي اتخذت فيه الحكومة المصرية إجراءات هامة من أجل تعزيز سياسات الشمول المالي في مصر ومن تلك الإجراءات تبني استراتيجية متكاملة للتمويل متناهي الصغر بتمويل من بنك التنمية والتعمير الألماني والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالمشاركة بين كلًا من المعهد المصرفي التابع للبنك المركزي المصري والصندوق الاجتماعي والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (أبو العز وكامل، 2021(.

أولًأ: توصيف النموذج القياسي المستخدم

GDP_PER_CAPITA_$ = α + β1 ATM + β2 BORROWERS + β3 BRANCHES + β4 DEPOSITE + μ

جدول (2) تعريف المتغيرات المعبرة عن الشمول المالي والنمو الاقتصادي

الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار GDP_PER_CAPITA_$ 

 

عدد ماكينات الصراف الآلي ATM
عدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية BORROWERS
عدد فروع البنوك التجارية BRANCHES
عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية DEPOSITE
معلمات النموذج المراد اختبار معنويتها β1, β2, β3, β4
حد الخطأ وهو متغير عشوائي يعبر عن العوامل الأخرى المؤثرة في المتغير التابع بخلاف المتغيرات المستقلة المدرجة بالنموذج μ

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي والورقة الاسترشادية.

ثانيًا: مصفوفة العلاقات بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي

يساعد فحص معامل الارتباط بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع التأكد من عدم وجود مشاكل في النموذج قبل تقديره.

جدول (3) مصفوفة العلاقات بين متغيرات الشمول المالي والنمو الاقتصادي

DEPOSITE BRANCHES BORROWERS ATM GDP_PER_CAPITA_$ 

 

1 GDP_PER_CAPITA$ 

 

1 0.718603 ATM
1 0.932118 0.816430 BORROWERS
1 0.887589 0.950539 0.688983 BRANCHES
1 0.933552 0.876820 0.946585 0.513673 DEPOSITE

المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج الإكسيل.

1-  طبيعة العلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع

نستنتج من مصفوفة الارتباط بين متغيرات الشمول المالي والنمو الاقتصادي الاتي:

  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين المتغير التابع وهو الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وبين المتغير المستقل وهو عدد ماكينات الصراف الآلي حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.718603
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين المتغير التابع وهو الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وبين المتغير المستقل وهو عدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.816430
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين المتغير التابع وهو الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وبين المتغير المستقل وهو عدد فروع البنوك التجارية حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.688983
  • وجود علاقة طردية متوسطة ذات دلالة إحصائية بين المتغير التابع وهو الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وبين المتغير المستقل وهو عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.513673

2-  طبيعة العلاقة بين المتغيرات المستقلة وبعضها

  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين عدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية وعدد ماكينات الصراف الآلي حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.932118
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين عدد فروع البنوك التجارية وعدد ماكينات الصراف الآلي حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.950539
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين عدد فروع البنوك التجارية وعدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.887589
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية وعدد ماكينات الصراف الالي حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.946585
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية وعدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.87682
  • وجود علاقة طردية قوية ذات دلالة إحصائية بين عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية وعدد فروع البنوك التجارية حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بينهما 0.933552

ثالثًا: أختبار استقرارية السلاسل الزمنية

جدول (4) اختبار ديكي فولر الموسع Augmented Dicky Fuller Test (ADF)

level Variables
Second difference First difference level
Result P-Value ADF Statistic Result P-value ADF Statistic Result P-value ADF Statistic
      stationary 0.0180 -1.966270 Non stationary 0.5237 -3.920350 GDP_PER_CAPITA$ 

 

stationary 0.0474 -2.577376 Non stationary 0.9877 -1.974028 Non stationary 0.9999 -3.828975 ATM
      stationary 0.0084 -3.875302 Non stationary 0.0706 -3.733200 BORROWERS
      stationary 0.0232 -3.081002 Non stationary 0.9962 -1.964418 BRANCHES
      stationary 0.0341 -1.966270 Non stationary 0.9951 -1.964418 DEPOSITE

  المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

استقرار السلاسل الزمنية يعني أن المتوسط والتباين لا يتغيران مع طول الفترة الزمنية المستخدمة، وسيتم الاعتماد على اختبار “ديكي فولر الموسع” حيث يأخذ في اعتباره الارتباط الذاتي بين الاخطار العشوائية لإثبات مدى صحة وجود استقرار السلاسل الزمنية في حالة تضمين اتجاه عام وحد ثابت، وفي حال تضمين ثابت.

19-                    1. اختبار السكون للمتغير التابع (الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار)

H0: β=0 (Non stationary (

H1: βǂ0 (stationary (

يشير الفرض العدمي إلى عدم استقرار السلسلة الزمنية أي وجود جذر وحدة بينما يشير الفرض البديل الى استقرار السلسلة الزمنية أي عدم وجود جذر وحدة ويتم اتخاذ القرار من خلال مقارنة قيمة p-value بمستوى المعنوية (50.0=α) وبالمقارنة نجد أن قيمة P-value تساوي 0.5237 مما يعني بمعنوية الاختبار فيكون القرار عدم رفض الفرض العدمي القائل بعدم استقرار السلسلة الزمنية عند المستوى، وبالتالي لا يوجد دليل كافي عند مستوى معنوية 0.05 على أن السلسة مستقرة عند المستوى، وبالاعتماد على الفروق نجد أن المتغير ساكن عند الفروق الأولى حيث قيمة P-value تساوي 0.0180 أصغر من مستوى المعنوية 0.05 وبالتالي نرفض الفرض العدمي أي أن السلسلة مستقرة عند الفروق الأولى.

20-                    2. اختبار السكون للمتغيرات المستقلة (ATM – BORROWERS – BRANCHES- DEPOSITE)

نقوم باختبار استقرارية المتغيرات المستقلة (ATM – BORROWERS – BRANCHES- DEPOSITE) فنجد قيمة P-Value على التوالي (0.9951-0.9962-0.0706-0.9999) مما يعني بمعنوية الاختبار حيث p-value أكبر من مستوى المعنوية للأربع متغيرات وبالتالي لا نرفض الفرض العدمي أي أنه لا يوجد دليل كافي عند مستوى معنوية 0.05 على أن السلسلة مستقرة عند المستوى وبالتالي السلسلة الزمنية لكل متغير غير مستقرة عند المستوى وهذا يعني وجود جذر وحدة.

وبالاعتماد على الفروق نجد أن كلاً من (BORROWERS – BRANCHES- DEPOSITE) ساكنة عند الفرق الأول فنجد قيمة P-valueعلى التوالي (0.0341-0.-0.0232-0.0180) مما يعني بعدم معنوية الاختبار حيث p-value أقل من مستوى المعنوية للثلاث متغيرات وبالتالي نرفض الفرض العدمي أي أنه يوجد دليل كافي عند مستوى معنوية 0.05 أن السلسلة الزمنية لكل متغير مستقرة عند الفرق الأول أي عدم وجود جذر وحدة.

وأخيرًا بالنسبة للمتغير (ATM) فهو مستقر عند المستوى الثاني حيث قيمة p-value أقل من مستوى المعنوية عند درجة ثقة 95% وبالتالي نرفض الفرض العدمي أي أنه يوجد دليل كافي عند مستوى معنوية 0.05 أن السلسلة الزمنية للمتغير مستقرة عند الفرق الثاني أي عدم وجود جذر وحدة.

رابعًا: تقدير نموذج الانحدار الخطي باستخدام طريقة المربعات الصغرى
Ordinary least square(OLS)

جدول(5) تقدير نموذج الانحدار الخطي

P-value coefficient Variables
0.0041 1024.703 C
0.0077 0.122912 ATM
0.0000 0.000367 BORROWERS
0.0036 0.599165 BRANCHES
0.0000 -0.000103 DEPOSITE
0.965595 R-squared
0.954127 Adjusted R-squared
84.19715 F-statistic
0.000000 Prob (F-statistic)
2.135127 Durbin-Watson stat

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

1-  تقدير معادلة الانحدار

استنادًا على مخرجات برنامج ((e-views 10 نصل للشكل التالي لمعادلة نموذج الانحدار:

GDP_PER_CAPITA_$= 1024.703 + 0.122912*ATM+ 0.000367* BORROWERS + 0.599165* BRANCHES – 0.00103* DEPOSITE

نستنتج من المعادلة السابقة الاتي:

  • قيمة الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي في حالة أن قيمة معاملات المتغيرات المستقلة بصفر تساوي 1024.703
  • نستنتج من إشارات معلمات نموذج الانحدار وجود علاقة طردية ومعنوية بين عدد ماكينات الصراف الآلي والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي فزيادة عدد ماكينات الصراف الآلي بماكينة واحدة سيترتب عليه زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار بحوالي 0.122912 دولار.
  • نستنتج من إشارات معلمات نموذج الانحدار وجود علاقة طردية ومعنوية بين عدد المقترضين من البنوك التجارية والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي فزيادة عدد المقترضين من البنوك التجارية بعميل واحد سيترتب عليه زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار بحوالي 0.000367 دولار.
  • نستنتج من إشارات معلمات نموذج الانحدار وجود علاقة طردية ومعنوية بين عدد فروع البنوك التجارية والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي فزيادة عدد فروع البنوك التجارية بفرع واحد سيترتب عليه زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار بحوالي 0.599165 دولار.
  • نستنتج من إشارات معلمات نموذج الانحدار وجود علاقة عكسية ومعنوية بين عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية والناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي فزيادة عدد حسابات الودائع في البنوك التجارية بحساب واحد سيترتب عليه انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار بحوالي 0.000103 دولار.

2-  تحديد معامل التحديد (R-squared) ومعامل التحديد المعدل (Adjusted R-squared)

المقصود بمعامل التحديد المعدل هو قياس نسب الاختلاف في المتغير التابع الناتجة عن التغير في المتغيرات المستقلة بمعنى آخر يوضح معامل التحديد قدرة المتغيرات المستقلة على تفسير المتغير التابع فزيادة عدد المتغيرات المستقلة يؤدى الى زيادة قيمة معامل التحديد وقد تكون تلك المتغيرات لا تؤثر تأثيرًا حقيقيًا في المتغير التابع، بينما يوضح معامل التحديد المعدل قدرة المتغيرات المستقلة على التأثير الحقيقي في المتغير التابع وبالتالي زيادة عدد المتغيرات المستقلة لا يزيد قيمة معامل التحديد المعدل بالضرورة فتزيد قيمة معامل التحديد المعدل فقط في حالة التأثير الحقيقي للمتغيرات المستقلة في المتغير التابع.

تبلغ قيمة معامل التحديد المعدل في النموذج 0.954127 وهذا يعني أن حوالي 95.4% من التغير في الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي راجع الى المتغيرات المستقلة المدرجة بالنموذج، وحوالي 5.3% من التغير في الناتج المحلى الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي راجع الى عوامل أخرى (أبو العز وكامل،2021).

خامسًا: اختبار جودة النموذج

1-  اختبار التوزيع الطبيعي للبواقي

البواقي تتبع التوزيع الطبيعيH0:

البواقي لا تتبع التوزيع الطبيعيH1:

البواقي (residuals) هي الفرق بين القيم المقدرة والقيم الحقيقة فإذا كانت تتبع التوزيع الطبيعي فهذا يدل على جودة النموذج أي اتفاقه مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى وسيتم الاعتماد على اختبار
Jarque-Bera ويتم اتخاذ القرار من خلال مقارنة احتمال الاختبار بمستوى المعنوية 0.05 فإذا كان الاحتمال أكبر من0.05 فهذا يدل على أن البواقي تتبع التوزيع الطبيعي وبالتالي لا نرفض الفرض العدمي، وإذا كان الاحتمال اقل من 0.05 فهذا يدل على أن البواقي لا تتبع التوزيع الطبيعي وبالتالي نرفض الفرض العدمي (دردور وحركات،2020).

جدول (6) اختبار التوزيع الطبيعي للبواقي (Jarque-Bera)

Histogram Normality Test: Jarque-Bera
2.078611 Jarque-Bera
0.353700 Probability

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

قيمة الاحتمال اكبر من 0.05 وبالتالي لا نرفض الفرض العدمي أي أنه لا يوجد دليل كافي عند مستوى معنوية 0.05 أن البواقي لا تتبع التوزيع الطبيعي وهو ما يتفق مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى.

2-  اختبار معنوية معلمات النموذج

H0: =0

H1: ǂ0

سيتم اختبار معنوية معلمات النموذج  على التوالي حيث يفترض الفرض العدمي بعدم وجود تأثير للمتغير التابع على المتغير المستقل بينما يفترض الفرض البديل بتأثير المتغير التابع على المتغير المستقل ويعتمد القرار على مقارنة P-Value بمستوى المعنوية (a=0.05)

قيمة P-value للمتغيرات الاربعة على التوالي0.0077 , 0.0000 , 0.0036 , 0.0000 وبالتالي نرفض الفرض العدمي لكلاً من الأربع متغيرات وبالتالي كلاً منهما يؤثر تأثيرًا معنويًا على المتغير التابع حيث قيمة P-value اقل من مستوى المعنوية (a=0.05).

3-  اختبار معنوية النموذج ككل

H0:  = = 0

H1: على الأقل متغير مستقل لا يساوي صفر

يفترض الفرض العدمي بعدم وجود تأثير معنوي لاى متغير من المتغيرات الاربعة على النموذج ككل، بينما يفترض الفرض البديل بأنه يوجد على الأقل متغير مستقل واحد لا يؤثر تأثيرًا معنويًا على النموذج ككل ويتم اتخاذ القرار من خلال مقارنة قيمة p-value بمستوى المعنوية (a=0.05) فإذا كانت قيمة P-value اقل من مستوى المعنوية نرفض الفرض العدمي، وإذا كانت p-value اكبر من مستوى المعنوية لا نرفض الفرض العدمي.

قيمة P-Value للنموذج ككل تساوي 0.0000 وهي قيمة جيدة للغاية تدل على معنوية النموذج ككل حيث 0.0000<0.05 وهذا يدل على جودة النموذج.

4-  اختبار وجود مشكلة التعدد الخطي بين المتغيرات المستقلة

التعدد الخطي هو وجود علاقة خطية تامة بين المتغيرات المستقلة وهذا يتناقض مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى التي تفترض عدم وجود علاقة خطية تامة بين المتغيرات المفسرة وسيتم استخدام معامل التضخم التباين VIF للحكم على وجود مشكلة تعدد خطي من عدمه حيث يحتوى النموذج على k متغير مفسر وثابت كالاتي:

Yi = β1 + β2X2i + β3x3i + ………βKXKi + Ƹi

نقدر كل متغير مفسر باعتباره متغير تابع على المتغيرات المفسرة الأخرى:

X2i = β1 + β2 β1 + β3x3i + ………βKXKi + Ƹi

ونكرر الخطوة السابقة لكل متغير مفسر ونحسب من كل نموذج R2 ثم نقوم بحساب معامل التضخم التباين VIF فأذا كانت قيمته اكبر من أو تساوي 10 فهذا يعني وجود علاقة خطية تامة بين المتغيرات المفسرة، وإذا كانت أقل من 10 فهذا يعني عدم وجود علاقة خطية بين المتغيرات المفسرة.

VIF=

جدول (7) اختبار التعدد الخطي

VIF Variable
21.45754 ATM
7.649202 BORROWERS
11.70805 BRANCHES
10.88556 DEPOSITE

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

بمقارنة تلك النتائج نجد أن النموذج يعاني من مشكلة التعدد الخطي بين المتغير ATM وكلًا من BRANCHES و DEPOSITE ولكن تلك المشكلة لا تؤثر على جودة مخرجات النموذج وبالتالي يمكن قبول النموذج، وأيضًا يمكن حل المشكلة عن طريق حذف المتغير ثم إعادة الاختبار فتكون النتائج كالاتي:

VIF Variable
5.52090 BORROWERS
9.270594 BRANCHES
8.508629 DEPOSITE

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

نجد أنه بحذف المتغير ATM تمت معالجة المشكلة حيث قيمة معامل التضخم – التباين لكل متغير من المتغيرات المفسرة أقل من 10 وبالتالي لا يعاني النموذج من مشكلة التعدد الخطي بين المتغيارت المفسرة وهو ما يتفق مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى.

5-  اختبار وجود مشكلة عدم تجانس التباين لحد الخطأ العشوائي

مشكلة عدم تجانس التباين المقصود بها هو عدم تجانس التباين لحد الخطأ العشوائي (Residual) لنموذج الانحدار وهذا يتناقض مع فروض طريقة المربعات الصغرى ووجود تلك المشكلة قد يجعل النتائج مضللة ونقوم باختبار تلك المشكلة من خلال ثلاث اختبارات وهم Breusch-Pagan-Godfrey وwhite test وARCH test فيفترض الفرض العدمي لكل اختبار عدم وجود مشكلة تجانس تباين الخطأ العشوائي، بينما يفترض الفرض البديل عدم وجود مشكلة تجانس التباين لحد الخطأ العشوائي.

H0: عدم وجود مشكلة عدم تجانس تباين حد الخطأ العشوائي

H0: وجود مشكلة عدم تجانس تباين حد الخطأ العشوائي

يتم اتخاذ القرار في كلًا من الثلاث اختبارات بناءً على مقارنة قيمة P-value بمستوى المعنوية (a=0.05) فإذا كانت قيمة P-value أكبر من مستوى المعنوية لا نرفض الفرض العدمي وهذا يعني عدم وجود مشكلة عدم تجانس التباين، وإذا كانت قيمة P-value أقل من مستوى المعنوية نرفض الفرض العدمي وهذا يعني وجود مشكلة عدم تجانس التباين لحد الخطأ.

  • اختبار Breusch-Pagan-Godfrey

إذا كان لدينا النموذج الاتي:

Yi = β1 + β2X2i + β3x3i + ………βKXKi + Ƹi

نقدر معادلة الانحدار المساعد الآتية:

= α1 + α2X2i + α3x3i + ………αKXKi + Ƹi

جدول (8) اختبار عدم تجانس التباين (Breusch-Pagan-Godfrey)

Heteroskedasticity Test: Breusch-Pagan-Godfrey
0.6888 Prob.F(3.18) 0.571102 F-statistic
0.6059 Prob.chi-square 2.718696 Obs*R-Squared

  المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

بناءً على قيمة P-value لا نرفض الفرض العدمي عند مستوى معنوية 0.05 وبالتالي لا توجد مشكلة عدم تجانس التباين لحد الخطأ العشوائي وهو ما يتفق مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى حيث 0.6059>0.05

  • اختبار white test

إذا كان لدينا النموذج الاتي:

Yi = β1 + β2X2i + β3x3i +ui

نقدر معادلة الانحدار المساعد الآتية:

= α1 + α2X2i + α3x3i + α4X22i + α5X23i + α6X2i x3i + vi

جدول (9) اختبار عدم تجانس التباين (White test)

                                                                                            Heteroskedasticity Test: White test
0.8257 Prob.F(3.18) 0.503865 F-statistic
0.5073 Prob.chi-square 13.24480 Obs*R-Squared

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

بناءً على قيمة P-value لا نرفض الفرض العدمي عند مستوى معنوية 0.05 وبالتالي لا توجد مشكلة عدم تجانس التباين لحد الخطأ العشوائي وهو ما يتفق مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى حيث 0.5073>0.05

  • اختبار ARCH

جدول (10) اختبار عدم تجانس التباين (ARCH test)

Heteroskedasticity Test: ARCH
0.3525 Prob.F(3.18) 0.924975 F-statistic
0.3194 Prob.chi-square 0.991600 Obs*R-Squared

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

بناءً على قيمة P-value لا نرفض الفرض العدمي عند مستوى معنوية 0.05 وبالتالي لا توجد مشكلة عدم تجانس التباين لحد الخطأ وهو ما يتفق مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى حيث >0.050.31949 (أبو العز وكامل، 2018).

6-  اختبار وجود مشكلة الارتباط الذاتي بين حدود الخطأ

المقصود بمشكلة الارتباط الذاتي هو وجود ارتباط بين حدود الخطأ لان وجود الارتباط يتناقض مع فروض طريقة المربعات الصغرى التي تفترض عدم وجود ارتباط ذاتي بين حدود الخطأ فاذا كان التباين بين الخطأ العشوائي i والخطأ العشوائي j يساوي الصفر فهذا يعني أن الخطأ العشوائي i غير مرتبط بالخطأ العشوائي j وهو ما يتفق مع فروض طريقة المربعات الصغرى

Cov(ui , uj) =0 iǂj

أما اذا كان التباين المشترك كان التباين بين الخطأ العشوائي i والخطأ العشوائي j لا يساوي الصفر فهذا يعني أن الخطأ العشوائي i مرتبط بالخطأ العشوائي j وهذا يتناقض مع فروض طريقة المربعات الصغرى

Cov(ui , uj) ǂ0 iǂj

سنقوم بالاعتماد على اختبار Durbin-Watson للكشف عن مشكلة الارتباط الذاتي بين الأخطاء العشوائية عند الدرجة الاولى وأيضًا وسنقوم بالاعتماد على اختبار LM نظرًا كونه اختبارًا فعالًا في الكشف عن المشكلة بين الدرجات الاعلى.

  • اختبار Durbin-Watson:

نعتمد على اختبار DW لاكتشاف إذا ما كان هناك مشكلة ارتباط ذاتي بين حدود الخطأ أم لا فكلما اقتربت قيم DW من 2 يكون هذا مؤشرًا على عدم وجود مشكلة ارتباط ذاتي من الدرجة الأولى بين حدود الخطأ فمن جدول(9) نجد قيمة DW تساوي 2.135127 وهذا يعني عدم وجود ارتباط ذاتي من الدرجة الاولى بين حدود الخطأ وبالتالي نرفض الفرض العدمي وهو ما يتفق مع افتراضات طريقة المربعات الصغرى.

  • اختبار Lm:

H0: لا يوجد مشكلة ارتباط ذاتي بين الأخطاء العشوائية

H1: يوجد مشكلة ارتباط ذاتي بين الأخطاء العشوائية

يعتمد اتخاذ القرار على مقارنة قيمة P-value بمستوى المعنوية (a=0.05) فإذا كانت قيمة p-value أكبر من مستوى المعنوية لا نرفض الفرض العدمي وهذا يعني عدم وجود مشكلة ارتباط ذاتي بين الأخطاء العشوائية، وإذا كانت قيمة p-value أقل من مستوى المعنوية نرفض الفرض العدمي وهذا يعني وجود مشكلة ارتباط ذاتي بين حدود الخطأ. 

جدول (11) اختبار الارتباط الذاتي (Lm test)

Heteroskedasticity Test: Lm test
0.9601 Prob.F(3.18) 0.040866 F-statistic
0.9334 Prob.chi-square 0.137818 Obs*R-Squared

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

من خلال الجدول السابق نستنتج أن قيمة P-value أكبر من مستوى المعنوية حيث 0.9334>0.05 وبالتالي لا نرفض الفرض العدمي عند مستوى معنوية 0.05 وبالتالي لا يوجد ارتباط ذاتي بين حدود الخطأ وهذا يتفق مع فروض طريقة المربعات الصغرى.

سادسًا: أثر الأجل القصير والطويل باستخدام نموذج ARDL

1-  اختبار الحدود Bound Test

H0:عدم وجود تكامل مشترك

H1: وجود تكامل مشترك

يستخدم اختبار الحدود عندما تكون المتغيرات مستقرة عند فروق مختلفة وليس عند نفس الفرق فيفترض الفرض العدمي بعدم وجود تكامل مشترك بينما يفترض الفرض البديل وجود تكامل مشترك ويتم اتخاذ القرار من خلال مقارنة قيمة F-statistic بقيمة Fالجدولية عند مختلف مستويات المعنوية فإذا كانت أكبر من F الجدولية نرفض الفرض العدمي وبالتالي يوجد تكامل مشترك، وإذا كانت أقل من F الجدولية لا نرفض الفرض العدمي وبالتالي لا يوجد تكامل مشترك. (أبو العز وكامل، 2021(

جدول (12) اختبار الحدود (Bounds Test)

ARDL Bounds Test
K value Test statistic
4 12.46176 F-statistic
Io Bound Significance
2.2 10%
2.56 5%
2.88 2.5%
3.29 1%

 المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

من خلال النتائج السابقة نجد أن قيمة F-statistic(12.46176) أكبر من قيمة F الجدولية عند مختلف مستويات المعنوية وبالتالي نرفض الفرض العدمي وبالتالي يوجد تكامل مشترك عند مستويات المعنوية المذكورة أعلاه وهذا يتفق مع النظرية الاقتصادية.

2-  اختبار استقرار النموذج Stability Test

H0: المتغيرات ساكنة

H1:المتغيرات غير ساكنة

للتأكد من صحة ودقة نتائج النموذج لابد من إجراء اختبار السكون الهيكلي وذلك من خلال اختبار كلًا من المجموع التراكمي للبواقي والمجموع التراكمي لمربعات البواقي ويتم اتخاذ القرار بعدم رفض الفرض العدمي أي أن المتغيرات ساكنة إذا كان منحنى كلًا من الاختبارين يقع داخل نطاق الحدود الحرجة عند مستوى معنوية %5، ويتم اتخاذ القرار برفض الفرض العدمي أي أن المتغيرات غير ساكنة إذا كان منحنى كلًا من الاختبارين لا يقع داخل نطاق الحدود الحرجة عند مستوى معنوية5% (أبو العز وكامل، 2021(.

شكل (7) استقرار النموذج (Stability Test)

    المصدر: تم الإعداد بواسطة الباحثين اعتمادًا على بيانات البنك الدولي ومخرجات برنامج EViews (10)

يتضح من الشكل التالي وقوع منحنى كلًا من الاختبارين داخل نطاق الحدود الحرجة عند مستوى معنوية %5 وبالتالي لا نرفض الفرض العدمي وبالتالي يثبت سكون المعلمات القصيرة والطويلة الأجل لنموذج ARDL.

ختامًا للمبحث الرابع الخاص بالتحليل القياسي استعرضنا خلاله العلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع بالإضافة الى استعراض العلاقة بين المتغيرات المفسرة وبعضها البعض، ثم تم تقدير النموذج واستخلاص نتائجه فضلًا عن الكشف عن ما إذا كان النموذج يعاني من أي مشكلات تجعل نتائجه مضللة. كل هذا من أجل التأكد من صحة النتائج ودقتها كي نستطع وضع توصيات وتقديمها لصانع القرار بناءً على تلك النتائج وفي السطور القادمة سوف نستعرض سويًا ما توصلنا له بخصوص حقيقة وجود علاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي في الدولة المصرية خلال فترة الدراسة ثم نستعرض بعض التوصيات التي من شأنها معالجة أوجه القصور في منظومة الشمول المالي في الدولة المصرية – إن وجدت- فضلًا عن استعراض نقاط القوة في منظومة الشمول المالي في الدولة المصرية

الخاتمة

لا يبدأ الباحث في دراسة ما إلا عندما يواجه، أثناء تدبره للعلم إشكالية ما، ومن ثم فهو يتناولها بالبحث والتحليل والتدقيق والمشي خلف الأسباب والعلل البعيدة، واستنباط النتائج وتحليلها ويختتم ورقته البحثية بتوليد خلاصة ما توصل إليه من نتائج مبنية على أسباب تم قتلها بحثًا، ف يقوم بتوليد التوصيات التي تُعد مخرجًا ومطلبًا ونقطة انطلاق لصناع القرار.

ولا يتوقف الباحث عن البحث، الدراسة، والتحليل إلا عندما يظن أنه قد وصل إلى نتائج مرضية نوعيًا من وجهة نظره، متضمنة إجابات واضحة وقوية تؤكد أو تفند صحة فرضيته، فيستقر عقل الباحث هنيهة ويبدأ في تجميع أوراقه للخوض في دراسة أخرى، والإبحار في بحر إشكالية جديدة.

ما تلبث دراسته، حديثة العهد، حتى تلقى باحثًا آخر في الطريق فينظر إليها بعين مختلفة، ويكتشف بها قصورًا ما، ومن هنا يكون قد وجد ضالته والتقى إشكاليته فيبدأ رحلته البحثية معها، وهكذا تسير الرحلة البحثية وتتناقل الأوراق والنتائج من باحث لآخر ليتطور بتلك الطريقة بحر العلوم ويرتقي.

ومن هنا، فقد وضعنا بين أيديكم دراستنا هذه بعدما وصلت بين أيدينا إلى الحد المرضٍ نوعًا ما وأجابت عن فرضيتنا بشكل مفصل ومجمل، ونحن على يقين من احتوائها على بعض القصور الطبيعي الذي سيكون في ذاته ضالة باحثٍ آخر ليكمل ما سرنا عليه طوال رحلتنا البحثية، ليصل إلى نتائج أكثر حداثة فيما بعد…

ولعل أبرز ما توصلت إليه دراستنا هو تأكيد الارتباط الإيجابي بين تطبيق سياسات الشمول المالي في مصر خلال الفترة محل الدراسة وبين معدلات النمو الاقتصادي، فضلًا عن تطرقنا خلال رحلة الدراسة

إلى نقاط وجدناها هامة وأثبتنا أثرها من خلال الاختبارات العلمية كتسليط الضوء على تصرفات المستهلكين أو بلفظة أخرى المستفيدين من الخدمات المالية والمصرفية ومدى انعكاس ذلك على جودة الخدمات وسير العملية الاقتصادية وصولًا إلى التأثير النهائي الذي تضعه على منحنى النمو الاقتصادي.

ولما كان دورنا هو البحث والإضافة وإحداث الأثر، فقد تطرقنا إلى مميزات وعيوب وتحديات ومعوقات الظاهرة محل الدراسة، ومن هنا استطعنا أن نجد حلولًا لا تقليدية، وأن نصل إلى العلل البعيدة ونحاول اقتراح توصيات ملموسة وحقيقة والأهم أن تكون قابلة للتطبيق، من خلال صناع القرار، أصحاب المصلحة والمعنين، وأخيرًا المستفيدين.

النتائج

من خلال مراجعة الأدبيات والتحليل الوصفي والتحليل الكمي لمتغيرات الدراسة توصلت الدراسة إلى:

أولًا: وجود علاقة طردية ومعنوية بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وعدد العملاء الذين حصلوا على قروض من البنوك التجارية، متفقين مع مضمون النظرية الاقتصادية وذلك بسبب أن القطاع الخاص هو من كان مستأثرًا بالنسبة الأكبر من تلك القروض واستخدامها في الاستثمار والإنتاج بما يساهم في توفير فرص العمل وخفض معدلات البطالة وساعد على ذلك التسهيلات الائتمانية التي قدمها البنك المركزي.

ثانيًا: وجود علاقة طردية ومعنوية بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وعدد ماكينات الصراف الآلي، وذلك بسبب جهود ومبادرات البنك المركزي لدعم تطبيق سياسات الشمول المالي في مصر من خلال زيادة ماكينات الصراف الآلي من خلال عدة مبادرات مثل مبادرة “نشر” كما عمل على زيادة تسهيل الوصول للخدمات المالية بشكل عام والوصول إلى ماكينات الصراف الآلي بشكل خاص، متفقين في ذلك مع مضمون النظرية الاقتصادية.

ثالثًا: وجود علاقة طردية ومعنوية بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وعدد فروع البنوك التجارية، وذلك يتفق مع النظرية الاقتصادية والأدبيات السابقة وذلك نتاجًا لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة من (2004-2008) مع جهود البنك المركزي المستمرة لدعم تطبيق سياسات الشمول المالي من خلال تشجيع البنوك على زيادة عدد الفروع البنكية كما يعمل أيضًا على احتواء معظم الصدمات التي واجهها الاقتصاد المصري خلال فترة الدراسة.

رابعًا: وجود علاقة عكسية ومعنوية بين الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الجارية مقومًا بالدولار الأمريكي وعدد حسابات الودائع في البنوك التجارية، وذلك لا يتفق مع مضمون النظرية الاقتصادية وهذا بسبب عدم رغبة الأفراد بإيداع أموالهم في البنوك لعدم وجود ما يحفزهم لذلك بالإضافة إلى أن مصر تعتبر من الدول النامية ولا تعمل الأسواق بها بكفاءة، بجانب انخفاض مستويات الاستثمار المباشر فضلًا عن أن معظم الودائع قصيرة ومتوسطة الأجل تتراوح بين سنة، سنتين أو ثلاثة بالأكثر ولا تستمر جميعها إلى نهاية المدة حيث يقوم بعض الأفراد بتسييلها مما يتسبب في خسارتهم.

نستنتج أخيرًا مما سبق صحة فرضية الدراسة بوجود تأثير إيجابي للشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر متفقين في ذلك مع مضمون النظرية الاقتصادية والأدبيات السابقة على الرغم من وجود تذبذب في بيانات المتغيرات المستقلة والمتغير التابع في الدراسة بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية التي مرت بها مصر خلال فترة الدراسة وعلى الرغم من هذا التحرك إلا أن المتغيرات المستقلة في مجملها والمتغير التابع كانا يسيران معًا وذلك ساعدنا على استنتاج العلاقة الإيجابية بين الشمول المالي والنمو من خلال التحليل الوصفي والتحليل القياسي للعلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2000-2021).

التوصيات

في ضوء ما تم استعراضه من نتائج، وانطلاقًا من واقع الشمول المالي بجمهورية مصر العربية والمؤشرات المعبرة عن أداء الدولة المصرية في تحقيق سياسات الشمول المالي، فعلى الرغم من الجهود المبذولة في تعزيز تلك السياسات، إلا أنه لايزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين وتطوير الخدمات المصرفية وتحقيق الخدمات المالية الشاملة حيث أننا مازلنا بعيدين عن تطبيق سياسات الشمول المالي بشكل كامل، وفي مواجهة حقيقة المعوقات والتحديات التي تحد من الوصول إلى شمول مالي حقيقي وفعال، يأتي دورنا كباحثين لاقتراح بعض التوصيات التي من شأنها تحسين تلك المؤشرات وتفعيل الإمكانيات المهيئة لهذا الوصول وهذا على النحو التالي:

إجراء تقييم أولي لسياسات الشمول المالي بهدف معرفة الوضع الحالي ومقارنته بالوضع المستهدف واتخاذ قرار بشأن تبني الاستراتيجية التي تناسب الوضع الحالي ومعرفة التحديات التي قد تواجه تطبيق الاستراتيجية ووضع الإطار الزمني المناسب لها وأخيرًا تقييم النتائج المحققة ومقارنتها بالمتوقعة.

إتاحة خريطة المُناخ الاستثماري في مصر حتى يتسنى للمستثمر المحلي والأجنبي الاستثمار مباشرة بدلًا من فتح حسابات الودائع في البنوك والتي تؤثر سلبًا على نصيب الفرد من الناتج المحلي ويرجع ذلك إلى ضعف قيمة الودائع وعدم الاعتماد عليها في الاستثمار لأن أغلبها متوسطة وقصيرة الأجل.

تزويد المناهج الدراسية في كافة المراحل العمرية بأساسيات عن الثقافة المالية والتوعية بأهمية الاستثمار والادخار في سن مبكر لما يحمله من تأثير ملموس يتمثل في تضاعف معدل العائد، وذلك سينعكس في اتساع الفئة العمرية المدخرة.

التوسع في تقديم الخدمات الرقمية ورقمنة التعاملات المالية والعمل على تطوير البنية التحتية للقطاع المالي وذلك لتقليص الفجوات الجغرافية في مؤشرات الشمول المالي بين الريف والحضر ويمكن ذلك من خلال التحول للإنترنت البنكي، حيث برز خلال أزمة كورونا ضرورة امتلاك حساب إنترنت بنكي لسهولة وتيسير تقديم الخدمات المالية.

ابتكار خدمات مالية جديدة تعمل على جذب العملاء تجاه الجهاز المصرفي الرسمي وخصوصًا الفئات المستبعدة كالنساء وذوي الاحتياجات الخاصة وذلك للتقليل من حدة الفروق بين الرجال والنساء في استخدام الخدمات والمنتجات المالية.

جذب القطاع الغير رسمي ودمجه مع القطاع الرسمي وذلك من خلال تقديم تسهيلات كتخفيض الضرائب لجذبهم لدفع الضريبة وزيادة الحصيلة الضريبية أيضًا تنويع الخدمات والمنتجات المالية بتقديم خدمات مبتكرة بأسعار مناسبة للفقراء والمتعاملين لتغيير وجهتهم عن القطاع الغير الرسمي.

تسهيل عملية فتح الحسابات البنكية من خلال تعديل القوانين الخاصة بأحقية فتح الحساب من عمر16 وذلك تشجيعًا على الادخار واستفادة هذه المرحلة العمرية من التسهيلات التي تقدمها البنوك التجارية.

الاستفادة من المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي بوصفها مؤسسة رائدة تقوم بتطبيق الشمول المالي وتصميم استراتيجيات إصلاح حسب ظروف كل بلد من أجل تعزيز وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل.

التوعية بأخلاقيات الاستهلاك السوي واستخدام القوى الناعمة بكل السبل المتاحة والممكنة والقانونية التي يمكنها تغيير سلوك المستهلكين والمستفيدين من الخدمات المالية والمصرفية بحيث يستطيعون الحد من فرط الاستهلاك الذي يضعف من أوضعاهم المادية ويوقعهم في ديون وضوائق مالية ليس من السهل الخروج منها.

وأخيرًا يمكن الاستفادة من التجارب الدولية التي عانت من معوقات وتحديات في تحقيق الشمول المالي مشابهة بالتي مرت بها مصر وقد استطاعت النجاة بشكل جزئي من تلك التحديات التي عرقلت طريقها من خلال تطبيق استراتيجية وطنية ناجحة وقياسًا على ذلك سنستعرض نموذج لدولة الجزائر.

استطاعت دولة الجزائر مواجهة تلك التحديات من خلال عدة إجراءات نتج عنها تعزيز الشمول المالي وتتمثل في:

  • ‌أ- العمل على وضع استراتيجية وطنية تحقق تكاملًا بين كلٍ من الشمول المالي والاستقرار المالي.
  • ‌ب- تحديد الأهداف المستقبلية للشمول المالي وكذلك تحديد نقاط الضعف والقوه في المواضيع ذات العلاقة بالشمول المالي.
  • ‌ج- تطوير البنية التحتية المالية والقيام بخطوة محورية تمثلت في دورات التثقيف المالي.
  • ‌د- توحيد وتأطير الجهود المشتركة تحت مظلة وقيادة واحدة (رجال، 2021).

ويمكن أيضًا الاستفادة من تجربة دولة جنوب إفريقيا التي استطاعت أن تحقق طفرة في مجال الشمول المالي والنهوض من عسرات النظام غير المالي من خلال القيام بعدد من الإجراءات التي نتج عنها تعزيز الشمول المالي وذلك عن طريق:

  • ‌أ- إلزام البنوك بمنح قروض إسكان بأسعار مقبولة وفقًا لميثاق القطاع المالي لديها.
  • ‌ب- السماح للحكومة باستقطاع جزء من مرتبات موظفيها لمقابلة أقساط القروض الصغيرة المستحقة عليهم.
  • ‌ج- القيام بوضع إطار جديد يستهدف التأمين على الأنشطة متناهية الصغر لتشجيع الشباب والحد من البطالة.
  • ‌د- إجراء تعديلات على القواعد البنكية المتبعة لديها والتي تعرف باسم (اعرف عميلك) حيث استطاعت من خلال تلك التعديلات تقديم منتج مالي جديد سمي حسابات “Mzansi” المبسطة للأفراد الذين لم يسبق لهم التعامل مع البنوك.
  • ‌ه- كما استطاعت إجراء محفظة (M-Pesa) وهي عبارة عن تحويل أموال منخفضة التكلفة عبر الهاتف المحمول.
  • ‌و- العمل على التقارب بين الجنسين الذي يصل إلى حد المساواة من حيث ملكية الحسابات وتعد هي الدولة الوحيدة في القارة التي تظهر هذا التقارب وهذا ما يعكس لنا ثقافة المجتمع المالية.

وقد ساهمت تلك المبادرات والإجراءات المتخذة في جعل جنوب أفريقيا هي ثاني أكبر دولة تحقيقا للشمول المالي بعد كينيا في القارة وفقًا لبعض التقارير الدولية. (جعفر، 2020).

المراجع

أولًا المراجع باللغة العربية

الأطروحات

أبو العز، نهلة.، وكامل، أحمد فتحي. (2021). أثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة (2005-2018). (رسالة دكتوراه، كلية الدراسات الأفريقية العليا، جامعة القاهرة، مصر). تم الاسترجاع من:

http://dspace.must.edu.eg/bitstream/handle/123456789/849/The%20impact%20of%20financial%20inclusion%20on%20economic%20growth.pdf?sequence=3&isAllowed=y

بخوش، لينده. (2022). أثر تطور النظام المالي على النمو الاقتصادي في الجزائر دراسة تحليلية وقياسية للفترة (1990-2020). (رسالة دكتوراه، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التيسير، جامعة باتنة1 -الحاج لخضر، الجزائر). تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/178782

بن ساسي، راوية. (2015). دور القطاع المصرفي في دعم النمو الاقتصادي في الدول النامية دراسة حالة الاقتصاد الجزائري 2005-2014. (رسالة ماجيستير، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التيسير، جامعة قاصدى مرباح- ورقلة، الجزائر). تم الاسترجاع من:

https://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/handle/123456789/9305

حاكمي، براهيم.، دباب، مولود.، وإسماعيل، قشام. (2021). دراسة العلاقة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي في الجزائر خلال الفترة (1990-2019) باستخدام نماذج الانحدار الذاتي ذات الفجوات الزمنية المتباطئة (ARDL). (رسالة دكتوراه، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التيسير، جامعة زيان عاشور – الجلفة، الجزائر). تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/428/5/1/155364

رجال، نسرين. (2021). دور الشمول المالي في تحقيق الاستقرار المالي دراسة تحليلية الجزائر خلال فترة2011-2017. (رسالة ماجيستير، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التيسير، جامعة العربي بن مهيدي، أم البواقي، الجزائر). تم الاسترجاع من:

http://bib.univ-oeb.dz:8080/jspui/handle/123456789/12606

سعدوني، محمد محروس. (2020). الشمول المالي وأثره في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة. (رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة المنوفية، مصر). تم الاسترجاع من:

https://jslem.journals.ekb.eg/article_182829_c01bc6098190b5bd2b70f785cdd0027f.pdf

عجور، حنين محمد بدر. (2017). دور الاشتمال المالي لدى المصارف الوطنية في تحقيق المسئولية الاجتماعية تجاه العملاء (دراسة حالةالبنوك الإسلامية العاملية في قطاع غزة). (رسالة ماجيستير، كلية التجارة، الجامعة الاسلامية بغزة، فليسطين). تم الاسترجاع من:

https://search.mandumah.com/Record/1032549

عمرية، مصطفى صالح. (2022). تأثير الشمول المالي على النمو الاقتصادي والفقر والاستقرار المالي في فليسطين دراسة قياسية للفترة ما بين (2010-2020). (رسالة ماجيستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية – نابلس، فليسطين). تم الاسترجاع من:

https://repository.najah.edu/items/7e50c851-d27a-46d1-a5d6-b7260329a865

عيايشية، إلياس. (2020). أثر الشمول المالي في تحقيق النمو الاقتصادي _ دراسة مقطعية (sectional cross) لعينة من الدول سنة2017 _ (رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التيسير، جامعة بن المهيدي، أم البواقي، الجزائر). تم الاسترجاع من:

http://bib.univ-oeb.dz:8080/jspui/bitstream/123456789/10664/1/memoir%20final.pdf

المقالات

أبو العز، أيمن عبد المنعم.، إبراهيم، على احمد.، ويوسف، محمد محمد. (2019). محددات تطبيق الشمول المالي ودوره في تحقيق النمو الاقتصادي في الصين. مجلة الزقازيق للبحوث الزراعية، 46(3)، 889-908. تم الاسترجاع من:

https://zjar.journals.ekb.eg/article_40982_b8c90dfaa172b3aef3bc52c91b63ec33.pdf

أحمد، سارة عبد القادر فهمي.، معروف، شيرين سامي، وعزت، فرج عبد العزيز. (2020(. دور القطاع المصرفي في النمو الاقتصادي المصري.المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 50 (4)،.130-113 تم الاسترجاع من:

https://search.mandumah.com/Record/1120109

البكل، احمد سعيد.، والحداد، إيمان فاروق. (2022). الشمول المالي وانعكاساته على معدل النمو الاقتصادي في مصر، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، 15(14)، 1-33. تم الاسترجاع من:

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&url=https://jocu.journals.ekb.eg/article_229971_3e811f5270bdf528c5176e3eaf1e5ee1.pdf&ved=2ahUKEwibrYGczvT7AhUsRaQEHRwwDX0QFnoECAkQAQ&usg=AOvVaw1q-Ntjls2ZVG-dM9BMrbjO

التوني، شريهان مصطفى. (2021). أساسيات بناء منظمة الشمول المالي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة. مجلة البحوث المالية والتجارية، 22(4)، 217-237. تم الاسترجاع من:

https://jsst.journals.ekb.eg/article_203864_610ee166f665cc09bea71859dcdecc2a.pdf

الخياط، زهراء صالح حمدي. (2020). أهمية التكنولوجيا المالية في تعزيز الشمول المالي للمصارف مع الإشارة لتجارب دولية. مجلة جامعة الأنبار للعلوم الاقتصادية والإدارية،12(28)، 166-181. تم الاسترجاع من:

https://search.mandumah.com/Record/1075657

الفقي، مزمل الداعي العباس.، ومحمد، عصام. (2022). العلاقة بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي في السودان لفترة 2006-2020. مجلة بيت المشورة، (18)، 1-31. تم الاسترجاع من:

https://www.mashurajournal.com/archives/researches/details/130

القاضي، الاء. (2018). الشمول المالي والأداء الاقتصادي التطبيق على مصر، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 32(4)، 25-82. تم الاسترجاع من:

https://sjrbs.journals.ekb.eg/article_152870_88798c3270a84fd97f5175cffbb3755c.pdf

القرصو، وفاء.، وبوجمعة شهرزاد. (2019). تحليل العلاقة ين القروض المصرفية والنمو الاقتصادي على المستوى القطاعي في الجزائر خلال الفترة (1998-2017). مجلة اقتصاديات الأعمال والتجارة، (ع. 16)، 437-452. تم الاسترجاع من:

https://search.mandumah.com/Record/950038

بوزانة، أيمن.، وحمدوش، وفاء. (2021). تقييم درجة الشمول المالي في القطاع المصرفي الجزائري خلال الفترة 2011-2018. مجلة البحوث في العلوم المالية والمحاسبية، 6(1)، 462-488. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/159363

جعفر، حنان علاء الدين عبد الصادق. (2020). آليه لتعزيز الشمول المالي في مصر في ظل التحديات والمعوقات، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 50(1)، 487-520. تم الاسترجاع من:

https://jsec.journals.ekb.eg/article_102921_f99c852af1247f0d55f2558e4992c959.pdf

دردور، أسماء.، وحركات، سعيدة. (2020). قياس أثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في الجزائر خلال الفترة 1980-2017 باستعمال نموذج.ARDL مجلة الإستراتيجية والتنمية، 10(4)، 71-90. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/276/10/4/124635

زينب، حمدي.، والزهراء، أوقاسم. (2018). مفاهيم أساسية حول التكنولوجيا المالية. مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، 8(01)، 400-415. تم الاسترجاع من:

https://alijtihed.univ-tam.dz/wp-content/uploads/2019/01/alijtihed-mag-019-art-018.pdf

شرف، سمير. والصائغ، وجد رفيق. (2021). أثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في سورية مقارنة بمجموعة من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. مجلة جامعة حماه، 4(6)، 157-180. تم الاسترجاع من:

https://hama-univ.edu.sy/ojs/index.php/huj/article/view/604

شمس الدين، محمد عبد الوهاب احمد. (2020). أثر الشمول المالي في تحقيق التنمية المستدامة- دراسة مقارنة مع التطبيق على مصر. مجلة روح القوانين، 89(92)، 189-238. تم الاسترجاع من:

https://las.journals.ekb.eg/?_action=article&au=431059&_au=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF++%D8%B9%D8%A8%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8+%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%B9%D9%84%D9%8A+%D8%B4%D9%85%D8%B3+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86

عبد الرحمن، ياسر.، وهاشم، محمد. (2022). تطور الأداء المالي بالجهاز المصرفي واثره على النمو الاقتصادي المصري “خلال الفترة من 2008-2020”. مجلة السياسة والاقتصاد،14(13)، 1-33. تم الاسترجاع من:

https://jocu.journals.ekb.eg/article_212821.html

عبد القادر، هيثم محمد. (2017). إستراتيجية الشمول المالي وآليات التنفيذ في مصر. المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 37 (4)، 755-781. تم الاسترجاع من:

http://search.mandumah.com/Record/1182425

عثمانية، أمينة.، وبولقمح، كاميليا. (2020). الشمول المالي وتأثيره على تعزيز الاستقرار المالي-دراسة حالة الدول العربية للفترة 2010-2016، مجلة الاقتصاد والتنمية، 8(1)، 5-20. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/299/8/1/201496

عزيزه، حسام. (2021). دور جودة خدمة ماكينات الصراف الآلي في التزام العميل بالبنوك التجارية العامة المصرية. المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، 51(4). 367-430. تم الاسترجاع من:

https://jsec.journals.ekb.eg/article_178721_0d7bb5e4883762abfbca2a28214a7880.pdf

عطية، أشرف إبراهيم. (2021). تعزيز الشمول المالي والتكنولوجيا المالية بين الفرص والتحديات: عرض لتجربة الشمول المالي في مصر، المجلة الدولية للفقه والقضاء والتشريع، 2(2)، 367-426. تم الاسترجاع من:

https://ijdjl.journals.ekb.eg/article_201435_2ad0191dd25d3f43e1e1698af8bb219e.pdf

عماني، لمياء.، حمدوش، وفاء.، وكيحلي، عائشة سلمة. (2020). استراتيجية الشمول المالي: رؤية جديدة لمكافحة الفقر. مجلة أداء المؤسسات الجزائرية 9(2)، 25-44. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/141955

غالي، شرين بشرى. (2020). دور الشمول المالي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، المجلية العلمية للاقتصاد والتجارة، 50(1)، 209-250. تم الاسترجاع من:

https://jsec.journals.ekb.eg/article_94609.html

معتوق، سهير محمود.، على، إيمان حسن.، وسيد، هناء محمود. (2021). الشمول المالي، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، 35(1)، 81-102. تم الاسترجاع من:

https://sjrbs.journals.ekb.eg/article_154840.html https://mfyoum.com/2019/11/19/

مهدية، سردون. (2021). أثر الشمول المالي على البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة في الدول العربية. مجلة الإبداع، 11(02), 6-24. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/169911

موسى، محمد بن. (2018). أثر المعرفة ومحو الأمية المالية على مستوى الشمول المالي في العالم خلال عام 2017. مجلة الإستراتيجية والتنمية، 8(15)، 34-60. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/276/8/3/71800

نجيم، بن منصور. (2022). أثر الشمول المالي على النمو الاقتصادي في دول شمال إفريقيا دراسة قياسية تحليلية للفترة 2004-2019. مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، 18(28)، 257-274. تم الاسترجاع من:

https://www.asjp.cerist.dz/en/article/181852

نوفل، صبري. (2018). الشمول المالي في مصر وبعض الدول العربية. مجلة الاقتصاد والمحاسبة، (ع. 667)، 17-19.

تم الاسترجاع من:

https://search.mandumah.com/Record/876305

المداخلات

أزناق، فاطمة.،وبريش، رابح. (2021). دور التكنولوجيا المالية فى تعزيز الشمول الماليدراسة حالة أندونيسيا. الملتقى العلمي الدولي حول: الهندسة الإدارية للمؤسسات المالية لتعزيز الشمول المالي كخيار لتحقيق التنمية المستدامة، 2-19.

تم الاسترجاع من:

https://www.researchgate.net/publication/351823439_dwr_altknwlwjya_almalyt_fy_tzyz_alshmwl_almaly-drast_halt_andwnysya

الجويني، جمال.، وموعش، محمد. (2020). أثر تطور القطاع المالي على النمو الاقتصادي في الدول العربية. صندوق النقد العربي (رقم.72). تم الاسترجاع من:

https://www.amf.org.ae/sites/default/files/publications/2021-12/impact-development-financial-sector-economic-growth-arab-countries.pdf

السن، عادل عبد العزيز. (2017). دور الشمول المالي في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي. جامعة الدول العربية. تم الاسترجاع من:

https://jdl.journals.ekb.eg/article_169601.html

الشاعر، محمد السيد. (2021). التجربة المصرية نحو التحول إلى الشمول المالي ودورها في تحقيق التنمية المستدامة. المؤتمر العلمي الدولي الثاني لكلية الإدارة والاقتصاد ونظم المعلومات، 0-23. تم الاسترجاع من:

http://dspace.must.edu.eg/handle/123456789/852

نجم، جمال. (2021). ورقة مناقشة بشأن التمويل المستدام. البنك المركزي المصري. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/_layouts/download.aspx?SourceUrl=%2Fen%2FBankingSupervision%2FCircularsDL%2FCircular%20dated%2018%20July%202021%20regarding%20Sustainable%20Finance.pdf

رجب، جلال الدين. (2018). احتساب مؤشر مركب للشمول المالي وتقدير العلاقة بین الشمول المالي والناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية. صندوق النقد العربي (ع. 45). تم الاسترجاع من:

https://www.amf.org.ae/ar/publications/aldrasat-alaqtsadyt/drast-hwl-ahtsab-mwshr-murkb-llshmwl-almaly-wtqdyr-allaqt-byn

رشوان، عبد الرحمن محمد.، وأبو رحمة، محمد عبد الله. (2021). دور الشمول المالي في دعم مشروعات ريادة الأعمال بهدف تحقيق أبعاد التنمية المستدامة. مؤتمر التنمية المستدامة في مصر، 1-26. تم الاسترجاع من:

http://dspace.must.edu.eg/handle/123456789/805

النشريات الدورية

البنك الدولي. (2014). الشمول المالي. تم الاسترجاع من:

https://www.albankaldawli.org/ar/topic/financialinclusion/overview#1

البنك المركزي المصري. (2003). التقرير السنوي 2002/2003. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/_layouts/download.aspx?SourceUrl=%2Far%2FEconomicResearch%2FPublications%2FAnnualReportDL%2F%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%88%D9%89%20%202002-2003.pdf

البنك المركزي المصري. (2004). التقرير السنوي2003/2004. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/EconomicResearch/Publications/Pages/AnnualReport.aspx?p=2

البنك المركزي المصري. (2012). تقـرير عن إنجازات مجلس إدارة البنك المركزي المصري خلال الفترة من ديسمبر ٢٠٠٣ وحتى ديسمبر 2012. 2-40. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/AboutCBE/Pages/BODAchievements.aspx

البنك المركزي المصري. (2014). تقرير الاستقرار المالي لجمهورية مصر العربية للعام 2014. 3-93. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/Pages/HighlightsPages/FSR2014.aspx

البنك المركزي المصري. (2018). تقرير الاستقرار المالي للعام 2018. 1-37. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/_layouts/download.aspx?SourceUrl=%2Fen%2FBankingSupervision%2FReportsDL%2FFinancial%20Stability%20Report%202018.pdf

البنك المركزي المصري. (2019). التقرير السنوي 2018/2019. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/EconomicResearch/Publications/Pages/AnnualReport.aspx?p=2

البنك المركزي المصري. (2020). تقرير الاستقرار المالي للعام 2020. 6-65. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/Pages/HighlightsPages/Financial-Stability-Report-2020.aspx

البنك المركزي المصري. (2021). المؤشرات الرئيسية للشمول المالي.تم الاسترجاع من:

https://masrafeyoun.ebi.gov.eg/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9/#:~:text=%D9%88%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D9%88%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%20%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9,%D9%85%D8%AD%D9%81%D8%B8%D8%A9%20%D9%84%D9%83%D9%84%20100%20%D8%A3%D9%84%D9%81%20%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86

البنك المركزي المصري. (2021). تقرير الاستقرار المالي للعام 2021. 5-70. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/Pages/HighlightsPages/Financial-Stability-Report-2021.aspx

البنك المركزي المصري. (2021). تقرير منظور التكنولوجيا المالية، 1-69. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/Pages/HighlightsPages/Egypt-FinTech-Landscape-Report-2021_1.aspx

البنك المركزي المصري. (2022). النشرة الإحصائية الشهرية، (303)، 1-144. تم الاسترجاع من:

https://www.cbe.org.eg/ar/EconomicResearch/Publications/Pages/MonthlyStatisticaclBulletin.aspx

مواقع الإنترنت

المتولي، أحمد. (2021). أثر الانفتاح التجاري على النمو الاقتصادي المصري (2000-2018). المركز الديمقراطي العربي. تم الاسترجاع من:

https://democraticac.de/?p=79192

بوابة حابي. (2019). الخريطة الكاملة لخطوات تعزيز البنك المركزي للشمول المالي. تم الاسترجاع من:

https://hapijournal.com/2019/09/08/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%A7%D9%84/

عبد السلام، جيهان. (2021). مراحل متقدمة: أين وصلت مصر في مجال الشمول المالي؟ مركز رع للدراسات الاستراتيجية. تم الاسترجاع من:

http://rcssegypt.com/4006

محمد، عبد الله. (2019). نصيب الفرد من الناتج المحلي 43 ألف جنيه.. لماذا يزداد الفقراء؟ مصر في يوم. تم الاسترجاع من:

https://mfyoum.com/2019/11/19/

ثانيًا: المراجع باللغة الإنجليزية

Journal Article

Abd El.Aziz, Rasha., Beeson. Ian., & Ismail, Miran. (2018). A Soft Systems Methodology Based Analysis of the ATM System in Egypt. International Journal of Computer and Information Technology, 7(04), 176-183. Retrieved from:

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&url=https://www.academia.edu/41503203/A_Soft_Systems_Methodology_Based_Analysis_of_the_ATM_System_in_Egypt&ved=2ahUKEwij5YD8uLb9AhV4hP0HHVf-BOsQFnoECAsQAQ&usg=AOvVaw37url2tGQlALxl9QWVWQ62

Alasrag, Hussien. (2009). Impact of the global financial crisis on the Egyptian economy. Munich Personal RePEc Archive, 1-23. Retrieved from:

https://mpra.ub.uni-muenchen.de/12604/1/MPRA_paper_12604.pdf

Ali, Nasir., Fatima, Kaneez.& Ahmed, Jameel. (2019). Impact of financial inclusion on economic growth in Pakistan. Journal of Managerial Sciences,13(3), 167-174. Retrieved from:

https://www.qurtuba.edu.pk/jms/default_files/JMS/13_3/18.pdf

Andre, Nontobeko Nomfundo. (2019). The impact of financial inclusion on economic growth: The case of selected African countries. (Master ‘s dissertation, The school of economic and business sciences, University of the Witwatersrand). Retrieved from:

https://wiredspace.wits.ac.za/server/api/core/bitstreams/a680ed0f-117d-4075-a69f-04c94e2bd057/content

Babajide, Abiola., Adegboye, Folasade., &Omankhanlen, Alexander. (2015). Financial inclusion and economic growth in Nigeria. International Journal of Economics and Financial, 5(3), 629-637. Retrieved from:

https://dergipark.org.tr/en/pub/ijefi/issue/31970/352165

Burn, Jean Francois. (2021). Financial inclusion and economic growth: Evidence from developing countries. CERDI: Centre d’Études et de Recherches sur le Développement International, 26(4), 1-41. Retrieved from:

https://cerdi.uca.fr/english-version/news/phd-seminar-tarna-silue#/admin

 ChibbaMichael. (2009). Financial Inclusion, Poverty Reduction and the Millennium Development Goals. The European Journal of Development Resesarch, 21(2), 213-230. Retrieved from:

https://link.springer.com/content/pdf/10.1057/ejdr.2008.17.pdf

Mahmoud, Doaa. (2022). Factors affecting the growth of the Egyptian economy. Journal of the advances in agricultural researches (JAAR), 28(1), 16-23. Retrieved from:

https://jalexu.journals.ekb.eg/article_280625.html

Norris, Era Dabla., Townsend, Robert. &Unsal, Filiz. (2015). Identifying constraints to financial inclusion and Their impact on GDP and inequality: A structural framework for policy. International Monetary Fund, 1-49.

https://www.imf.org/en/Publications/WP/Issues/2016/12/31/Identifying-Constraints-to-Financial-Inclusion-and-Their-Impact-on-GDP-and-Inequality-A-42649

Onaolapo, A. R. (2015). Effects of financial inclusion on the economic of Nigeria (1982-2012). International Journal of Business and Management Review, 3(8), 11-28. Retrieved from:

https://www.eajournals.org/wp-content/uploads/Effects-of-Financial-Inclusion-on-the-Economic-Growth-of-Nigeria-1982-2012.pdf

Sayed, Mohamed., Abbas, Nesrin. & Touny, Mahmoud. (2020). The Impact of Financial Inclusion on GDP Growth in Egypt. Scientific Journal for Economic& Commerce, 50(2), 379-400. Retrieved from:

https://www.researchgate.net/publication/345419752_The_Impact_of_Financial_Inclusion_on_GDP_Growth_in_Egypt

Sofi, Zubair Ahmad.& Zamir, Nasir. (2019). The impact of financial inclusion on the economic growth of India: An empirical analysis. Journal of Commerce & Accounting Research, 8(3), 97-102. Retrieved from:

http://www.publishingindia.com/GetBrochure.aspx?query=UERGQnJvY2h1cmVzfC81NTMyLnBkZnwvNTUzMi5wZGY=

Yones, Rasha Foad. (2018). Financial inclusion and economic growth MENA Region. Scientific journal for economic& commerce,48(4), 799-819. Retrieved from:

https://jsec.journals.ekb.eg/article_39515.html

الملحقات

ملحق(1) بيانات المؤشرات الممثلة للشمول المالي والنمو الاقتصادي
DEPOSITE BRANCHES BORROWERS ATM GDP_PER_CAPITA years
2714286 359 325319 258 1398.86 2000
4058804 537 486466 386 1327.097 2001
6069328 803 727436 576 1144.532 2002
9075761 1200 1087771 861 1056.937 2003
13571429 1795 1626598 1288 1016.254 2004
19300000 1859 1951917 1670 1133.105 2005
19000000 1966 193318 2271 1332.339 2006
19600000 2167 2731376 2841 1586.473 2007
20600000 2347 3643602 3465 1941.9 2008
20500000 2466 3805916 4203 2212.218 2009
20400000 2533 4352049 4821 2509.772 2010
20600000 2594 4405484 5258 2645.623 2011
22000000 2619 4528931 5999 3059.135 2012
25500000 2666 6283838 6488 3088.891 2013
26500000 2718 6049674 7290 3196.861 2014
27600000 2805 6247766 8443 3370.382 2015
29000000 2933 6783294 9832 3331.612 2016
42200000 3076 6612612 11309 2315.897 2017
46900000 3212 7617438 12200 2407.087 2018
51700000 4375 8203553 13331 2869.557 2019
53200000 4532 8362204 14918 3398.801 2020
52600000 4643 8243708 19014 3698.835 2021

المصدر: https://data.imf.org/?sk=E5DCAB7E-A5CA-4892-A6EA-598B5463A34C

 

ملحق(2) خصائص المؤشرات الممثلة للشمول المالي والنمو الاقتصادي
DEPOSITE BRANCHES BORROWERS ATM GDP_PER_CAPITA
Mean 25122255 Mean 2463.864 Mean 4364094 Mean 6214.636 Mean 2274.644
Standard Error 3268239 Standard Error 245.136 Standard Error 579968.7 Standard Error 1127.725 Standard Error 192.3451
Median 20600000 Median 2563.5 Median 4378767 Median 5039.5 Median 2361.492
Mode 20600000 Mode #N/A Mode #N/A Mode #N/A Mode #N/A
Standard Deviation 15329402 Standard Deviation 1149.79 Standard Deviation 2720294 Standard Deviation 5289.497 Standard Deviation 902.1786
Sample Variance 2.35E+14 Sample Variance 1322016 Sample Variance 7.4E+12 Sample Variance 27978782 Sample Variance 813926.3
Kurtosis -0.41451 Kurtosis 0.098749 Kurtosis -1.37396 Kurtosis 0.001914 Kurtosis -1.51514
Skewness 0.622947 Skewness 0.111807 Skewness -0.01002 Skewness 0.861851 Skewness -0.04007
Range 50485714 Range 4284 Range 8036885 Range 18756 Range 2682.581
Minimum 2714286 Minimum 359 Minimum 325319 Minimum 258 Minimum 1016.254
Maximum 53200000 Maximum 4643 Maximum 8362204 Maximum 19014 Maximum 3698.835
Sum 5.53E+08 Sum 54205 Sum 96010070 Sum 136722 Sum 50042.17
Count 22 Count 22 Count 22 Count 22 Count 22

 

ملحق (3) اختبار التوزيع الطبيعي للبواقي

 

ملحق (4) تقدير النموذج

 

ملحق (5) مصفوفة العلاقات بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي 

 

 

ملحق (6) معادلة الانحدار

 

ملحق (7) اختبار مشكلة التعدد الخطي
الاختبار الاصلي الاختبار بعد معالجة المشكلة

 

ملحق (8) اختبارات مشكلة عدم تجانس التباين

 

ملحق (9) اختبار مشكلة الارتباط الذاتي 

 

 

ملحق (10) اختبار الحدود

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=90807

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M