العودة للنهج البراجماتي.. أبعاد وحدود المساعي التركية للمصالحة مع إسرائيل

ماري ماهر

 

يبدو أن العلاقات التركية-الإسرائيلية مقبلة على حقبة جديدة أكثر هدوءًا تتلاءم وحالة المصالحات الإقليمية متسارعة الوتيرة التي ميزت العام 2021، بعد مرحلة من التوتر والفتور طبَّعت العلاقات السياسية على مدار الأعوام الماضية. وهو ما انعكس في النبرة التصالحية الهادئة المغلفة برؤية براجماتية لما يجب أن تكون عليه العلاقات الثنائية التي ميزت الخطاب الصادر عن الدوائر السياسية التركية بمختلف مستوياتها خلال الفترة الأخيرة، بعكس الخطابات ذات الطابع الحاد اللاذع والشعارات التي اعتاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودوائره المقربة إصدارها. ويتزامن ذلك مع المبادرة ببعض الخطوات الهادفة إلى إبداء حسن النية وبناء الثقة وتمهيد الأرضية لحلحلة الجمود الذي اعترى العلاقات السياسية منذ عام 2018، بينما ظل الجانب الإسرائيلي متمهلًا وحذرًا في إبداء أي استجابة للتحركات التركية المكثفة.

شواهد كاشفة

وضعت تركيا إسرائيل كأحد مستهدفات مخطط المصالحات الإقليمية الذي انطلق عام 2021 ويتوقع استمراره خلال العام الجاري، ويُمكن بسهولة ملاحظة مؤشرات التقارب واستعراضها على النحو التالي:

• فتح قنوات اتصال دبلوماسية: شهدت الشهور الأخيرة اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى بين المسؤولين السياسيين في البلدين، بدأت باتصال أردوغان بنظيره الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لتهنئته على توليه مهام منصبه، وقد استمرت المكالمة نحو 45 دقيقة، ليتبعها اتصالان هاتفيان على المستوى ذاته لاحقًا، أحدهما في نوفمبر 2021 بعد الإفراج عن زوجين إسرائيليين اعتقُلا بينما كانا يقضيان إجازتهما في تركيا، والثاني خلال يناير 2021 لتعزية هرتسوغ في وفاة والدته.

ويبدو أن أردوغان يعول كثيرًا على الرئيس الإسرائيلي لدفع العلاقات بين البلدين قُدمًا –رغم طبيعة منصبه الشرفي– ويراه محورًا مركزيًا للاتصالات بين البلدين؛ إذ يتطلع إلى زيارة مأمولة من هرتسوغ لأنقرة خلال فبراير المقبل، لم تؤكدها إسرائيل حتى الآن. علاوة على ذلك، هاتف رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أردوغان بعد ساعات على إطلاق سراح الزوجين، واتصل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنظيره الإسرائيلي يائير لبيد خلال هذا الشهر، لأول مرة منذ 13 عامًا، للاطمئنان على صحته عقب ثبوت إصابته بفيروس كورونا.

• تبني خطاب سياسي تصالحي: ترافقت التبادلات الدبلوماسية بسلسلة من التصريحات الودية التي أطلقها أردوغان، مُبديًا غير مرة رغبته في إقامة علاقات أفضل مع تل أبيب ومؤكدًا استمرار المحادثات على المستوى الاستخباراتي بين الجانبين.

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الصربي في 18 يناير الجاري، أكد أردوغان انفتاحه على “إصلاح العلاقات المتوترة بين تركيا وإسرائيل في أعقاب انخفاض الدعم الأمريكي لخط أنابيب غاز البحر المتوسط المثير للجدل”، بحسب وصفه. وقبلها أكد وزير خارجيته جاويش أوغلو، خلال آخر مؤتمر صحفي له عام 2021، أن العلاقات بين الجانبين حيوية لأمن واستقرار المنطقة وستعود قريبًا إلى طبيعتها، كاشفًا أن دولته بادرت بالمشاورات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة وفق نهج واقعي.

• الاجتماع بأعضاء الجالية اليهودية: استقبل أردوغان وفدًا يضم القيادات الاجتماعية والدينية للجالية اليهودية في تركيا، وأمين عام “تحالف حاخامات الدول الإسلامية”، والعديد من حاخامات أوزبكستان وألبانيا وكوسوفو وأذربيجان وقرغيزستان وكازاخستان وروسيا وأوغندا ومصر والإمارات وقبرص التركية وحاخام يهود إيران المقيمين في نيويورك، خلال ديسمبر الماضي في مؤتمر متعدد الأيام. أراد من خلاله خطب ود تل أبيب وواشنطن، واجتذاب دعم اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة للحصول على دعمه في إقناع إدارة بايدن ببيع طائرات مقاتلة من طراز F-16 إلى تركيا بعدما تسبب وقف برنامج المقاتلات F-35 في تقويض قدراتها الدفاعية.

وشهد المؤتمر تصريحات إيجابية أطلقها أردوغان عدّ فيها أن العلاقات التركية-الإسرائيلية حاسمة لاستقرار وأمن المنطقة، متعهدًا بمحاربة “معاداة السامية” على غرار “الإسلاموفوبيا” واصفًا إياها بالجريمة ضد الإنسانية، وهي تصريحات هادفة إلى إظهاره كداعم للأقليات.

• إرسال رسائل إيجابية: اتخذ أردوغان خطوات لإبداء حسن النية للجانب الإسرائيلي تمثلت في تدخله الشخصي للإفراج عن السائحين الإسرائيليين، ناتالي وموردي أوكنين، اللذين اعتُقلا خلال قضائهما إجازتهما في تركيا بتهمة التجسس، واتخاذ البروفيسور يتسحاق شابيرا، نائب رئيس مستشفى “إيخيلوف” تل أبيب، مستشارًا طبيًا له.

محفزات عديدة

أسهمت مجموعة من المتغيرات ذات الأبعاد الداخلية والإقليمية في تحريك المياه الراكدة بين البلدين، وربما دفعت أنقرة للمبادرة بخطوات تصالحية ملموسة، نستعرضها على النحو التالي:

• استكمال سياسة الانفتاح الإقليمي: لا يُمكن قراءة إرهاصات المصالحة التركية الإسرائيلية بمعزل عن خطوات أنقرة الحثيثة لإعادة صياغة سياستها الخارجية عبر التخلي عن النهج التدخل العدواني وتبني خطابات تصالحية وإبداء نوايا حسنة لإصلاح علاقاتها الإشكالية مع القوى الإقليمية الرئيسية كمصر وإسرائيل والسعودية والإمارات؛ بغية كسر عزلتها الجيوسياسية، سواء كان ذلك يتعلق بالجوار الإقليمي أو الشركاء الغربيين، وتقليص الهوة الخلافية للانطلاق نحو آفاق أرحب تشهد بناء وتوسيع المساحات المشتركة، والاندماج في المنظومة الاقتصادية والطاقوية للشرق الأوسط.

• تحولات المشهد الجيوسياسي الإقليمي: مهّدت مشاهد التحولات الدولية والإقليمية الطريق أمام تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية، وبالأخص تلك المتعلقة بالطبيعة المتغيرة لعلاقات إسرائيل مع الدول العربية الناشئة عن توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية أواخر عام 2020، والتي رأتها أنقرة خطوة لتقويض نفوذها الإقليمي وتهميشها ووضعها على المستوي التهديدي نفسه الذي تمثله إيران لدول الخليج، إلى جانب فتحها الباب أمام شراكة إماراتية – إسرائيلية – قبرصية – يونانية بمواجهة التحركات التركية غير المشروعة في شرق المتوسط.

وعليه، تنظر أنقرة إلى التقارب مع إسرائيل كخطوة تمهيدية ضرورية لكسر الاصطفاف المناهض لها في المنطقة، والاندماج ضمن منظومة الطاقة الإقليمية، وربما العمل كبوابة للنفاذ إلى منظمة غاز شرق المتوسط التي تمتلك إسرائيل عضويتها، حيث يسود اعتقاد لدى صناع القرار الأتراك بضرورة تحقيق تطبيع حقيقي مع مصر وإسرائيل لاحتواء علاقاتهما مع اليونان وقبرص. فضلًا عن كون أحد تداعيات الاتفاقيات الإبراهيم هو الانفتاح العربي على إسرائيل وإخراجها من عزلتها الإقليمية، وبالتالي لم تعد تركيا منفذها الوحيد على المنطقة، وهي الزاوية التي حكمت العلاقات الثنائية منذ خمسينيات القرن الماضي.

علاوة على ذلك، رتبت استراتيجية الولايات المتحدة الخاصة بإنهاء الحروب الأبدية وتقليص الانخراط العسكري المباشر في أزمات المنطقة العربية بالتزامن مع صعود النفوذ الروسي والصيني ضغوطًا على الفاعلين الإقليميين للبحث عن شركاء جدد تضمن لهم الاحتفاظ بمساحات حركة والقيام بأدوار قيادية فاعلة.

ولما كانت تركيا لا تمتلك مقومات القيام بدور قيادي في المنطقة العربية؛ لكونها لا تنتمي للمنظومة العربية هوياتيًا ولغويًا وثقافيًا، وتقع جغرافيًا على هامش العالم العربي، ولا تتمتع بمفردها بتراكم عناصر القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والناعمة اللازم توافرها في الدولة القائد، فضلًا عن عدم قبول أطراف المنظومة العربية بأي دور قيادي لها، فإنها لما يعد أمامها خيار سوى التحرك في فلك إحدى القوى الدولية المؤثرة داخل المنطقة.

وهو الخيار الذي يواجه عقبات أيضًا بالنظر للمنحى الهابط في علاقاتها مع الولايات المتحدة، والخطوط الحمراء الروسية للتحركات التركية في ساحات النزاعات، وبالتالي تعتقد أنقرة أن تقاربها مع إسرائيل –الشريك الأقرب للولايات المتحدة في المنطقة– يُمكن أن يخطب ود واشنطن.

• عودة السياسة الخارجية التركية إلى النهج البراجماتي: وجدت تركيا في صعود تيارات الإسلام السياسي إلى سدة الحُكم عقب ما سُمي بثورات الربيع العربي فرصة لإحياء مشروعها الإمبراطوري الاستعماري، وهو ما دفعها إلى التخلي عن النهج البراجماتي الذي حكم سياستها الخارجية طوال العقد الأول من القرن الحالي، لصالح صعود النزعة القومية الشعبوية القائمة على عناصر التاريخ والدين والهوية وشخصنة السياسة الخارجية وتراجع طابعها المؤسسي.

وكان أحد مظاهر ذلك أن نصبت تركيا نفسها مدافعًا وراعيًا للمصالح الفلسطينية وتبنيت خطابًا هجوميًا معاديًا لإسرائيل، إلا أن فشل هذا النهج في تحقيق أي مكاسب جيوسياسية لأنقرة التي وجدت نفسها معزولة إقليميًا بينما اصطفت تل أبيب في تحالفات مع خصومها الإقليميين، دفعها إلى إعادة صياغة سياستها الخارجية وفق منهج مؤسسي براجماتي يُعلى المصالح الوطنية على حساب السرديات القومية.

• التقاء المصالح داخل بعض ساحات الصراع: دفع تداخل وجهات النظر ووجود مساحات من التوافق بشأن بعض الملفات الإقليمية في تهيئة الأرضية لحلحة الجمود ومحاولة إيجاد نمط للتنسيق بشأنها، على غرار حرب ناجورنو قره باغ التي اصطفت خلالها كل من تركيا وإسرائيل إلى جانب أذربيجان، وعمل البلدان بشكل منسق لضمان تحقيق الأخيرة نصرًا عسكريًا على جارتها أرمينيا، إذ جاءت جميع الإمدادات العسكرية الإسرائيلية تقريبًا لباكو عبر الأراضي التركية.

وعقب انتهاء الحرب أبدت القيادة الأذرية استعدادها للوساطة لتطبيع العلاقات بين البلدين؛ فقد أكد وزير الخارجية الأذري جيهون بيراموف في ديسمبر 2020 استعداد بلاده للتوسط بين إسرائيل وتركيا، وفي أبريل 2021، أوضح مساعد الرئيس حكمت حاجييف أن باكو يُمكن أن تستضيف مفاوضات ثلاثية.

وحال طُبعت العلاقات، يُمكن للتنسيق المشترك في جنوب القوقاز أن يخلق فرصًا جيوسياسية لتقويض إيران وموازنة البنية التحتية والتوسع التكنولوجي الصيني هناك. علاوة على ذلك، يتشارك الجانبان الرؤية تجاه بعض القضايا الأخرى المتعلقة باحتواء طموحات إيران الإقليمية، وتقويض الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في سوريا.

تحديات رئيسة

يمتلك البلدان مقومات معقولة يُمكن البناء عليها لاستعادة زخم العلاقات؛ إذ برغم القطيعة السياسية خطا التعاون في الجوانب الاقتصادية والتجارية والسياحية والأمنية والعسكرية خطى ثابتة ومنتظمة؛ فانتعشت التجارة الثنائية خلال السنوات الـ 12 الماضية وتضاعفت من 3.4 مليار دولار عام 2008 إلى 6.8 مليار دولار عام 2020. وفي عام 2019، زار نصف مليون سائح إسرائيلي تركيا، وهو رقم مشابه للرقم المسجل قبل الهجوم الإسرائيلي على سفينة المساعدات التركية “مرمرة” المتجهة إلى غزة عام 2010. وترى إسرائيل العلاقات التجارية عنصرًا مهمًا وركيزة أساسية لاستمرار زخم العلاقات الثنائية خلال مراحل الجمود السياسي.

ومع ذلك، فإن المحفز الأهم لاستعجال الرئيس رجب طيب أردوغان التطبيع السريع للعلاقات مع إسرائيل، كانت تلك الأنباء التي أفادت بسحب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الدعم لمشروع خط أنابيب “إيست ميد” الممتد عبر إسرائيل وقبرص واليونان، والهادف إلى نقل الغاز من المياه الإسرائيلية والقبرصية إلى اليونان ومن ثم شبكة الغاز الأوروبية عبر إيطاليا لأسباب تتعلق بجدواه الاقتصادية وتكاليفه البيئية؛ إذ يعتقد أردوغان أنه يُمثل فرصة واعدة لإحياء المحادثات بشأن جلب غاز المتوسط للأوروبيين عبر تركيا.

إلا أن عقبات سياسية عديدة تقف حائلًا أمام طموحات أنقرة الحالمة، لعلها أبعد بكثير من مجرد عدم استعداد إسرائيل للتضحية بالعلاقات المهمة مع قبرص واليونان التي ترسخت على مدار السنوات الماضية من أجل تطبيع هش مع تركيا، لا سيمَّا في ظل استمرار الشكوك الإسرائيلية بشأن جدية أردوغان بالنظر لتجربة 2016 التطبيعية الفاشلة التي لم تكد تصمد عامين حتى انهارت إثر استدعاء أنقرة سفيرها للتشاور ودعت السفير الإسرائيلي للمغادرة في مايو 2018 على خلفية بعد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ومقتل عشرات الفلسطينيين في اشتباكات على طول الحدود بين غزة وإسرائيل.

وهو ما أكده وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس خلال لقاء جمعه بنظيره اليوناني نيكوس بانايوتوبولوس قبل أيام؛ إذ كرر “التزام إسرائيل بالتعاون الأمني مع اليونان الذي يستند إلى مصالح وقيم مشتركة سيستمر الجانبان في تعميقها وتوسيعها رغم أي سيناريو أو تطور في المنطقة”.

أما العقبة الأكبر، فتتعلق بمسار خط الأنابيب المقترح –وهو  مقترح ليس بالجديد وتفاوض البلدان بشأنه مطولًا لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق نتيجة للخلافات بشأن التحالف الإسرائيلي-القبرصي-اليوناني ومستجدات القضية الفلسطينية– إذ يُمكن له أن يُمر وفقًا لمسارين؛ الأول عبر المياه الاقتصادية لقبرص، والثاني عبر المياه الاقتصادية للبنان ثم سوريا وصولًا إلى تركيا، وكلاهما يصعب وربما يستحيل اتخاذه ممرًا لخط الغاز المزعوم خلال الوقت الراهن، فالأول لن تسمح به نيقوسيا نظرًا للخلافات التركية القبرصية بشأن اخصاصهما البحري وحقوق الطاقة في شرق المتوسط، والثاني سيواجه معارضة لبنانية سورية لاعتبارات الخلافات السياسية والحدودية البحرية بين إسرائيل ولبنان، والمعارضة الروسية لمرور غاز الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر سوريا لا سيمَّا أن هذا الملف يُشكل محددًا رئيسًا للانخراط الروسي في الأزمة السورية.

علاوة على ذلك، تظل تكلفة الخط المقترح مرتفعة وغير مُجدية بالنظر إلى هدف الاتحاد الأوروبي تقليل حصة الغاز في مزيج الطاقة بنسبة 25% بحلول عام 2030 والقضاء عليه بحلول عام 2050، وهو ما يجعل توريد الغاز المسال خيارًا أكثر عملية من خطوط الأنابيب الدائمة.

علاوة على ذلك، تظل التخوفات الإسرائيلية قائمة بشأن جدية أنقرة التصالحية والقرارات المتذبذبة للرئيس التركي، حيث تعتقد تل أبيب إن أردوغان يحاول استخدام إسرائيل لتحسين وضع تركيا الاقتصادي وتعزيز قوتها الإقليمية، وهناك اتجاه داخل إسرائيل -عبرت عنه صحيفة جيروزاليم بوست– مازال يرى أن تركيا تسعى إلى توظيف علاقاتها مع إسرائيل لجني مكاسب جيوسياسية واقتصادية متنوعة، عبر التركيز على القضايا التوافقية وتجاهل مخاوف تل أبيب، بحيث تحصل أنقرة على اعتراف إسرائيلي بمطالبها في المياه الاقتصادية لقبرص وتضمن تدفق الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبرها، بينما تستمر في العمل مع “أعداء إسرائيل” كحركة حماس وحزب الله وإيران.

ويخشى أصحاب هذا التوجه أن يمنحها هذا نفوذًا على إسرائيل لقطع تدفق الغاز في كل مرة تكون هناك توترات مع حماس، وأن توظف أنقرة أرباح الغاز لتعظيم النفوذ التركي في غزة والقدس. وعليه، حافظت إسرائيل على استجابة حذرة ومتحسبة، وما يهمها خلال تلك اللحظة هو مشاهدة إجراءات ملموسة لرفع الدعم التركي عن حركة حماس عبر طرد عناصرها وإغلاق مكتبها، حيث طالب وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد بإغلاق مكاتب حماس في تركيا عقب اعتقال أجهزة الأمن الإسرائيلية خلية تضم 50 عضوًا من الحركة في الضفة الغربية تعمل مباشرة من إسطنبول.

ختامًا، لاتزال العلاقات التركية-الإسرائيلية تراوح مرحلة بناء الثقة واستكشاف المساحات الرمادية بين التصريحات الدعائية والسياسة الفعلية للرئيس التركي، وهو ما يخلق أهمية كبيرة لزيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ -إذا ما تمت خلال فبراير المقبل- فرغم عدم تعليق مكتب الأخير على تصريحات أردوغان بشأن الزيارة المزعومة إلا أن مصادر دبلوماسية إسرائيلية تُفيد بوجود اتصالات بين مكتبي رئيسي البلدين لبحث إمكانية إتمامها، والتي إذا حدثت ستحمل دلالات كبيرة لمستقبل عودة العلاقات الثنائية إلى وضعها الطبيعي لا سيمَّا أنها ستكون الأولى لرئيس إسرائيلي يزور تركيا منذ شيمون بيريز عام 2007، والأولى أيضًا لمسؤول إسرائيلي رفيع منذ زيارة وزير الطاقة الأسبق يوفال شتاينتس عام 2017 لحضور مؤتمر البترول العالمي الثاني والعشرين في إسطنبول، وربما تمهد الطريق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء، وهي خطوة بسيطة نسبيًا لكن مهمة يُمكن أن تسمح للبلدين بإطلاق حوار استراتيجي حول بعض القضايا الإقليمية كإيران وسوريا.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/66952/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M