المرأة العربية بين فكي الهيمنة الذكورية والتدين

مؤلف جماعي شارك فيه مجموعة من الباحثين المميزين‬‎ ضمن مبادرة دعم الشباب الباحثيين لتأليف كتب جماعية برعاية المركز الديمقراطي العربي  ألمانيا – برلين

 

نسخة “pdf”-

المرأة العربية بين فكي الهيمنة الذكورية والتدين

الطبعة الأولى “2019″ –من  كتاب: المرأة العربية بين فكي الهيمنة الذكورية والتدين

جميع حقوق الطبع محفوظة: للمركز الديمقراطي العربي ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو اي جزء منه أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق خطي من الناشر .

مقدمة:

يعتبر الجسد في الدراسات السوسيولوجية والانثروبولوجية موضوعا هاما ومركزيا لتصوّر بُنيوي للفعل الاجتماعي داخل المجتمعات، خاصة في علم الاجتماع الغربي الذي أعطى أهميّة بالغة لسوسيولوجيا وأنثروبولوجيا الجسد، حتى يتمكّن من قراءة جيدة وعلميّة لكل المتغيّرات المحيطة به، فالجسد يؤثر ويتأثر حيث الجسد مادة الهوية في المستوى الفردي والجماعي، والفضاء الذي يمنح نفسه للنظر والقراءة وتقدير الآخرين، فبفضله نحن مُعيّنون مُعترفٌ بنا ومحدودون بانتماء اجتماعي، بجنس، وبسن، وبلون الجلد، وبخصلة فريدة في الإغراء، يرافق الجلد الجسد ويقيم حدود الذّات بين الخارج والداخل بشكل حي، إنه مسامي لأنّه منفتح على العالم وذاكرة حية، لأنّه يلف الشّخص ويجسده من خلال تمييزه عن الآخرين، ويربطه بهم، بحسب العلامات المستعملة.

فالحسد ليست آلة ولا قالبا فيزيائيا فقط، بل هو حمولة تراكيب نفسيّة واجتماعيّة وتاريخية مترابطة تصنعه وتصنع محيطه في عمليّة معقّدة من الاتفاقات الرّمزية التي تكلّم عنها مارسيل موس Marcel Mausse، تلك الاتفاقات الضمنيّة الواضحة والسّرية جدا خاصة حينما يتعلّق الأمر بالجسد الأنثوي الذي شكّل في التاريخ البشري إشكالا اجتماعيا وثقافيا، ولا يزال يُشكّل الحدث.

إنّ محاولة الذّكر امتلاك جسد الأنثى والاستحواذ عليه، والتحكّم فيه وفي إرادته من خلال مفهوم الهيمنة الذّكورية التي ألزم بها المجتمع لقرون، ومن خلال العنف الرمزي ذلك العنف الغير فيزيائي الذي يُمارس بطريقة لاواعية وينخرط فيه الأفراد بطريقة لاواعية أيضا، ويقبلونه، هذا النوع من العنف ما زال يُمارس المجتمع من خلال رسم حدود جسد المرأة وتفاصيله ولباسها وحجمها ونومها ووجود جسدها في الفضاءات العموميّة والخاصة، بالشكل الذي يراه الذّكور مناسبا، بمساعدة الكثير من المتغيّرات كالعادات والتقاليد والمواريث الاجتماعيّة والثقافيّة، واتخاذ الدّين كذريعة للسيطرة على جسدها وامتلاكه، فتبقى الأجساد الأُنثويّة محنّطة بقائمة من اللّوائح والقوانين والأعراف وأشكال من التديّن لا يمكن الخروج من سجنها، هذا السّجن الذي تُحاول عبثا تلك الدّراسات السوسيولوجيّة والانثروبولوجية معرفة آلياته ومفاتيحه، ومعرفة الترسانة الفولاذيّة التي تُحيط به وبذلك الجسد.

إن هيمنة الذكور على أجساد الإناث بمساعدة المتغيّرات سالفة الذّكر، جعلا جسدها حقلا للإملاءات غير المُبررة إلا من خلال أنّ الثقة في جسد الأُنثى مفقودة تماما عكس جسد الذّكر، فالمرأة هي التي يجب أن تُحافظ على شرف الأسرة في هذه المجتمعات، والشرف يرتبط بجسدها دون جسد الرجل الذي يُمارس الطّقوس الجسديّة بأكثر حُرّية لأنه تعرّض لتنشئة اجتماعيّة تضعه في الريادة دون غيره.

بالقابل ترى بعض المقاربات التي دخلت عمق التحليل السوسيولوجي بأنّ الظّاهر أن الهيمنة الذكورية للرجال هي التي تسيطر على الحياة الاجتماعيّة وتتخذ القرارات ، بينما الباطن المشرّح بهذه المقاربات يقول أن الهيمنة الذّكورية مجرّد زينة خضار على الطّعام، حيث أنّ المرأة تكيّفت مع الهمينة الذّكورية فأعطت للذّكر تلك السلطة والهيمنة التي يبحث عنها وخضعت لها، لكنها على هامش ذلك استحوذت على أهم القرارات الأسريّة، فالقرارات المصيريّة يتخذها النسوة دون مشورة الرجال الذين دخوا في عقد ضمني ورمزي معهن.

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=62807

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M