تركيا واليونان: تخفيض التوتر بوصفهِ جسراً لتحسين العلاقات مع واشنطن

  • تحاول اليونان شراء الوقت والتهدئة مع تركيا إلى حين استكمال تعاونها العسكري الكبير مع واشنطن وفرنسا، من خلال شراء طائرات متطورة وحديثة وإنشاء قواعد عسكرية أمريكية جديدة في الجزر اليونانية.
  • محاولات تركيا تحسين العلاقات مع اليونان تتجاوز هدف تهدئة التوتر بين البلدين إلى استخدام أثينا جسراً لتحسين العلاقات مع الناتو وواشنطن تحديداً، وإثبات أن علاقاتها مع روسيا لا تعني خروج تركيا عن السرب الغربي.
  • لم تُحقق زيارة أردوغان لأثينا في 7 ديسمبر الماضي أي اختراق في ملفات الخلاف الأساسية – بحر إيجة وقبرص – لكنها ساعدت على تهدئة التوتر وعودة الحوار الدبلوماسي لمصلحة البلدين.

 

منذ أن بدأت أنقرة في تغيير سياساتها الخارجية والتخلّي عن سياسة الانعزال في المنطقة إلى الانفتاح على دول الجوار وتحسين العلاقات معها، واجهت صعوبة في تحقيق أهداف هذه السياسة مع كلٍّ من إسرائيل واليونان تحديداً. وكان الهدف الأساسي من هذه الاستدارة في السياسة الخارجية الوضع الاقتصادي الصعب الذي دخلت فيه تركيا، وكذلك تراجُع دورها وتأثيرها في شرق المتوسط لصالح اليونان، بالإضافة إلى تحسين العلاقات المتوترة مع واشنطن التي تتحكم في دعم قطاع الصناعات العسكرية التركية، وكذلك إعطاء الضوء الأخضر للمؤسسات الدولية المالية والخاصة من أجل دعم الاقتصاد التركي.

 

وحدثت الانتكاسة في العلاقات مع تل أبيب بسبب حرب غزة، ومع اليونان بدأت الأمور مشجعة لولا استمرار الدعم العسكري القوي الأمريكي والفرنسي لليونان، واستخدام رئيس الوزراء اليوناني الخلاف مع تركيا جزءاً من حملته الانتخابية الأخيرة. وبالتالي فإن محاولات تركيا تحسين العلاقات مع اليونان تتجاوز هدف تهدئة التوتر بين البلدين إلى استخدام اليونان كجسر لتحسين العلاقات مع الناتو وواشنطن تحديداً. وباتت الحاجة التركية إلى هذه الخطوة – تحسين العلاقات مع اليونان – أهم وأكثر إلحاحاً مع خسارة تركيا علاقاتها مع إسرائيل -بسبب حرب غزة – بينما كانت أنقرة تراهن على تقوية موقعها في شرق المتوسط من خلال المصالحة مع مصر وإسرائيل ودفعهما إلى إقناع اليونان بضم تركيا إلى مشاريع النفط والغاز في شرق المتوسط. ومن هنا تأتي أهمية متابعة تطور العلاقات التركية اليونانية من أجل استكشاف مستقبل نجاح تركيا في تصحيح وتحسين علاقاتها مع الناتو والغرب عموماً.

 

زيارة أردوغان لأثينا 

أثارت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أثينا في 7 ديسمبر 2023 السؤال حول ما إذا كانت العلاقات بين البلدين ستنتقل إلى فتح صفحة جديدة أم ستستأنف من حيث توقفت. فعلى الرغم من أن أردوغان تحدث عن “صفحة جديدة” في مقابلة مع صحيفة يونانية قبل زيارته إلى اليونان، إلا أنه لا يمكن القول -عملياً- إن هذه الزيارة فتحت صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، إلا إذا أدت إلى نتائج تعالج المشكلات الأساسية والمتجذرة بينهما. ولم يشر إعلان أثينا الصادر في نهاية هذه الزيارة إلى الخلافات الحدودية البحرية في بحر إيجة أو مسائل خلاف قديمة مثل قبرص. وذكرت الوثيقة فقط أن الأطراف ستُبقي قنوات الحوار السياسي مفتوحة بشأن “القضايا ذات الاهتمام المشترك”، مع استئناف “المفاوضات الاستكشافية/الاستشارية”. كما أن مجلس التعاون التركي اليوناني رفيع المستوى الذي عقد خلال زيارة أردوغان إلى أثينا، استأنف نشاطه ولقاءاته بعد سبع سنوات من التوقف، حيث كان آخر اجتماع دوري له عقد آخر مرة في إزمير في 8 مارس 2016. وبناءً عليه يمكن القول إن زيارة أردوغان إلى أثينا تمثل محاولة جديدة، ومتكررة بين البلدين، من أجل تخفيف التوتر الذي يتصاعد من وقت لآخر بين الحكومتين، دون الوصول إلى حافة الحرب، أو التمكن من حل المشكلات الأساسية القديمة والعالقة.

 

تحالف الأعداء داخل الناتو 

على الرغم من العداء التاريخي بين تركيا واليونان، هناك تخادُم سياسي غير ظاهر يحدث بين الحكومتين من وقت لآخر، حيث تستغل كل حكومة العداء مع الأخرى خلال حملاتها الانتخابية، كما تُمرر كل حكومة منهما رسائلها المهمة إلى حلف الناتو وقيادته الأمريكية من خلال رفع وتيرة التوتر أو خفضها. ومع تعزيز الولايات المتحدة في السنوات الخمس الأخيرة علاقاتها العسكرية مع أثينا، تتجه أنقرة إلى ما يشبه التحالف الاستراتيجي مع لندن التي خرجت من الاتحاد الأوروبي.

 

وأسست تركيا واليونان هويتهما الوطنية على أساس المعارضة القومية والدينية لبعضهما. وأدى هذا إلى تاريخ طويل من التوتر والخلاف بين البلدين. فبالإضافة إلى الخلاف الأكبر بينهما حول القضية القبرصية، فإن الخلاف أو الصراع الأهم والأخطر كان دائماً على الحدود البحرية في بحر إيجة وملكية مئات الجزر الصغيرة المنتشرة فيه. ففي عام 1976، هدَّدت تركيا بالحرب على اليونان إذا حاولت الأخيرة تمديد مياهها الإقليمية إلى 12 ميلاً بحرياً. وفي عام 1987، عاش البلدان أزمة جديدة حين قررت اليونان إجراء مسح للنفط حول جزيرة طاشوز(Thasos) المثيرة للجدل. وفي عام 1996، كادت الحرب أن تنشب بين البلدين بسبب خلاف حول ملكية جزيرة كارداك التي لا تكاد ترى على الخريطة من صغر مساحتها. وقد حُلَّت جميع هذه الأزمات من خلال الدبلوماسية بفضل تدخلات وجهود الوساطة من قبل الولايات المتحدة.

 

وابتداءً من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تحوَّل تركيز الخلافات الأساسية بين البلدين من بحر إيجة إلى قضية قبرص، خصوصاً بعد أن تراجَع الاتحاد الأوروبي عن وعوده بعدم ضم قبرص إلى الاتحاد وقرر ضمها في قمته عام 2004، على الرغم من تصويت القبارصة الأتراك حينها لصالح مقترح الحل الأممي الذي طرحه أمين عام الأمم المتحدة الراحل كوفي عنان. بعد ذلك تسببت اتفاقيات جنوب قبرص مع الدول المجاورة لتحديد مناطق اقتصادية حصرية وترسيمها للحدود البحرية في رد فعل سلبي من تركيا. ومع ذلك، فقد ساعدت آمال تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي -حينها- في منع نمو الخلافات، مع تمني أن تنتهي الخلافات الحدودية بين البلدين نهائياً في حال انضمت تركيا إلى الاتحاد.

 

أعلام الدول الأعضاء في حلف الناتو ترفرف أمام مقره بالعاصمة البلجيكية بروكسل، خلال احتفال خاص بضم فنلندا للحلف، 4 أبريل 2023 (نورفوتو عبر وكالة فرانس برس)

 

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدى اكتشاف موارد الهيدروكربون في شرق البحر المتوسط إلى إضافة بعد جديد للخلافات. فقد أدى إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط من قبل اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل وإيطاليا والأردن إلى استبعاد تركيا من المنتدى، أثناء تراجع علاقات تركيا مع جوارها بسبب دعمها لما عرف “بالربيع العربي”. وقد ردت تركيا على هذه الخطوة بتوقيع اتفاق مع حكومة طرابلس في ليبيا لتحديد الحدود البحرية في البحر المتوسط بشكل مثير للجدل أدى إلى تفاقم الخلافات.

 

وفي هذه الفترة، فقدت تركيا آفاقها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتحوّلت الولايات المتحدة إلى طرف في النزاع -بعد أن كانت وسيطاً- من خلال شركاتها العاملة في مجال الطاقة التي بدأت في العمل في شرق المتوسط.

 

وفي المقابل أدى سعي تركيا إلى اتباع سياسة خارجية “مستقلة” بعد المحاولة الانقلابية عام 2016 وتقاربها أكثر مع موسكو إلى تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة. فقد اشترت تركيا صواريخ S-400 من روسيا في عام 2017، على الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة. وأدى ذلك إلى استبعاد تركيا من برنامج تصنيع مقاتلات F-35، وفرض عقوبات أمريكية علنية وسرية على قطاع الدفاع التركي.

 

وأبدت تركيا انزعاجها من تقارب الولايات المتحدة مع اليونان باعتبارها “البديل” لتركيا التي لم تشارك في سياسة الولايات المتحدة لتطويق روسيا. كما أدى الوجود العسكري الأمريكي في الجزر اليونانية التي يجب أن تكون خالية من الأسلحة بموجب المعاهدات الدولية إلى زيادة التوتر بين أنقرة وأثينا، وقد حاولت أثينا استخدام التقارب الأمريكي خلال هذه الفترة لتحقيق مكاسب في القضايا الخلافية مع تركيا.

 

ومع ذلك، فقد بدأت السياسة الخارجية التركية في التحول مرة أخرى منذ عام 2020، بعد أن فقدت الأمل في سياساتها السابقة المعادية للجوار وأيقنت أن سياسة العزلة التي اتبعتها بدأت تصب بقوة في صالح اليونان، وعليه بدأت أنقرة في إصلاح العلاقات مع دول الجوار في ظل الأزمة الاقتصادية. وقد تراجعت أنقرة عن ادعائها بأن تكون الدولة المركزية في المنطقة.

 

وساعدت الاتفاقيات الإبراهيمية، التي أبرمت في ذلك الوقت، إسرائيل على الانفتاح على تركيا وتطوير علاقات جيدة معهاكما ساهمت زيادة النفوذ الإيراني في سورية في ظل تراجع الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط في تقريب أنقرة وتل أبيب، وقد سهّل موقف البلدين الموحد من النزاع بين أرمينيا وأذربيجان عملية التقارب بينهما. كما بدأت تركيا في ترميم علاقاتها مع دولة الإمارات والسعودية ومصر والشرق الليبي.

 

ولم تستثنِ تركيا أثينا من هذا التغيير في سياساتها الخارجية وبدأت تسعى لعلاقات أفضل مع اليونان، وخلال زيارة رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكس لإسطنبول في 13 مارس 2022، اُستقبِل بترحاب كبير، واتفق الزعيمان التركي أردوغان واليوناني متسوتاكس خلال الزيارة على “تحسين العلاقات وعدم السماح لطرف ثالث بالتدخل فيها”. لكن بعد هذه الزيارة بشهرين قام متسوتاكس بزيارة مهمة لواشنطن، وهناك انتقد سياسات تركيا خلال كلمة له في الكونغرس الأمريكي، وسعى من خلال اللوبي اليوناني هناك إلى عرقلة صفقة بيع واشنطن لتركيا طائرات إف16 محدثة. وكان رد فعل الرئيس أردوغان على ذلك بتصريحات قوية انتقد فيها متسوتاكس وقال إنه لن يتعامل معه مرة أخرى. وعليه فإن مساعي أنقرة لتحسين العلاقات مع اليونان تعرضت إلى كبوة مهمة.

 

ومع بداية العام 2023، وخلال تعرض تركيا لزلزال كهرمان مرعش المدمر، غلبت دعوات البلدين إلى ترك الخلافات جانباً والتعاون في هذه الازمة الإنسانية، وأرسلت اليونان فرقاً للإنقاذ إلى تركيا، وردت تركيا بنفس التصرف في أزمة حادث القطار الكبيرة في اليونان بعدها بأسابيع. وخلال اجتماع دولي في بروكسل في مارس الماضي لجمع المساعدات والتبرعات لمساعدة تركيا على إعادة الإعمار بعد الزلزال، التقى وزيرا خارجية البلدين على هامش الاجتماع وبحثا تحسين العلاقات مجدداً بينهما. ونتج عن هذا اللقاء بوادر للتعاون بين البلدين في المحافل الدولية، حيث دعمت تركيا ترشح اليونان لعضوية مجلس الأمن في 2024-2025 ، كما دعمت اليونان تركيا لتولي رئاسة الأمانة العامة لمنظمة الملاحة العالمية. وتابع بعد ذلك مسؤولو وزارتي الخارجية بين البلدين اللقاءات بينهما، من أجل ترتيب زيارة أردوغان في ديسمبر 2023 إلى أثينا.

 

وخلال عام 2023، بذلت ألمانيا جهوداً من أجل تحسين العلاقات بين أنقرة وأثينا، بوصفها وسيطاً بديلاً عن واشنطن التي اعتادت أداء هذا الدور سابقاً، وساعدت هذه الجهود على ترتيب لقاء سريع بين أردوغان ومتسوتاكس على هامش قمة الناتو في يوليو الماضي. كل هذه الجهود والتطورات ساعدت على تحقيق زيارة أردوغان لأثينا في 7 ديسمبر الماضي، واستئناف الاجتماعات الاستشارية التي تهدف إلى حل الخلافات بين البلدين من جديد، علماً أن هذه الاجتماعات عقدت 64 مرة حتى الآن دون الخروج بأي نتائج مهمة.

 

الدور الأمريكي في ضبط إيقاع العلاقات التركية اليونانية

كانت واشنطن تتدخل دائماً بوصفها وسيطاً من أجل تهدئة التوترات بين أنقرة وأثينا خلال العقود السابقة، لكن مع توتر علاقات تركيا مع واشنطن بعد شرائها صواريخ إس400 الروسية، بدأ هذا الدور الأمريكي في التراجع، خصوصاً مع زيادة واشنطن دعمها لقوات سورية الديمقراطية الكردية في سورية عسكرياً، وهو التنظيم الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً وذراعاً لحزب العمال الكردستاني. وتخلت واشنطن تدريجياً عن أداء دور الوسيط من خلال تعزيز دعمها العسكري لليونان فيما بدا استعداداً أمريكياً لاستخدام اليونان قاعدةً عسكرية بديلة عن تركيا في شرق المتوسط.

 

وحاولت أنقرة استخدام ورقة انضمام السويد إلى الناتو للضغط على واشنطن من أجل وقف دعمها لقوات سورية الديمقراطية أولاً، ثم من أجل إنفاذ صفقة شراء تركيا طائرات إف16 المحدثة، لكن واشنطن تجاهلت مطالب تركيا فيما يخص قوات سورية الديمقراطية واستمرت في دعمها، وبدأت تقايض تركيا على شراء طائرات إف16 الأمريكية مقابل موافقة تركيا على انضمام السويد للحلف. كما أن الدور الوسط الذي أدته تركيا في حرب روسيا على أوكرانيا، من خلال تزويد أوكرانيا بالمسيرات، لكن دون فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، لم يسهم في تحسين علاقات تركيا بالناتو كما كانت تتوقع أنقرة.

 

وفي اتصال هاتفي بين الرئيسين الأمريكي والتركي في ديسمبر الماضي قال أردوغان إنه حصل على وعد من بايدن بالضغط لتمرير صفقة إف16 من الكونغرس فور مصادقة البرلمان التركي على انضمام السويد إلى الناتو. لكن أنقرة التي تشك في تنفيذ بايدن وعده هذا بسبب قرب الانتخابات الأميركية، سعت إلى طلب مطالب إضافية تتمثل في رفع أي حظر تسليح لها من قبل دول الناتو، وخصوصاً فيما يتعلق بقطع الغيار للصناعات العسكرية التركية المحلية. وبما أن تركيا لا تستطيع استعادة ثقة الناتو الكاملة بها من خلال تغيير موقفها من موسكو في الحرب على أوكرانيا بسبب امتلاك موسكو أوراق ضغط قوية ضد أنقرة (ديون روسية مؤجلة والوضع في سورية)، فإن تركيا أيقنت بأن تحسين العلاقات مع اليونان، وتقديم طلب المصادقة على عضوية السويد في الناتو قد يكون بوابة مناسبة من أجل طمأنة الناتو بأن تركيا حليف يمكن الوثوق به والعودة إلى تسليحه من جديد، خصوصاً بعد التصريحات القوية للرئيس أردوغان ضد الحكومة الإسرائيلية بسبب حرب غزة.

 

رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يجريان مباحثات في أثينا، في 20 فبراير 2023 (فرانس برس) 

 

إعلان أثينا 

وقعت تركيا واليونان في 7 ديسمبر 2023 خلال زيارة أردوغان لأثينا بيان أثينا حول العلاقات الودية والجوار الجيد. هذا البيان مهم لأنه يحث صانعي القرار في البلدين على فتح قنوات الاتصال على الرغم من وجود واستمرار الخلاف. وجاءت العناصر الأساسية للبيان كالآتي:

 

  1. إجراء مشاورات بناءة وذات مغزى بين الجانبين.
  2. الامتناع عن أي تصريحات أو مبادرات أو إجراءات من شأنها تعريض مبادرة بيان أثينا للخطر.
  3. حل أي نزاع بطريقة ودية، إما عن طريق المشاورات المباشرة أو عبر طرق أخرى محددة بشكل مشترك، بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

 

كما وُقِّعَت خلال الزيارة عددٌ من الاتفاقيات أهمها:

  • زيادة حجم التجارة السنوية بين البلدين من 5 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار.
  • اتخاذ تدابير بناء الثقة بين الطرفين.
  • التعاون في مجالات السياحة والطاقة والتكنولوجيا والعلوم والبيئة وغيرها من المجالات التي يمكن أن تسهم في أجندة إيجابية بين البلدين.

 

وقدمت اليونان أيضاً تسهيلات للمواطنين الأتراك في الحصول على تأشيرة لمدة 7 أيام للسفر إلى 10 جزر يونانية. واُستُقبِلَت هذه الخطوة بحفاوة في وسائل الإعلام التركية. كما تم الاتفاق على مواصلة اجتماعات “جدول الأعمال الإيجابي” في إطار “خطة العمل المشتركة المطورة”. وستغطي هذه الاجتماعات خطوات موجهة نحو المصلحة المشتركة في مجالات التجارة والاقتصاد والسياحة والنقل والطاقة والابتكار والتكنولوجيا والعلوم والزراعة والبيئة والضمان الاجتماعي والصحة والشباب والتعليم والرياضة وغيرها من المجالات التي ستُحدَّد بشكل مشترك.

 

وبالتالي، فإنه يُفهم من هذه الاتفاقات، وهذا الإعلان، أنه لم يتم التوصل إلى أي حل للقضايا الخلافية الأساسية، لكن الهدف كان الابتعاد عن أي توتر واحتوائه مبكراً من أجل إعطاء فرصة للحوار الهادئ والبناء، وهو ما كانت تسعى إليه أنقرة أساساً، من أجل إعطاء صورة إيجابية لها لدى الغرب والناتو، وكذلك تحفيز الاتحاد الأوروبي على تحسين علاقاته مع تركيا، خصوصاً فيما يتعلق بتحديث اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.

 

استنتاجات 

من مصلحة أثينا شراء الوقت والتهدئة مع تركيا إلى حين استكمال تعاونها العسكري الكبير مع واشنطن وفرنسا من خلال شراء طائرات متطورة وحديثة وإنشاء قواعد عسكرية أمريكية جديدة في الجزر اليونانية. في المقابل، فإن تركيا يهمّها إرسال رسائل إيجابية إلى الناتو والغرب من خلال المصالحة مع اليونان، من أجل إقناع واشنطن بأن أنقرة عضو حليف مهم في الناتو، وأن علاقاتها مع روسيا أو اعتراضها على انضمام السويد للحلف – مقابل شروط – لا يعني خروج تركيا عن السرب الغربي، هذا بالإضافة إلى حاجة تركيا إلى الدعم المالي من الغرب من أجل إنقاذ وضعها الاقتصادي، الذي يتطلب منها خفض التوتر مع الجيران إلى أقصى درجة، بالإضافة إلى تحسين وضع تركيا التفاوضي في ملفات الطاقة في شرق المتوسط.

 

ولم تُحقق زيارة أردوغان لأثينا في 7 ديسمبر الماضي أي اختراق في ملفات الخلاف الأساسية – بحر إيجة وقبرص – لكنها ساعدت على تهدئة التوتر وعودة الحوار الدبلوماسي لمصلحة البلدين، دون أن يعني ذلك أن العلاقات بين البلدين غير مرشحة لتوتر جديد مستقبلاً مع بقاء الخلافات الأساسية قائمة، وكذلك احتمال استغلال فرنسا – التي توترت علاقاتها مع أنقرة بسبب سياسات تركيا الأخيرة في غرب أفريقيا – لملف الخلافات التركية اليونانية من أجل تفجير هذا الخلاف من جديد من خلال زيادة دعمها العسكري لليونان مستقبلاً.

 

المصدر : https://epc.ae/ar/details/featured/turkia-wa-lyunan-takhfid-altawatur-bwsfh-jsraan-litahsin-alalaqat-mae-washintun

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M