كيف يمكنك تطوير مهارة الاستماع الفعّال؟

على الرغم من الاعتقاد في بساطة مهارة الاستماع وقيمتها، وتجاهل البعض لمحاولة تطويرها، فإنّها إحدى أهم المهارات التي يحتاج إليها الإنسان لحياته الشخصية والعملية، ودورها فعّال ومهم جدًا للنجاح. يمكنك العمل على اكتساب وإجادة مهارة الاستماع الفعّال، وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال.

10 مبادئ للاستماع الفعال

من أهم الأشياء التي تحتاج إلى معرفتها بشأن مهارة الاستماع هي المبادئ الخاصة بالاستماع الفعّال. ستساعدك معرفة هذه المبادئ على تحسين مهارة الاستماع، والتعامل مع الأمور بطريقة أفضل من المعتاد. أهم 10 مبادئ في مهارة الاستماع هي التالية:

1- توقف عن الكلام: كما قال مارك توين: “إذا كان من المفترض أن نتحدث أكثر مما نستمع، لكان لدينا لسانان وأذن واحدة”، في الإشارة لقيمة مهارة الاستماع وأنّها الشيء الأساسي لا الكلام دائمًا. لذا المبدأ الأول في مهارة الاستماع الفعال هو التوقف عن الحديث، والتركيز بدلًا من ذلك على الاستماع للآخرين، وعدم مقاطعتهم، ومنحهم الفرصة لإنهاء حديثهم.

2- جهّز نفسك للاستماع: هناك فارق حقيقي بين السمع والاستماع، إذ يشير الاستماع إلى التركيز الفعلي على الكلام الذي يُقال لك. حتى تقدر على زيادة مهارة الاستماع، فأنت بحاجة إلى الاستعداد للاستماع، والتخلص من الأشياء التي تشتت ذهنك.

3- ركّز على المستمع: ساعد المستمع على الحديث، وأن يشعر بالحرية الكاملة في قول ما يريده. ضع احتياجاته في ذهنك، واستخدام الكلمات التحفيزية التي تشجعه على المتابعة.

4- إزالة المشتتات: من أهم الأشياء التي تمكنك من تحسين مهارة الاستماع هي أن تتخلص من المشتتات، وألّا تترك أي شيء ليؤثر عليك سلبًا دون وضعه في الحسبان. لذا، تأكد من تعطيل الأوامر التي قد تمنع الاستماع الفعّال، مثل صوت الهاتف أو غيره.

5- التعاطف: ركّز على رؤية الأمور من وجهة نظر الشخص الآخر، بدلًا من تكوين أفكار مسبقة عن موضوع الحديث. كن منفتحًا للاستماع لجميع وجهات النظر، حتى إذا كان هناك شيء لا توافق عليه، لكن انتظر حتى ينتهي من الحديث.

6- تحلَّ بالصبر: كن صبورًا في أثناء الاستماع إلى الشخص الآخر، واسعَ إلى الاستفادة من مهارة الاستماع في الانتظار حتى ينتهي من الحديث. لا تحاول مقاطعته، وانتظر حتى تتأكد من انتهائه من الحديث، ثم بعد ذلك الرد.

7- تجنب التحيز الشخصي: من المهم في استخدام مهارة الاستماع أن تضع عاداتك وأفكارك جانبًا، وأن تتجنب التأثر بعادات وسلوكيات الشخص. مثلًا هناك شخص يحب الحديث بسرعة، آخر يفضل البطء. أيًا يكن تفضيلك، فيجب ألّا تترك هذا الأمر ليتحكم في رد فعلك، بل تعامل مع المحتوى بعيدًا عن أي مدخلات أخرى.

8- استمع جيدًا إلى نغمة الصوت: من المهم الانتباه جيدًا إلى نغمة الصوت في الحديث، فقد تعني أحيانًا شيئًا مهمًا لدى الطرف الآخر. على سبيل المثال قد يكون الشخص غاضبًا، أو يشعر بالحزن، أو غيره. بالتالي فهم اللهجة ونغمة الصوت، سيساعدك على تقديم الرد المناسب للموقف.

9- الاستماع إلى الأفكار لا الكلمات فقط: من المهم في مهارة الاستماع أن تقدر على ما فهم ما وراء الكلمات، حتى يمكنك تكوين صورة كاملة عن الموضوع، لا فقط أجزاء منفصلة. لذا، ركّز على محاولة معرفة الأفكار والهدف من الكلمات، من خلال ربطها معًا لفهم المعاني المقصودة منها، وهذا يؤدي إلى فهم المقصد بأفضل صورة ممكنة.

10- الانتباه إلى التواصل غير اللفظي: على الرغم من ارتباط مهارة الاستماع مع الحديث بدرجة أساسية، إلّا أنّ التواصل غير اللفظي يلعب دورًا في وصول المعنى، مثلًا الإيماءات وتعبيرات الوجه وحركات العين. عندما تنتبه لها جيدًا، ستقدر على فهم المقصد بطريقة أفضل عن المعتاد.

5 جوانب أساسية في مهارة الاستماع

توضّح مبادئ الاستماع الفعّال بعض التفاصيل المهمة في عملية الاستماع، والتي يمكننا من خلالها تعريف أهم الجوانب الأساسية في مهارة الاستماع، التي تتكون من 5 جوانب رئيسة:

1- الانتباه الجيد: يعتمد الجزء الأول من مهارة الاستماع على الانتباه الجيد. يشمل ذلك الانتباه إلى أسلوب وطريقة حديث الطرف الآخر، وكذلك الاستعداد العقلي لديك، من خلال الانتباه لمحتوى الكلام، مع الاهتمام بردود أفعالك ولغة الجسد الخاصة بك.

2- الامتناع عن إصدار الأحكام: تحتاج مهارة الاستماع الفعّال إلى العقل المنفتح دائمًا، الذي يمكنه تقبل الأفكار الجديدة، ووجهات النظر مهما بدت غريبة وغير مألوفة. حتى إذا كانت لديك آراء قوية، فتجنب الانتقاد أو الجدال، بل اهتم بالاستماع جيدًا إلى ما يُقال.

3- التأمل في الأفكار: في كل شيء يُقال، بالتأكيد هناك كلمات وأفكار ومشاعر. لذا، من خلال التأمل في الأفكار والمحتوى الذي تستمتع له، سيكون بإمكانك تكوين صورة كاملة حول الأمر. مثلًا عندما يخبرك الطرف الآخر: “لقد سئمت من كوني الشخص الذي يفعل كل شيء لإنقاذ الفريق في اللحظات الأخيرة”، فهذا يساعدك في فهم شعوره بالإحباط، رغم أنّه لو استبدل لفظ “سئمت” بلفظ “أفتخر بكوني”، فهذا يجعلك تفهم أنّه يشعر بالفخر.

4- التوضيح: من أهم جوانب مهارة الاستماع هو الحرص على فهم كل شيء وفقًا لمقصد المتحدث. لذا، عندما تشعر أنّك الكلمات غير واضحة بالنسبة لك، أو لا تقدر على فهم المقصد منها بوضوح، في هذه الحالة يمكنك توجيه سؤال مباشر إلى المتحدث مثل: “لم أفهم بالضبط ماذا تقصد من هذا”، أو للتأكد من الفهم الصحيح، فيمكنك عرض ذلك بسؤال: “لقد فهمت من حديثك أنك تقصد كذا، هل هذا صحيح؟”، بالتالي تتأكد من قدرتك على الاستماع الجيد.

5- التلخيص والمشاركة بالنتائج: من أهم جوانب مهارة الاستماع التي يهملها البعض أحيانًا، هي التركيز على مسألة التلخيص لأبرز ما قيل في الحديث. يعود السبب في أهمية ذلك هي القدرة على عرض ملخص للأحداث يمكنك تذكره لاحقًا، مع الحرص على مشاركة هذا المحتوى مع الطرف الآخر. أيضًا اطلب من الشخص الآخر فعل الشيء ذاته، بالتالي تتأكد من الاتفاق على الأشياء ذاتها في الحديث.

6 خطوات تساعدك على تطوير مهارة الاستماع

من الأشياء الجيدة أننا نستخدم مهارة الاستماع في حياتنا يوميًا، بالتالي يمكنك العمل على تطويرها بسهولة في أثناء المواقف الحياتية المختلفة التي تمر عليك. لذا، يمكنك تطوير مهارة الاستماع من خلال الخطوات الست التالية:

1- حسّن مهارة الاستماع من خلال تعلم إعادة الصياغة: عندما تركّز على إعادة صياغة الكلمات التي يقولها لك الطرف الآخر، فإنّ ذلك يسهّل عليك إظهار الاهتمام، وفي الوقت ذاته يساعدك على التأكد من الفهم الصحيح للمحتوى، ويجعلك أكثر انتباهًا للتفاصيل.

مثلًا بعد الاستماع للطرف الآخر يمكنك الرد: “حسنًا أنت تبحث عن فرصة في هذا المجال لأنّك ترغب في تغيير مجال عملك؟”. هذه الخطوة لن تساعدك فقط على تحسين مهارة الاستماع، لكنّها ستؤكد لك فهمك الصحيح للمحتوى، مع الحصول على تقدير الشخص الآخر نتيجة اهتمامك به.

2- تعلّم طرح الأسئلة المفتوحة: عندما تكون في محادثة مع الطرف الآخر، فيمكنك تعلم طرح الأسئلة المفتوحة، التي لا تكون إجاباتهم بنعم أو لا فقط. يؤدي ذلك إلى تعزيز الحديث، ويجعل الشخص الآخر يشعر باهتمامك ورغبتك في المناقشة، بالتالي يحاول توضيح ما لديه بسهولة، وبالتالي يكون من السهل فهمه، وتطوير مهارة الاستماع من خلال ذلك.

3- استعِن بالتفاصيل السابقة للمحادثات: تتكرر محادثاتك مع بعض الأشخاص، وبالتالي من الجيد أن تستخدم جزء من الأحاديث السابقة بينكما، واستخدامها في المحادثة الجديدة. يظهر هذا تقديرك للشخص الآخر، ومدى اهتمامك بهم. بالتالي يتحفزون لمشاركة المزيد من التفاصيل، ويخلق ذلك حديثًا إضافيًا بينكما يمكنك من خلاله تطوير مهارة الاستماع.

4- استخدام الانعكاس في التواصل مع الشخص الآخر: واحدة من طرق التواصل التي تعزز من التفاعل بينك وبين الطرف الآخر، هي الاعتماد على الانعكاس أو تقنية المرآة. من خلالها تقوم بتقليد أفعال الشخص الآخر في أثناء التواصل، مثلًا طي يديك بذات الطريقة التي يقوم بها. يسهّل ذلك في إزالة الحواجز بينكما في أثناء التواصل.

5- الاعتماد على لغة الجسد: تساعد لغة الجسد على تطوير مهارة الاستماع، إذ تمكنك من تعزيز التواصل بينك وبين الطرف الآخر، وتسهّل وصول المقصد الصحيح إليكما. من أهم الأشياء التي يمكنك التركيز على لغة الجسد بها:

الجلوس في وضعية مفتوحة: توحي الوضعية المفتوحة في الحديث بالرغبة في الاستماع إلى الطرف الآخر.

التواصل بالعين: اعتمد على استخدام عينك في التواصل مع الطرف الآخر في أثناء الحديث.

هز الرأس: يوحي هز رأسك بأنّك تهتم وتتابع حديث الطرف الآخر جيدًا، وبالتالي تحترمه وتقدره.

الابتسامة: تلعب الابتسامة دورًا هامًا في تعزيز التواصل، وتؤدي إلى إزالة الحواجز بسهولة.

6- اجعل هدفك دائمًا هو الفهم: عندما توجّه هدفك من مهارة الاستماع على الفهم للطرف الآخر، لا فقط الرغبة في الرد أو الجدال، فإنّ ذلك يجعلك أكثر تركيزًا على الكلام، وبالتالي تتطور قدرتك على الاستماع من تجربة لأخرى، حتى تصل إلى أفضل مستوى ممكن.

ختامًا، تعد مهارة الاستماع إحدى المهارات التي تحتاج إليها كجزء من العديد من المهارات، ولا عجب في ذلك فالتواصل مع الآخرين هو شيء ضروري، والخروج بأفكار جديدة منهم يحتاج إلى فهمهم جيدًا والانتباه للتفاصيل، وهذا كله يعتمد على الاستماع الفعّال.

 

.

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/organizations/27665

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M