لماذا لم يحصل المالكي على جائزة نوبل ؟

بهاء النجار

يبدو أن جائزة نوبل بعيدة جداً عن منال رئيس الوزراء نوري المالكي ، فلم يبدع رئيس الوزراء نوري المالكي في أي حقل من حقول المعرفة التي تعتمدها الجائزة ، فلا الأدب ولا الطب ولا الفيزياء ولا حتى السلام الذي هو أقرب حقل من حقول جائزة نوبل إليه ، فالمالكي الذي ترأس مجلس وزراء العراق لمدة ثمان سنوات في ظروف هي الأصعب منذ تأسيس الدولة العراقية وهي الأصعب من بين دول المنطقة والأصعب في سجل حزبه الذي تعرّف على الحكم مؤخراً بعد سقوط نظام صدام ، والأصعب بالنسبة له شخصياً ، إذ لم يمارس المالكي منصباً أدنى من هذا بكثير خلال حياته السياسية فكيف برئاسة وزراء العراق .
مع مثل هذه الظروف لا يمكن أن نتوقع لشخص – المالكي أو غيره – أن يحوز على جائزة نوبل للسلام ، مع إن الظروف كانت ملائمة من ناحية أخرى ، فالأنظار والإعلام متوجهة للعراق والعالم كله مرتقب لإصلاح الوضع السياسي فيه لإصلاحه وضعه الأمني وبالتالي الاقتصادي مما ينعكس على إصلاح الوضع عموماً في المنطقة ، وكل ما سيحدث سيلقى تسليطاً للأضواء بشكل غير طبيعي ، وهو ما قد تحقق جزئياً عندما خاض المالكي (صولة الفرسان) في البصرة وبعض مناطق العراق فحقق نصراً كان له صدى واسع على المستوى الداخلي والإقليمي وحتى الدولي ، إذ تنفس الجميع الصعداء عندما قضى المالكي وبدعم داخلي وخارجي على المليشيات مما دفع نحو استقرار سياسي معين فسح المجال من خلاله للحصول على دعم شعبي وسياسي داخلي فضلاً عن الدعم الإيراني والأمريكي .
ولكن المالكي لم يوفَّق لتكملة المشوار ، فتصور أنه (القائد الضرورة) و (مختار العصر) وغيرها من الألقاب التي أوهمه بها مستشاروه ومحبوه كي يكون الزعيم بلا منازع ، فبدأ بضرب خصومه السنة رغم أنه أضعف من ذي قبل ، فقد حصل على رئاسة الوزراء بشق الأنفس إلا أنه توهّم بأن ضرب (طارق الهاشمي) ومن ثم (رافع العيساوي) يشبه ضرب جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في دورته الأولى خلال صولة الفرسان ، فتوقع أن يحقق انتصاراً على الصعيد الوطني وبذلك يكون الرقم الأصعب في معادلة السياسة العراقية الصعبة .
ونسي المالكي أن الهاشمي والعيساوي ليس مقتدى الصدر الذي قد ينسى أو يتناسى – من تلقاء نفسه أو من ضغط الجارة إيران – خلافاته بسهولة من أجل المصلحة المذهبية ، وأن الهاشمي والعيساوي يقف وراءهما دول لا تستطيع أن تفكر بعراق آمن ومستقر مثل السعودية وقطر وتركيا وغيرها من الدول الداعمة لها .
فكيف له أن يحصل على جائزة نوبل وقد تسبب من خلال سياسته الخاطئة في تصفية خصومه الى مقتل حوالي 8000 عراقي خلال عام 2013 لوحده ، والآن يريد أن يعيد للأذهان أنه منقذ البشرية فبدأ بحملاته ضد (داعش) التي ترعرعت لأكثر من عام في صحراء الأنبار ، وحتى في حال قضائه عليها فإنه خسر خصوماً لا يمكن أن يقفوا معه في المستقبل – عند تشكيل حكومته التي يُفترض أن تشكل إذا فاز بترشيح الكتلة النيابية الأكبر – مثل الأكراد والسنة العرب وبعض أركان التحالف مثل كتلة المواطن والتيار الصدري الذي تهجم على زعيمهم مؤخراً وبصورة مباشرة ومن دون أي لياقة أدبية أو دبلوماسية ومن دون وضع أي خط رجعة له ومن دون أن يفكر بمشاعر ملايين الناس الذين يتبعون مقتدى الصدر .
فمثل هذا القائد رغم ما يحصل عليه من دعم خارجي وأقرب مثال ما حدث في مؤتمر مكافحة الإرهاب المقام في بغداد فقد صرّحت ممثلة الاتحاد الأوربي بأن المالكي ” زعيمنا ” على حد تعبيرها لدحر الإرهاب ، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على رضا القائمين على جائزة نوبل ، هذا طبعاً ليس لأن جائزة نوبل هي المعيار والمسطرة التي نعرف من خلالها الحق والحقيقة ومن يستحق فعلاً أن يكون مبدعاً ، وإنما الجائزة كما هو معروف لها بعد إعلامي أكثر مما هو مالي ، فقيمتها بسيطة لا تتناسب مع من تُعطى له – مثل باراك أوباما أو مانديلا أو الاتحاد الأوربي أو غيرهم – ، إلا أنها تُعطى كدعم إعلامي لبعض الجهات والشخصيات التي يُعتقد أنها مبدعة في بعض المجالات ، وفي أحيان كثيرة يؤخذ الجانب السياسي بنظر الاعتبار عند إعطائها لشخصيات خصوصاً في مجال السلام .
فعندما ترضا إدارة الجائزة على شخص تعتقد أنه حقق إنجازاً في مجال السلام بما لا يؤثر سلباً على الداعمين للجائزة والقوى الدولية ، فلا نتوقع مثلاً أن تُعطى جائزة نوبل للسلام لشخص حقق السلام في بلدٍ ولكنه أربك السياسة الدولية أو الأمريكية بالتحديد ، بينما نجد أشخاصاً يحصلون على الجائزة أو رُشِّحوا لها إذا ساهموا في توفير الأمن والسلام للكيان الصهيوني أو على الأقل لم تؤثر على سلامها والقوى العالمية المتنفذة .
لذا وحتى لا تُعطى الجائزة حجماً أكبر من حجمها أتذكر مقولة للسيد الخميني مفجر الثورة الإسلامية في إيران أنقلها بالمعنى : (( إذا رضت عنك أمريكا فراجع نقسك أو إتهم نفسك )) ، وهذا ما يمكن تطبيقه على جائزة نوبل للسلام ، فإذا أعطيتَ هذه الجائزة فاعلم أنك محقق لجزء كبير من أهدافهم .

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M