ليبيا وخريطة الطريق الضبابية

وفاء صندي

 

بعد ازيد من أسبوعين من قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية، لا يزال من غير الواضح ما هى الخطوات الرسمية الأخرى التى يتعين اتخاذها.من ناحية، ألقى قرار التأجيل بظلال من الشك على وضع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة التى كان من المفترض أن تستمر فى الحكم الى ما بعد الانتخابات الرئاسية وحتى إجراء الانتخابات البرلمانية. قد يؤدى فراغ السلطة إلى إبرام صفقات مؤقتة بغية إجراء تعديل وزارى فى الحكومة الحالية أو تقاسم السلطة بين القادة الرئيسيين. من ناحية أخرى،طرح قرار التأجيل علامات استفهام متعددة، منها احتمال تأجيلها إلى مواعيد أخرى، ومنها احتمال إلغائها وعدم إجرائها فى المدى المنظور. القرار يعود الآن لمجلس النواب وفقا للمادة 43 من قانون الانتخابات الرئاسية، التى تنص على أن مفوضية الانتخابات يمكن لها أن تؤجل العملية الانتخابية، وبعد ذلك يجب على مجلس النواب تحديد موعد جديد لها فى غضون 30 يوما.

خلال الأيام الماضية، عقد مجلس النواب اجتماعات تمثلت أهم نتائجها فى تأكيده أنه لم تتم مخاطبته من قبل المفوضية العليا للانتخابات حول طلب تأجيل موعد الانتخابات الليبية إلى 24 يناير 2022، وتأكيد استمرار لجنة خريطة الطريق التى شكلها المجلس فى عملها من أجل رسم خريطة طريق جديدة للمرحلة القادمة والتواصل مع جميع الأطراف المعنية.فيما يتعلق باقتراح 24 يناير كموعد لإجراء الانتخابات، كل المعطيات الراهنة تعكس صعوبة الالتزام بهذا التاريخ، وهو الطرح الذى يعززه قيام مجلس النواب بتشكيل لجنة من البرلمان لإعداد خريطة طريق جديدة، حيث لا تزال اللجنة تجرى مشاوراتها مع الأطراف المختلفة، بما فى ذلك مجلس الدولة، والذى عقدت معه اللجنة اجتماعاً فى 2 يناير الحالى، فضلاً عن استماع اللجنة لإحاطة رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، أمام البرلمان فى الثالث من الشهر ذاته. بالتالى لا تزال المباحثات التى تقوم بها اللجنة البرلمانية من جانب، والتحركات التى تقوم بها البعثة الأممية من جانب آخر، سارية، لكنها لم تفرز مخرجات نهائية بشأن مستقبل العملية الانتخابية.

فى هذا السياق، كثفت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشئون ليبيا، ستيفانى ويليامز، من لقاءاتها مع مختلف الأطراف الليبية، حيث أجرت سلسلة من اللقاءات شملت أعضاء المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب ورئيس الحكومة وأعضاء المجلس الرئاسي. وطالبت ويليامز لجنة خريطة الطريق التابعة لمجلس النواب بجدول زمنى يضمن الحفاظ على زخم الانتخابات ويحترم إرادة ملايين الناخبين المسجلين فى ليبيا. بعض تدخلات ويليامز لقيت معارضة من بعض الأطراف الليبية،بحيث شهدت مدينة بنى وليد، الجمعة الماضى،اعتصاما تعبيرا عن رفض الساكنة لاستقبالها ونصحوها فى بيان بأن تهتم بملف الانتخابات الذى كلفت به، رغم أنها هى من أفسدت الانتخابات – على حد وصفهم- وطالبوها بعدم التدخل فى شئون القبائل والمدن الليبية، واعتبار أن المصالحة شأن داخلى يخص الليبيين فقط.

ما يزيد الوضع تعقيدا انه فى ظل استمرار انسداد الأفق السياسى وتأزم الموقف فيما يتعلق بالاستحقاق الانتخابى، اندلعت اشتباكات عنيفة بين بعض الميليشيات (ميليشيا لواء 777 وبين ميليشيا كتيبة 301 فى طرابلس)، مما اسفر عن وقوع عدد من الإصابات بين الجانبين. وتواترت أنباء عن خروج أرتال مسلحة من مدينة مصراتة باتجاه العاصمة طرابلس، تمهيدا للاستيلاء على مقر وزارة الداخلية. وعلى الرغم من الهدوء الحذر الذى لا يزال يسود العاصمة الليبية إلا إن الأخبار المتواترة بشأن تحركات الميليشيات المسلحة تتسم بقدر من الحقيقة، حيث إن المناوشات المتكررة بين تلك الجماعات المسلحة تهدف إلى إثبات النفوذ وفرض السيطرة، تمهيداً للمرحلة القادمة، وما قد تسفر عنه من نتائج قد تهدد نفوذ وصلاحيات تلك الميليشيات فى الفترة القادمة.

فى المجمل، لا تزال حالة اللبس والغموض تهيمن على المشهد الراهن فى الداخل الليبي. إلى جانب حالة الفوضى الأمنية التى تشهدها مناطق غرب ليبيا، باتت العملية السياسية أكثر ضبابية، حيث تعمل الأطراف كافة على إعادة تنظيم علاقاتها الداخلية والخارجية لتعزيز فرصها فى أى ترتيبات مقبلة. هذا الأمر يعزز من احتمالات تأجيل موعد الانتخابات إلى عدة أشهر؛ مع التركيز على تحقيق تقدم فى المسار الاقتصادى والعسكري؛ لحين التوصل إلى توافقات شاملة تعالج مختلف التحديات القائمة.

نقلا عن جريدة الاهرام الخميس 13 يناير 2022

.

رابط المصدر:

https://ecss.com.eg/18300/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M