ما هي تداعيات التصعيد الروسي-الأوكراني على الأمن الأوروبي؟

آية عبد العزيز

 

على مدى العقود الماضية سعى الاتحاد الأوروبي إلى بلورة استجابة لمواجهة الأزمات، وتسوية الصراعات بما يتوافق مع قدراته ومصالحه، وتعزز من حفظ الأمن والسلم الدولي، بجانب انتهاج سياسات متعددة الأطراف لإدارة بعض الملفات ذات الاهتمام المشترك وخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وبالرغم من ذلك مازالت قدرة الاتحاد على احتواء العديد من الأزمات المُثارة في محيطه الجغرافي محل نقاش، وتُثير في بعض الأحيان العديد من التساؤلات حول متى سيكون الاتحاد الأوروبي فاعلًا جيواستراتيجيًا على مستوى السياسات وليس التصريحات فقط؟

وكذا، تُطرح تساؤلات حول إلى أي مدى سيسهم النهج الدبلوماسي ونظام المساعدات التي يتم منحها لدول الجوار في مجابهة التهديدات المُحتملة على حدود الاتحاد الأوروبي؟ ومتى سيتمكن من تحقيق “الاستقلال الاستراتيجي”، وبناء جيش أوروبي موحد يتكون من العديد من الدول الأوروبية القادرة والراغبة في الإسهام في تحسين وتطوير السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة من مرحلة الاتفاقيات والمبادرات إلى يتم ترجمتها في شكل تحركات وسياسات على أرض الواقع بما يدعم عملية التكامل والوحدة الأوروبية، على كافة الأصعدة لاسيما الجانب الأمني والدفاعي؟

ذلك خاصة أن الدول الأوروبية الآن تقف أمام تحدٍ استثنائي، ولكنه ليس بجديد يتمثل في التصعيد الروسي على أوكرانيا عبر حشد أكثر من 100 ألف جندي مزودين بالأسلحة الثقيلة على الحدود بين الجانبين وذلك بحلول نهاية العام الماضي، وهو ما أثار حالة من التوتر في علاقة روسيا بالغرب، بجانب التخوف من احتمالات الغزو العسكري لأوكرانيا مع بداية عام 2022 والدخول في حرب مفتوحة. وهو فرض على الأوروبيين ضرورة اتخاذ موقف مُوحد بشأن كيفية التعاطي مع روسيا في حالة حدث هجوم عسكري على كييف.

وذلك بالتزامن مع التراجع الأمريكي بشكل عام عن دعم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بشكل غير مباشر، وهو ما تجلى في اتفاق “أوكوس”، وسبقه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وهو ما أعاد لأذهان الأوروبيين فترة إدارة “دونالد ترامب” وضغطها المستمر على الشركاء الأوروبيين لتعزيز أمنهم وسياساتهم الدفاعية، وتقاسم أعباء الدفاع تحت مظلة حلف شمال الأطلسي. وبالفعل تكرر الأمر مع تنامي التصعيد بين موسكو وكييف عندما أجرت الولايات المتحدة محادثات مع روسيا، لبحث سبل تسوية الأزمة الأوكرانية بدون الاتحاد الأوروبي.

بالرغم من ذلك لم يتوصلوا إلى تهدئة لخفض التصعيد بين روسيا وأوكرانيا نتيجة اختلاف وجهات النظر بين طرفي التصعيد. فبالنسبة لروسيا أعلنت عن مطالبها بشكل علني التي يشمل أبرزها ضرورة وجود ضمانات قانونية وأمنية مُلزمة بشأن عدم انضمام أوكرانيا للحلف، وتقليص قواته أسلحته ومعداته العسكرية المُتمركزة في أوروبا الشرقية لأنه يمثل تهديدًا لأمن روسيا، لأن التعهدات الشفوية غير مُلزمة. فضلًا عن التخوف من محاولات كييف لاستعادة منطقة “دونباس” عبر زيادة قواتها للقيام بذلك، وهو ما تنفيه أوكرانيا مُعتبرة أن موسكو لن تتمكن من منعها لتعزيز علاقاتها مع الناتو، فيما رفضت الولايات المتحدة والناتو هذه المطالب، ورأته روسيا “أمرًا غير إيجابي”.

ردع حذر

جاء رد الفعل الأوروبي على التصعيد الروسي الأوكراني من خلال عدد من الإجراءات التي اتسمت بحالة من الترقب الحذر؛ خوفًا من استفزاز موسكو. لذا فقد استمرت الدول الأوروبية إلى حد ما في اتباع نهجها التقليدي الذي يتجسد أبرزه على النحو التالي:

  • دعم السيادة: يُعد الاتحاد الأوروبي من أبرز الجهات الفاعلة في تقديم الدعم والمساعدات لأوكرانيا منذ ضم شبة جزيرة القرم في عام 2014، تجلى ذلك في مساندة كييف بما يقرب من 17 مليار يورو، علاوة على دعم القوات المسلحة الأوكرانية بمساعدات إضافية تقدر بنحو 31 مليون يورو.

فيما تسعى البعثة الاستشارية للاتحاد الأوروبي منذ عام 2014 إلى إصلاح قطاع الأمن المدني الأوكراني. فضلًا عن إجراء حوار إلكتروني بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا لمواجهة المعلومات المضللة. وقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات لكييف إبان الجائحة تبلغ حوالي 200 مليون يورو.

ذلك فضلًا عن دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بمساعدات مالية تُقدر بنحو 2.1 مليار يورو، هو ما أعلنت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية “أوسولا فون دير لاين”، في الرابع والعشرين من يناير 2022، لمساعدتها لتلبية احتياجاتها التمويلية، داعية البرلمان الأوروبي الموافقة على هذه المساعدات. بالإضافة إلى البدء في العمل على برنامج آخر على طويل المدى لوزارة الخارجية لدعم عمليات التحديث في أوكرانيا، علاوة على مضاعفة المفوضية مساعدتها الثنائية لأوكرانيا في شكل منح خلال هذه السنة.

  • التعهد بضمان أمن أوكرانيا: قام الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية “جوزيب بوريل” بزيارة أوكرانيا في بداية الشهر الحالي، استمرت لمدة ثلاثة أيام؛ وذلك لدعم أوكرانيا، فضلًا عن أنه أول مسؤول للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي يزور شرق أوكرانيا منذ ما يقرب من ثمانية أعوام، موضحًا في لقاء مع الصحفيين بجانب وزير الخارجية الأوكراني هدفه من الزيارة قائلًا: “نحن هنا أولًا لإعادة تأكيد دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها”، وأن “أي عدوان عسكري ضد أوكرانيا ستكون له عواقب فوضوية وتكاليف باهظة”، وإنهم ينسقون مع الولايات المتحدة والناتو والشركاء الآخرين لبحث سبل وقف التصعيد.
  • فرض عقوبات: اجتمعت القوى الأوروبية مع الرئيس الأمريكي والأمين العام للناتو في الرابع والعشرين من يناير 2022 لاتخاذ موقف موحد إزاء هذا الأمر. فضلًا عن عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لقاء بينهم في محاولة لتوصل إلى رد على روسيا في حالة قامت بغزو كييف. وعليه فقد توعد الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بجانب الولايات المتحدة بفرض عقوبات على روسيا في حالة حدوث أي هجوم على أوكرانيا، كآلية للردع.

فيما قامت المملكة المتحدة بسحب بعض من أفراد عائلات موظفيها ودبلوماسييها من سفارتها في أوكرانيا، بعد أن اتخذت الولايات المتحدة هذا الإجراء. في المقابل أوضح “جوزيب بوريل” أن موظفي الاتحاد الأوروبي سيبقون في مناصبهم بأوكرانيا في هذا التوقيت، لأنه لن يُضخم التوترات الحالية.

  • تسليح القوات: كانت المملكة المتحدة في مقدمة الدول الداعمة لكييف عبر مدها بعدد من الأسلحة الثقيلة، ومجموعة من الجنود لتدريب القوات الأوكرانية على استخدامهم. وحذر رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” من تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا لأنها ستؤدي إلى عواقب وخيمة، مُطالبًا موسكو بوقف التصعيد. فيما اتهمت وزارة الخارجية البريطانية روسيا بأنها تخطط لإزاحة الرئيس الحالي مقابل تنصيب شخص آخر موالٍ لروسيا لقيادة البلاد، وهو ما رفضته موسكو ووصفته بأنه معلومات مُضللة مستفزة.

هذا بجانب الولايات المتحدة؛ حيث وضعت وزارة الدفاع الأمريكية ما يقرب من 8500 جندي أمريكي في حالة تأهب قصوى وينتظرون أوامر بالانتشار في المنطقة في حدوث حرب. وقيام بعض الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو بإرسال العديد من السفن الحربية والطائرات المقاتلة إلى منطقة أوروبا الشرقية لتعزيز قداتها على الردع والدفاع.

وهو ما تدعو إليه دول المنطقة أيضًا، إذ صرح “إدغار رينكيفيكس” وزير خارجية لاتفيا على تويتر قائلًا: “حان الوقت لزيادة وجود قوات الحلفاء في الجناح الشرقي للحلف كإجراءات للدفاع والردع”. في المقابل وصف المتحدث باسم الكرملين “دميتري بيسكوف” هذه الإجراءات التي يقوم بها الناتو وواشنطن بأنها “تصعد من التوتر عبر هستيريا المعلومات والإجراءات الملموسة”.

  • التزام الحياد: تواجه الحكومة الألمانية الجديدة تحديًا في كيفية الرد على التحركات الروسية على الحدود الأوكرانية، وخاصة أنها رفضت تقديم الدعم العسكري من الأسلحة لكييف، أما فيما يتعلق بمشروع “نورد ستريم-2″، فهناك تخوف من أن يدخل في سياق العقوبات.

وبالرغم من ذلك، فقد أوضح المستشار الألماني “أولاف شولتز” أنه “مُلتزم ببنود الاتفاق الذي عقد بين الولايات المتحدة وألمانيا في يوليو 2021 بشأن المشروع الذي يشمل بنودًا مُتعلقة بإمكانية فرض عقوبات على روسيا إذا تم توظيفه كسلاح للطاقة أو تعرض أوكرانيا للأعمال عدوانية”.

ويُذكر في هذا السياق أن قائد البحرية الألمانية قدم استقالته نتيجة إعلانه موقفه من التصعيد بين الجانبين؛ إذ صرح بأن الرئيس الروسي يريد فقط الاحترام، وأن أوكرانيا لن تستعيد شبة جزيرة القرم من روسيا أبدًا. في المقابل أوضحت وزارة الدفاع الألمانية أن التصريحات تعبر عن موقفه الشخصي.

  • الوساطة الفرنسية-الألمانية: بالتزامن مع رئاسة باريس لمجلس الاتحاد الأوروبي والانتخابات الرئاسية المُقبلة، يسعى الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” -بجانب ألمانيا- إلى تفعيل صيغة “نورماندي” لاستئناف مفاوضات الوساطة مرة ثانية بين كييف وموسكو بعد أن توقفت لما يقرب من سنتين. كان التمهيد لذلك عندما قام مسؤولون من البلدين بزيارة كييف وموسكو.

وعلاوة على ذلك، هاتف الرئيس “إيمانويل ماكرون” نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” في الثامن والعشرين من يناير لمناقشة الأوضاع، إلا إن الرئيس “بوتين” أوضح أن “الولايات المتحدة والناتو لم يأخذا مخاوف روسيا الرئيسة بعين الاعتبار في ردهما على مقترحات موسكو بشأن الضمانات الأمنية”. والجدير بالذكر، أن موسكو قامت في نفس اليوم بفرض عقوبات على عدد من المسؤولين الأوروبيين بمنعهم من دخول روسيا. وقد أشارت وزارة الخارجية الروسية في بيان إلى أن “المسؤولين الممنوعين من دخول أراضيها هم ممثلو القوى الأمنية والهيئات التشريعية والتنفيذية في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، لأنّهم مسؤولون شخصيًا عن إشاعة السياسة المناهضة لروسيا”.

حالة من عدم اليقين

بالرغم من الجهود التي قام بها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بجانب الولايات المتحدة والناتو، إلا إنهم لا يرغبون في الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، وما يقومون به الآن من تدابير من وجهة نظرهم هي جهود استباقية؛ للردع فقط والتأكيد على أهمية حماية أمن وسيادة أوكرانيا والحفاظ على سلامتها الإقليمية. ولكن من الواضح أن الأمن الأوروبي أصبح هو أيضًا في مرمى التصعيد الروسي مع الغرب وليس فقط أوكرانيا، وذلك بالتزامن مع عدم قدرة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على اتخاذ موقف موحد رادع تجاه روسيا، وذلك نتيجة عدد من الأسباب التي تتمثل أهمها في:

  • أن هناك احتمالًا أن بعض الدول الأوروبية تتخوف من أن حملة الضغط التي تُمارس من قبل الولايات المتحدة والناتو قد تؤدي إلى نتائج عكسية بما فيها تعرض أوكرانيا إلى ضربة عسكرية محدودة، وإن كان هذا احتمال ضعيف إلا إنه لا يمكن إنكار حدوثه، وهو ما سينتج عنه تدفق جديد من موجات الهجرة غير الشرعية على حدود أوروبا على غرار ما حدث في بيلاروسيا.

وهنا سيكون الاتحاد الأوروبي أمام معضلة تأمين الحدود من خطر تدفقات المهاجرين، التي ستكون بمثابة ورقة جديدة في يد “بوتين” تجاههم، فضلًا عن تفاقم الأوضاع الإنسانية إثر الهجوم المُحتمل وهو ما سيكلف أوروبا مساعدات إضافية لابد من تقديمها لأوكرانيا لاحتواء الوضع القائم. وفقًا لذلك، من الواضح أن الاتحاد الأوروبي مُدرك لهذه المخاطر مما جعله يتخذ إجراءات حذرة دون تصعيد، مع التزام بعض الدول الحياد، أو لعب دور الوساطة والسعي إلى فتح حوار مع روسيا بدلًا من التصعيد على غرار المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

  • من المرجح أن هناك قلقًا أيضًا لدى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن إمدادات الغاز من روسيا في حالة حدوث أي هجوم، لذا فهناك أيضًا رغبة في تجنب هذا السيناريو؛ إذ تعتمد أوروبا على أكثر من 40% من واردات الغاز الروسي، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة في المرحلة المقبلة خاصة في فصل الشتاء وبعد أزمة الطاقة التي شهدتها في الشهور الأخيرة من عام 2021.

فضلًا عن أن الاتحاد الأوروبي يرغب في تنفيذ الصفقة الخضراء من خلال التحول في الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة بدلًا من مصادر الطاقة الملوثة للبيئة وذلك لخفض الانبعاثات الكربونية. فضلًا عن التخوف من أن ينضم مشروع “نورد ستريم-2” إلى سياق العقوبات المُحتملة على موسكو، وهو ما لا ترغب فيه الحكومة الألمانية الجديدة؛ حتى لا تدخل في مواجهة مع روسيا بشكل مباشر بالرغم من تصريحاتها بشأن هذا المشروع، وخاصة أن ألمانيا تتبع سياسة المواءمات في علاقاتها مع روسيا والدول الأوروبية بما يتوافق مع مصالحها.

  • وهنا لابد من توضيح نقطة مهمة هي أن الولايات المتحدة بالرغم من موقفها التصعيدي في هذا السياق إلا إنها من غير المُحتمل إنها ترغب في الدخول في حرب مع روسيا في هذا التوقيت، وذلك بالتزامن مع التحديات التي تواجهها على الصعيد الداخلي مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي، علاوة على الصعود الصيني والتنافس التجاري بينهما في عالم ما بعد الجائحة، وهو ما يفرض عليها اتخاذ سياسات تعزز من مكانتها وتطور من آليات احتوائها للنفوذ الصيني الذي يتمدد باستمرار دون الحرب على جبهتين في آن واحد.

لذا فمن المُرجح أن يكون نهج إدارة “بايدن” في إدارة أزمة أوكرانيا هو إعادة توافق الأوروبيين مع الولايات المتحدة بشأن التهديدات الدولية، وتبني سياسة تعزز من مصالح الجانبين، وهو ما سينعكس مع الوقت على توجه الأوروبيين نحو روسيا والصين.

  • وفي الوقت نفسه، إن فكرة عودة الولايات المتحدة مرة ثانية إلى دعم ومساندة الاتحاد الأوروبي غير مرجحة حاليًا، ولكن المصالح الأمريكية قد تفرض عليها تغير نهجها في بعض الأحيان ولكن يجب على الأوروبيين إدراك أن الأمن الأوروبي هو مسؤوليتهم في المقام الأول، وهو ما تنادي به فرنسا باستمرار وتعارضه في بعض الأحيان دون شرق أوروبا والمملكة المتحدة باعتبار أن الناتو يحقق هدف الدفاع الجماعي، وهو الضامن التقليدي للأمن الأوروبي.

وحتى وإن قامت روسيا بهجوم وتدخلت الولايات المتحدة، سيكون هذا التدخل مشروطًا وفقًا لمصالحها، وهو ما سيمثل ضغطًا على الأوروبيين، وسيفرض عليهم سياسات قد تتعارض مع أولوياتهم ومصالحهم، وسيعيدهم إلى المربع صفر فيما يتعلق بالسياسة الأمنية والدفاعية المشتركة التي تهدف إلى تحقيق الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي.

أخيرًا، من غير المتوقع أن يحدث هجوم روسي على أوكرانيا في الوقت الحالي، ولكن من المتوقع أن تستمر حالة التصعيد العسكري بين الجانبين التي تتمثل في عمليات الحشد العسكري على الحدود، والقيام بعدد من الاشتباكات، فضلًا عن إجراءات مناورات وتدريبات عسكرية على الحدود، وفي مناطق النفوذ البحرية مثل البحر الأسود ومنطقة البلطيق، دون الدخول في مواجهة عسكرية؛ فروسيا إذا كانت ترغب في الهجوم فعليًا، لديها من آليات الحرب الهجينية ما يُمكنها من القيام بذلك. وعملية الحشد وإن كانت كبيرة هذه المرة، فقد سبق وأن قامت بضم شبه جزيرة القرم من قبل دون أي تحرك من الناتو ولا الولايات المتحدة، واقتصر الأمر على العقوبات التي اتخذت عدة أشكال، وذلك بدون مواجهة عسكرية.

وعليه يمكن قراءة المشهد في سياق استمرار الاتحاد الأوروبي في عدم القدرة على بلورة استراتيجية متماسكة بشأن كيفية التعاطي مع روسيا أولًا لكي يُحدد موقفه بفاعلية من الأزمة الأوكرانية. أما فيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فيأتي في إطار الرغبة في إعادة تشكيل التفاعلات في النظام العالمي بما يتوافق مع مصالحهما.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/66964/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M