محاربة التطرف في أوروبا ـ سياسات الاندماج، المعوقات والتدابير

تواجه أوروبا مزيد من الصعوبات في سياسات الاندماج والتكامل الأجتماعي، تحديدا دمج اللاجئين والمهاجرين في سوق العمل والمجتمع. ورغم الجهود التي تبذلهل دول أوروبا فمازالتدول أوروبا تحديات عديدة وانتقادات كثيرة بشأن عمليات اندماج اللاجئين والمهاجرين، وذلك بسبب أثر المفاهيم المغلوطة والانطباعات السلبية بأن اللاجئين والمهاجرين يشكلون تهديدًا للقيم الأوروبية، ما يعيق من اندماجهم المجتمعي.  هذه المفاهيم الخاطئة تدفع بعض اللاجئين للنزوح نحو التطرف والتطرف العنيف والإرهاب.  تسعى فيه المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دعم  سياسات دمج المهاجرين في أنظمة التعليم والرعاية الصحية والتدريب لتأهيلهم في سوق العمل، وخلق فرص عمل جديدة لهم.

الاندماج والمواطنة

الاندماج: عملية طويلة المدى وشاملة لكافة أطياف المجتمع، هدفها المشاركة المتساوية والشاملة للأشخاص ذوي الأصول المهاجرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

المواطنة:  تعني معاملة جميع الأفراد كأعضاء متساوين في المجتمع. بعبارة أخرى، يمكن للمواطن التمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الآخرون، من خلال المساواة في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، أو فرصة التصويت والترشح في الانتخابات السياسية على سبيل المثال. وتختلف الأحزاب الأوروبية فيما إن كانت المواطنة شيئاً يمكن اكتسابه أم لا، ولكنهم يتفقون على أنها شرط أساسي للديمقراطية.

وفيما يلى الجهود الأوروبية لدمج اللاجئين والانتقادات الموجه لها:

تدابير للاستجابة بشكل أفضل للاحتياجات والمشاكل – محاربة التطرف

اعتمدت لجنة وزراء مجلس أوروبا المعنية بحماية حقوق النساء والفتيات المهاجرات واللاجئات وطالبات اللجوء توصيات في 20 مايو 2022  تتعلق بتوفير تدابير للاستجابة بشكل أفضل للاحتياجات والمشاكل التي يعانين من جرائها. وكذلك تحديد مجموعة من التدابير للدول الأعضاء لحماية حقوق النساء المهاجرات بشكل أفضل والمساهمة في منحهنّ فرص التعليم والتوظيف”. ويعد نص التوصية، جزءًا من خطة عمل مجلس أوروبا بشأن حماية الأشخاص المستضعفين في سياق الهجرة واللجوء في أوروبا (2021-2025). محاربة التطرف في أوروبا ـ أزمة الهوية، الأسباب والمعالجات

تطبيقات وبرامج الاندماج في فرنسا

أطلقت فرنسا تطبيق يدعى ” refugies.info” في 16 يناير 2022 يساعد  اللاجئين على تسيير أمورهم اليومية في البلاد، خاصة في ظل نظام إداري يعتبره معظمهم أنه معقد ويحتاج للكثير من الشرح. للتطبيق (7) لغات يعمل التطبيق من خلال أقسام مبوبة، لكل منها وظيفة مختلفة. فهناك مثلا قسم معني بإدارة الأوراق، أي مساعدة اللاجئين على إتمام معاملاتهم الإدارية والقانونية، كطلبات الإقامة ولم الشمل والضرائب. قسم آخر يعنى بتعليم اللغة الفرنسية، وآخر خاص بالبحث عن فرص للتدريب المهني أو العمل أو السكن، ويتيح التطبيق أيضا للاجئين التسجيل في خانة “فهم الثقافة الفرنسية”.

قدمت جمعية فرنسية للاجئين برنامجين تدريبيين في 27 يناير 2022 ، ليصبحوا مؤهلين للعمل في مجال المطاعم في البلاد من أجل مساعدة المهاجرين على الاندماج وتعزيز فرصهم بإيجاد عمل، استفاد بالفعل من هذه التدريبات حوالي (300) شخص من (17) جنسية مختلفة، بما في ذلك العديد من الأفغان والإريتريين والسودانيين. وفي باريس، يتمكن ما بين (60 و70%) من دخول العالم المهني في غضون شهرين من إكمال تدريبهم.

مشروع “لينكولنشاير للأطباء اللاجئين” في المملكة المتحدة

يهدف مشروع “لينكولنشاير للأطباء اللاجئين” في المملكة المتحدة إلى توفير الدعم وتوظيف الأطباء اللاجئين ويسهّل المشروع وصول الأطباء اللاجئين إلى العمل في العيادات الحكومية والمستشفيات، علماً أنّ هذه العملية تستغرق في المتوسط نحو عامَين ونصف عام. تبلغ الكلفة الإجمالية لتدريب طبيب لاجئ للعمل في خدمة الصحة الوطنية نحو (34.800) ألف دولار، أي نحو (12%) فقط من كلفة تدريب طبيب بريطاني جديد.

انتقادات بشأن عمليات الاندماج في أوروبا -محاربة التطرف

تواجه الجكومات الأوروبية للعديد من الانتقادات بشأن دمج وتأهيل اللاجئين. ففي بريطانيا يحصل اللاجئ على مساعدة سكنية ومالية بمجرد أن يتقدم الشخص بطلب للجوء إذا لم يكن لديه الوسائل اللازمة لإعالة نفسه، إلى حين البت في طلبه في 25 نوفمبر 2021.

لا يسمح لطالبي اللجوء في المملكة المتحدة بالعمل – بما في ذلك العمل التطوعي، إلا إذا كان قد مر عام على تقديمهم لطلب اللجوء، في هذه الحالة يستطيعون القيام بالعمل في عدد محدود من المهن، إذا كانت تلك المهن تعاني من نقص في العمل. هذه القاعدة المثيرة للجدل تهدف إلى منع الأشخاص من استغلال التقدم بطلب اللجوء في العمل في المملكة المتحدة. لكن منتقديها يقولون إنها تحول دول اندماج اللاجئين في المجتمع، كما تعد إهدارا للمهارات التي يجلبونها معهم.

توصل استطلاع رأي لصالح المركز الألماني لمناهضة التمييز في 17 يناير 2022 إلى أن (1)ً من بين كل (3) من ذوي الأصول الأجنبية قد تعرض للتمييز أثناء البحث عن سكن في ألمانيا. ندرة البيوت في برلين وغيرها من كبرى المدن الألمانية تؤدي إلى بروز حالات العنصرية والتمييز ضد المهاجرين عند التقدم لاستئجار منزل. ويقول “بِرنهارد فرانكه”رئيس المركز، إن مجرد ذكر الباحث عن سكن في ألمانيا اسمه، الذي قد يبدو أجنبياً، يجعل القائمين على السكن يستبعدونه من رؤية السكن، بغرض التعرف عليه قبل استئجاره. ورأي أن إعلانات السكن “التمييزية” الصريحة لا تزال، وللأسف، أمراً معتاداً في الحياة اليومية”.

أجرت الدنمارك تشديد سياسات اللجوء بشكل كبير منذ عام 2014 ومرة أخرى في عام 2019 وتخلت عن اهتمامها بالاندماج وصبت جل تركيزها على منح اللاجئين الحماية المؤقتة وإعادتهم من حيث أتوا. وشنت الحكومات الدنماركية المتعاقبة حملات مناهضة للهجرة، بما في ذلك مصادرة الأصول مثل المجوهرات من طالبي اللجوء. وفقاً للأرقام الأولية، فقد بتّت دائرة الهجرة الدنماركية في (300) حالة.

  • حصل حوالي (50%) على تصاريح جديدة أو جرى تمديد إقاماتهم.
  • تم إلغاء أو عدم تجديد تصاريح إقامة لـ (154) لاجئاً، بالإضافة إلى (100) تصريح تم سحبه من أصحابها في عام 2020.
  • تم رفض طلبات لجوء (39) شخصاً ممن ينحدرون من دمشق بشكل نهائي من قبل هيئة شؤون اللاجئين. عوامل الجهاد و التطرف العنيف في أوروبا… البحث عن الهوية!

ردود على الانتقادات -محاربة التطرف

أكد “ليون فيلدت” المتحدث باسم وكالة اللاجئين الهولندية نقل مئات اللاجئين من مركز إيواء طالبي اللجوء الرئيسي “تير أبيل” في  27 أغسطس 2022 إلى مراكز أخرى في البلاد. واعترف رئيس الوزراء الهولندي “مارك روته”  بوجود “مشاهد مخزية في المركز”، واعدا بحل قريب للمشكلة.

اقترح “جيرالد دارمانين” وزير الداخلية الفرنسي مشروع قانون لتضييق الخناق على الهجرة غير الشرعية وتمكين طرد المواطنين الأجانب المدانين بارتكاب أعمال إجرامية ومحاربة التطرف وتحسين ظروف اندماج الأجانب في وضع قانوني. واعتماد تدابير تهدف إلى ضمان السماح للأجانب بالبقاء في فرنسا إذا قبلوا “القيم” الوطنية في 5 أغسطس 2022.

وعد ” بوريس جونسون” رئيس الوزراء البريطاني باحتواء الهجرة واندماج المهاجرين واللاجئين، التي شكلت أحد المواضيع الرئيسية في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. واعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية “بريتي باتيل” أن القانون الجديد للهجرة “لحظة تاريخية للبلاد” ستسمح “بالمضي قدما في مكافحة الهجرة غير الشرعية والجماعات الإجرامية عبر فرض عقوبات أكثر صرامة على من يسهلون الدخول غير القانوني والخطير إلى المملكة المتحدة”. وينص القانون الجديد على فرض عقوبات أكثر صرامة بحق المهاجرين الذين يصلون بشكل غير قانوني، فضلاً عن إرسال طالبي اللجوء إلى بلدان من العالم الثالث في 29 أبريل 2022. اللجوء والهجرة ـ هل نجحت سياسات الاندماج في ألمانيا؟

التقييم

يدعم الاتحاد الأوروبي عمليات اندماج اللاجئين في المجتمعات الأوروبية على سبيل المثال، من خلال صندوق اللجوء والهجرة والاندماج (AMIF). ويوفر برنامج “Erasmus” التمويل لمشاريع وأنشطة أخرى لإدماج المهاجرين في جميع قطاعات التعليم والتدريب. ويشارك الاتحاد الأوروبي أيضًا في تمويل شبكة  “SIRIUS ” الخاصة بتعليم المهاجرين التي تدعم تعليم الأطفال والشباب من أصول مهاجرة من خلال أنشطة استراتيجية على المستويين الوطني والدولي.

على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يدعم تطوير استراتيجيات تكامل فعالة لعمليات الاندماج ، إلا أن الوضع على الأرض متفاوت للغاية بين الدول الأعضاء وتتفاقم هذه المشاكل أحيانًا في بعض الدول الأوروبية مايجعل وضع  بعض المهاجرين معقد للغاية.تُظهر الأدلة أن المهاجرين يتأثرون بشكل غير متناسب بالنتائج غير المواتية من حيث التعليم والتوظيف والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والسكن اللائق. غالبًا ما يواجه الطلاب من أصول مهاجرة صعوبات في التكيف مع بيئة التعلم الجديدة.

تساعد إعادة الإدماج في التغلب على بعض الصعوبات التي يواجهها المهاجرون عند العودة إلى مجتمعاتهم وجعل عودتهم أكثر استدامة ، وكذلك منع الهجرة غير النظامية والحد من التطرف والانضمام من الجماعات المتطرفة.

ينبغي اعتماد استراتيجيات تهدف إلى تحسين إعادة الإدماج و جودة الدعم المقدم، عبر منحهم وضعًا قانونيًا وعدم التمييز في الحصول  على الرعاية الصحية الأساسية والتعليم والمسكن. بالإضافة إلى مراجعة القوانين والسياسات المتعلقة بالهجرةيجب أن تكون هناك “حصة كوتا” إلى الأوروبيين من أصول أجنبية تمنح لهم في العمل والدراسة.  فضلا عن الأستفادة من الخبرات لدى الأوروبيين من أصول أجنبية أوالمهاجرين. كذلك قبول معادلة الشهادات وتوفير تدريب مهني لاستعادة خبراتهم . وتكثيف التعاون العلمي والأكاديمي مابين دول أوروبا وبقية العالم خاصة.

 

الهوامش

background’ Germany: Over 1 in 4 people have ‘migrant
https://bit.ly/3cs0cHC

Integration Concept
https://bit.ly/3QYZO2c

The situation of migrants and refugees in Europe
https://bit.ly/3cpJ4Cp

French interior minister forced to back down on tough immigration bill
https://bit.ly/3Tlzn8C

مجلس أوروبا يعتمد توصيات لحماية حقوق اللاجئات تمنحهنّ فرص التعلّم والتوظيف
https://bit.ly/3PVPRkM

تطبيق ذكي جديد للاجئين لمساعدتهم على تسيير حياتهم اليومية في فرنسا
https://bit.ly/3TqS4HV

نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

.

رابط المصدر:

https://www.europarabct.com/%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a7-%d9%80-%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M