مصر: حركة تنقلات الجيش ـ يونيو 2021

 محمود جمال

 

يشهد الجيش المصري حركتان للتنقلات في صفوف قادة وضباط الجيش المصري بمختلف مستوياتهم بشكل اعتيادي كل عام؛ الحركة الأولى تتم في منتصف العام في شهر يونيو تحديداً، والثانية تتم في نهاية العام في شهر ديسمبر تحديداً، ويتم اعتمادهما من القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وتشمل حركة التنقلات مستويين:

الأول: كبار القيادات، وتنقسم إلى ثلاثة أشكال:

1ـ نقل قيادات من مناصب عليا إلى مناصب أخرى عليا، أو تصعيد قيادات جديدة للمناصب الهامة داخل الجيش المصري، كقيادة فرع من الفروع الرئيسية للقوات المسلحة[1]، أو رئاسة هيئة، أو قيادة منطقة عسكرية، أو قيادة جيش ميداني، وهذا المستوى هو الذي يشكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الذي يتكون من 26 قائد عسكري، أو ما يطلق عليه “رجال الصف الأول”.[2] وفي مستوى آخر يتم تعيين بعض القادة المستبعدون من مناصبهم العليا ليصبحوا مساعدين لوزير الدفاع أو مستشارين لرئيس الجمهورية أو يتم تعينهم لرئاسة بعض الأجهزة الرقابية  كهيئة الرقابة الإدارية، أو الأجهزة الاقتصادية التابعة للجيش المصري كالهيئة العربية للتصنيع أو جهاز الخدمة الوطنية أو وزارة الإنتاج الحربي.

2ـ تصعيد قيادات من قيادات الوسط إلى المناصب العليا في الصفوف المتقدمة، كرئاسة أركان فرع رئيسي أو رئاسة أركان هيئة عسكرية أو منطقة عسكرية أو جيش ميداني، وينضمون بذلك الي كبار قادة الجيش المصري، أو ما يسمى “رجال الصف الثاني”.

3ـ إحالة بعض القيادات إلى التقاعد وهذا يكون بسبب القوانين العسكرية المنوطة بإحالة من يبلغون السن القانوني للتقاعد أو لأسباب أخرى، مثل المرض المزمن الذي يحيل ويعيق القائد عن العمل، أو لأسباب أمنية بناء على التحريرات العسكرية التي تجرى بشكل دوري على جميع الضباط.

الثاني: حركة تنقلات جميع المستويات في صفوف ضباط الوسط وصغار الضباط، وتتضمن ترقيات الضباط من رتبة إلى أعلى، وتصعيد هرمي للضباط في أماكن خدمتهم “من منصب إلى منصب أعلى داخل الكتيبة أو الهيئة…إلخ”، وكذلك نقل خدمات الضباط من منطقة عسكرية إلى أخرى، حسب جغرافية التوزيع التي تضعها النشرة والحركة.

وفي شهر يونيو 2021م، اعتمد السيسي، كونه القائد الأعلى الحالي للقوات المسلحة المصرية، حركة التنقلات “الاعتيادية” التي تُجرى داخل الجيش المصري على مختلف المستويات، وجاءت حركة يونيو 2021م، والتي حصلت عليها وحدة العلاقات المدنية العسكرية بالمعهد المصري للدراسات بشكل حصري، على النحو التالي:

مصر حركة تنقلات الجيش ـ يونيو 2021 -1

ومن قراءة بيانات الجدول السابق، يمكن الوقوف على عدد من الملاحظات الأساسية

1ـ استبعاد لواء أركان حرب خالد شوقي من قيادة المنطقة المركزية العسكرية وتعيين لواء أركان حرب عاصم عاشور بدلاً منه، وهذا بعد عام واحد فقط من تكليف شوقي بقيادة المنطقة المركزية العسكرية “الهامة”، والتي تقبع تحت سيطرتها العاصمة الكبرى القاهرة والجيرة والقليوبية.[3]

2ـ استبعاد لواء أركان حرب خالد لبيب من قيادة المنطقة الجنوبية بعد عام واحد من تعيينه قائداً للمنطقة الجنوبية، وتم استبداله ب لواء أركان حرب محب حبشي.

3ـ نقل لواء أركان حرب عماد عبد القادر يماني من قيادة الشرطة العسكرية بعد ستة أشهر من تعيينه، ليصبح نائب لقائد الحرس الجمهوري، ونقل قائد قيادة إلى نائب لا تعتبر ترقية.[4]

4ـ نقل لواء أركان حرب محمود العيدروس من إدارة سلاح الإشارة بعد ستة أشهر من تعيينه، ليعين نائب لمدير هيئة الاستخبارات العسكرية بمسماها الجديد.

5ـ نقل لواء أركان حرب ياسر الأسريجي من قيادة المنطقة الشمالية بعد عام واحد فقط من تعيينه، لتولي إدارة جهاز الشئون المعنوية.

6ـ نقل لواء أركان حرب محرز عبد الوهاب من منصبه كنائب لمدير الكلية الحربية الذي كلف به من ستة أشهر فقط، إلى منصب نائب قائد الحرس الجمهوري، ليصبح بذلك قائد قوات الحرس الجمهوري لواء أركان حرب مصطفى شوكت ونائبه لواء أركان حرب محرز عبد الوهاب.

7ـ تحويل إدارة المخابرات الحربية إلى هيئة الاستخبارات العسكرية، حيث كانت المخابرات الحربية تسمي من ذي قبل إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وكانت تحت مظلتها 4 أجهزة: الأمن الحربي، الاستطلاع والمعلومات، المخابرات البحرية، جهاز الأمن للبحوث والتطوير.

والآن طبقاً للقرار الجديد، تم ضم أربعة أجهزة أخرى وهم: الإشارة، والحرب الإلكترونية، والنظم، والشئون المعنوية، وبذلك الشكل يكون قد تم تحويلها إلى هيئة نظراً لشمولية الهيئة عن الإدارة، فالمخابرات الحربية الان هي أهم ذراع يعتمد عليه السيسي ولذلك يعمل على توسيع أنشطتها.

8ـ كان اللافت في حركة يونيو 2021م، استبعاد لواء أركان حرب أحمد فتحي من إدارة هيئة الشئون المعنوية وتعيينه رئيساً لهيئة التنظيم والإدارة حيث “أصبح بذلك عضواً في المجلس العسكري” وتعيين لواء أركان حرب ياسر الأسريجي بدلاً منه.

9ـ نقل تبعية الشئون المعنوية الي هيئة الاستخبارات العسكرية بشكلها الجديد، حيث يشهد جهاز الشئون المعنوية خلال المرحلة الراهنة، عملية إعادة هيكلة بسبب تقييم أدائه في التأثير على أنه سلبي في الفترة الأخيرة وتحديداً في الملف الإعلامي والذي يتداخل فيه الجهاز بشكل كبير؛ حيث كان تقييم مسئول الملف الإعلامي في جهاز المخابرات العامة العقيد أحمد شعبان، أن إدارة الملف الإعلامي بشكل كامل تقبع تحت مسئوليته، ويحارب من أجل ألا تكون هناك هيئة أو جهة أخرى لها أن تتداخل في ذلك الملف. ويتولى العقيد أحمد شعبان إدارة الملف في جهاز المخابرات العامة وسيقوم بالتنسيق مع المخابرات الحربية في كيفية التعاطي مع ذلك الملف في المرحلة المقبلة.

أي أن خروج لواء أركان حرب أحمد فتحي خليفة من إدارة الشئون المعنوية كان منطقياً، رغم أنه من المقربين من اللواء محسن عبد النبي مدير مكتب السيسي الحالي، والذي كان يتولى إدارة الشئون المعنوية قبل خليفة؛ فالشئون المعنوية بشكلها الجديد ستتحكم فيها بشكل كامل هيئة الاستخبارات العسكرية ورئيسها لواء أركان حرب خالد مجاور، وتمت ترضية خليفة بتصعيده ليصبح عضواً في لمجلس العسكري ويرأس هيئة التنظيم والإدارة.

وبناء على هذه الملاحظات يمكن القول إنها تعكس استمرار نهج السيسي القائم على ترسيخ هيمنته وبقائه، حيث يتخذ كل الإجراءات التي تمكنه من أجل تحقيق ذلك الهدف، ويعمل على سد ثغرات من سبقوه بالوصول الى كرسي الرئاسة حتى يأمن أي تهديد قد يؤثر على مستقبله، حتى يكون هو المتحكم والمسيطر والمهيمن على كافة مفاصل الجيش، ولكي لا تتكون مراكز قوى ضده.


الهامش

[1] الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة هي “وزير الدفاع كمنصب القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان وقائد القوات الجوية وقائد قوات الدفاع الجوي وقائد القوات البحرية “.

[2] المجلس العسكري المصري: ملف معلوماتي، محمود جمال، المعهد المصري للدراسات، تاريخ النشر 13 فبراير 2018م، الرابط.

[3] حركة تنقلات الضباط يونيو 2020: الأسباب والتداعيات، محمود جمال، المعهد المصري للدراسات، تاريخ النشر يونيو 2020، الرابط

[4] حركة ديسمبر 2020م كاملة، الرابط

 

رابط المصدر:

 

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M