واقع ومستقبل الإرهاب والتطرف في أفغانستان

تتنامى المخاوف الدولية من أن تصبح أفغانستان من جديد مأوى للجماعات الإرهابية وأن توفر ملاذ آمن للإرهابيين. وذلك في ضوء صلاتهم الوثيقة ليس فقط مع تنظيم القاعدة ولكن أيضاً مع مجموعات مثل شبكة حقاني وغيرها من الجماعات الإرهابية الإقليمية. وتتعدد العوامل المسئولة عن التهديد الإرهابي المتزايد في أفغانستان كالأزمات الاقتصادية والجفاف والفقر. في الوقت الذي باتت فيه أزمات البلاد لا تحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي.

أبرز الجماعات المتطرفة – مكافحة الإرهاب

تنظيم “القاعدة”: بات يتمتع “بملاذ آمن” في أفغانستان تحت حكم طالبان وأن البلاد يمكن أن تتحول مجدداً قاعدة لهجمات لجماعات الإرهابية الدولية في 6 يونيو 2022. يمكن لأفغانستان أن تصبح قاعدة للإرهاب على الرغم من أن تنظيمي “داعش” و”القاعدة” غير قادرين “على شن هجمات دولية قبل عام 2023 على أقرب تقدير، بغض النظر عن نيتهما أو ما إذا كانت طالبان تعمل على كبح جماحهما”.  وجود التنظيمين المتطرفين والعديد من الجماعات المتطرفة الأخرى والمقاتلين على الأراضي الأفغانية يثير مخاوف الدول المجاورة والمجتمع الدولي.

تنظيم “داعش – خراسان”  هي ليست الجماعة المتطرفة الوحيدة في المنطقة، فهناك ” لشكر طيبة “، التي تركز على الهند إلى حد كبير، و الأويغور الصينيون من حركة “تركستان الشرقية”، والحركة الإسلامية المتمردة في أوزبكستان في آسيا الوسطى. أصبحت السيطرة على تهديد “داعش” أكثر صعوبة، وفقاً للدكتورة “أميرة جادون” الأستاذة المساعدة في مركز مكافحة الإرهاب بالأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت.

تحولت الجماعة من حركة تمرد إلى جماعة إرهابية نموذجية ” وتؤكد “إنها الآن أقوى مما كانت عليه في عام 2019 ، لكنها ربما تشكل تمرداً أضعف مقارنة بسنوات الذروة السابقة، لأنها تفتقر إلى نفس المستوى من السيطرة على الأراضي ولا تسيطر على أي سكان مدنيين”. ولا يوجد شيء يذكر يوحي “بوجود تنسيق مادي مباشر” بين ولاية خراسان وتنظيم داعش في الشرق الأوسط، غير أن بعض بيانات المسؤولية عن هجمات نفذت في أفغانستان ومناطق مجاورة تنشر على القنوات الإعلامية المركزية الخاصة بالتنظيم.

شبكة حقاني : العديد من قادة طالبان من شبكة حقاني غادروا كابول إلى مخابئ في جنوب غرب أفغانستان، بعد مقتل زعم تنظيم القاعدة، وكان هؤلاء القادة لشبكة حقاني يعيشون في “سرية شديدة”ولا تزال الولايات المتحدة تعرض مكافأة قدرها (10) ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن سراج الدين حقاني بسبب أتهامه بأنشطة إرهابية في 6 أغسطس 2022. و هناك روابط قوية بين تنظيم داعش  في خراسان وشبكة حقاني ، التي ترتبط بدورها ارتباطًا وثيقًا بحركة طالبان. مكافحة الإرهاب ـ التحالف الدولي في العراق وسوريا، قراءة مستقبلية. 

عوامل تنامي الإرهاب في أفغانستان – مكافحة الإرهاب

هناك عاملان مسؤولان عن التهديد الإرهابي المتزايد في أفغانستان.

  • أولاً ، تتمتع حكومة طالبان بصلات وثيقة مع العديد من الجماعات المتطرفة، بما في ذلك القاعدة ، وقد سمحت لهم بإعادة بناء وإعادة إنشاء معسكرات التدريب في البلاد.
  • ثانيًا ، أفغانستان دولة ضعيفة وفاشلة، ووممكن ان تكون ملاذ للجماعات المتطرفة، لم تتمكن حكومة طالبان من إنشاء الخدمات الأساسية، وانكمش الاقتصاد الأفغاني بنسبة (40%) على الأقل منذ انسحاب الولايات المتحدة.

قفزت أفغانستان إلى قمة قائمة مراقبة الطوارئ لعام 2022 الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية مع اقترابها من انهيار جميع الخدمات الأساسية تقريباً. إن الجمع بين الدولة الضعيفة والاقتصاد المنهار يمنح الجماعات المتطرفة حرية نسبياُ للعمل ضمنها ويوفر مجموعة من المجندين المحتملين.

تهاوى الوضع في أفغانستان وبات اقتصاد البلاد “في 16 أغسطس 2022 حالة سقوط حر” وفق وصف الأمم المتحدة التي حذرت من كارثة إنسانية في أفغانستان حذرت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في نوفمبر 2021 من أن ارتفاع معدلات الفقر مع توقف إيصال المساعدات سيؤدي إلى “أزمة كبيرة” في أفغانستان. إن ما يقرب من (50%) من سكان أفغانستان أي قرابة (23) مليون شخص باتوا في “حاجة إلى المساعدة، لذا فإن هذا العدد الكبير يعد استثنائيا ما يؤكد أن هناك أزمة سريعة التطور والتغير للجميع”.

نزح حوالي (3.4) مليون شخص داخليا بسبب الصراع في أفغانستان، ويعاني أن نظام الرعاية الصحية يعاني من نقص حاد في خضم أزمة كورونا وتفشي الحصبة، ولا يتلقى العاملون في الخدمات الحيوية مثل المدارس والمستشفيات رواتب، وتترك أزمة السيولة، وارتفاع الغذاء العالمي وتكاليف الطاقة تأثيرا كبيراً، على حد”بشكل عام، يحتاج (24) مليون شخص في جميع أنحاء أفغانستان إلى الدعم الإنساني.

استمر الجفاف حتى عام 2022  في أفغانستان ورافقته موجة حارة شديدة أدت إلى اندلاع حرائق متعددة في الغابات شرق البلاد، ليأتي بعد ذلك هطول أمطار غزيرة في فصل الصيف على نحو غير معتاد وفيضانات مفاجئة في أجزاء واسعة من أفغانستان تسببت بإغراق القرى وإلحاق أضرار بالمنازل والطرق والأراضي الزراعية وقد تعرض أكثر من (1.5) مليون أفغاني للنزوح بسبب هذه الكوارث، بالإضافة إلى نزوح (3.5)  مليون آخر جراء الصراع في 15 أغسطس 2022. واقب الإنسحاب الأميركي على دول أوروبا داخل التحالف الدولي … بريطانيا

أولويات مكافحة الإرهاب دولياً – مكافحة الإرهاب

أظهر هجوم الطائرات بدون طيار التابع لوكالة الاستخبارات المركزية والذي قتل زعيم القاعدة الظواهري أن محاربة الإرهاب ليست فكرة متأخرة، لكنها لم تغير الرسالة التي أرسلتها لوكالة الاستخبارات المركزية بينما ستستمر الولايات المتحدة في ملاحقة الإرهابيين، فإن الأولوية القصوى هي محاولة فهم ومواجهة بكين بشكل أفضل. لطالما شعرت الولايات المتحدة بالقلق من الطموحات المتنامية السياسية والاقتصادية للصين. وفي ظل تضاؤل الاهتمام العالمي بشأن الوضع في أفغانستان، وفرت الحركة موطئ قدم لتنظيمات مسلحة ومتطرفة محلية وأجنبية فيما يدل مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول مؤخراً على هذا الخطر.

باتت أزمات البلاد لا تحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي رغم تزايد المخاطر في أفغانستان  بالتزامن اندلاع الحرب في أوكرانيا وتصاعد التوتر مع الصين بشأن تايوان. وعلى إثر ذلك، هناك ثمة مقاربة بين الوضع الحالي وبين وضع أفغانستان في أواخر تسعينيات القرن الماضي حيث لم يدرك المجتمع الدولي في حينه التداعيات الخطيرة لاستيلاء طالبان على السلطة عام 1996.

يقول “ريكاردو فالي” باحث متخصص في الشؤون الأفغانية في 6 أغسطس 2022 إنه “لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستوجه أي ضربة ضد قيادة طالبان على المدى القصير. وهذا يتعارض مع المصالح السياسية الحالية لواشنطن في المنطقة، والتي تقتصر على منع استخدام الأراضي الأفغانية ملاذا للتنظيمات الإرهابية التي تريد مهاجمة أميركا وحلفائها”.

مستقبل الإرهاب في أفغانستان – مكافحة الإرهاب

تتجه أفغانستان نحو كارثة إنسانية، فالجفاف ووقف المساعدات المالية الخارجية، التي تم تعويضها جزئيًا بالمساعدات الإنسانية الطارئة، يهدد البلاد بالمجاعة والانهيار الاقتصادي. وقد يكون لهذا أيضًا تداعيات على مستقبل “داعش” في أفغانستان. وتقول ورقة الأمم المتحدة إنه لا يمكن استبعاد أنه “إذا انزلقت أفغانستان في حالة من الفوضى، فإن المتطرفين الأفغان والأجانب سينضمون إلى تنظيم اداعش في خراسان”. ويقول في 26 فبراير 2022 مستشار الأمن القومي الباكستاني، مؤيد يوسف، في مساهمة من إسلام أباد في مؤتمر ميونيخ للأمن: إن تهديد الإرهاب في أفغانستان لن يقتصر على حدود أراضيها إذا لم يتحسن الوضع الإنساني هناك. داعش ـ هل يتخذ من أفغانستان نقطة انطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية دولياً؟

التقييم

تزداد قوة كل من تنظيمي القاعدة وداعش في خراسان (ISIS-K) ويمكن أن تشكل تهديداً كبيراً خارج أفغانستان ، تتمتع الجماعات الإرهابية في أفغانستان بحرية أكبر من أي وقت مضى. يمثل مسلحو تنظيم داعش الآن تحدياً أمنياً كبيراً في أفغانستان ، وهو أمر تشترك فيه قيادة طالبان لإظهار حسن نوايها  مع وكالات الاستخبارات الغربية.

بات من المتوقع أن يعطى مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول الفرصة أخرى لتنظيم  داعش لتجنيد المزيد من المقاتلين. أن يزيد تنظيم داعش  استهدافه للمدنيين، وطالبان، والأقليات الدينية.

ينظر تنظيم داعش لحركة طالبان على أنها الخصم الأول له في جنوب آسا ليس من الصعب تنفيذ عمليات تستهدف أهدافاً مدنية بينما يمكن أن يتسبب تنظيم  داعش في الكثير من الاضطرابات في أفغانستان. يسعى تنظيم داعش للإطاحة بحركة طالبان، مما قد يدفعه للدخول في سباق مع الوقت للوصول إلى الحكم. التنظيم فإنه يبدو غير قادر على الإطاحة بنظام طالبان ، على الأقل في المستقبل القريب.

 

الهوامش

Will US Hit Most-Wanted Haqqanis in Afghanistan
https://bit.ly/3CjPBsG

Afghanistan: Who are Islamic State Khorasan Province militants?
https://bbc.in/3R0gCFE

Countering a Resurgent Terrorist Threat in Afghanistan
https://on.cfr.org/3AcjqZB

Factbox: Pushed into the shadows, Islamic State still has global reach
https://reut.rs/3dIk7ST

مع سيطرة طالبان.. ماذا ستحمل 2022 لأفغانستان؟
https://bit.ly/3Ac5leB

عام على حكم طالبان .. ماذا تغير في أفغانستان؟
https://bit.ly/3AAeKy8

نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

.

رابط المصدر:

https://www.europarabct.com/%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%81%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8-%d9%80-%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d9%88%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M