التعليم والقطاع المختلط/ القسم الأول

بهاء النجار

مرّ التعليم في العراق بمرحلة التعليم الحكومي ثم أضيفت له مرحلة التعليم الأهلي ودخول القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال الحيوي ، ولكن تجربة التعليم الأهلي ما زالت فتيّة ولم تلبِّ طموح الحكومة والمواطن ، إذ تُقدَّر نسبة مساهمته في مجال التعليم بحوالي 10% ، ولكنه بالتأكيد أفضل من انحساره ، لأنه – أي التعليم الأهلي – خفّف الزخم على المدارس الحكومية ، إذ امتص حوالي 400 ألف طالب في عموم العراق من المدارس الحكومية ، وهذه التجربة الحديثة للتعليم من خلال إشراك القطاع الخاص شابها الكثير من السلبيات التي أثّرت على المواطن من دون أن تقدّم له ما يصبو إليه ، ولذلك أسباب عدة قد يطول شرحها .
ولكن الى الآن لم يُجرَّب القطاع المختلط في دعم المسيرة التعليمية في العراق ، فللقطاع الحكومي ميزات يفتقدها
القطاع الخاص وللقطاع الخاص ميزات يفتقدها القطاع الحكومي ، وبالتالي فإن اندماجهما سيحقق فائدة كبيرة للوطن والمواطن ، وعليه سنتناول حسابات تقريبية وتقديرية ليست ببعيدة من الواقع وبنسبة خطأ بسيطة لتقريب فكرة الاستفادة من القطاع المختلط ، وسيقتصر الكلام على التعليم الأولي الذي يخص وزارة التربية باعتباره اللبنة الأساسية للتعليم عموماً .
وفي البداية علينا معرفة أن إنشاء وتأسيس مدرسة يرتكز على ثلاث ركائز أساسية هي : قطعة أرض ، وبناية المدرسة ، والكادر التعليمي ، فإذا وفّرنا هذه الركائز نجحنا في تأسيس مدرسة تخرّج مئات الطلبة سنوياً ، فأما قطعة الأرض فعلى الحكومة توفيرها بأي شكل من الأشكال ، باعتبارها ميزة يتميز بها القطاع الحكومي عن شريكه القطاع الخاص ، وما على القطاع الخاص إلا توفير الركيزتين الأخريتين .
وهناك طريقتان للاستفادة من القطاع المختلط :

الطريقة الأولى :
وهي قيام الحكومة بتوفير قطعة أرض مساحتها 2000 متر مربع مع توفير كادر تدريسي لمدرسة مؤلفة من 12 صف ، ليقوم القطاع الخاص ببنائها وفق المواصفات الحكومية ، إذ أن كل صف يكون بأبعاد 5م × 7م مع غرف الإدارة والخدمات والمخزن والكافيتريا إضافة الى توفير الأثاث وما شابه ، مع ساحة بمساحة 1000 م2 ، فإن كلفة بناء هذه المدرسة لا يتجاوز المليار دينار ، فإذا كان كل صف يضم 25 طالب فقط فإن عدد الطلاب الكلي هو 25 × 12 = 300 طالب ، فإذا دفع كل طالب مبلغاً سنوياً مقدراه 250 ألف دينار فهذا يعني أن الإيرادات السنوية للمشروع هي :
250 ألف دينار لكل طالب × 300 طالب = 75 مليون دينار
لنطرح 25 مليون دينار سنوياً كأجور إدارية وخدمية وصيانة للبناية ، فستكون أرباح المشروع هي 50 مليون دينار سنوياً ، وهذه النسبة بحد ذاتها تعتبر جيدة .
هذا في حالة كان الدوام في المدرسة أحادي ، أما إذا أضفنا له دواماً آخراً كما هو الحال في أغلب المدارس الحكومية فسيكون الربح مضاعفاً تقريباً ، يُطرَح منه نسبة تهالك بناية المدرسة ولتكن 1% سنوياً من قيمة البناية ، أي 10 ملايين دينار سنوياً ، وعليه تكون الأرباح السنوية الكلية من الدوامين :
(50 مليون دينار × 2) – (10 ملايين دينار) = 100 – 10 = 90 مليون دينار
أما إذا أراد المستثمر استثمار بناية المدرسة في العطلة الصيفية للأنشطة العلمية كدورات التقوية او للأنشطة الاجتماعية كالألعاب الرياضية والمهرجانات والاحتفاليات وغيرها فيمكن أن يحقق ربحاً سنوياً بحدود 10 ملايين دينار ، بمعنى أن الأرباح السنوية الكلية للمشروع يمكن أن ترتفع الى 100 مليون دينار ، وهذه نسبة أرباح مشجعة جداً ، إذ سيسترجع المشروع رأس ماله خلال 10 سنوات ، أي بعد 10 سنوات يمكنه بناء مدرسة أخرى ليكون لديه مشروعان مربحان .
وبهذه الطريقة استفاد الطلاب وأولياء الأمور من انخفاض الأقساط السنوية ، إذ أن كثيراً من الناس يمكنهم دفع ما معدله 30 ألف دينار شهرياً كأجور للدراسة مقابل خدمات تفتقرها أغلب المدارس الحكومية ، وكذلك استفاد المستثمرون من أصحاب رؤوس الأموال بالدخول في مشاريع مربحة ومضمونة ، واستفادت التربية من خلال تقليل الزخم على المدارس الحكومية وعلى كوادرها التدريسية والتعليمية التي ستسفيد أكيداً من تقليل هذا الزخم .
كما يمكن أن يُطرَح المشروع للاكتتاب وبيع أسهمه ليشترك أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة في تمويله ليكون لهم مصدر رزق إضافي مضمون ويتركون بعض المهن غير المجدية اقتصادياً .

وسنتناول في القسم الثاني الطريقة الثانية من الاستفادة من دخول القطاع المختلط في دعم العملية التعليمية في العراق .

 

رابط المصدر:
https://www.facebook.com/BahaaaAlnajjar/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M