الجيوبوليتيك والرياضة والعلاقات الدولية الفواعل الجديدة في السياسة العالمية

لعبت الرياضة منذ فترة طويلة دورًا رئيسيًا في التنمية والسياسة في العديد من المناطق والأقاليم -التي شهدت وبشكل متزايد نزاعات متعددة- وهو ما تجسد من خلال جهود الدول لحشدها ضمن آليات القوة الناعمة لتعزيز نفوذها الإقليمي والعالمي، وتجاوز ثقلها، وتقويض منافسيها.

كما تظهر السياقات التاريخية لكأس العالم على سبيل المثال التشابك وبشكل تكافلي مع التاريخ السياسي، وذلك على وجه التحديد بسبب القيمة الرمزية القوية التي اتخذتها كرة القدم في الثقافة الجماهيرية والمجتمع على مدار القرن الماضي، حيث أدركت الأنظمة السياسية – ليس فقط تلك ذات الطبيعة الاستبدادية- في وقت مبكر جدًا أهمية الرياضة كعامل من عوامل التماسك الوطني وبناء الهوية.

فقد تضمنت العديد من نسخ كأس العالم أحداثًا قيّمة للغاية من منظور العلاقات الدولية، وليس من المستغرب – بهذا المعنى – أن يتم استخدام حدث كرة القدم الدولي الرئيسي كأداة قوية للدعاية الثقافية وتأكيد الذات على المستوى الوطني، والاستثمار السياسي والرمزي المهم الذي ترعاه الدول المضيفة، والآثار الدبلوماسية التي تتضمنها الأحداث الرياضية الدولية في كثير من الأحيان، كما يتضح من المقاطعات العديدة التي ميزت تاريخ كأس العالم منذ بدايتها كالمقاطعة الأولمبية في عامي 1980 و1984، حيث قاطعت الولايات المتحدة وحلفاؤها ألعاب موسكو، تلاها مقاطعة الكتلة الشرقية لألعاب لوس أنجلوس.

ومن منظور عالمي يمكن للرياضة أن تشكل عامل تحييد للتباينات الناتجة عن عدم المساواة الاجتماعية المتعلقة بالصراع العرقي والديني أو الصراع القومي أو عدم المساواة بين الجنسين أو التمييز الطبقي، وبالتالي تجسيد المبادئ الأساسية للعدالة، واحترام الخصوم، والعمل الجماعي، واحترام قواعد المنافسة، وهو ما عكسته مساعي مكتب الأمم المتحدة للرياضة من أجل التنمية والسلام بالشراكة مع العديد من المنظمات، لتعزيز وإنجاح التفاعلات الرياضية من أجل التنمية المستدامة والمواطنة العالمية والتفاهم المتبادل وبناء السلام، بالإضافة إلى ذلك فقد حددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الرياضة كحق من حقوق الإنسان.

كما أن منطلقات الجيوبوليتيك النقدي في القرن الواحد والعشرون قد غيرت مساراتها من السيطرة والإكراه إلي الإستقطاب والجذب ومن الإغراء والمساومة إلي تفعيل الدبلوماسيات والقوة الناعمة فسياسات الدول الصغري  “خاصة” وجدت متنفسا لها في النظام العالمي اليوم ،قطر علي سبيل المثال هذا الفضاء الصغير حاول إستغلال منطلقاته  ومحفزاته الجيوبوليتيكية وتفعيلها علي شكل قوة ناعمة أثناء المونديال الأخير  من أجل الإستقطاب بدل الإكراه. وبالتالي أظهر الجيوبوليتيك قطر للعالم  علي شكل قوة ناعمة تستحق الصعود والتأقلم مع  مصاف القوي العالمية الكبرى ,وعليه فإشكالية  موضوعنا هي ما مدي تأقلم العلاقات  الطردية بين الجيوبوليتيك من جهة والرياضة والعلاقات الدولية من جهة أخري.؟ وهل تعد الرياضة فاعل جديد في توجيه سياسات الدول والعلاقات الدولية أم لا؟ وهل أزاحت الرياضة الضغط علي العلاقات الدولية والسياسة العالمية ؟

المصدر : https://democraticac.de/?p=91178

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M