تأملات_قرآنية من الآية التاسعة و العشرون من #سورة_فاطر

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)

التأمل الأول :
إن التجارة مع الله سبحانه فخرٌ لكل مؤمن ، ولكن الأمور لا تأتي بالتمني وإنما تحتاج الى سعي ووعي يرتكزان على عدة ركائز منها :
1) تلاوة كتاب الله العزيز تلاوة مثمرة منتجة لا تلاوة غُنّةٍ ومدٍ ووَقفٍ وما شابه من دون أي ثمرة .
2) إقامة الصلاة التي تعني تجسيد الصلاة على أرض الواقع ، فهناك مصلي ليس له من صلاته الى حركاتها ، وهناك مصلي يرى الناس آثار صلاته على سلوكه وأخلاقه وعلاقاته وقناعاته .
3) الإنفاق سراً وعلانية ، ويكون على المستوى المادي كإنفاق الأموال على العيال وعلى الفقراء والمحتاجين ، وعلى المستوى المعنوي كإنفاق العلم وتعليمه ونشره ، سراً لضمان إخلاص النية وعلانية لتشجيع الآخرين على الإنفاق من رياء .

التأمل الثاني:
لكل تجارة قواعد وأصول ، ولا بد أن يتعلمها من أراد أن يقتحم أسوارها ، وإلا فقد يخسر في هذه التجارة فتنقلب حياته رأساً على عقب بتحول الربح الى خسارة . وقواعد وأصول التجارة مع الله تعالى مُبَيَّنَة في كتاب الله الكريم ، ولا بد أن نتلوَ كتاب الله العزيز ونتأمل فيه ونقرأ آياته بِتَدَبُّر ونلجأ الى الخبراء الذين ينفقون مما رزقهم الله تعالى من بيان وتبيين وعلمٍ ليُبيّنوا قواعد وأصول تلك التجارة ، وبعد هذه التلاوة لكتاب الله وبالشروط التي ذكرناها سيتقدم المؤمن درجات في تجارته مع الله جل وعلا ، تجارة لا يعرف ربحها إلا من جرّبها ، ومن أشكال أرباحها أن يكون عبارة عن صلاة تسير على الأرض ، معطاءاً مما أنعم الله تعالى عليه وفي كل المستويات .

التأمل الثالث:
إن التجارة مع الله سبحانه فخرٌ لكل مؤمن ، ولكن الأمور لا تأتي بالتمني وإنما تحتاج الى سعي ووعي يرتكزان على عدة ركائز منها :
1) تلاوة كتاب الله العزيز تلاوة مثمرة منتجة لا تلاوة غُنّةٍ ومدٍ ووَقفٍ وما شابه من دون أي ثمرة .
2) إقامة الصلاة التي تعني تجسيد الصلاة على أرض الواقع ، فهناك مصلي ليس له من صلاته الى حركاتها ، وهناك مصلي يرى الناس آثار صلاته على سلوكه وأخلاقه وعلاقاته وقناعاته .
3) الإنفاق سراً وعلانية ، ويكون على المستوى المادي كإنفاق الأموال على العيال وعلى الفقراء والمحتاجين ، وعلى المستوى المعنوي كإنفاق العلم وتعليمه ونشره ، سراً لضمان إخلاص النية وعلانية لتشجيع الآخرين على الإنفاق من رياء .

التأمل الرابع:
لكل تجارة قواعد وأصول ، ولا بد أن يتعلمها من أراد أن يقتحم أسوارها ، وإلا فقد يخسر في هذه التجارة فتنقلب حياته رأساً على عقب بتحول الربح الى خسارة . وقواعد وأصول التجارة مع الله تعالى مُبَيَّنَة في كتاب الله الكريم ، ولا بد أن نتلوَ كتاب الله العزيز ونتأمل فيه ونقرأ آياته بِتَدَبُّر ونلجأ الى الخبراء الذين ينفقون مما رزقهم الله تعالى من بيان وتبيين وعلمٍ ليُبيّنوا قواعد وأصول تلك التجارة ، وبعد هذه التلاوة لكتاب الله وبالشروط التي ذكرناها سيتقدم المؤمن درجات في تجارته مع الله جل وعلا ، تجارة لا يعرف ربحها إلا من جرّبها ، ومن أشكال أرباحها أن يكون عبارة عن صلاة تسير على الأرض ، معطاءاً مما أنعم الله تعالى عليه وفي كل المستويات .

التأمل الخامس:
يمكن تصنيف الناس وفق أرباحهم المتحققة من تجارتهم مع الله جل شأنه الى ثلاثة أصناف :
1) الصنف الأول اكتفى بربح تلاوة كتاب الله الكريم ، وهذا الصنف على خطر ، فقد يكون ما تلاه من كتاب الله حجة عليه ، وبالتالي فعليه تطبيقه ، فإن لم يطبقه فقد خسر ، وإن طبقه صار من الصنف الثاني .
2) الصنف الثاني حوّل تلاوته لكتاب الله العزيز الى أفعال وبرامج عملية ، فَنَال ربح التلاوة وإقامة الصلاة ، وهذا الصنف وإن كان يمثل الصالحين إلا أنه لا يمثل المصلحين .
3) الصنف الثالث لم يكتفِ بتلاوة كتاب الله وإقامة الصلاة من خلال تطبيق تعاليمه وأوامره ونواهيه على نفسه ، بل أفاض وأنفق على الآخرين مما أعطاه الله تعالى ورزقه من علم وعمل وقدرة على إصلاح الآخرين ، فَضَمّ المصلحين .

التأمل السادس:
إن التاجر يبدأ بمستوى معين من تجارته ثم يتطور إن لم يخسر فيها، وحتى لو بدأ بمستوى عالٍ فلا بد أن يتطور ما دام عمله ناجحاً ومربحاً، هذا على المستوى المادي، أما على المستوى المعنوي فالأمر متشابه الى حد كبير، فالمتاجرة مع الله تعالى تبدأ بمستوى معين يتمثل بتلاوة كتاب الله الكريم تلاوة تدبُرّية واعية تُنقله الى التعرف على عقائده وسُنة نبيه صلى الله عليه وآله والأحكام الشرعية المفروضة عليه، الى هذا الحد يتحقق الربح النظري، فعليه أن يطوّر تجارته بتطبيق ما تلاه من معارف قرآنية ونبوية وفقهية ليتحقق الربح العملي على المستوى الفردي بإقامة الصلاة وتجسيدها في حياته، فيسعى لتطوير تجارته مع الله سبحانه بإنفاق ما استوعبه من معارف عقائدية وأخلاقية على المحتاجين لها وبكل الوسائل المتاحة ، سراً كانت أم علناً، بعد ذلك ستنمو تجارته – التي لن تبور بإذن الله عز وجل – بشكل واسع وكبير.

التأمل السابع:
إن الذين يتلون كتاب الله الكريم سيفتتحونه بسورة الفاتحة التي تعطي الخطوط العامة لما في هذا الكتاب العظيم ، إذ تشير هذه السورة المباركة الى ضرورة حمد رب العالمين والاعتراف بأنه رحمن ورحيم ، عند ذلك يمكن أن ينتقل الإنسان الى مرحلة العبودية لله تعالى فيعبده ، ويستعين به لينتقل من عبادته الشكلية الى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بالإنفاق مما رزقه الله في كل أحواله السرية والعلنية ، فإقامة الصلاة والإنفاق من سمات السائرين على الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من غير المغضوب عليهم ولا من الضالين ، لذلك يشعر العبد بأهمية هذا الصراط فيستهدي الله عز وجل ليهديه إليه ، فإن هداه إليه كانت تجارته مربحة مع الله سبحانه ، والتفكير بأن يكون ربح تجارتنا هو الهداية لهو ربح بحد ذاته في تجارة لن تبور .

التأمل الثامن:
ن الإنفاق من رزق الله تعالى يختلف بحسب النية ، فالتالي لكتاب الله والمقيم الصلاة عندما يُنفق ليس كغيره ممن لا عهد له بكتاب الله وثقافة إقامة الصلاة ، فالأول يعرف جيداً أن هذا الإنفاق سيُحاسَب عليه يوم القيامة إن كان لغير وجه الله جل جلاله ، لذا فإن إنفاقه سراً يكون لإبعاد شبهة الرياء والسمعة عنه ولكي يحافظ على ماء وجه المنفَق عليه (المحتاج) ، وإنفاقه عَلناً لتشجيع الآخرين على الإنفاق من دون الوقوع في فخ الرياء والعجب وما شابه من أمراض معنوية . أما الثاني فيُنفق لتحقيق مآرب خاصة لإشباع جوع نفسه الأمارة بالسوء وشيطانه اللعين ، لأن هذا الشخص غير متثقف بالثقافة القرآنية التي تحرص على أن يكون العمل خالصاً لله تعالى ، كونه لا يتلو كتاب الله العزيز وما يتفرع منه من مصادر معرفية كالروايات ، لذا فتجارة الأول لن تبور بعكس تجارة الثاني .

التأمل التاسع:
يمكن تقسيم الذين يتلون كتاب الله بحسب الكتب السماوية ، فهناك من يتلو القرآن ، وآخرون يتلون التوراة ، وقسم يتلو الإنجيل وهكذا ، ومن يتلو القرآن يجد أن هذا الكتاب الكريم ينتقد وبشدة تصرفات وسلوكيات وأخلاقيات من يتلون الكتب الأخرى ( وخصوصاً التوراة والإنجيل ) ، والسبب أنهم لم يقيموا الصلاة ولم ينفقوا مما رزقهم الله سبحانه ، لذلك فإن تجارتهم مع الله تعالى خاسرة .
ولكي لا يقع المسلمون – باعتبارهم ممن يتلون كتاب الله – في نفس خطأ وانحراف من يتلون التوراة والإنجيل عليهم أن يقيموا الصلاة ممن خلال تجسيد ما يتلونه من القرآن ، وأن لا تكون تلاوتهم مقتصرة على مخارج الحروف وقواعد التلاوة وما شابه ، وأن يحذروا من أن تشغلهم هذه القواعد عن حقيقة معاني القرآن الكريم التي تساعد في إقامة الصلاة والإنفاق من رزق الله المعنوي (كالقرآن) قبل المادي فتربح تجارتهم مع الله عز وجل .

التأمل العاشر:
أحياناً تكون تلاوة كتاب الله العزيز تلاوة واعية تدفع صاحبها ليكون من مقيمي الصلاة ومما رزقهم الله تعالى ينفقون في السر والعلن ، لأنه يجد معاني تفتح له آفاقاً جديدة تشجع على إقامة الصلاة والإنفاق من رزق الله عز وجل ، وأحياناً أخرى تكون نية المؤمن في إقامة الصلاة والإنفاق من رزق الله جل وعلا سبباً في تلاوة كتاب الله تلاوة تدبرية تأملية مُعمَّقة عسى أن يجد ما يرسخ نيته ويجذرها .
وهذا يدفعنا الى استنتاج وهو أن تلاوة كتاب الله الكريم تلاوة واعية تدفع المؤمن ليقيم الصلاة وينفق من رزق الله تعالى بمستوى معين ، فإن أدى ما عليه في هذا المستوى ستكون تلاوته لكتاب الله أكثر وعياً ودقة وعمقاً ، وهذه التلاوة بدورها سترفع من مستوى إقامته للصلاة والإنفاق ، وهكذا حتى يصل المؤمن الى مستويات عالية ، وهو الربح الحقيقي من التجارة مع الله جل جلاله .

التأمل الحادي عشر:
لكل من الإنفاق السري والإنفاق العلني مهمة ودور في إنجاح وتحقيق الربح في التجارة مع الله تعالى ، ولكل منهما مصاديق ومعاني محتملة ، ولنأخذ وجهاً قليلاً ما يُطرَح ، وهو أن الإنفاق السري هو الإنفاق الذي يكون مستوراً ومخفياً لا يشعره به غالبية الناس إلا من كانت تلاوته للقرآن واعية مستوعباً للثقافة القرآنية متجذرة في قلبه ولو إجمالاً ، ومن أمثلته الإنفاق المعنوي ، كإنفاق العلم مثلاً كما ورد ( أن زكاة العلم نشره ) ، أما الإنفاق العلني فهو الإنفاق المتعارف عند عامة الناس ، وهو الوجه هو الأكثر شيوعاً ، كالإنفاق المادي الذي يشمل أقسام الزكاة والصدقات والإنفاق على العيال وما شابه ، وهذا الأخير يقسم الى قسمين سري وعلني ، فالسري هو الإنفاق سراً من دون علم الآخرين ، والعلني هو الإنفاق أمام مرأى ومسمع الباقين .

التأمل الثاني عشر:
يعتبر اليهود والنصارى من الذين يتلون كتاب الله ، إلا أن تلاوتهم شكلية لا قيمة لها على أرض الواقع ، هذا إن قبلنا بأن ما في أيديهم كتاب الله وليس ما حُرِّف من كتاب الله العزيز ، وهذه التلاوة الشكلية والسطحية جعلتهم مبتعدين عن الدين بشكل كبير متمسكين بالحياة الدنيا بشكل واضح يرجون تجارة لن تبور من خلال وضع أسس اقتصادية لا تمنعها شريعة أو دين ، فيُقدِّمون التجارة على الدين ، ونتيجة ذلك واضحة ، وهي أنهم لا يقيمون الصلاة ولا ينفقون من رزق الله في سبيل الله ، وهذا ما يثبته الواقع .
والمسلمون إن صاروا مثل اليهود والنصارى باهتمامهم بالتجارة – التي يظنون أنها لن تبور – ويفضلونها على الدين فسيصير مصيرهم مثل مصير أولئك ، ولن نرى عندها إقامة للصلاة ولا إنفاق من رزقهم الله في سبيل الله جل وعلا .

التأمل الثالث عشر:
يفترض أن المؤمن يرجو تجارة لن تبور ، وهذه التجارة يمكن أن تكون هي التجارة المتعارف عليها من خلال بيع وشراء السلع والخدمات بين الناس ، بشرط أن يكون التاجر متفقهاً بأمور دينه وإلا سيكون فاجراً بتعبير إحدى الروايات ، والتفقه في الدين يعني أن يكون ممن يهتمون بتلاوة كتاب الله العزيز وما يتفرع عنه من روايات وأحكام شرعية يسطرها الفقهاء العدول ، فإن كان كذلك أصبح مؤهلاً لإقامة الصلاة في مجال عمله ، فعندما يمتنع التجار عن تجارة المحرمات كالخمور وآلات القمار وما يشيع الفاحشة بين المؤمنين كالملابس الفاضحة وأن لا يغشوا في تجارتهم وأن يكونوا صادقين في ما يقولونه لزبائنهم وينفقون مما رزقهم الله سبحانه على المحتاجين وعلى أمور البِر فسيكون المسلمون في مأمن من دخول ما يُفسد حياتهم الإيمانية وسيكون المجتمع أقرب الى رضا الله تعالى من سخطه ، وهذا أحد أوجه إقامة الصلاة .

التأمل الرابع عشر:
لا بد أن يعرف المؤمنون أن التاجر – بالمعنى العرفي عند الناس – إن كانت تجارته رابحة فليس بالضرورة أن تكون تجارته مع الله رابحة فيكون تالياً لكتاب الله الكريم مقيماً للصلاة منفقاً في سبيل الله سراً وعلانية ، وإنما هو رزق ساقه الله سبحانه إليه لأسباب وغايات لا يعلمها إلا هو عز وجل ، إما رأفة به أو رأفة بالعاملين معه وعوائلهم أو ثواباً لعمل معين قام به أو إختباراً له وابتلاءاً أو لأسباب أخرى .
وفي الوقت نفسه ليس كل تاجر خاسر فإن تجارته مع الله تعالى خاسرة أو أنه لا يتلو كتاب الله العزيز وليس مقيماً للصلاة ولا منفقاً في سبيل الله في السر والعلن ، وإنما هي إرادته سبحانه لابتلائه واختبار صبره وإيمانه أو رأفة به لإبعاده عن هذه التجارة وهذه الطريقة في الكسب لطريقة أفضل ، أو غيره من الأسباب المحتملة .

التأمل الخامس عشر:
إن نصرة القرآن الكريم لها عدة أشكال ، منها التظاهرات وبيانات الشجب والاستنكار ، ولكنها ليست الوحيدة ، بل هي نصرة آنية ينتهي تأثيرها بإنتهاء الزوبعة الإعلامية للإساءة للقرآن ، أما الشكل الحقيقي للنصرة فيكون بتلاوة كتاب الله الحكيم تلاوة متأنية واعية لتكون مقدمة لخطوات مهمة ، ومن أهم هذه الخطوات هي إقامة الصلاة ، إذ أنها تجسّد العبودية لله عز وجل في المجتمع وبالتالي سيكون هذا المجتمع وأفراده أعزاء أقوياء لا تستطيع دولة – فضلاً عن أفرادها – بالتجاوز على أي مقدس من المقدسات الإسلامية . ومن الخطوات التي تنتج عن التلاوة الواعية هو الإنفاق من رزق الله الحلال الذي ينتج عن تجارة لن تبور ، لا من الرزق الحرام الذي يجعلنا عبيداً لأعداء الله ، فَسَعيُنا للعمل في تجارة لن تبور سيُغنينا عن ما في أيدي أعداء الله ، وبالتالي سنتمكن من الوقوف بقوة ضد من يريد المساس بمقدساتنا.

للمزيد من التأملات القرآنية انضموا الى قناة ( تأملات قرآنية ) على التلغرام :
https://t.me/quraan_views

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M