الأمن القومي في العراق.. تحديات «بنيوية» و«طائفية» تعيق فرض القانون

 جاسم محمد

 

تعتبر عدم قدرة الحكومة العراقية على فرض القانون وسلطتها على المجموعات المسلحة في العراق، واحدة من أبرز التحديات للأمن القومي العراقي، ويعود ذلك إلى ارتباط هذه المجموعات بأطراف خارجية إقليمية أبرزها إيران بالحصول على التمويل والسلاح.

إن صعود كفة العشائر العراقية في العراق والفصائل المسلحة – الميليشيات، على حساب الحكومة، شهادات من داخل، يجعل المواطن العراقي اليوم، لا يشعر بحماية الدولة، العشائر إلى جانب الجماعات المسلحة هي من تسيطر على الشارع والمجتمع العراقي.

وتعدد مؤسسات الأمن والجيش والعمليات العسكرية في المدن العراقية، ساعد على انتشار السلاح في سوق العراق، ورغم الأصوات التي ترفع بين حين وآخر من داخل بعض الأطراف السياسية أكثر من الحكومة، فيبقى ملف انتشار الأسلحة في الشارع العراقي معضلة يصعب السيطرة عليها.

إن إستراتيجية الأمن القومي العراقي تعتبر الخطوط العريضة التي تتبعها الحكومة لتحقيق المصالح الوطنية والتهديدات المحتمل مواجهتها، وقد نص الدستور العراقي في المادة (110)عام 2005 على أن سياسة الأمن القومي هي من واجبات الحكومة الاتحادية، لذا فإن استراتيجية الأمن القومي تمثل مطلبا دستوريا تقدمه الحكومة لتبين رؤيتها للمصالح الوطنية وكذلك التهديدات و كيفية مواجهتها.

أبرز المؤسسات الاستخبارية العراقية

1ـ وزارة الأمن الوطني ـ جهاز الأمن الوطني، الأمن الداخلي، وترتبط برئاسة الوزراء.

2ـ جهاز المخابرات الوطني العراقي، مرتبط برئيس الحكومة.

3ـ مديرية الاستخبارات العسكرية، وزارة الدفاع.

4ـ وزارة الداخلية، وكالة التحقيقات الوطنية. وزارة الداخلية، المديرية العامة للأمن والاستخبارات.

5ـ استخبارات الداخلية. وزارة الداخلية، ويكون واجبها الإشراف على أداء منتسبي ومقاتلي وزارة الداخلية، وتنفيذ مهام إضافية متعلقة بمكافحة الإرهاب، وتتفرع إلى: مديرية استخبارات بغداد ومديريات استخبارات المحافظات.

6ـ مديرية استخبارات الشرطة الاتحادية التي تقوم بجمع المعلومات الاستخبارية عن التنظيمات الإرهابية.

7ـ مستشارية الأمن الوطني العراقي وتضم مجلس الأمن الوطني الذي يرأسه رئيس الوزراء ويضم في عضويته وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية ومستشار الأمن الوطني.

الأمن في العراق يعاني من مشاكل رئيسية 

مشكلة بنيوية: مؤسسات الأمن في العراق أصبحت كثيرة، وهناك تقاطع في المهام والواجبات، وهذا يعني أنها بحاجة لأن تنشط ضمن هيكل هرمي، على غرار مجمع الاستخبارات الأميركية على سبيل المثال، لتكون أساسا لمستقبل أمني أفضل في العراق. أما إبقاء التركيبة الإدارية لمؤسسات الأمن في العراق على ما هي عليه، يعني انعدام المركزية والتنسيق والتعاون بين تلك المؤسسات.

على سبيل المثال، ما تحصل عليه أجهزة الأمن: جهاز مكافحة الإرهاب، الاستخبارات العسكرية، الدفاع، الشرطة، استخبارات الداخلية، من موقوفين من عناصر داعش وعوائلهم، تقوم كل مؤسسة بالاحتفاظ بالموقوفين لديها. المشكلة تظهر، عند ترحيل المطلوبين في قضايا الإرهاب إلى وزارة العدل، حيث يتطلب من كل مؤسسة إحضار موقوفيها للتحقيق ثم إعادتهم.

هذا النوع من العمل بالتأكيد يضيع فرصة تراكم الخبرات لدى ضباط التحقيق، بالوصول إلى ربط بإفادات الموقوفين، ومتابعة نتائج التحقيق. معلومات حصلت عليها مجلة «المجلة» من مصادر استخبارات عراقية، بأن أجهزة الأمن في العراق، لا تتعاون فيما بينها وتخفي المعلومات بعضها عن بعض، وهناك منافسة غير شريفة بين الأجهزة لتحقيق تقدم على حساب الأجهزة الأخرى.

مشكلة التسييس والطائفية: ما دام الدستور العراقي بعد عام 2003، اعتمد أسس الطائفية والمذهبية بين مكونات الشعب العراقي، فهذه الحالة تجذرت في داخل مؤسسات الدولة العراقية ومنها الأمن والدفاع، ولم يعد سرا، أن المؤسسات العراقية تسمى باسم الحزب أو الكتلة السياسية التي تسيطر عليها، لتشمل غالبية العاملين في هذه المؤسسات.

التقارير كشفت أن أعدادا من موظفي الاستخبارات العراقية، يتم نقلهم أو الاستغناء عن خدماتهم أو تحويلهم إلى وزارات أخرى، لأسباب تتعلق بالمذهب أو كتلة سياسية. ولذلك تتأثر أجهزة الأمن والاستخبارات كثيرا بتغيير رأس الجهاز، ورغم أن بعض ذلك مقبول نسبيا، كون ما يحدث في العراق يحدث في أغلب دول المنطقة، لكنه يضرب بتداعياته العكسية على معنويات الموظفين وعملهم داخل مؤسسة الأمن.

سيساسة الدمج

إن حجم أعداد الجيش والشرطة ، أصبحت تمثل أرقاما إحصائية فقط بسبب المحاصصة والدمج (سياسة اتبعها العراق منذ عام 2006، لتسريح ضباط الجيش العراقي السابق ما قبل 2003 وإبداله بعناصر موالية إلى الأحزاب والكتل السياسية). الأحزاب والكتل اتبعت المحاصصة حتى في تعيينات الأمن والدفاع ، وفقا لمبدأ الدمج لتتحول الأمن والدفاع إلى خزان بشري تبحث عن الكسب وميليشيات ماعدا نخبة قليلة من الكفاءات ألتي ما زالت تعتز بشرف المهنة ، فالولاء تحول للأحزاب وليس للمؤسسة أو الوطن.

وتنقص هذه المجاميع الكفاءة المهنية مما يجعلها عاجزة عن قيادة وإدارة الملف الأمني على مستوى التخطيط وعن المواجهة بالنسبة للقيادات الميدانية. وبات معروفا بأنه لا يوجد هنالك انضباطا بين رجال الأمن والدفاع، وهذا يبدأ بتعاملهم داخل المؤسسة وفي تنفيذ المهام وعدم الالتزام. ويعاني غالبيتهم من نقص الخبرات والتدريب والجهل بسياقات العمل. إن تعدد أجهزة الأمن والدفاع يأتي بالتقاطعات والتداخل مما يفوت الكثير من فرص المتابعة.

الفساد داخل الأمن والدفاع 

تعاني مؤسسات الأمن والدفاع في العراق من مشكلة الفساد كما هو الحال في الحكومة والدولة العراقية ويصعد هذا الفساد إلى قمة الهرم . المناصب في الأمن والدفاع يتم التعامل معها بلغة البورصة التجارية وسوق العملات ، هذه المناصب تبدأ بالقيادات العليا في الدفاع والداخلية ومكتب وقاعدة هرم الفساد تتسع لتضم أعضاء في البرلمان وقيادات في الكتل والأحزاب . ذكر بعض كبار السياسيين العراقيين في شهادتهم، أن تجارة المناصب وصلت إلى شراء منصب وزير في الدولة العراقية خاصة في المراحل الأولى من تشكيل الحكومة الحكومات. الدفاع والداخلية ينظر لهما مصدر للحصول على الرشاوي والعمولات بسبب ما تتمتع بهما موازنة الأمن والدفاع، في ذات الوقت أن من يسيطر على الأمن والدفاع يعتقد بأنه سيكون بمأمن من آية محاولة للعزل أو التصفية بسبب عدم الثقة .

إن ضعف الجهد ألاستخباري على مستوى رسم الإستراتيجيات ووضع الخطط و الميداني، يتطلب إدخال عناصره بدورات مكثفة وتزويد الأجهزة الأمنية بأحدث المنظومات الاستخبارية الفنية أبرزها مراقبة الكاميرات في الشوارع والمؤسسات واستخدام المناطيد التي يمكنها تعقب مساحة عشرين كلم مربع مرتبطة في غرف عمليات للكشف المبكر والتعقيب، للأسف لم تكشف أجهزة الأمن النتائج التي تحصل عليها بواسطة المراقبة الفنية. أن أحد أسباب التدهور الأمني هو عدم وجود قاعدة بيانات ومعلومات حول الأشخاص والعجلات والهواتف والمصارف، فتنظيم “الدولة الإسلامية” يستخدم السيارات ألمسروقة في عملياته وينبغي للجهات المعنية وضع حد لعائدية العجلات والبطاقة الشخصية من اجل تعقب المطلوبين.

.
رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M