الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ تأثير الجماعة داخل المجتمعات الألمانية

أصبح تنظيم الإخوان المسلمين في ألمانيا يسبب معضلة كبيرة لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وبدأت الجمعيات والمنظمات التابعة للتنظيم التسلل إلى النظام الديمقراطي لخلق مجتمع مواز قائم على أيديولوجية الإخوان. بالإضافة إلى أن تنظيم الإخوان المسلمين لا يزال يعول على المساجد والجمعيات التابعة له لاستقطاب وتجنيد شباب الجاليات المسلمة لتوسيع نفوذه وتحقيق مكاسب سياسية.

المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا

تأسس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا في عام 1994 برئاسة “نديم الياس”. تركز أهداف المجلس على القضايا المتعلقة بتعليم الدين الإسلامي، وتمثيل مصالح الجاليات الإسلامية . وتذهب تقديرات المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إلى أنّ عدد المساجد في البلاد بلغ حوالي (2500) مسجد، كما قدّرها خبراء في البرلمان الألماني (بوندستاغ) بين (2350 و2750) مسجد. يعد المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا/ ZMD أحد أهم المنظمات الإسلامية ويضم المجلس (10000) عضو يمثلون أعداد مهمة من نحو (3.5) مليون مسلم يعيشون في ألمانيا، ويمثل المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا/ ZMD بالدرجة الأولى مسلمين غير أتراك.

طرد المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا كافة الواجهات المرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين من عضوية المجلس، وفي مقدمتها اتحاد الطلبة التابع للإخوان المسلمين والمركز الإسلامي في”ميونخ”. كما جرد “إبراهيم الزيات” المعروف بـ”وزير مالية الإخوان” من كافة المناصب داخل الاتحاد وتأتي تلك التوجهات لإقصاء الواجهات الشرعية لجماعة الإخوان المسلمين والتي يتم استخدامها كأداة لتحقيق مكاسب سياسية وتوسيع النفوذ.

انطلقت في مدينة “كولونيا” في 25 نوفمبر 2021 فعاليات مشروع “حماية دور العبادة” ، بمشاركة المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بالتعاون مع مشروع سوار (SOAR) الذي يعتني بتعزيز وسائل الحماية والأمن لدى المؤسسات الدينية ودور العبادة المعرضة للخطر. يهدف المشروع إلى إرشاد القائمين على المؤسسات الدينية إلى معرفة الإجراءات والتدابير المتعلقة بحماية دور العبادة من الهجمات المحتملة. وذلك عبر برامج تأهيل تنظم بتعاون مع الشرطة الفيدرالية من أجل رفع مستوى الوعي بطرق التفاعل مع أي تهديد مادي أو بشري تتعرض له المؤسسات. وطالب المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الجهات المعنية بعمل المزيد من أجل محاربة العنصية والتمييز والكراهية.   الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ الواجهات ومصادر التمويل

منظمة “الجماعة الإسلامية الألمانية” (DMG)

تعتبر جمعية “DMG” التي كانت تسمى سابقا (التجمع الإسلامي في ألمانيا) جزءاً من الشبكة العالمية للإخوان المسلمين “ومنظمتها المركزية في ألمانيا” وذلك بناء على الروابط والصلات الوثيقة في الهياكل والمناصب مع تنظيم “الإخوان المسلمين” في ألمانيا. وأشارت التقديرات الرسمية الصادرة من الأجهزة الأمنية الألمانية أن عدد أعضاء جمعية “دي إم جي” يصل حوالي (1450) عضواً.

أكدت الاستخبارات الداخية الألمانية في عام 2017 من خلال استنادها لأحكام قضائية في ولاية “هيسن” أن إيديولوجية الجمعية متوافقة تماماً مع إيديولوجية تنظيم “الإخوان المسلمين”. وتتضمن تلك الإيديولوجية إقامة أنظمة سيادة إسلاموية ومجتمع مواز لا يتفق مع مبادئ الديمقراطية والقيم الألمانية. وذكرت هيئة حماية الدستور أن “DMG” تعد جزءاَ مما يسمي “الطيف القانوني” الذي يقصد به الجماعات التي تحاول إحداث تغيير على المدى البعيد استناداً إلى القوانين المحلية في المجتمع الألماني دون اللجوء إلى العنف أو شن هجمات إرهابية.

روابط منظمة الإغاثة الإسلامية بتنظيم الإخوان المسلمين

تأسَّست منظمة الإغاثة الإسلامية في عام 1996 في مدينة كولونيا الألمانية وتُعدّ إحدى أكبر الجمعيَّات الإسلامية وأقواها ترابطًا في البلاد وتعمل هذه المنظمة باعتبارها جزءاً من شبكة عالمية في أكثر من(40) بلداً في جميع أنحاء العالم. وتأتي التبرعات التي يحصل عليها فرع المنظمة في ألمانيا من الجاليات المسلمة في المجتمع الألماني. ومنحت المفوضية الأوروبية منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا (712) ألف يورو، وما زالت تعتبرها شريك إنساني للفترة بين 2021 و2027.

تلقت منظمة الإغاثة الإسلامية في الفترة بين 2014 و2019  ما يقارب (5.14) مليون يورو من مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وتلقي الفرع الألماني للمنظمة بين عامي 2011 و 2015 حوالي (6.13) مليون يورو من الحكومة الألمانية. واستغلت منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا أٌموال التبرعات لتمويل أنشطة وفعاليات التنظيم، فعلى سبيل المثال كانت المنظمة في عام 2015 هي الراعي الرسمي لاجتماع منظمة المجتمع الإسلامي ، و كانت الراعي الرئيسي في عام 2016 لاجتماعات منظمة الشباب المسلم.

ترتبط منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا بروابط وثيقة بتنظيم الإخوان المسلمين، وتوجد علاقات مؤسسية وشخصية بينها وبين قيادات التنظيم،  ولها روابط قوية بمنظمات أجنبية لاسيما حركة “حماس”. توجد تداخلات شخصية بين منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا وجمعية “التجمع الإسلامي الألماني” (DMG) ، وهناك تداخلات أيضاًَ بين فرع الإغاثة الإسلامية في ألمانيا والمنظمة الأم البريطانية والإغاثة الإسلامية العالمية (IRW) من حيث التاريخ التنظيمي والأيديولوجية.

حذرت “سيجريد هيرمان مارشال” الباحثة الألمانية والخبيرة بشئون جماعات الإسلام السياسي، “في 21 أكتوبر 2021 من خطورة استمرار تقديم الدعم المالي لجميع فروع منظمة “الإغاثة الإسلامية العالمية” في ظل ثبوت ارتباطها بجماعة الإخوان الإرهابية وتوالي اتهامات الإرهاب والتطرف ضدها بشكل متزايد.الإخوان” وحزب اليسار في ألمانيا ـ تخادم وتبادل مصالح

“Europe Trust” وغسيل الأموال في ألمانيا

تم تسجيل “Europe Trust” كمؤسسة خيرية عام 1996 مقرها المملكة المتحدة. وفي الظاهر تعد “Europe Trust” شركة ومؤسسة خيرية من خلال إنشاء محفظة من الأصول واستثمارات لاستغلال مواردها لتمويل المشاريع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الأوروبية. وفي الخفاء تعد أداة مالية لغسيل وتبييض الأموال، وأيضاَ إحدى الأدوات المالية الرئيسية لتمويل تنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا لا سيما ألمانيا. وفي الغالب يكون مديرو وأمناء صندوق المنظمة من المسلمين الأوروبيين المنحدرين من أصول شرق أوسطية.

استحوذت مؤسسة “Europe Trust” على ممتلكات تبلغ مساحتها (5665) متراً مربعاً مع جناح إداري من (5) طوابق في موقع مصنع سابق لشركة “AEG-Telefunken” وانتقل العديد من الجمعيات والجماعات إلى هناك. بلغت قيمة العقار التي استحوذت عليه المنظمة (4) ملايين يورو في حي “ويدينج” في برلين وهي منطقة تضم بالفعل العديد من الجمعيات التي يراقبها المكتب الفيدرالي لحماية الدستور (BfV) وكانت في عام 2019 مؤسسة “Europe Trust” مالكة لعقار واحد في كل من “برلين ولودنشايد”.

يقول النائب البرلماني ” كريستوف دي فريس” عن الاتحاد المسيحي في 5 يونيو 2022 أنه “أصبح معروفاً أن إحدى منظمات الإخوان المسلمين النشطة في بريطانيا (أوروبا ترست) استحوذت على عقار في حي فدينج في برلين، ويُستخدم في الوقت الحالي من قبل ممثلي الإسلام السياسي، وفي الواقع هو المقر الألماني للإخوان المسلمين”. وتابع “بالمناسبة فإن جماعة الإخوان المسلمين هي منظمة محظورة في العديد من الدول الإسلامية، ومن المقلق أيضاً أن ينفق الإخوان الملايين من أجل نشر أفكارهم هنا في ألمانيا.”

تأثير جماعة الإخوان المسلمين على المجتمع الألماني

يمتلك تنظيم “الإخوان المسلمين شبكات واسعة من المؤسسات التعليمية والمساجد والجمعيات التي تستهدف النظام السياسي والاجتماعي لتمرير أيديولوجيتها المتطرفة. وتعتمد استراتيجية “الإخوان المسلمين” على “استراتيجية طويلة المدى” لاختراق المجتمع الألماني وخلق مجتمع مواز، و يعمل تنظيم الإخوان المسلمين جنباً إلى جنب مع عدد من الفاعلين الإسلاميين الآخرين المنتسيبين للتيار السلفي في ألمانيا، وتحاول التقرب إلى صانعي القرار في ألمانيا لتمرير أجندتهم.

يعكس تنامي أنشطة الإخوان المسلمين في ألمانيا حجم التأثير السلبي للمنظمات الإسلامية ذات الإيديولوجية المتطرفة على المجتمع الألماني والجاليات المسلمة. وتعول جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها تنظيم الإخوان المسلمين على المساجد التابعة لها في ألمانيا للتأثير والتجسس على الجاليات المسلمة وبثّ خطابها السياسي. وهو ما أكدته الأجهزة الاستخبارية في ألمانيا حيث يُعتبر جمعية “ديتيب” وسيلة أساسية لحزب العدالة والتنمية التركي ذو الخلفية الإخوانية للتجسّس على الأتراك في ألمانيا. الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ جهود حكومية للكشف عن مصادر التمويل

التقييم

ترتبط منظمة “الجماعة الإسلامية الألمانية” (DMG) بروابط هيكلية وأيديولوجية وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين عبر الاتصالات المستمرة بين قيادات الإخوان، وهذا دفع المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا إلى إسقاط عضوية جمعية “التجمع الإسلامي الألماني” التي صنفتها السلطات الأمنية جمعية تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين.

لاحظت الأجهزة الأمنية الألمانية تنامي أنشطة مساجد ومنظمات الإخوان المسلمين في استقطاب شباب الجاليات المسلمة والتأثير عليهم ما دفع الاستخبارات الداخلية الألمانية لتشديد مراقبة أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى مراقبة مصادر التمويل، و مراقبة الآليات التي تنشط وفقاً لها تنظيمات الإسلام السياسي بمختلف مستوياتها.

تصاعدت التحذيرات الألمانية بشأن التقليل من أنشطة الإخوان المسلمين وقياداتها ، ففي العلن دائماً ما تظهر جماعة الإخوان رفض التطرف العنيف، لكن هناك علاقات سرية بأشخاص يتبنون الفكر المتطرف. ومع ذلك هناك تجاهل من المخاطر المحتملة للإخوان المسلمين من قبل المخابرات الداخلية الألمانية.

بات من المرجح أن تشهد جماعة الإخوان تراجعاً كبيراً في أنشطتها داخل ألمانيا، وكذلك في أوروبا في أعقاب السياسات الأمنية المشددة وبالتوازي مع انقسامات تنظيم الإخوان الدولي.

 

الهوامش

Der Dschihad ist ihr Weg
https://bit.ly/3dZaUWV

مجلس المسلمين بألمانيا يسقط عضوية جمعية مقربة من “الإخوان”
https://bit.ly/3UYx9Nm

المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
https://bit.ly/3C32TYV

ألمانيا ـ الحكومة تؤكد و”الإغاثة الإسلامية” تنفي علاقتها بـ”الإخوان”
https://bit.ly/3e7lgE1

Islamist extremism and Islamist terrorism
https://bit.ly/3SuVrg1

نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

.

رابط المصدر:

https://www.europarabct.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%88%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a3%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d9%80-%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d9%88/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M