الإخوان المسلمون في النمسا.. تداعيات حظر رموز الجماعة؟

جاسم محمد

 

تشهد النمسا ودول أوروبا، حراكًا بمراجعة قوانينها وسياساتها، تجاه الإسلام السياسي، والجماعات المتطرفة، ويبدو أن النمسا وجدت أن رموز جماعة الإخوان وبقية الجماعات المتطرفة، ساهمت كثيرا في “شحن” التطرف والكراهية من الداخل، وصعدت الرموز مواجهات أنصار الجماعة ضد أجهزة الأمن والشرطة، خاصة خلال تنظيم التظاهرات، التي في الغالب، تقوم على الشحن المتطرف وصناعة الكراهية.

أعلنت النمسا، يوم 8 يوليو 2021، توسيع العقوبات ضد جماعة “الإخوان المسلمين” وبقية الجماعات المتطرفة القانون، يحظر استخدام الرموز لكل من: (داعش، والقاعدة، والإخوان المسلمين، وحماس، والذئاب الرمادية، وحزب العمال الكردي، والجناح العسكري لحزب الله، وحركة أوستاشا الكرواتية الفاشية وجميع الكيانات الأخرى المدرجة من قبل الاتحاد الأوروبي على أنها الجماعات الإرهابية). خلفيات القرار يعود إلى الأول من مارس 2019 وربما إلى قرار عام 2015. ما يهدف له الحظر هو محاولة لتقليل دور منظمات المجتمع المدني في الحياة السياسية النمساوية، يبدو أن المنظمات الإسلامية النمساوية تعمل محركًا رئيسيًا لتنفيذ سياسات أكثر تطرفًا.

وقبل هذا التوسيع، كان القانون يحظر بوضوح رموز كل من التنظيمات التالية: داعش، والإخوان، وتنظيم القاعدة، والذئاب الرمادية التركية، وحزب العمال الكردستاني، وحركة حماس، ومليشيات حزب الله اللبناني، وحزب التحرير.

شهدت فيينا  نهاية مطلع  شهر نوفمبر 2021 هجوماً إرهابياً ً كان ضحيته عدد من المدنيين، المعلومات أكدت إلى أن منفذ العملية هو من أصل ألباني، عمره 20 عاما ويحمل جنسيتي النمسا ومقدونيا الشمالية، كما أنه من أنصار تنظيم داعش وسبق أن أدين العام الماضي بجريمة إرهابية لمحاولة السفر إلى سوريا للالتحاق بداعش.

وسعت النمسا قانون حظر رموز التنظيمات المتطرفة ليشمل تنظيمات يمنية متطرفة، تنضم إلى رموز الإخوان المحظورة بالفعل من 2019. جاء ذلك في إطار تمرير البرلمان النمساوي، لحزمة تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب، بتأييد واسع من أحزاب الخضر “يسار” والشعب “يمين وسط” والاشتراكي الديمقراطي “يسار وسط”، والحزب الليبرالي الحر “يمين وسط”. فيما عارض حزب الحرية الشعبوي الحزمة لأنها “غير كافية لمواجهة الإرهاب في البلاد” بعد هجوم فيينا الدامي قبل أشهر، وفق تعبير الحزب.

وفيما تواجدت رموز الإخوان في قائمة الحظر بموجب هذا القانون منذ دخوله حيز التنفيذ في الأول من  مارس 2019، كان الجناح السياسي لحزب الله أحدث المنضمين لها قبل أسابيع من التوسيع. وفي منتصف مايو2021، قررت السلطات النمساوية وضع الجناح السياسي لحزب الله على قائمة الرموز المحظورة بموجب قانون حظر الرموز، لتصبح رموز حزب الله محظورة بالكامل في البلاد لأول مرة.

قررت النمسا إضافة شعار جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب شعارات منظمات متطرفة أخرى، إلى قائمة الرموز المحظورة في النمسا، لطالما حاولت جماعات الضغط حظر الإخوان المسلمين في عدد من دول أوروبا. القرار من شأنه أن يضعف الجماعة وكذلك جماعات الإسلام السياسي في النمسا والتي تتخذ من المنظمات والجمعيات وغيرها واجهات للنشاط خلفها.

محاربة الإسلام السياسي المتطرف وليس الدين

نشرت الحكومة النمساوية عناوين أكثر من 620 مسجدًا وجمعية إسلامية في النمسا، خلال شهر مايو 2021. وبحسب وزارة الاندماج، فإن الغرض منه هو “محاربة الإسلام السياسي المتطرف وليس الدين. هذا هو الأحدث في سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة النمساوية لمحاربة “الإسلام السياسي”، وقد حددته كواحد من التهديدات الرئيسية التي تواجه البلاد. في غضون ذلك، بدأت السلطات النمساوية في استهداف جماعة الإخوان المسلمين. ما زالت تعتبر الحكومة النمساوية مصدر تهديد  للأمن القومي.

وقال ممثلو الادعاء إن نتائج التحقيق في الإرهاب الذي استمر لمدة عام حتى الآن كشفت أن  جماعة الإخوان المسلمين منظمة عالمية نشطة ومتطرفة ومعادية للسامية. كما اتهموا جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة “إقامة دولة إسلامية على أساس الشريعة الإسلامية في جميع دول العالم” والحفاظ على العلاقات مع “المنظمات الإرهابية” مثل حماس. وقال وزير الداخلية النمساوي النمساوي إن عملية الشرطة تهدف إلى محاربة “الأرض الخصبة للتطرف”. وقال في بيان “نعمل بكل قوتنا ضد هذه المنظمات الإجرامية والمتطرفة واللا إنسانية” وأكد أن التحقيقات والمداهمات “لم تستهدف المسلمين أو الإسلام كطائفة دينية”.

يقول ريتشارد بوتس الخبير بقانون الأديان المقارن مدير لمعهد الفلسفة القانونية وقوانين الأديان والثقافة بجامعة فيينا: أولا وقبل كل شيء، من الطبيعي أن يكون القانون العام في دولة علمانية مقدما على القوانين الدينية. هذا أمر بديهي، حتى إنه لم يدرج ضمن النصوص القانونية المتعلقة بالأديان الأخرى. أما بالنسبة للمسلمين، فقد وُجِدَ أنه من الضروري تدوين ذلك في “قانون الإسلام” وإبرازه تماما مباشرة في المادة الثانية من القانون. في رأيي، هي إشارة غير ضرورية يمكن أن تُفسر بالشكل التالي: “في الواقع نحن لا نثق فيكم”. أي إن هناك شك تجاه المسلمين بأنهم سيمنحون الأولوية للقانون الديني في كل الأحوال حتى عندما يتعلق الأمر بالتزامات تجاه الدولة.

التقييم

ـ إن إصدار القانون في هذا الوقت من قبل حكومة النمسا، يأتي تعزيزا للقرارات والسياسات السابقة التي اتخذتها ضد الجماعات المتطرفة وضمنها الإخوان، لكن القرار جاء موضحا أكثر بالتفاصيل لحظر رموز الإخوان. ويمكن اعتبار أن ما شهدته النمسا من عملية إرهابية نوعية مطلع شهر نوفمبر عام 2020، كانت منعطفًا جديدًا ونقطة مفصلية في سياسات النمسا ضد جماعة الإخوان تحديدا إلى جانب بقية الجماعات المتطرفة.

ـ إن حظر استخدام الرموز الدينية، لجماعة الإخوان أو غيرها، أيضا جاءت في أعقاب، استخدام المتظاهرين، الرايات والرموز في التظاهرات والميادين، وهي من شأنها أن تشعل مشاعر التوتر و”الحماس” لدى أنصار تلك الجماعات، ومن شأنها أن تدفعهم لتنفيذ أعمال متطرفة وإرهابية.

ـ بدون شك حظر الرموز من شأنه أن يضعف معنويات أنصار الجماعة كثيرًا، وهذا أيضا ينعكس على قدرة جماعة الإخوان بالحصول على أنصار جدد أو تجنيد عناصر جديدة، وهي تستغل المناسبات في الأماكن العامة.

ـ يمكن اعتبار القرار التي اتخذته النمسا هو تعزيز للقرارات السابقة التي تعود لعام 2015 و 2019 بحظر الجماعة ومحاربة التطرف، ويأتي ذلك ضمن إدراك النمسا وبعض دول أوروبا وبشكل متأخر، أن الإرهاب في أوروبا، أصبح محليا من الداخل، رغم أنه مترابط مع الجماعات المتطرف عبر الحدود.

القرار النمساوي هذا ممكن أن يدفع بعض دول أوروبا، باتخاذ ذات النهج بحظر رموز الإخوان المسلمين وبقية الجماعات المتطرفة.

 

.

رابط المصدر:

https://roayahnews.com/articles/2021/07/09/828005/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D8%B3%D8%A7-%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D8%B8/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M