تداعيات التدخل الدولي في إقليم الشرق الأوسط على ظاهرة الإرهاب (سوريا، العراق، ليبيا، اليمن) أنموذج

يعد إقليم الشرق الأوسط من الأقاليم التي تُعتبر مكاناً خِصباً للصراعات والأزمات والممارسات الإرهابية من قِبل الجماعات المُتطرفة التي وجدت لنفسها في ظل الفوضى، التفتت ،انهيار الأنظمة السياسية وعدم الاستقرار وانعدام الأمن مأوي لأهدافها ومسرحاً خِصبا لتنفيذ ما تصبوا إليه خاصة في ظل الصراعات العرقية والتدهور الذي تعاني منه بعض دولها، لذا تأتي تلك الدراسة في غمار رصد وتتبع التدخلات الدولية في إقليم الشرق الأوسط وتأثيرها على الظاهرة الإرهابية بنحو أو بآخر، حيث يستهدف الباحث في هذا الموضع كل من ليبيا، سوريا، اليمن، العراق، كموضع للبحث والتحليل وذلك في ظل الظرفيات التي مرت بها تلك الدول وخاصة في ظل معاناتها من الإرهاب بوتيرة مرتفعة للغاية، لذا يكمن التساؤل الرئيسي الذي أثير في؛ “إلى أي مدى أثر التدخل الدولي على ظاهرة الإرهاب تصاعداً أو حتى انخفاضاً في الشرق الأوسط؟” وتفرع منه العديد من التساؤلات الفرعية والتي تمثلت في التعرف على؛ السمات التي يتمتع بها إقليم الشرق الأوسط ليكون محط أنظار العالم ومصدر لاستقطاب الجماعات المتطرفة، بالإضافة صور التدخل المباشر وغير المباشر في إقليم الشرق الأوسط عموما ًوالدول محل الدراسة بشكل خاص، ومسببات وتداعيات التدخل الدولي والإقليمي في الشرق الأوسط علي الظاهرة الإرهابية، كذلك الأمر مستقبل إقليم الشرق الأوسط في ظل الفوضى الدولية والتدخل المبالغ فيه في المنطقة والاستقطاب للجماعات المتطرفة، كيفية حماية الشرق الأوسط من التدخل الدولي في شئونه.

في حين تمثلت الأهمية العلمية لتلك الدراسة من خلال حِرص الباحث على تقديم أطروحة نظرية تستهدف إلقاء الضوء على الدور الذي يلعبه التدخل الدولي في منطقة الشرق الأوسط علي الظاهرة الإرهابية ومن ثَم تتجسد الأهمية العلمية للدراسة في أهمية الموضوع ذاته فمن المأمول أن تكون هذه الدراسة إضافة علمية حقيقية للباحثين في مجال العلوم السياسية بشكل عام وشئون الشرق الأوسط بشكل خاص وذلك حيث يُقدم الباحث دراسة شاملة للأزمات في منطقة الشرق الأوسط وبالأخص الدول محل الدراسة وكافة الطرق للتعامل معها وبدلاً من أن يُشَتَت الباحث في البحث عن مراجع مختلفة لكل قضية علي حِدا تُقدم له هذه الأطروحة شيء من التفصيل عن كل قضية والسيناريوهات المحتملة لكل دولة وصياغة استراتيجية شاملة للحد من التدخل الدولي في الإقليم بشكل عام ،وذلك من خلال توضيح العلاقة بين التدخل الدولي في منطقة الشرق الأوسط والظاهرة الارهابية ، كذلك ايضا ًمكامن الخطر الذى تتعرض له منطقة الشرق ،كما أنها وسيلة تثقفية للجماهير العربية لرفع درجة وعيهم وإدراكهم بخطورة  التدخل الدولي مما يتيح معه الفرصة لمجابهتها وعدم الانصياع لها.

كما تطرق الباحث في دراسته إلي منهج المصلحة الوطنية وربطها بالدور القومي بمعني أن الدولة في سبيل المصلحة الوطنية لدولة ما مستعدة لإتباع أي الطرق للحفاظ عليها غير مُكترثة بالنتائج المترتبة علي هذه الطرق أو حتي التدخل سواء بتزايد الإرهاب في دولة أو حتي استقطابه، انهيار الدولة سياسياً، اقتصادياً، أمنياً، فهي تعتقد أنها  كما ذكر الباحث مُسبقا ًحامي السيادة ومنه سيأتي  الدور الذي لعبته هذه الدول في إقليم الشرق الأوسط سواء كان بالسلب أو بالإيجاب لتحمي مصالحها و تُحافظ علي مَركزها وتأثيرها في النظام الدولي، سيتم ربط المصلحة القومية بالدور القومي في سبيل المحافظة عليها وتحقيقها، كما اعتمد الباحث في دراسته على مجموعة من المفاهيم المُتصلة بصورة مباشرة أكثر ما تكون مباشرة بالموضوع محل الدارسة، ولعل من أبرزها مفهوم الشرق الأوسط، الاستراتيجية، التدخل الدولي، الإرهاب، الفوضى الخلاقة و المصلحة القومية.

واشتملت تلك الأطروحة على أربعة فصول؛ جاء الأول منها ليعتبر بمثابة تأصيل نظري للدراسة حيث تناول أولًا جدلية مفهوم الشرق الأوسط في الأدبيات المعاصرة؛ من خلال الكشف عن ملابسات نشأة المفهوم وتاريخه، ثم التطرق إلى التوظيف السياسي لمفهوم الشرق الأوسط، وأخيرًا من خلال تتبع مسار المفهوم من خلال التوصيف كونه جغرافي أم سياسي، ثانيًا، التطرق للمفاهيم المرتبطة بالدراسة ولعل من أبرزها؛ مفهوم وصور ومشروعية التدخل، مفهوم الإرهاب وتشعباته، مفهوم الاستراتيجية، وأخيرًا مفهوم المصلحة الوطنية، ثالثًا، التطرق إلى الأهمية الجيواستراتيجية للشرق الأوسط من خلال تناول؛ الأهمية الجغرافية، الأهمية الاقتصادية، الأهمية العسكرية، الأهمية الثقافية، رابعًا، تناول الأهمية الاستراتيجية لدول الأزمة وتحديدًا يعنى الدول محل الدراسة، أما عن الفصل الثاني فقد تطرق تفصيلًا من خلال أربعة مباحث لدول الأزمة من حيث بداية الأزمة وصور التدخل الإقليمي، ثم التدخل الدولي، وأخيرًا من خلال رصد تداعيات هذا التدخل على ظاهرة الإرهاب، أما عن الفصل الثالث فقد استهدف استراتيجية شاملة من أجل الحد من التدخل في الشرق الأوسط وذلك من خلال التأصيل نظريًا للاستراتيجية ومحدداتها وأدواتها وحتى المفهوم ثم عملية الصياغة للاستراتيجية المستهدفة من خلال دراسة البيئة الداخلية والخارجية لدول الازمة ومنه للفرص والتهديدات ثم لتحديد نوعها باستراتيجية علاجية على المدى البعيد، أما عن الفصل الرابع فهو ختامي ليتناول أبرز التوصيات والنتائج ومنه إلى السيناريوهات المحتملة.

وعن أبرز النتائج التي توصل لها الباحث؛ ضعف الإمبراطورية العثمانية كانت السبب الرئيسي وراء تقسيم المنطقة العربية ووضع الحدود بما يتناسب مع مخططاتها وهذا ما تم بالفعل في اتفاقية سايكس بيكو وأعقبتها اتفاقية الخط الأحمر، الموارد النفطية التي تتمتع بها الدول العربية وبالأخص الدول الخليجية هي ما جعلت الولايات المتحدة الأمريكية أن توجهه سياستها الخارجية تجاه المنطقة من خلال مشاريع لتقسيمها وإدراكها أن تحكم العرب في النفط يمثل التهديد الأكبر لصناعاتها وخاصة بعد أن تأثرت من جراء قرارهم في 1973 بوقف تصدير النفط لأمريكا وحلفاءها في الحرب، المُخططات الصهيونية وسعي اليهود من خلال وعد بلفور إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين هو ما ترتب عليه تغيير الخريطة السياسية والجغرافية لتصبح الشرق الأوسط بدلًا من الدول العربية وبالفعل هذا ما تم.

أما عن أبرز التوصيات فتمثلت في: بث توعية للشعب ومدى اهمية الأفكار التي تشجع على التسامح وترك النزاعات القبلية ، وهو ما يسهل أي عملية لتقريب وجهات النظر ويحول دون أن تتعكر الأجواء، وضع رؤية سياسية طويلة الامد تنبع من اجراء حوار شامل بين القوى ذات المصالح القومية في ليبيا  داخل إطار قانوني دولي يحترم سيادة ليبيا، العمل على حدوث توافق عربي  على المستوى الإقليمي لاتخاذ سياسة موحدة لمكافحة الارهاب و منع التدخلات الخارجية، ان يتم وضع استراتيجية تنمية اقتصادية و اجتماعية و تكنولوجية شاملة تكون محور إجماع وطني لتحقيق اهداف مستقبلية واضحة  بعيد عن الغموض، يتم وضع خطط للإصلاح الإداري على أن يشمل  عنصر  الكفاءة والنزاهة والفعالية والرقابة الشعبية.

تحميل الكتاب

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M