تشاد وإزدواجية معايير الإتحاد الأفريقي

اعداد السفير: بلال المصري –  المركز الديمقراطي العربي

 

قرر مجلس السلم والأمن PSC التابع للاتحاد الأفريقي في 14 مايو عدم فرض عقوبات على تشاد وسلطاتها الجديدة , فمنذ بدء الانتقال العسكري بعد وفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي إيتنو في 20 أبريل 2021تعرضت السلطات العسكرية التشادية الجديدة للتهديد بتعليق عضوية تشاد بالإتحاد الأفريقي بسبب إنتهاكها لدستور تشاد الذي يتضمن نصاً يرتب عملية إنتقال السلطة في حال شغور منصب رئيس الدولة بالوفاة أو بالعجز بحيث تؤول السلطة لمدة مُؤقتة مداها 40 يوم لرئيس البرلمان يجري بعدها إنتخابات رئاسية , وهو ما تجاوز عنه المحلس العسكري الذي أعلن عن توليه السلطة بدون إعتبار للنص الدستوري ذا الصلة مُكتفياً بتفويض السلطة من تلقاء نفسه من واقع بيان أصدره أدعي فيه شرعيته وتضمن هذا  البيان تشكيل مجلس عسكري أعلي إنتقالي يتولي السلطة في البلاد لفترة 18 شهراً يجري خلالها تنظيم إنتخابات , مما يعني أن الوضع القائم في هو وضع لشبه إنقلاب عسكري أو Quasi-Putsch وهو وضع نقطة مُتوسطة تقع ما بين الإنقلاب الدستوري والإنقلاب العسكري مما يتوجب الإدانة .

لمواجهة إحتمال إتخاذ قرار من مجلس السلم والأمن الأفريقي بإعتبار تولي العسكريين السلطة بمثابة إنقلاب عسكري لمخالفته دستور تشاد فيما يتعلق بنصه الخاص بعملية إنتقال السلطة لرئيس البرلمان التشادي وليس لمحلس عسكري إنتقالي أو غيره قام محمد إدريس ديبي بزيارة Abuja حيث التقى بالنيجيري  Muhammadu Buhari وكما حدث في Niamey عاصمة النيجر قبل أيام قليلة أكد لأخيه الأكبر الرئيس Buhari أنه ينوي استكمال المرحلة الانتقالية وتنظيم انتخابات حرة في غضون ثمانية عشر شهرًا كحد أقصى مع الحفاظ على التزامات تشاد في مجال سياسة الأمن الإقليمي .

بدأ مجلس السلم والأمن في 14 مايو2021 في دراسة القضية التشادية وإحتدم الجدل بين الدول أعضاء المجلس التي إنقسمت إلي فريقين الأول مُؤيد لفرض العقوبات تطبيقاً لنصوص الاتحاد الأفريقي ومعظمه من الدول الناطقة بالإنجليزية وهي بصفة رئيسية دول الجنوب الأفريقي لا سيما  ليسوتو و ملاوي وقد استفادت هذه المجموعة في مُستهل النقاش من دعم الجزائر التي تمثل الشمال الأفريقي لفرض العقوبات علي النظام التشادي والفريق الثاني مُعارض وأغلبه من الدول الناطقة بالفرنسية بغرب إفريقيا (السنغال وبنين) ووسـط إفـريـقـيا (لا سيما الكونجو وبوروندي ورواندا) وهم من طالبوا بالتساهل مع المجلس العسكري التشادي الذي تم تشكيله في N’Djamena علي عجل في 27 أبريل 2021والتغاضي عن فرض عقوبات علي نظام N’Djamena العسكري وأهمها تعليق عضوية تشاد بالإتحاد الأفريقي , وقد إعتمد مؤيدو التساهل تجاه N’Djamena على تقرير بعثة تقصي الحقائق التي أرسلها الاتحاد الأفريقي إلى تشاد في نهاية أبريل 2021 بقيادة مفوض السلام والأمن النيجيريBankole Adeoye وعضوية سفير جيبوتي (الذي ترأس مجلس السلم والأمن في أبريل) لدى الاتحاد الأفريقي إدريس فرح .

في نهاية الإجتماع المُشار إليه لمجلس السلم والأمن الأفريقي صدر عنه بيان تضمن 20 بند أهمهم :

– البند 16 ونصه : “يعتمد تقرير بعثة التحقيق الموفدة إلى تشاد في الفترة من 29 أبريل إلى 5 مايو 2021 مع استنتاجاتها وتوصياتها ” .

– البند 18 ونصه :”يطلب إلى رئيس المفوضية تقديم تقرير لمجلس السلم والأمن قبل نهاية يونيه 2021عن تطور الوضع في تشاد ولا سيما عمل آلية الدعم والتقدم العام الذي أحرزته الدولة في تنفيذ ذلك , وبعد ذلك على أساس ربع سنوي حتى نهاية الفترة الانتقالية البالغة 18 شهرًا ” .

– البد 19 ونصه : “يشجع السلطات الانتقالية في تشاد على الإسراع في التحقيق الرسمي في الاغتيال الوحشي للرئيس السابق من خلال لجنة التحقيق المنشأة بالفعل بمكتب المدعي العام ووزير العدل حتى يتسنى تقديم مرتكبي هذه الجريمة الشائنة إلى العدالة في أقرب وقت ممكن ” .

البند 20 ونصه : “يقرر إبقاء المسألة قيد نظره الفعلي “.

أي أن مجلس السلم لم يتخذ قراراً بفرض عقوبات علي النظام القائم حالياً في تشاد كما تنص وثائق التجمعين الإقتصاديين لغرب ووسط أفريقيا أو ECWAS و ECCAS وكذا إعلان Lomé وكذلك الإتحاد الأفريقي ومجلس السلم نفسه (وفقًا للبروتوكول المتعلق بإنشاء مجلس السلم والأمن الأفريقي PSC يُشارك المجلس الإتحاد الأفريقي في عدد من السلطات مع رئيس اللجنة على وجه الخصوص  لدي المجلس سلطة “اتخاذ قرار بشأن العقوبات عندما يحدث تغيير في الحكومة لا يتوافق مع الدستور في بلد ما”, ويمكنها أيضًا “فحص واتخاذ إجراءات (عندما) يتعرض الاستقلال الوطني أو سيادة الدولة للتهديد من خلال أعمال العدوان بما في ذلك من قبل المرتزقة” , كما أن للمجلس السلطة اللازمة “لرصد تعزيز الممارسات الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية”) , وبيان مجلس السلم هذا حدث هام وفارق لذلك علق عليه الصحفي الفرنسي Nicolas Beau بقوله : “في طليعة الدفاع عن الديمقراطية في إفريقيا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، يتغاضى الاتحاد الأوروبي الآن عن الغش الانتخابي والتغييرات الدستورية في القارة لأسباب كثيرة منها الخوف من تنامي نفوذ تركيا وروسيا اللذان يسجلان نقاطًا لإفتقادهما الحريات العامة مما يوفر لهما حرية حركة في سياستهما الخارجية في أفريقيا وبقاع أخري بالعالم , فعلي سبيل المثال أعلن الدبلوماسي الأوروبي  Josep Borrellأنه لن يكون هناك مراقبون أوروبيون في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 5 يونيو في إثيوبيا إذ لم يحصل الاتحاد الأوروبي على جميع ضمانات حرية العمل لمراقبيه ومع ذلك قررت أوروبا الحفاظ على الدعم المالي البالغ 20 مليون يورو الممنوح للعملية الانتخابية الإثيوبية ، ويُضيف السيد Nicolas Beau أنه رغم كل التوقعات لم نسمع صراخ مفوضية الاتحاد الأوروبي ضد الانتخابات الرئاسية الكونجولية التي فاز بها Denis Sassou في مارس2021 بأكثر من 88٪ ، ولا ضد الانتخابات الرئاسية الجيبوتية التي كرست إعادة الانتخاب في أبريل 2012  إسماعيل عمر جيله بنسبة أكثر من 98٪ , فقد شاهدنا دون جدوى انتقادات من أوروبا ضد المهزلة الرئاسية التي فاز بها Patrice Talon في أبريل في بنين بأكثر من 86٪ من الأصوات وكذلك إنتخابات تشادالتي فاز فيها الرئيس الراحل إدريس ديبي إتنو بأكثر من 79٪ ولا مع تولي المجلس العسكري الانتقالي (CMT) السلطة في N’Djamena بعد وفاة إدريس ديبي إيتنو في 20 أبريل وهو الإنتقال الذي لم ير فيه الاتحاد الأوروبي أنه انتهاك خطير للديمقراطية وهذا الموقف من الإتحاد الأوروبي في مواجهة الانقلاب في تشاد يعكس الانحدار الذي إتضح خلال الانتخابات الرئاسية في الكونجو وجيبوتي وبنين والنيجر ليُؤكد أن هناك تغييراً ما في النموذج الأوروبي منذ وقت ليس ببعيد ، مع أن الاتحاد الأوروبي كثيراً ما دافع عن الديمقراطية في إفريقيا بل وذهب إلى حد جعل المساعدة المستمرة للبلدان مشروطة بإجراء انتخابات شفافة أو تنفيذ إصلاحات تضمن التعددية السياسية فبين عامي 1995 و 2005 ، تم تعليق المساعدات الأوروبية لتوجو لما يقرب من عشر سنوات للمطالبة بمبادرات سياسية قدمتها الدولة في نهاية المطاف لاستئناف هذا التعاون , لكن اليوم نجد أوروبا تتردد في لعب ورقة الحزم هذه خوفًا من تحول الأنظمة الاستبدادية إلى روسيا أو الصين أو تركيا ,  ويدرك بعض الديكتاتوريين الأفارقة   هذا الخوف الأوروبي فيستغلونه , ومن خلال الاستسلام بسهولة لابتزاز الحكام المستبدين في بعض البلدان الأفريقية تخاطر أوروبا باستبعاد دعم المجتمعات المدنية الأفريقية التي لا تفهم سبب قيام المفوضية الأوروبية بالدفاع عن قيم الديمقراطية والحرية في اليونان والمجروبولندا بينما تُحجم عن ذلك في بنين و الكونجو و جيبوتي و تشاد وغيرهم .

من جهة أخري تم تنفيذ القرار جزئيًا داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (CEDEAO  أوECWAS بالإنجليزية) والتي قلبت كفة الميزان لصالح نظام N’Djamena العسكري , فقد قادت غانا التي تترأس هذه المنظمة الإقليمية في البداية حملة من أجل التطبيق الصارم لنصوص الاتحاد الأفريقي لكن سرعان ما تبنت غانا موقف نيجيريا الداعم للمجلس العسكري التشادي  مع تقدم تداول هذه القضية بمجلس السلم الأفريقي , وموقف نيجيريا يُعتبرموقف شديد المرونة لأسباب تتعلق بعلاقة التحالف التي أرساها الرئيس الصريع إدريس ديبي الذي إعتمدت عليه الرئاسة النيجيرية في التعاون من أجل مواجهة جماعة Boko Haram في حوض بحيرة تشاد ومحيطها بواسطة ن تشاد   القوة المُشتركة مُتعددة الجنسيات MNJTF والتي تستضيف تشاد مقرها في N’Djamena , وتضم هذه القوة عناصر عسكرية من تشاد ونيجيريا والكاميرون وبنين والنيجر وهدفها الرئيسي هو إنهاء خطر جماعة Boko Haram في منطقة حوض بحيرة تشاد , وهذه القوة طورت من حجمها ومن طبيعتها العسكرية فقد بدأت قصراً علي نيجيريا وحدها ثم ضمت عام 1998 عناصر من النيجر وتشاد وكانت آنئذ تتعامل مع أمن الحدود المُشتركة وفي أبريل 2012 تقرر إضافة مهام عمليات مكافحة الإرهاب لهذه القوة , وكان”إعلان Bamako” الصادر في ختام أعمال اللقاء الذي نظمه التجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا CEDEAO بالتعاون مع الإتحاد الأفريقي في Bamako عاصمة مالي في الفترة من 12 إلي 14 أكتوبر 2017 قد دعا إلي إنشاء منصة Plateforme لمواجهة الموقف الأمني في منطقة الساحل وفي غربي أفريقيا , وكانت هذه الدعوة منطلقة من نيجيريا من أجل توحيد جهود إقليمية وأممية تُبذل لمواجهة ما يُسمي بالحرب علي الإرهاب في منطقة شاسعة تمتد من بجيرة تشاد حتي شمال مالي والنيجر وبوكينافاسو , وهو ما يُفسر إلي حد كبير موقف نيجيريا الداعم للمجلس العسكري الإنتقالي بها فمجرد بقاء هذا المجلس بقاء لدور تشاد كمورد للجنود الذين يشكلون أهم رافد بشري للدفاع عن امن نيجيريا في مواجهة Boko Haram , كما تبنت الكاميرون وهي دولة فرانكفونية وأنجلوفونية نفس موقف أبوجا التي لا شك منطقياً في أن الدبلوماسية الفرنسية تنسق معها المواقف التي تتصل بضمان ثبات العسكريين التشاديين في السلطة و هذا بالطبع بالإضافة إلي تنسيق فرنسي مماثل مع نظم بدول أخري دعمت في مجلس السلم والأمن الأفريقي موقف المجلس العسكري الإنتقالي التشادي لمصلحتها في إستمرار تشاد مصدراً للجنود لمحاربة ما يُدعي إرهاباً بالرغم من أنها نظم يحكمها مستبدون مؤبدون في السلطة منهم مثلاً  Paul Biya رئيس الكاميرون ورئيس الكونجو برازافيل Denis Sassou N’Guesso  .

علي أية حال يمكن القول أنه حتي الآن نجح المجلس العسكري الإنتقالي في تشاد (المُكون من 15 جنرال منهم 10 من قبيلة الرئيس الراحل أي قبيلة الزغاوة ثلاثة عشر منهم مسلمون من الجزء الشمالي من البلاد واثنان فقط من المحافظات الجنوبية الأكثر كثافة سكانية والتي بها كتلة سكانية مسيحية) في الإفلات من عقوبات الإتحاد الأفريقي وبالتالي حصل إلي حد ما علي صك أفريقي بشرعيته التي يعتورها الكثير من الشك خاصة مع إتفاق شبه إجماعي من قبل الكثير من أحزاب المعارضة السياسية والمُسلحة في تشاد وأهمها حركة الوفاق والتغيير علي رفض حيازة هذا المجلس للسلطة بل ودعت هذه الأحزاب السكان إلى “رفض أي شكل من أشكال الاستيلاء على السلطة أو مصادرتها بالقوة ” , إذ من المتوقع بعد نهاية الـ18 شهر وهي الفترة الإنتقالية المُتوقع أن تجري في نهايتها إنتخابات لا تتوفر فيها شفافية يتولي بناء عليها أبن الرئيس الصريع السلطة مُجدداً ليجمع بين نقيصتين هما : حيازة السلطة عن طريق التوريث وإستلاب الجيش لهذه السلطة لثماني عشر شهراً ليسلمها للوريث من خلال إنتخابات غير شفافة بصفة تقليدية كتلك التي جرت في تشاد وفي دول أفريقية كثيرة , وبناء علي تقرير مجلس السلم والأمن الأفريقي فسيستمتع محمد إدريس ديبي بمظلة الإتحاد الأفريقي لتعود تشاد كما كانت لثلاثين عاماً هي فترة حكم إدريس ديبي دولة وظيفية مُتخصصة في توريد جنود لعمليات حفظ سلام مزعومة و تنظيمات مُسلحة تمارس نوعاً من الإرهاب الرسمي حماية لمصالح فرنسا حصراً في منطقتي الساحل والصحراء مثل القوة للساحل أو G 5 Sahel وغيرها شأنها شأن شركة Blackwater لتوريد المرتزقة وفي سبيل إحكام وتأمين إبعاد أي إجماع مُحتمل داخل مجلس السلم والأمن الأفريقي يؤدي إلي فرض عقوبات علي نظام المجلس العسكري التشادي يقوم المجلس العسكري بالتنسيق مع نيجيريا لحماية سلطته من خطر نزع الصفة الشرعية عنه داخل التجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا ECWAS والذي تقوده نيجيريا وداخل الإتحاد الأفريقي ومؤسساته ومنها مجلس السلم   (لنيجيريا مواقف مخالفة إذ سبق لها أن عارضت إنقلابات عسكرية أو إنقلابات دستورية بدول أخري أعضاء في التجمع الإقتصادي لغرب أفريقيا ECWAS) , ولم يكتف المجلس العسكري التشادي بالإعتماد علي دور نيجيريا المؤثر بل إنه عمد إلي إرسال وفود لدول افريقية أعضاء حاليين بمجلس السلم والأمن الأفريقي فقام نائب رئيس الأركان والأخ غير الشقيق لرئيس المجلس العسكري التشادي الانتقالي عبد الكريم إدريس ديبي بزيارة رواندا والكونجو برازافيل والكاميرون لتسليم رسائل إلى الرؤساء Paul Kagame و Denis Sassou N’Guesso (الذي يترأس الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا) و Paul Biya الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع عائلة ديبي , كما إستخدم وزير الخارجية الانتقالي التشادي شريف محمد زين السفير وكان سابقاً سفيراً لتشاد لدي إثيوبيا علاقاته وإتصالاته السابقة في أديس أبابا حيث مقر الإتحاد الأفريقي لإقناع مجلس السلم والأمن بوجهة نظر العسكريين التشاديين ومفادها أنهم يتولون السلطة لفترة إنتقالية مداها 18 شهراً تجري بعدها إنتخابات رئاسية وأن رئيس البرلمان التشادي إعتذر عن عدم تولي السلطة لأربعين يوماً كنص الدستور التشادي  .

بالتوازي مع ما تقدم قام رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي موسي فقيه (تشادي ومن رجال إالرئيس الراحل إدريس ديبي) بزيارة للكونجو برازافيل في الأول من مايو 2021 للقاء Denis Sassou Nguesso رئيسها ورئيس الدورة الحالية للمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا ECWAS ووفقاً لمصادر دبلوماسية تركزإجتماعهما بشكل أساسي علي تناول المرحلة الانتقالية التي بدأت في تشاد بعد وفاة الرئيس إدريس ديبي وأشار Jean-Claude Gakosso وزير الخارجية الكونجولي إلي أن رئيس الدولة الكونجولي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “ملتزمان بالعمل من أجل انتقال سلمي وشامل في تشاد” .

لست بحاجة إلي أن أسوق حالات مُتعددة تعكس تناقضات المواقف الدبلوماسية والسياسية الفرنسية الداعمة أو علي الأقل المُتماهية مع الإنقلابات العسكرية في أفريقيا والتعامل مع قادتها , فالنيجر وحدها أطاحت خمسة إنقلابات عسكرية بحكومات مُنتخبة بها والنتيجة عدم إستقرارأو ثبات خططها التنموية وتمكن الغرب في النهاية خاصة في فترة حكم الرئيس السابق MAHAMADOU ISSOUFOU من تأسيس قواعد عسكرية له علي أراضيها (قاعدتان للطائرات المُسيرة في Niamey وأخري في شمال النيجر في Agadez) بالإضافة إلي القاعدة العسكرية الفرنسية في Niamey , ولتذهب السيادة إلي الجحيم , فبعد أن كانت القواعد العسكرية أملاً مستحيل التحقق في الفترة التالية لإستقلال الدول الألإريقية عن الإستعمار التقليدي الفرنسي والبريطاني أصبحت الآن أحد أهم وسائل التقرب زلفي للغرب من قبل قادة ضعفاء لا شعبية لهم في أوطانهم بعضهم مُنتخب بعمليات إنتخابية تفتقد كل المعايير الفنية الدولية .

إن مجلس السلم والأمن الأفريقي والمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان (وهي هيئة أفريقية شبه قضائية Quasi-Judicial Body مقرها في  Banjulعاصمة جامبيا) وكلاهما تابع للإتحاد الأفريقي دشنا وبصفة مُتلازمة أو كنتيجة Corollaire نفس المبدأ الذي يطبقه الإتحاد الأوروبي والقوي الدولية الرئيسية في عالمنا وهو مبدأ إزدواجية المعايير Double Standards , وليس الأمر قاصراً علي قضية تشاد ومجلسها العسكري بقيادة محمد ديبي أبن الرئيس التشادي الصريع إدريس ديبي بل إن هناك كثير من القضايا أو الحالات المختلفة التي لم يتعرض لها مجلس الأمن والسلم الأفريقي ولا المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان إما لأن طرف أو أطراف هذه القضايا / الحالات لم يتقدم بقضيته لهذا المجلس أو لأن مجلس السلم والأمن والمفوضية الأفريقية لحقوق الأنسان نأيا بنفسيهما عن الخوض في هذه الحالات لعلاقتها المباشرة أو غير المباشرة بأطراف وضغوط دولية لا قبل له بها خاصة وضعاً في الإعتبارأن معظم الكيانات والهيئات التابعة للإتحاد الأفريقي تعتمد بصفة تكاد وأن تكون رئيسية علي تمويلات مصدرها القوي الكبري أو الدول المانحة وبالتالي فصوتها كمصالحها يجب أن يكون مسموعاً داخل أنظمة عمل الإتحاد الأفريقي وهيئاته علي إختلافها , كما أن الإتحاد الأفريقي بالرغم من كثافة الترويج له بإعتباره يقدم أو يمكن أن يُقدم حلول أفريقية للنزاعات والمشاكل الأفريقية إلا أنه في الواقع منظمة تأتمر بأوامر أو قل توجيهات القوي الدولية المٌؤثرة التي توفر تمويلات منتظمة كفيلة ببقاء هذه المنظمة , هذا بالإضافة إلي تأثير بعض الدول الأفريقية ذات الثقل الإقليمي كنيجيريا ومصر وجنوب أفريقيا والسنغال وأنجولا والجزائروالمغرب وهو التأثير الذي يظهر في إتخاذ بعض القرارات الأفريقية التي تحقق الحد الأدني علي الأقل من مصالح هذه القوي الأفريقية الرئيسية .

هناك أمثلة مختلفة لا يبدو عند النظر المُعمق فيها أن الإتحاد الأفريقي قادر علي فرض حلول أفريقية للنزاعات الأفريقية ومن بين الأمثلة الراهنة علي ذلك نزاع مصر والسودان مع إثيوبيا بشأن مخاطر سد النهضة علي أمنهما المائي و ليس هناك داع للتفصيل في ذلك , كذلك نجد مثلاً أن “ميثاق Banjul ” أو “ميثاق حقوق الإنسان والشعوب” الصادر عن منظمة الوحدة الأفريقية والذي أقرته المنظمة عام 1986 والذي تشير المادة 20 منه إلي مبدأ حق تقرير المصير , الذي تأكد لاحقاً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1541بتاريخ 15 ديسمبر 1960ونصه ” إن كل الشعوب لها الحق في القرار الحر ” , لم يكترث بهما الإتحاد الأفريقي لينظر بناء عليهما في قضية إقليم Cabinda الذي ضمته أنجولا قسراً إلي أراضيها في نوفمبر 1975 وجعلته محافظة من محافظاتها الـ 18 , وهي القضية التي تقدم بها سكان هذا الإقليم غير مرة من خلال جبهة تحرير جيب Cabinda لمنظمة الوحدة الأفريقية للمطالبة بممارسة حق تقرير المصير والإستقلال عن أنجولا , فلا منظمة الوحدة الأفريقية ولا الإتحاد الأفريقي بعدها أبديا تجاوبا ما لهذه المطالبة حتي اليوم  .

بعد ذلك وفي ذات الإطارأعلنت جبهة تحرير جيبCabinda  – القوات المسلحة (المعروفة إختصاراً بـ FLEC ) في أكتوبر 2006 أنها أعدت مع بنك كابيندا الوطني ملفاً خاصاً مُؤرخاً في 30 سبتمبر 2006 لتسليمه إلي المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وعرضت الجبهة في هذا الملف قضية إنتهاكات حقوق الإنسان في Cabinda والإستغلال غير المشروع لموارد البترول الكابيندي (الذي يمثل 75% من بترول أنجول الذي يبلغ متوسط إنتاجه 2 مليون برميل / يوم) , كما طلبت من المفوضية الأأفريقية تعيين مقرر خاصSpecial Rapporteur لحقوق الإنسان , لكن مفوضية الإتحاد الأفريقي المعنية بحقوق الأنسان والشعوب لم تستجب للمطلب الكابيندي لأسباب مختلفة , وفي تقديري أن المطلب الكابيندي لتعيين مقرر خاص لحقوق الإنسان في Cabinda أهملته المفوضية لسبب رئيسي هو أن الإتحاد الأفريقي لا يعتبر الصراع في Cabinda مسألة أفريقية فيما إعتبر الصراع في جنوب السودان وقضية دارفور كذلك ومن ثم تدخل فيهما وبقوة خاصة في قضية دارفور (تنازل الإتحاد الأفريقي طواعية عن دوره في قضية دارفورلاحقاً لصالح الأمم المتحدة وكذلك وفي أثناء الصراع بين رئيس ساحل العاج وخصمه الحسن واتارا , فكرت ساحل العاج في سحب ملفها من أيدي الأمم المتحدة وقصرتناوله علي الإتحاد الأفريقي مما يدلل علي الدواعي السياسية المُتقلبة في إستخدام الدول والقوي الكبري للإتحاد الأفريقي و/ أو الأمم المتحدة بما يحقق أهدافهم الغير معلنة) .

سبق التجمع الإقتصادي لغرب أفريقيا ECWAS الإتحاد الأفريقي (مجلس السلم والأمن الأفريقي) في تطبيق مبدأ إزدواجية المعايير علي حالة تشاد الراهنة إذ لم يناقش التجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا ECWAS حالة الوضع في تشاد وفقاً لنص المادة 20 – (1) من البروتوكول A\SP1\12\02 بشأن الديموقراطية والحكم الصالح وهو البروتوكول الإضافي لبروتوكول آلية منع وإدارة وتسوية الصراعات وحفظ السلام والأمن بدول التجمع الإقتصادي لغرب أفريقيا والذي به نص يقول : ” إن الجيش وقوي الأمن العام خاضعة للسلطات المدنية التي تتشكل بإنتظام ” , وكمثال علي إزدواجية معايير الإتحاد الأفريقي سأشير إلي حالات للإنقلاب الدستوري وليس العسكري في أفريقيا تدخل الإتحاد الإتحاد الأفريقي والتجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة في حالة واحدة منها فقط هي حالة رئيس النيجر  Mamadou Tandja, أما الحالات الأخري فقد رأت هذه القوي أنها شأن داخلي لا ينبغي لها التدخل فيه بنفس الخشونة والحدة التي عُومل بها رئيس النيجر  Mamadou Tandja ولأسباب شرحتها آنفاً  , وفيما يلي موجز لهذه الحالات :

(1) الإنقلاب الدستوري بالنيجر عام 2009 :

قام به رئيس النيجر الراحل Mamadou Tandja والذي أُطيح به في إنقلاب عسكري في 18 فبراير 2010 جراء الأزمة الدستورية / السياسية التي إنقسمت أحزاب النيجر بفعلها بين مؤيد ومعارض للرئيس في الإستفتاء علي دستور جديد طرحه في 4أغسطس 2009 للإستفتاء الشعبي عليه وافق عليه الشعب بنسبة 90% , وضمنه نص يتيح للرئيس مدة رآسية ثالثة إضافية لينسخ ما نص عليه دستور النيجر لعام 1999 الذي ينص علي فترتان رأسيتان فقط للرئيس , وأنهمت قوي المعارضة بالنيجر وأيدتها فرنسا والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بل ومصر رئيس النيجر Mamadou Tandja بإنتهاك الدستور بتغييره للمادة المُتعلقة بالمدد الرئاسية خلافاً لدستور 1999 الذي ألغاه وبسبب ذلك ثارت ثائرة فرنسا والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وأوقفوا المساعدات عن النيجر وأحتجوا علي تغيير  دستور النيجر بدستور جديد , بل وهددت منظمة التجمع الإقتصادي لدول غرب أفريقيا ECWAS وعينت أحد رؤساءها السابقين مبعوثاً لتجمع ECWAS ليثني الرئيس  Tandjaعن إنتهاك دستور بلاده , لكنه لم يفلح في مسعاه , كذلك تدخلت الأمم المتحدة وأرسلت مبعوثها لغرب أفريقيا لحل هذه الأزمة الدستورية وأستمرت الأمم المتحدة والأطراف الدولية في إنتقاد حاد لمسعي الرئيس Mamadou Tandja لتولي الحكم لفترة رئاسية ثالثة مع أن معظم القادة الأفارقة المُستأنسين ومنهم الرئيس التشادي الصريع إدريس ديبي إستمروا في الحكم لنحو 30 عاماً وأكثر بإنتخابات شكلية ومدد رئاسية مفتوحة , ولما أصر رئيس النيجر Mamadou Tandja علي تولي الفترة الرئاسية الثالثة ثم تدبيرإنقلاب عسكري في 18 فبراير 2010 قاده ضابط مغمور صغير الرتبة أطاح به , وكان السبب الحقيقيوراء زخم معارضة فرنسا والقوي الدولية الغربية هو أن النيجر هامة لإستراتيجية الطاقة الفرنسية فهي رابع أو خامس منتج عالمي لليورانيوم وتعتمد عليها فرنسا في إستخراج اليورارنيوم من مواقعه بشمال النيجر عن طريق مجموعة AREVA (تغير مُسماها في 23 يناير 2018 ليصبح Orano) المملوكة للدولة الفرنسية حيث يبلغ إنتاج مجموعة AREVA من يورانيوم النيجر نحو 5,000 كج من الكعكة الصفراء التي تُمون مفاعلات فرنسا النووية الـ 48 بثمن بخس , فالرئيس Mamadou Tandja طالب فرنسا  خلال فترته الرئاسية الثانية (والأخيرة وفقاً لدستور 1999) بضرورة مراجعة تعاقدات مجموعة AREVA مع حكومة النيجر وحاول تطبيق شروط تعاقد عادلة في عقد إمتياز مناجم Imoraren (ثاني أكبر منجم يورانيوم في العالم) وهو ما رفضته فرنسا في البداية ثم خضعت ووافقت بعد أن لوح الرئيس  Mamadou Tandja بأنه سيعطي إمتيازه للصين , وتزامنت أزمة مراجعة تعاقدات اليورانيوم بين فرنسا والنيجر مع  تلك الأزمة الدستورية بالنيجر عام 2009 , لكن ونظراً لأهمية يورانيوم النيجر في تأمين الطاقة لفرنسا التي إحتكرت إستخراجه طيلة 50 عاماً مضت من مناجم شمال النيجر في ARLIT من خلال شركاتها المختلفة  فرنسية متتالية إحتكاره مثل  شركة COGEMA و  AREVAو Orano  (ولم تكتف هذه الشركات بإحتكار يورانيوم النيجر بأسعار غير عادلة بل لقد إتهم الرئيس TANDJA مجموعة AREVA بتمويل مُتمردي الطوارق وطرد مدير فرعها بالنيجر لذلك) وفي عام 2009 إتجه رئيس النيجرMAMADOU TANDJA في إطار تطبيقه لإستراتيجية تنويع الشركاء في مجال التعدين عموماً واليورانيوم والبترول بوجه خاص التي أطلقها عام 2007 لإنهاء إحتكار مجموعة AREVA الفرنسية وفتح باب دخول الصين الشعبية في مجال إستغلال اليورانيوم وبالفعل فازت بإمتياز بمنطقة AGADEM الواقعة بمحافظة DIFFA المُتاخمة لبحيرة تشاد , وبشأن ذلك أكد لي مسئول صيني إلتقيته في نيامي في 15 سبتمبر 2009 ” أن السبب الرئيسي لإستجابة AREVA لتوقيع عقد منح حقوق التنقيب عن وإستغلال اليورانيوم مع حكومة النيجر هو خشيتها من أن تؤول هذه الحقوق للصين في حالة عدم قبول  AREVA لشروط التعاقد الجديد و التي طرحتها النيجر , لذلك أضطرت AREVA للتوقيع علي العقد وهو سار لمدة 30 عام وبموجبه يكون للنيجر نصيب في الشراكة بنسبة 34% ويتضمن العقد أيضاً تطبيق زيادة سنوية قدرها 5%” , وكان الرئيس  TANDJAمؤمناً بإستراتيجية تنويع الشركاء كما شرحها لي في لقائي بسيادته في يناير 2010 , وكان غاضباً جداً من المفارقة الحادثة ببلاده حيث قال أن الفقر المُدقع والأزمات الغذائية المتتالية من نصيب سكان النيجر أما الثروة والرفاهية فهي من نصيب الفرنسيين الذين يغترفون ثروة النيجر من اليورانيوم بأبخس الأسعار لذلك وبسبب غضبه وإقترابه من منح الصينيين إمتياز إستغلال منجم IMORAREN ثاني أكبر منجم يورانيوم بأفريقيا أضطر الرئيس الفرنسي ساركوزي للمسارعة بزيارة نيامي لمدة 4 ساعات فقط في 14 مارس 2009 صاحبه فيها السيدة  Anne Lauvergeon المسئول التنفيذي لمجموعة AREVA  ورضخ لشروط الرئيس   Tandjaووُقع عقد إمتيازه , وكان من المعروف آنئذ أن علاقة مجموعة , وكان هذا الموقف سببا لغضب فرنسا علي الرئيس TANDJA لأن سياستها بشأن يورانيوم النيجر سعر بخس وتدفقات استثمارية في الوقت الذي لا يخل بإتزان سوق اليورانيوم الدولي بغض النظر عن إحتياج النيجر لبدء هذه التدفقات لإنعاش خزانتها الخاوية التي تعتمد بنسبة عالية علي إيرادات إستخراجه , وكما هو مُتوقع تلكأت فرنسا فيما بعد الإنقلاب العسكري في الإستثمار في منجم IMORAREN لأن هدفها كان الفوز به وإقتناصه من الصينيين , وساعدها الإنقلابيين لاحقاً في تحقيق هذا الهدف , وكما أشارت صحيفة LE COURRIER الصادرة بنيامي في 5 ديسمبر2012 ” فالإنقلابات العسكرية وفقاً لكثير من المصادر التاريخية تتفق في القول بأن يورانيوم النيجر يأتي في قلب أسباب الإنقلابات العسكرية بها منذ عام 1974 لغاية إنقلاب 18 /2/2010 الذي أطاح بالرئيس Tandja ”, وتنطبق حالة النيجر تلك كقاعدة عامة علي حالات الإنقلابات العسكرية في عموم أفريقيا فكل هذه الإنقلابات تتوازي مع المصالح الإقتصادية للقوي الدولية لتحققها وليست أبدأ لمحاربة الفساد ولا تحقيق التنمية .

(2) الحالة الأوغندية :

أعلنت الحكومة الأوغندية في 14 يوليو 2017أن الحكومة الأوغندية تريد حذف حد السن للمرشحين لإنتخابات الرئاسة الأوغندية القادمة والمُقرر إجراؤها عام 2021  بما يسمح للرئيس Yoweri Museveni البالغ من العمر 73 عاماً بالبقاء في منصبه عند إجراء هذه الإنتخابات وأكد نائب المُدعي العام الأوغندي Mwesigwa Rukutana هذا الإتجاه الحكومي عندما أشار في تصريح له بقوله : “أن الحكومة الأوغندية إستعرضت عدة تغييرات مُحتملة تُجري علي الدستور الأوغندي وأن مسألة السن للمرشح الرئاسي أحد هذه التغييرات وأنه إذا ما خدم شخص ما بشكل جيد جداً والناس يعتقدون أنه مازال لديه الكثير ليساهم به , فليس هناك ثمة ما يمنع من ذلك لمجرد أنه بلغ سن الخامسة والسبعين ” ثم أضاف “أن هناك أشخاص كثر يودون تعديل ذلك … وطالما أن الناس يُصوتون , فإن سن المُرشح لا يهم والحالة هذه ” , وأنكر Rukutana أن عملية التعديل الدستوري وحذف قيد السن تُجري من أجل الرئيس Museveni , وقد رفضت المعارضة الأوغندية والمجتمع المدني الأوغندي هذا الإتجاه   فعارضا وبقوة خطة مجلس الوزراء لتعديل الدستور ليتناسب مع إتجاه الرئيس نحو عهدة رئاسية سادسة , كذلك دعا Winnie Byanyima وهو سياسي سابق وهو حالياً المدير التنفيذي لمنظمة Oxfam الدولية غير الحكومية نواب البرلمان لرفض مقترح الحكومة الأوغندية عند طرحه بوصفه “بالخطير علي البلاد”, كذلك و خلال يوليو2017أطلقت مجموعات من شباب “حركة المقاومة الوطنية” NRM حملة مُناهضة لحذف شرط السن وقد قُبض عليهم بتهمة التجمهر غير المشروع , وقد مضت الحكومة الأوغندية قُدماً في سبيل إجراء هذا التعديل الدستوري حكومة أوغندا فالبرلمان الأوغندي يدين في معظمه لحزب الرئيس وبالتالي ليست هناك عراقيل أمام الرغبات الرئاسية مهما كانت , وقد نجح الرئيس Yoweri Museveni في البقاء في السلطة شأنه شأن غيره من الرؤساء الأفارقة المُؤبدين  مثل :

(3) حالة الكونجو الديموقراطية (زائير سابقاً) :

لم يكتف رئيسها (السابق) Joseph Kabila بعهدتين رئاسيتين إذ أنه عندما أنهي رئاسته الثانية والأخيرة وفقاً للدستور حاول العبث بالدستور والتقدم لإنتخابات 27 نوفمبر 2016فأندلعت مظاهرات في 19 سبتمبر 2016 رافضة توليه عهدة رئاسية أخري بالمخالفة للدستور وبالإلتفاف علي الدستور إلي أن أعلنت السلطة الوطنية للإنتخابات إنقاذا لرغبة Kabila عن تأجيل الإنتخابات وعقدها في مستهل 2018 مما منح فرصة له للبحث عن مخرج يصل من خلاله إلي مبتغاه بالحصول علي عهدة ثالثة لكنه فشل في النهاية في تحقيق ذلك بسبب ضغوط الكنيسة الكونجولية وإتحاد الأحزاب المعارضة ليتولي خصمه Félix Tshisekedi الرئاسة في 24 يناير 2019 .

(4) حالة الكونجو برازافيل :

ظل الرئيس Denis Sassou –Nguesso علي رأس السلطة في بلاده منذ عام 1979 وأضطرته الظروف القاسية لترك السلطة في الفترة ما بين 1992حتي 1997تحت ضغط ذوبان نظام الحزب الواحد في أفريقيا بوجه خاص بفعل تداعيات إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 , لكنه عاد للكونجو في 26 يناير 1997 ليصبح بسبب الحرب الأهلية ببلاده  1997 – 1999 رئيساً إنتقالياً لثلاث سنوات أثناءها وعد شعبه بعودة الديموقراطية ثم طرح إستفتاء دستوري في 20 يناير 2002 ليمهد لإنتخابات رئاسية أُجريت في 10 مارس 2002 فاز فيها  ثم أُعيد إنتخابه رئيساً  في يوليو 2009 وسط مقاطعة من المعارضة , وفي 27 مارس 2015 أعلن عن طرح حكومته لمشروع دستور جديد للإستفتاء عليه يتيح له التقدم لإنتخابات الرئاسة لعهدة ثالثة , وهو ما وافق عليه البرلمان الذي يسيطر عليه حزبه حزب PCT بنسبة 92,96%  , ثم وفي 20 مارس 2016 أجريت إنتخابات رئاسية خلافية وسط إنتقادات لاذعة للرئيس Sassou لكنه فاز فيها بنسبة60% , , وفي 27 مارس 2015 أعلن Sassou أن حكومته ستجري استفتاء لتغيير دستور 2002 مما سيسمح له بالترشح لولاية ثالثة على التوالي , وبالطبع تمت ووُفق على اقتراح تعديل الدستور بأغلبية ساحقة من قبل الناخبين حيث أيده 92.96٪ وبلغت نسبة المشاركة 72.44٪ فيما جادلت المعارضة الكونجولية في نسبة المُشاركة في الإستفتاء الذي أكدت أنه كان ضعيفاً وأنه لذلك يجب إلغاء النتائج , لكن الرئيس Denis Sassou –Nguesso ظل رئيساً لهذا البلد حيث أجريت 23 مارس 2015 إنتخابات بناء علي هذا التعديل  وأعلنت اللجنة الانتخابية أنه أعيد انتخاب الرئيس  Denis Sassou –Nguesso بأكثر من 88٪ من الأصوات .

(5) حالة بوروندي:

تولي Pierre Nkurunziza الرئاسة البوروندية في 26 أغسطس 2005 ثم أُعيد إنتخابه رئيساً عام 2010بنسبة 91% في إنتخابات قاطعتها المعارضة ولما إنتهت عهدته الرئاسية أعلن في أبريل 2015 عن أنه يطمح في عهدة رئاسية ثالثة وكانت تلك الرغبة بالمخالفة للدستور وبرر له حلفاءه تلك الرغبة بأن عهدته الأولي تمت من خلال إنتخاب البرلمان وليس بالإنتخاب الشعبي المباشر ومن ثم فهو لم يستهلك إلا عهدة واحدة , ثم بعد ذلك أطاح به إنقلاب عسكري في 13 مايو 2015 ثم عاد لبلاده في مايو 2015 ليعلن عن نيته الترشح في الإنتخابات الرئاسية التي أُجريت بمشاركة شعبية متدنية ووسط معارضة شديدة في 21 يوليو2015 وفاز بها Nkurunziza بنسبة 49,41% .

(6) الحالة المصرية :

أجري الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2005 تعديلين مُطولين للمادتين 76 و 192 مكرر المنصوص عليهما بدستور مصر الصادر عام 1971 مُستهدفاً تحقيق عملية إنتقال ماكر للسلطة بالتوريث غير المباشر لأبنه الأكبر , وبدا للكثيرين في مصر أن التعديل الذي أُجري علي المادة 76 صيغ هذا بأسلوب شديد الإلتفاف والتعقيد كي يوصد أي باب محتمل فتحه أمام أي مرشح للرئاسة من خارج الحزب الوطني الديموقراطي , فقد نص تعديل المادة 76 التي صوت البرلمان بالموافقة عليها بأغلبية 405 من أعضاءه في 10 مايو 2005 ثم طُرحت هذه المادة في صيغتها المُعدلة  للإستفتاء العام في 25 مايو 2005 وقبلها الشعب –   – بنسبة 83%  ونصها كما يلي : “ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر, ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح مائتان وخمسون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات ، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى ، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلى للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل ألخ … ولم تر فرنسا أو الولايات المتحدة بأساً في إستمرار مبارك بصفة مُؤبدة , ولم تعترض الولايات المتحدة ولا فرنسا ولا القوي الدولية الأخري علي هذا التعديل كما فعلت في حالة رئيس النيجر Mamadou Tandja والسبب معروف للمراقبين .

وبالإضافة لهذه الحالات هناك حالات أخري أفريقية عديدة مُشابهة – ماعدا السنغال – منها مثالين آخرين هما : (1) بوركينا فاسو : الذي عندما أغتيل رئيسها  Sankara(فولتا العُليا آنئذ) في 15 أكتوبر 1987علي يد قوة إنقلابية قادها Blaise Compaoré الذي تولي السلطة بعد ذلك وظل يحكم من واجادوجو بعمليات إنتخابية صورية إلي أن إستقال مُجبراً من منصبه في 31 أكتوبر 2014نتيجة التظاهرات الإحتجاجية ضده والتي بدأت في 28 أكتوبر 2014 , (2) الجابون : فبعد أن تولي Gabriel Léon M’ba السلطة بها كأول رئيس لها بعد الإستقلال عن فرنسا في 17 إغسطس 1960 أطاح به إنقلاب عسكري في فبراير1964 تولي إثره Jean-Hilaire Aubame الرئاسة لفترة قصيرة ثم تدخلت فرنسا عسكرياً لإعادة الهدوء للبلاد حتي أُجريت إنتخابات رئاسية في مارس 1967أتت بالرئيس Gabriel Léon M’ba مرة أخري للسلطة وخلال 24 شهر التالية للتدخل الفرنسي في الجابون وقعت إنقلابات عسكرية ناجحة في بنين (داهومي سابقاً) وفولتا العليا وأفريقيا الوسطي وتوجو وبوروندي والجزائر والكونجو كينشاسا وتشاد عندما تدخلت فرنسا عسكرياً عام 2008لحمايته بعد أن دخلت عناصر إتحاد قوي المعارضة التشادية العاصمة N’Djamena وأخرجها الطيران العسكري الفرنسي بعد أن أذعن إدريس ديبي فوقع لفرنسا في القصر الجمهوري حيث كان في متناول قوي المعارضة علي عقود البترول وإمتيازات أخري , وهكذا الأمر مع معظم هذه الدول حتي الآن .

التـــقــديــر :

هناك ثمة تداخل بل أحياناً علاقة تراتبية بين الإنقلابات العسكرية والإنقلابات الدستورية في أفريقيا إذ أن تعديل الدساتير في أفريقيا له نفس آثار وتداعيات الإنقلابات العسكرية إن لم تكن اخطر وأبعد مدي , لكن الواضح للعيان هي الإنقلابات العسكرية فهي تُعد جزءاً رئيسياً من الواقع السياسي الأفريقي , ولقد كان الإنقلاب العسكري في مصربقيادة البكباشي جمال عبد الناصر في 23 يوليو 1952 أول إنقلاب عسكري في أفريقيا وهوالإنقلاب الذي أطاح بملكية دستورية بحكومة مُنتخبة وكان هذا الإنقلاب مُقدمة ونموذجاً قابلاً للتكرار في نحو 73 إنقلاب عسكري بأفريقيا تلاه حتي عام 2004 بدون حساب 27 محاولة إنقلاب عسكري فاشل .

من وجهة نظر براجماتية فإن من يتولون الحكم في فرنسا خاضعين في النهاية لمعيار واحد هو المصالح العليا لفرنسا تلك المصالح التي تمت ترجمتها ووُضعت آليات تنفيذها حرفياً بصفة خاصة في  مستعمرات فرنسا السابقة بأفريقيا وفقاً لمُخطط إستراتيجي فرنسي عنوانه “سياسة Françafrique “, وهذا المُخطط الإستراتيجي يتعامل هذه المُستعمرات وفقاً لتصنيف نوعية المصالح الفرنسية العُليا في كل دولة  من الدول الفرانكفونية التي إستقلت شكلياً عن فرنسا في مُستهل عقد الستينات من القرن الماضي , فتشاد والنيجر مثلاً عُوملتا إبان فترة الإستعمار الفرنسي لهما بإعتبارهما مناطق عسكرية Territoire Militaires ثم بعد ذلك عُوملت النيجر كمورد رئيسي لليورانيوم لتموين مفاعلات فرنسا النووية الـ 48من الكعكة الصفراء Yellow Cake المُستخلصة من اليورانيوم النيجري وبقيت تشاد للآن منطقة عسكرية فرنسية بإمتياز وهو ما يفسر غلبة الدور العسكري لهذا البلد في عهد إدريس ديبي 1991 -2021 وتركيز فرنسا علي إنطلاق عملياتها العسكرية إنطلاقاً من تشاد خاصة عمليتي Serval و Barkhane في شمالي مالي (والنيجر) ومنح تشاد دور رئيسي مساند لفرنسا في تكوين مجـموعة الساحل الخـماسية العسكريـة G 5 Sahel المكونة من 5000 جندي لدعم عملية  Barkhaneالعسكرية , ولهذا تدعم فرنسا بقاء المجلس العسكري التشادي في السلطة لثماني عشر شهراً وتردد الدبلوماسية الفرنسية في الأروقة الجانبية : المجلس العسكري أو الفوضي وهي معادلة الإستبداد المعهودة التي ترعاها فرنسا في توجو والجابون , ومع ذلك وبعد أن تصاعدت حدة المعارضة داخل تشاد للمجلس العسكري وإعتقاله في مستهل مايو 2021 لأكثر من 700 متظاهرتشادي معارض إضطرالرئيس الفرنسـيEmmanuel Macron إلي الإبتعاد المحسوب علي الصعيد الرسمي عن المجلس العسكري التشادي بل إنه أصدر بيان مع Félix Tshisekedi رئيس الكونجو ورئيس الإتحاد الأفريقي هذا العام  أدانا فيه بشدة قمع المظاهرات في تشاد ومطالبتهما بإنهاء جميع أشكال العنف هناك , هذا من حيث الشكل أما فيما وراء ذلك فإن فرنسا بكامل طاقة أجهزتها الدبلوماسية والمخابراتية بل والمالية ( أُعلن في 5 مايو 2021 عن أن بنك فرنسا بدأ في تحويل 5 مليارات يورو كانت ملكًا لدول أفريقية كإحتياطي من النقد الأجنبي إلى البنك المركزي لدول غرب إفريقيا (BCEAO) كجزء من إصلاح الفرنك CFA وهو ما سبق وأشرت إليه من إحتمال تحرك فرنسا لإستبقاء مطالبات فرانكفونية بإعادة تقويم الفرنك الأفريقي F CFA) ستنهمك خلال فترة الـ 18شهر القادمة في طبخ عملية الإنتخابات الرئاسية بحيث تفرز إما محمد إدريس ديبي أو أي عسكري مُدجن غيره أو شخصية مدنية مُشابهة لشخصية Ibrahim Boubacar Keïta رئيس مالي الذي تولي السلطة مُنتخباً بعد إنقلاب 21 مارس 2012الذي قاده ضابط تلقي فرق تدريبة في الولايات المتحدة يُدعي  Amadou Sanogoلا فرق بين هذه الأنواع الرديئة طالما حققت مصالح فرنسا (أطاح إنقلاب آخر في 18 أغسطس 2020 بالرئيس Ibrahim Boubacar Keïta) .

تناقص القوة العسكرية لفرنسا في منطقتي الساحل والصحراء يجعل من إحتياج فرنسا للعسكريين التشاديين أو بمعني آخر لإمتداد عسكري يحكم تشاد عوضاً عن أدريس ديبي إحتياجاً مُضطرداً وضالة فرنسا في هذا الصدد تجدها في تثبيت محمد إدريس ديبي و/ أو بدائله من العسكريين المُدجنيين في السلطة خاصة وأن الحديث المُتواتر عن تواضع النجاح العسكري لفرنسا في منطقتي الساحل والصحراء مازال مُسموعاً مع غلبة شكيمة المقاومة الإسلامية وغيرالإسلامية المُسلحة في مواجهة عملية  Barkhane العسكرية مما ألقي بظلال قاتمة علي فعالية مجموعة الساحل الخماسية G 5 Sahel الأمر الذي شكل تحدياً ليس فقط للعسكرية الفرنسية وجهاز مخابراتها المُساند بل علي مستقبل سياسة Françafrique التي إعترف الرئيس الفرنسي Macron في خطاب له في Ouagadougou في نوفمبر 2017ببعض آثامها عندما قطع علي نفسه وعدًا “بعلاقة جديدة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة تكون بعيدة عن تجاوزاتFrançafrique  وأبويتها وتواطؤها مع النظم غير مُتكررة ” .

خاصة مع إختفاء إدريس ديبي بمقتله في 20 أبريل 2021 وهو الحليف الأمين علي مصالح فرنسا الأمر الذي سيؤثر بدرجة أو بأخري علي مستقبل G 5 Sahel التي طلبت مؤخراً بدعم فرنسي من مجلس الأمن الدولي الموافقة علي إنشاء مكتب دعم تابع للأمم المتحدة مسؤول عن توفيرالدعم اللوجستي والتشغيلي والتكتيكي والاستراتيجي لمحموعة الساحل الخماسية , وقال المندوب الفرنسي في مناقشات مجلس الأمن بهذا الصدد : “أن الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي يؤيدان فكرة إنشاء مكتب دعم للأمم المتحدة لمجموعة السـاحل الـخمـاسـية G 5 Sahel بتمويل من المساهمات الإجبارية”, وفيما تشير فرنسا إلي أن التمويل مصدره مساهمات إجبارية يُشير الجنرال Oumarou Namata قائد مجموعة الساحل الخماسية إلي أن هذه المساهمات ستكون من مساهمات قانونية أو طوعية , علي أية حال فسيؤثر إختفاء أدريس ديبي أيضاً علي أي مخطط عسكري فرنسي مُشابه قد تحتاجه فرنسا التي تتناقص قدراتها العسكرية منذ فترة ليست بالقصيرة بالصحراء الكبري وإمتدادها بالساحل , بالرغم من ان الولايات المتحدة أيضاً تقوم بجهد مواز للجهد العسكري الفرنسي في هذه المنطقة فسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة Linda Thomas-Greenfield قالت في اجتماع افتراضي أمام جلسة لمجلس الأمن في مايو 2021 : ” إن الولايات المتحدة خصصت أكثر من 580 مليون دولار كمساعدات أمنية وغيرها من أشكال الدعم ضد التطرف العنيف لدول المجموعة الخماسية للساحل وهذا هوالنهج الصحيح وأضافت قولها “نعتقد أن أموال عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة ليست مصدرًا قابلًا للحياة لتمويل القوة المشتركة ” , إذن فالموقف في الساحل والصحراء يزداد تعقيداً أمام فرنسا التي تواجه مع أخطار الجماعات المُسلحة هناك خطراً من نوع آخر وهو خطر التكتيك الأمريكي لإبعاد فرنسا نهائياً عن منطقتي الساحل والصحراء كما سبق وأبعدت بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية عن الشرقين الأوسط والأدني , ومن بين المؤشرات الأخيرة الدالة أن الولايات المتحدة رفضت في 18 مايو 2021طلبا من مجموعة دول الساحل الخمس G 5 Sahel بدعم من فرنسا لإنشاء مكتب دعم لهذه المجموعة تابع للأمم المتحدة .

تعتمد فرنسا علي حليف آخر من خارج منطقتي الساحل والصحراء لتحقيق إستقرار بقاء وفاعلية سياسة ” Françafrique ” , هذا الحليف هو الإمارات التي يبدو أنها مؤمنة أن الأموال يمكنها أن تصنع دوراً حقيقياً ودائماً ولهذا تجد في الإحتياج الفرنسي لتمويل عملياتها العسكرية في شمال مالي (دفعت الإمارات 7 مليار دولار لتمويل عملية Serval ) ويبدو أن هناك دفعة تمويلية إماراتية مُحتملة لتمويل : (1) إنشاء مكتب دعم تابع للأمم المتحدة مسؤول عن توفيرالدعم اللوجستي والتشغيلي والتكتيكي والاستراتيجي  لقوة الساحل الخماسية مما يُشير إلي أن هذه القوة ليست لها فاعلية يُعتد بها حتي الآن و (2) تمويل تشاد خلال الـ 18 شهر التي سيتولي فيها المجلس العسكري الإنتقالي السلطة في N’Djamena من أجل تحقيق هدف بناء تحالفات مع أحزاب سياسية مُعارضة تؤدي إلي تكوين كتلة سياسية مدنية لصالح إنتخاب محمد إدريس ديبي رئيساً لتشاد ويُذكر أن وفد إماراتي كبير برئاسة وزير الخارجية الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان زار N’Djamena في 7 مايو 2021 ولم يتردد محمد إدريس ديبي  الذي خلف والده في تنظيم هذه الزيارة مع الإماراتيين , ولهذا فمن المتوقع في المستقبل المنظور أن يزيد التورط الإماراتي في مناطق النفوذ الفرنسية في أفريقيا وربما يدخل الكيان الصهيوني علي الخط لأن الصهاينة مازلوا يرون أن تواجدهم بأفريقيا إستراتيجي خاصة مع تناقص وتآكل الدور المصري في أفريقيا لأسباب عدة وتنافسهم الكامن مع السعودية التي أنشأت منذ شهور قليلة وزارة دولة للشئون الأفريقية ولمواجهة النفوذ السياسي (وليس الشيعي بالطبع) لإيران هناك بالإضافة إلي تأكيد تضامنها مع الأهداف الفرنسية أيا كانت مقابل ما تحظي به الإمارات من أمن (إفتراضي) من بقاء قاعدة “معسكر السلام”العسكرية الفرنسية في أبوظبي .

نــتــيـــجـــة :

إن إزدواجية معايير الإتحاد الأفريقي ومؤسساته النوعية كمجلس السلم والأمن الأفريقي ليست جديدة في بابها لكنها حالة من الوضوح بحيث لابد والحالة هذه من تحري الحذر من قبل المسئولين عن السياسة الخارجية بدولنا العربية بل وبدول منطقتي الساحل والصحراء المُستهدفتين بإمتياز من قبل القوي الدولية ذات الأجندات المُتصادمة عند طرح القضايا الإستراتيجية علي الإتحاد الأفريقي ولنا في قضية سد النهضة خير مثال علي ذلك , فإزدواجية المعايير التي أصابت الشعب التشادي في مقتل جراء صك الطهارة الذي منحه مجلس السلم والأمن الافريقي للمجلس العسكري التشادي الذي سلب سلطة ليست له تصلح لأن تكون درساً عمليا لنا حتي لا نتوقع من الإتحاد الأفريقي ما لا يستطيعه أو ما لا يرغب في تحقيقه , فإزدواجية المعايير نقيصة ترتبط بها نقائص مُتتالية كعدم الموضوعية وعدم الفاعلية ألخ , لذا علينا أن نحاذر ونخفض من سقف توقعاتنا في مصر والسودان في إمكانية أن تفضي وساطة الإتحاد الأفريقي إلي نتيجة موضوعية بشأن قضية سد النهضة حتي لا نسلك طريقاً لا نهاية له ولا يُفضي إلي غاياتنا .

الــسفـيـر : بـلال الـمـصـري

الـقـاهـرة تـحـريـراً في 21 مايو 2021 – المركز الديمقراطي العربي

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=74945

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M